الفصل الثالث قبل دفع الثمن لا احد يخطط للفشل في الفوز بالجنة ولكن الكثير يفشلون في التخطيط لهذا الفوز ولذا كانت هذه الوصايا ناجعة في التخطيط لمثل هذا الفوز العظيم واحد بالافعال لا الاقوال قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى وشرد على الله كشرود البعير. قالوا ومن يأبى ان يدخل الجنة فقال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى فقد ابى فقد ابى قال الحسن البصري وغيره من السلف زعم قومه انهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الاية فاتبعوني فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. والله ولذا احسن الامام ابن القيم غاية الاحسان حين قال لما كثر المدعون للمحبة طولبوا باقامة البينة على صحة الدعوة فلو اعطي الناس بدعواهم لادعى الخلي حرقة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل لا تقبل هذه الدعوة الا ببينة قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني فتأخر الخلق كلهم. وثبت اتباع الحبيب في افعاله واخلاقه. فطولبوا بعدالة البينة بتزكية يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم فتأخر اكثر المحبين وقام المجاهدون وتابعه ابن المنذر حين قال فجعل الله اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم علما لحبه وكذب من خالفها ثم جعل على كل قول دليلا من عمل يصدقه او يكذبه فاذا قال العبد قولا حسنا وعمل عملا حسنا رفع الله قوله بعمله. واذا قال العبد قولا حسنا وعمل عملا سيئا رد الله القول على العمل. وذلك في كتابه الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. وليست المحبة مجرد اتباع بل اكثر. لان للمحبة الصادقة علامات فالمحب الصادق يرى خيانة منه لمحبوبه ان يتحرك بحركة اختيارية في غير مرضاته واذا فعل فعلا مما ابيح له بموجب طبيعته وشهوته تاب منه كما يتوب من الذنب. ولا يزال هذا الامر يقوى عنده حتى تنقلب مباحاته كلها طاعات فيحتسب نومه وفطره وراحته كما يحتسب قومته وصومه واجتهاده. وهو دائم بين سراء يشكر الله عليها وضرها يصبر عليها فهو سائر الى الله دائما في نومه ويقظته وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك بل تشهد الجنة بكذب هؤلاء لعدم بذلهم. وزيف ادعائهم لحبها بسيرهم عكس طريقها. وكأني بكثيب عزة ينشدكم ويقول ان المحب اذا احب حبيبه صدق الصفاء وانجز الموعد. وغيره العشاق قدم عربون محبته وشارة لوعته فانشد قائلا لي في محبته شهود اربع وشهود كل قضية اثنان ذوبان جسمي وارتعاد مفاصلي وخفوق قلبي واعتقاد لساني. فكيف بعاشق الجنة اخي لو كان في قلبك محبة لبان اثرها على جسدك. حبيبي شر البرق ما لا مطر معه فلا تكن كلاما بلا فعل وصوتا بلا اثر وشجرا بلا ثمر. فقد يرى العبد نور الجنة ولا يتبعه ينظرون اليك وهم لا يبصرون. وقد يشهد كل الخير في قربها ثم لا يقبل عليها ما قد يبصر العبد الحق ولا توجد منه الهداية كما قال تعالى فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى. فشوقوا النفس باخبار الجنة. ثم صدقوا وذلك بالعمل والا كانت محبتكم اوهاما باطلة. فماذا انتم صانعون يا محبون قال نعيم بن مالك بن ثعلبة رضي الله عنه وهو احد بني سالم يا نبي الله لا تحرمنا الجنة. فوالذي نفسي بيده