عبادتنا من الارتجال الى التخطيط كان سلمة من دينار يقول قد رضيت من احدكم ان يبقي على دينه كما يبقي على نعليه يخاف احدنا على نعليه من سرقة السارق ولا يخاف على دينه من سرقة الشيطان يضع نعليه بين يديه وامام عينيه حفاظا عليهما ولا يعامل ايمانه نفس المعاملة يخطط لحياته الزائلة اضعاف اضعاف ما يخطط للدار الباقية ويبذل في شراء مسكنه تحويشة العمر ولا يبذل في شراء قصر في الجنة عشر هذه التحويشة هذا المقال يهدف الى تسليط الضوء على الارتجال في العبادة والانتقال منه الى التخطيط والتخطيط معناه تخصيص وقت وجمع هم ومتابعة واستدراك مما يؤدي للنجاح والانجاز ومقصودي بالعبادة هنا العبادة بمعناها الشامل وليس الشعائر التعبدية فحسب بل كل عمل صالح تصحبه نية صالحة فهذا المقال يشمله والتخطيط يلزمه ان شمول مفهوم العبادة هو الذي اخرج المسلمين من ديارهم فاتحين ناشرين النور في ربوع العالمين حتى ان صحابيا مثل ابي ايوب الانصاري دفن على اسوار القسطنطينية ومتى بعد ان تجاوز عمره التسعين عاما وصدق الامير شكيب ارسلان حين قال ما فتح المسلمون فتحا ولا قطعوا واديا ولا ركبوا بحرا ولا جابوا برا ولا بذلوا مالا ولا دما ولا اسسوا امارة ولا حضارة الا اجراء لاحكام القرآن الكريم الذي كان معناه ممتزجا بلحمهم ودمهم اولا واحد حدد اهدافك اولا ان لم تعرف الى اين تذهب فلن تعرف اي طريق تسلك ومن لا يملك هدفا من الاساس فان الشيطان هو الذي يضع له اهدافه وبلا اهداف محددة لعبادتك التي تقربك من الله ستجد نفسك مبتعدا عن الله وفي افضل الاحوال تكون مثل سفينة تتجاذبها الامواج والرياح حتى توصلك الى شاطئ المجهول حديثنا هنا عن هدف العبادة سواء كان الهدف كبيرا او متوسطا او صغيرا حتى على مستوى قراءة كتاب او حفظ قرآن او تحصيل علم او تنمية مهارة او اكتساب لغة او عمل خيري او تواصل اجتماعي كل هذه عبادات تحتاج الى التعامل معها على انها اهداف نسعى لتحقيقها ومن المعلوم ان الاعمال تولد مرتين مرة عبر التخطيط وهو التصور الذهني للعمل ومرة ثانية عبر التنفيذ وهو اخراجها الى حيز الوجود ومن وضع تصورا ذهنيا واضحا لهدفه بالتخطيط كان اقرب الى تحقيقه عند التنفيذ وقد كثر استخدام ما يسمى بالتصور العقلي في علم النفس الرياضي. قبل التمرين يقوم اللاعب بتصور المهارات والحركات التي يتوقع حدوثها ليكون اقدر على ادائها في الواقع بصورة ناجحة ويرون ان التصور العقلي له دور هام في تنمية مهارات اللاعبين. لكونهم يستخدمون نفس الممرات العصبية التي تستخدم عند الاداء ونستطيع ان نطبق بفاعلية نفس التصور العقلي مع العبادات فنحن في الحقيقة لا نملك ضمانا بالوصول الى اهدافنا بصورة حتمية لكن من كتب اهدافه او وضعها نصب عينيه فسيحرص على ان يقوم باي عمل لدعم الوصول لهذه الاهداف وسيستغل كل وقت متاح ليصل اليه وسيحرص على البعد عن كل ما يشتت جهوده عن بلوغ الهدف اثنان حافز تحقيق الاهداف ابحث عن الربح المنتفض من وراء كل عبادة تستهدفها كلما كان الربح اعظم كان الدافع اليه اكبر ولذا كما الترغيب طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اصحابه حين تصعب الاعمال وتشتد الاهوال فيكون اعظم حافز من حوافز العمل الجنة رغب النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه في حفر بئر رومة فقال من حفر بئر رومة فله الجنة وفي تجهيز جيش العسرة فقال من جهز جيش العسرة فله الجنة وفي الاتيان بخبر القوم يوم الاحزاب فقال من يأتينا بخبر القوم اشترط له الرجعة واسأل الله ان يكون رفيقي في الجنة وفي ارسال رسالته الى قيصر الروم قال من ينطلق بصحيفة هذه الى قيصر وله الجنة ولذا ازدحمت كتب الاحاديث والسنن بابواب فضائل الاعمال لان معرفة ثواب الاعمال اعظم حافز على بذل المجهود والمحال واليقين بالجزاء هو اكبر ما يعين على اداء الواجب والتذكير بوعد الله للصالحين ورسالة الدعاة والمصلحين بل ان الانتظام في اي عمل صالح والمواظبة عليه لا يكون الا بدوام استحضار ثوابه ولذا تجد الاحاديث التي تتطلب المواظبة والانتظام مقرونة بذكر ثواب عظيم كما في الاحاديث التالية من حافظ على اربع ركعات قبل الظهر واربع بعدها حرمه الله على النار قلتان من حافظ عليهما ادخلتاه الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل ان تحمد الله وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا واذا اويت الى مضجعك تسبح الله وتكبره وتحمده مائة مرة فتلك خمسون ومئتان باللسان والفان وخمسمائة في الميزان. من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا