بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. المثل الثاني المائي طيبوا من السماء او كصيد من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. اي ان قصة هؤلاء المنافقين بقصة الذي استوقد نارا او قصة هذا الصيد. والصيب هو المطر من الصوب وهو النزول. والمعنى مثل هؤلاء المنافقين كمثل قوم نزل بهم مطر في جوف الليل ومعه رعد يصم الاذان وبرق يخطف الابصار واعقوا محرقة فسدوا اذانهم خوفا من ان تقتلهم الصواعق بشدة صوتها. وهم مع هذا في حالة رعب شديد من انتظار الموت يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فيه. واذا اظلم عليهم قاموا. وصف رائع لما معه اهل الصيد في حالتي ظهور البرق واختفائه. فاذا صرفوا من البرق وميضا انتهزوه فرصة فخطوا خطوات يسيرة واذا اختفى لمعانه وقفوا في مكانهم. فالجملة تدل على فرط حرصهم على النجاة مع شدة ما هم فيه من خوف واهوالهم. فما اسقاط هذا المثل على واقع المنافقين؟ القرآن هو الصيد الذي ينزل من السماء. والقرآن يحيي الله وبه القلوب فهو مثل المطر. ينتفع به المؤمنون. واما المنافقون فينتفعون ببعضه ولا ينتفعون ببعضه. انتفعوا بما اظهروا من ايمان فجرت عليهم احكام اهل الاسلام فهذا النور هو الذي انتفعوا به. والقرآن فيه رعد وبرق رماة فقيل ان بعد القرآن زواجره التي تخيف مثل الرعد. وبرق القرآن انواره ومنافعه التي نالت المنافقين بعصمة دمائهم واموالهم. واما الظلمات فهي الشكوك التي تنتاب المنافقين من قراءة القرآن. فالشك الناجم وعنهم مثاله في المطر مثال الظلمات. وجعلوا اصابعهم في اذانهم هو تخوفهم وحذرهم من فضح نفاقهم اهيتهم لتكاليف الشرع من الجهاد والزكاة. وحذرهم المستمر. يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم فكانوا يقولون القول فيما بينهم ثم يقولون عسى الا يفشي علينا هذا. المنافقون اذا تلقوا من السماء رجفت قلوبهم هلعا وفزعا من التخليف. وهذا حظهم من كتاب الله. اضطراب وذعر وهم مقيم فحذر الخزي والفضيحة. فجعل الله انزال القرآن لقوم شفاء ولقوم شقاء. فاذا انزلت سورة جديدة هذا شكهم وحيرتهم كما قال تعالى وهو عليهم عمى. وهو ما اسميه الشعور المنكوس او الشعور المعكوس في حين ان كل الخلق يحبون الخيف والمطر وينتظرونه في شوق ولهفة دون ان الذوق مما يصاحبه من ظلام ورعود لعلمهم ان وراء ذلك ماء الحياة والريش. خوف المنافقين خوف شكلي لا يصاحبه عمل. اصحاب الصيب لضعفهم وقوة صوت الرعد الهائلة وسطوح البرق اللامع يجعلون اصابعهم في في اذانهم فزعا وخوفا وكذلك المنافقون. فانهم لضعف بصائرهم وانطماص عقولهم تشتد عليهم زواجر وقوارعه ونواهيه فتشمئز قلوبهم. وهذا شعور سلبي يضر بصاحبه لانه يدفعه للهروب من اسباب النجاح