بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. دواء الحرص على الدنيا اولا لا بد من الشعور بالغربة. قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيه. فقال كن في الدنيا كانك غريب او عابر سبيل. امسك النبي صلى الله عليه وسلم بكتفي عبدالله ابن عمر من الامام وذلك من اجل ان يستحضر وهذه الوصية جيدا وصية ليست كغيرها من الوصايا. بل هي من الاهمية بمكان ليهز النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر هزا لها وهي هزة لكل من بلغته هذه الوصية لينتبه ويستفيق. بهذه الهزة النبوية تتساقط كل اوهامك واحزانك الدنيوية وايثارك للفاني على الباقي. هي وصية جامعة لعدة وصايا منها قريب لا يحدث نفسه بطول البقاء. لانه يعلم انه في اي لحظة سيرجع الى وطنه الاول ومستقره النهائي. الغريب نظرا لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة والحقد تجاه من حوله. الغريب بسبب قصر وقت قامته لا ينشغل قلبه كثيرا بتكثير الاموال والاملاك التي تشغله عن الله والدار الاخرة. الغريب مستوحش من ناس لا يأنسوا بمن حوله لانه خارج وطنه. بل انسه الوحيد في وطنه وبين اهله. الغريب لا يحزن كثيرا على خسارته في دار غربته ما دامت املاكه في وطنه الاصلي كما هي. واخيرا الغريب يدخر امواله ارسلها الى وطنه لينعم بها عند عودته ويستبقي معه في دار غربته ما يقيم به اساسيات الحياة دون سرف او مباهاة. ومثل الغريب عادل السبيل. خفيف الاحمال اكثر من الغريب. وغير منشغل بحمل ما يعيقه عن سفره. ولا اكثر مما يحتاجه ليبلغ مقصده. او عابر سبيل يجوز ان تكون للتخيير. والاحسن ان تكون بمعنى بل اي كن في الدنيا كأنك غريب بل عابر سبيل. الرسالة هنا انت في هذه الدنيا غني ووطنك الحقيقي الجنة. وقد انزل الله منها ابويك ابتداء وجعل مرجعك اليها ان شاء الله انتهاء فالدنيا ممر والاخرة مقر فلا تحدث نفسك طويلا بطول الاقامة فيها ولا تتعلق بها الا تعلق الغريب بغير ولا تشتغل بها كما لا يشتغل عابر السبيل بشيء حتى يعود الى ارضه. هي وصية جامعة بالزهد في الدنيا واخذ البلغة منها والكفاف. وكما لا يحتاج المسافر الى اكثر مما يبلغه مقصده. فكذلك لا المؤمن في الدنيا الى اكثر مما يبلغه الجنة