اسم الله الرحمن. الاسم الاول. اسم الله الرحمن ولو لم يكن لهذا الاسم فضل الا ان الله بدأ به كتابه لكفاه فضلا وشرفا. فلا يقرأ مسلم القرآن الا واستفتح بقوله بسم الله الرحمن الرحيم. فذكر الله صفة الرحمة عند بداية كلامه. ولم يبدأ بصفة القوة او العزة او غيرهما ونحن هنا نقدم ما قدم الله. قال الامام الرازي كتب عارف من العارفين لما دنا اجله. بسم الله الرحمن الرحيم واوصى ان تجعل في كفنه فقيل له اي فائدة لك في هذا؟ قال اقول يوم القيامة الهي بعثت الينا كتابا وجعلت عنوانه بسم الله الرحمن الرحيم فعاملني بعنوان كتابك وقد جاء اسم الرحمن في القرآن في سبعة وخمسين موضعا. بينما جاء اسم الرحيم في مائة واربع عشر موضعا. ومع ان وعي غضب الرب من عبده اكثر بمئات المرات من دواعي رضاه عنه. ولا اقول هذا عن العبد الكافر او الفاجر. بل حتى عن العبد الصالح يأتي من دواعي غضب الله عند غفلته او ضعفه ما يوجب غضب الله. ومع كل هذا فان الله قضأن رحمته سبقت غضبه. قال صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش ان رحمتي غلبت غضبي قال ابن القيم في الحكمة من سبق رحمة الله لغضبه ورحمته سابقة على غضبه. غالبة له. فانه سبحانه لا الا رحيما ورحمته من لوازم ذاته. فيستحيل ان يكون على خلاف ذلك. وليس كذلك غضبه. فانه ليس من لوازم ذاته ولا يكون غضبانا دائما غضبا لا يتصور انفكاكه. بل يقول رسله واعلم الخلق به يوم القيامة ان ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. ورحمته وسعت كل شيء وغضبه لم يسع كل شيء. وهو سبحانه كتب على نفسه الرحمة ولم يكتب على نفسه الغضب. ووسع كل شيء رحمة وعلما ولم يسع كل شيء غضبا وانتقام فالرحمة وما كان بها ولوازمها واثارها غالبة على الغضب وما كان منه واثاره. ولهذا كانت الرحمة اليه من العذاب والعفو احب اليه من الانتقام. جاء في الصحيح انه قدم على رسول صلى الله عليه وسلم بسبي. فاذا امرأة من السبي تبتغي. اذ وجدت صبيا في السبي اخذته فالصقته ببطنها ارضعت فقال صلى الله عليه وسلم اترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار لا والله وهي تقدر على الا تطرح. فقال صلى الله عليه وسلم لله ارحم بعباده من هذه بولدها وقد عرف في سياق الحديث انها كانت امرأة فقدت صبيها. وتضررت باجتماع اللبن في في ثديها. فكانت كلما وجدت صبيا ارضعته. ليخف عنها. فهذه رحمة المرأة بولد ليس ولدها فكيف رحمتها بولدها؟ فرحمة الله بنا اعظم من رحمة هذه المرأة بولدها. وبالتالي يورثك استشعارك برحمة الله محبة الله ومحبة الله تورثك امتثال امر الله وعدم مخالفة نهيه رحمة الله بك منبع السكينة. قال تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده. اية لو استقرت في كل قلب عبد لصمد كالطود امام الاحداث سوى الاشخاص والقوى ولو تظافر عليه الانس والجن. فهم لا يفتحون رحمة الله ان امسكها ولا يمسكونها ان ارسلها فلا رجاء في احد من الخلق ولا خوف من احد. فاي طمأنينة تسكبها هذه الاية في القلوب. واليك بعض ملامح الرحمة الربانية. واحد واحد الهداية والعصمة من الضلال رحمة رحمة رحمة انت ولاه الله ورحمه منعه وحجزه عن الضلال. ويمنع من اراد اضلاله من ان يضله. وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء قال تعالى ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم ان يضلوك. اثنان اثنان الوقاية من السيئات رحمة. قال تعالى ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته