ما القرآن نحيا بالخير والسرور في حفظه النجاة حصاد تدبر الجزء الثلاثين من سورة النبأ الاية الاولى الى سورة الناس الاية السادسة واجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا. اية توصيك الا تقلب ليلك الى نهار ولا نهارك الى ليل بل اجعل الليل للنوم والنهار للسعي وتمتع ببركة البكور ان يوم الفصل كان ميقاتا. ميقات للكفرة والظلمة والمفسدين ولا مفر لهم منه. وهو كذلك ميقات للمؤمنين للقصاص من المجرمين وان غدا لناظره قريب ان يوم الفصل كان ميقاتا. قال ابن عاشور وهذا رد لسؤالهم تعجيله وعن سبب تأخيره سؤالا يريدون منه الاستهزاء بخبره. والمعنى ان ليس تأخر وقوعه دالا على انتفاء حصوله والمعنى ليس تكذيبكم به مما يحملنا على تغيير ابامة المحدد له. ولكن الله مستدرجكم مدة ان جهنم كانت مرصادا. اي موضع رصد يرصد فيه خزنتها من كان يكذب بها وبالقيامة. والاخبار انها كانت مرصادا للمبالغة حتى كأنها اصل فانها لا تفلت احدا حق عليه العذاب ان جهنم كانت مرصادا. قال الحسن وقتادة لا يدخل احد الجنة حتى يجتاز النار. فان كان معه جواز نجا والا احتبس الا حميما وغساقا. والحميم هو الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة. والغساق هو ما يسيل من جلودهم من القيح والدماء والصديد فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. قال عبد الله بن عمرو لم ينزل في شأن اهل النار اية اشد منها هذه الاية فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. قال فهم في مزيد العذاب ابدا. انا انذرناكم عذابا قريبا. يوم يأمر المرء ما قدمت يداه. ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا عن ابي هريرة رضي الله عنه وابن عمر ان الله تعالى يقتص يوم البعث للبهائم بعضها من بعض ثم يقول لها كوني ترابا فتكون. فيتمنى الكافر مثل ذلك. وبرونزات للجحيم من يرى. قال الشوكاني والظاهر انها تبرز لكل راء. فاما المؤمن فيعرف برؤيتها قدر نعمة الله عليه بالسلامة منها واما الكافر فيزداد غما الى غمه وحسرة الى حسرته. ومرور زات الجحيم لما يرى قال في حديث مسلم عن ابن مسعود مرفوعا يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها فقل هل لك اله ان تزكى ما اجمل اسلوب الداعية في خطابه؟ تعلموا من موسى هو يخاطب اشد الناس له عداوة فقل هل لك الا ان تزكى؟ اذا كان هذا شأن مخاطبة اعدى اعداء الله ومن ادعى الالوهية وهي بالرفق واللين فكيف بخطاب اخيك المسلم فقل هل لك اله تزكى؟ يا رب هذا امرك بالرفق مع من جحدك. فكيف رفقك بمن وحدك؟ هذا رفقك بالكفار. فكيف رفقك بالابرار كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها. هذه الدنيا ليست الا غدوة او روحة. فكيف لا تصبر على شدتها؟ او كيف يغتر عاقل بلذتها من اي شيء خلقه؟ من نطفة خلقه فقدره. قال الحسن كيف يتكبر من خرج من سبيل البول مرتين اي مرة حين خرج رفقة من مني من صلب ابيه ومرة حين نزل من بطن امه ان الابرار لفي نعيم. قال السعدي المراد بالابرار القائمين بحقوق الله وحقوق العباد الملازمين للبر في اعمال القلوب واعمال الجوارح فهؤلاء جزاؤهم النعيم في القلب. والروح والبدن. في دار الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار القرار وان الفجار لفي جحيم. جحيم كذلك في الدور الثلاثة في دار الدنيا ودار البرزخ وفي دار القرار ويل للمطففين تهديد شديد من رب العالمين. لمن يبخس الناس اموالهم ويغشهم فحقوق العباد ذات شأن عظيم