الودود اولا معنى الودود قال الاصفهاني الود محبة الشيء وتمني كونه ويستعمل في كل واحد من المعنيين على ان التمني يتضمن معنى الود لان التمني هو تشهي حصول ما توده وقال ابن العربي اتفق اهل اللغة على ان المودة هي المحبة قال تعالى وجعل بينكم مودة ورحمة. ويأتي ايضا بمعنى الملازمة مع التعلق وجاء منها الودد بمعنى الوتد لشدة ملازمته للخيمة وتعلقه بها. وكان اصلها الودد ثم ادغمت الدالان المعنى الاول الواد لاهل الايمان ودود صيغة مبالغة على وزن فاعول بمعنى فاعل. بمعنى انه الواد لاهل الايمان. اي يحب المؤمنين واولياءه الصالحين فلا يفعل بهم الا كل خير ولا يعطيهم الا ما ينفعهم ولا يحرمهم الا مما يضرهم المعنى الثاني المحبوب ودود على وزن فعول بمعنى مفعول. فيكون الودود بمعنى المودود يعني المحبوب والمعنى الثاني قاله الحليمي وقد قيل هو الممدود لكثرة احسانه فان النفس تحب من احسن اليها وجبل المرء على محبة من احسن اليه وقد تحب شخصا من كثرة ما تسمعه عنه من خير. ولما فاض من احسانه على من حوله. ويتعلق قلبك به ولو لم يصلك شيء من هذا الاحسان فكيف بمن انت غارق في احسانه الامس واليوم وغدا قال ابن تيمية وليس ما يستحق ان يكون هو المحبوب لذاته المراد لذاته. المطلوب لذاته المعبود لذاته الا الله وقد جمع الشيخ السعدي بين تعريفين فقال رحمه الله الودود هو المحب المحبوب بمعنى واد ومودود المعنى الثالث الذي يحبب عباده الى خلقه. الودود يحبب عباده الذين يستحقون محبته الى الخلق. ويلقي بمودتهم في قلوبهم والناس وذلك على قدر محبة الله لهم ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. اي ودا خاصا بينهما وبين الله الذي ودهم واحبهم حتى فاضت مودته لهم على قلوب من حولهم. وليس هذا من فضلهم وبسبب اعمالهم فحسب. وانما هو فضل من الودود سبحانه. قال محمد بن المنتذر لابي حازم يا ابا حازم ما اكثر من القاني فيدعو لي بالخير. ما اعرفهم وما صنعت خيرا قط قال له ابو حازم لا تظن ان ذلك من عملك. ولكن انظروا الذي ذلك من قبله فاشكره. ثم قرأ ابن زيد الراوي ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا. وسبب هذا ان الله احب ولهذه المحبة تبعات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا احب الله تعالى العبد نادى جبريل ان الله تعالى يحب فلانا فاحببه فيحبه جبريل فينادي في اهل السماء ان الله يحب فلانا فاحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول في الارض. وهذا والله لهو الشرف العظيم. فالناس يتزلفون فالناس يتزالفون الى البشر اصحاب الزعامات والمكانة والسلطان ليقربوهم ويدنوهم فيغدق عليهم النعم. واما انت فالله هو الذي قربك وادناك واحبك. واعلن ذلك في كتاب به يحبهم ويحبونه. فاي فضل في انتظارك قال ابن القيم مبشرا لك ومهنئا ليس العجيب من قوله ويحبونه. انما العجب من قوله يحبهم. ليس العجب من فقير مسكين يحب محسن اليه وانما العذاب من محسن يحب فقيرا مسكينا ثانيا الحب لغة الخلائق ولو كانوا جوامد. الحب هو اللغة المشتركة بين جميع الخلق. ولو كانوا من الدواب التي لا تعقل لكنها تحب وتحب وانظر الى الفرص العربية وهو مشغول بالحب كل صباح. ويدعو الله عز وجل ان يحببه الى صاحبه. ففي كل يوم من من ايامه دعاء بالمحبة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليس من فرس عربي الا يؤذن له مع كل فجر يدعو دعوتين. يقول اللهم انك خولتني من خولتني من بني ادم. فاجعلني من احب اهله وماله اليه بما يدعو هذا الفرس كل صباح؟ انه يدعو باهم دعاء ان يكون محبوبا بل احب شيء الى صاحبه ومنا من ينام عن صلاة الفجر التي لا يغفل فرس عنها يوما. فتدعو الخيل ربها في هذا الوقت المبارك. بينما اكثر الخلق غافلون. فيستجيب الله لها. والواقع يشهد لي هذا وحب الناس للخير يشهد لهذه الاجابة حتى الجماد والصخور تحب وتحب. فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم عن جبل احد هذا جبل يحبنا ونحبه. وقد بكى جذع النخل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم واشتياقا اليه. تلك المخلوقات والجوابد تحب من احبها واحسن اليها. فكيف بك يا صاحب والقلب القاسي والله عز وجل قد تتابعت افضاله عليك. وعم كرمه وفاض بره واسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة. حتى عجزت عن احصاء آلائه فكيف لا تحبه ثالثا اذا احبك الودود. ما اثر اسم الودود على حياتك؟ اذا احبك الودود فما ارباحك؟ قال بعض الحكماء ليس الشأن ان تحب ولكن الشأن ان تحب لماذا؟ لانك اذا قلت انك تحب الله فقد تكون صادقا في دعواك او كاذبا. ولكن الشأن العظيم ان يحبك الله. لان الله لا يحب والا من يستحق هذا الحب ولحب الله لعبده فضائل رئيسية. منها واحد الله يدافع عن احبابه. قال تعالى الحديث القدسي من عاد لي وليا فقد اذنته بالحرب. اي اعلنته بمعاداتي له واني ساحاربه واقهره وانتصر منه لوليي فمن انت يا ولي الله حتى يحارب الله من اذاك ومسك او عاداك. ما هذا الشرف؟ واي نوع من الكرامة واما انت ايها الظالم يا من نصب نفسه لمعاداة الخالق وجعل الله خصمه وعدوه وثار عليه. اين المفر؟ وباي حصن واي اعوام وعدد تتقوى بها؟ ابشر بما يسوؤك لو علم احدنا ان مسئولا كبيرا يدافع عنه ويقف في صفه لاطمئن وسكت. فكيف اذا علم ان دولة من الدول تسانده؟ فكيف لو كانت هذه الدولة دولة عظمى فما بالك ان نزلت في جوار الله رب العالمين؟ وليس هذه الولاية لافتة مرفوعة فوق جبين العبد فقد كونوا مقصرا في بعض الاعمال الصالحة. ومع ذلك فهو ولي الله بذله وافتقاره. وقد يكون زاهدا عابدا وليس بولي. لان قلبه مريض او لانه مفتخر بعمله ومعجب بطاعته او متكبر على العصاة. فالولاية سر بين العبد وربه. وكل من ادعى الولاية فهو كاذب اثنان والله لا يعذب احبابه. قال تعالى وقالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم وهي اية من اعظم ايات الرجاء. قال ابن كثير وقد قال بعض شيوخ الصوفية لبعض الفقهاء اين تجد في القرآن ان الحبيب لا يعذب حبيبة فلم يرد عليه فتلا عليه الصوفي هذه الاية قل فلم يعذبكم بذنوبكم وله شاهد في مسند الامام احمد. مر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من اصحابه وصبي في الطريق. فلما رأت امه القوم خشيت على ولدها ان يوطأ. فاقبلت تسعى وتقول ابني ابني وسعت فاخذته فقال القوم يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم والله لا يلقي الله في النار رابعا كيف الوصول الى ود الودود لكل شيء ثمن ولكل انجاز سبب. فما اسباب هذا الانجاز العظيم وهو نيلود بالودود واحد اتباع النبي. قال تعالى الله فجعلت اتباع رسوله شرط محبة الله فمن لم يتبع رسول الله فمحبته لله مكذوبة. وهي مكافأة عظيمة فوق ما طلبتم وتمنيتم من محبتكم لربكم. وهذه المكافأة ان تفوزوا بمحبة الله