الفصل الخامس واخرون باعوا اخواني خرج ابونا من الجنة بذنب واحد ونحن نريد دخولها بكل هذه الذنوب وهي خلاصة موعظة ابي النظر سالم ابن ابي امية وهو من تابع المدينة وكان يفد على عمر ابن عبدالعزيز ويعظه قال له يوما يا امير المؤمنين عبد خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته واسكنه جنة عصاه مرة واحدة فاخرجه من الجنة بتلك الخطيئة الواحدة وانا وانت نعصي الله كل يوم مرارا ونتمنى على الله الجنة ومعلوم ان كل من مات على التوحيد يدخل الجنة. قد يدخل النار فترة لكن لا يخلد فيها ما دام في قلبه مثقال ذرة من ايمان ولو عمل من المعاصي ما عمل. كما انه لا يدخل الجنة احد مات على الكفر ولو عمل من اعمال البر ما عمل. وهذا اعتقاد اهل السنة والجماعة. فالاحاديث التي تحوي قوله لا يدخل الجنة معناها اذا الف لا يدخل الجنة دون مجازاة انجازه الله وقد يتكرم الله بالا يجازيه. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقد يكون ذلك بسبب او بغير سبب ووعيد الله لعصاة المسلمين بالخيار ان شاء عذبهم وان شاء عفا عنهم باء او لا يدخلها مع المتقين اول وهلة. بل يتأخر جيم او هو محمول على من استحل الذنب البائع الاول المتبرجات. قال صلى الله عليه وسلم وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات. لا يدخل الجنة منهن الا مثل الغراب الاعصاب في الاعصاب الاعصاب عدة اسباب تقف وراء هذه العقوبة الشديدة والحرمان المريع الاول السيئات المضاعفة التي تجنيها المتبرجة من وراء كل مرة تخرج فيها وكل عين تقع عليه سبب ثان هو اصرارها على ذنبها وتكراره مع عدم التوبة منها والسبب الثالث الاستصغار حيث تستصغر المتبرية ذنبها. تعتاده في البداية ثم تستصغره في منتصف الطريق ثم يتدهور ايمانها في النهاية لينسلخ من قلبها. كل استقباح للذنب. وتعود تفاخر بزينتها وتبرجها ورابع اثم الدعوة الصامتة الى تبرجها خاصة اذا كانت من القدوات اللاتي تؤثر في غيرها من النساء. لتبوء باثم تحريك رغبة الشر في النفوس وترغيب غيرها في التبرج وحملهن عليه والسبب الخامس مجاهرة صاحبته به وشتان ما بين ذنوب السر وذنوب العلانية عند الله. لان ستر الله على العبد في الدنيا في فيه رجاء عدم فضحه به في الاخرة. وستر الله نعمة عظمى. يستر سبحانه القبيح ويظهر الجميل كفر بنعمة الستر وركل لها. ولذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان قال بعد رجم ماعز الاسلمي لزناه اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها. فمن الم فليستتر بستر الله عز وجل ومن هنا قال ابن القيم المستخفي بما يرتكبه اقل اثما من المجاهر المستعلبة. والكاتم له اقل اثم من من المخبر المحدث للناس به فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه البائع الثاني. جار السوء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة. من لا يأمن جاره بوائقه والبوائق هي جمع بائقة وهي الشرور. وفي المثل الذي يضرب لمعاناة جار السوء قول من باع داره جاري ولم ابع داري. ولذا قال الشاعر يلومونني ان بعت بالرخص منزلي ولم يعلموا جارا هناك ينغص فقلت لهم كفوا الملام فانما بجيرتها تغلو الديار وترخص ولذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من جار السوء. وعلمنا ان نستعيذ منه قائلا. اللهم اني اعوذ بك من جار السوء في دار المقام فان جار البادية يتحول وفي العصر الحديث ساءت الاخلاق وضاقت النفوس وزادت الجهالات وعمت العداوات. فاين هذا من عصور مضت وكان الرجل فيما مضى اذا اراد شيئا جاره او صاحبه طلب حاجته