ما الفارق بين العبودية؟ والعبادة. تاسعا. ما الفارق بين العبودية والعبادة العبودية رح العبادة والدافع اليها. العبودية قلب والعبادة قالب والعبودية زاد المؤمن الذي يقويه على العبادة. هي حالة قلبية تهيمن على كيان الانسان ومشاعره فتقوده الى تعظيم الله ومهابته والتوكل الدائم عليه. فلا يدين بالولاء والتعظيم لغير الله. وقيمة كل بحسب ما تنطوي عليه من عبودية لله. ذلك ان الذي يقرب العبد من ربه هو تحقيقه معنى العبودية له وانما شرعت العبادات في الاساس من اجل ترسيخ العبودية. ولا قيام لهذه العبودية الا على اسقيه غاية الحب وغاية الذل. وغاية الحب انما تنشأ من مشاهدة النعم التي تورث الحب وغاية الذل تنشأ من مطالعة عيوب النفس التي تورث الذل. وتتفاوت منازل الخلق عند الله بحسب تفاوتهم في حبهم له وتذللهم له. قد تحصل سورة العبادة. لاحظ هنا هذا الامر الهام قد تحصل سورة العبادة لكنها بغير روح. فيردها الله على صاحبها ولا يقبل منها شيئا. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر ومعنى الحديث ان مجرد الاكثار من العبادات ليس دليلا على قرب العبد من الله. بل دليل القرب هو مقدار عبودية القلب ولا يطلع على القلب الا الله عز وجل. قال صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن انما ينظر الى قلوبكم واعمالكم وقس على ذلك ما وصف به ابو بكر الصديق رضي الله عنه بانه ما سبقكم بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقرف صدره وهذا مدح لعبوديته. لا عبادته. ومثله قول عبد الله بن مسعود حين خاطب بعض التابعين قال لهم انتم اكثر صلاة من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وهم كانوا خيرا منكم. قالوا وبما ذلك لماذا؟ قال كانوا ازهد منكم في الدنيا وارغب في الاخرة. بين ايدينا هنا بعض ملامح عبودية الغائبة عن كثير من معاملاتنا هي عشرة ملامح. الملمح الاول عبودية والعلن. دائما ما تكون عبودية السر اصعب من عبودية العلن. في السر تختفي حظوظ وتنمحي رغبتها في الاشتهار بين الخلق والمباهاة. واعمال السر هي التي تروي شجرة الاخلاص في القلب. قال عبدالله بن داوود الخريبي كانوا يستحبون ان يكون للرجل خبيئة من عمل صالح. لا تعلم به زوجته ولا غيرها لهذا فان من توفيق الله للعبد ان يحرص على هذه الوصية الزبيرية. التي قالها الزبير بن العوام. من استطاع ان تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعله. فان سألته ما مثال الخبيئة؟ فالجواب امثلة كثيرة كأن تدمع عينك وانت خال بربك. او تتصدق بصدقة فتخفيها حتى لا تعلم شمالك ما انفقت يمينك ونحو هذا من الاعمال الصالحة التي ترفع قدر العبد دنيا واخرة. ذكر ابن المبارك عند الامام احمد رحمهم الله جميعا. فقال الامام احمد ما رفع الله ابن المبارك الا بخبيئة كانت له. الملمح الثاني من ملامح العبودية عبودية الحلم والغضب. العبودية عند الغضب اصعب بكثير من العبودية عند الحل لذا كان من الدعوات النبوية المباركة قول النبي صلى الله عليه وسلم واسألك كلمة الحق في الغضب والرضا والرضا والرضا. بدأ بالغضب لانه صعب ان تقول كلمة الحق عند الغضب. وهذا عزيز ان تقول كلمة الحق في كل احوالك. غضبت ام رضيت. ولا تختبر عبودية العبد بمثل العظم. اذا كان الشعبي من اولى الناس بهذا البيت من الشعر. ليست الاحلام في حين الرضا انما الاحلام في وقت الغضب اسمع رجل عمر ابن عبدالعزيز كلاما فقال له قال له عمر اردت ان يستفزني الشيطان بعز السلطان فانال منك اليوم ما تناله مني غدا انصرف رحمك الله. وهذا دليل كمال عبوديته ربه وانتصاره على حظ نفسه. وظل هذا معه حتى عند موته. لما سم عمر بن عبدالعزيز قال للخادم الذي سمه لم سممتني؟ قال اعطاني فلان الف دينار على ان اسبك. قال اين الدنانير قال هي ها هنا. فاتى بها. فوضعها في بيت مال المسلمين وقال للخادم اذهب ولم عقب الملمع الثالث عبودية العافية والبلاء. عبودية البلاء اصعب من عبودية العافية. لذا قال الحسن البصري كانوا يتساوون في وقت النعم. فاذا نزل البلاء تباينوا وقال ابو سعيد الخراز العافية سترت البر والفاجر. فاذا جاءت البلوى يتبين عندها الرجال هذا التباين بين العبوديتين عرضه الامام ابن القيم فقال واكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون في اعطاء العبودية في المكاره. اي ان هذا هو الامر الاصعب. ففيه تفاوت مراتب العباد. وبحسبه كانت منازلهم عند الله تعالى. فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية. ومباشرة زوجته الحسناء التي يحبها ونفقته عليها وعلى عياله ونفسه عبودية. هذا وفي المقابل والوضوء بالماء البارد في شدة البرد لعبودية وتركه المعصية التي اشتدت دواعي نفسه اليها من غير خوف من الناس عبودية ونفقته في الضراء عبودية ولكن فرق عظيم بين العبوديتين. وقال ابن القيم كذلك في كتابه شفاء العليل فمن قال امنا امتحنه الرب تعالى وابتلاه. لتتحقق بالايمان حجة ايمانه عليه وانه ليس بايمان عافية ورخاء فقط. بل ايمان ثابت في حالتي النعماء والبلاء فلابد من حصول الالم بكل نفس مؤمنة او كافرة، لكن المؤمن يحصل له الالم في الدنيا اشد ثم ينقطع ويعقبه اعظم اللذة والكافر يحصل له اللذة والسرور ابتداء ثم ينقطع ويعقبه اعظم الالم والمشقة. الملمح الرابع عبودية الاقبال والادبار العبودية عند ادبار القلب وفتور النفس اشد على النفس واشق من العبودية عند الاقبال. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصف حال المؤمن في حالتي الاخبار والادبار ان لهذه القلوب اقبالا وادبارا. فاذا اقبلت اي تحمست فخذوها بالنوافل واذا ادبرت فالزموها الفرائض. اذا لابد لكل همة من صعود وهبوط. لكن المؤمن الذي عرف واجب العبودية لربه لا يسترسل مع فتوره بل يحرص على تقليل فتوره الى الحد الادنى. ليعود الى ما كان عليه من همة ونشاط. ابن القيم يقول تخلل فترات للسالكين امر لابد منه. فمن كانت فترته الى مقاربة وتسديد ولن تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم روجي له ان يعود خيرا مما كان. وقال في كتاب الفوائد لابد من سنة الغفلة ورقاد الهوى ولكن كن خفيف النوم. الملمح الخامس عبودية ما بعد رمضان وما بعد عبوديتك في غير رمضان اصعب من عبوديتك لله في رمضان. فرمضان موسم الاقبال الجاري في على والقرآن. فلو ترك العبد نفسه مع التيار لصار مع الابرار. اما بعد رمضان فتشكو البحاريب غياب المصلين المرتادين وتشكو المصاحف جموع الهاجرين الا من كان من الثابتين الصادقين. وهؤلاء اولئك من الاقليين. الملمح السادس بين المسجد والسوق. اخي ليست العبودية ان تصلي في الصف الاول وتأكل الحرام. ولا ان تصوم الاثنين والخميس. ثم تتعامل بالرشوة ولا ان تكثر من الصدقات على الارامل والمساكين. ثم تقصر في فرائض الدين. لا لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على نصح ليس في المسجد فحسب بل في قلب الاسواق حيث تسوء الاخلاق. خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى المسجد يوما فرأى الناس يتبايعون فقال يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا اعناقهم وابصارهم اليه فقال ان التجار يبعثون يوم القيامة فجارا الا من اتقى الله وبر وصدق وفي رواية قيل يا رسول الله اوليس قد احل الله البيع؟ قال بلى. ولكنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون فيأثمون الملمح السابع عبودية الشاب والشيخ. ما اصعب عبودية الشباب في مقابل عبودية الشيوخ فالشباب سن اضطراب الشهوة وكثرة الفتن. لذا قال صلى الله عليه وسلم ان ربك ليعجب للشاب لا صبوة له اي شاب ليس له ميل الى الهوى لاعتياده الخير. وقوة عزيمته في البعد عن الشر في عمر الشباب الذي هو مظنة الفساد. لذا عظم ذلك عند الله وكبر. نعم كبر لدى الله عز وجل امر هذا الشاب ولان ذلك عزيز نادر فلذلك قرنه بالتعجب. الملمح الثاني عبودية القلب والجوع عبودية القلب افرضوا على العبد من عبودية الجوارح بل واشق. وهي اعظم من عبوديات الجوارح وادومه. فهي واجبة في كل وقت. لهذا كان الايمان واجب القلب على الدوام. والاسلام واجب الجوارح في بعض الاحيان. ومركب الايمان القلب ومركب الاسلام الجوارح. كثير من الناس لا يعلم ان على القلب عبودية. نعم عبودية في الامر كما على الجوارح. ويجهل ان تعطيل عبودية القلب بمنزلة تعطيل عبودية الجوارح. ولذا يثأب العبد على الحب. والبغض والموالاة والتوكل والرضا والمعاينة في الله ويعاقب على الكبر والحسد والعشب والرياء وظن السوء بالابرياء ان اعمال الجوارح تتضاعف الى حد معلوم. واما اعمال القلوب فلا ينتهي تضعيفها. بل ان ثواب الاعمال واجرها يتفاوت بحسب ما في قلوب العابدين. قال ابن تيمية الاعمال تتفاضل عند الله بتفاضل ما في بالعاملين وتبعه ابن القيم فقال فتفاضل الاعمال عند الله بتفاضل ما في القلوب من الايمان والاخلاص المحبة وتوابعها واليك مثلا الفارق العظيم بين صلاة المخلص الخاشع الذي يتلذذ بصلاته لانها تصله بربه صلاة الغافل الذي فقد استشعار المعاني في الصلاة حتى تحولت الى عادة. قال حسان بن عطية ان الرجلين لا يكونان في الصلاة الواحدة وانما بينهما في الفضل كما بين السماء والارض. وذلك ان احدهما مقبل قلبه على الله عز وجل والاخر ساه غافل. بل وكثير من الناس اليوم عن سيئات القلوب وكبائرها. يقول ابن القيم واكثر المتنزهين عن الكبائر الحسية والقاذورات في كبائر مثلها او اعظم منها او دونها. ولا يخطر بقلوبهم انها ذنوب ليتوبوا منها. فعندهم من الازراء اي الاحتقار على اهل الكبائر واحتقارهم وصوبة طاعاتهم ومنتهم على الخلق بلسان الحال. واقتضاء بواطنهم اي طلبوا بواطنهم لتعظيم الخلق لهم على طاعاتهم اقتضاء لا يخفى على احد وتوابع ذلك ما هو ابغض الى الله وابعد لهم عن بابه من كبائر اولئك. ويقول ابن القيم رحمه الله ان الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها للصغائر. وقد يقترب بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر وهذا امر مرجعه الى القلب. ارأيت اهمية القلب القلب واحاديث النبوية كثيرة في ذلك. منها قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر كبر قدره مثقال ذرة حرم صاحبه من دخول الجنة. فما اخطر عمل القلب