لكم. واذا حب الودود اكرم. واذا اكرم ادهش واذا ادهش فلا سقف لسعادتك. ولا منتهى لنعيمك اثنان المداومة على النوافل بعد الفرائض. قال تعالى في الحديث القدسي وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. وما يزال من افعال الاستمرار. اي انه يستمر في التقرب الى الله تعالى بالنوافل ويثبت على هذا حتى يصل الى شاطئ المحبة. وحتى هذه للغاية. فيكون من احباب الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم احب الاعمال الى الله ادومها وان قل. وصاحب ادوم الاعمال من احب العباد الى الله. وكان من دأب احب الخلق الى الله صلى الله عليه وسلم انه ما عمل طاعة ثم تركها. بل يداوم عليها وانظر الى بعض التطبيقات العملية للمداومة. المداومة لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. المداومة تابعوا بين الحج والعمرة. المداومة من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة وثابر اي داوم فليس الطريق الموصل الى محبة الله اداء النوافل فحسب بل المواظبة عليها وهي علامة صدق المحبة وعدم وتذبذبها. ولذا احب الله كل من داوم على الطاعة من عباده. لكن هل التلازم هنا بين المداومة والقلة؟ الجواب كلا فان ادومها وان قل تعني ان كان ادومها كثيرا فهو افضل بلا شك. لكن لو كان المقارنة بين كفيل منقطع وقليل دائم فان الافضل هو القليل الدائم. واذا كانت المقارنة بين القليل الدائم والكثير الدائم فان الافضل هو الكثير الدائم حب القرآن عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لاصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله احد. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال سلوه لاي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لانها صفة الرحمن. وانا احب ان اقرأ بها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخبروه ان الله يحب اربعة الحب في الله ولوازمه قال عز وجل حقت محبتي للمتحابين فيك وحقت محبتي للمتغاسلين في وحقت محبتي للمتناصحين فيك محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في. المتحابون في على منابر من نور. يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء الزم الودود نفسه بان يمنح شرف محبته لخمس المتحابين والمتواصلين والمتناصحين والمتزاورين والمتباذلين فيه خمسة اعمال تضمن لك الود. المتحابين في يحب احدهم اخاه لانه يذكره بربه ويقربه اليه في يصل بعضهم بعضا في طاعتي وابتغاء مرضاتي. لا من اجل مال ومنفعة والمتناصحين في لا يسكتون عن منكر رأوه ومخالفة لاحظوها بل يأمرون وينهون. والمتزاورين في لا لنفع ولا مصلحة الا الحب في الله والمتبادلين في فيبذل كل منهما ماله ووقته لاخيه ما تحتاجه يرجو ثواب الله خمسة الزهد في الدنيا. عن ابي العباس سهل بن سعد الساعدي قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله على عمل اذا عملته احبني الله واحبني الناس. فقال ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس هذا صحابي مجهول الاسم لكنه قمة شامخة في ميدان الطموح. احب ان يجمع بين الحسنيين وينال كلا الخيرين. فيجمع بين محبة الله ومحبة الخلق. ومعلوم ان محبة الله وايثار ما يرضيه. قد تؤدي لسخط بعض الناس لفوات لذاتهم واهوائهم هنا سأل الصحابي نبيه كيف لا يخسر ايا من المحبتين على حساب الاخرى؟ فارشده الحبيب كما رأيت. والزهد في الدنيا يكون باستصغار والاعراض عنها بقلبك وهو امر شاق لا يقدر عليه الا اصحاب الهمم وعشاق السباق. والجائزة المنتظرة يحبك الله في هذا اشارة الى شرف الزهد لعظم ثمرته التي هي محبة الله. والمراد بحب الدنيا هنا الوجه المذموم وهو حبها ايثارا بالشهوة والهوى لانه يصرف عن الحق. واما حبها لفعل الخيرات واعانة المحتاجين واغاثة الملهوفين وهدايات الضالين واقامة الدين فنعم المحبة هذه المحبة وكلما عظم زهد العبد في الدنيا كلما عظمت محبة الله له ومقامه لديه. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وهو يرشدنا الى سر سبق الصحابة لمن بعدهم من الاجيال. انتم اكثر صياما واكثر صلاة واكثر جهادا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم كانوا اعظم منكم اجرا. فقالوا فبما ذلك يا ابا عبدالرحمن؟ قال كانوا ازهد في الدنيا وارغب في الاخرة فليس المهم كثرة الشعائر بل اثر هذه الشعائر. وليس الهدف حلاوة الظاهر الا ان تجتمع معها طهارة الباطن. ولو علم اكثر المسلمين مقاصد العبادات لما كان هذا حالنا اليوم. ولما صرنا في ذيل الامم ستة قوة الايمان والابدان. قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف. والقوة هنا قوات البدن وقوة النفس مما يجعل العبد اقوى على القيام بالعبادات من حج وصوم وامر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلك من الواجبات قال القاضي عياض القوة هنا المحمودة يحتمل انها في الطاعة من شدة البدن وصلابة الاسر. فيكون اكثر عملا واطول قياما واكثر صياما وجهادا وحجا. وقد تكون القوة هنا في المنة القوة وعزيمة النفس. فيكون اقدم على العدو في الجهاد واشد عزيمة في تغيير المناكير والصبر على ايذاء العدو واحتمال المكروه والمشاق في ذات الله. او تكون القوة بالمال والغنى اف يكون اكثر نفقة في سبيل الخير واقل ميلا الى طلب الدنيا والحرص على جمع شيء فيها. وكل هذه الوجوه ظاهرة في القوة سبعة ثلاث خصال من حسن الخلق وهي الصدق والامانة وحسن الجوار. وهي ثلاث سكك مختصرة الى محبة الله. والدليل هذا الحديث عن عبدالرحمن بن ابي قراد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوما فجعل اصحابه يتمسحون بوضوءه. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملكم على هذا قالوا حب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم من سره ان يحب الله ورسوله او يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه اذا حدث. وليؤدي امانته اذا اؤتمن وليحسن جوار من جاوره وانظر كيف يلفت النبي صلى الله عليه وسلم انظار الصحابة الى الاهم والى التمسك بالجوهر لا المظهر والى اثر العبادة لا شكلها والى المقصد المطلوب من محبة الله ورسوله لا الشكل فحسب ثمانية التقى والغنى والخفاء. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله يحب العبد التقي الغني الخفي. والتقي الذي يحافظ على الواجبات ويجتنب المحرمات. ويكون اتقى بمحافظته على النوافل واجتنابه المكروهات. والغني غني النفسي الذي استغنى عن الناس بالله فلا يسأل الناس شيئا ولا يذل نفسه لاحد. كما كان احمد بن حنبل قال عبدالله بن احمد بن حنبل كنت واسمع ابي كثيرا يقول في دبر الصلاة اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك صمه عن المسألة لغيرك والخفي المخلص الذي لا يهتم بظهوره وديوع خبره عند الناس. ولا ان