من رحمه الله يوم القيامة وقاه السيئات. ومن حجب عنه رحمته وقع في السيئات عوقب بها ووقاية السيئات من اعظم علامات رحمة الله. ومعنى الوقاية من السيئات عدم الوقوع فيها ابتداء فان وقع العبد فيها فرحمة الله تكون بتيسير توبة العبد منها وقبولها. وبالتالي عدم معاقبته عليها في او في الاخرة. واذا كان من الدعاء النبوي المأثور. اللهم ارحمني بترك المعاصي ابدا ما ابقيتني ان الحول والقوة من الله وحده. فمن حفظه الله ورعاه وعصمه فهو المركوم. ومن وقع في السوء فهو الشقي محروم وهو من امسك الله عنه رحمته. قال تعالى ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ما ربي لما استعمل هنا؟ ما لغير العاقل بدلا من من؟ مع ان الحديث عن النفس وهي عاقلة. والجواب التعبير بما يفيد العموم اي الا ما رحمه ربي من النفوس وعصم به من الاوقات. ثلاثة ثلاثة سلام. شرع الله رحمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حد يعمل به في الارض خير لاهل الارض من ان يمطروا اربعين صباحا نعم رحمة الله ظاهرة في شريعته. وهي ممتزجة بحكمته. ورحمة الله ليست ثقة مطلقة. بل لا تكون الا في الموضع الصحيح الذي يعلمه العليم الخبير بما ينفع العباد. وهذه الرحمة قد تكون بقتل قاتل او رجم زان او قطع يد سارق. لان هذه زواجر تزجر الفاعل وتردع غيره. فالمعتدي اذا علم ان ان قاتل سيقتل وان زنا سيرجم. ان زجر عن جريمته. وبذا يتطهر الفاعل وتتطهر الامة باسرها اربعة بلاؤه رحمة البلاء في حد ذاته رحمة. رحمة نعم من رحمات الله. لو عقل الناس وفهموا ما فيه من الخير والرفعة. اسمع هذه البشارة للنبي صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده وولده وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة واذا جاء في الاثر ان المبتلى اذا دعي له اللهم ارحمه. يقول الله سبحانه كيف ارحمك ومن شيء به ارحم. فكم من مستاء من حال وهو مرحوم به ومسرور بحال وهو مستدرج به قد ينعم الله بالبلوى وان عظمت. ويبتلي الله بعض القوم بالنعم خمسة خمسة مغفرة الذنوب رحمة قال تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله قال سهل الدستوري قال لهم لا تقنطوا من رحمتي. فلو رجعتم الي في اخر نفس من حياتكم قبلتكم. قبلتكم ورآها عبدالله بن عمر ارجى اية في القرآن. ابى الله الا ان يتودد الى عباده بقوله يا عبادي ومقام العبودية مقام نفيس جدا. حتى افتخر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال انما انا عمت فقولوا فقولوا عبد الله ورسوله وانظر كيف نسب الله العبد المسرف على نفسه بالمعاصي اليه. وكأنه يقول له انت عبدي مهما اخطأت ومهما اسرفت فسبحانه ما ارحمه. وحسبك ان الله سبحانه قد جعل القنوط من رحمته هو سبيل اهل فقال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون فطوبى لمن عمل مع الرجاء. فمن اتى ربه من باب الرجاء كان الله له ارجاء. ومن اتاه بالقرب كان الله اليه اقرب. يقول العز بن عبدالسلام رحمه الله اليأس والقنوط استصغار لسعة رحمة الله عز جل ومغفرته. وذلك ذنب عظيم. وتضييق لفضاء جوده. ستة ستة انزال المطر واحياء الارض رحمة جعل الله الماء من علامات رحمته. فبه يحيا الموات. فالارض الميتة ينزل عليها الماء فيحييها باذن الله فاذا هي جنان تؤتي ثمارها واكلها. وايضا اية على امكانية احياء الله لموات الانسان يوم القيامة؟ قال تعالى فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها فرحمة الله هي الغيث واثرها هو النبات. ولو انقطع المطر لحدثت المجاعات الناتجة عن نقص المياه ولا اندلعت الحرائق الهائلة نتيجة ارتفاع درجة الحرارة المرافقة لانقطاع المطر. ولا زالت العواصف الترابية نتيجة لما تسبب به قلة المطر من جفاف وتصحر وتعرية. ولتدهور الغطاء النباتي الطبيعي. وتراجع قطاع سبعة سبعة الرحمة الخفية يقول الدكتور مصطفى مسلم في كتابه مباحث في اعجاز القرآن وهذه الشمس تبلغ حرارة سطحها ستة الاف درجة مئوية وحرارة جوفها تبلغ عشرين مليون درجة مئوية. والسنة اللهب ترتفع عن سطحها الى نصف مليون كيلو متر. وهي تبتعد عن الارض قريبا من ثلاث وتسعين مليون ميل. ولا يصل الى الارض من حرارتها الا شيء قليل لا يتجاوز جزءا من مليون جزء من حرارتها. وهذا القدر الملائم لحياة البشر. ولو كانت اقرب الى الارض بقليل لاحترقت الارض وانصهرت. او استحالت بخارا يتصاعد الى الفضاء. ولو كانت ابعد من ذلك لا اصاب التجمد ما على سطح الارض. فمن الذي برحمته جعلها كذلك؟ والقمر كذلك في حجمه وبعده عن الارض من اظهر ما يدل على رحمة الله. فلو كان اكبر من ذلك بقليل او اقرب اكان المد الذي يحدث في البحار كافيا لغمر الارض طوفان يعم كل ما عليها. ثمانية رحمات يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين جزءا وانزلت الارض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية ان تصيبه قال المنوي القصد بذكره ضرب المثل لنا لنعرف به التفاوت بين القسطين في الدارين. لا التقسيم والتجزئة ان رحمته غير متناهية وحصرها في مائة جزء على سبيل التمثيل. وتسهيلا للفهم وتقليلا لما عند الخلق وتكفيرا لما عند الله سبحانه وتعالى. ولذا كان من جميل رجاء ابي ايوب السختياني. وحسن ظنه بربه في ان قال ان رحمة واحدة قسمها سبحانه في دار الدنيا واصابني منها الاسلام اني لارجو من تسع وتسعين رحمة ما هو اكثر من ذلك. واما مناسبة هذا العدد الخاص المائة فقال ابن ابي جمرة. ثبت ان نار الاخرين تفضل نار الدنيا بتسعة وستين جزءا. فاذا قوبل كل جزء برحمة زادت الرحمات ثلاثين جزءا احمد في الاخرة اكثر من النقمة فيها. ويؤيده قوله تعالى في الحديث القدسي. غلبت رحمتي غضبي وما اروع تأمل الامام الزركشي في كتاب الله؟ حين قال اذهلني يوما قوله تعالى ويوم تشقق السماء وبالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن فقلت يا لطيف علمت ان قلوب اوليائك الذين تتراءى لهم تلك الاهوال لا تتمالك. فلطفت بهم فاضفت الملك الى اعم اسم في الرحمة فقلت الرحمن. ولو كان بدنه اسما اخر كالعزيز والجبار لتفطرت القلوب الكاذب حين يرجو رحمة الله قال ابو عمرو بن العلاء بلغني ان الفرزدق جلس الى قوم يتذاكرون رحمة الله. فكان اوسعهم في الرجاء صدرا فقيل له لم تقذف المحصنات اذا فقال لو اذنبت الى ولدين. ما اذنبته الى ربي عز وجل. اتراهما كانا يطيبان نفسا ان يقذفان في تنور اي في فرن مملوء جمرا؟ قالوا لا انما كانا يرحمانك. قال فاني اوثق برحمة ربي منهما. قال ابن الجوزي فيما قال ردا عليه. وهذا هو الجهل المحض. لهذا رحمة الله عز وجل بل ليست برقة طبع ولو كانت كذلك لما ذبح عصفورا ولا اميت ميت ولا ادخل احد الى جهنم وخطأوا هذا الرجل من وجهين. احدهما انه نظر الى جانب رحمة الله ولم ينظر الى جانب العقاب والثاني انه نسي ان الرحمة انما تكون لتائب كما قال عز وجل. واني لغفار لمن تاب وقال ورحمتي وسعت كل شيء فسيكتبها للذين يتقون. وهذا التلبيس هو الذي اهل لك عامة العوام