الفصل السادس قيادة النفس الى الجنة. الجنة اولا عن ابي واقد الليثي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس حوله اذ اقبل ثلاثة نفر فاقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فلما وقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلما. فاما احدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها. واما الاخر فجلسوا خلفهم واما الثالث فادبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم عن النثر الثلاثة؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال اما احدهم فاوى الى الله فاواه الله واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه. واما الاخر فاعرض فاعرض الله عنه هذا الحديث يلخص على نحو موجز ورائع موقف الناس من الله والسير اليه. وكيف ان جزاء كل واحد منهم كان من جنس عمله الاول اوى الى الله فاواه الله وفيه المسابقة الى سد الفرج بمعنى التقدم الى مواطن البذل والخيرات قبل الغيث. والسبق اليها ثوابها الرائع ايواء الله الخالق العظيم الذي لا يقيد كرمه شيء ولا تضيق به حدود الجزاء الاحسان الا الاحسان سد الفرج فيه معنى سد الثغرات التي لا تسد الا بك فاذا كنت في مكان لا ينصر فيه الاسلام او يؤمر بمعروف او ينهى عن منكر او ترد غيبة مسلم او يغض بصره او يمسك لسانه غيرك بحيث تكون الفضيلة متوقفة عليك والا ماتت والخير نابع من وجودك والا انعدم فعندها يتضاعف ثوابك وتنال اجر السابقين. واما الاخر فاستحي ياء فاستحيا الله منه اي ترك المزاحمة وتخطي الرقاب حياء من الله تعالى. ومن النبي صلى الله عليه وسلم والحضور او استحياء منهم ان تأخر ولم يدرك الحلقة. او استحى ان يعرض ذاهبا كما فعل الاول. فاستحيا الله منه رحمه ولم يعذبه. وقيل جازاه بعظيم الثواب. لكنه مع ذلك لم يلحق بدرجة صاحبه الاول في الفضل الرتبة الذي اواه الله واكرمه بلطفه وقربه فشتان ما بين الدرجتين واما الثالث فاعرض فاعرض الله عنه وفي رواية انس رضي الله عنه فاستغنى فاستغنى الله عنه. اي لم يرحمه وسخط عليه. وفي هذا اشارة الى ان هذا الرجل ذهب معرضا عن الخير لا لعذر وضوء. وفيه ذم من زهد في الخير واعرض. وهذا حال اكثر الخلق ما ناجى بعض الصالحين ربهم فقال الهي ما اكثر المعترضين عليك والمعرضين عنك وما اقل المتعرضين لك وان المرء تتعدد اهدافه في الحياة على حسب مراحل حياته ومسؤولياته التي تتراكم عليه كلما تقدم في العمر فهل تبقى الجنة في سلم الاولويات؟ ان تتراجعوا في ظل الضغوط والمغريات. هذا هو السؤال الذي يحتاج من كل منا الى اجابة وبسبب نسيان الانسان وغفلته وجد عبدالقادر الجيلاني نفسه مضطرا الى ان يقول اجعل اخرتك رأس مالك ودنياك ربحه واصرف زمانك اولا في تحصيل اخرتك سم ان فضل من زمانك شيء اصرفه في دنياك وفي طلب معاشك ولا تجعل دنياك رأس مالك واخرتك ربحه. ثم ان فضل من الزمان فضلة صرفتها في اخره فكر وطمأن الحسن البصري جموع الخائفين وعموم الحريصين على دنياهم والباذلين في سبيلها كل ما يملكون. فقال موجها خطابه الى الشباب خاصة يا معشر الشباب عليكم بالاخرة فاطلبوها. فكثيرا رأينا من طلب الاخرة فادركها مع الدنيا وما رأينا احدا طلب الدنيا فادرك الاخرة مع الدنيا واحد واحد ابدأ بالاساس. ابدأ بالاساس. الاعتماد على النافلة