عشاق ليلى عن محمد بن ابي عميرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو ان رجلا خر على وجهه من يوم ولد الى يوم يموت حرما في طاعة الله عز وجل لحقرهم ذلك اليوم ذلك اليوم ونود انه رد الى الدنيا كي ما يزداد من الاجر والثواب مرد احتقاره ما قدموه الى امرين. الاول انهم حين يرون ثواب الاعمال يحتقرون ما بذلوه بجوار ما عاينوه فلو ان احدنا مثلا ضرب بماله في تجارة ودفع فيها من رأس ماله فجاءته الارباح الف ضعف مثلا لتحسر ان انه لم يخرج ماله كله في هذه الصفقة. فكيف والاجر هناك اكبر من ان يحيط به عقل الثاني ان ذلك حاصل لما يرونه من هول ذلك اليوم الذي يود المرء فيه ان يفتدي نفسه باي ثمن. ومثال ذلك انك لو دخلت امتحانا مثلا ففوجئت باكثر الطلبة اجتهادا واشدهم ذكاء. وجدته شديد الخوف والهلع وانت دونه في التحصيل والجهد بكثير. فكيف يكون شعورك حينها وهكذا الامر يوم القيامة. ياتي اشد عباد الله اجتهادا وطاعة وهم الانبياء يقولون اللهم سلم اللهم سلم وحين يسألهم الناس الشفاعة ينصرف كل منهم الى نفسه قائلا نفسي نفسي. فاي هول شاهدوه واي خافوه اخوتاه الجنة اليوم معروضة في سوق الطلب. لا يستحقها من زهد فيها. ولا يبصر جمالها من انشغل عنها لا تأسى على من باعها ولا تدرك من ابطأ عنها. والله ونبيه يدعوان اليها صباح مساء في قرآن وسنة ومعظم الناس عنها نية ورب خصلة واحدة من خصال الخير كانت سببا في دخول صاحبها الجنة. ليس لصاحبها الا ان يداوم عليها فحسب. واسمعوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يدين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر تجاوز لعل الله ان يتجاوز عنا. فلما هلك قال الله هل عملت خيرا قط؟ قال لا الا انه كان لي غلام وكنت اداين الناس فاذا بعثته يتقاضى قلت له خذ ما تيسر وكف ما عسر وتجاوز لعل الله ان يتجاوز عنا. قال الله قد تجاوزت عنك بل حتى لو لم يداوم العبد على هذه الخصلة وكان عمل الخير منه طفرة. فرد فعل واحد وليس عادة مستمرة كان سببا في فوز صاحبه والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء انه حكيم عليم واليكم البشارة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزع رجل لم يعمل خيرا قط غصن شوك عن الطريق. اما كان في شجرة مقطعة فالقاه واما كان موضوعا فاماطه فشكر الله له بها فادخله الجنة جنة قال ابو اسحاق الرقاشي كتب الي اخي من مكة يا اخي ان كنت تصدقت بما مضى من عمرك على الدنيا وهو الاكثر فتصدق بما بقي من عمرك على الاخرة وهو الاقل اخي ليلى قريبة منك كل هذا القرب وانت عنها معرض الجنة اقرب الى احدكم من شراك نعله ليلى تشتاقك اكثر مما تشتاق اليها. فما هذه السمجة ما كان الله ليحملنا ما لا نطيق. ولكن دون ليلة سلم لا تستطيع صعوده ويداك في فلابد اذا من عمل ذكر الله. ولانه احب العبادات الى الله على الاطلاق كان هو العبادة الوحيدة التي يستمر عليها اهل الجنة بعد دخول الجنة فعن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس والذكر ضد نسيانه. فليس من المعقول ان يدخل العبد الجنة بكلمات مجردة من عمل القلب والجوارح. والا اما ارخص الجنة حينها؟ وانما المقصود ان يذكر العبد ربه فلا ينساه في جميع احواله. لكن ما ثواب الذكر في الجنة اسمع تعشق واعشق تذكر ذكرا كثيرا لقيت ابراهيم ليلة اسري بي. فقال يا محمد اقرئ امتك مني السلام. واخبرهم ان الجنة طيبة ابو التربة. عذبة الماء. وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله. والله اكبر تراه اكبر وقيعان جمع قاعة وهي الارض الصخرية المستوية التي لا بناء فيها ولا غرس. بل ولا يثبت فيها شيء لاستوائها لذا فهي لا تمسك الماء ولا تنبت الكلأ وقد شبه ابونا ابراهيم عليه السلام الجنة بهذا ليبين لك دورك الايجابي في تزيين جنتك وتشييد غرسك هناك وانما غراسها بذور الذكر. فرد السلام على ابيك وقل وعليك السلام خليل الرحمن. ومن الان لن يمنعني من هذا الغرس شيء وساغرس في اوقاتي المشغولة واوقاتي الضائعة من انتظار في مصلحة او استقبال نوم او سير في طريق وسيلهج لساني دوما بهذه الكلمات لاحظى بهذه المكافآت. لكن مما خلق هذا الغراس؟ قال صلى الله عليه وسلم ما في الجنة شجرة الا وساقها من ذهب وما طولها وما ابعادها؟ قال صلى الله عليه وسلم ان في الجنة لشجرة يسير الرأس جواد المدمر السريع في ظلها مائة عام ما يقطعها ما يقطعها ما يقطعها الراكب ايها العشاق وليس الماشي. فما اطولها من شجرة وما اعظمها لكن هل كل الاشجار هناك من نوع واحد كلا بل انواع ولعل اشهر ما كشف لنا من هذه الانواع شجر طوبى لقول النبي صلى الله عليه وسلم طوبى شجرة في الجنة مسيرة مئة عام ثياب اهل الجنة تخرج من اكمامها وتنقسم انواع الذكر التي تدخل الجنة الى نوعين. النوع الاول اذكار محددة وتبدأ بالسيد العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار. ان تقول اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت. اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت. من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل ان يمسي فهو من اهل الجنة. ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل ان يصبح فهو من اهل الجنة وسمي هذا الدعاء سيد الاستغفار. لانه جامع لمعاني التوبة كلها. فاستعير له اسم الذي يقصد في الحوائج ويرجع اليه في الامور كما يرجع الى هذا الدعاء لمغفرة الذنوب. وذلك انه يسود ويتقدم دم كل صيغ الاستغفار الاخرى في الفضيلة والمرتبة وقوله صلى الله عليه وسلم موقنا بها يستدعي فهم مفردات الحديث فهما جيدا. وهو ما سافعله لاجعل اليقين به لقمة سائغة في متناول قلبك وانا عبدك. وانا عبدك وهي تضع العلاقة مع الله في اطارها الصحيح فهي علاقة العبودية التامة والعبودية هي كمال المحبة مع كمال الخضوع. وهو ما لا يشتمل لاحد الا له سبحانه وفيه ايضا اني عبد من جميع الوجوه صغيرا وكبيرا حيا وميتا ومطيعا وعاصيا معافا ومبتلى. بالروح القلب واللسان والجوارح. وفيه ايضا ان مالي ونفسي ملك لك فان العبد وما يملك لسيده. وفيه ايضا انك انت الذي مننت علي بكل ما انا فيه من نعمة فذلك كله من انعامك على عبدك. وفيه ايضا اني لا اتصرف فيما خولتني من مالي ونفسي الا بامرك كما لا يتصرف العبد الا باذن سيده. واني لا املك لنفسي ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وكلما ازدادت عبوديتك لربك كلما اعلى قدرك بين خلقه وزرع في قلوبهم المهابة منك والتوقير لك والفرح بك والشوق الى لقائك والدليل على ذلك عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. الذي تمثل العبودية ظاهرا وباطنا حتى في طريقة اكله روسه حين قال صلى الله عليه وسلم اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد فكوفي على كمال عبوديته بخلود ذكره واقتران ذكره على الدوام بذكر رب العالمين وانا على عهدك اي انا مقيم على الوفاء بعهد الميثاق الذي اخذته علي. وانا لا زلت ذرا في صلب ابي ادم عليه السلام سلام واذ اخذ ربك من بنين ادم من ظهورهم ذريتهم واشهد ان الست بربكم قالوا بلى ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ووعدك ووعدك وانا موقن كذلك بوعدك لي بالبعث. والنشور للمحاسبة يوم الحشر والتلاق. لاقطف ثمرة تماجنت يداي في دنياي ولا يغيب ذلك عن ذهني ولا اغفل عنه ما استطعت والاستطاعة هي استفراغ الجهد اي بذل غاية الجهد الذي يمكن بذله في سبيل الله في سبيل تحقيق رضاك عني بحيث لا تبقى عندي ذرة جهد لم تبذل في سبيلك ولا لحظة وقت لم تنفق في رضاك. فهل اعني حقا ما اقول ام انني اردد بشفتي ما تشهد احوالي بكذبه. هل اديت حقا اقصى ما استطيع نحو ربي علي ان اراجع احوال قلبي وان اتلفظ بكلمات لساني. ثم اصحح المسيرة المعجة وفي هذه الكلمة معنى استجداء القوة من الرب سبحانه. الذي يمد وحده بالعون والمدد وفيه معنى استشعار العجز. فان ابادة الشاملة في سر وجهل وسكون وحركة وجد وهزل ومحيا وممات. تشق على النفس الضعيفة. لذا لزم استجلاب العون من الله في طريق كهذه. طويلة شاقة مليئة بالمعيقات اعوذ بك. اعوذ بك. اعوذ بك. افزع الى الاستعاذة والاعتصام بك. فانك ان لم تعزني احاط بي الهلاك من كل جانب من شر ما صنعت من شر ذنوبي وتقصيري في امرك سواء كان التقصير في القيام بالشكر على الانعام او كان التقصير بارتكاب الاثام وشر ما استطعت هو مجموعة شرور متتالية تشمل شر مغبة الذنوب الدنيوية وشر عقوبته الاخروية وشر عدم مغفرته وشر العودة لمثله. وهذه الشرور سباع مفترسة. كادت ان تفتك بي لولا اني احتميت وبجناب الله ولست به. ومما يشهد على خطورة الذنب قوله تعالى فكلا اخذنا بذنبه. فالذنب الواحد قد يهلك صاحبه. وبذنب واحد فحسب قد يدخل العبد النار وقد مر بنا ان امرأة دخلت النار في هرة حبستها وان غلاما للنبي صلى الله عليه وسلم عذب في النار بشملة سرقها من الغنائم وان الله احبط عمل رجل صالح لانه تألى على الله واقسم الا يغفر الله لفلان. وهي اشارات لها دلالات وتنبيهات على خطورة السيئة الواحدة ابوء لك بنعمتك علي اقر واعترف بعظيم انعامك علي. في النجاة من الكفر وفعل الحسنات والصحة والمال والعيال. بل حتى في نعم النفس