اجعل همك ولا الجد اول الجد. للاسف تأخرت فالله احب فتخشاه. امن الجنة تفرون الى متى غير الجدة. لكنها الهبة لا تيأس. لا تيأس. ونعيم الجنة لا ينقطع عن ساكنيها لحظة مسلم يفعل خصلة من هؤلاء الا اخذت بيده حتى تدخله الجنة. وهي الوان من النعيم او تلهب عاشقا المهم ان تضحك في النهاية. وابوء بذنبي. اختطع القوم في الجنة الحور والدور. وانت تائه وراء تجارة نتمنى على الله الجنة. كيف قربوا وابعدنا واصعب الهجر ما سبقه الوصال الجنة. هل سألت نفسك يوما من الذي طهرها؟ انه الله جل جلاله. فليسرح خيالك في هذا الطهر الذي صنعه الله على عينه وهي ان جمال اهل الجنة يتصاعد كل جمعة. تبارزونه بالذنوب ويستركم. كيف بك اذا قمت من قبرك وقد خربت نجائب النجاة لاقوام وتعثر. كيف تهنأ بنوم وتستلذ برقاد اسهو ام عناد والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا في الدنيا يشبه ذلك الا اتفاق الاسماء ثمار الجنتين دانية الى افواه اربابها. فيتناولونها متكئين. ينفقون من نعمه في مخالفته ويمدك. لكن عدو مستميت في ان يحول بينك وبين هذه النهضة القادمة ووثبتك نحو الجنة. كيف دنوا؟ وطردنا وطردنا تعرضون ويقبلون وما اصدقه من عشق للجنة وعزم على ملاحقتها وكأنه في حلقة سباق كلهم يبغي الوصول اولا والجنة لا تبيد ولا يفنى نعيمها مهما اخذ منها. ريح الجنة تسري كلما ازداد قرب العبد منها. انها البيعة المعلقة في عنق كل مسلم عرف ام لم يعرف. ولابد من الوفاء. اول صف هنا هو اول صف هنا تنأون عنه ويستدعيكم. الحق بالناس فينطلقوا يرمل في الجنة. حتى اذا بنا من الناس رفع له او قصر من درة فيخر ساجدا فيقول له ارفع رأسك. واعلاها النظر الى وجه الله الكريم. اشهدوا اني قد غفرت له. انت لا تملك نفسك. ولا يحق لك التصرف فيها دون اذن المالك. في كل مرة. ينكشف التشابه الظاهري عن شيء جديد. تقصون انفسكم ويدنيكم ولا تظنن ان اهل الجنة عند النظر الى وجه الله تعالى يبقى الحور والقصور متسع في قلوبنا. والوعد الغائب من الرب الغائب اقوى من بضاعة كل عبيده الحاضر. فاذا مجرد موضع الصوت من الجنة خيرا من الدنيا وما فيها. انت اذا يا اخي غال جدا عند الله. يحب يحبك الزم خدمة مولاك تأتيك الدنيا راغمة ولن يشبع احد من الدنيا ولو حازها باسرها فهل افلست يا اخي؟ ويبقى السؤال. فماذا عنك ليلى بين الجنة والنار. سر العنوان كان الامام حسن البنا في جولة يتفقد فيها مواقع المعركة على ارض فلسطين. اذ رأى فتى صغيرا بقية بين يديه وتبدو عليه رح الجهاد والصرافة فسأله الامام ما اسمك يا فتاوى؟ فقال قيس فقال له مداعبا واين ليلاك يا قيس فقال ليلاي في الجنة جزاء بما كانوا يعملون فسر الامام من اجابته ودعا له بخير مقدمة الكتاب يطوف عليهم ولدانهم مخلدون اذا رأيتهم حسبتهم لولا عاليا ربهم شرابا طهورا ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان للايمان محطات يتزود فيها المرء في الدنيا ويعيد شحن قلبه بكل ما ينفعه في الاخرة ومن رحمة الله الواسعة ان جعلها محطات كثيرة نتنزه فيما بينها حتى لا نمل او ننقطع فمنها ذكر