لادخلنها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال باني احب الله ورسوله ولا افر يوم السحر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم. صدقت. صدقت. واستشهد يومئذ في احد اثنان اثنان اللحظة الحرجة الحرجة قد تضيع منك الجنة من جراء لحظة واحدة وذلك حين ينصب الميزان امام عينيك يوم القيامة وترجح كفة سيئاتك عن كفة حسناتك بسيئة واحدة او بضع سيئات ولما فهم عيسى البسطاني هذا اعد هذه المعادلة التجارية لكل تجار الاخرة وعشاق الاجلة ان الليل والنهار رأس مال المؤمن ربحها الجنة وخسرانها النار لذا ارسلها لك روح بن مدرك من على المنبر مباشرة الى قلبك. يستفزك الى سرعة الاستجابة وفورية الانطلاق قائلا الان قبل ان تسقم فتضنى وتهرم فتفنى ثم تموت فتنسى ثم تقبر فتبلى ثم تبعث فتحي ثم تحضر فتدعى ثم توقف. فتجزى بما قدمت. وامضيت واذهبت اثنيت من موبقات سيئاتك ومتلفات شهواتك. فالان الان وانتم سالمون وكيف لا تكفيك اخي انهار ثلاثة لتطهيرك قال ابن القيم فلاهل الذنوب ثلاثة انهار عظام يتطهرون بها في الدنيا. فان لم تفي بطهرهم طهروا في نهر الجحيم يوم القيامة نهر التوبة النصوح ونهر الحسنات المستغرقة للاوزار المحيطة بها ونهر المصائب العظيمة المكفرة فاذا اراد الله بعبده خيرا ادخله احد هذه الانهار الثلاثة فورد القيامة طيبا طاهرا فلم يحتج الى التطهير الرابع وعندها فوات الجنة وهو ما يجعلك تدرك قيمة الوقت في صفقة كهذه وان اللحظة الواحدة قد تكون سببا في النجاة او الهلاك. ومن هنا كان من يشكو الفراغ اليوم في غفلة عظيمة. لانه لا يعلم قدر السلعة الضائعة. او ربما لم يسمع بها اصلا. لذا غاب عن هذه الصفقة وما علم ان مهر ليلى عرق والم وبذل وعمل ثلاثة ثلاثة عجائب عجائب عجائب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها لو لم يخلق الله الجنة والنار وطلب من الناس عبادته لانه هو الذي خلق ورزق لكان ذلك من تمام الحق الالهي لكن الله مع ذلك خلق الجنة كرما منه مكافأة لمن اطاعه ولم يكتفي بذلك بل بعث الايات التي تسهب في وصفها في كتابه وابانا النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه من اوصاف الجنة ما قطع حجة كل بليد من ابوابها وشجرها وترابها ونسائها وخدمها وحليها ولباسها وطعامها وشرابها وقصورها وما كان اغناه عن كل هذا لو ان الناس علموا قدر الرب وفضله لكنه تشويق النفس الضعيفة وترغيبها. افتذهب هذه الايات والاحاديث سدى ولا تجد لها اثرا او تلهب عاشقا او يكون الامر كما؟ قال الفضيل بن عياض ما حليت الجنة كما حليت لهذه الامة ثم لا ترى لها عشقا انه شيء عجيب حقا ان يزهد الانسان في وعد الخالق الذي ارسل رسله تترا تشوق وترغب في الجنة ويركض على وعد مخلوق قد يكذب وينكس عن الوفاء بوعده حتى وان وفى. فماذا يبلغ وعده بجوار وعد الله بالجنة لو وعده مديره بترقية وشيكة على ان يصل الليل بالنهار ويهجر اهله والدار ويرمي بنفسه في اتون النار وفي بضعة الوف من الجنيهات زائدة ومتع اخرى كاسدة لبذل وما تردد فكيف بوعد الكبير المتعال الذي لا يخلف الميعاد وفي مقابل جنة عرضها السماوات والارض كيف لا تبذل في سبيله ما تستطيع كيف لا تخاف ان تنالك اقدح خسارة. كيف تهنأ بنوم وتستلذ برقاد اسهو ام عناد؟ بل لو توعدك ظالم او هددك طاغية ان لم تفعل ليفعلن بك ويفعلن لهربت من بطشه بطاعته وخلصت من سخطه بانفاذ امره وخدمته. فمالك اذعنت لعبد اذعانا ما اذعنته يوما من ربك وخضعت لجبروت بشر ولم تخضع لجبروت رب البشر فالله احق ان تخشاه اخي اعمل للجنة اما شوقا الى نعيمها ان كنت من عشاق الترغيب او حتى خوفا من ضياعها ان كنت من انصار الترهيب ورحم الله يحيى ابن معاذ رائد هذه المدرسة حين قالها مسكين ابن ادم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة قال حاتم الزاهد الزم خدمة مولاك تأتي كالدنيا راغمة والجنة عاشقة اربعة اربعة جملة الصبر النادرة الصبر مفتاح لازم لفتح ابواب الجنة وكأنه مكتوب على باب الجنة من صبر عبر الحر قال صلى الله عليه وسلم من لبس الحير في الدنيا لم يلبسه في الاخرة. ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الاخرة. ومن شرب في انية الذهب والفضة في الدنيا لم اشرب بها في الاخرة ثم قال لباس اهل الجنة وشراب اهل الجنة وانية اهل الجنة. فليتخيل العبد لنفسه احدى اللذتين وليطب نفسا عن احداهما بالاخرى شرط بشرط كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ان كنتم ان كنتم تحبون حية الدنيا وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا. وعلى هذا قاس ابن القيم على الغناء المحرم. فقال في نونيته نزه سماعك ان اردت سماع ذياك الغنى من هذه الالحان. لا الادنى على الاعلى فتحرم ذا وذايا ذلة الحرمان. مشيرا الى غذاء الحور العين في الجنة انا ازواج اهل الجنة ليغنين ازواجهن باحسن اصوات ما سمعها احد قط ان مما يغنين نحن الخيرات الحسان. ازواج قوم كرام ينظرن بقرة اعيان. وان مما يغنين به نحن الخالدات فلا يمتن نحن الامنات فلا يخفن نحن المقيمات فلا يظعن ومتنبأ بحال كثير من ابناء امتنا اصابهم الوباء وعمهم البلاء الذي اشار اليه انس بن مالك رضي الله عنه فقال لا تذهبوا الايام والليالي حتى يكون سماع الشعر احب الى الناس من سماع القرآن والشعر يوازي الغناء اليوم في تسميته الجديدة. افلا نصبر عن سماع الموسيقى والغناء حتى نسمع ذلك الصوت الذي تهتز له اغصان الجنة افلا نصبر عن رؤية فتيات الشاشات والفضائيات حتى لا نحرم هناك من رؤية الحوريات عجبا من غياب مقارنة تدفع اليوم الى تصحيح مسار بافضل قرار وهو ما فقهته تقيات النساء. فلما طاف بعض السلف بالبيت نظر الى امرأة جميلة فمشى الى جانبها ثم قال اهواها والدين واللذات تعجبني فكيف لي بهوى اللذات والدين؟ فقالت له المرأة دع احدهما تنل الاخر وقس على هذا الباقي من صبرت على حجابها واعتصمت بحيائها وسط اغراءات الموضة وطوفان التنافس المحموم على لفت اعناق الشباب واسر عيونهم من صبر عن اكل الحرام وقد اعيته الحاجة وانهكته نفقات العيال واستهلكته الفاقة وازاغ بصره اقرانه وتجارة جيرانه. من صبر على استفزازات الشيطان ومحاولات اغضابه من قبل من اعتدى عليه فعفى وصفح وحلم على الجاهلين في زمن ترد فيه الاساءة مثلها بل وبضعفها من صبر عن اطلاق بصره. والنظر الى الحرام حيا في الطرقات او صورة في المجلات والشاشات. والناس تقع فيما هو ادهى من النظر وامر. كل هؤلاء يحق لهم ان يستبشروا بالجنة. لست ازعم ان صبرهم هذا سهل. لكن من صبر على مرارة الدواء عوفي ووالله ما هي بمرارة بل كل حلاوة لكن ذنوبنا