الذي يتردد في صدري وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى وهذا الاعتراف وتكراره يؤدي الى الشكر. ودوام الشكر يورث ولابد محبة الرب سبحانه وثناء المتواصل عليه وابوء بذنبي وذنبي هو عدم شكر نعمتك. او هو الذنب المطلق سواء كان تقصيرا مني في امر من اموري او وقوعي في نهي وهو ما يوجب علي دوام الاستغفار والتوبة الى الله وما اجمل قول بعضهم اطعتك بفضلك والمنة لك وعصيتك بعلمك والحجة لك فاسألك بوجوب حجتك علي. وانقطاع حجتي الا غفرت لي فلن ارى نفسي بعد اليوم على الدوام الا مقصرا مذنبا. ولن ارى ربي الا محسنا متفضلا اخي قد يقر الانسان بذنبه امام الاخر دون ان يكون هذا الاخر متفضلا عليه بشيء. وقد ينعم انسان على انسان بهدية دون ان يرتكب الاول ما يستدعي الاعتذار. لكن ان ذلك لا يشكل الافتقار الكامل. انما الافتقار الكامل هو في اجتماع الامرين. ولذا قال ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي. فان لك ذلك فقد اصبح الطريق امامك ممهدا لطلب المغفرة فاغفر لي. ويجاب طلبك في الحال باذن الله. لانك وصلت حينها الى حالة الافلاس الكامل. الافلاس هو اقرب باب يدخل منه عبد على الله تبارك وتعالى. فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به. ولا وسيلة منه يمن بها. بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصنف. والافلاس دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة الى سويدائه فانصدع. وشملته الكسرة من كل من جهاته وشهد ضرورته الى ربه عز وجل. وكمال فاقته وفقره اليه. وان في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة الى ربه تبارك وتعالى. وانه ان تخلى عنه طرفة عين هلك. وخسر خسارة لا تجبر الا ان يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته وحالة الافلاس هذه يضرب لها ابن القيم مثلا يقرب لك بها الصورة لتقتدي ويشرحها لك لتقلد. فما المفلس الا كعبد قد شدت يداه الى عنقه. وقدم لتضرب عنقه وقد استسلم للقتل. فنظر الى سيده امامه وتذكر عطفه ورأفته به ووجد فرجة فوثب اليه منها وثبة فرح نفسه بين يديه. ومد له عنقه وقال انا عبدك ومسكينك وهذه ناصيتي بين يديك ولا خلاص لي من هذا العدو الا بك واني مغلوب فانتصر فهذا مشهد عظيم المنفعة جليل الفائدة تحته من اسرار العبودية ما لا يناله الوصف. وقد يتعجب عابد ما الذي يدفعني لحالة الافلاس هذه ولم ارتكب كبيرة من الكبائر او قصر في فريضة وانا ارد عليك. وكيف لا تستشعر حالة الافلاس هذه وقد رأيت الشيطان قد اوقع في مهالكه من هو اشد منك قوة واكثر جمعا فما بين مفتون بماله وملهي بعياله وغارق في غفلته ومغرور بامله ومصروع بشهوته ومقتول بعشق وهوى وابن القيم سبق وان تعجب ممن ظن انه سلم فقال مستغربا كيف يسلم من له زوجة لا ترحمه. وولد لا يعذره وجار لا يأمنه. وصاحب لا ينصحه وشريك لا ينصفه. وعدو لا ينام عن معاداته ونفس امارة بالسوء ودنيا متزينة وهوى مرد وشهوة غالبة وغضب قاهر وشيطان مزين وضعف مستول عليه. فان تولاه الله وجذبه اليه انقهرت له هذه كلها. وان تخلى عنه ووكله الى نفسه اجتمعت عليه فكانت الهلكة فهل افلست يا اخي؟ ام لا زال قلبك واثقا من النجاة يساعدك على حالة الافلاس هذه ان تدرك ان لا احد والله اكبر من ان يضل وفي دعائه صلى الله عليه وسلم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. اشارة الى شمول ذلك للعباد حتى الانبياء ورفع توهم من يتوهم انهم يستثنون من ذلك. وخص صلى الله عليه وسلم نفسه بالذكر اعلاما بان نفسه الزكية اذا كانت مفتقدة الى ان تلجأ الى الله فافتقار غيرها ممن هو دونه احق بذلك لذا لابد الا يفارق هذان الشعوران اي مؤمن طرفة عين. الاعتراف بكثرة النعم والتقصير في شكرها لانهما من لوازم صلاح القلب. ولو فارقاه لحظة لفسد. فان القلب اذا غفل عن الاعتراف بالنعم شغل بالنعمة عن المنعم. واذا غفل عن ذنوبه تتابعت عليه حتى اظلم قلبه او اصابه العجب فاهلكه. هذه الاستمرارية اللازمة لهذين المعنيين توحي بها في الحديث كلمة ابوء ابوء فان المباءة هي التي يبوء اليها الشخص ان يرجع اليها رجوع استقرار والمباءة هي المستقرة لك المنزل الذي ينزل فيه العبد ثم يرحل عنه. فالعبد يبوء الى الله بنعمته عليه ويبوء بذنبه. ويرجع اليه بالاعتراف هذا وذاك رجوع مطمئن الى ربه منيب اليه ليس وجوع من اقبل عليه ثم اعرض عنه. بل رجوع من لا يعرض عن ربه بل لا يزال مقبلا عليه. فمعنى الدعاء اذا انك لابد ان تستشعر في كل احوالك بقولك ابوء لك بنعمتك علي حتى وان كانت المصائب قد توالت عليك وحرمت الوان النعم كلها فترى البلايا عطايا والمحن منحا. وكيف لا تراها كذلك وهي مكفرات ذنوب وعلامات اصطفاء وتبلغ بالعبد اعلى المقامات ان عجزت عن ذلك اعماله الصالحات وابوء بذنبي مهما ادركت من مراتب الطاعات ومعاني القربات فلا تزال ترى نفسك مقصرة لم تؤدي ما عليك لاستيلاء القصور على اعمالك. وتقلب احوالك واستحالة قيامك بشكر نعم اللانهائية او عبادته على الوجه الذي يستحقه فهل وصل قلبك اي من هذه المعاني اثناء ترديدك لهذا الدعاء السيد؟ وان لم تفعل فهلا قرأت هذا الدعاء من الان بلسان اخر وقلب جديد بعد ان علمك الله من معانيه ما لم تكن تعلم قال ابن سمعون وكان يلقب الناطق بالحكمة من الوقاحة تمنيك مع توانيك استوفي من نفسك الحقوق ثم وفها الحظوظ حسب ما يكفيها لا ما يطغيها قفها بين الجنة والنار تأباك الجنة بكل معنى وتقبلك النار بجملتك السيدة المجيدة اخي ما كان احد ادل بطريق الجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا اسمع منه قوله من قرأ اية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا ان يموت والسر في هذا الفضل هو المداومة على هذا الذكر خمس مرات كل يوم وعدم الانقطاع عنه والاهم من ذلك هو عظمة اية الكرسي التي هي اعظم اية القرآن فعن ابي ابن كعب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله اي اية من كتاب الله اعظم؟ قال اية الكرسي فضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدره وقال ليهنك العلم ابا المنذر ليهنك العلم ابا المنذر. والذي نفسي بيده ان لها لسانا وشفتين يقدسان الملكة علما داء ساقي العرش ومن اسباب عظمتها اشتمالها على اسم الله الاعظم هي وفاتحة ال عمران واية طه لاشتمالهم على صفة الحي القيوم. قال صلى الله عليه وسلم اسم الله الاعظم في سور من القرآن ثلاث في البقرة وال عمران وطه ومن اسباب عظمتها وتسببها في دخول العبد الجنة انها تطرد الشيطان وتجير منه على مدار اليوم اذا حفظ عليها واذا طرد الشيطان اقبل الملك بالالهام. في الحديث صدق الخبيث يعني الجني في قوله يجير الانس من الجن اية الكرسي. العظمة في جذر قلبك وعلى الرغم من ان عدد كلمات اية الكرسي خمسون كلمة وجملها تسع جمل فحسب. لكنها اشتملت على ثمانية عشر اسما لله تعالى ما بين ظاهر ومنمر. وكل جملة من جملها تغرز التعظيم والاجلال لله رب العالمين. وهو هدف الاية الاسمى على الاجمال. وهو هدف جليل سام لو وصلنا اليه لانحلت كثير من عقدنا اليوم وزالت همومنا. ذلك ان جل التهاون بالامر هو من قلة تعظيم الامر ولذلك كاد من رحمة الله بنا ان حثنا على قراءتها ثمان مرات في اليوم والليلة خمس عقب الصلوات المكتوبات واثنتين في اذكار الصباح والمساء والثامنة عند النوم. وكأنها والله جرعات تعظيم تنسكب في قلوبنا وفيوضات ايمانها تغذي عروق ارواحنا. ولنتأمل بقلوبنا ملامح عظمة الرب في كل جملة فيها لنقدره قدره فنعظم امره ونهيه الحي الحي الحي الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا له ما في السماوات وما في الارض. من ذا الذي يشفع الا باذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. وسع كرسي السماوات والارض ارض ولا يؤوله حفظهما وهو العلي العظيم الحي الحي الحي كلمة الحي معرفة والحي هو كامل الاتصاف بالحياة لم يسبق وجوده عدم ولم يلحق بقاءه فنابه. ولم يقل حي لانها تفيد انه من جملة الاحياء. فالتعريف الة على الكمال والقصر، لان الله له الكمال في الحياة وهو الذي يفيض على الخلق كلهم بالحياة. وقصرا لان كل من عداه يموت. ولذا خاطب الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وهو حي بقوله انك ميت انهم ميتون قال قتادة دعا الى نبيه نفسه ونعى اليكم انفسكم. والانسان حين يربط سعادته او اهدافه او مصالحه بانسان اخر يحتل منصبه اذا راقيا او مكانة مرموقة في المجتمع يكون قد ارتكب في حق نفسه حماقة كبرى. لانه ربط سعادته بميت فاذا عزل او سافر او مات من اعتمد عليه ماتت معه طموحاته واماله. اما العاقل فهو من يربط مصيره وبالحي الذي لا يموت فلا يعتمد الا عليه وتوكل على الحي الذي لا يموت. فيكون السعيد حقا ويتفوق ويتميز ويترقى على الدوام دنيا واخرة اجعل بربك كل عزك يستقر ويثبت فاذا اعتززت بمن يموت فان عزك ميت فنوع من الخبال ان تربط مصيرك بمصير مخلوق يموت. وذكاء وفطنة في الحياة هي ان تربط مصيرك بالحي الذي لا يموت حتى لو مت وكنت مع الحي فانت لم تمت على الحقيقة ولا تخشمن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا ولا تحسبن ان الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء هؤلاء عند ربهم يرزقون القيوم وقرأ ابن مسعود وابن عمر وعلقمة والنخعي والاعمش القيام. وقرأ علقمة ايضا القيم. وهي مبالغة من القيام على الشيء ورعايته. ومن معاني القيوم القائم بنفسه مطلقا لا بغيره. وما منا احد قائم بنفسه الا ما هو وقائم بربه وبربه فحسب. لانه مثلا لا يدري ما ينتظره بعد ساعة. بل لا يدري حتى بعد دقيقة. يسمح الله له ان يعيش او لا يسمح يمده بالنفس او يقطعه عنه فيموت او القائم بتدبير امور الخلق من انشائهم ورزقهم وتحديد اجالهم واعمالهم. ولا قيام لاي موجود الا به حتى لا يتصور وجود اي شيء ولا دوامه الا باقامة الله له. فالقيومية هنا مشيرة الى معنى الربوبية والقيم في اللغة هو السيد الذي يسوس الامور ويدبرها. او هو الباقي بكمال صفاته على الدوام. دون اي تغيير او تأثر. فقد يكون الحي سميعا بصيرا لكن يضعف سمعه وبصره بمرور الايام. فيلزم لاتصافه بصفة القيوم قاء السمع والبصر وكمالهما على الدوام لكن لماذا هاتين الصفتين بالذات في الاية؟ الحي القيوم. وليس غيرهما. والجواب لان اسمه الحي مشتمل على جميع اسمائه الاخرى فان من لوازم الحي ان يكون قادرا عالما سميعا بصيرا باقيا الى غير ذلك من صفات الكمال واسمه القيوم دال على افتقار كل الخلق اليه. فينكشف للعبد عند تجلي صفة الحي معاني جميع اسمائه وصفاته وعند تجلي صفة القيوم عجز جميع المخلوقات وافتقارها اليه لا تأخذه شيئا لان النوم اخو الموت والله حي لا يموت والسنا ان النعاس الذي يتقدم النوم. اما النوم فهو الاستغراق في السبات كلاهما منفي في حق الله. وفائدة التكرار له في قوله ولا نوم انتفاء كل من السنة النوم في حق ربنا على كل حال. تقول ما قام زيد وعمرو بل احدهما. فان قيل ما قام زيد ولا عمرو فهذا معناه ان ايا منهما لم يقم. لان الانسان قد تأخذه سنة دون النوم او يأخذه النوم دون السلاح في امثال العوام النوم سلطان. والله لا سلطان لاحد عليه حاشاه واي خلق لو نام كان مغلوبا على امره مقهورا لان النوم غلب النائم وقهره. والله هو القهار لكل شيء وهذا تأكيد لاسم القيوم بل ومن لوازم قيوميته. فان من جاز عليه النعاس او النوم استحال ان يكون قيوما. لانه لو غفل لحظة لسقطت السماوات على الارض. فكان تدكا. فقيام جميع الخلق بتدبيره وقدرته وحفظه وقيوميته واثر هذه الجملة في النفس ان يستشعر الانسان الطمأنينة في كل حين وحال. لان الله تكفل بامره كله. فهو في رعاية التي لا تغفل عنه لحظة واحدة. فهل رأيت تطمينا اكثر من ذلك وهو ان يقول الخالق للمخلوق والاله للمألوه. نم انت ملء جفنيك واسترح فان ربك لا ينام ومن اثرها ايضا ان يستحضر العبد مراقبة الله له في السر والعلانية. وفي كل احواله واوقاته. خاصة في الخلوات حين يغلق عليه بابه ويغيب عن اعين الخلق فيستحي من رؤية الله له الذي لا يغفل عن دقيق منه ولا جليل ولو للحظة او معشار لحظة وفيها كذلك تسلية للمظلوم لان الله يرى الظالم حين يظلمه ويفجر. لكنه يمهله لحكمة ويؤخره لاجل نامت جفونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم وليس مجرد عدم الغفلة من سنة او نوم فحسب بل مع هذا العلم الملك والسيطرة والقدرة فلا يخرج شيء من خلقه عن سيطرته وتصرفه. حاشاه سبحانه. ولذا اردف الحق بقوله له ما في السماوات وما في الارض ومن هذه الجملة فحسب تجني ثمارا ثلاثة على الاقل واحد لا معبود غيره. لانه ما لك السماوات والارض بما فيها بغير شريك ولا ند. فلا تنبغي عبادة غيره لان المملوك طوع يد مالكه. وليس له خدمة غيره الا بامره اثنان لا ذل لسواه كيف يسأل غيره كيف تطلب الدنيا من غيره الذي لا يملك شيئا. والله وحده الذي يملك كل شيء. الله ليس على بابه حجاب ولا والملوك والرؤساء يضعون الحجاب والحرس. الله يقبل منك سؤالك مهما اسأت وهجرت. وهؤلاء بشر المهازل يردون عليك الاساءة بمثلها وبضعفها واذا سألتهم شيئا بعد اساءتك لهم زجروك واهانوك. فكيف بعد كل هذا تذل بسؤالهم ولا تعز بسؤالك ثلاثة انت خليفة ومالك عالية قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما منكم الا ضيف وماله عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة الى اهلها ومن ثم وجب ان تخضع في خلافتك لشروط المالك المستخلف لك على هذا المال. واذا خرجت عن شروطه بطلت كل ماله فالله هو المالك على الحقيقة. وانت ليس لك من الملك شيء. بل كل ما في يدك معار لك لامد محدود وعلى سبيل الاختبار ثم يسترده صاحبه الذي اعاره لك في الاجل المرسوم ليحاسبك عما فعلت فيه ولذا فان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى امنا عائشة وصية تضمن لها النجاح في هذا الاختبار فقال يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك ولم ينسى مؤذنه بلالا قائلا انفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش اقلالا واذا رسخ هذا الشعور في الوجدان كان له اثر السحر في كسر حدة التكالب المحموم على الدنيا فلا يتحرى القلب شعارا على ملك لا يملكه على الحقيقة وسكب في النفس القناعة والرضا. فلا تذهب نفسك حسرات على ما فاتها من سمعوا الله. نظر ابراهيم ابن ادهم الى رجل قد اصيب بمال ومتاع كثير وقع الحريق في دكانه. فاشتد جزعه حتى في عقله فقال يا عبد الله ان المال مال الله متعك به ان شاء واخذه منك انشاء فاصبر لامره ولا تجزع من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ولان له ما في السماوات وما في الارض فان من تمام ملكه الا يشفى عنده احد الا باذنه فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له مماليك. لا يقدمون على الشفاعة لاحد حتى يأذن هو له اشارة الى انه لا احد يستطيع ان يدفع ما يريد الله استكانة وتذللا وسؤالا فضلا عن ان يدفع ذلك معاندة وخصوبة وهي توضح مقام الالوهية ومقام العبودية يوم القيامة. فالعبيد جميعا يقفون في حضرة الالوهية موقف العبودية لا يتعدونه ولا يتجاوزونه. ولا يجرؤ احد على الكلام بين يديه او الشفاعة عنده الا من يؤذن في جو ممتلئ بالجلال والرهبة الذي تفرضه عليك صيغة الاستفهام الاستنكارية. وهي اقوى من مجرد النفي من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. لانها توحي لان امر الشفاعة مستنكر ان يكون. فمن هو هذا الذي يشفع عند الله الا باذن الله انه يوم الهول الاعظم. والذي لا يجرؤ احد ولو كان من اتقى العباد وخلص الانقياء على ان يتقدم للشفاعة او يتكلم فيه وهل اتقى من الانبياء فحين يستشفع الناس الى ادم عليه السلام ابي البشر الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه يقول لست هناك فيفزعون الى نوح اول رسول بعث الى اهل الارض ثم الى ابراهيم خليل الرحمن ثم الى موسى كليم الله ثم الى عيسى كلمة الله وروحه ليجد الكل يردد نفس الكلمات. لست هناك وما هذا الا من الخوف شديد والهول الاعظم والحق انه لا احد يشفع عند الله بحق واستحقاق. لان المخلوقات كلها ملك له. لكن يشفع عنده من اراد الله ان يظهر كرامته عنده فحسب. فيأذن له بان يشفع فيمن اراد هو بالعفو عنه. كما يسند الى الكبراء بعض رماة ولدبغاء التلاميذ بعض المهمات. وهذا الاستثناء راجع الى النبي صلى الله عليه وسلم. فانه مأذون في الشفاعة وعود بها. ولذا اعده الله لهذه المهمة الجليلة اعدادا من نوع خاص. وهو لا يزال بعد في دار الدنيا. قال المناوي من الحكم والفوائد التي اشتمل عليها رؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم الجنة والنار الانس باهوال القيامة فرغ فيه لشفاعة امته ويقول امتي امتي حين يقول غيره من عظيم الهول نفسي نفسي وقد يختص بالشفاعة بعض صفوة المؤمنين كالصحابة رضوان الله عليهم. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض هؤلاء تكريما وتشريفا فقال ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين. ربيعة ومضر ومضر ومضر قال في موضع اخر ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من امتي اكثر من بني تميم. قالوا يا رسول الله سواك قال سواي سواي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك يثير غيرة كل مسلم ان الفضل وشرف الشفاعة ليس حكرا على الانبياء وحدهم كما توهم بعض الصحابة كما في حديث بني تميم. بل يمتد ليشمل الصحابة وقد يصل ابعد من ذلك ليشمل غير الصحابة. اذا علا ايمانهم وعظمت تضحياتهم كما يشفع الشهيد في سبعين من اهله او غيره ممن يشاء الله كرامته من المؤمنين. لذا قال بعض السلف استكثروا من الاخوان فان لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة اخيك يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم وما خلفهم وما خلفهم وهذه الجملة تقرير وتكميل لما تضمنته جملة الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فانهما دلتا على علمه سبحانه بما كان وقوله يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم دل على علمه بما سيكون فالمراد بما بين الايدي العالم المشهود وما خلفهم يراد به الغيب. فالله لعظمته يستوي عنده المشهد والمغيب وهذا من شأنه ان يحدث في النفس هزة عميقة. حين تحس انها تقف عارية امام بارئها الذي يعلم عنها كل شيء. ولا عليه منها شيء. وفيها لمسة خوف من الغيب الذي قد يحوي الفتن. وتقلب القلوب عن الهدى فلا احد يعلم وعلى اي حال يموت ويختم له. ولا ما يخفيه له الغيب الذي لا يعلمه احد الا الله وعلاقتها بالجملة التي سبقتها من ذا الذي يشفع ان الله يعلم احوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب الشفاعة ويعلم كذلك له وهل يستحق الشفاعة ام لا ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فانت لا تقدر على ان تحيظ بعلم الله بعضه او كله. ذلك ان معنى الاحاطة ان تعرف كل شيء مثل محيط الدائرة. لكن ذلك فلا يمنع ان يسمح الله لك ان تعلم جزئية ما. وهو ما توحي به كلمة شيء. والتي تعني اقل القليل. فهو سبحانه يكشف للعباد عن شيء من علمه الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. لكنهم ينسون هذه الحقيقة فيفتنهم ام ما اذن الله لهم بعلمه فلا يذكرون ولا يشكرون بل يتبجحون ويكفرون وبقدر ما اذن الله للانسان في العلم بقدر ما زوى عنه اسرارا اخرى كثيرة. منها سر الحياة وسر لحظة الموت القادم عنه سر الساعة وكافة مشاهد الغيب. ليعلم الانسان قصور علمه مهما بلغ لذا كلما زاد علم العلماء ادركوا انهم جهلاء. واعترفوا بان ما وصلوا اليه انما هو قطرة في خضم بحر عظيم ورثهم ذلك الايمان بالله والخشية منه ولابد انما يخشى الله من عباده العلماء. وفي هذه الجملة القرآنية دين واضح للجميع فلو اجتمع البشر كل البشر فلن يحيطوا بشيء من علمه الا ما اذن لهم به. وقد يكون هذا الاكتشاف عن مهد صدفة او بعد بحث في طويل وجهد جهيد وكلاهما لا يتم الا بقدر الله وسع كرسيه السماوات والارض والكرسي خلق من خلق الله يقع بين يدي العرش ولشرفه سميت به الاية. وقد قال صلى الله عليه وسلم ما السماوات السبع في الكرسي الا كحلقة بارض الفلاح. وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلات على تلك الحلقة الحلقة اما العرش فخلق عظيم جدا اعظم من الكرسي بكثير. كما دلت الايات القرآنية والاحاديث النبوية اذا لما نزلت اية الكرسي تعجب الصحابة غاية التعجب. فعن الربيع ابن انس رضي الله عنه قال لما نزلت وسع كرسيه السماوات قالوا يا رسول الله هذا الكرسي هكذا فكيف بالعرش؟ فانزل الله وما قضى الله حق قدره. ولعظمة العرش فقد اضافه تعالى الى نفسه في قوله ذو العرش ومن اوصافه في القرآن ويحمل عن شربك فوقهم يومئذ فما هي. وفي الصحيح ان احد حملة العرش ابينا شحمة اذنيه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام والغرض من هذه الجملة ان تستشعر عظمة الله من خلال التعرف على عظمة بعض مخلوقاته ولنتذكر ان هذا هو الهدف الذي تبنيه في النفس الجملة تلو الجملة في هذه الاية. والتعبير بصيغة الماضي وسعة تدل على ان انه وسعهما بالفعل بعكس صيغة المضارع التي تعني اخبارا ليس بالضرورة ان يكون قد حصل ولا يؤده حفظهما ولا يشق عليه ولا يجهده حفظ السماوات والارض. اشارة الى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن اي ضعف او نقصان وهو العلي العظيم. وهي خاتمة الصفات في الاية تقرر حقيقة تفرد الله سبحانه بالعلو والعظمة. فالتعبير هذا النحو يتضمن مرة ثانية معنى القصر والحصر. فلم يقل وهو علي عظيم ليثبت الصفة مجرد اثبات ولكنه قال وهو العلي العظيم ليقصرها عليه سبحانه بلا شريك. اي لا علي ولا عظيم غيره. لان من عداه مفتقر اليه فلا علو له ولا عظمة العلي في ذاته وصفاته لا يشاركه فيها احد. العلي فوق الاشباه والانداد. العلي علو قهر لجميع مخلوقاته ذلت له الرقاب ولدت له الصعاب. قال الماوردي وفي الفرق بين العلي والعالي وجهان احدهما ان علي هو الموجود في مكان العلو وان لم يكن مستحقا للعلو والعلي هو المستحق للعلو. الثاني ان العالي هو الذي يجوز ان يشارك والعلي هو الذي لا يجوز ان يشارك العظيم وهو الاسم الذي يوجز لك اية الكرسي في كلمة واحدة. لتقطع بك الخطوة الاخيرة الى النهائي التعظيم وذلك انها تلخص ملامح العظمة الالهية التي وردت في الاية فهو سبحانه العظيم في وجوده. الحي العظيم في نفاذ حكمه وسيطرته القيوم العظيم في قدرته لا تأخذه سنة ولا نوم. العظيم في سلطانه له ما في السماوات وما في الارض. العظيم في هيبته من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه. العظيم في علمه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم. اضف الى ذلك ما يميز العظمة الالهية الحقيقية عن العظمة البشرية الزائفة. ان الله ليس لعظمته بداية على مستوى البشر يقولون فلان هذا كان لا يملك شيئا وهو الان عظيم بماله. وفلان ملك وقد كان جنديا في بداية حياته. وفلان عالم جليل مع انه كان جاهلا في مقتبل عمره. فالعظمة البشرية لها بداية ما العظمة الالهية فلا ابتداء لها ولا لعظمته حدود او نهاية. فانك ان قلت فلان عالم عظيم فقد حصرت عظمته فيما وصل اليه من علم. او وهذا مربي عظيم حصرت عظمته في التربية. او طبيب عظيم فعظمته في طبه. فالعظمة البشرية تظل محصورة في جانب من جوانب التفوق المحدودة. اما العظمة الالهية فلا حدود لها ولا حصر لجوانبها ولا يعلم الا الله قال ذو النون من اراد التواضع فليوجه نفسه الى عظمة الله فانها تذوب وتصفو ومن نظر الى سلطان الله ذهب سلطان نفسه. لان النفوس كلها فقيرة عند هيبته دعاء السوء. دعاء السوء. قال صلى الله عليه وسلم من دخل السوق فقال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء القدير كتب الله له الف الف حسنة ومحى عنه الف الف سيئة ورفع له الف الف درجة وبنى له بيتا في الجنة وهكذا كان يفعل محمد ابن سيرين الذي وصفوه بقولهم كان بالليل بكاءا نائحا وبالنهار بساما سائحا. فعن موسى للمغيرة قال رأيت محمد ابن سيري يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الله تعالى فقال له رجل يا ابا بكر في هذه الساعة قال انها ساعة غفلة. وبلغ من قوة ايمانه وحياة قلبه ان قبس الناس منه وقلدوه بعد ان ايقظهم اهلا. قال ابو عوينة رأيت محمد ابن سيرين في السوق فما رآه احد الا ذكر الله تعالى. وسر ارتباط هذا الدعاء بالثواب العظيم ومنه دخول الجنة انه ذكر وسط الغافلين. فالذاكر هنا سابح ضد التيار. لم تصرفه وجيوش الغفلة عن ذكر ربه ولم يفلح الشيطان في ظمه لحزبه عن طريق جنده. مما يدل على رسوخ الايمان في قلبه. وسبب اخر لفضل الذكر في الغفلة يحكيه ابن رجب الحنبلي انه اشق على النفس. وافضل الاعمال اشقها على النفوس. وسبب ذلك ان النفوس بما تشاهد من احوال ابناء الجنس. فاذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر اهل الطاعة لكثرة المقتدن بهم فسهل الطاعات واذا كثرت الغفلات واهلها تأسى بهم عموم الناس. فيشق على نفوس المستيقظين طاعاتهم. لقلة لمن يقتدون بهم فيها. ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم للعامل منهم اجر خمسين منكم. انكم تهدون على الحق اعوانا ولا يجدون. ولا يجدون. وقال بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. وقال العبادة في الهرج كهجرة تنقلش وقد برزت قيمة الذكر في الغفلة في مواطن كثيرة. منها صيام النبي صلى الله عليه وسلم لشعبان دون غيره من الشهور لانه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان. ومنها ما كان في طائفة من السلف يستحبون احياء ما بين ايدي بالصلاة قائلين هي ساعة غفلة ومنها القيام في جوف الليل المشمول بالغفلة عند اكثر الناس. لقول النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون الرب من العبد في لو في الليل الاخر فان استطعت ان تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد ان يؤخر العشاء الى نصف الليل وعلل ترك ذلك لخشية ان يشق على الناس ولما خرج على اصحابه وهم ينتظرونه لصلاة العشاء قال انكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها. اهل دين غيركم غيركم ولولا ان يثقل على امتي لصليت بهم هذه الساعة ومنها فضل العبادة في الغفلة. قال صلى الله عليه وسلم عبادة في الهرج والفتنة كهجرة اليه الى سؤال الجدول قال صلى الله عليه وسلم من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم ادخله الجنة. ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم اجره من النار وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استجار عبد من النار سبع مرات الا قالت النار يا رب ان عبدك فلانا استجار مني فاجره. ولا سأل الجنة سبع مرات الا قالت الجنة يا رب ان عبدك فلانا سألني فادخله الجنة وهذه اشارة الى ان هذا العبد قالها في مجلس واحد ملحا على الله فلمح الله صدقه فاعطاه. او انه قالها في ثلاثة او سبعة مجالس متفرقة مما يدل على ان الجنة لا تغادر فكره وعقله ابدا فعلى مدار اليوم يدعو الله بها وكلام الجنة يحتمل ان يكون بلسان الجنة فعلا بان يخلق الله فيها الحياة والنطق. وهو على كل شيء قدير او بلسان وتقديره قالت خزنت الجنة من قبيل قوله تعالى واسأل القرية والاول اولى وارجح. واجابة الله لسؤال كهذا لا علاقة لها بغنى او فقر ولا جاه او مكانة. انه قلبه وحده الذي يطلع الله عليه وحده فيمنحه او يحرمه. قال صلى الله عليه وسلم ان من امتي من لو جاء احدا يسأله دينارا لم يعطه ولو سأله درهما لم يعطه ولو سأله فلسا لم يعطه ولو سأل الله الجنة تلا اعطاها اياه ذو طمرين لا يؤبه له لو اقسم على الله لامرها ومن هؤلاء الذين لا يأبهوا لهم حتى لم نعرف اسمائهم صحابي حكى ابو هريرة رضي الله عنه خبره فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ما تقول في الصلاة قال اتشهد ثم اسأل الله الجنة واعوذ به من النار. اما والله ما احسن دندنتك ولا دندنة معاذ قال حولها ندندن النوع الثاني الذكر الكثير ضع نصب عينيك ان الذكر يتنوع والى ذلك اشار ابن القيم في كتابه القيم الوابل الصيب فاخبر ان الذكر نوعان رئيسان. احدهما ذكر اسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته والثناء عليه بهما وهذا ايضا نوعان احدهما انشاء الثناء عليه بها من الذاكر. وافضل هذا النوم اجمعه للثناء واعمه. نحو. سبحان عدد خلقه فهذا افضل من مجرد سبحان الله. كما في حديث جويرية رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها قد قلت بعدك اربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله على خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته وقولك الحمد لله عدد ما خلق افضل من مجرد قولك الحمد لله. فعن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه. ان النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه فقال ماذا تقول يا ابا امامة؟ فقال اذكر ربي. قال الا اخبرك بافضل او اكثر من ذكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل ان تقول سبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الارض والسماء. سبحان الله ملء ما في السماء والارض. سبحان الله ملء ما خلق. سبحان الله عدد ما احصى كتابه وسبحان الله ملء كل شيء. وتقول الحمد لله مثل ذلك الثاني الاخبار عن الرب تعالى بما تقتضيه اسماؤه وصفاته وذلك نحو قولك الله عز وجل يسمع عباده ويرى حركاتهم ولا تخفى عليه خافية من اعمالهم وهو ارحم بهم من ابائهم وامهاتهم وهو على كل شيء قدير وهو افرح بتوبة عبده من الفاقد راحلته ونحو ذلك وافضل هذا النوع الثناء عليه بما اثنى به على نفسه وبما اثنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم النوع الثاني من الذكر ذكر امره ونهيه وهو ايضا نوعان الاول ذكره بذلك اخبارا عنه. اي امر بكذا ونهى عن كذا واحب كذا وسخط وكذا ورضي كذا الثاني ذكره عند امره فيبادر اليه وعند دهيه فيهرب منه. ومن ذكره ذكر الائه وانعامه واحسانه واياده ومواقع فضله على عبيده فهذه خمسة انواع. والاكثار من هذه الانواع كلها تؤدي ولابد الى الخاتمة الذكرية الحسنة كما اخبر بذلك معاذ بن جبل حيث قال ان اخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم او قلت اي الاعمال احب الى الله؟ قال ان تموت ولسانك رطب من ذكر الله واعلى ذكر يختم العبد به حياته واشرفه واثقله كلمة التوحيد من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة وهل كان هذا الا ثمرة المداومة والكثرة فداوم على الذكر والا حرمت الجنة ايها العاشق من نسائم الاشواق عن ام سعد بنت سعد ابن الربيع رضي الله عنه. وقد استشهد في غزوة بدر انها دخلت على ابي بكر الصديق رضي الله عنه فالقى لها ثوبه حتى جلست عليه. فدخل عمر بن الخطاب فسأله فقال هذه ابنة من هو خير مني ومنك. قال ومن هو يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل قبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوأ مقعده من الجنة وبقيت انا وانت ثانيا الصلاة الصلاة قال صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد. فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد ان يدخله له الجنة ومن لم يأتي بهن فليس له عند الله عهد. ان شاء عذبه. وان شاء ادخله الجنة وقال صلى الله عليه وسلم من صلى البرزين دخل الجنة ولان الله رحيم بنا فامام كل عبادة شاقة اغرانا بالجنة لننتصر على ضعف نفوسنا ونقاوم ضراوة اهوائنا لكن لما خص بالذكر البردين الصبح والعصر لان صلاة الفجر فيها انتزاع الجسد من لذة المنام ودفء الفراش الى برد الوضوء ومكابدة الصلاة واما العصر فلانه منتصف اليوم واما ان تكون فيه غارقا لاذنيك في عملك فتحتاج الى مجاهدة تنتزع بها نفسك من هموم دنيا لتصلي واما ان تكون في قيلولة لذيذة بعد العمل ملأ نعاس جفنك وشغل عينك فتطرد بقيامك وتنفض الكسل. هذا عن الفريضة فماذا عن النوافل صلاة واثنتي عشرة ركعة نافلة تبني لك بيتا في الجنة. فعن النعمان بن سالم عن عامر بن اوس قال حدثني عنبسة بن ابي سفيان في بمرضه الذي مات فيه بحديث يتسار اليه. اي يسر به من السرور لما فيه من البشارة مع سهولته. قال سمعت ام حبيبة تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة قالت ام حبيبة فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله. وقال هندسة فما تركتهن منذ سمعتهن من ام حبيبة وقال عمرو بن اوس ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة. قال النعمان بن سالم ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن اوس. لله درهم من قوم يعدي بعضهم بعضا لفعل الخيرات. بمجرد السماع رواية وما اروعه من تلق للتنفيذ وتعظيم للامر والامر معا. وما اصدقه من عشق للجنة وعزم على ملاحقتها وكأنه في حلقة سباق كلهم يبغي الوصول اولا. او عصبة تعاهدوا فيما بينهم على اجتياز ابواب الجنة يمسك بعضهم بيد بعض ومن النوافل صلاة الليل. وما ادراك ما نفحات الليل ونسائم السحر عند العشاق. انها الكفارات ومن بعد الكفارات الدرجات. قال صلى الله عليه وسلم فيما يختصم الملأ الاعلى؟ قلت في الكفارات والدرجات. قال وما كفارات فقلت اسباغ الوضوء في السبرات ونقل الاقدام الى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة. قال فما قلت اطعام الطعام وافشاء السلام وصلاة بالليل والناس نيام وان رغبت في علو درجاتك فما عليك الا ان تزيد من سجداتك وبهذا تكون قد علوت وعلوت حتى تبلغ فوق ما تمنيت. وهل اعلى من رفقة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته وهو الطريق الذي اواه لنا ابو فراس. ربيعة بن كعب الاسلمي. حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم او غير ذلك او غير ذلك قال هو ذاك. قال فاعني على نفسك كثرة السجود. والمداومة شرط لان النفس قد تنشط بموعظة سمعتها. او في موسم خير زارها لكنها تفتر وتنسى بمرور الايام. لذا كانت الجنة اعظم مذكر واقوى محفز. وفي البخاري عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ايوما الصلاة ثم رقي المنبر فاشار بيده قبل قبلة المسجد فقال قد اريت الان منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار ممثلتين في قبل هذا الجدار فلم اره كاليوم في الخير والشر وفي الحديث حث واضح على مداومة العمل لان من تمثل الجنة والنار بين عينيه كان ذلك باعثا له على المواظبة على طاعته وجاءت هذه الرؤية النبوية في ارتباط مباشر مع الصلاة. لتقوي وتشجع عليها وتنفي عنك الملل والكسل تلى عنها ثالثا الصيام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ومعنى الحديث ان من مات وهو صائم او بعد فطره من صومه دخل الجنة وعندما يدخل الصائم الجنة يوفى هو واخوانه اجرهم بغير حساب. لقول الله عز وجل الصوم لي وانا الجزيرة فلم يزكر الله ثوابا مقدرا في الصيام كما لم يذكره في الصبر. ولهذا يقال عن شهر الصيام انه شهر الصوم ووالله لولا صبر الفرس المدمر على قلة العلف ما قيل سباق ولما حظي بالجائزة. وكذلك المؤمن والجنة. فصيام اليوم الدنيوي وحرمان العبد الوقتي فيه من الطعام والشراب رب يورثه الري والشبع الكاملين الخالدين الرائعين في الجنة. وعليك ان تقارن وتختار كما فعل ذلك التابعي الثقة مسروق بن الاجدع. فعن الامام الشعبي قال غشي على مسروق في يوم صائف وهو صائم. فقالت له ابنته افطر قال ما اردت بي؟ قالت الرفق. قال يا بني انما اطلب الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين الف سنة. ولذا ربط كثير من المفسرين اية هنيئا لمن اسلفتم في الايام الخالية بالصيام. فالاكل هناك كان مقابل حرمان النفس منه طواعية هنا. لان الجزاء من جنس العمل الا ان دافع الاكل والشرب في الجنة مختلف. فهو ليس عن جوع وعطش بل عن رغبة منهم في التلذذ فحسب ويقال لهم هذا الكلام من قبل الله عز وجل تعظيما لشأن الصائمين وليزدادوا سرورا فوق سرورهم. فانك ان قلت لصاحب الفوز والجائزة هذا بطاعتك كان هذا سببا في مضاعفة سروره والايام الخالية هي الايام الماضية من الدنيا. وهي ايام ثانية لكنها تؤدي الى ايام باقية. لذا فهؤلاء كانوا سادة العقلاء وقمة في الذكاء. اذ بذلوا في زمن محدود ما اورثهم نعيما غير محدود وترك الله ذكر المأكول والمشروب دلالة على تنويعهما وكثرتهما فلا حصر لهما. واسمعوا وصفا تفصيليا لمشهد من مشاهد مكافأة الصائمين في الجنة. وقد ذكره الحسن البصري في موعظة تشويقية. تقول الحوراء لولي الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس. ان الله نظر اليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين وانت في ظمأ هاجرة من جهد العطش. فباهى بك الملائكة وقال انظروا الى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من اجله. رغبة فيما عندي. اشهدوا ان قد غفرت له فغفر لك يومئذ وزوجنيك رابعا الانفاق في سبيل الله. والعلاقة بين الجنة والانفاق واضحة جدا لان الله اشترى من كل واحد منا نفسه وماله وجعل ثمنهما الجنة فالمنفق في سبيل الله وجد في الجنة ما قدم وتعوض فيها ما انفق وخسر ما خلف عتب سهل بن عبدالله المروزي في كثرة الصدقة. فضرب لنا مثلا واقعيا جميلا به الممسكين به البخلاء الماديين فقال لو ان رجلا اراد ان ينتقل من دار الى دار اكان يبقي في الاولى شيئا؟ لا والله. لكنه والله ليس دخول الجنة فحسب. بل تنافس كل حجبة الجنة على نيل شرف استقبالك كلهم يريدك ان تدخل من بابه. ففي الحديث ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله الا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه الى ما عنده والمراد بالزوجين انفاق شيئين من اي صنف كان من اصناف المال كما قال الحسن في معنى زوجين درهمين دينارين عبدين من كل شيء اثنين وطبق الصحابة الوصية وتنافسوا على الهدية. فقد روي عن صعصعة قال رأيت ابا ذر بالربذة وهو يسوق له عليه مزادتان. قائلا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم ينفق زوجين من ماله في سبيل الله الا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه الى ما عنده. قال ان كان صاحب خيل ففرسيه. وان كان صاحب ابل فبعيرين. وان كان صاحب بقر فبقرتين. حتى عد اصله المال كلنا يحب الجنة. وكلنا يطلب القرب والوصال. لكن اينا دفع المهر وكم من اناس صدق فيهم تعيير الشاعر ومن الناس من يحبك حبا ظاهر الحب ليس بالتقصير فاذا ما سألته عشر فلس الحق الحب باللطيف الخبيث ومن ادعى حب الجنة من غير انفاق ما له فهو كذاب وهو اتهام اطلقه عليه حاتم الاصم. فالبينة على من ادعى. وادعاء المحبة يحتاج الى بينات الانفاق لذا روي عن حاتم الاصمي انه قال من ادعى اربعا من غير اربع فهو مكذب ومنها ومن ادعى حب الجنة من غير انفاق ما له في طاعة الله تعالى. نعم قد يكون المؤمن بخيلا لكن من تعلق قلبه بالفردوس ووضع الجنة نصب عينيه فهذا يهتز عند المكارم كالغسل الرطيب. لينفق ما قدامه ووراءه في سبيل الفوز محبوبته والظفر بغايته. والبخلاء يمتنعون لان لغة العشاق لا يفهمها بارد الاحساس. قليل الذوق ومن قدر عليه رزق مما اتاه الله قال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ان الجنة لتساق الى من سعى لاخيه المؤمن في قضاء حوائجه ليصلح شأنه على يديه فاستبقوا النعم بذلك. فان الله الكريم يسأل الرجل عن جاهه وما بذله كما يسأله عن ما له فيما انفقه وعندما يعاين العبد ما اشتراه في الجنة يتحسر انه لم يبذل في دنياه كل ما لديه. حتى يعود كله مفروح به في الدنيا محزونا عليه في الاخرة وترجع اللذة مصدرا للاسف وبالعكس بقدر العناء يطيب الغناء يستبدلون في الجنة اسماء بنت ابي بكر تشق نطاقها في الهجرة لتحمل فيه الزاد. وهو مجرد قطعة قماش فيبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالعوض في الجنة قائلا ابدلك الله بنطافك هذا نطاقين في الجنة. حكيم بن حزام رضي الله عنه كان بيده حين اسلم دار الندوة فباعها بمئة الف دينار وفي رواية باربعين الف فقال له ابن الزبير بعت مكرمة قريش فقال له حكيم ابن اخي ذهبت المكارم فلا كرم الا التقوى. يا ابن اخي ان اشتريتها في الجاهلية تمر ولاشترين بها دارا في الجنة. اشهدك اني قد جعلتها في سبيل الله عثمان بن عفان رضي الله عنه لما قدم المهاجرون المدينة احتاجوا الى الماء وكان لرجل من بني غفار عين يقال لها روما وكان يبيع منها القربة بمدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم تبعها بعين في الجنة فقال ليس لي يا رسول الله عين غيرها لا استطيع ذلك. فبلغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة فينا الف درهم ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال اتجعل لي مثل الذي جعلت له عينا في جنة اذ اشتريتها؟ قال نعم. قال قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين. ويذوق عثمان حلاوة الاجر فيطمع في المزيد ولا اروع. وذلك حين يضيق المسجد بالمسلمين ويحث النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه على شراء بقعة بجوار المسجد تزيد رقعته معلنا عن عقد المبادلة المغري من يشتري بقعة ال فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة فاشتراها عثمان رضي الله عنه من صلب ماله. عبدالله بن جحش رضي الله عنه لما خرج بنو جحش من دارهم مهاجرين عدا عليها ابو سفيان بن حرب فباعها. فلما بلغ بني جحش ما صنع ابو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبدالله ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ترضى يا عبد الله ان يعطيك الله بها دارا خيرا منها في الجنة؟ قال بلى. قال فذلك له. فذلك له. ابو الدحداح رضي الله عنه قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم كم من عفق معلق لابي الدحداح في الجنة؟ وفي رواية ان النبي صلى الله عليه وسلم كرر مرارا كم من عفق دواح لابي الدحداح في الجنة؟ والقصة كما اوردها الامام البخاري حصلت خصومة بين يتيم وبين ابي لبابة على نخلة. حيث كان هناك بستان لهذا الصحابي. وبستان اخر اليتيم وبينهما نخلة. فتنازع على النخلة فذهب اليتيم فاشتكى ابا لبابة الى النبي صلى الله عليه وسلم. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعاين البساتين تواضعا منه صلى الله عليه وسلم وتحريا للعدل. فاذا بالنخلة في بستان الصحابي فحكم بها لابي لبابة. فذرفت دموع اليتيم على خديه. فاراد النبي ان يجبر كسر قلبه. فقال لابي لبابة اتعطيه هذه النخلة؟ ولك بها عذق في الجنة. لكن الصحابي كان في وقت غضب. اذ كيف تشكو هو الحق له فابى ذلك. وكان في المجلس رجل يتحين الفرص الايمانية هو ابو الدحداح رضي الله عنه قال يا رسول الله ان اشتريت هذه النخلة واعطيتها هذا اليتيم. الي هذا العذق في الجنة؟ قال لك ذلك فلحق بابي لبابة قال اتبيعني هذه النخلة ببستان كله فباعه النخلة ببستانه كله. ثم ذهب الى اهله ونادى فيهم يا ام الدحداح ويا ابناء ابي الدحداح قد بعناها من الله فاخرجوا منها. فقالت امرأته على الفور ربح البيع. فخرجوا من البستان ومعه اطفاله. ومعهم بعض فقام يأخذه ويرميه فيها ويقول قد بعناها من الله جل وعلا لا نخرج منها بشيء خامسا خامسا الجهاد في سبيل الله وهو اقصر الطرق الى الجنة فالشهادة بوابة العبور نحو الخلود. والجهاد طريق الشهادة. فبقفزة واحدة وفي خطوة تدخلها خطوة واحدة فحسب وحتى لو لم تكن شهادة وكان قتال يوم او بعض يوم. فايضا تدخل الجنة. قال صلى الله عليه وسلم من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة. وفواق الناقة هو ما بين الحلبتين من الوقت لان الناقة تحلب ثم تترك ترضع فصيلها لتدر اللبن ثم تحلب ثانية. او الفواق هو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع وانت تحلب. وكلاهما بمعنى ان اي وقت تجاهده في سبيل الله كفيل بادخاله الجنة مهما قصر. وليس هذا الفضل لعبادة اخرى الا الجهاد. ولعل هذا لان الجهاد يعني بلوغ القمة في حب لا فان من تمام المحبة مجاهدة اعداء المحبوب. وايضا فالجهاد في سبيل الله دعاء للمعرضين عن الله الى الرجوع اليه بالسيف والسداد بعد دعائهم اليه بالحجة والبرهان فالمحب لله يحب اجتلاب الخلق كلهم الى الله. فمن لم يجد الدعوة باللين والرفق احتاج بالدعوة الى الشدة العنف لكن الجهاد درجات ولكل درجة من الدرجات ما يكافئها عند الله من الثوابات. لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ان ابواب الجنة تحت ظلال السيوف. وفي الحديث الحض على الشجاعة والاقدام ومقاربة العدو والالتحام العنيف معه ومن فوق هذه الدرجة درجة اخرى اعلى هي درجة الشهادة. لكن الشهداء كذلك ليسوا في منزلة واحدة بل يتنافسون فيتمايزون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الاول. فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا. اولئك يتلبقون في الغرف العلى من الجنة. يضحك اليهم ربهم. فاذا ضحك ربك الى عبد في موطن فلا حساب عليه. ومعنى يتلبطون اي يتمرغون ويضجعون وما احلاه والله من ثواب ترى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع همم الصحابة درجة درجة. فمن قتال ساعة الى التحام شديد مع عدو لا شهادة الى اعلى درجات الشهادة. عمرو ام هشام ولعل ممن نال اعلى درجات الشهادة هشام بن العاص اخو الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه سأل نفعه عمرو بن العاص رضي الله عنه ذكرناك واخاك هشام فقلنا هشام افضل او عمرو فقال على الخبير سخطنا ساحدثكم عن ذاك اني شهدت انا وهشام اليرموك. فبات وبت ندعو الله ان يرزقنا الشهادة فلما اصبحنا رزقها وحرمتها فهل في ذلك ما يبين لكم فضله علي لكن كيف استشهد هشام لما كان يوم اجنادين رأى هشام من المسلمين بعض النكوص عن عدوهم فالقى المغفرة عن وجهه وجعل يتقدم في نحر العدو وهو يصيح يا معشر المسلمين الي الي انا هشام بن العاص امن الجنة تفرون فكر عليه الروم فضربوه باسيافهم حتى قتلوه. ولقد وطأته الخيل حتى كر عليه اخوه عمرو. فجمع لحمه فدفنه ومثله في صدق الطلب ووضوح الهدف. عكرمات ابن