رابعا هل الملائكة يفطرون رابعا هل الملائكة يفطرون؟ الملائكة لا تمل لا تتعب. يعبدون الله عز وجل ويطيعون امره وينفذونها بلا كلل او ملل. ليسوا مثل البشر لا يدركهم ما يدرك البشر من التعب والملل. قال الله تعالى في وصفهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون. اي لا يضعفون لان الله احيا الملائكة بذكره كما احيا بني ادم بانفاسهم. فتسبيح جار مجرى الانفاس منا. فلو امسكوا عن الذكر ماتوا. وقد استدل الامام السيوطي بقوله لا يفترون على ان الملائكة لا ينامون. وسئل كعب الاحبار عن هذه الاية. فقيل اما شغلهم رسالة؟ اما شغلهم عمل فقال جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس. الست تأكل وتشرب وتجيء وتتكلم وانت تتنفس فكذلك جعل لهم التسبيح. سورة فسرت فيها اية قال الله تعالى فيها فان استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون. لا يسأمون اي لا يملون. فان قيل وصف الله الملائكة بانهم يسبحون له بالليل والنهار لا يفترون. وهذا يمنعهم عن الاشتغال بسائر الاعمال. لكنهم في نفس الوقت ينزلون على الارض كما قال الله تعالى نزل به الروح الامين. وقال ونبئهم عن ضيف ابراهيم وقال عن الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر يمددكم ربكم بخمسة الاف من الملائكة مسومين. فكيف كيف يسبحون لا يفترون ولا يشتغلون بهذا التسبيح عن باقي الاعمال. قال الامام الرازي ان الذين ذكرهم الله تعالى ها هنا بكونهم مواظبين على تسبيح اقوام معينون من الملائكة. وهم الاشراف الاكابر منهم. لانه تعالى وصفهم بكونهم عنده والمراد من هذه العدية كمال الشرف والمنقبة. هذا لا يبنى فيه كون طائفة اخرى من الملائكة مشتغلين بسائر الاعمال. فان قالوا ان الامر كذلك الا انهم لابد وان يتنفسوا. فاشتغالهم بذلك التنفس يصدهم عن تلك الحالة من التسبيح. قلنا كما ان التنفس لصلاح حال الحياة بالنسبة للبشر فذكر الله تعالى سبب لصلاح حال الملائكة في حياتهم. ولا يجب على العاقل المنصف ان يقيس احوال الملائكة في صفاء جوهرها واشراق ذواتها واستغراقها في معارج معارف الله باحوال البشر. فان بين الحالتين بعد مشرقين. سؤال اخر هل تدل هذه الاية على ان الملك افضل من البشر؟ والجواب نعم في الاهمال لانه انما يستدل بحال الاعلى على حال الادنى. فازا استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون فيقال هؤلاء الاقوام ان استكبروا عن طاعة فلان فالاكابر يخدمونه ويعترفون بعظمته. فان السلطان اذا اراد ان يقرر على رعيته وجوب طاعتهم له قال لهم الملوك لا يستكبرون عن طاعتي. فكيف بهؤلاء المساكين فالملائكة لا يستكبرون عن طاعة الله عز وجل مع تمام قوتهم وشدة بطشهم وعظمة خلقهم فما بال البشر يتمردون عن طاعة الله مع غاية ضعفهم