يشار اليه بالبنان او يزهب الناس عنه الكلام وليس معنى هذا ان يتقوقع في بيته ويعتزل بل معناه ان يستوي في قلبه الظهور والخفاء وخمول الذكر والشهرة تسعة ان تؤثر الله على ما تحب من اسر الله على من يحب اثره الله بما يحب. والدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثلاثة يحبهم الله عز وجل ويضحك اليهم ويستبشر بهم. الذي اذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل. فاما ان يقتل واما ان ينصره الله ويكفيه فيقول الله انظروا الى عبدي كيف صبر لي نفسه. والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن يقوم من الليل فيقول يذر شهوته فيذكرني ويناجيني ولو شاء رقد. والذي يكون في سفر وكان معه ركب فسهروا ونصبوا ثم هجعوا فقام من السحر في سراء او ضراء من اثر ربه على راحته على شهوته على حياته فاز باعظم المكافآت؟ وما قيمة هذه المكافأة؟ يضحك اليه اسمع تفاصيلها على لسان نبيك. فاذا ضحك ربك الى عبد في موطن فلا حساب عليه الاية الفاضحة في سورة الفاضحة قال تعالى قل ان كان اباؤكم وابنائكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيل فتربصوا فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين والاية تعرض هنا الى كل انواع العلاقات الانسانية الممكنة. وتقول ان الثبات على الايمان قد يجر الانسان الى هجر الاباء والاخوان اذا عادونا في الدين او هجر الابناء والازواج والعشيرة الذين يألف المرء العيش بينهم وقد يقعده ذلك عن الجهاد او هجر والتجارة التي تصد عن الغزو او الانفاق في سبيل الله. او هدر المساكن والاوطان التي يألف المرء الاقامة فيها. فيصده بها عن الغزو. فاذا حصل التعارض بينما اراد الله وما اراد العبد. وجب على العبد ايثار مراد الله وارضاء ربه. وهذه على محبته الاصلية التي لا زيف فيها. وقد افاد التعبير بكلمة احب التنافس بين المحبتين مما يقضي ارضاء اعظم المحبوبات وفيه تحذير من التهاون في واجبات الدين وتنبيه على ما يؤول اليه في النهاية وهو الفسق. وفيه تهديد مباشر. لان المراد ترقب الشر وانتظاره وهو المراد بقوله حتى يأتي الله بامره الامر الذي يظهر به سوء عاقبتكم بسبب ايثاركم محبة غير الله على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله. وجاءت كلمة الامر مبهمة فلم يحدد هنا ما هو هذا الامر. والمقصود من هذا الابهام التهويل لتذهب نفوس المهددين كل مذهب محتمل. فامر والله هنا يحتمل ان يكون عذابا شديدا او عقابا اليما او نحو ذلك. وجملة والله لا يهدي القوم الفاسقين تهديد اخر بان كل من اثر غير الله على الله قد تحقق فسقه. قال النصفي والاية تنعي على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين اذ لا تجد عند اورع الناس ما يستحب له دينه على الاباء والابناء والاموال والحظوظ وقد قال الامام البيضاوي منبها على خطورة هذه الاية. وفي الاية تشديد عظيم وقل من يتخلص منه خامسا قسما صوب محبة الله في قلبك. العلامة الاولى حب لقاء الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احب لقاء الله احب الله لقاءه. فاول دلائل المحبة ان يحب العبد ان يلقى الله. ولا يتمنى تأخير هذا اللقاء الا ليتهيأ له فيقى بنا محبوبه على احسن حال. وعلامة ذلك في الدنيا انه دائم الخدمة عظيم النشاط في القيام بما يحب حبيبه. قال في التنوير والذي يحبب الى العبد لقاء مولاه حسن ظنه