ثانيا واجبات تنفيذية وهي واجبات تبعث في قلبك اذا تأملتها ان هذه الرحلة هي اخر رحلات حياتك. وانك لن ترجع بعدها الى بل الى قبرك وانك تستعد لحلول اجلك مع اخر خطوة تخطوها من طواف الوداع. فيدفعك قصر الامل وقطع تعلق القلب بالعودة الى ان تجد في السير وتتقن الحج. قال ابن عقيل ما تصفو الاعمال والاحوال الا بتقصير الامال. فان كل من عد ساعته التي هو فيها كساعته عند مرض الموت حسنت اعمالها فصار عمره كله صافيا. فادي حجتك دون ان تخلف اي تبعة وراء ظهرك وذلك بان تحرص على ما يلي. واحد قضاء الديون. سداد الديون مقدم على اداء الحج. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل قبل ان يصلي على الميت. هل عليه دين؟ فان قضاه احد والا لم يصلي عليه. وانت ذاهب في رحلة قد لا ترجع منها. فاذا كانت عليك ديون لا تستطيع اداءها فعليك استئذان انا اصحابها في الخروج الى الحج والا فلا تخرج. اثنان رد المظالم فان كنت قد ظلمت شخصا فعليك ان تمد مظلمته. وتطلب السماح والصفح منه حتى تطهر نفسك من حقوق العباد قبل سفرك فتلقى الله وليس في ذمتك مظلمة لاحد. ولا يبقى عليك بعد ذلك سوى حق الله الذي سيغفره لك بفضله وعفوه وكرمه. قال ابو حامد الغزالي فكل مظلمة مثل غريم حاضر متعلق بتلابيب به ينادي عليه ويقول الى اين تتوجه؟ اتقصد بيت ملك الملوك وانت مضيع امره في منزلك هذا ومستهين به ومهمل له. او لا تستحي ان تقدم عليه قدوم العبد العاصي؟ فيردك ولا يقبلك فان كنت راغبا في قبول زيارتك فرد المظالم وتب اليه اولها. ثلاثة رد الوداع الودائع. فعليك ان ترد الودائع وتبلغ اصحابها بانك مسافر للحج. وقد لا تعود اربعة كتابة الوصية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يريد ان يوصي فيه يبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده قال الطيبي فذكر الليلتين تسامح. والاصل يبيت ليلة يعني سامحناه في هذا القدر فلا يتجاوز اكثر ولفظ مسلم حق امرئ مسلم في الحديث قيل انه للتهييج والحث الشديد على الوصية وكأن من لم يكتب وصيته ليس مسلما. في الحديث دليل استحباب كتابة الوصية. فان كان عليه دين او وعندك امانة وجب عليك كتابتها. ويفيد الحديث وجوب الاستعداد الدائم للموت. وما اعظم تفكير رحلة الحج بهذا. ففيها توقع الموت في كل لحظة. ولذا كان الاستعداد بكتابة الوصية وسداد الديون قبل السفر ورد المظالم واسترظاء الخسور. خمسة توديع الاهل. وكان لن تراهم بعد اليوم. وذلك بالدعاء المأثور اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. فقد كان اذا ودع رجلا اخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده. ويقول استودع الله دينك وامانتك وخواتيم عملك. ومعنى الدعاء اني اسأل الله ان يجعل دينك وامانتك وخواتيم عملك وديعة لديك. فيحفظها الله عليك في سفرك كما يحفظ الوديعة فلا يضيع شيء من هذه الكنوز الثلاثة. الدين والامانة وخواتيم الاعمال. والله خير وفي الحديث ان الله اذا استودع شيئا حفظه واختص السفر بهذا الدعاء لان السفر مظنة التغير وفساد الدين في ظل غياب الاهل والاقامة بين الغرباء والغرباء لا يستحي المرء منهم كما يستحي من معارفه