ابي جهل. عوتب في شدة اقدامه في معركة حمص اثناء فتوح الشام وقيل له اتق الله وارفق بنفسك. فقال يا قوم انا كنت اقاتل عن الاصنام فكيف اليوم وانا اقاتل بطاعة الملك العلام. وانا ارى الحور متشوقات اليه. ولو بدت واحدة منهن لاهل الدنيا لاغنتهم عن الشمس والقمر ولقد صدقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما وعدنا. ثم سل سيفه وغاص في الروم ولم يزدد الا اقداما فعجبت الروم من حسن صبره وقتاله. فبينما هو كذلك اذ حمل عليه البطريق صاحب حمص وبيده حربة عظيمة تضيء وتلتهب وهزها في كفه وضربه بها فوقعت في قلبه. ومرقت من ظهره فالجدل صريعا عجل الله تعالى بروحه الى الجنة حب من لون اخر ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب اصحابه ويرغم في نيلهم اعلى الدرجات وفي اسرع الاوقات كان حثه المتواصل لهم على الموت والاستشهاد مع كل غارة جهادية. وذلك بتفكيرهم بما ينتظرهم من حسن الجزاء وعظيم الثواب ففي بدر خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الناس يحرضهم وقال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر الا ادخله الله الجنة. قال عمير بن الحمام رضي الله عنه وفي يده تمرات يأكلها بخ بخ. اما بيني وبين ان ادخل الجنة الا ان يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده. واخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل. وفي خيبر لما النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن الاكوع رضي الله عنه ينشد وهو يسوق الركاب بينما هم في الطريق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا؟ من هذا قالوا عامر يا رسول الله. قال غفر لك ربك. وفي رواية رحمه الله وما خص النبي صلى الله عليه وسلم احدا بهما من اصحاب به الا استشهد اي ما دعا بهذا الدعاء لاحد من اصحابه الا استشهد. فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وجبت يا رسول الله هلا متعتنا بعامر. سيد الشهداء نبي وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم القمة في هذا السباق لاستشهاده نحو الجنة. كما سبق وان بلغ القمة في كل شيء فبعد ان ادى رسالته ورأى ثمرة غرسه وبركته اراد الله له ان يجمع بين اسمى المقامات ويضم مع مقام النبوة مقام الشهادة فقد قال صلى الله عليه وسلم في مرض موته يخاطب زوجته يا عائشة ما ازال اجد الم الطعام الذي اكلت بخير. فهذا او ان وجدت انقطاع ابهري عن ذلك ثم ذلك السم. ذلك السم مشيرا الى اثر الشاة المسمومة التي قدمتها له اليهودية زينب بنت الحارث. وبذلك يكتمل نص الرسالة المفقود المبعوث الى امته ها هو رسولكم العظيم يموت شهيدا. فقوموا فموتوا على ما مات عليه نبيكم. وما تصنعون بالحياة بعده اه من غيرة النساء. ولان شرف الجهاد قد لا تدركه عامة النساء فان شاريات الجنة تأكل الغيرة قلوبهن فيبدعن ويتألقن. حض منصور ابن عمار الناس على الغزو في فناء دار الرشيد بالرقة. فطرحت امرأة من حاشيته طرة تصحبها رقعة قرأ فيها رأيتك يا ابن عمار تحض على الجهاد وقد القيت اليك ذؤابتي فلست املك والله غيرها فبالله الا جعلتها قيد فارس غاز في سبيل الله تعالى. فعسى الله جل جلاله يرحمني بذلك. فارتج المجلس بالبكاء وضج بالنحيب ولماذا الغرق في الماضي؟ والحاضر ازهى ونماذجه اروع. وتضحياته اوضح. فهذه ريم صالح الرياشي صاحبة الواحد وعشرين ربيعا. والام لطفلين ومن اسرة معروفة بالثراء. ومع هذا ضحت بنفسها في سبيل لله واثرت جنة الاخرة على جنة الدنيا وقدمت حب الله ورسوله على حب الولد والزوج والناس اجمعين قائلة انني احب ابنائي حبا كبيرا لكن حب الله ورسوله اكبر من ذلك كله. فتقدمت كالاسف الحصول يوم الاربعاء الرابع عشر من يناير لعام الفين واربعة من الميلاد حبا لدينها وانتصارا لعقيدتها مفجرة نفسها وسط جمع من جنود اليهود الغاصبين ضاربة بذلك الوانا مختلفة من التضحية بالمال والزوج والابناء والحياة نسائم الاشواق دعا اعرابي عند الملتزم فقال اللهم ان لك علي حقوقا فتصدق بها علي وللناس تبعات فتحملها عني. وقد اوجبت لكل ضيف قراح. وانا ضيفك. فاجعل قراي ليلة الجنة سادسا. سادسا. البيت المسلم. البيت المسلم. البيت المسلم واحد الوالد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوالد اوسط ابواب الجنة. قال البيضاوي اي خير الابواب واعلاها. والمعنى ان ان احسن ما يتوسل به الى دخول الجنة ويتوسل به الى الوصول اليها مطاوعة الوالد ورعاية جانبه قال شراح الحديث والمراد بالوارد الجنس فيشمل الوالد والوالدة. او اذا كان حكم الوالد هذا فحكم الوالدة اقوى واولى والاستحالة ان تستطيع اداء حق الوالد عليك فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم هذا المثل الجميل. فقال صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والدا الا ان يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه. ومعنى الحديث لا يستطيع الولد ان يكافئ والده الا بان يخلصه من الرق بشرائه. وهذا الشراء ايجاد جديد له لان الرقيق كالمعدول لاستحقاق غيره منافعه. فتسببه في عتقه وتخليصه من ذلك كانه ايجاد له من العدم. لان والدك كان سبب ايجادك المادي. ولكي تؤدي حقه عليك فلابد ان تكون سببا في ايجاده المعنوي وذلك بعتقه هذا مستحيل وكذلك مجازاة الوالد على فضله مستحيلة ولا تتصور. فصار هذا كقوله تعالى ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في من خيار ولفضل الولد العظيم وقدره النبيل قيل لمجاهد ينادي المنادي للصلاة ويناديني رسول ابيه. قال اجب اباك وعن ابن المنكدر قال اذا دعاك ابوك وانت تصلي فاجبر ومن حق الوالد على ولده ما رواه ابو غسان الضبي انه خرج يمشي بظهر الحرة. وابوه يمشي خلفه فلحقه ابو هريرة رضي الله عنه فقال من هذا الذي يمشي خلفك؟ قلت ابي. قال اخطأت الحق ولم توافق السنة تمشي بين يدي ابيك ولكن امشي خلفه او عن يمينه. ولا تدع احدا يقطع بينك وبينه. ولا تأخذ عرقا اي مختلطا بعظمه ولا تأخذ عرقا نظر اليه ابوك فلعله قد اشتهاه ولا تحد النظر الى ابيك. ولا تقعد حتى يقعد ولا تنم حتى ينام اثنان الوالدة عن معاوية ابن جاهمة السلمي رضي الله عنه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اني كنت اردت الجهاد معك ابتغي بذلك وجه الله والدار الاخرة قال ويحك قال ويحك. احيت امك؟ قلت نعم. قال ارجع فبرها. فبرها. ثم اتيته من الجانب الاخر فقلت يا رسول الله اني كنت اردت الجهاد معك ابتغي بذلك وجه الله والدار الاخرة. قال ويحك قال ويحك احيا امك امك؟ قلت نعم يا رسول الله. قال ارجع اليها فبره. ثم اتيته من امامه. فقلت يا رسول الله اني كنت اردت الجهاد معك. ابتغي بذلك وجه الله والدار الاخرة قال ويحك. قال ويحك احيت امك؟ قلت نعم يا رسول الله قال ويحك قال ويحك. الزم رجلها فثم الجنة يا انت تطلب الجنة بعملك وهي تحت قدم امك. حملتك في بطنها تسعة اشهر كانها تسع حجج وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج. وارضعتك من ثديها لبنا واطارت لاجلك وسنا. وغسلت بيمينها عنك الاذى واثرتك على نفسها بالغذاء فان اصابك مرض او شكاية اظهرت من الاسف فوق النهاية. واطالت الحزن وبذلت مالها للطبيب ولو خيرت بين حياتها وموتها لطلبت حياتك باعلى صوتها. وكم عاملتها بسوء الخلق مرارا فدعت لك بالتوفيق سرا وجهارا. فلما احتاجت اليك عند الكبر جعلتها من اهون الاشياء عليك فعليها زوجك واولادك بالاحسان. وقابلت افضالها بالنسيان. وصعب عليك امرها وهو يسير. وطال عليك عمرها وهو وقصير فانته والا فستعاقب في دنياك بعقوق البنين وفي اخراك بالبعد عن رب العالمين كان للفقه ابن عباس ان اتاه رجل فقال اني خطبت امرأة فابت ان تنكحني وخطبها غيري فاحبت ان تنكحه. فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟ قال امك حية؟ قال لا. قال تب الى الله وتقرب اليه ما استطعت. قال رجل لابن عباس لما سألته عن حياة امه قال اني لا اعلم عملا اقرب الى الله عز وجل منبر الوالدة وقد قدم الحسن البصري برها على تعلم القرآن مرسيا بذلك نموذجا لما استحدث العلماء تسميته باسم فقه الاولويات وذلك لما اتاه هشام بن حسان قائلا اني اتعلم القرآن وان امي تنتظرني بالعشاء. قال الحسن تعشى العشاء مع امك تقر به عينها احب الي من حجة تحجها تطوعا. وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم وها على بر الاب وبذا التزم السلف وبه اخبروه هذا الحسن قسموا البر ثلاثة اقسام ثم يقول للوالدة الثلثان من البر وللوالد الثلث. وسئل في رجل حلف عليه ابوه بكذا وحلفت عليه امه بكذا اي بخلافه. قال يطيع امه. وتابعه في مذهبه مكحول حين قال اذا دعتك والدتك وانت في الصلاة فاجبها. وان دعاك ابوك فلا تجبه حتى تفرغ وكيف لا والجنة مقتربة من البار بامه ادنى ما تكون منه. وهو ما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم واقعا امام عينيه ثم حكاه لنا لكي يجتمع مع الوعد باللسان الاثبات بالواقع والمشاهدة والعيان. فقال صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة. دخلت فسمعت فيها قراءتي. فقلت من هذا؟ قالوا حارثة ابن نعمان فذلكم البر كذلكم البر كذلكم البر وكان منابر الناس بامه ولذا حق لاياس بن معاوية ان يبكي لموت امه مبينا السبب عالما بقدر الكارثة قائلا كان لي بابان مفتوحان من الجنة فاغلق احدهما ثلاثة البنات عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة. قيل يا رسول الله فان كانت اثنتين قال وان كانت اثنتان. قال فرأى بعض القوم ان لو قال واحدة لقال واحدة طيب لكن هل المقصود بالايواء والرحمة والكفالة مجرد الاطعام والاشراد الذي تفعله كل الخلائق رحمة بصغارها حتى الدواب كلا والله بل نقصد الحديث اضافة الى الكفالة المادية الكفالة الايمانية بالتقوى وتنشئة البنات على الدين التزام وهو مشروع رائع لدخول الجنة. لكنه صعب في ظل اعلام يريد لبناتنا ان يكن جامعات فساد وقبلة شهوات. خاصة وهن يملكون بايديهن مفاتيح افساد الشباب وصرفهن عن الغايات السامية الى الشهوات المحرمة الوضيعة فتكون تربية البنت الصالحة بمثابة تربية جيل باكمله يقتدي بها من يراها من اخواتها ويتعلم منها الشباب اصول الحياء وطهارة السلوك والعفاف الراقي ويبطل بذلك كيد الكائدين ومؤامرات اليهود المتربصين اربعة الزوج قال صلى الله عليه وسلم لعمة حصين بن محسن رضي الله عنه انظري اين انت منه؟ فانه جنتك ونارك. اي ان زوجك هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار ان سخط عليك فاحسني عشرته ولا تخالفي امره بل رسخ النبي صلى الله عليه وسلم مفهوم هضم النفس والتعالي على الانتصار لها وكبح محاولات كسب معركة الخلاف مع الزوج. حين رغب كل زوجة في دخول الجنة بقوله الا اخبركم بنسائكم من اهل الجنة من اهل الجنة الودود الودود الولود العؤود التي اذا ظلمت قالت هذه يدي في يدك يجي في يدك لا اذوق غمضا حتى ترضى. وهو امر شاق على نفس كل امرأة لكن لا شيء يا اختاه يصعب امام الجنة ولا عقبة تصمد امام اغراء نعيمها بل قد تقف مخالفة الزوجة زوجها وعصيان امره عقبة في طريقها للجنة. وعندها يحق لكل كريم ان يسلي نفسه بزوجات من الحور يعشقنه وينافحن عنه وهو لا زال بعده في دار الدنيا قال صلى الله عليه وسلم لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا الا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله. فانما هو عند دخيل يوشك ان يفارقك اليها. نسائم الاشواق سئل عمرو بن عبيد ما البلاغة فقال ما بلغك الجنة وعدل بك عن النار سابعا سابعا حسن الخلق عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اكثر ما يدخل الناس الجنة. فقال تقوى الله تقوى تقوى الله وحسن الخلق. وحسن الخلق. اخي العاشق كلما كمل ايمانك كلما علا في الجنة مقامك. ولا يكون ايمانك كاملا الا بالخلق الحسن فاكمل المؤمنين ايمانا احسنهم اخلاقا ومن جوامع كليم القرآن في حسن الخلق ما جمع الله عز وجل من المعاني الجمة في الالفاظ القليلة في قوله بالعنف واعرض عن الجاهلين. حتى قال جعفر بن محمد في هذه الاية امر الله بمكارم الاخلاق وليس في القرآن اية اجمع بمكارم الاخلاق منها. حقيقة الاخذ تناول الشيء للانتفاع به واستعمل هنا مجازا للتعبير عن اختيار فعل من بين افعال عديدة لو شاء العبد فمعنى خذ العفو اي عامل به ولا تتلبس بضده والعفو الصفح عن ذنب المذنب وعدم مؤاخذته به وهو مأخوذ من قولهم عفت الريح اثار الاقدام اي محتها. وقد عمت الاية صور العفو كلها لان التعريف في العفو تعريف الجنس فهو مفيد للاستغراق. وامر بالعرف والعرف اسم مرادف للمعروف من الاعمال والامر يشمل النهي عن الضد فان الامر بالمعروف نهي عن المنكر. فالاكتفاء بذكر الامر بالمعروف دون ذكر النهي عن المنكر من ابلغ الايجاز. والتعليم بالعرف كالتعريف في العفو. يفيد الاستغراق وحذف الله المأمور بالعرف ليفيد عموم المأمورين. واعرض عن الجاهلين والاعراض ادارة الوجه عن النظر للشيء. فان الذي يلتفت لا ينظر الى الشيء الذي امامه. وهي استعارة مفادها عدم رد الاساءة بمثلها حيث شبه عدم المؤاخذة على الاساءة بعدم الالتفات لكونه لا يترتب عليه اثر العلم به لان العلم بالشيء يترتب عليه المؤاخذة عليه ولابد. وهي دلالة على نفسية غالية وهمة عالية لا تستفز والصغائر ولا تنالوا منها الاساءات المراد بالجاهيل السفهاء لان التعريف فيه للاستغراق. واعظم الجهل هو الشرك بالله. واراد الحسن توضيح الاية وشرحها بكلمات اكثر فقال حقيقة حسن الخلق بذل المعروف وكف الاذى وطلاقة الوجه. لكن ابا حامد الغزالي خالفه الرأي في مفهوم حسن الخلق وارتباطه بكف الاذى حين قال وليس حسن الخلق كف الاذى بل احتمال الاذى بل زاد عليهما يوسف بن اسباط علامات وامارات لحسن الخلق تفصيلا وابانة حتى عد منها عشرة في بقوله علامة حسن الخلق عشر خصال. قلة الخلاف وحسن الانصاف وترك طلب العثرات وتحسين ما يبدو من السيئات والتماس المعذرة واحتمال الاذى والرجوع بالملامة على النفس والتفرد بمعرفة عيوب النفس دون عيوب غيرها وطلاقة الوجه للصغير والكبير. ولطف الكلام لمن دونه ولمن فوقه السوق السوق والسوء والسوء واكثروا ما تسوء اخلاق الناس عند التعامل بالدينار والدرهم. ولهذا كانت كلمة السوق والسوء متآخيتين لفظا ومعنى ولذا وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسنت اخلاقه في السوق بدخول الجنة فقال ادخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا قال ابن حجر وفيه الحض على السماحة في المعاملة. واستعمال معالي الاخلاق وترك المشاحة. والحض على ترك بالتضييق على الناس في المطالبة واخذ العفو منهم. وفي هذا اشارة اذا كان هذا الغفران في مجرد المساهلة فما بالك بمن تصدق واطعم جياع وكسل عراة وحسن الخلق منه ما هو غريزة ومنه ما يكتسب بالتخلق والاقتداء بغيره. وعشاق الجنة اليوم لا يتأخرون عن بضاعة هي اكثر ما يدخل الناس الجنة. فيتخلقون بالخلق الكريم والسلوك القوي. كان ابو مسلم الخولاني يقول ولو رأيت الجنة عيانا ما كان عندي مستزاد واخيرا شهادة الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبى لمن رآني وامن بي مرآه وطوبى لمن؟ لم يرني وامن بي سبع مرات وكان سفيان ابن عيينة يقول تفسير هذا الحديث وما كان مثله في كتاب الله وهو قوله وكيف تكفرون وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم ايات الله وفيكم وتتكرر البشارة مرة ثانية في قوله صلى الله عليه وسلم يوشك ان تعرفوا اهل الجنة من اهل النار قالوا بما ذاك يا رسول الله؟ قال قال بالثناء الحسن والثناء السيء. انتم شهداء الله بعضكم على بعض وسورة الثناء الحسن او الثناء السيء. وطريقة تحققهما وردت بالتفصيل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم اهل الجنة من ملأ الله اذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسير. واهل النار من ملأ اذنيه من فناء الناس شر وهو يشقى قال الامام المنوي فان قلت ما فائدة قوله وهو يسمع؟ بعد قوله ملأ الله اذنيه قلت قد قالوا فائدته الايمان الى ان ما اتصف به من الخير والشر بلغ من الاشتهار مبلغا عظيما. بحيث لا يتوجه الى محله ولا يجلس بمكان الا ويسمع الناس يصفونه بذلك. فلم تمتلئ اذنيه من معه ذلك بالواسطة والابلاغ بل بالسماع المستفيض المتواتر. وليس مدح البشر فحسب بل ومدح الملائكة. ففي الحديث ان لله تعالى ملائكة في الارض تنطق على السنة بني ادم بما في للمرء من الخير والشر ودل هذا الحديث على ان شهادة الخلق هي نوع الهام من الملائكة. وكأن الملائكة تركب السنتها على بني ادم وهذا الثناء المتواتر من البشر والملائكة يدل على صفاء السريرة وطيب الباطن ولابد والامر كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال كالوعاء اذا طاب اسفلها طاب اعلاه. واذا فسد اسفله فسد اعلاه واسفل ما في الوعاء غير مرئي واعلاه مشاهد. والقصد بالتشبيه ان الظاهر عنوان الباطن. ومن طابت طابت علنيته فاذا اقترن العمل الصالح الظاهر بالاخلاص الباطن اشرقت انوار الطاعات على الجوارح فاضاءت ضالين الطريق بعكس ما اذا اقترن برياء واعجاب وكبر وخيلاء فان ذلك يكسبه ظلمة تجعل الناس يفرون منها ثامنا ثامنا الاخوة الايمانية ما اجمل هذا الحديث عن فضل الاخوة في الله قال صلى الله عليه وسلم الا اخبركم برجالكم من اهل الجنة؟ النبي في الجنة. والشهيد في الجنة. والصديق في الجنة والمولود في في الجنة. والرجل يزور اخاه في ناحية النصر في الله في الجنة ويزور اخاه المقصود بها الاخوة الايمانية لا اخوة المصلحة والمنفعة والمداهنة بل لوجه الله وحده ولكونه يحب اخاه لا يحبه الا لله. واراد بقوله في ناحية مصر اي في مكان شاسع عنه. فلم يقعده بعد المسافات عن هذه الزيارات. فكان هذا دليل صدق محبته ونبله باخوته فكافاه الله بالجنة بشارة للمتزاورين في الله وكما تزاور الاخوان في الدنيا يظل حبل المحبة متصلا بينهم في الاخرة فيتزاورون في الجنة لكن ما العمل اذا تفاوتت الدرجات بين الاخوان؟ فكان بعضهم في اعلى درجات الجنة وبعضهم اسفلها اسمعوا البشارة يا معشر الاخوان قال يحيى ابن ابي كثير لا يؤذن للاسفل بزيارة الاعلى الا من كان يزور في الله. فانه يؤذن له يزور من الجنة حيث يشاء وهنا الفرحة التي لا يسعها قلب عبد ان يجمع الله في الجنة بينك وبين البررة الاتقياء. وسادة الشهداء ويرفعك الى درجاتهم بفضل انك احببتهم في الله في الله في الله