اردنا الخير شرا والشر خيرا وطول البعد نور الفطرة في قلوب الكثيرين. فالصبر هو الثمن المعتمد لدخول الجنة. وكل شيء في سبيل ليلى يهون يا قيس اخي الغافل انت مريض بداء خطير قد يوجي بك ان لم تتداركه الى ما هو اشد من الموت من العذاب الرهيب الم الذي لا يطاق فان صبرت على مضض الدواء اكتسبت العافية. ومن وراء العافية اعلى النعيم والرفاهية ويعزيك عن صبرك وان طال وعن قسوته وان اشتدت انه كلما كانت التضحية اكبر والصبر اعظم كانت المفاجآت في الجنة ارواحا كروا الاحاديث عن ليلى اذا بعدت ان الاحاديث عن دلالة لتلهيني يشهد لهذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن فقراء المهاجرين الذين جمعوا بين الصبر على فراق الاهل والوطن والصبر على شظف العيش وضيق الرزق. لذا كوفئوا اعظم مكافأة. قال صلى الله عليه وسلم اول ثلثه يدخلون الجنة الفقراء المهاجرون الذين تتقى بهم المكاره اذا امروا سمعوا واطاعوا. وان كانت للرجل منهم حاجة الى السلطان لم تقضى له حتى يموت وهي في صدره. وان الله عز وجل يدعو يوم القيامة الجنة. فتأتي بزخرفها وزنتها فيقول اين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا واوذوا في سبيلي جاهدوا في سبيلي ادخلوا الجنة فيدخلونها بغير حساب. وتأتي الملائكة فيسجدون فيقولون بناه نحن نسبح بحمدك الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين اثرتهم علينا؟ فيقول الرب عز وجل هؤلاء عبادي الذين قاتلوا في سبيله واوذوا في سبيله. فتدخل عليهم الملائكة من كل باب سلام عليكم بما صبرتم به. فنعم عقبى الدار فما اصغر مصائب الدنيا اليوم بجوار غنائم الجنة غدا. ووالله لولا كراهية تمني البلاء ولولا امر النبي صلى الله عليه وسلم لامته بسؤال العافية. ولولا عدم معرفتنا امكانية صبرنا عند وقوع البلاء من عدمه لكان تمني مثل هذا البلاء هو فعل الاذكياء النبهاء خمسة الاماكن محدودة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احضروا الجمعة. وادنوا من الامام. فان الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وان الا ان دخل اخي لا يكون التنافس الا في النفائس ولا انفس من الجنة فمن لم يبذل في سبيلها انفس الانفاس شكى يوم الحساب مرارة الافلاس عن سهل بن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اوتي بشرابه فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الاشياخ. فقال للغلام اتأذن لي ان اعطي هؤلاء؟ فقال الغلام لا والله يا رسول الله لا اوفر بنصيبي منك احدا فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. ومعنى تله دفعه اليه ووضعه في يده. والغلام هو ابن عباس او الفضل. وهذا الحديث يدل على انه لا يجوز الايثار بالاجر الاخروي لكبير او صغير ولا يكون التنافس الا عند خوف فوات خير او منزلة. وهو ما قاله ابو حامد الغزالي ضاربا لنا مثلا جميل من وانما المسابقة عند خوف الفوز وهو كالعبدين يتسابقان الى خدمة مولاهما. اذ يجزع كل واحد ان يسبقه صاحبه. فيحظى عندما اولاه بمنزلة لا يحظى هو بها. وعلى هذا رأينا سعد بن خيثمة بن الحارث. احد نقباء الانصار رضي الله عنهم لما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الى بدر قال له ابوه لابد لاحدنا ان يقيم اثرني بالخروج واقم مع