الفصل الثالث ابرز العقبات. من تعريفات الصلاة تعريف دال على وجوب التزام العبد بها ما دام حيا. فمن تعريفات كلمة الصلاة اللزوم جاء في كتاب لسان العرب قال الزجاج الاصل في الصلاة اللزوم. يقال قد صلى والصلاة اذا لزم. ومن هذا من يصلى في النار ان يلزم نار واليك بعض الموانع او العقبات التي تحول بين العبد وبين الصلاة واحد الصحبة. من صاحب صحبة لا تصلي فالاقرب اليه الا يصلي. لان الصاحب ساحب. والصحبة لها دور بارز في تشكيل الاهتمامات وترتيب الاولويات. فكم من رجل صالح افسدوه وخير قريب باعدوه وشر بعيد قربوه. فلو قلبت في دائرة اصحابك فستجد منهم من كان في فترة من الفترات ثم تحول بعدها بسنوات الى شخص اخر. فتش عندها عن الصحبة. يخرج مع اصحابه الغافلين فيخجل ان ينهض الى الصلاة عند سماع الاذان اما لانهم لم يشجعوه على الصلاة واما لانهم سيبادرونه بالتقريع والسخرية. وهو لا يتحمل مثل هذه السخرية اثنان الكسل لكن ما سبب الكسل؟ قال تعالى وانها لكبيرة الا على الخاشعين الذين يظنون دون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون. والمراد بالكبيرة هنا التي تشق على النفوس فالصلاة بالفعل صعبة وشاقة على النفس. ولذا امر الله نبيه وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها. فالصلاة تحتاج اصطبار وليس مجرد صبر والاصطبار فيه مبالغة. فهو دوام المصابرة والتحمل والمجاهدة. واكثر العباد تثقل عليهم الطاعات. لذا امرنا الله في سورة العصر بالتواصي بالصبر. لكن الله استثنى الخاشعين من هذه المشقة فقال وانها لكبيرة الا اعلى الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون فمن هم الخاشعون؟ من هؤلاء الذين لا يزورهم الكسل عن الصلاة ولا يشعرون بالمشقة فيها. الخاشعون هم الذين يقرنون كل طاعة بالثواب ومن كسل عن الطاعة فانما كسل لانه عزلها عن ثوابها فاصبحت ثقيلة عليه. ومن رحمة الله بعباده ان كشف لهم بعض ثواب الاعمال لتخف عليهم ويقبلوا عليها بعزم وشوق فثواب صلاة الفجر والعشاء مثلا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا. صحيح الجميع. ومن ثواب صلاة الفجر كذلك انها اعظم تأمين على الحياة. من صلى الفجر فهو في ذمة الله صحيح الجامع. ومن ثواب الفجر انها تزيد عمرك بمقدار الثلث تقريبا. لانك تفقد بنومك يوميا تقريبا ثماني ساعات. لتخصم من رصيد عمرك الثلث. لكن النبي صلى الله عليه وسلم بشرك بان ساعات النوم هذه لم تضع وستثاب عليها ان صليت الفجر في جماعة. فقال ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله صحيح الجامع هذا الثواب الرائع المعلن كفيل بان يطرد اي كسل من القلب. وهكذا مع اي طاعة. الخاشعون كذلك لا يكسلون لانهم يتدبرون ما يقرؤون من كتاب ربهم ويتلقون بشوق رسائل الله في القرآن الذي تلوه في صلواتهم. والاذكار التي رددوها في ركوعهم وسجودهم الذنوب الذنوب من اسباب حرمان العبد من الطاعة ومنها الصلاة. فتتابع الذنوب يجعلها تتراكم على القلوب فتحول بين القلب وبين انواري الهداية وكلما زادت الذنوب قست القلوب حتى تموت. قال محمد بن واسع الذنب على الذنب يميت القلب. وتدرج الشيطان في الاغوة معلوم ومشهور. فعند بدء الزلل يكون تذكر اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا وفي وسط الزلل وبتتابع الذنب يكون التغليف والاغلاق. كلا بل ران على قلوبهم. واما اخر الزلل فموت ام على قلوب اقفالها؟ وترك الصلاة عرض لمرض والمرض هو الذنوب فليتذكر العبد الذي حرمه بعد ان ابعده عن طريق مولاه وطرده من جنة رضاه ولا سبيل للعودة الا بتوبة صادقة عسى مريض الروح يشفى وغائب القلب يعود. واكثر الذنوب وايسرها واخطرها هي ذنوب العين واللسان. لان العين واللسان لا يتعبان من كثرة النظر والكلام فيورثان صاحبهما الهلاك باثر ذنوبهما دون ان يشعر صاحبهما اربعة الشهوات بقدر زيادة الشهوات تنقص الصلوات. فلا يضيع الصلوات الا غارق في الشهوات. قال تعالى فخلف من من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. هذه الاية تتحدث عن قوم جاءوا بعد ركب الانبياء العظام وهم خلف سيئون وعلامة سوءهم الابرز انهم اضاعوا الصلاة وكان هناك علاقة ترابطية بين اضاعة الصلاة وبين اتباع الشهوات. لكن ما ابرز الشهوات التي تعوق الشباب عن الصلاة اليوم شهوة حب الملاهي. شباب يذهب الى الملاهي والنوادي ليلا فيسهر حتى الفجر فتضيع عليه الصلاة شهوة مشاهدة الفضائيات وتصفح الصفحات. يقضي الساعات تلو الساعات على الفضائيات وبين صفحات التواصل. فيسمع نداء الصلاة يكسل عن الاجابة فيؤخر الصلاة عن وقتها ثم تتراكم عليه الفرائض الضائعة فيكسل عن القضاء وينقطع عن الصلاة شهوة التعلق بالجنس الاخر. فيكون الخروج وقضاء الاوقات والتواصل مع الجنس الاخر عبر صفحات التواصل والشات. فلا يبقى وقت للصلاة ولا ولمراجعة الذات شهوة الاصحاب. لا يجرؤ على رفض طلبهم للخروج معهم لانه يحب رفقتهم. فينبي رغبتهم وهم لا تصلي او يسخرون ممن يصلي فتضيع صلاته. شهوة العادة السرية ومطالعة المواقع السيئة. وهي توقع الشباب في العند والحرب حيث يضطر الى الغسل من الجنابة ثم يكسل عن الغسل في بعض الاحيان فلا يصلي لانه غير طاهر. شهوة الخمر والمخدرات تذهب العقل بالسكر فينام اصحابها ويستيقظون بلا صلاة لان عدة صلوات فاتتهم وبمضي الوقت تضيع الصلاة بلا ادنى خمسة اليأس. اليأس من عدم الانتظام في الصلاة من اهم اسلحة ابليس في تثبيت المؤمنين عن الصلاة. وعدم الانتظام في الصلاة يفتح به الشيطان اليأس في قلبك فمع اول تقصير تستسلم له وتترك الصلاة. قال ابن عطاء ولا تقطع يأسك او تقول كم اتوب وانقض؟ فالمريض ارجو الحياة ما دامت فيه الروح وكيف اليأس والعفو احب الى ربنا من الانتقام والرحمة احب اليه من العقوبة. وقد سبقت رحمته غضبه وغلب حلمه عقوبته والفضل احب اليه من العدل. والعطاء احب اليه من المنع. لا اله الا هو. ويأس اخر بعض الناس يسمع حديث من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له. فيتسرب الى قلبه اليأس من رحمة الله. وهو حديث باطل لا اصل له والواجب ان تستمر صلاتنا وان صاحبتها السيئات لتقوم بدورها في محو الذنوب كما قال ربنا ان الحسنات يذهبن للسيئات سين وجيم سين اربعون عاما لا اصلي لكني كنت اعمل كثيرا من اعمال الخير والصدقة والمعروف. وبدأت اصلي من اليوم فهل يكتب الله لي ثواب ما سلف من اعمال الخير قبل ان اصلي؟ اذا كان للعبد حسنات وعمل بعدها سيئات استغرقت حسناته القديمة ثم تاب بعد ذلك توبة نصوحة عادت اليه حسناته القديمة. ويقال له تبت على ما اسلفت من خير قال حكيم بن حزام رضي الله عنه قلت يا رسول الله ارأيت اشياء كنت اتحدث بها يعني اتعبد بها في الجاهلية من صدقة او وعتاقة او صلة رحم فهل فيها اجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسلمت على ما اسلفت من خير. صحيح مسلم. قال ابن حجر لا مانع من ان يضيف الله الى حسناته في الاسلام ثواب ما كان صدر منه في الكفر. تفضلا واحسانا. واذا كان هذا فضل في حق الكافر قائما بعد اسلامه. فمن باب اولى للمسلم الذي انقطع عن صلاته. قال ابن القيم رحمه الله مبينا السبب في ذلك وذلك لان الاساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة وصارت كأنها لم تكن. فتلاقت الطاعتان واجتمعتا والله واعلم ستة الانشغال بالدنيا. ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له برهان ولا نور ولا نجاة. وكان يوم القيامة مع قارون وهامان وفرعون وابي ابن خلف صحيح ابن حبان. قال ابن القيم وانما خص هؤلاء الاربعة بالذكر لانهم من رؤوس الكفرة. وفيه نكتة بديعة. وهو ان المحافظة على الصلاة اما ان يشغله ما له او ملكه او رئاسته او تجارته. فمن شغله عنها ما له فهو مع قارون. ومن اشتغله عنها ملكه فهو مع فرعون. ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان. ومن شغله عنها تجارة فهو مع ابي بن خلف نعم من الله تجذبك الى الله. فكيف صرفتك عنه؟ اهداها اليك كي تشكره وتزداد له حبا. فكيف قابلتها بعصيانه ومخالفة امره ولو فعلت هذا مع مخلوق لحرمك من عطاياه. لكن الله رغم طول بعادك وتكرار جفائك. لم يحرمك من عطاياه الا يورثك ذلك الحياء منه؟ ان بعض الناس ينهمك في خدمة دنياه على حساب دينه فيفرط في صلاته. واذا ما ذكر بان الرزق ومضمون احتج بان ضمان الرزق لا يعني ترك الاسباب. لكنك اذا ذكرته بحق الله قال لك ربنا غفور رحيم وينسى نفس المنطق وان المغفرة والرحمة لا تتحصل الا باسبابها. وان دخول الجنة ليس بالمجان بل باعها الله لنا في مقابل النفس والمال. وتساؤل اخر يطرحه الحديث السابق. كيف بعت صحبة الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بصحبة من غضب الله عليهم وجعل هم ائمة يدعون الى النار. ان مكانة الصلاة عندك تعكس مكانتك عند ربك. فلو كانت الصلاة مهمة لديك فانت شخصية هامة في الملأ الاعلى وان كانت صلاتك مهملة منسية فمنسي انت بين الملائكة وعند ربك جزاء وفاقا. نسيت صلاتك وكذلك اليوم تنسى ضيق الارزاق من ضيق الافهام. ما قيمة الرزق الوفير اذا ادى الى الخلود في نار السعير وما اشد شؤم الرزق المادي الزائل اذا كان سبب حرمانك في رزق الجنة الخالد وما قيمة مال يلازم صاحبه القلق والاضطراب والخوف من ضياعه. ان الرضا وراحة القلب ارزاق خفية لا ينالها اكثر اصحاب الاموال والقصور العلية. واليك مقطعا مرئيا من سبع لامرأة شديدة الفقر من المال عظيمة الثروة من الرضا وراحة البال. لتفتح لك ابواب الفهم عن الله في ارزاقه