فضل الحج وثوابه. الحج لغة واصطلاحا. لغة على معاني ثلاثين اربعة وهي كما يلي. القصد والقدوم. حجه اي قصده. او هو كثرة لمعظم رجاء نفعه وخيره. وحج علينا فلان اي قدم. وهو الغلبة بالحجة. وفي الحديث فحج ادم موسى اي غلبه بالحجة. وهو كثرة الاختلاف والتردد. وقد حج قوم فلانا اذا اكثروا الاختلاف اليه وحججته اي اتيته مرة من بعد مرة. وهو من المحجة وهي جادة الطريق. وفي الحديث تركتكم على المحجة البيضاء. وهذه المعاني كلها تجدها في الحج فوقصد معظم والقدوم عليه وهل اعظم من الله؟ وهو ايضا الغلبة بالحجة، لان الله اقام به الحجة على كل حاج وفيه كذلك كثرة الاختلاف والتردد. لان الناس يأتون البيت كل عام. وفيه المحجة لان الحج يهدنا الطريق القويم ويصحح مسارنا في الحياة ان ظللنا او انحرفنا. اما اصطلاحا فهو شعيرة الاسلام التي يقصد بها المسلمون البيت الحرام في زمن مخصوص بنية اداء المناسك من طواف وسعي ووقوف بعرفة وغيرها. فضل الحج. واحد الحج يهدم ما ما كان قبله. عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال لما جعل الله الاسلام في قلبي اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابسط يدك لابايعك. فبسط فقبضت يدي. فقال ما لك يا عم؟ ما لك يا عم ما لك يا عم؟ قلت اشتغل. قال تشترط ماذا؟ ماذا؟ قلت ان يغفر الله لي. قال اما علمت ان الاسلام يهدم ما قبله؟ وان الهجرة تهدم ما كان قبلها. وان الحج يهدم ما كان قبله؟ كان قبله؟ وهذا ما ورد في الحديث. من حج فلم يرفث ولم يفسق. رجع كيوم ولدته امه ولدته امي ولدته امي ولدته وهذه رسالة بعثها الله اليك. مفادها اذا كنت قد قصرت في الماضي فها هو سبحانه يخلقك امن جديد. ويسويك بقدرته الربانية في صفاء ونقاء عجيب. اخي المشتاق الحج حرفان حاء وجيم. الحاء حلم من الرب. والجيم جرم من العبد فمن حج البيت فقد ادخل صغير جرمه في عظيم حلم الله فربح البيع. وكان الفوز واعظم اثنان الحج من افضل اعمال البر. عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم اي الاعمال افضل؟ قال ايمان بالله ورسول الله ورسوله لله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال جهاد في سبيل الله. قيل ثم ماذا قال حج مبرور وفي الحديث الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. ومعنى الحج المبرور اي الذي يقابله الله بالبر وذلك بان يقبله. وقالوا في تعريفه انه الذي لا يخالطه شيء من الاثم وقيل ان يرجع منه العبد خيرا مما كان عليه. وقيل ان يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الاخرة وقيل الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق. وقيل انه اطعام الطعام وطيب الكلام وافشاء السلام. والصحيح انه يشمل ذلك كله. من اعظم البر. من اعظم البر ان تبر اخوانك الحجاج. وتحسن اليهم وتكون عونا لهم وفي خدمتهم. فهذا من اعظم الوان البر في الحج وبدونه يتحول هذا العدد الهائل من الحجاج الى متنازعين متشاكسين لا تواد بينهم. بل عداء فيظفر بهم الشيطان ويوقعهم في شباكه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم اي رضي بالتحريش بينهما بخوفي بضعفي بدمع كساري بسيري وانت العليم بكل الصرار احث خطاياي فرارا عصوفا ومنك اليك فراقي كان عامر بن عبد قيس التميمي اذا اراد الغزو وقف سمو الرفاق فاذا رأى فئة قال يا هؤلاء اني اريد ان اصحبكم على ان تعطوني من انفسكم ثلاث خلال. اي ثلاثة صفات فيقولون ما هي؟ قال اكون لكم خادما لا ينازعني احد في الخدمة واكون مؤذنا لا ينازعني احد في الاذان وانفق عليكم بقدر طاقتي. فاذا قالوا نعم انضم اليهم. فان نازعه احد منهم شيئا من ذلك بحث عن غيرهم. وكان عبدالله بن المبارك اذا اراد الحج جمع اصحابه وقال من يريد منكم الحج فيأخذ منهم نفقاتهم فيضعوها في صندوق ويغلقه. ثم يحملهم وينفق عليهم اوسع النفقة ويطعمهم اطيب الطعام ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من هدايا ثم يرجع بهم الى بلده فاذا وصلوا صنع لهم طعاما ثم جمعهما عليه ودعا للصندوق الذي فيه نفقاتهم فرد الى كل واحد نفقته. ثلاثة الحجاج والعمار وفد واحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاه والوفد هم الذين يقصدون الامراء لزيارة واقامة ونحو ذلك. وانت تعلم ما يفعل مع الوفود من البشر من حفاوة الاستقبال ال وكرم الضيافة وهذا حال البشر مع البشر. فما بالك باستقبال رب البشر للبشر. كل واحد يعطي على قدره. فالفقير غير الغني والمجير غير الامير والاعلى من كل هؤلاء الملك. يعطي