بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كيف قاوم الاسلام العقل الجمعي؟ ثالثا عقوبة الحاق المشقة والضرر بالغير. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضار ضر الله به. ومن شاء ابقى شاق الله عليه ضارا اي اوصل ضررا الى احد. ضار الله به اي اوصل الضرر اليه. والضرر شقة متقاربة. الا ان الضرر يستعمل في اتلاف مال احد والمشقة تستعمل في ايصال اذية الى بدن احد. قال الشيخ عبدالرحمن السعدية. هذا الحديث دل على اصلين من اصول الشريعة احدهما ان الجزاء من جنس العمل في الخير والشر. وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها. فكما ان من عمل ما يحبه الله احبه الله. ومن عمل ما يبغضه الله ابغضه الله. ومن قصر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة اخيه كذلك من ضار مسلما ضره الله. ومن مكر به مكر الله به ومن شق عليه شق الله عليه الى غير ذلك من الامثلة الداخلة في هذا الاصل. الاصل الثاني منع الضرر مضارة وانه لا ضرر ولا ضرار. وهذا يشمل انواع الضرر كله. الضرر يرجع الى احد امرين. اما تفويت مصلحة او حصوله مضرة بوجه من الوجوه. فالضرر غير المستحق لا يحل ايصاله وعمله مع الناس. بل يجب على الانسان ان يمنع ضرره واذاه عنهم من جميع الوجوه. فيدخل في ذلك التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها. والمكر والخداع النجش وتلقي الركبان وبيع المسلم على بيع اخيه والشراء على شرائه. ومثله الايجارات وجميع المعاملات الخطبة على خطبة اخيه وخطبة الوظائف التي فيها اهل لها قائم بها. فكل هذا من المضارة انهي عنها وكل معاملة من هذا النوع فان الله لا يبارك فيها. لان من ضار مسلما ضره الله ومن ضاره الله ترحل عنه الخير وتوجه اليه الشر وذلك بما كسبت يداه. يدخل في ذلك مضارة الشريك لشريكه والجار لجاره بقول او فعل حتى انه لا يحل له ان يحدث بملكه ما يضر بجاره فضلا عن مباشرة الاضرار به ادخلوا في ذلك مضارة الغريم لغريمه وسعيه في المعاملات التي تضر بغريمه. حتى انه لا يحل له ان يتصدق ويترك ما وجب عليه من الدين الا باذن غريبه او يرهن موجوداته احد غرمائه دون الباقين او يقف او يعتق ما يضر غريمه او ينفق اكثر من اللازم بغير اذنه. وكذلك الضرار في الوصايا. كما قال تعالى من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار بان يخص احد ورثته باكثر مما له او ينقص الوارث او يوصي لغير وارثه بقصد الاضرار بالورثة. وكذلك لا يحل اضرار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة. اما ان يعضلها ظلما لتفتدي او يراجعها لقصد الاضرار او يميل الى احدى زوجتيه ميلا يضر بالاخرى ويجعلها كالمعلقة. ومن ذلك الحيف في الاحكام والشهادات والقسمة وغيرها على احد الشخصين لدفع الاخر. فكل هذا داخل في المضارة وفاعله مستحق قل العقوبة وان يضار الله به واشد من ذلك الوقيعة في الناس عند الولاة والامراء ليغريهم بعقوبة او اخذ ماله او منعه من حق هو له. فان من عمل هذا العمل فانه باغ فليتوقع العقوبة العاجلة والاجلة. ومن هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يورد ممرض على مصح لما في ذلك من الضرر وكذلك نهي الجزمي اي المصاب بالجذام ونحوهم عن مخالطة الناس وهذا وغيره داخل في قوله تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا. ونهى عن ترويع المسلم ولو على وجه المزاح. ومن هذا السخرية بالخلق والاستهزاء بهم والوقيعة في اعراضهم والتحريش بينهم فكله داخل في المضارة والمشاقة الموجب العقوبة. وكما يدل الحديث بمنطوقه ان من ضار وشاق ضره الله وشق عليه فان مفهوم يدل على ان من ازال الضرر والمشقة عن المسلم فان الله يجلب له الخير ويدفع عنه الضرر والمشاق. جزاء وفاقا سواء كان متعلقا بنفسه او بغيره. انتهى كلام السعدي. وان ضرر من اوقع الضرر بمن حوله ووقوفه المشقة على من شق على غيره ليست قاعدة مطردة فحسب بل هي دعوة مستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم ما الذي دعا اللهم من ولي من امر امتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه. ومن ولي من امر امتي شيئا فرفق بهم فارفق به اساس المرء ان الحياة سلف ودين رادع له عن المشاركة في الظلم والسير مع قطيع المبطلين والمجرمين فان العقوبة ستناله في الدنيا فضلا عن عذاب الاخرة