الى غيره وهؤلاء كان احدهم يرعى الجار ولو جار ويكرم الحميم ولو جرعه الحميم. ويستقل عطاءه الجزيل اذا قدم للنزيل. ويغمر الزميل بالجميل وينزل سميره منزلة اميره. فليت خطاب الجنة اليوم يسلكون نفس الطريق البائع الثالث مريض القلب عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة. الشيخ الزاني والامام الكذاب والعائن المزهول وقد روى ابو هريرة رضي الله عنه حديثا اخر خص هؤلاء الثلاثة ليس فقط بالحرمان من دخول الجنة على هول هذه الكارثة وانما اخرى متتالية فقال مخبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم ولهم عذاب اليم. شيخ زالد وملك كذاب وعائل مستطاع السبب في فداحة جريمة هؤلاء ما شرعه القاضي عياض. سببه ان كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه وعدم ضرورته اليها وضعف دواعيها عنده وان كان لا يعذر احد بذنب لكن لما لم يكن الى هذه المعاصي ضرورة مزعجة ولا دواء متعدية اشبه اقدامهم عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها فان الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مر عليه من الزمان وضعف اسباب الجماع والشهوة للنساء واختلال دواعيه. لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا. ويخلي سره منه فكيف بالزنا الحرام؟ وانما دواعي ذلك عند الشباب الحرارة الغريزية. وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل بل السن وكذلك الامام لا يخشى من احد من رعيته. ولا يحتاج الى مداهنته ومصانعته. فاذا الانسان عندما يداهن ويصانع بالكذب من ويخشى اباه ومعاتبته. او يطلب عنده بذلك منزلة او منفعة. وهو غني عن الكذب مطلقا. وكذلك العائل قد عدم المال وانما سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع على القرناء الثروة في الدنيا بكونه ظاهر فيها وحاجات الناس اليه فاذا لم يكن عنده اسبابها. فلماذا يستكبر ويحتقر غيره فلم يبقى فعله وفعل الشيخ الزاني والامام الكاذب الا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى والله وعلى ماذا؟ نسائم الاشواق. قال ابن القيم ومن هداية الحمار الذي هو من ابلد الحيوان ان الرجل يسير به ويأتي به منزله من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فاذا خلي جاء اليه ويفرق بين الصوت الذي يستوقف به والصوت الذي يحث به على السير فمن لم يعرف الطريق الى منزله الاول وهو الجنة فهو ابلد من حمار البائع الرابع. المتكبر. المتكبر. المتكبر. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من في قلبه المثقال ذرة من كبر فمثقال الذرة من الكبر تمنع دخول الجنة ويا لها من عقوبة شديدة دفعت كبار الصحابة الى التفتيش في قلوبهم عن ذرات الكبر وبقاياه. هذا عبدالله بن سلف تمر بقوم وعلى رأسه حزمة حطب فقال له ناس ما يحملك على هذا وقد اغناك الله فقال اردت ان ادفع به الكبر وذلك اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة عبد في قلبه مثقال ذرة من كبر ولماذا يمنع الكبر من دخول الجنة لعل السبب في ذلك ان الكبر رسول البخت ويورث مقتل الناس ويوغر صدور الاخوان. والناس شهداء الله في الارض فمن كرهه الناس كرهه الله ولابد. وهل يدخل الله جنته عبدا يكرهه. لذا بشر النبي صلى الله عليه وسلم من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث دخل الجنة. الكبر والدين والغلو ويكفي الكبر شؤما انه اول معصية ارتكبت في الوجود. حين تكبر ابليس فطرد من الجنة. ومن قلد الشيطان في ناله نفس مصيره. فطرد كما طرد. وان اتى بالاعمال الصالحة والقربات الظاهرة. ولذا لما سئل سلمان عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة؟ فقال الكبر. ومن هنا حق لغير واحد من الحكماء ان يعتبر ان الكبر فضل حمق لم يدري صاحبه اين يضعه. وربنا عز وجل تعجب من كبر عباده مع حقارة ما خلقوا منه. فاوحى الى رسوله صلى الله عليه وسلم ليبعث الينا بهذه الرسالة العلوية ويقدم لنا هذا المشهد المعبر. عن بشر ابني جحاش رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوم من على كفه ووضع عليها اصبعه ثم قال يقول الله تعالى يا ابن ادم انا تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى اذا سويتك وعدمتك فشيت بين بردين والارض منك وايج فجمعت ومنعت حتى اذا بلغت التراقي قلت اتصدق؟ وان اوان الصدقة ومن صور الكبر التي قد تغزو القلب وتسكنه دون ان يشعر عدم الخضوع للحق حين تسمعه من اصغر منك او حتى اجهل منك حب مشي الناس حولك واجتماعهم عليك. الانافة من مجالسة البسطاء والفقراء. الترفع عن قضاء حوائجنا عدم الاعتراف بالخطأ والمكابرة فيه. رؤية فضلك على من هو دونك. فلا ترى احدا الا لا ولنفسك الفضل عليه البائع الخامس. النمام. النمام. قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة نمام وفي رواية اخرى قد تأتي لكن ما النميمة النميمة نقل كلام الناس بعضهم الى بعض. على جهة الافساد بينهم. والنمام معناه في كلام العرب الذي لا يمسك الاحاديث ولم يحفظها من قولهم جلود نمت اذا كانت لا تمسك الماء يقال نم فلان اذا ضيع الاحاديث ولم يحفظها او هاد ويقال للدمام القتات اذا مشى بالنميمة. القتات هو الذي يجمع القط وهو ما يوقد به النار من حشيش وصغار الحطب وزاد ابو حامد الغزالي حد النميمة كشف ما يكره كشفه. سواء كرهه المنقول عنه او المنقول اليه او طرف ثالث. وسواء الكشف بالكناية او بالرمز او بالاماء فحقيقة النميمة افشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه. فلو رآك يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة وهي تنبعث من نفسية مريضة لا تقع الا على الخبيث كما وصف ابن زنجي البغدادي نفرا يمشون في الناس يبغون العيوب لمن لا عيب فيه لكي يستشرف العطب ان يعلم الخير يخفوه وان علموا شرا اذاعوا وان لم يعلموا كذبوا. وصف بعض الزهاد النمام بصاحب جرائم الثلاثة حيث جاء رجل الى حاتم الزاهد بنميمة فقال يا هذا ابطأت عني وجئت بثلاث جنايات بغطى الي الحبيب وشغلت قلبي الفارغ والبست نفسك التهمة عندي وانت امن. فكم دم اراقه سعي ساعي وكم من صفيين تباعدا؟ وكم من متواصلين تقاطعا؟ وكم من محبين تفرقا؟ وكم من الفين تهاجرا؟ وكم كم من زوجين تطالقا فالنمامون لصوص المودات اذا سرق اللصوص المتاع سرقوهم المودة. لذا كرههم الله اكثر من كره من خلقه. فقد وجد في في حكم القدماء ابغض الناس الى الله المثلث قال الاصمعي هو الرجل يسعى باخيه الى الامام فيهلك نفسه واخاه وامامه. اي يهلك نفسه عند الله بوشايته ويهلكوا اخاه في الدنيا ببطش الامام به. ويهلك الامام في الاخرة بدفعه نحو الظر من نم في الناس لم تؤمن عقاربه على الصديق ولم تؤمن افاعيه. كالسيل بالليل لا يدري به احد من اين جاء ولا من اين يأتيه فالويل للعهد منه كيف ينقضه؟ والويل للود منه كيف يفتيه ولذا ولكي يحبط كيد النمام في مهده نصح ابو حامد الغزالي قائل كل من حملت اليه نميمة وقيل له فلان يقول فيك او يفعل فيك كذا فعليه ستة امور. الاول الا يصدقه لان النمام فاسق وهو مردود الشهادة. قال تعالى فاسقون بنبأ فتبينوا فتبينوا تصوموا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ولذا كان خالد بن صفوان يقول قبول قول النمام شر من النميمة لان النميمة دلالة والقبول اجازة وليس من دل على شيء كمن قبل واجاز. الثاني ان ينهاه عن ذلك. وينصح ويقبح له فعله. الثالث ان يبغضه في الله تعالى. فانه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من ابغضه الله تعالى. الرابع الا يظن باخيه الغائب السوء. الخامس الا يحمده ما حكي اليه على التجسس والبحث عن ذلك. السادس الا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه. فلا يحكي نميمته عنه فيقول فلان حكى كذا وكذا فيصير به نماما ويكون اتيا ما نهى عنه. واذا سمعت نميمة فتعدها وتحفظن من الذي انباكها وذري النميمة لا تكن من اهلها وتجنب من صاغها اوحاكها البائع السادس اكل الحرام عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة جسد غذي بحرارة نفس الوصية تكررت على لسان رسولنا صلى الله عليه وسلم. لاهميتها ورحمته بنا. عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم خاطب احد اصحابه يا كعب بن عدة انه لا يدخل الجنة لحم النبت منه ومن هنا يتضح ان اكل الحرام مطرود عن باب الجنة واذا كان الجنب ممنوعا من دخول بيت الله والمحدث محرم عليه ان يمس كتاب الله مع ان الجنابة هو الحدث حدثان مباحان فكيف بالمنغمس في وحي الحرام وخبث الشهوات؟ لا شك ان لحمه الخبيث جعله مطرودا من اطهر مكان جنة الخلد والتي سميت لطهرها من كل الافات حظيرة القدس والقدس الطهر لذا لا تقبلوا ان يسكنها الا الاطهار. لذا اندهش ابن الجوزي على صفحات كتابه المدهش قائلا من نبت جسمه على الحرام فمكاسبه كبريت به يوقد وفضح ابو حامد الغزالي عبادة المغترين من اكل الحرام حين صرح العبادة مع اكل الحرام كالبناء على امواج البحار. يوسف ابن اسباط وكانه استرق السمع الى حديث ابليس مع اعوانه. ثم نقل لنا ما سمعه فقال قال ان الشاب اذا تعبد قال الشيطان لاعواده. انظروا من اين مطعمه فان كان مطعم سوء قال دعوه يتعب ويجتهد فقد كفاكم نفسه ان اجتهاده مع اكل الحرام لا ينفعه البائع السابع. البائع السابع. الامام الغشاش. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امام يبيت غاشا لرعيته الا حرم الله عليه الجنة وغش الرعية بسرقة ثرواتها وكتمان الاسرار عنها وايثار المصلحة الفردية على المصلحة العامة. والكذب عليها وهو نوع من المكر والخلاف دعه وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء فقال من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار. وهذه ثلاثتها من الكبائر قال المينوي واخذ الذهبي من الوعيد على ذلك ان الثلاثة من الكبائر فعدها منها ويقتضي عدم الغش تقديم النصح كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد استرعاه الله راعيه فلم يحطها بنصيحة الا لم يجد رائحة الجنة. والحديث دليل على عظم المسئولية على كل من ولي رعيه. ومنه الرجل مع اهل بيته وكل من ولي امرا من امور المسلمين بان يحفظ حقهم في نصحهم وعدم الغش لهم قال الامام النووي قال القاضي عياض معناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من امرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم او دنياهم. فاذا خان فيما اؤتمن عليه فلم ينصح فيما تقلدن ده اما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم واخذهم به واما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متعد لادخال داخلة فيها او تحريف لمعانيها او اهمال حدودهم او تضييع حقوقهم او ترك حماية حوزتهم ومجاهدة ويهم او ترك سيرة العدل فيهم قد غشهم