اسم الله العزيز. اولا اضلاع العزة الثلاثة. ثانيا معنى معناه الندرة ونفاسة القدر. صاحب القوة والغلبة معناه انه المعز ثالثا فادعوه بها عبادة وعملا. الواجب العملي لاسم الله العزيز. توحيد التوكل وكمال التنزيه وتصريف القلوب وعزة المؤمن والتواضع للمؤمنين. رابعا فادعوه بها مسألة وطلبا. خامسا لماذا العزيز مع الرحيل اولا اضلاع العزة الثلاث. العزيز الذي له العزة كلها باضلاعها الثلاثة. عزة القوة وعزة الامتناع وعزة الغلبة. عزة معروفة وعزة الامتناع مقصود بها الذي لا ينال جانبه فلا يحتاج الى احد ولا تبلغ العباد ضره فيضرونه ولا نفعه فينفعونه. وعزة الغلبة قهر جميع الكائنات وذات له الخلائق وخضعت لعظمته. ورد هذا الاسم بصيغة التعريف العزيز اربعا وستين مرة في عن الكريف وبصيغة التنكير عزيز اربعا وعشرين مرة. وهو الاسم الذي كلم الله به موسى اول ما كلمه يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم هذا الاسم له اهمية عظيمة اليوم. في ظل حال الذل الذي خيم على حياة المسلمين في ظل جهلهم باسم الله العزيز وما يتطلبه ايمانهم بهذا الاسم من اسماء الجلال. فانت عبد العزيز. لا عبد مأمور ولا عبد المال ولا عبد الشهرة. فمن اراد العزة فلابد ان يعرف العزيز ويتعرفا على هذا هذا الاسم ثانيا معنى اسم الله العزيز. واسم العزيز له ثلاث معاني الاول الندرة ونفاسة قال الامام الغزالي العزيز والخطير الذي يقل وجود مثله وتشتد الحاجة اليه ويصعب الوصول اليه. فما لم يجتمع عليه هذه المعاني الثلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز. فكم من شيء يقل وجوده ولكن اذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسمى عزيزا. وكم من شيء يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسمى عزيزا. وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن اذا لم يصعب الوصول اليه لم يسمى عزيزا. كالشمس مثلا فانه لا نظير لها. والارض كذلك. والنفع عظيم في كل منهما والحاجة شديدة اليهما. ولكن لا يوصفان بالعزة لانه لا يصعب الوصول الى مشاهدتهما فلابد اذا من اجتماع المعاني الثلاثة ليصح الوصف بالعزة. والكمال في قلة الوجود ان الى واحد اذ لا اقل من الواحد. ويكون بحيث يستحيل وجود مثلهم. وليس هذا الا لله عز وجل اما الشمس فانها وان كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الامكان. فيمكن وجود مثلها في الكمال والنفاسة. اما الحاجة فهي ان يحتاج اليه. اي الى العزيز ان يحتاج اليه كل شيء في كل شيء حتى في وجوده وصفاته وليس ذلك على الكمال الا لله عز وجل. وفيما يتعلق بالمعنى الثالث وهو الوصول الى العزيز فالكمال في ذلك يتمثل في استحالة الوصول اليه. على معنى الاحاطة بكنهه وليس هذا على الكمال الا لله عز وجل. فالله عز وجل بذلك هو العزيز المطلق لا يوازيه في ذلك الاسم غيرهم. المعنى الثاني القوة والغلبة. ومنه قوله وتعالى وعزني في الخطاب يقول الامام القرطبي العزيز معناه المنيع الذي لا ينال ولا يغالب. لا احد يستطيع ان طلب الله عز وجل فعز بمعنى غلب. وفي المثل العربي من عز بز اي من غلب اخذ المتاع فالعزة بمعنى الغلبة. وقول لا يغالب اكمل في المعنى منه لا يغلب. اذ قولنا لا يغالب بمعنى انه لا يتصور ان يطلب احد غلبة الرب عز وجل. مثل قولنا لا يقاتل تعني انه لا يتطلع احد الى قتاله فضلا عن قتله. فليس هذا ممكنا. فالله تعالى لا يغلب ولا