عند رب العالمين ويل للمطففين. قال سلمان الفارسي الصلاة مكيال. من وفى مكياله وفى له ومن طفف فقد علمتم ما قال الله تعالى في المطففين ويل للمطففين اذا كان الويل لمن طفف مكيال الدنيا فكيف حال من طفف مكيالا دين وفي الحديث اسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها واذا كانوا هم او وزنوهم يخسرون. الاصل كانوا لهم ووزنوا لهم. ولكن حذفت اللام لان هؤلاء المطففين اكلوا حقوق الناس ونقصوا الكيل عند الوزن. فنقص اللفظ وحذفت اللام وهذا من الاساليب البيانية الرائعة وتناظر بديع جميل بين اللفظ والمعنى الا يظن اولئك انهم مبعوثون قال عمر بن عبدالعزيز يوما لرجل شتمه لولا يوم القيامة لاجبتك الا يظن اولئك انهم مبعثون ليوم عظيم. هذا سر كان العدوان بين الناس. العدوان على الاموال والاعراض والابدان والانسان والحيوان كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله اي صلى الله عليه وسلم قال ان العبد اذا اخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء. فاذا هو نزع واستغفر الله وتاب صقل قلبه فان عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله في كتابه كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. قال المفسرون هو الذنب على الذنب ده يسود القلب قال مجاهد هو الرجل يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه. ثم يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه. حتى تغشى الذنوب قلبه كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون كما انهم اليوم محرومون من معرفته فهم غدا ممنوعون من رؤيته كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون قال الشافعي لما حجب قوما بالسخط دل على ان قوما يرونه بالرضا ثم قال اما والله لو لم يوقن محمد بن ادريس انه يرى ربه في الميعاد لما عبده في الدنيا قال القشيري اثبت النظر ولم يبين المنظور اليه لاختلافهم في احوالهم. فمنهم من ينظر الى قصوره ومنهم من ينظر الى حوره ومنهم ومنهم ومنهم الخواص. فهم على دوام الاوقات الى الله سبحانه ينظرون كلا انه مع ربهم يومئذ لمحجوبون. ثم انهم لصانوا الجحيم تأمل كيف قدم الله عدم رؤيته على عقوبة النار ولعله دليل على ان العذاب النفسي في النار اشد من العذاب البدني واما من اوتي كتابه وراء ظهره قال الالوسي وتمييز الكفرة بكون الاعطاء من وراء ظهورهم ولعل ذلك لان مؤتي الكتاب من الملائكة لا يتحملون مشاهدة وجوههم لكمال بشاعتها. او لغاية بغضهم اياهم او لانهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا قال الحسن البصري انظر الى هذا الكرم والجود. قتلوا اولياءه وهو يدعوهم الى التوبة والمغفرة ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا. يراد بهم جميع من عذبوا المؤمنين والمؤمنات في اي عصر ويدخل فيهم اصحاب الاخدود وكفار قريش الذين اذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق جمع سبحانه لهم بين عذاب جهنم وعذاب الحريق لبيان ان عذابهم مضاعف. مرة لظلمهم ومرة لشركهم ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الخليقة الحديث ان الله تعالى يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا يوم تبن السرائر. قال ابن القيم وفي التعبير عن الاعمال بالسر لطيفة وهو ان الاعمال نتائج السرائر الباطنة فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحا فتبدو سريرته على وجهه نورا واشراقا وحياء ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعا لسريرته لا اعتبار بصورته فتبدو سيرته على وجهه سوادا وظلمة وشينا فذكر ان نفعت الذكرى. قال ابن كثير ذكر حيث تنفع التذكرة ومن هنا يؤخذ الادب في نشر العلم فلا يضعه عند غير اهله فذكر ان نفعت الذكرى. قال علي رضي الله عنه ما انت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم الا كان فتنة لبعضهم وقال حدث الناس بما يعرفون اتحبون ان يكذب الله ورسوله فذكر ان نفعت الذكرى للتذكير شروط قال الشيخ السعدي مفهوم الاية انه اذا ترتب على التذكير مضرة ارجح ترك التفكير. خوف وقوع المنكر وجوه يومئذ خاشعة والمراد بالخاشعة الذليلة لماذا لم يصفها بالذل ابتداء؟ قيل اشارة الى التهكم وانها خشعت في وقت لا ينفعها فيه الخشوع بل تؤثرون الحياة الدنيا. قرأ ابن مسعود هذه الاية ثم قال اتدرون لما اثرنا الحياة الدنيا على الاخرة لان الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها والاخرة غيبت عنا فاخذنا العاجل وتركنا الاجل والاخرة خير وابقى. اي الجنة خير وادوم من الدنيا. قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الاخرة الا كما يجعل احدكم اصبعه في اليم فلينظر بما يرجع والاخرة خير وابقى قال مالك بن دينار لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والاخرة من خزف يبقى لكان الواجب ان يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى فكيف والاخرة من ذهب يبقى والدنيا من خزف يفنى والفجر قال ابن عباس هو انفجار الصبح كل يوم يقسم ربنا برحيل الظلام وميلاد الضياء فابشروا والفجر ان ادبار الليل واقبال النهار اية من الايات اليومية الباهرة الدالة على كمال قدرة الله. وانه وحده المدبر لكل الامور. فتفائل برب قدير كريم والليل اذا يصفى. قال السعدي اي وقت سريانه وارخائه ظلامه على العباد فيسكنون ويستريحون ويطمئنون رحمة منه تعالى وحكمة والليل اذا يسر. قال ابن عاشور ومعنى يسري يمضي سائرا في الظلام. اي اذا انقضى منه جزء كثير شبه تقضي الليل في ظلامه بسير السائل في الظلام وهو السرى وتقييد الليل بظرف اذا يسر لانه وقت تمكن ظلمة الليل فحينئذ يكون الناس اخذوا حظهم من النوم فاستطاعوا التهجد فاكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك صوتا عذاب. كثرة الفساد والافساد مؤذن بقرب زواله وانهياره فصب عليهم ربك سوط عذاب قال صاحب الكشاف وذكر السوط اشارة الى ان ما احله الله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس الى ما اعد لهم في الاخرة كالسوط اذا قيس الى سائر ما يعذب به فاكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك صوت عذاب. ايها المفسدون استلمتم من الله رسالة لا تغتروا امهالي ليس بالاهمال واما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهان كلا قال ابن القيم واخبر تعالى ان توسعته على من وسع عليه وان كان اكراما له في الدنيا فليس ذلك اكراما على الحقيقة ولا يدل على انه كريم عنده من اهل محبته وان تقديره على من قطر عليه لا يدل على اهانته له وسقوط منزلته عنده بل يوسع ويقتر ابتلاء وامتحانا فيبتلي بالنعم كما يبتلي بالمصائب ولا تحابون على طعام المسكين فيه ذم عدم التواصي بالخير والحض عليه وفيه ان افراد الامة متكافلون ومأمورون بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التزام كل واحد بما يأمر به وابتعاده عما نهى عنه يقول يا ليتني قدمت لحياتي اكتشف عند