كيف حفظ الله القرآن من التحريف السؤال الخالص. كيف حفظ الله القرآن من التحريف؟ تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه واعلن عن هذا الحفظ على صفحات كتابه فقال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون لاحظ ان الجملة هنا اسمية. وانا له لحافظون. لم يقل سنحفظه. ما الفارق؟ الفارق ان الجملة تفيد دائما الثبات والحقائق. الجملة الفعلية تفيد التغير. فهنا دلالة على ثبات ولحفظ القرآن. وهذا معناه ان القرآن الذي في ايدي الناس اليوم هو الذي انزله الله على رسوله من الف واربعمائة بلا ادنى زيادة ولا نقصان. القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لم يتغير فيه حرف. على مدار خمسة عشر قرن لا تجد نسخة من القرآن تختلف عن الاخرى. لا اقول في جملة ولا اقول في كلمة ولا اقول في حرف بل في شكل كلمة في التشكيل ونحن بلا فخر الامة الوحيدة التي تتلو كتابها بنفس الطريقة التي تلاها بها النبي صلى الله عليه وسلم. كما تلاه عليه امين الوحي جبريل عليه السلام. اسمع هذه القصة ستجد فيها ملمحا من ملامح حفظ الله لكتابه. يحيى بن اكثم يقول كان للمأمون وهو امير اذ ذاك مجلس نظر فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوبي حسن الوجه طيب الرائحة. فتكلم فاحسن الكلام والعبارة؟ فلما انفض المجلس دعاه المأمون فقال له اسرائيلي؟ قال نعم. قال له اسلم حتى افعل بك واصنع فوعده بوعود كثيرة فيها خير كثير. فقال ديني ودين ابائي وانصرف لم يقبل الاسلام. فلما كان بعد جاءنا مسلما اسلم تكلم على الفقه فاحسن الكلام فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال الست صاحبنا بالامس قال بلى قال فما كان سبب اسلامك؟ كيف اسلمت؟ قال انصرفت من حضرتك فاحببت ان امتحن هذه الاديان وانت مع ما تراني حسن الخطي فعمدت الى التوراة فكتبت ثلاث نسخ. زدت فيها ونقصت وادخلتها الكنيسة. فاشتريت مني وعمدت الى الانجيل. فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وادخلتها البيعة فاشتريت وعمدت الى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت وادخلتها الوراقين فتصفحوها فلما ان وجدوا فيها الزيادة والنقصان. رموا بها فلم يشتروها. رموها ان هذا كتاب محفوظ. فكاد هذا سبب اسلامي. هذه دلائل على حفظ الله لكتابه. من اجل هذا الحجاج بن يوسف الثقفي خطب يوما فقال ان ابن الزبير يبدل كلام الله. قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في غضب كذبا الحجاج ان ابن الزبير لا يبدل كلام الله ولا يستطيع ذلك. لا يستطيع احد ان يبدل حرفا واحدا من كتاب الله. ما هي الوسائل حفظ الله بها كتابه. اولا اول وسيلة هي حفظه في الصدور. حفاظ القرآن. جاء في حديث عياض ابن حمار المشجعي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته الا ان ربي امرني ان اعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا وكذا فيما قال تلت عليك كتابا لا يغسله الماء. تقرأه نائما ويقظى معنى لا يغسله الماء اي لو غسلت المصاحف بالماء لمن غسل القرآن من صدور القوم. ولما ذهب من الوجود فاناجيل وهذه الامة صدورهم وهذا القرآن مسكنه قلوبهم. وقد ورد الينا القرآن متواترا بنقل الجموع التي لا تقع تحت حصر ولا عد عن مثلها حفظا وكتابة جيلا بعد الجيل. الشيخ رشيد رحمه الله كان يقول وظهر صدق كفالته بتسخير الالوف الكثيرة في كل عصر لحفظه عن ظهر قلب. ولكتابة النسخ التي لا تحصى منه في كل عصر. من زمن الصحابة رضوان الله عليهم الى هذا العصر وناهيك بما طبع من الوف الالوف من نسخه في عهد وجود الطباعة بمنتهى الدقة ولم يتفق ذلك لكتاب الهي ولا غير الهي. من حفظ الله لكتابه ان سخر له علماء القراء العشرة نافع ابن كثير ابو عمر ابن عامر عاصم حمزة الكسائي ابو جعفر يعقوب وخلف. حافظوا هذا الكتاب فلا كتاب على وجه الارض يقرأ على اكثر من وجه الا كتاب الله العزيز القرآن الكريم. يعترينا هنا سؤال لماذا حفظ الله القرآن دون غيره من الكتب الاخرى لماذا لم يحفظ التوراة؟ لماذا لم يحفظ الانجيل؟ رد على هذا السؤال الامام العلامة الطاهر ابن عاشور فقال ومن لطائف القاضي اسماعيل ابن اسحاق ابن حماد ما حكاه عياض في المدارك عن ابي الحسن ابن المنتاب قال كنت عند اسماعيل يوما فسأل لم جاز التبديل على اهل التوراة ولم يجز على اهل القرآن قال لان الله تعالى قال في اهل التوراة بما استخفظوا من كتاب الله فوكل الحفظ اليهم. وقال في القرآن انا نحن نزلنا وانا له لحافظون فتعهد الله بحفظه فلم يجز التبديل على اهل القرآن