الله الاسماء الحسنى فادعوه بها مقدمة الكتاب ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله اتقوا الله حق تقى قاتلي ولا تنتن الا وانتم مسلمون يا يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن ان يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد ان من اعظم ابواب زيادة الايمان ورعاية اليقين. فهم الاسماء وهي امنية قديمة لي. كنت ارجو الله ان ييسرها لي ويمنحني شرفها منذ زمن. وكنت وما زلت انظر اليها على انها كنز مغمور يحتاج الى البحث والتنقيب وتسليط الاضواء وربطه بالواقع والتاريخ وقد اكرمني ربي واحسن بي اذ اعانني على اخراج هذا الكتاب. ما يحويه كتابي عن اسماء الله الحسنى ليس الا قطرة في بحر المعرفة وذرة في ملكوت السماوات والارض. فانه لا احاطة لاحد بالله مهما علا قدره. ولا احد من عباده يقدر على احصاء الثناء عليه او وصفه كما ينبغي له. بل هو كما اثنى على نفسه. كما قال صلى الله عليه وسلم لا احصي ثناء عليك. انت كما اثنيت على نفسك. ومع ذلك فقد اتاح لنا الله سبحانه بعض العلم بقدر ما تتحمله عقولنا المحدودة من خلال ما سنعرض له من اسمائه وصفاته ونتتبع مظاهرها واثارها في كتابه وكونه ومخلوقاته. وبقدر تتبع هذه الاثار ربطها بالاسماء والصفات نجني بعض ثمار المعرفة. قد سمى الله اسماءه الحسنى بمعنى بالغ الحسن بلا حد او قيد. قال العلامة الالوسي الحسنى انيس الاحسن افعل تفضيل ومعنى ذلك انها احسن الاسماء واجلها لانبائها عن احسن المعاني واشرفها والناس يقولون من اثارهم تعرفونهم فعندما يوصف احد بانه محسن فانت لا تصدق وهذا الا ان رأيت اثار احسانه. وكلما تتابعت عليك الاثار وشاهدتها بعينك ازددت يقينا بصحتك بهذا الوصف ولله المثل الاعلى الا ما اتعس من ضاع عمره وما عرف فيه ربه. ولو عرفه لاحب مهما احبه ولو احبه لما اثر عليه غيره واقع مخجل. ان تجد كثيرا من الناس يعرفون عن كل شيء شيئا فاذا تعلق الامر بالله ومعرفته فوجئت منهم بواقع مخجل. ان تجد رجلا يتحدث عدة لغات اجنبية بطلاقة فاذا جاء الى تلاوة اية من كتاب الله فكأنه اجنبي. ان تجده عند الحديث في السياسة تجده محللا سياسيا بارعا. عند الحديث عن كرة القدم او سوق العمل او المشاكل الزوجية الفن الموضة تجده ملما بالاراء والمدارس المتباينة ويبهرك بشدة المامه بالموضوع وتأثره به. لكنك لو طلبت منه ان كلم عن ربه عدة دقائق فلربما لا يستطيع اكمال خمس دقائق. ولو تكلم لكان ذلك بقلب باردة المتكلفة فلا يؤثر كلامه في من حوله. لان ما خرج من القلب وصل الى القلب وما خرج من اللسان لم يجاوز الاذى لكن لماذا صرنا الى هذا الواقع؟ لان هذا العبد اهتم واحب واقبل عيش ما احب وبقي ان يفعل الشيء نفسه مع ربه. ان يعرف الله فيفهم عنه. ان يرى اثار الله ولطفه فيحبه. واثار قهره وقوته فيهابه. وتأتي اهمية هذا الموضوع في ظل انتشار الجهالة وموجات الالحاد الممنهجة والتي اصبحت ترعاها وتتبناها منظمات وهيئات ودول في حملات متتابعة تستهدف الاجيال الجديدة والشباب والناشئة. ويساعدها في هذا غربة الدين واهله. وهذا الكتاب ما هو الا خطوة. في خضم هذا المضمار وهو جهد المقل. سبقني بالفضل فيه الكثيرون واجاد وبرأوا وكان دوري في هذا الكتاب ان اختفيت اثارهم وجمعتها وعضدتها بوصايا نبوية ومواقف عملية فكان على النحو التالي لم اعرض لجميع الاسماء الحسنى. اكتفيت منها بثلاثة وثلاثين اسما. فضلا عن اسم الله الاعظم ذلك لعدة اسباب. اولا اردت لهذا الكتاب ان يكون حجمه في متناول القارئ العادي. فلا كبر حجمه سببا في