بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. مرحبا بكم في لا تنافق. ما زلنا مع نفاق الحركي واليوم لنا وقفة مع الصفة الرابعة من صفات النفاق الحركي. احنا قلنا ان النفاق الحركي تتعرض له سورة التوبة بصورة كبيرة جدا وهي سورة وهي المقشقشة وهي المزلزلة وهي التي كشفت المنافقين وفضحت صفاتهم. ونحن نضع انفسنا امام المرآة حين نأخذ هذه الصفات حتى لا تتسنن لنا صفة من صفات المنافقين دون ان نشعر وان ندري. النهاردة الصفة الرابعة ريبة القلب وتذبذب المواقف. الله تعالى يقول في وصف المنافقين وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون. الريبة محلها القلب. لكن يظهر اثرها في تذبذب المواقف. فمنبع المرض في الباطن لكن اعراضه ترى في الظاهر. والتردد هو الذهاب والمجيء يراد به الحيرة المتحير لا يستقر في مكان وانما يذهب ويرجع يقدم رجلا ويؤخر اخرى وهؤلاء المنافقين ينتهون الى الايمان مرة ويكفرون مرة الايمان وعندهم يتردد بين العقل والقلب وسبب هذا انهم ليسوا على يقين بالاخرة وما اعد الله لهم فيها من الجزاء. فلا يستطيع احدهم الاقدام على موقف عقوبته او ثوابه غيبي لا يراه بعينه لانه لن يضحي او يبذل بحاضر في سبيل غائب. لن يقدم ما بين يديه اليوم طمعا فيما عند الله غدا هو ليس عنده يقين. هذا الشك جعل المنافقين غير قادرين على اتخاذ موقف حاسم. وعشان كده النبي صلى الله عليه وسلم وضح التردد دوت والريبة ديت في صورة توضيحية عن طريق ضرب المثل عشان ما حدش يقول لك انا ما فهمتش. انا مش فاهم الاية. انا مش مش تخيل ازاي عمره ما يبقى موجود. لأ في نموذج من الاحاديث او مثل من الاحاديث. وكما قلنا ان المثل يوضح الله سبحانه وتعالى به او يوضح به النبي صلى الله عليه وسلم شيئا غائبا في صورة محسوسة ملموسة لمزيد التوضيح والبيان. الحديث بيقول ايه؟ مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين قدمين تعير الى هذه مرة والى هذه مرة لا تدري ايهما تتبع. الغنمين هنا دي شاة عائرة بين يعني بين قطيعين من الغنم وعارت يعني انفلتت. المنافق هنا انفلت. يدخل مع اهل الايمان مرة ويدخل مع اهل الكفر والباطل مرة مرة اخرى فلا ثبات له على حال ولكنه دائما حائر بين الفريقين. كما قال ربنا مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء هو مذبذب بين اهل الحق وبين اهل الباطل. وهو متردد بين هاتين الفريقين. طيب. ليه هو متردد؟ احنا قلنا مش موقن وليه كمان هو متردد عشان هو بتاع مصلحته. هو حريص على مصلحته. هو مش مخلص في انتسابه لاهل الحق ولا اهل الباطل هو عايز يشوف هيحصل نفع من وراهم ولا لأ ؟ وهو مش عارف لمن تكون العاقبة. ولذا ينتظر ويمسك العصا من المنتصف، ان كان فتح للمؤمنين ادعى انه كان معهم بحكم ما كان يظهر من شعائر الاسلام. وان كان للكافرين الغلبة ادعى انه كان بحكم ما كان يبطن من موالاتهم ومناصرتهم. المنطق ده حقيقة منطق كثير من الناس. وحدث مع صحابي اسلم الحقيقة بعد كده اسمه ذو الجوشن الكلابي. آآ ذي الجوشن الكلابي دوت صحابي قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الرسالة وقال له النبي صلى الله عليه وسلم قبل ظهور الاسلام وقبل صار الاسلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم سائلا ما يمنعك من الاسلام؟ فقال ذو الجوشن بصراحة يعني بصدق قال رأيت قومك كذبوك اخرجوك وقاتلوك فانظر ان ظهرت عليهم امنت بك واتبعتك وان ظهروا عليك لم اتبعك. قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا ذا جوشا لعلك ان بقيت قليلا ان ترى ظهوري عليهم. قال قالت بعد كده بقى بعد ما الاسلام ظهر وانتصر والنبي صلى الله عليه وسلم مكن الله له؟ قال ذو الجوشن فوالله اني لبظرية. الظرية دي مكان بين مكة والبصرة اذ قدم علينا راكب من قبل مكة. بعدها بسنوات فقلنا ما الخبر؟ قال ظهر محمد على اهل مكة. فكان ذو الجوشن يتوجه على تركه الاسلام حين دعاه اليه النبي صلى الله عليه وسلم. اسلم بعد كده وروى احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بس اسلم متأخرا. فاته السبق والفضل والخير الكثير في من؟ سبق الى الاسلام. كثير من الناس لا يعدو ان يكون منطقهم نفس المنطق ينتظر ظهور احدى الطائفتين الحق والباطل لينتسب الى الطائفة الرابحة. لا يحركه ايمانه ليتمسك بالحق ولو كان غريبا. بل يركن الى الباطل ان كانت له الغلبة. يتنازل عن الحق ويجافي اهله. بل قد يعاديهم ان رآهم قلة المستضعفين ويوالي اهل الباطل ان رآهم ظاهرين متمكنين. هذا المنطق نفس المنطق من قديم الزمن. طبيعة النفس البشرية بتركن الى صاحب القوة. فالمنافق الذي لا مبدأ له الا مصلحته يميل مع القوة ايا كان حاملها. والمؤمن لا المؤمن لا يميل الا للحق واهل الحق لانه يوقن ان الدنيا ليست نهاية المطاف وانها خلقها الله دار ابتلاء وموضع اختبار وفي الاخرة يجازى كل بعمله ويحشر كل واحد مع من والى واحب وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا وسيق الذين كفروا الى الجنة زمرا يحشر الناس وزمرا كل مع من احب وعمل مثل عمله. ولهذا ليس الايمان كالنفاق. قارنوا موقف ده بموقف سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه الذي امن واسلم دون ان يرى ظهور النبي صلى الله عليه وسلم. اول ما عرف انه الحق صدق واتبع النبي صلى الله عليه وسلم. ووالاه وافتداه وانفق ما له في سبيل نصرة دينه وفي سبيل نصرة الحق. مع ان كل المشركين كان ضد النبي صلى الله عليه وسلم. فكان ابو بكر من اول من اسلم من الرجال ولم ينتظر كما انتظر ذو الجوشن وكل واحد فينا لازم يختار. يتبع الحق حتى لو كانت عليه الريح عاصفة والدائرة عليه ابتغاء ثواب الله ولا يمشي بمنطق ذي الجوشن ويستنى لحد ما يشوف مين اللي هيغلب وبعدين يبقى يمشي معه ابا بكر ولا تكن ذا الجوشن. جزاكم الله خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته