سلوه الفردوس قال صلى الله عليه وسلم فاذا سألتم الله فسلوه الفردوس. فانه اوسط الجنة واعلى الجنة. وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر انهار الجنة وفي هذا الدعاء فوائد عدة منها حث النفس على استحضار الهمة العالية دائما وعدم الرضا بالواطل وذلك في كافة الاخلاق والاعمال والصفات. ولا فارق في ذلك بين الاعمال الدنيوية والاخروية. لان الدنيا عند عاشق الاخرة هي مركب الذي يوصله الى الجنة والبضاعة التي تبلغه اياها اعلى درجة في الجنة تستلزم اعلى بذل في الدنيا. والدليل تلمحه في حديث جابر رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله اي الجهاد افضل؟ قال ان يعقر جوادك ويهرى قدمك ومنها تهيئة النفس للعمل الذي يجعلها تستأهل الفردوس فان فطرت قليلا فللعمل الذي يدخل الجنة في حين انها لو استعدت من الاول بعمل يورث ادنى درجات الجنة فربما فترت فضاعت عليها الجنة بالكلية ومنها الدلالة على كرم الله الفياض وسعة جوده وفضله. ومنها الاشارة الى انك لا تعلم متى تتفتح ابواب السماء؟ فلعل دعائك يوافق ساعة اجابة فترث الفردوس الاعلى بدعوة مباركة واجابة دعوة كهذه ليست كما يظن كثير من الناس من ان ربح الجنة قد يأتي من عمل لحظة واحدة مهما عملوا بعدها ما شاءوا. لذلك تراهم يزدحمون على ختمات المساجد في رمضان ينشدون الفوز العظيم باقل للقليل. كلا والله ما كانت الجنة يوما رخيصة لتشترى بمثل هذا الثمن. انما معنى اجابة الله بدعائه بالفردوس ان الله يوفق صاحب هذه الدعوة المجابة لعمل صالح يظل مصاحبا له حتى يغادر الحياة ويختم الله له بخاتمة الصلاح مما يجعلك تستحي ان تدعو الله بالفردوس وهو اعلى الجنة وانت لم تقدم بين يديه سوى اقل القليل سبحانه ما اكرمه سبحانه ما الطفه دعاك اولا لتدعوه ثم دلك على اعظم كنز تطلبه وهو الفردوس فاذا لمح منك الصدق والالحاح استجاب لك بان وفقك مستقبلا للعمل الصالح الذي يؤهلك لبلوغ ما دعوت به المكاره والشهوات قال صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره. وحفت النار بالشهوات وهي رواية مسلم. اما عند البخاري فهي بلفظ حجبت بدلا من حفت وهذا من بديع الكلام وجوامع الكلم التي اوتيها صلى الله عليه وسلم. ومعناه انه لا وصول الى الجنة الا بارتكاب المكاره والنار الا بالشهوات. وكذلك هما محجوبتان بهما فمن هتك الحجاب وصل الى المحبوب. فهتك حجاب الجنة باقتحام المكاره. وهتك حجاب النار بارتكاب الشهوات لكن ما المكاره وما الشهوات المكاره هي كل ما يكرهه المرء ويشق عليه القيام به. من حقوق العبادة على وجهها والصبر بكل انواعه ذلك ان النفس امارة بالسوء. تدبر عن الطاعات وتقبل على الشهوات وبتفصيل اخر فان المراد بالمكاره ما امرت بمجاهدة نفسك فيه فعلا او تركا فعلا كالاتيان بالعبادات على وجهها مع المداومة عليها. وتركا كاجتناب المنهيات قولا وفعلا. وسميت المكاره مشقتها وصعوبتها على النفس وقد حفت الجنة بالمكاره. فلا يوصل الى الجنة الا امتطاء شهوة المشاق وعناق المكاره اما الشهوات فهي ما يلز لك من امور دنياك. مما منعك الله منه اما لانه محرم واما لان فعله يستلزم ترك واجب وقد حفت النار بالشهوات. شهوات حب المال وحب الولد وحب الزوجة وحب الجاه. وهذه كلها في قصدي وسائل تدرك بها رضا الله ان اتقيت الله ورجوت بها اجره واطعت فيها امره ليست غايات فاذا حول الشيطان الوسائل في قلبك الى اهداف وجعلك