تكاسل الناس عن اقتنائه وقراءته. ولهذا جعلته في جزئين. ثانيا بعض الاسماء تشتمل لا معان متقاربة. الرقيب والشهيد مثلا او الرحمن والرحيم. او العلي والاعلى والمتعال. ومثيلاتها من الاسماء مما يجعل في عرض اسم واحد الكفاية. ويبلغ المقصود. ثالثا اني دائما ما احرص على ربط الاسماء بالاهداف المطلوبة من العبد. والاثر العملي المترتب عليها. وهذه في بعض الاسماء قريبة من بعض. حرصت ايضا على الابتعاد عن الاسماء المختلف عليها بين العلماء. مثل اسم الله المنتقم او النافع الضار او الحنان لان بعضهم اعتبرها من الاسماء الحسنى واخرون لم يعدوها منها. ابتعدت عن كل ما يقطع اللذة الروحية للقارئ من الخلافات العقدية والكلامية بين العلماء فليس هذا كتابا علميا لطلبة العلم الذين يريدون استقصاء كل ما كتب من اقوال واراء حول الاسماء الحسنى. فقد كتب علماء علماء واجلاء في هذا الباب واجادوا وسدوا هذه الثغرة. وانما كان كتابي عاما مبسطا لكل من اراد ان يعرف عن الله وصفاته وان يظهر اثر هذه المعرفة على حاله ومقاله. حرصت ايضا على تناول الجانب اللغوي للاسماء الحسنى بصورة مختصرة. فلم اتعمق فيه ومشتقاته الا بمقدار ما يوصل المعنى اللغوي للقارئ. ولا يخضع استرساله مع هدف الكتاب بمسائل لغوية عويصة تفيد المتعمقين والباحثين. حرصت ايضا على اضافة صور معبرة لكل اسم من الاسماء الحسنى ابرازا للمعنى عن طريق الناحية الجمالية وتشويقا للقارئ وقطعا لرتابة القراءة واعانني على ذلك اخوة لي من حيث التصميم والتنفيذ وهو ما اراه اثر التجربة بشكل رائع. فجزاهم الله خير الجزاء. حرصت على تقسيم الاسماء الى مجموعتين ذواتي هدفين متباينين. اسماء الجلال وهي التي تبث المهابة في القلب ومسلكها الترهيب واسماء الجمال وهي التي تبث الرجاء وحسن الظن بالله وهي فصل من فصول مدرسة الترغيب وذلك سيرا على التوازن المنشود عند المؤمن. وان خوف المؤمن ورجاءه لو وزن لاعتدلا على تقسيم ثابت لكل اسم من الاسماء. مما يساعد على تناول الاسم بشكل ميسر واضح. كالاتي. اولا المعنى لسه من حيث اللغة مع اقوال العلماء فيها. ثانيا فادعوه بها عبادة وعملا. وهو الواجب العملي ترتب على ايمان العبد بهذا الاسم. وهذا لان الدعاء قول وعمل. وهذا من معاني احصاء الاسماء التي تورث تدخل الجنة. فان العمل بها نوع من الاحصاء. ثالثا فادعوه بها دعاء وطلبا وهي ادعية خاصة بكل اسم. وبكل اسم ما يناسبه من الادعية. ومن هنا كان لكل دعاء اكن خاص واستعمال مختلف بحسب حال العد واحتياجه. وحرصت على ان استشهد بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم اي مجد ففيه اعظم البركات وهو اولى الدعوات. فان لم اجد فمن ادعية السلف الصالح والا جعلته دعاء من عندي انه القلب على التوسل الى الله تعالى بهذا الاسم. ويفتح لنا ابواب خيره ويفيض علينا من انواره. ولك ان تنسج على نفس منوال فتدعو الله بما يفيض الله عليك من بركات هذا الاسم. رابعا حاسب نفسك تعرف ربك بك وهو بمثابة ورد محاسبة ختامي في نهاية كل اسم تقيم به نفسك ومن اي الفرق الثلاثة انت؟ السابق بالخيرات ام المقتصد؟ ام الظالم لنفسه اثنا عشر خير. او اثنا عشر ثمرة لتناول اسماء الله الحسنى. واحد العثور على كنز المعرفة قال ابن القيم وكل من عرف الله احبه واخلص العبادة له ولابد ولم يؤثر عليه شيئا من المحبوبات فمن اثر عليه شيئا من المحبوبات فقلبه مريض. الطريق الى محبة الله يمر عبر معرفته. ومعرفته لا تكون الا بمعرفة اسمائه وصفاته. وما اكثر مرضى اليوم. وما اقل من عرف ربه معرفة الله نوعان. معرفة عامة ومعرفة خاصة. فالمعرفة العامة هي معرفة الاقرار. وهي التي اشترك فيها الناس كلهم البر والفاجر والمطيع والعاصي. واما المعرفة الخاصة فتوجب الحياء من الله ومحبته وتعلق القلب به والشوق الى لقائه والاذابة اليه والانس به والفرار من الخلق اليه. هذه المعرفة هي التي نستهدفها ونسعى اليها عبر هذا الكتاب لانها تتناسب مع مقدار الايمان. فكلما ازدادت معرفة العبد بربه ازداد ايمانه. وكلما نقصت نقص واقرب طريق يوصل لي هذه المعرفة تدبر اسماء الله وصفاته. قال ابن القيم في اهمية معرفة الله وليست حاجة الارواح قط الى شيء اعظم منها الى معرفة بارها وفاضلها. ولا سبيل الى هذا الا بمعرفة اوصافه واسمائه. فكلما كان العبد بها اعلم كان بالله اعرف. وله اطلب واليه اقرب. كلما كان لها انكر كان بالله اجهل واليه اكره ومنه ابعد. والله ينزل العبد من نفسه حيث ينزله عبد من نفسه فالسير الى الله من طريق الاسماء والصفات شأنه عجيب. وفتحه عجب. صاحبه قد سقت له السعة قال له وهو مستلق على فراشه غير تعب ولا مكدود. ولا مشدد عن وطنه ولا مشرد عن سكنه. لقد رجف المنبر برسول الله صلى الله عليه وسلم. حين تحدث عن الملك حتى قال الصحابة ليخرن به وان قلب المؤمن وحياته وتصوراته ونظراته للامور تحتاج لمثل هذه الهزة العنيفة لتنقلب رأسا على عقب او بالاحرى تعتدل. وذلك حين يعرف الله حق المعرفة فيزن باوزانها ويراها على حقيقتها. اثنان الدخول على الله ونيل محبتي. كل اسم من اسماء الله الحسنى ما هو الا باب من ابواب وبالدخول على الله. فمنا من يخلو من باب الرحمة ومنا من يدخل من باب المغفرة او من باب اللطف او من ابواب اخرى كثيرة والدخول عليه هو سبيل القرب منه. والقرب اول المحبة قال ابن القيم ومن وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة اليه. وادخلته على ربه وادنته منه وقربته من رحمته وسيرته محبوبا. فانه سبحانه رحيم يحب الرحماء. كريم يحب عليم يحب العلماء. قوي يحب المؤمن القوي. وهو احب اليه من المؤمن الضعيف. حتى حيي يحب اهل الحياء. جميل يحب اهل الجمال وتر يحب اهل الوتر ثلاثة الشوق خشوا خشوا من عرف الله اشتاق اليه. واذا كمت المعرفة بحرا لا ساحل له فشوق العارف كذلك لا حد له. وهذا الشوق سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه. فقال واسألك ثم قال والشوق الى لقائي. لكن ما فائدة الشوق ولما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالشوق الى لقاء الله. الفائدة انه كلما زاد الشوق الى المحبوب كانت اللذة بالقرب منه اعظم. وكان السعي الى مرضاته اقوى. ومعلوم ان الشوق تابع لمعرفة الله والعلم به فكلما كان العلم به اتم كانت محبته والشوق اليه اكمله. فمن كان اعرف باسماء الله وصفاته صفاته كان له احب. وكانت لذته بالقرب منه والوصول اليه ومجالسته وسماع كلامه اتم اربعة الفرح بالله فلاح زين من عرف الله لم يعرف الحزن الى قلبه سبيلا. فلا حزن مع الله ابدا. ولذا قال نبينا لصاحبه في الغار اتحزن؟ لا تحزن ان الله معنا. فدل على انه لا حزن مع الله وان من كان الله الله معه فليس معه غير الفرح به. وانما الحزن كل الحزن لمن فاته حظه من الله اما من عرف الله وحصل رضاه فعلى اي شيء يحزن. ومن فاته الله فبأي شيء يفرح فرح المؤمن بربه اعظم من فرح اي احد بما يفرح به من حبيب او حياة او مال او سلطة طالب او نعمة فيفرح اذا حزن الناس. وينعم اذا شقوا. ويناله بعض حال اهل الجنة الذين لقاهم ربهم نظرة وسرورا. هذا هو ما رآه ابن القيم في شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية رآه في المنام وقال عن ذلك وكأني ذكرت له شيئا من اعمال القلب واخذت في تعظيمه ومنفعته لا اذكره الان فقال اما انا فطريقتي الفرح بالله والسرور به. او هذا من العبارة. وهكذا كانت حاله في الحياة. يبدو ذلك على ظاهره وينادي به عليه في حاله. هذا الفرح انما هو ثمرة معرفة الله عز وجل. واحصاء اسمائه وصفاته. خمسة احصاؤها سبب دخول الجنة للجنة للجنة. روى البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان لله تسعة تسعين اسما وتسعين اسما مئة الا واحدة. من احصاها دخل الجنة. ولنا هنا وقفتان الوقفة الاولى معنى الاحصاء. واشمل واصوب ما قيل هنا هو ما ذكره ابن القيم. في بدائل فوائد وهو ان الاحصاء مراتب. المرتبة الاولى احصاء الفاظها وعددها. المرتبة الثانية معانيها ومدلولها. المرتبة الثالثة دعاؤه بها. كما قال تعالى الحسنى فادعوه بها. وهو مرتبتان احداهما دعاء ثناء وعبادة والثاني دعاء طلب ومسألة. فلا يثنى عليه الا باسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل الا بها. قال ابن حجر في الفتح وقال الاصيلي ليس المراد بالاحصاء عدها فقط انه قد يعدها الفاجر وانما المراد العمل بها. وقال ابو نعيم الاصبهاني المذكور في الحديث ليس هو التعداد وانما هو العمل والتعقل بمعاني الاسماء والايمان بها. ورأى ابن القيم ان عبارة الدعاء اولى للعبارة التخلق باسماء الله فانها ليست عبارة سديدة. واما الدعاء فهو لفظ القرآن. ومن دعاء العبادة الذي الله به ان يحب المحب ان يتصف بصفات المحبوب. كما ان المحبوب يحب ان يتصف محبه بصفاته. وان فلا تدعو الله فتقول اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. وتقرأ في الحديث ان الله جميل جميل ان الله جميل. يحب الجمال. وتقرأ قوله صلى الله عليه وسلم ان الله طيب. لا يقبل لا يقبل لا يقبل الا طيبا الا طيبا. الوقفة الثانية. هل اسماؤه تعالى محصورة؟ ليس في الحديث السابق لاسماء الله تعالى. وليس معناه انه ليس له غير تسعة وتسعين اسما. وانما مقصود الحديث ان هذه اسماء من احصاها دخل الجنة. فالمراد هو الاخبار عن دخول الجنة باحصائها لا الاخبار بحصر الاسماء. ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او وعلمته احدا من خلقك احد من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ستة الخوف من الله. من عرف الله حق المعرفة خافه ومن لم يعرفه لم يخف منه. ومن كان بالله اعرف كان له اخوف. فخشية الله مقرونة بمعرفته وعلى قدر المعرفة تكون الخشية. ومن هنا حصر الله خشيته في العلماء فقال انما يخشى الله ما من عباده العلماء وذلك لمعرفتهم بالله. فمن رأى قدرة الله في اياته وخلقه خافه وهابه. وان التعرف الى الله من خلال اسمائه هو صنم التعرف عليه من خلال افعاله كلاهما مؤد الى خوف الله ومهابته. سبعة قوة الرجل قوة الرجاء على حسب قوة المعرفة بالله واسمائه وصفاته. وان التأمل في صفات الجمال والبر والاحسان يدهش العقول ويأسر القلوب. فيتغلب العبد على رح اليأس والقنوط التي سللت الى القلوب بكثرة ما احاط بها من الفتن وقلة المعين وغربة الصالحين وتسلط الشياطين وغلبة الشهوات وانتشار المنكرات وتوالي القدوات وظهور الرويبضات. فيأتيك الرجاء المنبثق من معرفة الله واسمائه صفاته كطوق نجاة لروح ايمانك. ثمانية عدم سوء الظن بالله. قليل من الناس من يحسن الظن بربه. واكثر الناس سيء الظن بالله. وان اهم اسباب حسن الظن بالله معرفته باسمائه وصفاته. قال ابن القيم واكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم. وفيما يفعله بغيرهم. ولا يسلم من ذلك الا من عرف الله وعرف اسماءه وصفاته. تسعة اعظم اعمال القلوب اعمال القلوب تفضل اعمال الجوارح. بل لعل ذرة من اعمال القلوب تعدل امثال الجبال من اعمال الجوارح واكثر الناس اليوم اصبح همه كثرة التعبد الظاهري. لكن الصفوة القليلة منهم تشغلهم اعمال القلوب اهم الصالحين اليوم كثرة الختمات والمتابعة بين العمرة والحج والركعات والصدقات. لكن ما اثر انهار هذه الاعمال الكثيرة على ارض القلوب المريضة. هل قربت صاحبها من الله؟ من الله؟ هل زادت من خشيتهم هل جعلته اتقى لربه وابعد عن محارمه واقرب لمحابه؟ قليل من العباد من يصوم لماذا؟ لان هناك عبادات قلبية خفية لم ينتبه اليها اكثر الناس وعلى رأس هذه العبادات القلبية تدبر اسماء الله وصفاته. لمح هذا شيخ الاسلام ابن تيمية فقال لافتا النظر لعبادات قلبية غالية لكنها غائبة وكثير من الناس لا يستحضر عند التوبة الا بعض تصنيفاتي بالفاحشة او مقدماتها. او بعض الظلم باللسان او اليد. وقد يكون ما تركه من المأمور الذي يجب لله عليه في باطنه وظاهره من شعب الايمان وحقائقه اعظم ضررا عليه مما فعله من بعض الفواحش فان ما امر الله به من حقائق الايمان التي يصير بها العبد من المؤمنين حقا اعظم نفعا من ترك بعض الذنوب الظاهرة كحب الله ورسوله فان هذا اعظم الحسنات الفعلية. فمن اجل اعمال القلوب واعظمها معرفة اسماء الله وصفاته. قال العيس ابن عبد السلام معرفة اسماء الله الحسنى وصفاته العليا هي افضل الاعمال شرفا وثمرا. هي كنز ثمين. غفل الناس عنه ثمرته وغنيمته. عشرة سكة المحبة. لا تهم التكاليف الا بالمحبة. ولا تحلو المشاق وتستلذ الا بالحب. قال ابن القيم فمن عرف الله باسمائه وصفاته وافعاله احبه لا محالة بل ان من اعظم اسباب السقوط الايماني او الانتكاسة الايمانية ضعف محبة الله او تقديم محبة غير لله على محبة الله. وفي المقابل فان اهم اسباب زيادة هذه المحبة التعرف على اسماء الله وصفاته حادي عشر لكل اسم مذاق ليست الاسماء لونا واحدا. بل لكل اسم منها اثر غير الاثر. ومذاق في القلب يميزه عن غيره ويأخذ بيد العبد في درب من دروب العبودية لا يشبه الاخر. فتجد مثلا اسماء العظمة الكبرياء والجلال تورث الخوف. اسماء الجمال والبر والاحسان تورث الرجاء. اسماء العز والحكمة والقدرة تورث الخضوع والانكسار. اسماء المراقبة والمشاهدة والسمع والبصر تورث مراقبة الله في بركات والسكنات والنيات. اسماء الغنى والكرم تورث الافتقار والاضطرار ثاني عشر صلاح الاخلاق. صلاح الاخلاق ليست ثمرة الاسماء في تقوية الصلة بالله دون الخلق. بل اثرها ان لم يظهر في تعامل العبد مع الخلق فما عرف هذا العبد ربه كيف يتكبر على الخلق ويستعظم نفسه من عرف اسم الله المتكبر. كيف يكون جبارا في الارض من تعرف فعلى اسم الجبار كيف لا يغفر زلات الخلق الغارق في مغفرة الغفور؟ كيف لا يشكر ادنى احسان من تعب عطاء المحسن سبحانه. كيف يخضع او يذل لبشر؟ من امن بعزة الله وغلبته وقوته فعلم ان ان عزته من عزة الله وتبقى لي كلمة. كلمة قبل تنزهك في ثنايا الكتاب. كل معرفتنا بالله هي محض فضل من الله علينا. فهو الذي ارشدنا الى كل خير. وعصمنا من كل شر. فما عرف الله الا بالله ولا دل على الله الا الله. ولا اوصل الى الله الا الله. فهو الدال على نفسه بما نصبه من الادلة. اسأل الله تبارك وتعالى ان يفتح بهذا الكتاب قلوبا غلفا عن معرفة ربها واعينا عميا عن رؤية آلائه. واذانا صما عن سماع اوامره واياته