بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من ادوية الفتور. اولا المحبة قبل الخوف وهو دواء تناوله بعض الصالحين في قوله العمل على المخافة قد يغيره الرجاء والعمل على المحبة لا يدخله الفتور. وهي عبارة صحيحة لانك ان عملت بدافع الخوف فقد يعتريك الفتور ان حصل لك بعض الرجاء فيدب الى عملك الفتور. لان الدافع لعملك كان الخوف. فلما دخل الرجاء خف الخوف وخف من ورائه العمل. واما اذا كان الدافع للعمل محبة الله فاي شيء يخففها؟ لا شيء ان اي عمل تعمله وانت له محب لن يدخله الفتور. فلو كنت اخر الليل مثلا مرهقا وترغب في النوم بشدة ثم جاءك صاحب لك بعمل تحبه فانك تقوم وتنشط له وتطرد النوم عن اجفانك. اذا كنت مريضا فزارك انسان تحبه فانك وتنسى مرضك لتجالس الحبيب وتؤانسه وهكذا كل عمل مع المحبة. فانه يطرد الملل ولا يلحق به الفتور. ولذا قال بعضهم اذا سئم من بطالتهم فلن يسأما. محبوك من مناجاتك فالمحبة هي الرأس والخوف والرجاء الجناحان. واذا قطع الرأس فلا يطير طائر. بل لا حياة له. فاحرص على ان تكون منسوب المحبة لديك في قلبك عاليا. فاذا صار الدافع للعمل محبة الله فلا الفتور وقد جبلت القلوب على حب من احسن اليها. فوعجبا ممن لم يرى محسنا سوى الله عز وجل. كيف لا يميل بكليته اليه. ولذا كان من جميل اقوال يحيى ابن معاذ وهو يعقد المقارنة بين الخوف والمحبة قوله حسبك من خوفي ما يمنع من الذنوب ولا حسب من الحب ابدا. ثانيا التنويع ما اكثر الوان العبادات. فهناك صلوات وصيام وصدقات وحج وعمرة واعتكاف وصلة ارحام وحسن جوار وحتى الصلوات تتنوع. فهناك شو عن الرواتب وقيام ليل وصلاة التوبة وصلاة الضحى فنوع في عباداتك حتى لا تمل من عبادة معينة. وما اجمل قول ابن عطاء لما علم الحق وجود الملل منك لون لك الطاعات. ثالثا القلب. حذاري من تحول عباداتك الى عادات. فهذه اول خطوة في طريق الفتور. وتنزع من العبادة اي روح قال ابن خدامة ومع عدم حضور القلب لا يحصل المقصود بالاذكار والمناجاة لان النطق اذا لم يعرب عما في الضمير كان بمنزلة وكذلك لا يحصل المقصود من الافعال لانه اذا كان المقصود من القيام الخدمة ومن الركوع والسجود الذل والتعظيم ولم يكن القلب حاضرا لم يحصل المقصود. فان الفعل متى خرج عن مقصوده بقي صورة لا اعتبار بها. قال تعالى لن ينال الله لحومها ولا ماؤها ولكن يناله التقوى منكم. رابعا خدمة الروح اكثر من خدمة الجسد. كلما خدمت الروح وتعالت عن الفتور. وكلما خدمت الجسد اخلد بك الى الارض. وتكاسل بك عن عظائم الامور. قال ابن القيم خلق ابن ادم بدنه من الارض وروحه من ملكوت السماء. وقرن بينهما فاذا اجاع بدنه واسهره واقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة. فتاقت الى الموضع الذي خلقت منه واشتاقت الى عالمها العلوي. واذا اشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته اخلد البدن الى الموضع الذي خلق منه فانجذبت الروح معه فصارت في السجن. فلولا انها الفت السجن لاستغاثت من الم كما يستغيث المعذب بالجملة كلما خف فالبدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي. وكلما ثقلا واخلد الى الشهوات والراحة ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت ارضية سفلية