ان يموت فليكن اذا حافزك للمواظبة على اي طاعة استحضار اجرها بالقلب واعظم الاجر ما كان من الله حتى ولو خسرت مكافأة الناس لك فان ثواب الله اعظم. بل كلما نقص ثواب الخلق او قل تقديرهم لك كانت مكافأة الله لك اعظم وثوابه اجزل وقد ربانا النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في الحديث افضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح ذو الرحم الكاشح هو احد اقاربك الذي امتلأ قلبه بالعداوة لك ومع هذا تتصدق عليه وانت تعلم انك لن تجني من وراء احسانك اليه غير الاساءة اليك فربما ذكرك بسوء في غيبتك فيكافئك الله على عملك العظيم هذا باعظم المثوبة ويرفع صدقتك في سجل الصدقات لتكون الاعلى والافضل في مقابل اخلاصك وابتغاء وجه الله في عطائك ان الحافز المتعلق بالاجر الرباني لا ينضب ولا يضعف تأثيره بمرور الزمن ومهما تقلبت الاحوال لان الله باق وثوابه مضمون. وهو سبحانه لا يخلف وعده. حاشاه ولذا فلا يأس مهما حدث ولا توقف عن المسير مهما اعترضتك من عقبات. ولا عجز عن الطاعة او كسل لان بصيرة القلب ثاقبة ومصوبة نحو الجنة مثال وقف حسن البنا يخاطب اصحابه يوما فقال العامل يعمل لاداء الواجب اولا ثم للاجر الاخروي ثانيا ثم للافادة ثالثا وهو ان عمل فقد ادى الواجب وفاز بثواب الله ما في ذلك من شك متى توفرت شروطه؟ وبقيت الافادة وامرها الى الله. فقد تأتي فرصة لم تكن في حسابه تجعل عمله يأتي بابرك الثمرات. على حين انه اذا قعد عن العمل فقد لزمه اثم التقصير وضاع منه اجر الجهاد وحرم الافادة قطعا ثلاثة تنويع الاهداف لتكن اهدافك منوعة عبادية ومهنية واجتماعية وترويحية ومصحوبة دائما بنية طلب رضوان الله وثوابه عن طريق هذه الاعمال وهدف التنويع الا تمل من العمل على هدف واحد وهدفه كذلك تحقيق التوازن قليل من الناس من ينجح في التوازن بين انشطته المختلفة تجد مثلا الرجل ناجحا في عمله لكنه فاشل في تربية اولاده او ناجحا في علاقاته الاجتماعية لكنه مقصر في فرائضه وعلاقته بربه او محافظا على عباداته مقصرا في عمله ولا شك ان الشخصية المتوازنة هي انجح الشخصيات. وليس معنى التوازن التساوي وليس معنى التوازن التساوي وذلك لاختلاف ظروف المرء في مراحل حياته المختلفة الطالب عادة مثلا ما يكون لديه وقت اكثر من غيره وبعد التخرج يضيق وقته لاستغراقه في عمله الجديد واكتساب المهارات التي يطلبها سوق العمل والشاب غير المتزوج اكثر تفرغا من المتزوج. والمتزوج من غير عيال غير صاحب العيال. لكن ضيق الوقت او اتساعه وكثرة المسئوليات او قلتها لا ينبغي ان يكون ذريعة للتقصير في فرض او اصابة محرم لان قلبك في هذه الحالة سيصاب بضمور ثم يموت. واحياء القلب بعد موته عمل شاق شاق. ومغامرة خطيرة خطيرة اربعة ترتيب الاهداف عليك وانت تضع اهدافك ان ترتب اولوياتك فالفرائض اولا وقبل كل شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه وقول عمر رضي الله عنه وارضاه لان اصلي العشاء في جماعة احب الي من ان احيي الليل كله فلتسأل نفسك هذه الاسئلة فستفيدك في ترتيب اهدافك وتحديد اولوياتك ما اوجه التقصير التي تلمسها في فرائضك هل انت مقصر في اداء فريضة او اصابة حرام هل تقصيرك في الصلاة اداء او خشوعا هل تعاني ذنوب الخلوات وتشكو منها؟ هل نقطة ضعفك هي التهاون في الكلام؟ وافات اللسان هل هو التقصير مع عائلتك ومع ابنائك الذين ينتظرون منك دورا اكبر في المعايشة والتوجيه وكن واقعيا كن واقعيا اثناء ترتيب اهدافك فاذا كنت تعمل طوال اليوم وليس امامك سوى خمس ساعات فارغة اسبوعيا فان وضع عشرة اهداف لن تكون خطوة واقعية على الاطلاق وسيصبح من الصعب الالتزام بهذه الاهداف او تحقيقها او المقاربة منها ولذا وجب ترتيب الاولويات وتقديم الاهم التخطيط اليومي وصف الامام حسن البنا عالي الهمة بانه ينام على افضل العزائم وهي وصية ثمينة وبمثابة تخطيط يومي لعمل الغد فقبل ان تذهب الى فراشك عليك ان تمرر على ذهنك صورة لما تنوي عمله غدا من ساعة استيقاظك الى وقت من امك وهذا في مجال التخطيط فعال جدا فضلا عن انه في ميدان تحصيل الاجر نافع اعظم النفع فانك ان مت من ليلتك نلت اجر يوم كامل دون ان تدركه او تعمل فيه شيئا وذلك بفضل هذا التخطيط المسبق والنية الصالحة هذا ما اوصى به الخبراء اليوم ان تقضي في نهاية كل يوم عشر دقائق للتحضير لعمل الغد مما يوفر لك وقتا ثمينا في اليوم التالي فتبدأ عملك مباشرة دون الحاجة الى عمل قوائم ودول لست مما يضمن انجازات اكثر بجهد اقل واظب على هذا كل يوم وستلمح الفارق