بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. دواء النفاق رابعا الصحبة. الصحبة السيئة تحسن القبيح. وتقبح الجميل. وتجر الى الخطأ وتبعد عن الخير لان المرء يتأثر بعادات جليسه واخلاقه بل وارائه. فالصاحب الساحب وكثرة المجالسة رق. والدخان وان لم يحلق البيت سوده وصحبة السوء وان لم تفسد قلبك غيرته. قال النبي صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله فلينظر احد من يخالل وقال عليه الصلاة والسلام لا تصاحب الا مؤمنا ولا يأكل طعامك الا تقي. وفي هذين الحديثين نهي جازم عن صحبة غير المؤمن. لانه ليس فقط يقود الى الشر. بل لان اثره يبقى طويلا ليؤثر على القناعات والاراء التصورات وان من طبيعة البشر سرعة التأثر بمن يخالطون. فيتأثرون حتى بالبهائم. قال النبي صلى الله عليه وسلم. الفخر والخيلاء في اهل الخير والابل والفدادين اهل الوبر. والسكينة في اهل الغنم. فاذا رعاة الابل يرثون منها الكبر والفخر والخيلاء ورعاة الغنم يتعلمون منها السكينة والتواضع فيتأثر الانسان ببهيمة ان لا عقل لها ولا يفهم لغتها فما ظنك بالانسان الذي يبادلك الحديث ويؤزك الى السيئات ويزين لك الشهوات ليست عدوى الجليس لجليسه بكلامه وافعاله فحسب. بل بمجرد النظر. قال الامام المنوي دوام النظر الى المحزون يحزن والى المسرور يسر والجمل الشرود يصير ذلولا بمقارنة الذلول. فالمقارنة لها تأثير في الحيوان بل في النبات والجماد ففي النفوس اولى وانما سمي الانسان انسانا لانه يأنس بما يراه من خير وشر. لمح اثر هذه النظرة وتأثيرها الامام الزاهد ابراهيم ابن ادهم. فقال في تحذير شديد اللهجة. كثرة النظر الى الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب. ومثله الفضيل بن عياض الذي قال في التحذير عن النظر الى مواكب الظالمين لا تنظروا الى مراكبهم. فان نظر اليه يطفئ نور الانكار عليهم. فكيف لو سند هذا الباطل؟ اعلام تموله مليارات الدولارات. وقد رأينا من مطالعة الباطل على حساب الحق في الصحف والمقالات والفضائيات ويوغل فيها حتى ذهبت معرفة الحق من قلبه من حيث لا يشعر. ولذا جاءت نصوص الوحي للقرآن والسنة بالتحذير من الجلوس بين المبطلين. فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ان تغيير الصحبة ضرورة لازمة لمن اراد النجاة من فخ النفاق. لان صحبة السوء لن يتركك. ومن الشيطان لن يفلتك. ورفيق السوء تتسرب اليك منه صفات المنافقين. ويدعوك للكسل عن العبادات والفتور عن الواجبات والتأخر عن المكرمات. صاحب السوء كالاجرب يعدي الصحيح. وما سمعنا يوما ان صحيحا قال بل اجرب صحيحا. ومن هنا اثر الصالحون الوحدة عن صحبة السوء. فقال مطرف جليس الصالح خير من الوحدة. والوحدة خير من جليس السوء. وقال قال الامام الشافعي اذا لم اجد خلا تقيا فوحدتي الذ واشهى من غوي اعاشره. واجلس وحدي للعبادة امنا اقر من جليس احاذره. من تصاحب؟ من تصاحب؟ مقياسك الوحيد للاستمرار في علاقتك مع شخص او الانقطاع عنها هو مدى استفادتك خيرا من وراء هذه العلاقة. قال ما لك بن دينار كل اخ وجليس وصاحب لا تستفيد منه في دينك خيرا فانبذ عنك صحبته. ويتفاوت الاخوان في خيريتهم. فعلى اي اساس يقع هذا التفاوت؟ يقول ابن حبان خير الاخوان اشدهم مبالغة في النصيحة. واما حال البعض فهو شبيه بما حكاه ابو قدامة المقدسي في مرارة وكأنه يتكلم عن زماننا. فقال ان الامر في امثالنا الى ان ابغض الخلق الينا من ينصحنا ويعرفنا عيوبنا ويكاد هذا ان يكون مفصحا عن ضعف الايمان. فان الاخلاق السيئة حيات وعقارب لداغة. فلو نبهنا منبه على ان تحت ثوبنا عقربا لتقلدنا منه منة وفرحنا به واشتغلنا بازالة العقرب وقتلها وانما نكايتها على البدن لا يدوم المها يوما فما دونه ونكاية الاخلاق الرديئة على صميم القلب اخشى ان تدوم بعد الموت ابد الاباد. ثم انا لا نفرح بمن ينبهنا عليها ولا نشتغل بازالتها بل نشتغل بمقابلة الناصح بمثل مقالته فنقول له وانت ايضا تصنع كيد وكيت وتشغلنا العداوة معه عن الانتفاع بنصحه ويشبه ان يكون ذلك من قساوة القلب التي اثمرتها كثرة الذنوب كل ذلك ضعف الايمان. صحبة العلماء اهم واخطر. وصحبة العلماء اهم لكنها ايضا اخطر والتلقي عنهم اعظم وقد يصغي العبد الى عالم غير عامل بعلمه او عالم باع دينه بدنيا غيره. فاذا اصغى اليه قلب الحق لديه باطلا واراه الشر خيرا فكان ممن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب انه يحسن صنعا. ولذا اوصى محمد بن سيرين بوصيته الرائعة ان هذا العلم دين. فانظروا عما تأخذون دينكم