المبيت بمنى. واما المبيت بمنى. فبعد التحلل من الاحرام ترجع الى منى مرة اخرى لتستقر فيها ثلاثة ايام تذكر الله تعالى فيها وتأكل وتشرب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر الله وايام التشريق ثلاثة ايام تلي عيد النحر. وكانوا يشاركون فيها لحوم الاضاحي اي يقددونها ويبسطونها في الشمس لا تجف فلم تكن هناك طريق لحفظ اللحم غير هذا. او لان الهدي لا تنحر فيها حتى تشرق الشمس. لكن لما الاكل والشرب في هذه الايام؟ لذلك ثلاث حكم والله اعلم. الاولى ان الله تعالى دعا عباده الى زيارة بيته فاجابوه وقد اهدى كل منهم اليه على قدر طاقته. فذبحوا هديهم وقبله منهم بل وقدم له منه ضيافة واطعمهم مما تقربوا به اليه. والقوم زاروا الله تعالى وهم في ضيافته في هذه الايام وليس للضيف ان يصوم دون اذن من اضافه. الضيافة ثلاثة ايام. فاكرم الله زواره بالطعام والشراب ثلاثة ايام وعادة الملوك انهم اذا اضافوا اطعموا من على الباب من الفقراء والمساكين. لذا قال تعالى فيكون منا واطعموا الفقير. سئل جعفر بن محمد الصادق لما كره الصيام ايام التشريق؟ قال لان الحجاج في ضيافة الله ولا يجب على الضيف ان يصوم عند فمن اضافه؟ الحكمة الثانية ما قاله ابن رجب. اشارة الى ان الاكل في ايام الاعياد والشرب ان ما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته. الحكمة الثالثة انها ايام عيد تتحلل فيها من الاحرام ترتاح فيها بعد تعب وتتمتع بعد حرمان. وتساعدك في ذلك لياليها التي يكتمل فيها ضوء القمر. لتبعث اليك بهوائها اللطيف ونسيبها العليم الذي يزيل عنك كل مشقة وعناء. وانوي بذكر الله ان تطيع امر الله في هذه الايام المعدودة التي قال الله تعالى فيها ايام معدودات والايام المعدودات في الاية هي ايام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر. وهي غير الايام المعلومات التي جاءت في قوله تعالى اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهين الانعام فالايام المعلومات في اية سورة الحج هي ايام النحر الثلاثة وهي اليوم العاشر يوم النحر ويومان بعدها. لان اليوم الرابع لا نحر فيه ولا ذبح فاليوم العاشر اذا من الايام المعلومات لا المعدودات. واستحضر نية ذكر الله في هذه ايام وذكر الله يشمل كل قول او فعل يتقرب به الى الله عز وجل. فيشمل التكبير ونحرى الاضاحي والهدي من الجمار والطواف والسعي اذا وقع في هذه الايام. بل والصلوات المفروضة وصلوات التطوع. لان اهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر ومغازلة النساء ويزعمون ان الحج قد انتهى بانتهاء يوم النحر. وانوي بذكر الله الا كالاكل والشرب وحظوظ النفس. فتنسى حقوق الله. وان تتوازن بين حاجاتك الجسدية والروحية. فيجتمع لك نعيم الابدان بالاكل والشرب ونعيم القلوب بالذكر والشكر. وبذلك تتم نعمة الله عليك الرحيم الكريم في الكون جاري اخاف وارجوك ربي وهذا شعاري وبذلك تتم نعمة الله عليك. وانوي بذكر الله في هذه الايام كذلك مخالفة اعراف فقد كان للعرب تقليد اخر في منى. وهو عقد مجالس المفاخرة بعد الانتهاء من مناسك الحج. قال ابن عباس كان اهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول كان ابي يطعم ويحمل الحمالات ويحمل الديات ليس لهم يكون غير فعال ابائهم فانزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم. فاذا قضيتم مناسككم اذكروا الله كذكركم ابائكم او اشد ذكرا فامرنا الله تعالى بذكره والتحدث بنعمه بدلا من ذلك. وفي الاية كذلك تنبيه واضح بضرورة متابعة العمل والاستمرار في العبادة وتحذير الهي مخيف من خطورة النكوص والانتكاس. والامر بالمبيت بمنى امر عجيب الغاية العجب. اذ كيف تضحي بصلاة ثلاثة ايام في المسجد الحرام الصلاة الواحدة منها بمائة الف صلاة لتبيت في منى. والجواب والله اعلم ان الله تعالى ادرى بك منك. واحرص عليك من نفسك فشرع لك ذلك حتى تحافظ على حرارة الايمان وشغلة التقوى التي حصلتها. فلا تتسرب منك بالتنزه في الاسواق الناس ولذا كان المبيت بمنى هذه الايام اعظم ثوابا واكثر اجرا من الاقامة بمكة والصلاة بمسجدك الحرام انه كذلك مشاركة اخوانك من سائر البلدان ومن مختلف الاجناس في حضور اجتماعات مصغرة ما تكون بفرق العمل او اللجان المنبثقة عن مؤتمر عرفات السنوي الكبير. وذلك بهدف تقوية الصلات عميق الروابط ومعرفة الاخبار وتفقد الاحوال. واخيرا الخروج بالتوصيات. يا فرط احد السلف في حجته وما قام بحقها ولم ينفق من غفلته الا في منى فانشد يقول بلغ المنى من بات في وادي منى غيري فاني ما بلغت مرادي وبكيت من الم الفراق وشقوتي. فبكى الحجيج باسره والوادي. فلا تكن اخي المشتاق اخاه في التفريط وصديقه في الغفلة وشريكه في الجرم وادرك نفسك اليوم قبل ان يبكي عليك الحجيج غدا