وجدت قلبي في الصلاة تسارع احداث العالم من حولنا وتضرب المادية والحضارة كل يوم ضربة جديدة في ناحية الابداع والابهار والاخذ بالقلوب والابصار وتنوعت الوان المغريات والمتع الحسية والماديات وتسابقت الشركات في جذب انظار الناس ومن وراء خطف انظارهم اسر قلوبهم لكن العجيب انه كلما زلت الوسائل التي تريح الجسد اتعبت الروح فالمادة والروح على طرفي نقيض متى طغت المادة انتقصت من الروح وما زاد في حرث الدنيا انقص من حرث الاخرة الا ان ننتبه هذا الطوفان المادي الجارف جرف معه اشياء كثيرة. لعل من اهمها ما اصاب عمود الاسلام الصلاة وهي الصلة الرئيسية بالله فلما اصيبت ازداد القلق والاضطراب والتيه بين يديك خمس وقفات او خمس استراحات وجدتها مفيدة ومختصرة وذلك لحصار حصار المادة وقلب دولة الغفلة وانتشال الروح بطوق النجاة من بحر الهوى واقتراحي ان تتوقف هذه الوقفات الخمس مع كل صلاة من صلواتك والا تتجاوزها الى غيرها حتى تجني ثمارها ان في ذلك اصلاح خشوعك وترميم روحك وتجديد ايمانك وهي مرتبة كما يلي اولا العجلة من الشيطان نحن في زمن السرعة زمان سرت فيه ثقافة تيك اوي حتى شملت كل شيء بما في ذلك المواعظ الايمانية والكتب. كلما كانت اقصر وحروفها اقل كثر المعجبون بها ومتابعوها وهذا في الحقيقة عكس ما تحتاجه الصلاة. الصلاة لا تعطيك ثمارها ان بخلت عليها بوقتك. الصلاة ان استعجلت اداءها او سرقت منها لن تعطيك ثمرتها وقد خاطب الله تعالى نبيه وعلمه كيف يتلو كتابه. فقال وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث اي على تؤدة وتمهل بلا عجلة ليتدبر القلب جيدا ما نطق به اللسان وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم امر ربه فكانت قراءته صلى الله عليه وسلم كما وصف ابن القيم ترتيلا لاهذا ولا عجلة بل قراءة مفسرة حرفا حرفا وكان يقطع قراءته اية اية ولو جربت ان تقلده لتكون قراءتك في صلاتك مفسرة حرفا حرفا للمست في صلاتك تغييرا كبيرا واختلافا كثيرا ولا انتفعت بالايات التي تتلوها ولذا قيل سن الترتيل في الظاهر ليعين على التدبر بالباطل. ان كل من استعجل في صلاته اليوم فهو محروم وفي المقابل كل من اقتدى بنبيه في اناته ومكثه اثناء صلاته فهو باللذة مغمور ومسرور ثانيا التكبيرة الموقظة المنبه يوقظك كل صباح من نومك والتكبير يوقظك اثناء صلاتك من نسيانك وسهوك الله اكبر ليست حروفا مجردة باللسان بل صيحات متكررة تغرس في القلب اليقظة ليجني العبد من صلاته ثمارها ويتسلم هداياها الله اكبر اذا سهوت اثناء صلاتك في العمل والولد والراتب وفارق سعر العملة والماضي والمستقبل الله اكبر اذا تملكتك شهوة محرمة واستبد بك هوى يريد ان يهلكك الله اكبر من كل الهموم والغموم والسموم التي تستهدف روحك وعزيمتك الله اكبر اذا خفت من فقر او ظلم او مرض او اي شيء ويتكرر التكبير اثناء الصلاة ليستدرك التقصير وينقذ خشوعك الذي يريد ان يفترسه ابليس وينطلق تكبيرك في وجه الشيطان وارفع به صوتك لتحوله الى صفعة كانها قنبلة نقلوا عن الشيخ امجد الزهاوي شيخ الاسلام بالعراق كما رواه عنه اديب الفقهاء وفقيه الادباء الشيخ علي الطنطاوي اذا وقف الشيخ امجد للصلاة نقى قلبه ثم صرخ الله اكبر فتحس وكأن قنبلة قذفت في وجه الشيطان ثالثا الاقتداء بالقدوات فاتحة الكتاب نستفتح بها صلاتنا نكرر تلاوتها في كل ركعة لكنها ليست تلاوة من طرف واحد وبلا جواب القراءة تفاعلية ان الله تعالى كما جاء في الحديث قسم صلاته بينه وبين عبده نصفين. ومع كل اية يتلوها العبد يجيب عليها الرب حتى يصل العبد الى دعاء اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين لين فيقول الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ووقفتي هنا مع صراط الذين انعمت عليهم من هم من يخطر ببالك حين تردد هذه الاية كل ركعة من هؤلاء الذين تتمنى الوصول الى ما وصلوا اليه. من ان التأمل في هذا من ينابيع الخشوع فالهداية التي تسأل الله ان يرزقك اياها كل صلاة تحتاج لمثال عملي وقدوات حية وانا ارشدك هنا الى هذه الامثلة في ركعة اذكر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وجهادهم في سبيل الله حتى