واضاعة الفريضة من اشهر تلبيسات ابليس قال ابن الجوزي ومن العوام من يعتمد على نافلة ويضيع فرائض مثل ان يحضر المسجد قبل الاذان. ويتدفل فاذا صلى مأموما سابق الامام منهم من لا يحضر في اوقات الفرائض ويزاحم ليلة الرغائب. ومنهم من يتعبد ويبكي وهو مصر على الفواحش لا يتركها فان قيل له قال سيئة وحسنة والله غفور رحيم. وجمهورهم يتعبد برأيه فيفسد اكثر مما يصلح ورأيت رجلا منهم قد حفظ القرآن وتزهد ثم احب نفسه وهذا من افحش الفواحش ولذا اوصى الشيخ عبد القادر الجيلاني ينبغي للمؤمن ان يشتغل اولا بالفرائض فاذا فرغ منها اشتغل بالسنن. ثم يشتغل بالنوافل والفضائل. فما لم يفرغ من الفرائض فالاشتغال بالسنن حمق ورعونة فان اشتغل بالسنن والنوافل قبل الفرائض لم يقبل منه واهين فمثله مثل رجل يدعوه الملك الى خدمته. فلا يأتي اليه ويقف في خدمة الامير الذي هو غلام الملك وخادمه وتحت يده وولايته اثنان البداية الصعبة. اخي اول الغيث قطر ثم ينسكب. المهم ان تبدأ جاء رجل كافر الى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اسلم اسلم اسلم قال اجدني كارها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اسلم وان كنت كارها قال ابن رجب في فتح الباري وهذا يدل على صحة الاسلام مع نفور القلب عنه وكراهيته له لكن اذا دخل في الاسلام واعتاده والفه دخل حبه قلبه ووجد حلاوته فالمهم اذا ان تبدأ ثم تستمر. وتظل تقاوم الشيطان في توهينه لك عن طاعتك. حتى يشرق نور الايمان في قلبك وبعدها الحلاوة واللذة بعد الالم الذي صادف في البداية ان مراحل العبد مع اي طاعة من الطاعات ثلاثة. مجاهدة وفيها المشقة البالغة وذلك عند الابتداء. ثم اعتياد والفة وفيها كسر حواجز مقاومة النفس الى ان تسلم القيادة للهداية سم المرحلة الثالثة وهي الاستمتاع والتلذذ وهي بمثابة مكافأة للعبد على صبره ومثابرته وعزمه ومداومته. وجنة الدنيا التي تبشره بقرب جنة الاخرة فهذه بمثابة محطات ثلاث متتالية. على طريق السير الى الله. ومحال ان تدرك المحطة الثالثة ما لم تقطع اولى والثانية. ومن هنا كانت المداومة على العمل الصالح هي اكثر ما يحب الله. احب الاعمال الى الله ادومها وان قل فاذا فعلت ما يحبه ربك بادلك حبا بحب. واذا احبك فهنيئا لك انهمار البركات كان سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به. فكنت الطاعة عندك كتنفس الهواء وجريان الماء. اما المعصية فهي عناء في عناء. الاستمرار اذا هو مفتاح اللغز واصل القضية مهما كان معه من معاناة. وبه تدور طلوش التي كانت تصدأ من طول الانتظار وتراكم الاوزار لتبدأ عملها في احياء البدن باذن الله وتعلم من الكفار الذين لا يؤمنون بجنة او نار. فقد نقل الامام الشوكاني عن افلاطون كلمة رائعة حيث قال وما احسن ما حكاه بعض اهل العلم عن افلاطون فانه قال الفضائل مرة الاوائل حلوة العواقب والرذائل حلوة الاوائل مرة العواقب. والى هذا اشار الحكيم الترمذي في كتابه النفيس ادب النفس فقال الا ترى الصبي انما اعتاد ثدي امه؟ كيف سكوته بذلك الثدي؟ عندما يحن اذا فقده. وكيف يفرح به اذا وجده فكذلك النفس الشهوانية. فاذا فطم الصبي انفطر حتى لا يلتفت الى الثدي بعد ذلك. لانه وجد الوان الاطعمة فلا يحن الى اللبن فكذلك النفس اذا وجدت طيب اليقين وروح قرب الله تعالى وحلاوة فلله عز وجل وجميل نظره لها لم تحن الى تلك الشهوات قاعدة ذهبية براقة وبمجرد ان تعلم عليك ان تعمل. فان ذلك يرسخ العلم في القلب وينميه. قال ابن تيمية فان العمل بموجب العلم يثبته ويقرره ومخالفته تضعفه. بل قد تذهبه. قال الله تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم. وقال تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا كما لم يؤمنوا به لاول مرة وقال تعالى ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم اشد تثبيتا نسائم الاشواق قال ابن الجوزي وعجبا لتاجر يرضى بتعب شهر ليتمتع بربح سنة فكيف لا يصبر ايام عمره القليلة ليلتذ بربحها ابدا ثلاثة ثلاثة ثماني طرق ثمان طرق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من انفق زوجين في سبيل الله نودي من ابواب الجنة. يا عبد الله هذا خير. فمن كان من اهل الصلاة دعي من باب الصلاة من كان من اهل الجهاد دعي من باب الجهاد. ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان. ومن كان من اهل الصدقة دعي من باب الصدقة فقال لي الصدقة قال ابو بكر هل يدعى احد من تلك الابواب كلها قال نعم وارجو ان تكون منهم الصديق وما ادراك ما الصديق ما اعلى هذه الهمة واكبر هذه النفس ما يضره من اي باب دخل اذا كان المستقر الجنة. لكنها الهمم لا تعلم بابا من الاجر اعلى الا سعت اليه. وهمة لا تقبل بالدون وتنافس نفسها كل يوم ان تدرك ما لم يدرك بالامس هو في سرعة سيره الى الله وكأنه في منحدر لكنه منحدر يرتقي به الى الجنة. بز الرجال وجاز الصدق مبتدأ كانه مصعد ينحط من صممه قال الحافظ ابن حجر ويحتمل ان يكون المراد بالابواب التي يدعى منها ابوابا من داخل ابواب الجنة الاصلية. لان الاعمال الصالحة اكثر عددا من ثمانية والله اعلم فكل منا واقف على باب من الابواب. يرجو منه الولوج الى الجنة. المجاهد في معركته. والعامل في مصنعه. والمهندس في موقعه والطالب في جامعته والمنفق في بذله والام في بيتها. والزوجة في طاعة زوجها. كل هؤلاء يخطبون الجنة كل بطريقته وكلها طرق مؤدية الى الجنة باذن الله لكن بعض هذه الابواب مزدحم امامه طابور طويل. وبعضها خاو. والذكي هو الذي يطرق مثل الابواب الشاغرة ينشد عدم الانتظار وسرعة الولوج الى الجنة فمثلا كثير من الناس يصلي فهذا باب مزدحم. لكن قليلا منهم من يستيقظ في السحر يستغفر فهذا باب خاوي. كلهم رمضان وبعض ايام الشتاء لكن لا يصبر على حر الصيف الذي يقطع الجوف من العطش الا القليل. وما اكثر من يتصدق وقليل من يفعله من الاغنياء الذين لم تلههم اموالهم عن ذكر الله. فاذا جاءت الصدقة من فقير فهذا قليل من قليل وهكذا فتلفت حولك. وابحث عما هجر الناس من خير وزهدوا فيه من فضل. فتقدم الى بابه طارقا منتشيا انك احييت ما اماتو. وسرت وحدك في طريق للخير مهجور. وفي حديث ابي بكر كذلك ملمح من ملامح رحمة الله بنا الذي راعى اختلاف امكانات البشر وتغير الظروف وتنوع الميول والرغبات وهي رسالة مفادها انه لم يعد لاحد عذر. فالكل يملك الثمن ولن يعدم احد شيئا يقدمه لشراء الجنة اي شيء. والدليل حديث ابي ذر. فما حديث ابي ذر؟ عن ابي كثير السحيمي عن ابيه قال سألت ابا ذر قلت دلني على عمل اذا عمل العبد به دخل الجنة قال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تؤمن بالله واليوم الاخر. قلت يا رسول الله ان مع الايمان عملا. قال يرضخ مما رزقه الله قلت يا رسول الله ارأيت ان كان فقيرا لا يجد ما يرضخ به؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت يا رسول الله ارأيت ان كان عييا لا يستطيع ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. قال يصنع لي اخرس. يصنع لي اخرس. يصنع لي اخرس قل ارأيت ان كان اخرق لا يستطيع ان يصنع شيئا. قال يعين مغلوبا قلت ارأيت ان كان ضعيفا لا يستطيع ان يعين مغلوبا. قال ما تريدوا ان يكون في صاحبك من خير يمسك عن اذى الناس فقلت يا رسول الله اذا فعل ذلك دخل الجنة قال ما من مسلم يفعل خصلة من هؤلاء الا اخذت بيده حتى تدخله الجنة الدال على الجنة يدخلها. لا تكن انانيا. بل احب لغيرك الخير كما تحب الجنة لنفسك وادعو من حولك الى نعيمها اذا رأيته اشتغل بالرخيص عن النفيس واثر الزائل على الخالد وهذه الدعوة هي وراثة الانبياء الحقة. ومن احب شيئا اكثر من ذكره فهل تحب الجنة وهل تدعو غيرك اليها؟ وهل تعلم ان دعوتك الى الجنة وكثرة ذكرها تضاعف حبها في قلبك وتجعلك على البذل اقدر؟ هل تحب ابناءك؟ هل تحب زوجتك والديك؟ هل تحثهم على الجنة وتدلهم عليها؟ هل يسرك ان تكون في الجنة ومن تحب منهم النار اذا لم ترد ذلك فقدم دعوتهم الى الجنة واشتغل في ان تكون دليلا لهم عليها اذا دخلت الجنة هل تدخلها وحدك؟ ومن يكون في ركابك؟ ما اشد حسرتك وانت ترى من اهل الجنة من يأتي ومعه ومعه الرجلان ومنهم معه المئة والمائتان بل وبعضهم يتبعه الالاف. فاين انت من هذا الكنز يا مسكين اشغلك عنه اليوم عبث في الفلس والطين؟ واذا كنت محبا للصدارة في الدنيا فكيف لا تحبها في الاخرة وهي الادوم؟ كيف لا ان تكون قائدا الى الجنة وطمعك منصب على قيادة دنيوية خمسة خمسة الانتفاضة الثانية. انتفض على ضعفك. وابدأ من فورك باقصى قوة. فالبدايات الضعيفة تؤدي ولابد الى النهايات الضعيفة. وجلد وعجز الثقة هما من علامات عدم الثقة في الجزاء الاعلى والاغترار بالموجود التافه الادنى ومن اقبح الاخلاق اخلاف الوعد مع الله وهو ان تعد ربك في لحظة صدق بان تشتري الجنة ثم تنقص. ولقد روي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه انه كان وعد رجلا من قريش ان يزوجه ابنته. فلما كان عند موته ارسل اليه فزوجه قائلا كرهت ان القى الله بثلث النفاق والذين وعدوا ربهم حري بهم ان يكونوا اصدقاء واحسن. اخي وانت يا اختاه الحلول الوسط لا تصلح الجنة والتأرجح بين عمل اهل الدارين لن يوصل الى نتيجة. وصلاح يوم وفساد اخر لا يورث نتيجة المرجوة. والتذبذب بين النشاط والفتور مخاطرة جسيلة. وهل هناك اشد خطرا من ان تقامر بعمرك في صفقة تخسر فيها الجنة بالنار وكلما كان السن اصغر كان العزم اقوى والوفاء اسهل. وهي وصية السري السقطي لجموع ابي بعد ما شاب. فعن الجنيد بن محمد قال كان السري يقول لنا ونحن حوله انا لكم عبرة يا معشر الشباب اعملوا فانما العمل في الشبيبة ستة الارادة والمقدرة. قد تملك الارادة الكبيرة والرغبة الجارفة وعشق الجنة المتجذرة في اعماق لكن قدرتك وامكاناتك ومواردك لا تسعفك. كان تكون مديرا تقضي الساعات الطوال في عملك او فقيرا. تكالبت عليه لمطالب المعيشة واحتياجات العيال او تكونين ربة بيت ترعين اطفالا واسرة كبيرة