الموت تدبر اسماء الله وصفاته التأمل في حب الله لعباده وبره بهم استشعار مراقبة الله لنا الاثار الجميلة للحسنات في الدنيا قبل الاخرة عاقبة السيئات المدمرة ومن ضمن مكسبات الايمان ومثقلات الميزان ذكر الجنة والنار فهما من اهم ما يحتاج المرء اليه في سيره الى الله ومن انجع الادوية في معالجة القلب المتعب يتخفف فيها من حرارة الذنوب وعناء الشهوات ولذا كان من توفيق الله لي ان اسطر هذه السطور في محاولة متواضعة لبلوغ هذه الغاية الكبرى. وابدأ الان والله المستعان فاقول وحسرتاه كيف قربوا وابعدنا والسفاه كيف دنوا وطردنا اين لذعات الوجد اين دموع الفراق اين لهفة الاشواق؟ اين شدة الحسرات اقتطع القوم في الجنة الحور والدور. وانت تائه وراء تجارة تبور الجنة عروس لا يؤثر عليها ابدا بل ولا يصبر عنها لحظة فكيف ثم كيف؟ ثم كيف كيف يصرخ في شرع المحبين نوم بعد ترغيب وفتور بعد وصال يا هذا مثلك لا يصلح للجنة. يا رجل اعظم الظلمة ما تقدمها ضوء اقسى العمى ما كان بعد بصر. واصعب الهجر ما سبقه الوصال ما كنت اعرف ما مقدار وصلكم حتى هجرت وبعض الهجر تأديبهم يا معاشر العصاة تعرضون ويقبل تبارزونه بالذنوب ويستركم تقصون انفسكم ويدنيكم. تنفقون من نعمه في مخالفته ويمدكم. تنأون عنه ويستدعيكم يا ويحنا من عبيد مسيئين. ويا له من اله محسن الينا غاية الاحسان. يا قيس المحبة مت في سبيل الله تحيا اخي ان كان قلبك قد قسى وصار كالحديد فقربه الى دار الاشواق ودعني بهذا الكتاب انفخ في شعلة المحبة عندك لعلها تضطرب والا فما ينفع الضرب في حديد بارد يا غافلا عن الجنة. وقد فتحت ابوابها اليوم تعرض لنفحات الخير لعل زمان الدخول حل وانت في الغافلين العشق نبض القلب لا تستر حركته وسكون النبض علامة الموت فانت اما عاشق واما ميت اذا انت لم تعشق ولم تدري ما الهوى فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا الناس رجلان رجل ينام في الضوء ورجل يستيقظ في الظلام فاي الرجلين انت؟ اخي ما كل رقبة تحسن فيها القلائد ولا كل نفس تستحق الفوائد فلا تهدي المسكوم ريحانا ولا تنل السفيه برهانا. اعيذك بالله ان تكون من هؤلاء كل يعمل على شاكلته وكل اناء بالذي فيه ينطح. جميل قتله حب بثينة وكسير قتله حب عزة قتله حب عفراء وقيس قتلته ليلى وانت من قتلك؟ ولا ادرك الحاجات مثل مثابر ولا عاق منها الفوز مثل ثواني. اخوتاه الدنيا بحر والجنة ساحل والمركب التقوى وكلنا على سفر اخي ليس هذا الكتاب وصفا تفصيليا للجنة. بل هو صفحة من صفحات التشويق. وقلم من اقلام الترغيب تهدف في النهاية قلبك ينفخ فيه نفخة عشق لدار الخلود. يدفع الى الذكر الدائم لها مع الاستعداد والبذل في سبيلها وعندها تكون اول مبادر لاي صيحة خير تطرق اذنك وتسهل عليك التكاليف بل تطيب فتؤديها سجية وعفوية لا معاناة وتكلفا لسان حالك وما زرتكم عمدا ولكن الهواء الى حيث يهوى القلب تهوي به الرجل حبيبي في الله لا يحلق الصخر بغير جناح فخذ كتابي هذا جناحا تطير به الى الجنة فاذا دخلتها فلا تنساني عندها بشفاعة عاشق الجنة اليوم لا تمد املك الى عين