يغالب. هذه العزة والقوة قوة لا يقف في وجهها شيء. ولو كان ذلك مرضا عضالا حار فيه الاطباء واعي الاذكياء. فهذا عثمان ابن ابي العاص رضي الله عنه يقص علينا خبره مع الله العزيز. فيقول اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وبوجع قد كاد يهلكني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يمينك على المكان الذي تشتكي فامسح بها سبع مرات وقل اعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما اجد في كل مسحة قال ففعلت ذلك فاذهب الله ما كان بي. فلم ازل امر بها اهلي وغيرهم. وهذه القوة الالهية في مقابل الضعف البشري. وقد ضرب الله لهذا الضعف الشديد مثلا عجيبا. فقال يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له. ان الذين من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له. وان يسلبوا الظمام شيئا لا يستنقذه منه. ضعف الطالب والمطلوب فاعظم الخلق قدرا لا يمكنه الاحتراز من احقر الخلق قدرا. ليعلم بذلك المخلوق عجزه ضعفه وذله ولا يفتخر على احد من ابناء جنسه بما حازه من الدنيا. وهذا من علامات عزة العزيز وقوته وغلبته. ولذا اتبع الله هذا المثل باسمين من اسمائه في غاية المناسبة لهذا المعنى وهما القوي والعزيز. فقال قوي عزيز وقع الذباب على المنصور يوما ابي جعفر المنصور. فذبه عنه فعاد فذبه حتى اضجره. فدخل جعفر وابن محمد فقال له المنصور يا ابا عبدالله لما خلق الله عز وجل الذباب؟ قال ليذل به الجبابرة المعنى الثالث المعز. العزيز هو المعز. اي مصدر العزة. كما نقول في اللغة الاليم معنى المؤلم. قال تعالى فمن طلب العز فليطلبه من رب العزة. من كان يريد عزة من كان يريد العزة فلله العزة جميعا من احب ان يكون عزيزا في الدنيا والاخرة فليلزم طاعة من يملك وحده العزة. فكلما زادت الطاعة زادت العزة ولذا فاعز الناس هم الانبياء ثم الذين يلونهم ممن اتبعهم من المؤمنين وعزة كل واحد بقدر علو برتبته في الطاعة. فكلما كمت هذه الصفة فيه اكمل كان اعظم عزة واكمل رفعة اعزة ولرسوله وللمؤمنين قال قتادة في تفسيرها من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله تعالى. وقد تساءل الشيخ الشرباصي عن اشكال قائلا قد يعترض معترض فيقول كيف نجمع بين قول الحق سبحانه من كان يريد العزة فلله العزة جميعا وقوله عز وجل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. والجواب انه لا تنافي بين الايتين لان العز الذي هو للرسول وللمؤمنين هو في الحقيقة ملك لله ومخلوق له. وعزه سبحانه هو مصدر لكل عز من ثم يكون عز الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مستمدا من الله. على هذا فالعز كله لله والعزة التي عند الانسان لا تكون فضيلة محمودة الا اذا استظلت بظل الله. واحتمت بحماه. اما عزة الكفار المشار اليها في الاية الكريمة من الذين كفروا في عزة وشقاق فهي تعزز وهو في الحقيقة ذل. لانه تشبع من الانسان بما لم يعطه. وقد تستعار العزة للانا والحمية المذمومة كما في قوله تعالى وكل ذلك ليس من العز الحقيقي في شيء الاسلام مصدر العزة روى الحاكم وغيره قصة اسامة بن زيد رضي الله عنه حينما ذهب حكيم بن حزام الى السوق فوجد حلة تباع فقال حكيم لمن هذه قالوا هذه خلة ذي يزن ملك من ملوك اليمن. فاشتراها بخمسين دينارا ثم ذهب الى النبي صلى الله عليه وسلموا اهداها اليه فلبسها صلى الله عليه وسلم. وصعد المنبر بها. فما روي من