بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. الصفة الرابعة عشر من النفاق الحركي. ردوا حكم الله رسول الله. ذلك راجع لامرين. الاول الانتقائية. قال الله تعالى واذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون واياكم لهم الحق يأتوا اليه مذعنين. ذكر المفسرون ان احد المنافقين واسمه تخاصم الى النبي صلى الله عليه وسلم مع يهودي. فلما كما النبي صلى الله عليه وسلم لليهودي لم يرضى بشؤم بحكمه ودعاه الى التحاكم الى كعب بن الاشرف اليهودي. فابى اليهودي وذهب الى عمر بن الخطاب فقص عليه القضية فلما علم عمر ان بشرا لم يرضى بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما حتى اتيكما ودخل بيته فاخرج سيفه وضرب بشرا بالسيف فقتله. فروي ان النبي صلى الله عليه وسلم لقب عمر يومئذ الفاروق لانه فرق بين الحق والباطل. في رواية اخرى قيل ان احد المنافقين اسمه المغيرة ابن وائل قاسم مع علي بن ابي طالب في ارض اقتسمها ثم كره القسم الذي اخذه فرامى نخض القسمة وابى علي نقضها ودعاه الى التحاكم من النبي صلى الله عليه وسلم فقال المغيرة اما محمد فلست اتيه لانه يبغضني وانا اخاف ان يحيف علي فنزلت هذه للايات تشير الايات الى ان بعض الناس لا يخضعون الحق لانه حق. لكن يقبله فقط ان وافق هواه ومصالحه الدنيوية. وان يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين. وهذا شأن المنافق. صاحب مصلحة تغلب عليه الانانية. لذا يحرص على تطويع النصوص الشرعية لصالحه. ويستخدمها في تحقيق مآربه. فيتتبع الرخص والفتاوى الشاذة وزلات العلماء ويذهب لمن يعلم انه سيفتيه بالحل لا بالحرمة. واما اذا كان حكم الشرع في غير صالحه فلا يقبل به. والذي يرفض القيادة لحكم الله لا يخلو من احوال ثلاثة. في قلبه مرض او ريب او خوف من ان يحيف الله عليه ورسوله. افي قلوبهم مرض قام ارتابوا ام يخافون ان يحيف الله عليهم ورسوله. وكل واحدة من هذه الثلاثة كارثة ايمانية مستقلة سبب ردهم لحكم الله معلوم. فاللص لا يريد قطع اليد ومرتكب الفواحش لا يريد ان يرجم او يجلد ما كانوا فاسدين خافوا عاقبة فسادهم فردوا امر الله وحكمه. الامر الثاني لرد حكم الله هو فصل دين الله عن حياة الناس وحصره في دائرة الشعائر فلا يضر المنافقين اليوم ان تمتلئ المساجد بالمصلين ولا ان يكثر حفاظ القرآن بين المسلمين ولا عدد اللواتي يرتدين الحجاب ما دام الدين محاصرا في المسجد. ولا يتجاوز دائرة العبادات الى ساحة معاملات ولا يتعدى الشعائر الى المشاعر والظاهرة الى الباطن. المنافقون. حريصون غاية الحرص على الا تتحول الاسلام الى تشريعات تحكم حياة الناس وقوانين تسوس امورهم وشؤونهم والا يمكن الدين من ان يحكم الواقع الاقتصادي والسياسية والاجتماعية. بزعم ان الدين دوره ان ينظم علاقة المرء بربه فحسب. وهذا الفصل بين الدين والحياة قديم جديد. لماذا؟ لان سبب نشأة النفاق في المدينة هو رفض عبدالله بن ابي بن سلول واتباعه لسلطة الرسول صلى الله عليه وسلم الدنيوية. كان اهل المدينة قد اصطلحوا على ان يتوجوا ابن سلول عليهم ملكا. وكانوا يجمعون له الخرز ليرسعوا به التاج على رأسه. فلما وصل رسول الله المدينة انصرف الناس اليه واعرضوا عن ابن سلول فكان ابن سلول يرى ان ان النبي صلى الله عليه وسلم سلبه ملكه. واما السلطة الدينية فما كان ابن سلول ومن معه يمانعون في القبول بها. اي ان يبقى محمد مجرد سلطة روحية تصل الناس بربهم دون ان يحكم الدين على اموالهم وشؤون حياتهم. لما جاء بنو كيبان ابن ثعلبة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال قائله واني ارى الامر الذي تدعو اليه مما تكرهه الملوك فاذا احببت ان نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسأتم في الرد اذ افصحتم بالصدق وان دين الله لن ينصره الا من حاطة من جميع جوانبه. نعم رفض النبي صلى الله عليه وسلم هذا العرض المغري بان تدافع عنه شيبان ضد العرب دون فارس وردهم بقوله وان دين الله لن ينصره الا من حاطة من جميع جوانبه اي اخذه كاملا فليس مقبولا عند الله لمؤمن ان يخصم دينه نصفين فيعمل بنصف ويترك نصفه الاخر افتؤمنون ببعض بالكتاب وتكفرون ببعض. وكذلك من سمات المنافقين ردوا امر رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن ابي سعيد ابن المعلى قال مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وانا اصلي فدعاني فلم اته حتى صليت. ثم اتيت فقال ما منعك ان تأتيني؟ قلت كنت اصلي قال الم يقل الله يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واذا كانت اجابة امر نبيي الله صلى الله عليه وسلم واجبة في حياته فان الاستجابة لسنته واجبة بعد وفاته وتحرم مخالفة امره او تقديم امر غيره عليه. وقد رتب الله الوعيد الشديد والانتقام الاكيد على من خالف امره النبي صلى الله عليه وسلم فقال فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. ولذا قال قال ابو بكر الصديق رضي الله عنه ولست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به الا عملت به. فاني اخشى ان تركت شيئا من امره ان ازيغ اي ان العبد اذا رد شيئا من كلام النبي فربما زاغ قلبه فهلك. والهلاك هنا ليس هلاكا بدنيا بل ايمانيا وهو اشد وطأة فان اعظم عقوبة تصيب العبد ان يحال بينه وبين الايمان. ويبتلى بزيغ القلب وتلبيس الشيطان فيرى سوء عمله حسنا وقبيح احواله صحيحا وانه افضل الناس. وعلى الجادة والصراط بينما هو ممشوخ القلب منطمس الفطرة باع دينه دون ان يشعر ولا يزال منكبا على باطنه حتى يموت عليه الا ان يتوب فيتوب الله عليه. اين هذا التفريط في امر الهي من الالتزام به كما في حال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه. اتى ابن رواحة النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو يخطب. فسمعه وهو يقول اجلسوا فجلس خارج المسجد حتى فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال زادك الله حرصا على طواعية الله تعالى وطواعية رسوله. هذا الحرص تلمحه في سفيان الثوري مع احاديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط الا به ولو مرة. اخي كن ابن رواحة وسفيان ولا تكن بشرا والمغيرة