الموت ان حياته الحقيقية لم تبدأ بعد وان كل ما عاشه كان اضغاث احلام وبضعة اوهام للاسف اللي شافه متأخر يقول يا ليتني قدمت لحياتي كل حياة تنتهي بالموت ليست حياة الحياة الحقيقية هي التي لا موت فيها يقول يا ليتني قدمت لحياتي تعريف الاغترار بالدنيا قال سعيد بن جبير الغرة في الدنيا ان يغتر بها وتشغله عن الاخرة ان يمهد لها ويعمل لها كقول العبد اذا افضى الى الاخرة يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه احدا. ولا يوثق وفاقه احد المعنى لا يعذب احد تعذيبا مثل تعذيب الله لهذا الكافر ولا يوثق احد ايثاقا مثل ايثاق الله اياه بالسلاسل والاغلال فنفي المماثلة في الشدة معناه تعذيبه اشد عذاب يعذب به العصاة فدخولي في عبادي قال الالوسي وكأن الامر بالدخول في جملة عباد الله تعالى الصالحين اشارة الى السعادة الروحانية. لكمال استئناس النفس بالجليس الصالح والامر بدخول الجنة اشارة الى السعادة الجسمانية لقد خلقنا الانسان في كبده الحياة والدنيا لا تصفو لاحد ولذا سئل الامام احمد متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال عند اول قدم يضعها في الجنة لقد خلقنا الانسان في كبد. خلقت على كدر وانت تريدها صفوا من الاكدار. ومكلف الايام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة ناره او اطعام في يوم ذي مسغبة صغب الرجل اذا دخل في المجاعة وقال الراغب السغب الجوع مع التعب او اطعام في يوم ذي مسغبة. قال النخعي قيد الاطعام بيوم المجاعة ان اخراج المال في ذلك الوقت اثقل على النفس واوجب للاجر الم نجعل له عينيك ولسانا وشفتين قرأ الفضيل ليلة هذه الاية فبكى فسأل عن بكائه فقال هل بت ليلة شاكرا لله ان جعل لك عينين تبصر بهما؟ هل بت ليلة شاكرا لله ان جعل لك لسانا تنطق به وجعل يعدد من هذا الضرب يتيما ذا مقربة في الحديث النبوي الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة او مسكينا ذا متربة هو الفقير اذا اشتد فقره كانه لصق بالتراب من فقره وضره فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يفترشه. قال مجاهد هو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره قد افلح من زكاها اقسم الله سبع مرات متوالية دلالة على اهمية ما يقسم عليه. وجواب القسم هو قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها معنى دساها حال بينها وبين فعل الخير واخفاها بالمعاصي. يقال دس فلان الشيء اذا اخفاه وكتمه اصله فعل دس دسس فلما اجتمع فيه ثلاث سينات قلبت السين الثالثة ياء اذا بعث اشقاها المبادئ الى الظلم والفساد والشر هو اكثر الخلق شقاوة وخسرانا دنيا واخرة فعقروها. عقرها واحد ورضي البقية. فنسب الله الجريمة لهم جميعا. واهلكهم كلهم ما اخطر عمل القلب تعقروها فدمدم عليهم ربهم بدارهم فسواها قد يتسبب فرد في اهلاك امة فعاقر الناقة واسمه قدار ابن سالف تسبب بفعلته في عذاب قوم ثمود ولذا يضرب به المثل في الشؤم فيقال فلان اشأم من قدار ولا يخاف عقباها. قال الرازي وهذه الاية وان كانت متأخرة لكنها على هذا التفسير في حكم المتقدم كانه قال اذ انبعث اشقاها ولا يخاف عقباها. والمراد بذلك انه اقدم على عقرها وهو كالامن من نزول الهلاك به وبقومه فسنيسره لليسرى. قال الزمخشري سمى طريقة الخير باليسرى لان عاقبتها اليسر كما سمى طريقة الشر العسر لان عاقبتها العسر لا يصنعها الا الاشقى الذي كذب وتولى سئل الحسن البصري عن اطفال المشركين فقال في الجنة فقيل عن من هذا؟ فقال عن الله لا يصلحها الا الاشقى الذي كذب وتولى. وهذا لم يكذب ولم يتولى وما لاحدنا عنده من نعمة تجزى ذكر الامام ابن جريف ان هذه الايات نزلت في ابي بكر الصديق. كان يعتق العجائز من النساء اذا اسلمن. ويشتري الضعفة من العبيد فيعتقهم فقال له ابوه يا بني اراك تعتق اناسا ضعفاء. فلو انك تعتق رجالا جلداء اي اشداء يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك؟ فقال ابو بكر اي ابتي انما اريد ما عند الله فنزلت هذه الايات والضحى قال جندب بن سفيان اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم اي مرض فلم يقم ليلتين او ثلاثا فجاءت امرأة ام جميل امرأة ابي لهب فقالت يا محمد اني لارجو ان يكون شيطانك قد تركك لم اره قربك منذ ليلتين او ثلاثة. فانزل الله تعالى والضحى والليل اذا شجع والضحى اقسم الله بنور الضحى. الذي يأتي بعد ظلمة الليل وهو مناسب لنور الوحي الذي اتى بعد احتباسه عنه. فاقسم الله بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحي الذي اتى بعد ظلمة انقطاعه ما ودعك ربك وما قلى. هذا جواب القسم ونفى الله التوديع الذي لا يكون الا بين المتحابين ونفى الله القلي او القلى وهو البغض الشديد ولا يكون الا بين المتخاصمين. اي ما تركك منذ اختارك وما ابغضك منذ احبك ما ودعك ربك وما قلى استعمل ضمير المخاطب في الامر المحبوب. ما ودعك وفيه تكريم للنبي صلى الله عليه وسلم وتودد له بذكر حرف المخاطب. ولم يقل وما قلاك. اكراما لنبيه وتنزيها له ان يكون من المبغوضين الا يليق استخدام فعل قلا مع النبي صلى الله عليه وسلم ما ودعك ربك وما قلى يوجهنا الله هنا لادب الحديث مع من نجلهم ونحترمهم وللاخرة خير لك من الاولى. ثواب الله خير لك من نعيم الدنيا قد رآه عمر مضجعا قد اثر الحصير في جنبه فبكى فقال يا رسول الله اسراء وقيصر فيما هما فيه وانت صفوة الله من خلقه فقال له صلى الله عليه وسلم يا عمر الا ترضى ان تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة ولا الاخرة خير لك من الاولى قال الانوسي وقال بعضهم يحتمل ان يراد بهما نهاية امره صلى الله عليه وسلم وبدايته اي لا نهاية امرك خير من بدايته فانت لا تزال تتزايد قوة وتتصاعد رفعة ولسوف يعطيك ربك فترضى. ولم يقل ما ترضى فالخير في عطاء الله ولو خالف ما نتمناه. واما بنعمة ربك فحدث. في الحديث النبوي اذا اتاك الله مالا فلير اثر نعمة الله عليك وكرامته واما بنعمة ربك فحدث قال الامام الرازي ان الله اخر حق نفسه وهو الشكر وقدم حق اليتيم والسائل لانه غني وهما محتاجان وتقديم حق المحتاج اولى واما بنعمة ربك فحدث قال الامام الفخر الرازي وضع الله في حظهما الفعل ورضي من عباده لنفسه بالقول يعني التحدث بنعمته ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك قال الامام محمد عبده الكلام على التمثيل فان ما كان يحمله عليه السلام من ثقل الاهتمام بشأن قومه وضيق المذاهب بين يديه قبل تواتر الوحي عليه بارشاد لم يكن ثقلا حسيا ينقض منه الظهر ولكنه كان هما نفسيا يفوق المه الم ذلك الثقل الحسي الممثل به فعبر عن الهم الذي تبخل له النفوس بالحمل الذي تقسم له الظهور كدحا فملاقيه اللقاء المرتقب عملك هو شخص في انتظارك غدا فما شكل هذا الشخص؟ اقصد العمل ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا قال الحسن انظروا الى هذا الكرم والجود هم قتلوا اولياءه واهل طاعته وهو يدعوهم الى التوبة ذلك الفوز الكبير امة كاملة نالها الاحراق ومع ذلك سماه الله الفوز الكبير بان الثبات على الحق ولو صاحبه الموت يؤدي الى الجنة وهي الفوز الكبير. واي فوز ذلك الفوز الكبير الثبات على الحق هو الانتصار الايماني وهو مقدم على النصر العسكري ذلك الفوز الكبير. الفوز غير النصر والفوز في القرآن لمن ثبت على الحق حتى فاز بالجنة ولو مات حرقا كاصحاب الاخدود. ولذا قال حرام ابن ملحاد بعد طعنه فزت ورب الكعبة فيها سرر مرفوعة. والسرر جمع سرير. وذكروا في حكمة ارتفاعها ان يرى المؤمن اذا جلس عليها جميع ما خوله ربه من النعيم والملك فيها. وهذا من متع الجنة البصرية. فاذا فرعت فا انصب سكين الفراغ بوسعه ان يذبح ايمان اتقى الاتقياء والعاقل من ملأ فراغه بالطاعات ولم يدع فرجة يتسلل منها الشيطان فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا. قال ابن القيم فالعسر وان تكرر مرتين فتكرر بلفظ المعرفة فهو واحد. واليسر تكرر بلفظ النكرة فهو يسران فالعسر محفوف بيسرين. يسر قبله ويسر بعده فلن يغلب عسر يسرين ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية قال ابو هريرة اتعجبون من منزلة الملائكة من الله؟ والذي نفسي بيده. لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة اعظم من منزلة في ملك واقرأوا ان شئتم ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية يومئذ تحدث اخبارها اي تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها من خير وشر الارض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد ذلك بان ربك اوحى لها اي امرها ان تخبر بما عمل عليها فلا تعصي امرها. يومئذ يصدر الناس واشتاتا ليروا اعمالهم. الصدر مقابل الورد. وهو الرجوع من شرب الماء وهي اشارة الى ان الحياة الدنيا حدث عارض مثل مشهد السقاية فهي اقصر ما تكون. فالدنيا هي المورد والصدر هنا هو قيام الناس للبعث. وجاء لفظ يصدر دون غيره للدلالة على هذا المعنى اشتاتا اي متفرقين. وهذا ادعى للحيرة والخوف والرهبة. اذ مع الجماعة يكون الانس والالف. وهذا لا يتاح مع التشتت والتفرق ولا سيما في يوم الفزع الاكبر فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. قال صلى الله عليه وسلم ان الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الاخرة. واما الكافر فيعطيه بها في الدنيا. فاذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة ان الانسان لربه لكنود. قال الفضيل الكنود الذي تنسيه سيئة اي مصيبة واحدة حسنات اي نعما كثيرة. ويعامل الله على عقد عوض ومعنى عقد العوض انه يعبده في مقابل نعمه عليه فاذا فقد النعم كسل او توقف عن العبادة قال الحسد الكنود اللوام لربه. يعد المحن والمصائب وينسى النعم والراحات ان الانسان لربه لكنود. وفي هذا تسلية للعبد ان وجد قلة الوفاء من الخلق فاذا كان الانسان كنودا جحودا لربه وهو الذي اكرمه وخلقه فكيف لا يكون فيه شيء من الجحود مع سائر الحلق؟ وحصل ما في الصدور لم تأتي مادة حصل الا في سورة العاديات والتحصيل في اللغة الجمع والتمييز واصله من الحوصل والحوصلة وهي من الطير كالمعدة للانسان. ولهذا دلالة فكل ما يعمله الانسان مستقر في اعماقه ومجموع في صدره حتى يحين ميعاد كشفه يوم القيامة اقسم الله بثلاثة اشياء والعاديات فالموريات فالمغيرات وجعل جواب القسم ايضا ثلاثة اشياء ان الانسان لربه لكنود وانه على ذلك لشهيد وانه لحب الخير لشديد وحصن ما في الصدور. قال الامام الرازي وانما خص