تبني فوق الجسر قصرا ادت هذه الوسائل عكس المطلوب الذي خلقها الله من اجله وضاعت الجنة من يديك. فالشهوات هنا بمثابة الطعم الذي يستخدمه ابليس ليصطاد به بني ادم ليهتكوا ذلك حجاب فيقع في النار. قال القرطبي واصل الحق الدائر بالشيء المحيط به الذي لا يتوصل اليه الا بعد ان يتخطى غيره. فمثل المصطفى صلى الله عليه وسلم المكاره والشهوات بذلك. فالجنة لا تنال الا بقطع بمفاوز المكاره والصبر عليها. والنار لا ينجي منها الا بفطم النفس عن مطلوباتها المكاره والشهوات شاقة شاقة. حتى استصعبها الروح الامين جبريل عليه السلام كما جاء في الحديث لما خلق الله الجنة قال لجبريل اذهب فانظر اليها. فذهب فنظر اليها ثم جاء فقال اي رب وعزتك لا يسمع بها احد حزن الا دخلها. ثم حثها بالمكان. ثم قال يا جبريل اذهب فانظر اليها. فذهب ثم نظر اليها ثم جاء قال اي رب وعزتك لقد خشيت الا يدخلها احد. فلما خلق الله النار قال يا جبريل اذهب فانظر اليها فذهب فنظر اليها ثم جاء فقال وعزتك لا يسمع بها احد فيأكلها. فحثها هواد ثم قال يا جبريل اذهب فانظر اليها فذهب فنظر اليها فقال اي رب وعزتك لقد خشيت لا يبقى احد الا دخل لكن كلما صبرت على مكروه وتعرضت للمشاق بفعلك الواجبات وتركك المحرمات كلما قطعت بذلك حجابا يمنعك عن الجنة ولا تزال تقطع الحجب واحدا تلو اخر حتى لا يبقى بينك وبين الجنة الا الحجاب الاخير في روحك للجسد فلا تبتأس اذا نزل بك ما تكره واعلم ان ذلك تأشيرة وصولك الى الجنة. كما ان الاستسلام للشهوات هو جواز عبورك الى النار. وما ضرر وكاره شقت عليك اذا كانت العاقبة خلودا في النعيم. وما قيمة شهوات تغريك والعاقبة خلود في جحيمة اعلم ان الطريق صعب وشاق. لكن في نهايته الجائزة الكبرى والنعيم الرائع. وهو ما ابانه ابو حامد الغزالي بين بهذا الحديث ان طريق الجنة واعر وسبيل صعب. كثير العقبات شديد المشقات بعيد المسافات عظيم الافات كثير العوائق والموانع خفي المهالك والقواطع غزير الاعداء والقطاع عزيز الاتباع والاشياع وهكذا يجب ان يكون. والخلاصة الوعظية مجموعة في كلام ابي الفرج ابن الجوزي. حين قال في تبصرته فاعقل شأنك يا ابن ادم. حفت الجنة بالمكاره وانت تكرهها وحفت النار بالشهوات وانت تطلبها روي عن مسلم العباداني انه قال قدم علينا صالح المري وعتبة الغلام وعبد الواحد ابن زيد ومسلم الاسوري فنزلوا على الساحل. فهيأت لهم ذات ليلة طعاما. فدعوتهم اليه فجاءوا. فلما وضعت الطعام بين ايديهم قائل يقول رافعا صوته هذا البيت. وتلهيك عن دار الخلود مطاعم ولذة نفس غيها غير نافع. قال قال فصاح عدة الغلام صيحة وخر مغشيا عليه وبكى القوم فرفع الطعام وما ذاقوه. فلا تظن ان الشيطان سيدعك تفلت. بل دون الجنة عقبات كاؤود من المكاره. والوان من الكمائن الظاهرة والخفية من الشهوات ينصبها الشيطان في طريقك ليحول بينك وبين ليلاك الشجاعة الشجاعة. لكن لا تخف فقد وصف الله كيد الشيطان بالضعيف. والخوف من العدو هو اول منازل الهزيمة. والجبن عن اللقاء يقوي عدو ويضاعف سطوته. لذا قال ابو حازم سلمة بن دينار مهاجما عدونا في عقر داره موهنا قدره في قلوبنا وما ابليس؟ والله لقد عصي فما ضر. ولقد اطيع فما دفع. وفي غارة ثانية شنها ابو سليم على الشيطان قبل ان يسترد عافيته. قال رحمه الله ما خلق الله خلقا اهون علي من ابليس لولا ان الله امرني ان اتعوذ منه ما تعوذت منه ابدا. شيطان الجن اهون علي من شيطان الانس شيطان الانس يتعلق بي فيدخلني في المعصية وشيطان الجن اذا تعوذت منه خنس عني فضل الله لا فضلك. عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدخل الجنة احد الا برحمة الله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان الله برحمته وقال بيده فوق رأسه واذا كان الناس كلهم لا يدخلون الجنة الا برحمة الله فوجه تخصيص رسول الله بالذكر هو انه اذا كان مقطوع النوم انه لا يدخل الجنة الا برحمة ربه فغيره يكون في ذلك بطريق الاولى. لكن كيف الجمع بين ذلك وبين قوله بما كنتم تعملون والجواب ليس جوابا واحدا بل اربع اجابات جاءت على لسان الجوزي. كرما منه فياضا وجودا غامرا، حيث قال الاول ان التوفيق للعمل من رحمة الله ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الايمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة. الثاني ان منافع العبد لسيده فعمله مستحق لمولاه. فمهما انعم عليه من الجزاء فهو من فضله الثالث جاء في بعض الاحاديث ان نفس دخول الجنة برحمة الله واقتسام الدرجات بالاعمال. الرابع ان اعمال الطاعات كانت في زمن يسير والثواب لا ينفد. فالانعام الذي لا ينفذ في جزاء ما ينفد هو بالفضل لا قبلت الاعمال اخي خلق الله فيك حب الطاعات ولولا فضله عليك ما ابقيت. ولولا فضله عليك ما اقبلت عليه ولا اهتديت ومع هذا اعطاك اجر الهداية وثمن الاقبال. ومن هنا لمح ابن عطاء هذا المعنى النوراني فصاغه حروف فالمضيئة حين قال من فضله عليك ان خلق فيك ونسب اليك واسمعوا هذا الحديث العجيب الذي يبين ان لنا جيرانا في الجنة لم يشاركونا معيشتنا في الدنيا بل ولم يقدموا وفيها ذرة من عمل صالح. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا اخر فيسكنهم في قبور الجنة وهذا الفضل من الجنة هو مساكن خالية فيها من السكان. بعد ان سكنها اهلها ومستحقوها. فيخلق الله خلقا اذا يسكن هذه الزيادة منها. ومن هنا ذهب الامام النووي الى هذه الحقيقة. هذا دليل لاهل السنة على ان الثواب ليس على الاعمال فان هؤلاء يخلقون حينئذ ويعطون في الجنة وما يعطون بغير عمل. ومثله امر الاطفال والمجانين الذين لم يعملوا طاعة قط وكلهم في الجنة برحمة الله تعالى وفضله. وموعظة ليحيى ابن معاذ نختم بها الحديث مسكين ابن ادم جسم معيب وقلب معيب ويحتاج ان يستخرج من معيبين عملا لا عيب فيه. قيل لمكحول يا ابا عبد الله تحب الجنة؟ قال ومن لا يحب الجنة. قال فاحب الموت فان انك لن ترى الجنة او لن تدخل الجنة حتى تموت اصحاب السلة الواحدة لا تضع البيض كله في سنة واحدة هكذا علمتنا قوانين التجارة والمعاملات الدنيوية. والغافل عن الجنة وضع البيض كله في سلة الدنيا والزمن للاسف ليس في صالحه فكلما تقدم به العمر ضعفت قوته. وبالتالي قلت قدرته على الاستمتاع بملاذ الحياة. لذا فهو في قلق عميق من الغيب وخوف مستمر من المستقبل. بعكس المؤمن الذي خطب الجنة. كلما امتد العمر اقترب من سعادته المطلقة ودنا موعد عرسه المقترب. وشتان بين انسان يتمنى لقاء الله واخر ينخلع قلبه وفؤاده من مجرد ذكر كلمة موت احدد درجتك بنفسك بنفسك قال صلى الله عليه وسلم من اراد ان يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده ليست الجنة درجة واحدة وبالتالي ليس الثمن المدفوع فيها واحدة فمشتري ادنى درجة في الجنة ليس كشاري اعلى الدرجات واعلى درجة تستوجب اعلى بذل هنا. وقمة الاجر لديه تتطلب اسرع السير اليه فاين بلغت في الجنة حتى الان؟ اخي الخاطب قد سبق او ان اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى عدد درجات الجنة ليشعل نار التنافس بين المؤمنين ايهم يحوز اعلاها فقال صلى الله عليه وسلم الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض بل نقل صورة تفصيلية ومشاهد حقيقية لما رآه اهل الجنة بعد ان استقر لهم في الخلد المقام فرأوا الدرجات الاعلى والمكانة الارقى لمن سبقهم في دنياه. فكوفئ في الجنة منتهاه قال صلى الله عليه وسلم ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف من فوقهم كما ترأون كوكب الدرية الغابر في الافق من المشرق كأول مغرب لتفاضل ما بينهما لكن التمايز في الجنة ليس في الدرجات وحدها. بل في كل شيء ونأخذ مثالا لذلك. الشراب فارق كبير بين المقربين وهم السابقون وبين الابرار او اصحاب اليمين وهم المقتصدون فالمقربون يشربون بعيون الجنة صرفا محضا لا يخالطه شيء كما قال الله تعالى في سورة المطففين في شراب الابرار المقربون وقال يشرب بها المقربون ولم يقل منها اشعار بان شربهم بالعين نفسها خالصة لا بها وبغيرها وعين التسنيم اعلى اشربة الجنة. يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لاصحاب اليمين مسجدا وفاقا قال ابن القيم وهذا لان الجزاء وفاق العمل. فكما خلصت اعمال المقربين كلها لله خلص شرابها وكما مزج الابرار الطاعات بالمباحات مزج لهم شرابهم فمن اخلص اخلص شرابه. ومن مزج مزج شرابه. لكن كيف نترجم هذا التنافس واقعا ملموسا كانت بعض الصالحات تتوخى اشد الايام حرا فتصومه. فيقال لها في ذلك فتقول ان السعر اذا رخص اشتراه كل احد. تشير الى انها لا تؤثر الا العمل الذي لا يقدر عليه الا قليل من الناس تبغي بذلك درجة اعلى في الجنة. ومكافأة اكبر هناك. فاشق الصدقات هو ان تنفق مما واشق الصلوات ما كان في جوف الليل بعد نوم وفي خلوة. واشق الاعمال عموما من عدم فيه حظ النفس ورؤية قلق ولن يعدم عاشق حيلة يصل بها الى الحبيبة اسموا بهمتك نحو الجنة. ثم استعد لتحمل الالام والمشاق في سبيلها. ويشهد لك بذلك الامام ابن القيم. كلما كانت النفوس اشرف والهمة اعلى كان تعب البدن اوفر وحظه من اقل اين تحلق روحك هل هي في الملأ الاعلى وحول العرش؟ ام ان الطين شدها اليه؟ والفانيات جذبنها فطافت حولها هل تطمع رح دنية في مجاورة الارواح الزكية في مقام الصديقين والنبيين والشهداء محال صدح بهذا ابن القيم فقال ولو ان ملكا من ملوك الدنيا جعل خاصته وحاشيته سفلة الناس الذين تتناسب اقوالهم واعمالهم واخلاقهم في القبح والرداءة والدناءة لقدح الناس في ملكه. ولو ان ملكا من ملوك الدنيا جعل خاصته وحاشيته سفلة الناس الذين تتناسب اقوالهم واعمالهم واخلاقهم في القبح والرداءة والدناءة لقدح الناس في ملكه وقالوا لا يصلح للملك. فما الظن بمجاور الملك الاعظم ما لك الملوك في داره. وتمتعهم برؤية بوجهه وسماع كلامه ومرافقتهم للملأ الاعلى الذين هم اطيب خلقه وازكاهم واشرفهم في قافلة الاوائل وكيف لا تقتدي بنبيك صلى الله عليه وسلم في سبقه وفضله وانت مأمور بالاقتداء به في كل شأنه وهو الاعلى صلى الله عليه وسلم في كل فضيلة. والذي لم يأت ثانيا في اي محمودة قط. وهو الذي علمك الصدارة ولخلق السبق سلوكا وعملا حين قال انا سيد ولد ادم واول من تنشق عنه الارض واول شافع واول مشفع وقال صلى