فوق الجميع فكيف بعطاء ملك الملوك وعطاياه تشمل امر دنياك واخرتك وما سألته لنفسك او لغيرك ومن عظيم الكرم ومنتهى الجود ان هذا الوفد يكرم قبل ان يصل وتغدق عليه الهدايا بينما هو في الطريق قال صلى الله عليه وسلم ما ترفع ابل الحاج رجلا ولا تضع يده الا كتب الله تعالى له بها حسنة او محا عنه سيئة او رفعه بها درجة قال علي بن الموفق حججت ستين حجة. فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر افكر في حالي كثرة تردادي الى ذلك المكان ولا ادري هل قبل مني حجي ام رد ثم نمت فرأيت في منامي قائلا يقول لي هل تدعو انت الى بيتك الا من تحب فاستيقظت وقد سري عني. اربعة الحج الجهاد واعظم جهاد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الجهاد الحياة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين سألته الا نغزو ونجاهد معكم؟ قال لكن احسن جهاد واجمله حج مبرور وتم ضبط الحديث كذلك بلفظ خطاب النسوة تسلية للنساء اللاتي حرمن الجهاد. لكنا احسن الجهاد حج مبرور قالت عائشة فلا ادع الحج بعد اذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وغفرا وهم فيها سر وانعموا اوقد فارقوا الاوطان والاهل ربت ولم تثنهم لذاتهم يسيرون من ان اقطارها وفجارها رجالا وركبانا ولله يسلمون والذي حج الحجيج لبيته ولبوا له عند المهل واحرموه وقد طأطأوا تلك الرؤوس تواضعا لعزته كانوا الوجوه وتسلموا وذلك لان الحج اخو الجهاد. في المشقة وبذل المال والنزوح عن الوطن ومفارقة الاهل فلم عند الله. الحجاج مثل الجنود في ارتدائهم زيا موحدا وانتظامهم انتظاما واحدا. واتجاههم وجهة واحدة وتحركهم بفكرة واحدة وكانهم جيش نظامي. وتأمل تجردهم من قانون الحياة العادية والتزام بقانون اخر صارم غاية الصرامة. لا يمكن التسامح فيه ولو بكلمة شاذة من رفث او فسوق والا بطل الحج وضع هباء منثورا. وتأمل طاعتهم لاي امر يصدر اليهم. وتنفيذه على الفور كانه في ساحة قتال ومن ثم جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحج احد الجهادين وجعله جهادا للمرأة لانها لا تقوى على القتال. فقال لعائشة رضي الله عنها جهادكن الحج. بل وجعل ذلك جهاد كل الضعفاء. فقال صلى الله عليه وسلم الحج جهاد كل ضعيف خمسة المدهش في فض الحج. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فان لك بكل وطأة تطأها راحلتها يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك بها سيئة. واما وقوفك بعرفة فان الله عز وجل ينزل الى السماء الدنيا. فيباهي بهم ملائكة فيقول هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروا فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج اي متراكم او مثل ايام الدنيا او مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. واما رميك الجمار فانه مدخور لك. مدخور لك. واما حلقك رأسك؟ فان لك بكل شعرة تسقط حسنة. فاذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولد الكون ستة الحج ابو العبادة. تتضمن مناسك الحج وشعائره كل انواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة. فيذكر في الحج اداء ركعتي الطواف خلف مقام ابراهيم. ومن كفارات الحج الصيام والهدي وعلى هذا فالحج عبادة قائمة على الوان العبادات جميعا. والتي تشغل القلب والقالب وتتمكن من الظاهر والباطن ولذا كان ابو حنيفة يفاضل بين العبادات قبل ان يحج. فلما حج فضل الحج على العبادات كلها ويبرر ذلك مفتي البصرة ابو الشعفاء جابر ابن زيد الازدي. بقوله رأيت الصلاة تهلك البدن دون المال. والزكاة تهلك المال دون البدن. والحج يهلكهما معا. لذا فهو افضل الاعمال. وبعبارة اخرى يقول الجوزي فالصلاة والصيام يجمعان سببين من هذه الثلاثة. عقد القلب وفعل البدن. والزكاة اجمعوا سببين عقد القلب واخراج المال. والحج يجمع الاركان الثلاثة. فبان فضله ثمانهاكه للبدن اشد واجهاده للمال اكثر. وقد بين الامام الكاسني كغيره من العلماء فضل الحج على غيره من عبادات فقال في الحج اظهار العبودية وشكر النعمة. اما اظهار العبودية فهو اظهار التذلل للمعبود. وفي حجي كذلك لان الحاج في حال احرامه يظهر الشعف ويرفض اسباب التزين ويظهر بصورة عبد تخط عليه مولاه فيتعرض بسوء حاله لعطف مولاه. واما شكر النعمة فلان العبادات بعضها وبعضها مالية والحج عبادة لا تقوم الا بالبدن والمال. ولهذا لا يجب الا عند وجود المال وصحة البدن فكان فيه شكر نعمتين. وشكر النعمة ليس الا استعمالها في طاعة المنعم. وشكر النعمة واجب عقلا وشرعا