اعمال القلوب بالتحصيل دون اعمال الجوارح بان اعمال الجوارح تابعة لاعمال القلوب فانه لولا البواعث والايرادات في القلوب لما حصلت افعال الجوارح وما ادراك ما القانعة لا علم لك بكلها. لانها في الشدة بحيث لا يبلغها عقل احد ولا فهمه وكأن الله تعالى يقول قوارع الدنيا في جنب تلك القارعة ليست بقوارع وتكون الجبال كالعهن المنفوش تأثير القيامة في الجبال الشامخات هو انها جعلتها كالعهن المنفوش اي الصوف الملون فكيف سيكون حال العبد الضعيف يومها؟ واما من خفت موازينه؟ قال ابو بكر رضي الله عنه انما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق في الدنيا وثقله عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه الا الحق ان يكون ثقيلا. وانما خفت موازين من خفت موازينه اتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم وحق لميزان يوضع فيه الباطل ان يكون خفيفا فامه هاوية. قال الرازي فيه وجوه. احدها ان الهاوية من اسماء النار. وكأنها النار العميقة يهوي اهل النار فيها مهوا بعيدا وثانيها فام رأسه هاوية في النار لانهم يهوون في النار على رؤوسهم وثالثها انهم اذا دعوا على الرجل بالهلاك قالوا هوت امه لانه اذا هوى اي سقط وهلك فقد هوت امه حزنا عليه نار حامية. نار الدنيا في جنب نار الاخرة ليست حامية وبذلك صار اخر السورة مطابقا لاولها فالقارعة ليس كاي قارعة ونار الاخرة ليست كاي نار الهاكم التكاثر قال السعدي ولم يذكر المتكاثر به ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون ويفتخر به المفتخرون من التكاثر في الاموال والاولاد والانصار والجنود والخدم والجاه وغير ذلك مما يقصد منه مكافرة كل واحد للاخر بايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف. الالاف من الالف وهو اعتياد الشيء والتكرير تفخيما لامر الايلاف وتفكيرا لعظيم فضل الله فيه. قال ابن عباس امروا ان يألفوا عبادة رب هذا البيت كالفهم رحلة الشتاء والصيف لايلاف قريش اللام متعلقة بقوله فليعبدوا اي ليعبدوا الله لاجل نعمته عليهم بالايلاف او اللام متعلقة فعل تعجب محذوف والتقدير اعجبوا لايلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف الهاكم التكاثر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو ان لابن ادم واديا من ذهب احب ان يكون له واديان ولن يملأ فاه الا التراب ويتوب الله على انت اب وقال ابي كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت الهاكم التكاثر الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر عن ميمون المهران قال قرأ عمر بن عبدالعزيز الهاكم التكاثر فبكى ثم قال حتى زرتم المقابر ما ارى المقابر الا زيارة. ولابد لمن يزورها ان يرجع الى الجنة او الى النار الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر قال قتادة كانوا يقولون نحن اكثر من بني فلان. ونحن اعد من بني فلان. وهم كل يوم يتساقطون الى اخر والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من اهل القبور كلهم والعصر ان الانسان لفي خسر. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات صوم الحق وتواصوا بالصبر. قال الشافعي لو فكر الناس في سورة العصر لكفتهم وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. قال الامام الفخر الرازي ودلت الاية على ان الحق ثقيل وان المحن تلازمه فلذلك قرن به التواصي بالصبر على الافئدة اي تشرف على الافئدة وخاصة الافئدة لان الالم اذا وصل الى الفؤاد مات صاحبه. فاخبر سبحانه انهم في حال من يموت لكنهم لا يموتون على الافئدة تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد من اهل النار من العذاب وذلك بعلامة اطلعها الله عليها في كل عبد دخل النار. ولا يخض على طعام المسكين قال الامام الرازي واضافة طعام الى المسكين تدل على ان ذلك حق المسكين فكان المكذب بالدين. منع المسكين مما هو حقه وذلك يدل على نهاية بخله وقساوة قلبه وقساسة طبعه العاص بن وائل السهمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام. فتحدث معه فلقيه عدد من صناديق قريش. فقالوا مع من كنت تتحدث معه فقال لهم ذلك الافتار وكان قد توفي ابنه عبدالله بعد ان مات ابنه القاسم قبل عبدالله فانقطع عبدالله الذكور من ولده صلى الله عليه وسلم يومئذ. وكانوا يصفون من ليس له ابن بالابتر. فانزل الله وهذه السورة لكم دينكم ولي دين قال الشنقيطي بهذه السورة منهج اصلاحي. وهو عدم قبول ولا صلاحية انصاف الحلول لان ما عرضوه عليه صلى الله عليه وسلم من المشاركة في العبادة يعتبر في مقياس المنطق حلا وسطا لاحتمال اصابة الحق في احد الجانبين فجاء الرد حاسما وزاجرا وبشدة لان فيه اي معرضوه مساواة بين الحق والباطل وفيه تعليق المشكلة وفيه تقرير الباطل ان هو وافقهم ولو لحظة. تبت يداك ابي لهب وتب. ليس في الاية تكرار. تبت يدا ابي لهب وتب. الجملة الاولى تبت دعاء عليه بالهلاك والخسران. والجملة الثانية وتب اخبار عن ان هذا الدعاء قد استجيب وان الخسران قد نزل به فعلا وخص اليدين بالتباب لان العمل اكثر ما يكون بهما. وقيل المراد باليدين نفسه وهو يعبر عن النفس باليد تبت يدا ابي لهب وتب. هذه الاية دليل على اعجاز القرآن. كان ابو لهب يستطيع ان يدعي الاسلام ليبطل هذه الاية لكنه لم يفعل سئل الحسن عن قوله تبت يدا ابي لهب وتب هل كان في ام الكتاب وهل كان ابو لهب يستطيع الا يصلى النار؟ فقال والله ما كان يستطيع الا يصلاها. وانها لفي كتاب الله من قبلي ان يخلق ابو لهب وابواه الله الصمد. قال ابن عباس الصمد السيد الذي كمل في سؤدده. والشريف الذي قد كمل في شرفه الذي قد عظم في عظمته والحليم الذي كمل في حلمه والغني الذي قد كمل في غناه والجبار الذي قد كمل في جبروته والعالم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في انواع الشرف والسؤدد وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي الا له. الاستعاذة بالفلق من اسباب تفاؤل وتفكير بالنور بعد الظلمة. والسعة بعد الضيق والفرج بعد الانغلاق والفلق كل ما يفلقه الله اه كالنبات من الارض والاولاد من الرحم والحي من الميت وكل هذا يبشر بالفرج قل اعوذ برب الفلق. قال الامام الرازي في سورة الفلق المستعاذ به مذكور بصفة واحدة وهي انه رب الفلق المستعاذ منه ثلاثة انواع من الافات. وهي الغاسق والنفاثات والحاسد. اما سورة الناس فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاث وهي الرب والملك والاله والمستعاذ منه افة واحدة وهي الوسوسة فما الفرق بين الموضعين الفرق ان الثناء يجب ان يتقدر بقدر المطلوب فالمطلوب في سورة الفلق سلامة النفس والبدن. والمطلوب في سورة الناس سلامة الدين. وهذا تنبيه على ان مجرد الدين وان قلت اعظم من مضار الدنيا وان عظمت. ومن شر حاسد اذا حسد قال الحسين بن الفضل ان الله جمع الشورى في هذه السورة وختمها بالحسد ليعلم انه اخس الطبائع. مال في حفظه وايوم لا ضيق شفاء للصدور يا جاسو