الله عليه وسلم انا اول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة. وانا اول من يؤذن له ان يرفع رأسه ثم هو يغري اصحابه بالسبق دوما ويغرس فيهم الطموح المستحب والتطلع اللذيذ. فيقول لهم يوما اول جيش من امتي يغزون البحر قد اوجبوا ثم قال اول جيش ومن امتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم وقد اوجب الله على نفسه ان يدخل هذه الطائفة الجنة تفضلا منه وتدليلا لعباده وتشريفا لهم. والا فلا يلزم ربنا شيء حاشاه ولعل سبب هذا التشريف ما في مبادرتهم من تضحية عظيمة ومخاطر جسيمة. حيث كان العرب على شجاعتهم وجرأتهم يخشون البحر ويرون ركوبه اعظم مخاطرة واخوف المجهول. هذا لمن ركبه مسافرا امنا. فكيف من ركبه ليلقى عدوه فيه فاذا علمت انه ليس اي عدو بل اعظم قوة عسكرية في ذلك الحين وهم الروم فاذا انضم لذلك انه لم يسبق لاحد من العرب ان غزى هؤلاء في بلادهم وعقر دارهم وهم بها ادرى وبقتالها اخبر اذا لعلمت هول الامر وشدته ولهذا جاءت الجائزة التحفيزية لهؤلاء الاوائل على قتل التضحيات التي لم يسبقهم اليها احد. الجنة ولا اغلى. قطار السابق. وركب الصحابة قطار الاوائل. وحجزوا مقاعدهم البركة فيه فاحرزوا الاعمال النافعة غير المسبوقة. فابو بكر رضي الله عنه مع كونه اول من اسلم من الرجال كان اول خطيب دعا الى الله جهارا واول من جمع القرآن. والفاروق رضي الله عنه. اول من ارخ من هجرة واول من وضع الدواوين. واول من انشأ بيت المال. واول من عس في عمله فقد الرعية بالليل وغير ذلك كثير. وذو النورين عثمان رضي الله عنه اول من هاجر لاهله من المسلمين. واول من انشأ اسطولا بحريا والزبير بن العوام رضي الله عنه. اول من شهر سيفا في سبيل الله. والارقم بن ابي الارقم رضي الله عنه اول من بذل داره للدعوة وفتحها على مصراعيها لخير عصبة عرفها التاريخ. وغيرهم وغيرهم بل هذا ركب الاوائل. فاين ابداعك؟ وثلة القلائل لا يقصر عنها باعك. او يضيق ذراعك واندفع نحوهم يثير حميتك. حرصك ان تحرز في دنياك السبق الى الطاعات وانتصابك في القدوات. ورجائك مقابل ذلك في الاخرة الفخر والزهو انك من اوائل من يقرع ابواب الجنات. قد تنصر دينك بعمل صالح في ارض مجدبة لم يصلها غيث الدعوة بعد فكيف لو كان هذا العمل الدعوي مبدعا؟ وعلى غير سابق مثال قد تحيي فكرة مبتكرة يأوي بها الشباب الى ظل ايماني وارث. ويتجمع تحت رايتها التائهون. فتغيظ بذلك كالمفسدين وتسعد رب العالمين. قد تحيي سنة هجرت وتقيم شعيرة وأدت في بيئة انسلخت من دينها وحادت عن نهج نبيها. قد يستغرقك الحزن على محن امتنا وحال غزتنا. فينقدح زناد فكرك يتطاير معه شرارة عزمك لتسفر عن فتح عظيم النفع وفي للبركة. فلتكن من اليوم مهموما بهذا الهم النبيل تتغير محتويات قلبك وكيمياء مشاعرك ركضا وراء هذا الركب الجليل. لتخرج فكرة تكون هي الاولى من نوعها او الاولى في مكانها لتكون السابقة لغيرك في مدينتك او قريتك او جامعتك او مراتك للاسف للاسف تأخرت. قال يحيى ابن معاذ يا ابن ادم دعاك ربك الى دار السلام فانظر من اين تجيبه؟ ان اجبته من دنياك دخلتها وان اجبته من قبرك منعتها فهل تتأخر اجابتك فتخسر خسارة الابد ام تنتشل نفسك من غفلتها وتثب وثبة الاسد ان الدقيقة الواحدة قد تكون فارقة بين الجنة والنار بين الربح والخسارة بين الهناء والشقاء فاجعل عملك واشغل وقتك في اجابة داعي الجنة ولا تتأخر فتكون من الهالكين