وصلنا هذا الدين واقتدي بهم بركعة اذكر عمر بن عبدالعزيز في بعثه للامة وتشديده امر دينها في اقل من ثلاث سنين مما يعجز عنه غيره في عشرات السنين واقصد بدعائك ان ينعم الله عليك بمثل عزمه وقوته في ركعة اذكر ابن القيم وابن تيمية ودورهما في احياء القلوب حتى يومنا هذا واقصد ان ينعم الله عليك بان تكون في الصلاح والاصلاح في مثل درجتهم في ركعة ازكر احمد ابن حنبل وثباته في طريق الحق وعدم خضوعه للباطل وسل الله ان تكون مثله في ركعة اذكر الشهداء الذين اهتدوا دينهم بارواحهم وتعهد بالسير على دربهم وادعوا الله ان يهديك سبيلهم وان يزاحم كتفك في ساحة الحشر اكتافهم قصدي بهذا التنويع القضاء على الرتابة فهو من افات العبادة واسباب الفتور رابعا خضوع الركوع او ركوع الخضوع الركوع والسجود عمودان من اهم اعمدة الصلاة ولذا يتكرران فيها فلكل منهما وظيفة ودور في هندسة القلب وصياغة رح العبد اما الركوع فقف عنده وتأنى فيه ولا تستعجل قيامك منه حتى ترتشف من معانيه ومعانيه كثيرة ومنوعة وذلك لتتنوع مشاعرك مع كل ركوع في ركوع استشعر الخضوع لرب العالمين كما خضعت له الملائكة ويذكرك بخضوع الملائكة ان من ادعية الركوع المأثورة سبوح قدوس رب الملائكة والروح. وسائل نفسك كيف لا اخضع لربي وقد خضع له اعظم الخلق من قبلي في ركوع ثان استحضر التناغم مع الكون الذي ازدحمت سماواته بالملائكة ولا تشذ عن ناموس الكون الخاضع كله لله فما من موضع قدم في السماء الا وملك واضع جبهته ساجد لله كما اخبر بذلك المشهد الغيبي سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في ركوع ثالث تأمل عظمة الخلق عن طريق عظمة الخالق تأمل عظمة الخالق عن طريق عظمة الخلق ومن عظمة الخلق الملائكة وعلى رأسهم سيد الملائكة جبريل عليه السلام وما ادراك ما جبريل قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم رأيت جبريل عند سدرة المنتهى وله ست مئة جناح والجناح يملأ ما بين المشرق والمغرب وركوع رابع استهدف به مراجعة النفس هل خضوعك مؤقت اثناء الصلاة فحسب؟ ام ان الصلاة بداية لما بعدها واستشعر ان المسجد مكان لتوقيع العقد مع الله لمرحلة ما بعد الصلاة وراجع في المحراب خضوعك لله خارج المحراب كي لا تكون ذا وجهين والركوع الخامس تقيس فيه شمول الخضوع لكافة حواسك وجوارحك وقد تعهدت بذلك عن طريق احد ادعية الركوع التي تحفظها او ستحفظها باذن الله. اللهم لك ركعت وبك امنت ولك اسلمت خشى لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ثم سأل نفسك في ركوعك ما معنى ترديدي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي اذا كنت مصرا على ذنب في حق الخالق او خطأ في حق الخلق خامسا في السجود زوال الهموم من اهم وظائف السجود الدعاء والشكوى الى الله وبث الهموم ومن اهم اسباب الهموم الذنوب لذا كان من ادعية السجود التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرددها اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله اوله واخره وعلانيته وسره وكلما طال السجود تساقطت الذنوب الم تسمع بشارة الحبيب وهو خير طبيب ان العبد اذا قام يصلي اوتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع او سجد تساقطت عنه وصاحب الذنوب الكثيرة احوج الى طول السجود من غيره ومتى تساقطت الذنوب استراح قلبه وانشرح صدره وهذا سر راحة العبد عند السجود. السجود كذلك شفاء لهموم الحياة اليومية فقد خلقت هذه الدنيا على كدر وما صفت لاحد فيأتي قربك من الله اثناء السجود مشجعا لك على بث شكواك. ويكون اعترافك بين يدي ربك بالذنب قربا فوق القرب. وان اعظم استراحات القلب يجنيها من سجوده ولذا كان سجود النبي صلى الله عليه وسلم مقدار قراءة خمسين اية كما روت ذلك ام المؤمنين عائشة. وصيتي اطل سجودك وجربه دواء للقلق وجهز ادعيتك قبل كل صلاة بماذا سادعو وماذا ساطرح من همومي في سجودي وماذا ساطلب من القريب عند قربي الشديد ولعل في هذه الوقفات الخمس اجابة على سؤال ماذا اعطيت صلاتك لتعطيك والله اسأل ان يرزقنا حضور القلب في الصلاة ويجعلها مفتاح تغيير حياتنا وزوال همومنا ومنصة انطلاقنا في اصلاح نفوسنا ومجتمعاتنا