بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. صلاة المنافقين لها سنتان. التأخير مع الكسل والتثاقل عن صلاة الفجر والعشاء. الصمت الاول. التأخير مع الكسل. المنافق يصلي. لكن بتكاسل وعدم حضور قلب والصلاة عليه ثقيلة. واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى. قال الامام الرازي وسبب ذلك الكسل انهم يستثقلون في الحال ولا يرجون بها ثوابا. ولا من تركها عقابا. فكان الداعي للترك قويا من هذه الوجوه. والداعي الى الفعل ليس الا خوف الناس والداعي الى الفعل متى كان كذلك؟ وقع الفعل على وجه الكسل والفتور. كان ابن عباس يقول مستفيدا من هذه اية يكره ان يقول الرجل اني كسلان ويتأول هذه الاية واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى. المنافق يؤخر الصلاة عن اول والوقت فالصبح عنده بعد طلوع الشمس والعصر عندما تغرب وينقر الصلاة نقر الغراب في حركات بلا روح يؤديها بالجسم لا بالروح ويلتفت فيها التفات الثعلب. ويجمع بين الصلوات ولا يشهد الجماعات. فان صلى كانت صلاته في بيته. فهو هاجر للمسجد لا يأتيه الا في الجمعة. واما المؤمن فسلوكه عكس هذا في العزيمة والهمة حتى قالت عائشة عائشة رضي الله عنها لما سألها الاسود بن يزيد النخاعي كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم اذا سمع النداء قالت فاذا كان عند النداء الاول قالت وثب ولا والله ما قالت قار فافاض عليه الماء. ايمانه جعله يثب عند سماع الاذان بعكس المنافق الذي ينام عن الصلاة ولا ينشط للمشي الى المسجد وتأمل قوله الامام النخعي كفى علما على النفاق ان يكون الرجل جار المسجد لا يرى فيه. وقد ابان النبي صلى الله عليه وسلم ان ابتلاه الله بالنفاق يجد مشقة عند الصلاة. ولذا يجعلها دائما اخر الوقت كما في حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى اذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها اربعا لا يذكر الله فيها الا قليلا يصف هنا صلاة المنافق للعصر. فلاحظ ان نقر الصلاة وتأخيرها لاخر الوقت هو ما اطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المنافق. فكيف بمن اخرج الصلاة عن وقتها؟ افلا يخشى المتكاسل عن صلاته؟ المستثقل لها المستعجل في ادائها ان تكون صلاته طيلة حياته هي صلاة المنافق كم ستكون الصدمة فاجعة اذا رأى صلاته يوم الحساب محسوبة من صلاة المنافقين فتكون وبالا عليه. وقد ظنها سبب النجاة. المنافق لا يعلم من نفسه انه منافق. بل يحسب نفسه مؤمنا. ولو علم نفاقه لانحلت المشكلة. وذلك لان النفاق مرض يتسلل الى القلب بالتدريج وينمو فيه عبر افعال يعتبرها البعض ثانوية ومن هوامش الامور لكنها بالاستمرار والاستزار غريب تورد صاحبها المهالك. الصمت الثاني التثاقل عن صلاة الفجر والعشاء. قال صلى الله عليه وسلم ان اثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لاتوهما ولو حبوا معنى الحديث ان الصلاة ثقيلة على المنافقين لكن هاتين الصلاتين اعظم ثقلا وانما ثقلت هاتان الصلاتان على المنافقين لان المنافق لا ينشط للصلاة الا اذا رآه الناس. وصلاة العشاء والصبح يقعان في ظلام الليل. فلا ينشط للمشي اليهما الا كل مؤمن مخلص يكتفي برؤية الله له. قال ابن دقيق العيد انما كانت هاتان الصلاتان اثقل على المنافقين لقوة الداعي الى ترك حضور الجماعة فيهما وقوة الصارف عن الحضور. اما العشاء فهي انها وقت الايواء الى البيوت. والاجتماع مع الاهل واجتماع ظلمة الليل وطلب الراحة من متاعب السعي بالنهار. واما الصبح فانها في وقت لذة النوم. واما المؤمن فيعلم ان زيادة المشقة سبب زيادة الاجر. فتكون المشقة محفزة له على العمل كما كانت صارفة المنافقين عن العمل. ولذا قال صلى الله عليه وسلم لو يعلمون ما فيهما يعني من الاجر والثواب لاتوهما ولو حبوا. اي لو علموا ثوابها لزحفوا اليها زحفا اذا منعهم عنها مانع كمرض او ضعف كما يحبو الطفل على ارباحه. ولذا اوصى ابو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه والمرء لا يوصي عند موته الا بعظائم الامور. قال اسمعوا وبلغوا من خلفكم. حافظوا على هاتين الصلاتين يعني في نعم العشاء والصبح ولو تعلمون ما فيهما لاتيتموهما ولو حبوا على مرافقكم وركبكم وقال ابن اوس من احب ان يجعله الله من الذين يدفع الله بهم العذاب عن اهل الارض فليحافظ على صلاة العشاء وصلاة الصبح في جماعة وهذا يفيد خطورة التخلف عن صلاة الجماعة خاصة هاتين الصلاتين. وكيف ان ضرر التخلف عنهما يعم اهل الارض لا المتخلف عنهما فحسب. لشؤم هذا الذنب وقبحه. وقد قال عليه الصلاة والسلام من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له الا من عذر. المقصود لا صلاة كاملة له. وليس ان صلاته وجودها كعدم ها لانه جاء في الاحاديث ما يدل على ان صلاته صحيحة لكن يفوته خير كثير وثواب جزيل. في رواية ابي داوود قيل وما العذر؟ قال او مرض والتخلف عن الصلاة من غير عذر او التترس باعذار واهية هو من صفات المنافقين. في حديث رواه ابن خزيمة عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال كنا اذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء الاخرة والصبح اسأنا به الظن اي شكوا ان انه منافق واثر ابن مسعود في صحيح مسلم مشهور وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق. ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. وانا لله عملا بالليل لا يقبله بالنهار وعملا بالنهار لا يقبله بالليل ولو رأينا مدرسا اتى الى مدرسته عصرا والطلاب يدرسون صباحا فهل يقبل هذا منه؟ لو رأينا موظفا يأوي الى مكتبه في جوف الليل والناس يداومون في الصباح. فهل يصلح عمله؟ فكيف نراعي اليوم حق بشر المساكين ونتهاون في حق رب العالمين