بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. لماذا الاهتمام بشأن باقي اليوم اولا انتشار النفاق وكثرة المنافقين. حذرنا القرآن من النفاق وصفات المنافقين في ايات كثيرة. فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من اصل ثلاثين سورة واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة واربعين اية. وذكرت طوائف الثلاثة في اول سورة البقرة المؤمنين والكفار والمنافقين. فذكر المؤمنين في اربع ايات وفي الكفار ذكر ايتين وفي المنافقين ثلاث عشرة اية. لكثرتهم وخطورتهم وهو ما يوجد مزيد الخوف من النفاق والحذر من المنافقين. فهم كثر ومنتشرون في بقاع الارض. وكلما زاد البعد عن عصر النبوة كلما زاد النفاق وكثر اهله. قال ابن القيم كاد القرآن ان يكون كله في شأنهم لكثرتهم على ظهر الارض وفي اجواف القبور فلا خلت بقاع الارض منهم لئلا يستوحش المؤمنون في الطرقات وتتعطل بهم اسباب المعايش. وتخطفهم الوحوش والسباع في فلوات. سمع حذيفة بن اليمان رجلا يدعو ويقول اللهم اهلك المنافقين فقال يا ابن اخي لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك يقول هذا في جيل عايش جيل الصحابة وقابس من انوار النبوة لكي لا يتعجب احد من تواجد المنافقين كده بيننا اليوم فقد عاش المنافقون في عصر الصحابة وهم خير القرون. في صحيح البخاري ان حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه دخل المسجد يوما على حلقة من التابعين. فسلم عليهم ثم قال لقد انزل النفاق على قوم خير منكم ثم تابوا فتاب الله عليهم. حذيفة يفصل مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان الوحي فيه يتنزل معجزات تتوالى. ومع ذلك فقد وقع بعض افراده في النفاق. فكيف بمجتمعنا؟ وكيف يستبعد البعض وجود المنافقين بين ذهب. قال ابن حجر فكان حذيفة حذر الذين خطبهم واشار لهم الا فان القلوب تتقلب. فحذرهم من الخروج من الايمان. لان الاعمال بالخاتمة. وبين لهم انهم وان كانوا في غاية الوثوق بايمانهم فلا ينبغي لهم ان يأمنوا مكر الله فان الطبقة الذين من قبلهم وهم الصحابة كانوا خيرا منهم ومع ذلك وجد بينهم من ارتد ونافق. فالطبقة التي هي من بعدهم امكن من الوقوع في مثل ذلك. النفاق انواع. ولا يعني ذلك تعميم الحكم بالنفاق على اكثرية مسلمين واغلبيتهم فان النفاق شعب وانواع. كما ان الكفر شعب وانواع. فمنه النفاق الاكبر والنفاق الاصغر والمتهمون بالنفاق على انواع متعددة. واقبح النفاق ما كان في اصل الاعتقاد. وهو اظهار الايمان مع استنفار الكفر ولذلك جعل الله عقابهم اعظم. فقال ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وضح ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية بقوله ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعا واحدا بل فيهم المنافق محض وفيهم من فيه ايمان ونفاق. وفيهم من ايمانه غالب وفيه شعبة من النفاق لما قوي الايمان وظهر الايمان وقوته عام تبوك صاروا يعاتبون من النفاق ما لم يكن يعاتبون عليه قبل ذلك. ثانيا فساد الزمان وغربة الدين. كان عبدالله بن عمرو بن العاص راصدا تغير الزمان وتدهور احوال العباد. كان النفاق غريبا في الايمان ويوشك ان يكون الايمان غريبا في النفاق وان كان عبدالله بن عمرو يقول هذا في زمن التابعين وهم القريبون من عصر النبوة ويعايشون الصحابة رضوان الله عليهم يهمك فكيف لو ادرك عصرنا وزماننا الذي ابتعدنا فيه كثيرا عن النهج الاول. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. حين يرق الدين يتهاون الناس في الكلام وينطلق اللسان بالكلام دون ان يشاور القلب. فيكون الكلام الذي لا ينطق به الا اهل والنفاق وهذا التدهور لمحه اهل الايمان والرعيل الاول. فانطلقوا يحذروننا. فقال حذيفة بن اليمان من ان كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقا. واني لاسمعها من باحدكم اليوم في المجلس عشر مرات. يقول هذا عن جيل التابعين. فكيف بالمعاصرين؟ ثالثا خطورة المنافقين على الامة. قال الله تعالى هم العدو فاحذرهم. قاتلهم الله انى يؤتفكون هذا اللفظ يقتدي الحصر اي لا عدو الا هو. ولم يرد الله حصر العداوة في المنافقين والا عدو للمسلمين سواهم بل هو من باب اثبات الاولوية والاحقية لهم في الوصف بالعداوة. وكي لا يتوهم واهم ان المنافقين بانتسابهم الى المسلمين ظاهرا ليسوا باعداء. بل هم احق بالعداوة ممن جاهر المسلمين بالعداوة. فان المنافقين المخالطين للمؤمنين وهم في الباطن على الكفر اشد عليهم من ضرر من جاهرهم بالعداوة من من الاعداء لان الحرب مع الاعداء ايام وتنقضي. واما المنافقون فمع المسلمين في الديار والمنازل صباح مساء يدلون العدو على عورات المسلمين. ويتربصون بهم الدوائر. لذا كانوا احق بالعداوة من العدو الظاهر. ولذا قال تعالى هم العدو فاحذرهم. اي لا على معنى انه لا عدو سواهم بل على معنى انهم احق بان ان يكونوا لكم اعداء من الكفار الظاهرين. من العجيب ان الفيلسوف الالماني كاريث ميث وهو احد اهم فلاسفة في العصر الحديث واحد الممهدين فكريا لاطروحات المحافظين الجدد قال في تعريف السياسة ان السياسة هي قبل كل شيء القدرة على استكشاف العدو. ومن هنا تبرز اهمية اكتشاف المنافقين في مجتمعاتنا اليومية رابعا اهمية التعرف على الشر. ثبت في الصحيحين من حديث ابي نجيد حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة ان يدركني فقلت يا رسول الله انا كنا في الجاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم. قلت فهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخل. قلته وما دخنوه يا رسول الله؟ قال قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر. قلت فهل بعد ذلك الخيص من شر؟ قال نعم دعاة على ابواب جهنم من اجابهم اليها قذفوه فيها. قلت يا رسول وصفهم لنا. قال هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا. قلت فما تأمرني ان ادركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وامامهم. قلت فان لم يكن لهم جماعة ولا امام. قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو ان تعض على اصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك. اخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. حذيفة هنا يرسي منهجا فريدا. يعلمنا به ان نتحصن عن طريق معرفة طرق الشر لنحذرها ونحتاط منها. حتى ولو كنا اليوم على خير وطاعة فان الوقاية اهم واكد من العلاج. لان التوقي وعدم مواقعة الخطر اسلم لدين المرء وعقله وقلبه بخلاف من سخط فيه. فان رواسب الفتنة فيه تبقى. ويقع العبد في التخليط واللبس من اثر الشبهات الشهوات ولذا قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج. وقد قال الشاعر عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه. هذا الحديث مخيف مخيف. يصور بعض اخواننا وابناء امتنا ممن يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله على نحو مرعب. وهو انهم يدعون الناس الى النار. وحقيقتهم كما وصفهم والنبي صلى الله عليه وسلم قلوبهم قلوب شياطين في جثمان انس دعاة على ابواب جهنم. وفي لفظ مسلم وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس. فمن هؤلاء يا ترى؟ لعل منهم من يشيعون الفاحشة والانحلال وما يثير الغرائز الكامنة في صور فاتنة او مواقع وافلام ومقالات. لعل منهم القائمون على صحف ومجلات ومؤلفات تطعن في الاسلام. لعل منهم الدعاة الى الزنا او شرب الخمر او غير ذلك من الكبائر. هذه بعض ابواب جهنم ومن دعا الى هذه الكبائر كان من الدعاة على ابواب جهنم يدعون اليها من اجابهم اليها ليقذفوا وفيها ضعف من هذا الخطر اليوم اشتداد الصراع بين الخير والشر. فالخير والشر يتصارعان ويتداولان على مر العصور وكر الدهور ولن يتوقف ذلك الى قيام الساعة. سنة الهية وامر قدري شرعي وضعه الله للتمحيص والابتلاء. والقائمون بالحق في صراع مفتوح مع اهل الباطل. وليس مطلوبا منهم فقط الا يقعوا فريسة لدعاة الباطل بل عليهم كذلك ان يشاركوا في انتشار الغافلين من براثن المبطلين وما اكثرهم اليوم