ذي حلة اجمل منه صلى الله عليه وسلم يومئذ ثم خلعها لانه معرض عن الدنيا. والبسها حبه وابن حبه اسامة بن زيد فمشى بها في السوق فرآه حكيم بن حزام. وكان ذلك قبل اسلامه. فتعجب حكيم من اسامة الرجل الصغير الاسمر ابوه مولى لرسول الله ومع ذلك يلبس حلة ذي يزن فقال اسامة بن زيد. نعم والله. لا انا خير من ذي وامي خير من امه. وابي خير من ابيه. اسامة الشاب الصغير الذي استصغره الناس ونسبا وشكلا شعر انه اعظم منزلة من ملك اليمن لا لشيء الا لانه مسلم. وهذا مصدر العزة الحقيقي والفخر الايماني. فاذا ايقن المؤمن بذلك عانقه شعور الرفعة والقوة والفخر ولا امة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا عبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم قال ابن القيم وهو يشرح سر عزة اسامة. ويرسم لنا خريطة العزة الايمانية المفتقدة اليوم العزة والعلو انما هما لاهل الايمان الذي بعث الله به رسله وانزل به كتبه وهو علم وعمل وحال. قال الله تعالى وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين فللعبد من العلو بحسب ما معه من الايمان. قال تعالى ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون فله من العزة بحسب ما معه من الايمان وحقائقه. فاذا فاته حظ من العلو والعزة ففي مقابلة ما فات من حقائق الايمان علما وعملا ظاهرا وباطنا. فلتعلم مصدر عزتك فمن من الله وجدها عنده غير ممنوعة عنه ولا محجوبة. ومن طلبها من غيره طلبها من غيره طلبها من غيره. وكله الله الى من طلبها فوجد السراب. وقد علمنا هذا الدرس امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ان قدم الشام عليه ثياب مرقعة وهو اخذ برأس راحلته يخوض في مخاضة من الطين فقالوا يا امير المؤمنين يلقاك الجنود وبطارقة وانت على حالتك هذه فقال انا قوم اعزنا الله بالاسلام فلن نطلب العزة في غيره. العزيز لا عزيز عنده ان خالف امره. ولو كان خير الخلق وشامة الرسل. لان العزيز لا يقبل خروج احد عن طاعته. ولو كان من كان ولا علينا بعض الاقاويل. لاخذنا منه باليمين ثم نقصنا منه الوتير والوتين هو عرق الرقبة وهذا التهديد فيه شدة بلا شك ولن ينفعه احد منكم وقضى العزيز ان الذل مصير من عصاه. فمن عصى العزيز اذى له ولا بد عزة عالم وذلة عالي لما عاد طه حسين من بعثته الى اوروبا اراد السلطان حسين ان يكرمه فاستقبله في قصره استقبالا حافلا وكان خطيب المسجد الذي كان السلطان مواظبا على صلاة الجمعة فيه ومحمد المهدي. احد اشهر خطباء وزارة الاوقاف حينها. فاراد ان يمدح السلطان بما فعل من تكريم طه حسين فصلى الجمعة يوما بمسجد المبدولي. القريب من قصر عابدين. ولكن خانته فصحته وغلبه الغلو في المدح. فقال في خطبته جاءه الاعمى فما عبس في وجهه وما تولى كان ممن شهد هذه الصلاة الشيخ محمد شاكر. وكيل الازهر ووالد العلامتين احمد ومحمود شاكر الذي لم امهلك نفسه مما عرض به المهدي جناب النبي صلى الله عليه وسلم. فقام بعد الصلاة مباشرة ونادى في الناس في المسجد انت صلاتهم باطلة، وان خطيبهم قد كفر بما عرض بالمقام النبوي في تملقه السلطان باظهار منقبة له فاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم حاشاه. وامرهم ان يعيدوا الصلاة. فاعادوها وذهب فورا الى قصر عابدين رئيس الديوان محمود شكري باشا. وطلب منه ان يرفع الامر الى عظمة السلطان. وان يبلغه حكم الشرع في هذا بوجوب اعادة الصلاة بطلت