ثلاثة الشوق. والحج من اعظم الشعائر التي تروي ظمأ الشوق الى رب على مين ؟ وقد رأى ذلك الامام الدهلوي فقال وربما يشتاق الانسان الى ربه اشد شوق فيحتاج الى شيء يقضي به شوقه فلا يجد الا الحج. فيتحقق الشوق بان تستشعر انك تطأ قدمك موضعا وطأته اقدام النبي صلى الله عليه وسلم. وترابا مشى عليه الحبيب ولعلك تبكي من خشية الله فيسيل دمعك على تربة سقتها دمعة صحابي او رواها دم نبي. وتتنفذ نسمات هواء ملأت صدور خير خلق الله. وها هي اليوم تملأ صدرك لتزيدك شوقا وتغمرك حبا وتعيد اليك ذكريات الكرام المرسلين. والصحاب الاولين. هنا بمكة اي الله قد نزلت هنا تربى رسول الله خير نبي. هنا الصحابة عاشوا يصنعون لنا مجدا فريدا. على الايام لم يش به وقد اخرج البخاري عن سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم في كتاب الحج بابا سماه قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك. فقال قد اناخ بنا سالم يتوخى بالمناخ الذي كان عبدالله يتحرى معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو اسفل من المسجد الذي ببطن الوادي. والمعرس موضع النزول والتعريس النزول اخر الليل. والنزول في هذا المكان ليس من مناسك الحج. وانما فعله من فعله من اهل المدينة تبركا باثار النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الشوق. ان تدرك انك تزور رب بيتي الى البيت وتطلب القرب من الغفار لا من الاحجار. ولذا جاء في الحديث ان الله تعالى يقول ان عبدا اصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته. تمضي عليه خمسة اعوام ومن لا يفد الي لمحروم وتأمل قوله تعالى لا يفد الي لم يقل الى بيتي. فالحج ليس الا رحلة الى الله فبالله كيف لا يكون محروما من لا يرحل الى الله سبحانه وتعالى. لكنك وان زرته في بيته فلن تراه اليوم. فحدث نفسك بيوم تنجلي الحجم عن الله فتنظر الى وجهه الكريم. ولا تستعظم على ربك ان يمن عليك بهذا الفضل العظيم. فقد من عليك بزيارة بيته الكريم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم اذا دخل اهل الجنة الجنة. يقول الله تعالى الله تعالى تريدون شيئا ازيدكم؟ فيقولون الم تبيض وجوهنا؟ الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار من النار في كشف الحجاب فما اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى ابيه ومن الشوق ومن الشوق ومن الشوق ان الناس يثوبون الى البيت كلما فارقوه. ويشتاقون اليه فور ان يتركوه. ولا يشبعون منه ابدا. كحجر المغناطيسي يجذب الحديد لان من ذاق لذة القرب عرف. ومن شرب من نهر الحب اغترف. قال الله تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا. وكأن الله تعالى يقول لنا ثوبوا الى بيته وارجعوا اليه مرة بعد مرة. في هذه الاية قانون الجذب الحقيقي وقصائد الحب الابدي ومسلسل العشق اللا نهائي لكن ما سبب هذا التعلق العجيب والارتباط الغريب؟ يقول ابن القيم سر هذه المحبة هي اضافة الرب سبحانه له الى نفسه بقوله وطهر بيتي. وهذا هو السر الذي لاجله علقت القلوب على محبة الكعبة والبيت الحرام. حتى استطاب المحبون في الوصول اليها هجر الاوطان والاحباب ولذة لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب. فركبوا الاخطار وجابوا المفاوز والقفار واحتملوا في وصول غاية المشاق ولو امكنهم لسعوا اليها على الجفون والاحداق الرحيم وانت الكريم وحكمك يا رب في الكون جاري. اخافك ربي. وارجو ربي احبك ربي وهذا شعاري هذا البيت هو مثابة. تجذبنا للرجوع الى الله. وهو موضع التوبة وذرف العبرات وفيه يعود العبد الهارب الى مولاه ويرجع الى اصل فطرته وسعادته وهناه ومعنى اخر للمثابة من الثواب. فقد جعل الله بيته سبب المثوبة. ومضاعفة الاجر فانت الان تعيش في قلب موسم الكرم وسوق الاحسان. من سادات المشتاقين. قال شيخ الاسلام سفيان بن عيينة شهدت ثمانين موقفا. اي وقفة بعرفة. وكان من شدة شوقه وحبه يدعو الله في كل كل موقف اللهم لا تجعله اخر العهد بك. وعلم الله صدق محبته وشدة شوقه فاستجاب دعاء ولم يحرمه. فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئا. فسئل عن ذلك فقال قد استحييت من الله تعالى خذوني خذوني الى المسجد خذوني الى الحجر الاسود خذوني الى زمزم لها تبرد من جوفي الموقد خذوني لاستار بيت الاله اشد بها في ابتهال يدي. دعوني احط وعلى بابه غزير الدموع واستنفذيه. كان السلطان ملك شاه ابن السلطان الب ارسلان. يتأمل الحجاج يوما فرق قلبه واشتاق الى البيت فنزل عن فرسه وسجد وعفر وجهه في التراب وبكى ثم قال بلغوا سلامي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقولوا له العبد العاصي يقول لك يا الله لو كنت اصلح لتلك الحضرة المقدسة لكنت في الصحبة. فضج الناس في البكاء ودعوا له. قال عبدالله بن الامام احمد بن حنبل. حج ابي خمس حجات. ثلاث حجج راكبا واثنتين ماشيا وانفق في بعض حجاته عشرين درهما. وكان من شدة شوقه انه اذا لم يجد زاد الحج عمل حمالا للقافلة ليغطي تكاليف الرحلة ولا يحرم. خرجت ام ايمن زوج ابي علي الروضباري. من مصر خروج الحجيج ورأت الجمال وهي تتوجه الى مكة فصرخت وضعفاه وعجزاه وحسرتاه ثم زاد بكاؤها. وعلا نحيمها اكثر واكثر وهي تقول هذه حسرة من قطع عن البيت فكيف تكون حسرة من انقطع عن رب البيت. لسان حال القوم لان سار الناس وقع الناس وقربوا وبعدنا فنخشى ان نكون ممن كره الله انبعاثهم وقيل اقعدوا مع القاعدين