وعندها قد تجبر الارادة الصادقة القدرة الخايرة لكن عالي الهمة وخاطب الجنة. يتفنن في الاستفادة من الموارد المتاحة. والبحث عن اي قطرة جهد او بذل يقدمها لمحبوبته ويبذلها لغايته. فيجدد نيته فيما شغل به ويوظفه للغاية الكبرى يرج بذلك نيل الجنة والفوز بها فلا يشكون احد بعد اليوم ضعف موالده وعدم سماح ظروفه. فاين الرغبة والارادة في قلبك اذا سبعة النظر الى الاعلى راحة. روح التسابق اذا سرت بين المؤمنين رأيت العجب. تسابق على نطاق الاجيال بين جيلنا الحالي واجيال السلف ومنافسة اصحاب الهمم العالية والسابقين الى الخيرات ولو كانوا الصحابة. قال سفيان بن عيينة وهو يتكلم عن عبدالله بن المبارك ويقارنه بغيره من الصحابة. نظرت في امر الصحابة وامر عبد الله فما رأيت لهم فضلا الا بصحبتهم نبيا صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه. تسابق على نطاق افراد الجيل الواحد بعضهم وبعض. بين جيرانك او زملاء عملك او اعضاء عائلتك تسابق على نطاق كل الاصعدة والمجالات. فتسعى لتكون اكثر الناس انفاقا او اخشعهم صلاة او اكثرهم صياما او احسنهم خلقا. وبدون هذا التنافس والتطلع الى اهل السبق تفتر همة الكافرين وتبرد قال ابن الجوزي ومما يزيل كسلك ان تأملته ان تتخايل ثواب المجتهدين وقد فاتك. ويكفي ذلك في توبيخ المقصر ان له نفس فاما ميت الهمة فما لجرح بميت اله. كيف بك اذا قمت من قبرك وقد خربت نجائب النجاة اقوام وتعثرت واسرعت اقدام الصالحين على الصراط وتخبطت. هيهات ذهبت حلاوة البطالة وبقيت مرارة الاسف ونضب ماء الكسل وبقي رسوم الندامة فيا خاطبا حور الجنة وهو لا يملك فلسا من عزيمة. افتح عين الفكر في ضوء العبر لعلك تبصر خطابك فان رأيت تثبيتا من الباطن فاستغث بعون اللطف. وتنبه في الاسحار لعلك تتلمح ركب الارض ارباح وتعلق على خطاب المستغفرين ولو خطوات. وانزل في رباع المجتهدين ولو منزلا. اي منزل نسائم الاشخاص قيل للعتابي ان فلانا بعيد الهمة. قال اذا لا يقنع بدون الجنة. وقيل له ان فلانا عالم بعيد الهمة قال اذا لا يفرح بالدنيا ثمانية ثمانية طلق اعداءك في معنى خفافا وثقالا اورد ابن الجوزي احد عشر قولا احدها شيوخا وشبابا. الثاني رجالة وركبانا. الثالث نشاطا وغير نشاط. الرابع اغنياء وفقراء. الخامس ذوي عيال وبغير عيال. السادس ذوي ضياع وغير ذوي ضياع. والسابع ذوي اشغال وغير ذوي اشغال. والثامن اصحاء ومرضى. والتاسع عزابا ومتأهلين. والعاشر خفافا الى الطاعة وثقالا عن المخالفة. والحادي عشر خفافا من السلاح وثقالا بالاستكثار منه وان كانت الاية واردة في الجهاد لكن اسقاط معانيها على طالب الجنة مقبول اذ الجهاد احد ابرز الطرق الموصلة اليها فهيا جميعا مهما كانت اعماركم احوالكم كلكم بلا استثناء اطلبوا الجنة جهدكم وابذلوا في سبيلها ارواحكم ولا عذر لاحد منكم في التأخر عن الركب بعد كل هذا الترغيب والتشويق كيف وقد انتفت عنكم الجهالة وعرفتم عظمة المطلوب فالى متى الغفلة؟ الى متى غير الحق؟ الى متى الهوى؟ الى متى الى متى غير الجنة؟ اخي عقد الصفقة وبائع الدنيا في سبيل الاخرة اجعل همك الاول الجنة. واقطع قائمة اعذار التخلف عنها بعزمك. واحزم امتعتك نحوها بهمتك. ثم حالك في حي عشاقها وقف على عرفاتهم. وطف بصيرتهم كلما عدت الدنيا حولك بعشاق الزيف البارد. والدنيا هي الزائلة واعلم ان كثرة ذكر سير عشاق الجنة تدفع المبحرين الى خضم البذل وامواج العمل دون تردد او اجل فهيا جميعا انطلقوا اما المتسلحون بالاعذار المتعللون بالاوهام فهؤلاء في واد وعشاق الجنة في واد. وهي الصيحة العالية التي اطلقها ابو عبدالله القرشي يصك بها الاذان الصم ويعالج قلوب المتلكئين ويمزق قائمة اعذارهم التي لا تنتهي بقوله سيروا الى الله تعالى. عرجا ومكاسيا. فان انتظار الصحة بطالة تسعة تسعة وظف ذنوبك ذنوبك ذنوبك لا تيأس ان كان الشيطان قد استذلك وتعلم من ذنبك واستخدمه في بناء صرح ايمانك فالاخفاق اساس النجاح. وربما كان الذنب سبب في العودة الى الله وتصحيح المسيرة. مثلما حدث مع الكثيرين. منهم خامس الخلفاء عمر بن عبدالعزيز. الذي روى عنه ابن كثير ان انه ضرب خبيب بن عبدالله بن الزبير خمسين صوتا بامر الوليد. الوليد بن عبدالملك وصب فوق رأس رأسه قربة من ماء بارد في يوم شتاء بارد واقامه على باب المسجد يومها فمات رحمه الله. وكان عمر بن عبدالعزيز عزيز بعد موت خبيب شديد الخوف لا يأمن. وكان اذا بشر بشيء من امر الاخرة يقول كيف وخبيب لي بالطريق. ثم يصيح المرأة الثكلى وكان اذا اثني عليه يقول خبيب وما خبيب ان نجوت منه فانا بخير. وركبه الحزن والخوف من حينها. واخذ في الاجتهاد والعبادة والبكاء. وكانت تلك هفوة منه وزله ولكن حصل له بسببها خير كثير من عبادة وبكاء وحزن وخوف واحسان وعدل صدقة وبر وعتق وغير ذلك فكان له من وراء هذا الذنب الخير الوفير. وكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر الشيطان. والفتيل الذي احرق كبده صار خامس الخلفاء ووعى عمر الدرس فكان اذا اراد ان يعاقب رجلا حبسه ثلاثة ايام ثم عاقبه كراهية ان اعجل في اول غضبه وهذا ما يجعلنا نقسم الذنوب الى قسمين. عائقة وسائقة. اذنوب العوائق هي التي تقعد صاحبها عن الى الله بعد ان القته في بئر اليأس وجلد الذات. اما الذنوب السوائق فهي التي تضاعف سير صاحبها الى الله تدفعه الى استدراك الخطأ ومحاولة التعويض. كما حدث مع الراشد العمري عشرة الاستثمار الدائم. الاستثمار الدائم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع يجري للعبد اجرهن وهو في قبره بعد موته. من علم علما او اجرى نهرا او حفر بئرا وفر بئرا او غرس نخلا او بنى مسجدا او ورث مصحفا او ترك ولدا يستغفر له بعد موته ونظمها السيوطي في ابيات النهو لكنه زادها الى عشر. حيث وردت بذلك روايات اخرى فقال اذا مات ابن ادم ليس يجري عليه من فعال غير عشر. علوم بثها ودعاء نجل وغرس النخل والصدقات تجري وراثة بمصحف ورباط ثغر وحفر البئر او اجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوي اليه او بناء محل ذكري وتعليم لقرآن كريم فخذها من احاديث بحصر وهي فرص للازدياد من الخير بعد فراق الروح الجسد. وطريق للاستمرار في ترقي درجات الجنة وان وسد العبد التراب ويا لها من فرصة على كل عاقل ان يهتبلها ويثب نحوها. يقتنص بذلك اعظم الغنائم واجود الفرص حادي عشر الغيرة ها من اهم ما يعين النفس على الطاعة ويبعث الروح على الحماسة ان تجد حولها من ينافسها فزاحم المتقين وسر في سرب الصالحين. وادفن نفسك وسط جماعة المؤمنين. فضمن الجماعة تكون المنافسة وتصحيح المسار وتعاظم الرغبة في التفوق وهل سمعت ابدا عن مسابقة بغير جماعة؟ ام تريد ان تتباهى بانك الاول على نفسك السباق السباق قولا وفعلا حذر النفس حسرة المسبوق. ويا لها من حسرة يوم لا تنفع الحسرة. لذا اياك والصحبة القاتلة اصحاب الدنيا واخوان المصالح ورفقة النوم الطويل والكسل المهلك فما اسرع انتقال ذبذبات لفساد قالها ابو بكر الخوارزمي لا تصحب الكسلان في حاجاته. كم صالح لفساد اخر يفسد عدوى والبليد الى البليد سريعة والجمر يوضع في الرماد فيخمد وظاهرة عجيبة رصدها ابو حامد الغزالي تدفع المرأة الى التنافس الغلط والغيرة الحمقاء حين قال والعجب انك لو تقدم عليك اقرانك او جيرانك بزيادة او بعلو بناء ثقل عليك ذلك وضاق به صدرك وتنغص بسبب الحسد عيشك. واحسن احوالك ان تستقر في الجنة وفيها اقوام سبقوك بلطائف لا توازيها الدنيا بحذافيرها فهل ضاق صدرك يوما لان جارك سبقك في صلاة الفجر او تكبيرة الاحرام؟ هل تحركت ساعة لان غيرك انفق اكثر مما انفقت او بذل من وقتك وجهده لله ما حرمت منه او تقدم في ميدان من ميادين الخير وتأخرت ارجو ذلك ولحبه لنا وحرصه علينا فقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من التنافس على هذا النعيم الدنيوي زائلة فعن عامر بن عوف الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابا عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه الى بحرين يأتي بجزيتها فقدم بمال من البحرين فسمعت الانصار بقدوم ابي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فتعرضوا له فتبسم صلى الله عليه وسلم حين رأهم ثم قال اظنكم سمعتم ان ابا عبيدة قدم بشيء من البحرين. قالوا اجل يا رسول الله. قال ابشروا وامنوا ما يسر. فوالله ما الفقر اخشى عليكم. ولكن اخشى ان تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على امن كان قبلك فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما اهلكتهم ثاني عشر ثاني عشر ثاني عشر دنيا لا تلهينا نعيم الدنيا لا يلهي عاشق الجنة عن نعيم الاخرة بل يذكره به ويحثه عليه. كل لذة في الدنيا يفرح بها القلب ويستمتع بها الجسد. تلفت بصره الى متعة اكبر ولذة ادوم في دار اخرى كل سعادة وفرحة وسرور وبهجة يشرح الصدر وينعش الفؤاد يغريه بفرحة اكبر في دار اوسع بل لو اقتضى منه الامر لضحى بالاصغر في سبيل الاكبر وبالفاني على حساب الباقي. وقد مر بك ان عبد العزيز ابن رواد اذا عليه الليل كان اذا جن عليه الليل ياتي فراشه فيمد يده عليه ويقول انك لا لين. ووالله ان في الجنة لالين منك. ولا يزال يصلي الليل كله والوسادة هنا اشارة الى كل لذة دنيوية فهي تصلح ان تكون اي راحة او وقت او مال يضحي به العبد ونظره على الثواب المدخر له في الاخرة جزاء ما قدم وضحى بل واسمع قول العماد الاصبهاني في الشهيد ابن الشهيد نور الدين محمود. حضرت مجلس نور الدين ايه محمود؟ فتحدثنا في طيب هواء دمشق. وكان واجما لا يتحدث. والوزراء والامراء حوله فقالوا ما لك ايها الامير لا تتحدث قال اما انا فوالله لا يهدأ بالي ولا يرتاح حالي حتى يدخلني الله الجنة. ما دمشق وما هوائها وما طيبها امام جنة عرضها السماوات والارض هذا صنف من البشر الواحد منهم نعيم الدنيا لا يلهيه عن نعيم الاخرة بل يذكره به ويحثه عليه. فلا يزيده متاع الدنيا الا قربا من الاخرة ولا مزيد النعيم الا مزيد الشكر. ويبقى السؤال هذا عني ازرف دمع الفراق. والان بعد ان نادى عليك مؤذن الجنة يعرضها عليك. وخرجت باسماء الجرائد وعلقت على صدورهم الاوسمة والقلائد. هل لا زلت بعد في النائمين؟ اخي لو رأيت مواكب الفائزين اذ لابصرت طلائع الشهداء ضحوا باغلى ما يملكون فنالوا صدارة القوم ولا ابصرت الساقة من العباد يحاولون اللحاق وسمعت استغاثات المذنبين في سجدات الندم وصرخات الاستغاثة وسط الليل يتباكون لو رأيتهم لعلمت قدر مصيبتك وفوزهم وخطورة موقفك ونعيمهم. يا مستأنسا بالرقاد ومبتهجا بالخسارة. ماذا كسبت لو خسرت الجنة وماذا خسرت لو ربحت الجنة؟ اه يا حسرة العصاة يا ذل مقام الغافلين يا خيبة النائمين يا خسارة المسرفين يا عبد شهوته يا قتيل غفلته يا خسر بطالته هل حدثت الفرد الخطأ؟ هل انشدتم من لا يسمع؟ هل زجرت من لا يقبل؟ اخي امس قد مضى عدل عند الله مقبولة شهادته. واليوم غنيمة بين يديك. سريع الرحيل عن قريب سفرته. فان اسأت سوى اليوم اجتمعت شهادتهما امام الله عليك. وجئت مغلولة عنقك الى يديك. ايكون حالك مع الجنة الذي احب حبيبة ولما حيل بينه وبينها في اليقظة احب ان يراها في المنام فنام وهي لا يعجبها منه سوى السهر ولا يفوز بها الا من قدم النصب والتعب. فقلت لها بخلت علي يقظة فجودي في المنام لمستهامي. فقال قالت لي وصرت تنام ايضا وتطمع ان تراني في المنام يا من لا يحركه تشويق ولا يقلقه تخويف لا اريد منك سوى صحوي ساعة. صحو ساعة من سكر الغفلة. وبعدها انت وما اردت. هل تسمعني؟ كل دعوة من دعاك ولم تجب دعوة من دعاك الى الجنة. لماذا الفرار من الله؟ بدلا من الفرار اليه. لماذا البعد عنه؟ وهو دائم الاقتراب منك. لماذا لا تؤثره على ما سواه وقد اثرك بالتكريم من خلقه على من سواك. ايها الهارب من النعيم الجنة الهدف. وافقر الناس من عاش بلا هدف اي مطلوب ينال من غير مشقة. فكيف باعظم مطلوب؟ ماذا اقول؟ الطريق واضح لكن الهوى فاضح. وسبيل الجنة اصبح الان من الوضوح بحيث ما عاد يحتاج الى دليل. ومن طلب الوصول لدار ليلة بغير طريقها ملك السراب يا عاشق ليلى الدنيوية كيف تقبل على من يعرض عنك ولا تركض نحو من يثب نحوك جننا بليلى وهي جنت بغيرنا واخرى بنا مجنونة لا نريدها. اخي هل نشطت غدة الايمان الضامرة في قلبك ليس بعد. هل اعدت ترتيب عقلك الباطن لتصبح الجنة ورضا الله في بؤرة اهتماماتك ام لا. العلم ما عمل به فان لم يعمل به كان الجهل اولاه. وقد تعلمنا عالم بعلمه لم يعملن معذب من قبل عباد الوثن فاين علامة علمك اخي تخلص من الاسر واكسر القيد استثمر رأس مال حياتك شراعك بنسيم العشق تسرع به نحو الجنة لا يوقفك شيء. حبيبي تصبر وتشدد فانما هي معدودة وانما انت في ركب ينتظر. يوشك ان يدعى كل منكم الى ربه فيلبيه. فيذهب به دون ان يلتفت الى الله بصالح الاعمال رفيقي في صفحات هذا الكتاب اياك ان تغادر هذا الكتاب حتى تعزم على ان ينقلب حالك الى احسن حال. فتحم كل قيد يحول بينك وبين يبقى الهدف ومن اورق بوعد فليثمر بفعل. والكريم اذا وعد لم يخلف. فقدم الوعد لربك من الان. ان تنتفض ومن فورك صوب الجنة. ثم احذر خلف الوعد مع الخالق فانه مدمر فاذا وافقت فيلزمك امتثال قول الشاعر اذا قلت في شيء نعم فاتمه فان نعم دين على الحر واجب والا فقل لا تسترح وترح بها. لان لا يقول الناس انك كاذب