نسائك. فابى سعد وقال لو كان غير الجنة اثرتك به اني لارجو الشهادة في وجهي هذا فاستهم فخرج سهم سعد فخرج فقتل ببدر ولحق به ابوه بعدها بعام حين استشهد في احد ورأينا عمر ابن الجموح الاعرج يمنعه بنوه من الخروج لعذره. فابى الا مسابقتهم الى الموت او بالاحرى الى الحياة. قائلا هيهات منعتموني الجنة ببدر وتمنعونيها باحد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة شوقه للجنة. فاذن له قائلا لا تمنعوه. لعل الله عز وجل الشهادة فتركوه وعندها قالت امرأته فكأني انظر اليه مواليا قد اخذ وهو يقول اللهم لا تردني الى حزبي وهي منازل بني سلمة فقتل هو وابنه خلاد. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان رآه شهيدا مخاطبا اياه كأني اراك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة وورث الصحابة هذا المعنى الى من لم يشهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يعرفوا الاجيال بعدهم كيف كان التنافس على عهده. فهذا حذيفة ابن اليمان وكان اميرا على المدائن. يصعد المنبر ويخطب اهلها قائلا الا وان الدنيا قد اذنت بفراق. الا وان اليوم المضمار وغدا السباق يعني بالسباق من سبق الى الجنة. هذا التنافس بين جموع الاجيال وليس بالضرورة ان يكون بين ابناء جيل الواحد ولذا لما سئل عبدالله بن المبارك من تجالس بخراسان؟ قال اجالس شعبة وسفيان قال ابو داوود يعني انظر في كتبهما ستة ستة الجنة والا فالنار كان هارون الرشيد من اورع الخلفاء واكثرهم خشية لله وكان يطرق باب العلماء يلتمس النصيحة والعظات فمنهم من يقبله ومنهم من يرده. مما جرى من وعظه ما جرى بين يحيى بن خالد البرمكي وواعظ الرشيد ابن السماك حيث قال له اذا دخلت على هارون امير المؤمنين فاوجز ولا تكثر عليه فلما دخل عليه قام بين يديه قارئ يا امير المؤمنين ان لك بين يدي الله تعالى مقاما. وان لك من مقامك منصرفا فانظر الى اين منصرفك الى الجنة ام الى النار؟ فبكى هارون حتى كاد ان يموت. نفس الوصية بها يزيد الرقاشي لما دخل على عمر ابن عبدالعزيز وسأله الموعظة فقال يا امير المؤمنين اعلم ما انت اول خليفة يموت. فبكى عمر وقال زدني يا فقال يا امير المؤمنين ليس بينك وبين ادم الا ابو ميت فبكى وقال زدني يا يزيد. فقال يا امير المؤمنين ليس بينك وبين الموت موعد. فبكى وقال زدني يا يزيد. فقال يا امير المؤمنين ليس بين الجنة والنار منزل فسقط مغشاه عليه. اخيه ليس هناك من منزلة ثالثة بين المنزلتين. وكل خطوة تبعدك عن الجنة تدنيك من النار والكل مشغول في هذه الدنيا على السعي والحركة. فان لم تسعى للجنة قادتك رجلاك ولابد الى النار. والسعي واقع لا لكن شتان ما بين سعي وسعي. بين من يكد ويتعب في سبيل الجنة ومن يكد ويتعب في سبيل جهنم وبين من يسير الى الجنة بخطى ثابتة ومن يخطو الى الهاوية بخطى واثقة كلهم يسعى والفارق وللدبور والبازي جميعا لدى الطيران اجنحة وخفق ولكن بينما يصطاد بازن وما يصطاده الدبور فرق ورسول الله علمنا قبل اي شعر او موعظة كل الناس يغدوه فبائع نفسه فمعتقها او موبقها قال محمد ابن سيرين ما حسدت احدا على شيء من الدنيا ان كان من اهل الجنة فكيف احسده على شيء من الدنيا وهو يصير الى الجنة. وان كان من اهل النار فكيف احسده وعلى شيء من الدنيا وهو صائر الى النار