تاسعا سهولة الانخداع بالمنافقين. المنافقون اصحاب خداع وتلبيس. يتكلمون بمعسول الكلام وفصيح الخطاب ويظهرون للناس في هيئة حسنة ومظهر جذاب. فينخدع بهم عوام المسلمين. فيميلون اليهم ويصغون لتدليسهم تعالى وفيكم سماعون لهم. هذه الجملة وفيكم سماعون لهم جملة اعتراضية للتنبيه على ان بغيهم الفتنة اشتد خطرا على المسلمين لان في المسلمين فريقا تنطلي عليهم حيلهم وهؤلاء هم المغفلون والمستغفلون الذين يعجبون من اخبارهم ويتأثرون باحوالهم الظاهرة ولا يكشفون الخدع والمكائد فيذيعون كلامهم في الصف خاصة مع وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمتصفحة وقد انتشرت انتشار النار في الهشيم. سماعون صيغة مبالغة للقوة او او الكثرة اي كثير الفعل او شديدة. شديد الاستماع او كثير الاستماع. سواء كان استماعهم مقترن بتصديق واعتقاد او لضعف شخصية من يصدق الخبر ونقيضه. قال قتادة وجمهور المفسرين معناه وفيكم من يقبل منهم قولهم اي من ضعاف المسلمين. وجيء بحرف في لا حرف منه فلم يقل ومنكم سماعون لهم او ومنهم سماعون لان لا يتوهم احد تخصيص السماعين بجماعة من احد الفريقين دون الاخر. لان المقصود ان السماعين فريقان فريق من المؤمنين وفريق من المنافقين مبثوثين بين المؤمنين لانقاء الاراجيف والفتن. فكان دور حرف في فيكم هو التعبير عن الجمع بين الفريقين بهذا الايجاز البليغ. عاشرا خطر التحول من النفاق الاصغر الى النفاق الاكبر. ما خطورة الشعبة الواحدة من النفاق التي تصيب العبد؟ خطورتها انها بريد النفاق. فالعبد ان وقع في شعبة من النفاق باقي جرته لشعبة اخرى فتتكاثر عليه شعب النفاق حتى تخرجه من الايمان. فشعب النفاق تصارع في القلب شعب الايمان والمحصلة لمن غلب. ولا يدري العبد بما يختم له. فان الله تعالى قد يعاقب من استرسل في شعبة نفاق بان يسلط عليه مثلها كما نبه القرآن على ذلك في قوله في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. وقوله تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم. ان تدرج الشيطان في الافساد مشهور. وطموحه في اضلال العبد لا نهاية له. وهو ما يفرض على كل مسلم الحذر من كيده والخوف الشديد من مكره وهل بدأت عبادة الاصنام الا بالتدريج؟ وهل بدأ الزنا الا بنظرة؟ وهل وقع الالحاد الا من شبهة؟ وهل وهل وهل قال ابن رجب في معرض بيان خطورة النفاق الاصغر والنفاق الاصغر وسيلة وذريعة الى النفاق فاق الاكبر كما ان المعاصي بريد الزنا. فكما يخشى على من اصر على المعصية ان يسلب الايمان عند الموت. كذلك يخشى على من اصر على خصال النفاق ليسلب الايمان فيصير منافقا خالصا. وقال ابن رجب في شرح الاربعين النووية فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الاصغر ويخاف ان يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه الى النفاق الاكبر. فان دسائس السوء توجب سوء الخاتمة. حادي عشر اختلاف منازل الغد حسب اعمال اليوم. نحن في الدنيا سائرون في الطريق. بدايته هنا ونهايته في الاخرة. الناس فيه لا يسيرون فرادى بل جماعات. فينضم كل واحد الى من يشبهه. والمرء مع من احب ومن تشبه بقوم هو منهم فمن سلك طريق المؤمنين ورد عليهم وشاركهم في السكن. ومن سلك طريق الفجار ورد عليهم في دركات النار ومن سلك سكك المنافقين نزل معهم في الدرك الاسفل من النار. وهذه خطورة اتسافك بخصال المنافقين. وهو ان سكة المنافقين قين تجمعك بهم في النهاية وتحشرك معهم يوم القيامة. وهو ما اشار اليه الحديث النبوي في ايجاز بليغ كما لا يشتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل فجار منازل الابرار فاسلكوا اي طريق شئتم فاي طريق سلكتم وردتم على اهله. فكما انه من المستحيل ان نجني من الشوك العنب فكذلك من المستحيل ان يلتقي الابرار غدا مع الفجار في نفس الدار. فلا يظن احد ان الفوز غدا طريقه الاحلام او مفاتحه الاماني فليس والله الا العمل الصالح ومن قبله وبعده رحمة الله التي تجبر الخلل والزلل