توحيد الامة. كأن المقصود من الحج هو اجتماع ممثلي الامة من كل جنس ولون كل حدب وصوب ليشهدوا هذا المؤتمر السنوي العالمي الذي يناقش هموم الامة ويسعى في حلها. حين نتدبر الحج عرفة. نستشعر ان جمع الامة اليوم في مكان واحد من الاهمية بمكان بحيث اذا تخلف عنه احد بطل حجه. ومن حكمة الله البالغة ورحمته السابقة ان جعل الحج فريضة لا تخضع لاختيار مسلم او منع ظالم حتى يتكرر سنويا لوفود جديدة تأتي من كل بقاع الارض. لتتوحد في هذه البقعة المقدسة وتنجح فيما عجز عنه زعمائها من توحيدها في اي مكان اخر. يجتمع المسلمون في الحج فيتعرف المصري على ويمتزج الشامي بالمغربي ويتآلف البلغالي مع العراقي والحجازي مع الافغاني وتتقارب القلوب وان البلدان وتجتمع كلمتهم ولو تفرق زعمائهم. ويصبحون كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جسدا واحدا اذا اشتكى عضو منه اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسحر في الحج ابطال مؤامرات دولية ومقاومة لمخططات التفريق السياسي والعرقي واللغوي بين المسلمين. وذلك باجتماع شعوب الامة جميعا في مكان واحد. بزي واحد على مناسك واحدة. مهما اختلفت بلدانهم والوانهم هم واعرقهم ولغتهم. في الحج فك خيوط مكائد عالمية تذكي روح التعصب الاعمال الوطنية قبيلة والعرق على حساب الدين. وتزرع ولاءات في نفوس المسلمين اعظم من الولاء للدين. فيأتي الحاج لاعلاء رابطة الاخوة الاسلامية فوق كل الروابط. فلا سعودة ولا تكويت ولا تنصير ولا لبننة ولا افغنة. بل اخوة ايمانية واسلم واسلم والامر كما قال شيخنا علي الطنطاوي وطن المسلم في القرآن لا في التراب والاحجار ولا في البحيرات والانهار ولا في الجبال والبحار. انما المؤمنون اخوة. لا انما المصريون ولا انما الشاميون ولا انما العراقيون