اليوم عصفور واحد خير من الف على الشجرة. التفكير في الامس انشغال بوقت ماض وهو في حقيقته تضييع وقت ثان. اما الغد فلا تدري تكون من اهله او لا تكون. فيومك يومك يومك يومك واخيرا هذا الكتاب مشروع اصلاح شامل على الجنة يرتكز وبذكرها يرتوي والى نعيمها يرنو فبه تنتفع الامة باسرها لا الفرد بمفرده وهو مجرد تذكرة لكم بما علمتم كما قال الفضل الرخشي انا والله ما نعلمكم ما تجهلون. ولكن نذكركم ما تعلمون لماذا الجنة اولا اولا منازلنا الاولى قال النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل او عابر سبيل او عابر سبيل طبيعة الدنيا التي اراد لنا النبي صلى الله عليه وسلم ان نحياها؟ حياة الغربة فقد سكنا الجنة الى ان اخرج منها ابونا ادم عليه السلام الى هذه الدار والطريد من امثالنا يسعى الى الرجوع ويطلب العودة استجابة لدعوة العقلاء والحكماء من امثال ابن القيم حين ماذا فحي على جنات عدن فانها منازلك الاولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود الى اوطاننا ونسلم الف تشتاق الروح الى وطنها في الدنيا حين تقاس الغربة حينا بحثا عن الرزق او طلبا لعلم وكثيرا ما تكون بلاد الغربة اجمل من الوطن واطيب منه واكثر رفاهية وترفا ومع ذلك طحن النفس الى الوطن الاول على فقره وبساطته فكيف بحنينها الى الوطن الذي في فراقها له عذابها والامها وحسرتها التي لا تنقضي نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزل وكيف اذا كان هذا الوطن اروع واجمل واعلى واغلى الشبر فيه يعدل الدنيا باسرها بل احلاها موضع صوت في الجنة خير من الدنيا وما فيها اتدرون لما خص النبي صلى الله عليه وسلم الصوت بالذكر؟ لان من شأن الفارس اذا اراد النزول في منزل ان يلقي صوته قبل نزوله اعلاما بقدومه فاذا كان مجرد موضع السوط من الجنة خيرا من الدنيا وما فيها. وانت لم تنزل بعد من راحلتك الى الجنة فكيف اذا نزلت فيها واقمت لذا يسعى اي غريب سعيا حثيثا في العمل الشاق ويصل الليل بالنهار ويعانق التعب ويخاصم الراحة ليرجع الى اهله وارضه في اسرع فرصة. لسان حاله اسمى امنية لي ان اعود وباي ثمن ومسافر الاخرة اولى بذلك. لا يطيق اللبس في الدنيا والبعد عن الجنة قال ابراهيم ابن ادهم نحن نسل من نسل الجنة سبان ابليس منها بالمعصية وحقيق على المسبي الا يهنأ بعيشه حتى يرجع الى وطنه سقى الله ارض العاشقين بغيثه ورد الى الاوطان كل غريب. واعطى ذوي الهيئات فوق مناهم ومتع محبوب قد بقرب حبيبي ولولا ان القلب على امل باجتماع ثان ولقاء قريب. لتفطر من لوعة الفراق والم الهجر اعلل النفس بالامال ارقبها ما اضيق العيش لولا فسحة الامل وقد عبر عن كمال انتباه هذا المسافر المشتاق ويقظته وقوة عزمه الامام ابن القيم حين وصف مسافرا اخروي بقوله لا يضع عصا السير عن عاتقه حتى يصل الى مطلبه ولعل هذا ما دفع بعض الصالحين الى امساك العصا ليظلوا دوما متذكرين حالة السفر من خلال الشافعي ما لك تدمن امساك العصا ولست بضعيف قال لاذكر اني مسافر حملت العصا لا الضعف اوجب حملها. ولا اني تحنيت على كبر ولكنني الزمت