بكفر الخطيب. فما كان الا ان انقلبت الدنيا باسرها على الشيخ شاكر. رأسا على عقب. وكثر اللغط ونال منه كل من اراد ان يتقرب الى السلطان. وقرر المهدي لجرأته ان يقيم ضد الشيخ محمد شاكر دعوة بما يا له منه وكان رأي الشيخ شاكر انه لن يحتكم في حكم الشرع في هذا المجرم الى علماء الازهر بان حكم المساس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تعريضا معروف للدهماء. لا ينكره الا جاهل او متعنت او غبي. وان نقطة البحث الصحيحة فيها عربية لغوية صرفية هل هذا تعريض لمقام الرسول بدلالة اللغة والاستعمال ام ليس بتعريض. ولا يحتاج الفصل في هذا الى علماء الازهر. خشية ان يظن بهم تعصب للدين بل هي نقطة لغوية يكفي فيها رأي بعض المستشرقين الافرنج ممن لا يغن بهم العصبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم واصر الشيخ محمد شاكر على موقفه غير عابئ بشأن المهدي ولا بمن وراءه من الصحفيين وكبار مسؤولين فشاء الله ان تتدخل الحكومة في القضية خوفا من الفتنة. فتوي بساطها قبل ان ينظرها القضاء. لكن اين صار عمرهما والى اين وصل ذكرهما؟ امر شاكر وامر المهدي. اما شاكر قد اختير لعضوية هيئة كبار العلماء بعد ان ولي منصب قاضي القضاة في السودان كاول مصري يتولى هذا المنصب كما اختير كعضو في الجمعية التشريعية التي شكلتها الحكومة المصرية عام الف وتسعمائة وثلاث عشرة من الميلاد. واما المهدي فما كان الله ليدعه وجرمه في الدنيا قبل ان يجزيه جزاءه في الاخرى. يقول العلامة قلت له احمد شاكر فاقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين وبعد ان كان متعاليا منتفخا مستعزا لمن لاذ بهم من العظماء والكبراء رأيته مهينا ذليلا خادما على باب مسجد. يتلقى نعال المصلين في ذلة وصغار حتى لقد خجلت ان يراني وانا اعرفه وهو يعرفني. لا شفقة عليه. فما كان موضعا للشفقة ولا شماتة فيه. فالرجل النبيل يسمو على الشماتة ولكن لما رأيت من عبرة وموعظة. فانظر في حولك واعتبر بمن قبلك. ثالثا فادعوه بها عبادة وعملا الواجب العملي لاسم الله العزيز. وفيه خمس واجبات توحيد التوكل وكمال التنزيه وتصريف القلوب وعزة المؤمن والتواضع للمؤمنين الواجب الاول توحيد التوكل. عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال اذا كان على احدكم امام يخاف فت غطرسه او ظلمه فليقل اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم كل جارا لفلان ابن فلان واحزابه من خلائقك. ان يفرط علي احد منهم او عز جاره وجل ثناؤك ولا اله الا انت ولنتعلم التعزز بالعزيز من عثمان ابن مفعول رضي الله عنه. لما رأى عثمان بن مزعون ما في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يغدو ويروح في امان من الوليد ابن المغيرة قال والله ان غدوي ورواحي امنة بجوار رجل من اهل الشرك واصحابي واهل ديني يلقون من البلاء والاذى في الله ما لا يصيبني كبير في نفسي فمشى الى الوليد ابن المغيرة. فقال له يا ابا عبدي شمس وفت ذمتك. قال قد رددت عليك جوارك فقال له لما يا ابن اخي؟ لعله اذاك احد من قومي؟ قال لا ولكني ارضى بجوار ولله ولا اريد ان استجير بغيره. قال فانطلق الى المسجد فاردد علي جواري علانية كما اجرتك علانية فانطلقا فخرجا حتى اتيا المسجد. فقال الوليد هذا عثمان قد جاء ايرد علي جواري؟ قال صدق. قد وجدته وفيا كريم الجوار. ولكني قد احببت الا استجير بغير الله فقد رددت جواره ثم انطلق عثمان ولعبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيت الا كل شيء ما خلى الله باطل. قال عثمان صدقت قال لبيب وكل نعيم لا محالة زائلون. قال عثمان كذبت. نعيم الجنة لا يزول قال لبيب بن ربيعة يا معشر قريش والله ما كان يؤذي جليسكم فمتى حدث هذا فيكم؟ قال رجل من القوم ان هذا سفيه في سفهاء معه. قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله. فرد عليه عثمان حتى شرى امرهما. فقام اليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها. والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان فقال اما والله يا ابن اخي ان كانت عينك عما اصابها لغنية. لقد كنت في في ذمة منيعة قال يقول عثمان بل والله ان عيني الصحيحة لفقيرة الى مثل ما صاب اختها في الله واني لفي جوار من هو اعز منك واقدر يا ابا عبد شمس. فقال له الوليد هلم يا ابن اخيه ان شئت فعد الى جوارك. قال لا. وفي هذا يقول الامام ابن القيم وهذه العزة مستلزمة للوحدانية. اذ الشركة تنقص العزة. ومستلزمة لصفات لان الشركة تنافي كمال العزة ومستلزمة لنفي انظاتها. الواجب الثاني كمال التنزيه تنزيهات التنزيه. ومن كمال العزة تنزيهه سبحانه من كل سوء وشر ونقص. وفي ذلك يقول ابن القيم اسمه الذي له العزة التامة. ومن تمام عزته براءته من كل سوء وشر وعيب. فان ذلك ينافي العزة التامة. الواجب الثالث تصريف القلوب. ولا يقدر على تصريف القلوب الا الله وهو يجعل العبد خائفا من ربه سبحانه لائذا بجنابه معتصما به متبرأ من حوله وقوته سائلا ربه له حفظ قلبه وصلاح دينه ودنياه. وفي هذا يقول ابن القيم وانه لكمال عزته حكم على العبد وقضى وعليه بان قلب قلبه وصرف ارادته على ما يشاء. وحال بين العبد وقلبه وجعله مريدا كائيا لما شاء منه العزيز الحكيم وهذا من كمال العزة. اذ لا يقدر على ذلك الا الله. وغاية المخلوق ان يتصرف في جسدك وظاهرك. واما جعلك مريدا شائيا لما يشاؤه منك ويريده. فلا يقدر عليه الا ذو العزة الباهرة فاذا عرف العبد عز سيده ولاحظه بقلبه وتمكن شهوده منه كان الاشتغال به عن ذل المعصية اولى به وانفع له لانه يصير مع الله لا مع نفسه. ومن معرفة عزته في قضائه ان يعرف انه مدبر مقهور. ناصية بيد غيره لا عصمة له الا بعصمته. ولا توفيق له الا بمعونته. فهو دليل حقير في قبضة عزيز حميد. فوالله لولا الله يسعد عبده بتوفيقه والله بالعبد ارحم لما ثبت الايمان يوما بقلبه على هذه العلات والامر اعظم ولا طاوعته النفس في ترك شهوة مخافة نار جمرها يتضرم ولا خاف يوما من مقام الهه عليه بحكم القسط اذ ليس يظلم. ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعزة الله ان عصمه من الزيغ والضلال وهو المعصوم. لكنها الرحمة بامته. والنصح لها وارشادها. قال صلى الله عليه وسلم اعوذ بعزتك. انت الذي لا اله الا انت. ان تضلني. انت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون الواجب العملي لاسم الله العزيز. وفيه خمس واجبات توحيد توكل وكمال التنزيه وتصريف القلوب وعزة المؤمن والتواضع للمؤمنين. الواجب الرابع عزة مهما انتهى العبد العزة من غير العزيز وبغير دينه فلن اجد الا الذل والهوان. قال الله تعالى كان يريد العزة فلله العزة جميعا وقال سبحانه رادا على المنافقين الذين رأوا العزة عندهم يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين الا يعلمون وهذا اسلوب قصر اي العزة لله ولرسوله