خامسا كي لا ينخدع بهم المؤمنون. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول ان اخوف ما اخاف عليكم ثلاثة، منافق يقرأ القرآن لا يخطئ فيه واوا ولا الفا يجادل الناس انه اعلم منه ليضلهم عن الهدى وزلة عالم وائمة مضلون. وما خاف عمر علينا الا لخفاء هؤلاء المنافقين لانهم يرتدون زي المؤمنين. ويقرأون القرآن مع القراء الحافظين. فاذا اطمئن لهم المسلمون فتحوا لهم بيوتهم وعقولهم وقلوبهم ليدخلوها امنين. فكان افسادهم اعظم افساد. وقد مر بك قول النبي صلى الله عليه وسلم في اجابة حذيفة هم من جلدتنا ويتكلمون بالسنتنا. فالمنافقون لخفائهم هم الخطر الداهم. والسم الزعاف والشر الذي ليس بعده شر قال ابن القيم وجملة امرهم انهم في المسلمين كالزغل في النقود. يروج على اكثر الناس لعدم بصيرتهم بالنقد. ويعرف حال الناقد البصير من الناس وقليل ما هو. وقد يخفى المنافقون على العالم فكيف بالجاهل ومع ظهور المنافقين اليوم وتبجحهم بنفاقهم وانتقاصهم من احكام الدين وثوابته الا انهم لا زالوا اخفياء. لان الجهل عم جموع المسلمين ولذا سهل تضليلهم وخداعهم والتغرير بهم واذا كان حذيفة يقول عن جيل التابعين المنافقين هنا اليوم شر منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يكتمونه وهم اليوم يظهرونه فماذا لو رآنا اليوم في ظل تربة الدين وتواري المصلحين وعلو شأن المنافقين. سادسا الوليجة. قال تعالى ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين ولي جهل. الوليجة من ولجة اي دخل وهو كل شيء ادخلته في شيء ليس منه فهو ولي جه. والرجل يكون في القوم وليس منهم واللجاء. ومنهم قوله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لاختلاف طبيعة الليل والنهار. فالوليجة هنا هي ادخال انسان في المؤمنين وهو ليس منهم. بل هو دخيل. لماذا دخيل انه يدخل في محيط لا يشبهه في شيء. ولم يتخذه اي لم يتخذه بطانة من الذين يضادون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهو فعل فيه اصطناع للوليجة في دين الله اي في الفكرة الاسلامية او ادخال في عداد المسلمين من ليس منهم هذا تلمحه اليوم في مفكرين يزعمون انهم مسلمين. بينما هم وليجة على المسلمين. ومدسوسون عليهم فيهدمون ثوابت الدين من داخله بافكار وليجة على الفكر الاسلامي. يحلون بها الحرام ويزعزعون ثوابت الاسلام في قلوب وعقوق اولي العوام فينتشر الالحاد والشك في الدين بتأثيرهم وتشكيكهم. ومنهم على سبيل المثال عبدالله بن سبأ اليهودي من اهلي صنعاء لما رأى قوة الاسلام وانتشاره اعلن اعتناق الاسلام وتسلل بين المسلمين وبدأ يفتك بهم وينشر الافكار التي بينهم باسم الاسلام وصدق من قال ما زال فينا الوف من بني سبأ يؤذون اهل التقى بغيا وعدوانا ما زال الابن بن سلول شيعة كثروا اضحى النفاق لهم سمتا وعنوانا. ومن اصحاب الوليجة مصطفى كمال اتاتورك. الذي هتف له احبش تبقي في بداية ظهوره ودبج له قصيدة تبجيل سماها تكليل انقرة وعزل الاستانة اي تكليل الكمالية السلطان والخلافة وعندما ادعى اتاتورك الانتصار على اليونان اطلق شوقي ابياته المشهورة الله اكبر كم في الفتح من عجب يا خالد التركي جدد خالد العربي. ولكن شوقي اسقط في يده بعد ذلك. عندما فوجئ بان خالد الترك بدلا من ان يجدد خالد العرب فانه بدد مجد التركي ومجد العرب. فكان اعظم حرب على الاسلام واهله وقتل الائمة والخطباء ومنع الاذان وغير الحروف العربية الى الحروف اللاتينية وحرم الطربوش والعمامة والزم الناس بالقبعة وحرم الحجاب تماما فلا يمكن ان تدخل امرأة ذات حجاب الى اي مكان رسمي وتبنى العلمانية كمبدأ خبيث لفصل الدين عن الحياة. سابعا خشية شاري العدوى في زمن غربة الدين وقلة المصلحين يصبح النفاق عدوى. فقد يصيبك ما اصاب المنافقين من نفاق دون ان تشعر وقد يتسلل لك الداء وانت تظن نفسك من اهل العافية. قديما قال ابن الجوزي تأثير الصحبة لا يخفى. اما ترى البقل اخضر وصفحات هذا الكتاب ليست ادلة اتهام لغيرك بل لنفسك. هي مرآتك التي ترى قلبك فيها بوضوح وبلا رتوش فاعرض قلبك على ما تقرأ لتعرف استقامتك من انحرافك وايمانك من نفاقك وقربك من الجنة او بعدك ثامنا النفاق مرض واخطر مرض. المرض يوجب وقوع الضرر في الافعال الصادرة عن موضع المرض ولما كان الاثر الخاص بالقلب هو معرفة الله تعالى وطاعته وعبوديته. فاذا وقع المرض في القلب صار هذا المرض مانعا من هذه الاية اثاري الشريفة واهتزت معرفة العبد بربه وطاعته له وعبوديته. الاصل ان المرض يراد به مرض البدن الحسي ثم استعمل هذا اللفظ في الامراض المعنوية مثل مرض القلب. ومرض قلوب المنافقين هو شكهم في امر النبي صلى الله عليه وسلم. وما جاء به من الحق. وهو الذي عليه عامة المفسرين ان المرض هو الشك. وبه قال ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وقتادة والربيع ابن انس وغيرهم. وانما كان الشك في الدين مرضا لانه فساد يحتاج الى علاج كفساد البدن. لكن مرض القلب اعضل وعلاجه اصعب ودواءه اعز واطباءه اقل. بين مرض القلب ومرض البدن. ولا شك ان مرض القلوب اشد خطورة من مرض الابدان لثلاثة اسباب ذكرها ابو حامد الغزالي في الاحياء. الاول ان المريض به لا لانه مريض. الثاني ان عاقبة مرض القلب غير مشاهدة في هذا العالم. بخلاف مرض البدن. فان عاقبته موت مشاهد تنفر الطباع منه. وعاقبة الذنوب موت القلوب. وهو غير مشاهد في هذا العالم. فقل النفرة عن الذنوب وان علمها مرتكبها. فلذلك تراه يتكل على فضل الله في مرض القلب. ويجتهد في علاج مرض في غير اتكال الثالث وهو الداء العضال فقد الطبيب. فان الاطباء هم العلماء. وقد مرضوا في هذا الاعصاب مرضا شديدا في هذه الاعصار اي في هذه الازمنة مرضا شديدا عجزوا عن علاجه وصارت لهم سلوة في لعموم المرض حتى لا يظهر نقصانهم. فاضطروا الى اغواء الخلق والاشارة عليهم بما يزيدهم مرضا. لان الداء المهلك هو حب الدنيا وقد غلب هذا الداء على الاطباء فلم يقدروا على تحذير الخلق منه. استنكافا من ان يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون انفسكم هذا السبب عما على الخلق الداء وعظم الوباء وانقطع الدواء وهلك الخلق لفقد الاطباء بل