نفسي حملها لاعلمها ان المقيم على سفر لكن عدوك مستميت في ان يحول بينك وبين هذه النهضة القادمة ووثبتك نحو الجنة. يريد ان يحول بينك وبين حياتك الحقيقية يريد ان يقتلك. بل يريد ان يوقع بك ما هو اشد من القتل وهو ضياع الجنة وتمني الموت بين جنبات النار وهيهات. اخي الجنة امامك والشيطان خلفك فاذا تقدمت ربحت واذا تأخرت ادركك العدو فاهلكك باء قيصار الامل وهل رأيت مسافرا قط يبالغ في تزويق بيته وعمارة مسكنه وهو راجع الى وطنه غدا او بعد غد الا يتهمه الناس في عقله وينعتونه بالسفه اليس من الاجدى ان يدخر مجاعة من مال ليرجع ويتمتع به في وطنه فمن استشعر انه مسافر الى الجنة وان اقامته في الدنيا مؤقتة زهد ولابد فيما بين يديه وجعل عينيه على ما في الوطن الاول وهو عن قريب اليه سائر ولدار غربته مغادر وادخر ما يستطيع في دنياه من قربات وطاعات ليستأنس يوم الجزاء في الجنات ولهذا قال ما لك بن مغول من قصر امله هان عليه عيشه قال سفيان مفسرا يعني في المطاعم والملابس. فلم ييأس اذا مرت به شدة او ازمة ولم يجزع لفقد مال او متاع وما حياتك الدنيوية الا الرحلة الاولى من اجمالي اربع رحلات اجبارية. ومدتها على احسن الفروض ما بين الستين والسبعين عاما هي متوسط اعمال بني ادم ان لم يكن اقل. اما الرحلة الثانية فهي من الدنيا الى القبر مكوثك في هذه الحفرة الاف الاعوام اقل او اكثر. علم ذلك عند ربي الرحلة الثالثة من القبر الى ساحة الحاج. ويستغرق العرض في ساحة الحشر يوم القيامة خمسين الف سنة والرحلة الاخيرة من ساحة الحشر الى الدار الابدية في الجنة او النار. فرحلتك الدنيوية هي كما ترى اولى هذه الرحلات واقصرها على الاطلاق. لكنها الرحلة المحورية. التي تحدد الشقاوة او السعادة التي في باقي الرحلات لا فناء اذا لاي بشر على وجه الارض. انما هو الانتقال والسفر فحسب. وهو ما عبر عنه بلال بن سعد بما كان يقول في مواعظه يا اهل الخلود ويا اهل البقاء انكم لم تخلقوا للفناء. وانما خلقتم للخلود والابد ولكنكم تنتقلون من دار الى دار الموت اذا ليس نهاية المطاف وانما هو حلقة لها ما بعدها من حلقات جيم معرفة الوطن المسافر لا يهتم بمعرفة الكثير من التفاصيل عن مكان الغربة سوى المكان الذي يعيش فيه. لا نتطلع الى تفاصيل لا يحتاجها يكفيه من المعرفة ما منعه المقصد من رحلته ولا يأبه بما زاد عن ذلك. اما وطنه الاصلي فهو على دراية تامة به يعرف طرقه وسككه وحدائقه ومتنزهاته واسواقه ونواديه دي وكذلك المؤمن في الدنيا يعرف الجنة اكثر ويعلم نعيمها ووصف اركانها قبل ان يدخلها. لانها وطنه الابدي ومستقره الاخير لذا كما التفكير فيها ومعرفتها من البديهيات. حتى اذا ما وصلها العبد لم يحتج الى ان يستدل احد على هذه من وسط ما لا يحصى فيها من البيوت. وكأنه سكنها منذ خلق. فيكون المؤمن اهدى الى درجته في الجنة وزوجته وخدمه منه الى منزله واهله في الدنيا وهو قول ربنا ويدخلهم الجنة عرفها لهم ومصداق قول نبينا صلى الله عليه وسلم فوالذي نفس محمد بيده لاحدهم اهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا فهذا دليل على ان الله القى فروع المؤمنين اين بيوتهم ونعيمهم هناك؟ فساروا الى هناك بغير دليل. او ان من كثرة ما عرفوا عن الجنة في دنياهم لم يحتاجوا في الاخرة الى تعريف اخي المسافر ماذا عرفت عن وطنك الاول ومستقرك الاخير ومحل اقامتك الابدية هل ما عرفته عنه هو مثل ما عرفت عن دنياك؟ او نصف ما عرفته عنها؟ او حتى العشر في الاية قول اخر انه من العرف وهو الرائحة الطيبة. ومنه طعام معرف اي مطيب. وهو قول الزجاج. وهي رائحة النفاذة للجنة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم وان ريحها ليوجد من مسيرة خمس ومئة عام وفي رواية سبعين عاما. وفي رواية مائة عام وهذا من كرم الله وتفضله على عباده المؤمنين ان جعلهم ينتفعون بريح الجنة قبل ان يدخلوها ولعله ايضا من التشويق اللذيذ حين يجد العبد هذه الريح التي لا توصف فيسرع ويسابق ليرى منبع العطر الفواح الجنة ريح الجنة تسري كلما ازداد قرب العبد منها والشهادة خير مركب يدني العبد من الجنة. ولذا وجد ريحها انس بن النظر رضي الله عنه قبيل استشهاده يوم احد فقال واها لريح الجنة. والله اني لاجد ريحها دون احد تفسير هذا انه لما حانت ساعة القتال ولحظة زفافه على الحور فتح الله له بابا الى الجنة. ليشم ريحها نفاذة العطرة حتى اثارت سجوده. وهوت برجله نحوها. فانطلق يطلبها باي ثمن ولو كان الثمن موتا واعظم ما يكون الشوق يوما اذا دنت الخيام من الخيام. ومعلوم ان الموت اقرب ما يكون في ساحة القتال وقد كانت ما عرفته اخته الا ببنانه. بعدما نهشته الجراحات بضعة وثمانين اثرا ما بين ضربة بسيف طعنة برمح ورمية بسهم وممن وجد ريح الجنة كذلك سعد بن الربيع رضي الله عنه. وجدها وهو يجود بنفسه في نفس الغزوة. وبينما هو في الرمق اخير وبه من الضربات ما يربو على السبعين. قال لبعض اصحابه قل له يا رسول الله اني اجد ريح الجنة وقل لقوم من الانصار لا عذر لكم عند الله ان خلص الى رسول الله وفيكم شفر يطرف ثم فاضت روحه بين عشق وعشق ماتت ليلى ولما عرف قيس بموتها ركضك هالمجنون مسرعا ناحية القبور ثم اخذ يشم القبور قبرا قبرا يبحث عن حبيبته حتى اهتدى الى اقبرها ووقف عنده يلثمه ويبكي. فقيل له كيف عرفته؟ وما دلك عليه احد فاجاب منشدا ارادوا ليخفوا قبرها عن محبها وطيب تراب القبر دل على القبر ثم اردف قائلا عرفت القبور بعرف الرياح ودل على نفسه الموضع كثكلى تلمس قبر ابنها الى القبر من نفسها تدفع هداها خيال ابنها فاهتدت. ولين الخيال الذي اتبعه فكيف بريح الجنة؟ وان ريحها ليوجد من مسيرة عشرات الاعوام. فكيف لم يشم قلبك ريحها فيركض اليها متوثبا حين شم هذا المجنون ريح ميتة اسمها ليلى. بعدما بليت ويحك لا يشم ريح الجنة الا عاشق. فهل عشقت انه بث الشوق في القلوب الذي يدفع الى التحرك بذلا وعملا في سبيل نيل شرف اللقاء دال الغربة ومن معاني السفر ان المسافر غريب في امر دنياه واخرته لا يجد صاحبا ولا معينا فهو عالم بين جهلة وصاحب سنة بين هاجرها. وداع الى الله ورسوله بين دعاة الى الاهواء والشيطان. وامر بالمعروف بين امرين بالمنكر ناه عن المنكر بين دعاة اليه. لذا بشره صلى الله عليه وسلم ووصف حاله طوبى للغرباء اناس صالحون في اناس سوء كثير. من يعصيهم؟ اكثر ممن يطيعهم غربة تعني سيرا عكس التيار. فمشاعرك غير مشاعر الناس. وما يسعدك وما يحزنك غير ما يسعد غيرك ويحزنه مقاييس ربحك وخسارتك اخروية. ومقاييس من حولك دنيوية سئل ابو بكر بن عبدالله بن ابي مريم ما تمام النعمة قال ان تضع رجلا على الصراط ورجلا في الجنة الحياة صفحة. قال تعالى انفسهم واموالهم بان لهم الجنة. يقاتلون في سبيل الله. فيقتلون ويقتلون. وعدا وعليه حقا في التوراة ومن اوفى له بعهده من الله احد فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به. وذلك هو الفوز العظيم ما اجمل هذه الصورة البديعة والتمثيل الرائع صورة العقد الذي عقده رب العزة جل جلاله بنفسه وجعل ثمنه ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وسجل كلماته بحروف من نور في الكتب السماوية الثلاثة وما اشرفه من صدق وتوفيق وهو وعد الزم الله به نفسه وجعله حقا عليه مبالغة في الفضل منه والكرم واناسا لعباده ولطفا بهم ولا احد اوفى من صاحب هذا الوعد والوعد الغائب من الرب الغائب اقوى من بضاعة كل عبيده الحاضرة لكن ماذا تساوي نفوسنا المعيبة وان طهرت حتى يشتريها الله منا بكل هذا الثمن. قال الحسن البصري وقت دخل بايعهم والله فاغلى ثمنهم. وهو ما دفع محمد بن الحنفية ان يحثك على تزكية نفسك وتطييبها العمل الصالح والطاعات والقربات مبررا ذلك بقوله ان الله عز وجل جعل الجنة ثمنا لانفسكم فلا تبيعوها بغيرها اثامن بالنفس النفيسة ربها وليس لها في الخلق كلهم ثمن. بها تملك الاخرى فان انا بعتها بشيء من الدنيا فذاك هو الغبن لان ذهبت نفسي بدنيا اصيبها لقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن انت اذا يا اخي غال جدا عند الله يحبك ويريد ان يكرمك غاية الاكرام. لذا اشتراك بجنة عرضها السماوات والارض جنة لا تقدر بمال. فانت والله اغلى عنده من الدنيا باسرها. وقد مر بك موضع صوت احدكم في الجنة خير من الدنيا وما ما في دنيا وما فيها فكيف بعت هذه النفس الثمينة بشهوة تنقضي في لحظة. وبلذة لا تبقى سوى ساعة. وهبها بقيت اياما او اعواما فماذا تساوي بجوار لذة الخلد؟ وبعتها لمن؟ لاعدى اعدائك شيطانك هذا ما دفع ابن القيم ان يتعجب منك في احدى فوائده قائلا انما ابعدنا ابليس اذ لم يسجد لك وانت في صلب ابيك. فوعجبا كيف صالحته وتركتنا اخي اعرف هذه الحقيقة الساطعة انت لا تملك نفسك ولا يحق لك التصرف فيها دون اذن المالك يصرفها حيث يشاء. يقول لك هذا حلال فتقبل وهذا حرام فتعرض. افعل كذا ولا تفعل كذا. تكلم بهذا ولا تنطق بهذا امشي الى هنا ولا تقترب من هناك. بل لو قدمك للذبح عن طريق جهاد او كلمة حق في مواجهة طاغية فعلى اي شيء تعترض؟ وانما هو يتصرف فيما اشتراه منك وبعته له. واعطاك في المقابل الجنة افترجع في بيعتك ام انك لم تبع وزهدت في الجنة من الاساس؟ واذا بعت ايحسن لمن باع شيئا ان يغضب على المشتري اذا تصرف فيه او يتغير قلبه تجاهه اذا انفقه وماذا لنا في بنا حتى نتكلم انها البيعة المعلقة في عنق كل مسلم عرف ام لم يعرف ولابد من الوفاء وهو قول شامل بن عطية ما من مسلم الا ولله عز وجل في عنقه بيعة وفى بها او مات عليها ثم تلا هذه الاية ان الله اشترى ان الله تعالى وحده هو المستحق ان يطاع ويحب ويعبد لذاته حتى لو لم يثب عباده شيئا لا ان يمنحهم الجنة. لانه هو الذي خلق وهدى ورزق كما انشد بعضهم هب البعث لم تأتنا رسله وجاحمة النار لم تضرمي. اليس من الواجب المستحق؟ حياء العباد من المنعمين. لكنه تعالى كافأ عباده وشوقهم وارسل الايات تلو الايات تهيب بالسامعين التشمير للجنة والرحيل اليها وبعد كل هذا تعرضون؟ سلم واستلم. اخوتاه البائع لا يستحق الثمن اذا امتنع عن تسليم ما باعه فكذلك لا يستحق عبد الجنة الا بعد تسليم النفس والمال الى المشتري. فمن قعد او فرط فغير مستحق للجنة فهل سلمت ما عليك لتستلم ما اشتهيت هل من باع نفسه على استعداد ان يقدمها للذبح ارضاء لربه وهل من باع نفسه وعلى استعداد ان يقدمها للذبح ارضاء لربه لا يقوى على ما هو اهون من الذبح بكثير. من غض بصره او الاستيقاظ لصلاة فجر او الصبر عن لقمة حرام تعرض عليه رشوة او شبهة. واذا لم يقوى على هذا الاسهل فهل مثله باع فعلا؟ ام انه يطمع في ذيل اغلى سلعة بابخس ثمن. وصدق القائل اذا اعتاد الفتى خوض المنايا فاهون ما يمر به الوحول ومثل هذه المواجهة المتكررة للنفس الامارة بالسوء تورث العبد ولابد واحدا من اجمل الاخلاق وهو خلق الحياء. الذي يعصم من كثير من الرذائل ويدفع لاحراز اسمى الفضل لكن ماذا بعد ابرام البيعة؟ الجواب قول ربنا فمن نكث فانما على نفسه ومن اوفى بما هدى عليه الله ومن اوفى لما هدى ان الله فسيؤتيه اجرا عظيما. اخي كلما لمست من نفسك فتورا او انشغالا بالعاجلة او ايثارا للفانية سائل نفسك هل بعت هل اشتريت الجنة حقا وبعت نفسي ومالي في سبيلها وما الدليل على ذلك واي عقل في التأخر عن صفقة كهذه او الانشغال عنها بغيرها من يهب نفسه اليوم لربه وقد اشتراه؟ ومن باع فليبادر. ولا يجزع مما يحاذر. يقول سيد في الظلال انه نص رهيب. انه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين بالله وعن حقيقة البيعة التي اعطوها باسلامهم طوال الحياة فمن بايع هذه البيعة ووفى بها فهو المؤمن الحق الذي ينطبق عليه وصف المؤمن وتتمثل فيه حقيقة الايمان والا فهي دعوة تحتاج الى التصديق والتحقيق حقيقة هذه البيعة او هذه المبايعة كما سماها الله كرما منه وفضلا وسماحة ان الله سبحانه قد استخلص لنفسه انفس مؤمنين واموالهم فلم يعد لهم منها شيء. لم يعد لهم ان يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله لم يعد لهم خيار في ان يبذلوا او يمسكوا كلا انها صفقة مشتراة لشريها ان يتصرف بها كما شاء وفق ما يفرض ووفق ما يحدد وليس للبائع فيها من شيء سوى ان يمضي في الطريق المرسوم لا يتلفت ولا يتخير ولا يناقش ولا يجادل ولا يقول الا الطاعة والعمل والاستسلام والثمن هو الجنة صحابة باعوا سلفا ولكي تستشعر معنى هذه البيعة حقا اقرأ من نزلت فيهم اية البيعة؟ ان الله اجتباه نزلت في بيعة العقبة الكبرى. في العام الثالث عشر من البعثة. وهو العام الذي اتى فيه الانصار يربو عددهم على السبعين. يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة التضحية والفداء فقام منه عبدالله بن رواحة قائلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم اشترط لربك ولنفسك ما شئت. قال صلى الله عليه وسلم اشترط لربي ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي ان تمنعوني مما تمنعون منه انفسكم واموالكم. قالوا فاذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال قال الجنة الجنة قال ربح البيع. لا نقيل. ولا نستقيل. في تفسير اكثر لما حدث قام اسعد بن زرارة وهو اصغر السبعين سنا له. فقال رويدا يا اهل يثرب انا لن نضرب اليه اكباد المطي الا ونحن نعلم انه رسول الله ان اخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وان تعضكم السيوف فاما انتم قوم تصبرون على عض السيوف اذا مستكم وعلى قتل خياركم وعلى مفارقة العرب بكافة فخذوه واجركم على الله واما انكم تخافون من انفسكم خيفة فذروها فهو اعذر لكم عند الله فقالوا جميعا امط يدك يا اسعد فوالله لنظر هذه البيعة ولا نستقيلها. قاموا اليه يبايعونه رجلا رجلا يأخذ عليهم شرطه. ويخطيهم على ذلك امدحه وا عجبا قوم ايقنوا بالجنة ولما يمضي على اسلامهم سوى برهة قصيرة من الزمن فمنهم من اسلم منذ يوم واحد ومنهم من اسلم من يومين ومنهم من اسلم من شهر او شهرين واقدمهم اسلاما من اسلم منذ سنتين وبرغم ذلك ومع ان الجنة غيب لم يروه. فهم يبذلون في سبيلها اغلى ما يملكون النفس والمال ويتعرضون لاخطر ما يكون ونحن نسمع عن الجنة مث وعينا طوال عمرنا وما دفعنا نفس الثمن فهل ايقنت نفوسنا هذا اليقين؟ وهل نحن على استعداد لبذل نفس البذل واخر باع نفسه للعدو هل توقظك العبر فلا تستيقظ؟ وتعظك الايات فلا تتعظ. لن يكفك ما نزل بامتك الثكلى عن جهالتك ولا ردتك هزائمها المتوالية عن ضلالتك تصغيه الى الهدى كانك اصمت وتتمادى في العناد بانف اشم قد غط الهوى سمعك وعينك وحال بينك وبين ربك وملك الشيطان مفاتيح قلبك ثم ضيعها حين رمى بها في متاهات الضلالة كم طرقت بابك المواعظ لتنتشلك من غفلتك فناداك الشيطان اياك والفلاح فسمعت له واطعت. استسهلت القول واستصعبت العمل. املت النجاة بغير تعب وطلبت الجنة دون دفع ثمن ان افتقرت حزنت. وان اغتنيت فتنت. ان سألت ربك اكثرت. وان سألك ربك قدرت تنشط للطاعة يوما او بعض يوم ثم سرعان ما تزهد وتبغي الازدياد من الجديد قبل ان تؤدي شكر القلب قديم حاشاك ان تكون كذلك. حاشاك ثم اياك اياك من موافقة هواك اجتمع عبدالله بن عمر وعروة ابن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان بفناء الكعبة. قال له مصعب تمنوا قالوا ابدأ انت قال ولاية العراق وتزوج سكينتي ابنة الحسين وعائشة بنت طلحة ابن عبيد الله. فنال ذلك واصدق كل واحدة خمسمائة درهم وجهزها مثلها وتمنى عروة ابن الزبير الفقه وان يحمل عنه الحديث فنال ذلك. وتمنى عبد الملك الخلافة فنالها وتمنى عبدالله بن عمر الجنة