بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. من سمات النفاق الحركي كثرة الحلف. في سورة التوبة وحدها نسب الله الحالف للمنافقين سبع مرات يحلفون لستر احوالهم وخوفا من الفضيحة ويتترسون من بطش المؤمنين بالحلف الكاذب وهو يمين غموس يغمسهم في النار لكنهم لنفاقهم لا يخشون نارا ولا عقابا بل خوفهم من المؤمنين اكبر من خوفهم من رب العالمين وهذا علامة الجهل المبين. وكثرة ايراد الله لحنف المنافقين في القرآن مقصوده صرف المؤمن عن تصديق كلامهم الى تأمل افعالهم. قال ابن القيم تسبق يمين احدهم كلامه من غير ان يعترض عليه لعلمه ان ان قلوب اهل الايمان لا تطمئن اليه. فيتبرأ بيمينه من سوء الظن به. وكشف ما لديه. وكذلك اهل الريبة يكذبون ويحلفون ليحسب السامع انهم صادقون. اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله انه ساء ما كانوا يعملون. ومثال هذه اليمين الكاذبة التي اتقى بها المنافقون عقابا المؤمنين ما حكاه الله عنهم. يحلفون بالله اهلكم ليرضوكم والله ورسوله احق ان يرضوه ان كانوا مؤمنين. فما مناسبة هذه الاية؟ قال قتادة والسدي اجتمع ناس من المنافقين فيهم الجلاس بن سويد ووديعة بن ثابت فوقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم. وقالوا ان كان ما قولوا محمد حقا فنحن شر من الحمير. وكان عندهم غلام من الانصار يقال له عامر بن قيس فحقروه. وقالوا هذه المقال فغضب الغلام وقال والله ان ما يقول محمد حق وانتم شر من الحمير. ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم فاخبره فدعاهم وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفوا ان عامرا كذاب وحلف عامر انهم كذبة فصدقهم النبي صلى الله عليه وسلم فجعل عامر يدعو ويقول اللهم صدق الصادق وكذب الكاذب فانت انزل الله تعالى هذه الاية وان الله تعالى نهى عن الجرأة عليه بكثرة الحلف به. فقال سبحانه ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. وامر سبحانه بالتقليل من الايمان. فقال واحفظوا ايمانكم اي لا تحلفوا ما وجدتم الى ذلك سبيلا. والحكمة من الامر بتقليل الايمان ان من حلف في كل قليل وكثير بالله انطلق لسانه بذلك. ولا يبقى لليمين في قلبه وقع. فلا يؤمن اقدامه على الايمان الكاذبة فيختل ما هو الغرض من اليمين؟ وايضا كلما كان الانسان اكثر تعظيما لله تعالى كان اكمل في العبودية ومن كمال التعظيم ان يكون ذكر الله تعالى اجل واعلى عنده من ان يستشهد به في غرض من الاغراض الدنيوية كما قال ذلك الامام الرازي. ولذلك كان الصالحون يجتنبون الحلف بالله ما استطاعوا. فكان الامام الشافعي يقول ما حلفت بالله صادقا ولا كاذبا قط. اخي كن الشافعي غير حالف. ولا تكن الجلاس او حالفا