وللمؤمنين لا لكم كما تحسبون ايها المنافقون اللام في قوله ولرسوله مع ان حرف العطف مغن عنها لتأكيد عزة الرسول صلى الله عليه وسلم. وانها بسبب الله ووعده اياه واعادة اللام ايضا في قوله وللمؤمنين للتأكيد على ذلك ايضا. اذ قد تخفى عزتهم واكثرهم في حال قلة وحاجة. هذا الشعور بالعزة يثمر التعالي على الباطل واهله. مهما تسلطوا على العبد غاية ما يقدرون عليه هو الاذى الظاهري. اما القلب فما دام مملوءا بالايمان والاعتزاز بالقوي العزيز. فلن يصلوا اليه او يسيطر عليه. قال ابراهيم الخواص على قدر اعزاز المرء لامر الله يلبسه الله من عزه يقيم له العز في قلوب المؤمنين. قوة لا ينقذها الا الايمان قال الشيخ علي الطنطاوي عن العزة التي يوقظها الايمان. لما كانت موقعة ميسلون في الشام من سبع اربعين سنة ودخل الفرنسيون دمشق ظافرين. شهدت مشهدا لا يزال منقوشا في ذاكرتي. كنت ذاهبا الى المدرسة وكنا في اوائل المرحلة الاعدادية فوجدت ثلاثة من الجنود الفرنسيين المسلحين يلحقون امرأة مسلمة محجبة. يتحرشون بها ويمدون ايديهم اليها وهي تصرخ مذعورة وهم يتضاحكون. والناس خائفون منهم وقلوبهم تتقطع الما واذا بسلمان اي بقار كهل يصرخ صرخة هائلة تخرج من اعماق قلبه كأنها ليست من اصوات البشر ولك شو بكم؟ ما عاد في دين ما عاد فينا اخوة ويثب اليهم باربع خطوات فيصير بينهم اهجم عليهم بيديه بلا سلاح. وتسني عدوى الحماسة فيلحقه الناس. واذكر وانا ولد اني رميت حقيبة الكتب وهجمت معهم ولم يكن مع احد من المهاجمين قطعة حديد. ومع الجنود البنادق المحشوة بالرصاص ومع ذلك غلبوا وسقطوا على الارض ونزل عليهم الناس ضربا وركلا فلم يخرجوا الا بثياب ممزقة واعضاء محطمة هذه القوة الكامنة هي مصدر العزة التي وصف الله بها المؤمنين. انها موجودة في نفوسنا لا تزال رغم الضعف والتفرق والانقسام لكنها تحتاج الى من يوقظها. وهذه القوة لا يوقظها الا الايمان الواجب الخامس التواضع للمؤمنين. فمن عرف ان العزة لله وحده ذل لعباده المؤمنين. وقد وصف الله تعالى عباده الذين يحبونهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو الا عزة وما تواضع احد لله الا رفعه. فمن اسباب العزة العفو والتواضع. فمن عفا مع قدرته على الانتقام عظمت مكانته في القلوب في الدنيا. وعظم ثوابه في الاخرة رابعا لماذا العزيز مع الرحيل؟ جاء اقترانه العزيز الرحيم في القرآن ثلاث عشرة مرة. منها تسع مرات وحدها في سورة الشعراء للاشارة الى ان الله بعزته قادر على نصر عبده على عدوه. وان كان اقوى منه. وانه برحمته يعصمه منهم. وصفة الرحمة هنا لتنفي ما ظنه البعض ان العزة هنا تقتضي الجبروت او القهر والظلم فهو سبحانه في عزته رحيم. لان عزة العزيز على المتكبر هي في حقيقتها رحمة بمن تكبر عليه. وكان الحق سبحانه وتعالى يعلم خليفته في الارض. اياك ان تتوكل على عبد مثلك. لانه عاجز مثلك وما دام الامر كذلك فتوكل على العزيز الرحيم. فعزته لك ورحمته لك اللهم اسألك باسمك العزيز اللهم اعزني بطاعتك ولا تذلني بمعاصيك وانقل لي من ذل المعصية الى عز الطاعة يا من لا يغلبه شيء اعز الاسلام وانصر المسلمين. واذلنا الشرك والمشركين ولا تجعل لاحد منهم سلطانا على عبادك المؤمنين. الله ارزقني عزة المؤمن في غير كبر. وغلبة الحق من غير بغي. اللهم ما جعلت العزة للمؤمنين على المنافقين فاجعل العزة للمصلحين من عبادك انزل الذلة على الجائرين والظالمين