فيه وانه يخرجه الى دار خير من داره واهل خير من اهله. وحسن الظن يجلبه حسن العمل ومعرفة كرم الله وعفوه وغفرانه ومحبة الله لقاء العبد افاضة الخيرات عليه وانواع الهبات وما اجمل ما لمح ابن مسعود فقال ما من احد بر ولا فاجر الا والموت خير له. لانه ان كان برا فقد قال الله تعالى وعند الله خير للابرار. وان كان فجرا فقد قال الله انما نملي لهم ليزدادوا اثما العلامة الثانية ان يكون مستهترا بذكر الله. مستهترا يعني لا يفتر لسانه عن ذكر الله. فمن احب شيئا اكثر من ذكره. ولذا فهو كثير الذكر لله تعالى وهي علامة محبة وخاصة عند الشدائد او الحروب. ولذا كان بعض الشعراء في الجاهلية اذا ارادوا اظهار اخلاص محبتهم ذكرها في الحرب عند احتلام القتال. فقال عنترة بن شداد ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني الهند تقطر من دمي فهو يتفاخر بذكر محبوبته عند احتدام القتال. والله عز وجل امرنا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. وذكر الله اولى من ذكر المحبوبة فهو الذي خلق وهو الذي رزق وهو الذي هدى وهو الذي احسن وهو الذي انعم وهو الذي لطف وهو الذي غفر وهو الذي ستر وهو الذي اعطى فكيف لا نذكره في كل حال؟ وذكر الله عند القتال اعظم علامات المحبة. لان الانسان في حال الخوف ينسى كل شيء ويصبح همه ان قاذ نفسه من الموت. فاذا ذكر الله على تلك الحال دل على ان محبة الله مغروسة في القلب وانها سجية وغير متكلفة العلامة الثالثة ان يكون انسه بالخلوة مع مولاه. ان يأنس بمناجاة الله تعالى وان يخلو به وخاصة في الثلث الاخير من الليل الذي يتنزل فيه الله الى السماء الدنيا. وهذه من اهم علامات محبته. اما ان يكون انسه وخلوته بالناس والطعام والشراب والنوم والشهوات والملذات فاين انسه بربه وخلوته به ومناجته له ودعاؤه وذكره. قال تعالى وتبت تل اليه تبديلا. يعني انقطع اليه انقطاع ومنه سميت مريم البتول لانقطاعها الى الله تعالى. قال ابو حامد الغزالي ومهما انس بغير الله كان بقدر انسه بغير الله مستوحشا من الله ساقطا عن درجة محبته. وكلما استأنست بالخلق استوحشت من الخالق. ومن استأنس بالموجود واستوحش من الودود. كان ساقطا في اختبار وللمحبة العلامة الرابعة ان يكون اسفه على ما فاته من الله اعظم من اسفه على ما فاته من دنياه اتى ميمون ابن مهران المسجد فقيل له ان الناس قد انصرفوا فقال انا لله وانا اليه راجعون. لفضل هذه الصلاة احب الي من العراق فقد رأى الناس منصرفين عن صلاة النافلة فاخبرهم بان هذه الصلاة احب اليه من ولاية العراق. لانه محب صادق وموقن واثق وقد تعلم هذا الدرس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مر مع اصحابه على مقبرة فقال ركعتان خفيفتان مما وتنفرون يزيدهما هذا يشير الى قبره في عمله احب اليه من بقية دنياكم واكثر الناس يسبحون بعيدا عن شاطئ المحبة وهم لا يشعرون. قال حاتم الاصم فاتتني الصلاة في الجماعة فعزاني ابو اسحاق البخاري وحده لو مات لي ولد لعزاني اكثر من عشر الاف. لان مصيبة الدين اهون عند الناس من مصيبة الدنيا. العلامة الخامسة التلذذ على مستثقلها ان المحب لمن يحب مطيع وفي محبة الحبيب لحبيبته يتعب لها ويمشي من اجلها ويسهر في وصالها ويكون اسعد ما يكون الى في حاجاتها وانفق عليها لتحقيق امالها. ومع ذلك لا يشعر بادنى تعب او مشقة. بل يستعذب ذلك كله من اجلها فما بالك اذا احببت من امدك بما ينفعك وارشدك الى ما يصلحك ولطف بك في كل ما نزل بك وهو الودود صاحب البر والجود. لذا يتنعم بالطاعة ولا يستثقلها ويسقط عنه تعبها. ومن هنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فلا يشعر بالم لحلاوة اتصاله بمولاه العلامة السادسة ان يغضب لحبيبه يؤلم المحب ان يرى المخالفات تقع في حق محبوبه فان رأيت من يشتم حبيبا لك او يسيء اليه فانك تثور من اجله وتقوم له. فكيف لا تقوم لله مثل هذه القومة؟ وكيف ترى المنكر فلا تزيله او ان لم تقدر على ازالته تزول عنه العلامة السابعة ان تحب ما يحب. تبلغ المحبة ببعض الناس ان يحب احدهم امرأة ويهواها هوى شديدا. حتى تجد قلبه تعلقت بكل ما يختص بها فتجده يحب ثوبها ومتاعها وحتى حذاءها. وتجد بعضهم حتى قد فقد عقله في اشعاره حتى قال احب لحبها السودان حتى احب لحبها سود الكلاب. وهذا قول بشر في بشر وقد تنقلب المحبة بينهما عداوة ويتغير قلب الحبيب تجاهك لتجد نفسك في مواجهة حقود حسود. فكيف محبتك لله الودود؟ وانظر الى انس بن مالك رضي الله عنه وهو يقول فانا احب الدباء كثيرا. والدباء هي القرع فلماذا كان يحب انس الدبان؟ لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبها. وهي مسألة ليست مطلوبة شرعا ولا من سنن العبادات بل من سنن العادات لكن وصلت محبة الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم الى هذه المنزلة. ومحبة الله المطلوبة هنا تقتضي ايثاره بشيئين. فعل ما يحب الله ولو كانت النفس تكرهه. وتكره ما يكره. ولو كانت نفسك تحبه. وهما الخصلتان اللتان اوصى بهما جعفر بن محمد الجعفر الصادق صاحبه سفيان الثوري وبشره ان عمل بهما بالجنة فقال له يا سفيان خصلتان من عمل بها دخل الجنة. قال سفيان وما هما؟ قال احتمال ما تكره اذا احبه الله وترك ما تحبه اذا كرهه الله اعمل بهما وانا شريك وقل لي بربك ماذا تركت لاجل ربك؟ تهجر اصحابك ايام الامتحانات من اجل التفوق. واما ان تهجر صحبة السوء لتتفوق في عن الاخرة من اجل الله فلا والف لا. تهجر السجائر من اجل ازمة قلبية كادت ان تهلكك. اما ان تهجرها من اجل النجاة في الاخرة ولمرضاك ربك فلا ثم تدعي المحبة وتتغنى باشعار الاحبة السادس فادعوه بها عبادة وعملا. الواجب الاول محبة الخير للخلق والاحسان اليهم الودود هو الذي يحب الخير لجميع الخلق. فلا يقال هذا يحب فلانا وهو يكره له الخير. او لا يساعده فيما يصلحه. او لا يفرح له في السراء او يقاطعه او يهجره الواجب الثاني الانعام على سبيل الابتداء. قال الامام الغزالي في الودود وهو قريب من معنى الرحيم. لكن الرحمة اضافة الى المرحوم والمرحوم هو المحتاج والمضطر وافعال الرحيم تستدعي مرحوما ضعيفا وافعال الودود لا تستدعي ذلك. بل الانعام على سبيل الابتداء من نتائج الود يعني لابد ان يكون هذا المرحوم مستحقا للرحمة يعني ضعيفا. تريد ان ترحمه بمال تواسيه به. او بموقف تقف فيه الى جواري او ان تنجز له مصلحة او تخفف عنه عبئا. اما الودود فانه لا يستدعي مودودا ضعيفا. بمعنى ان الودود يود الناس كلهم استحقوا او لم يستحقوا محتاجين او غير محتاجين. ضعفاء او اقوياء الواجب الثالث تودد الى الودود باحب كلامه اليه. فما احب الكلام الى الله؟ عن ابي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله الله عليه وسلم الا اخبرك باحب الكلام الى الله؟ ان احب الكلام الى الله سبحان الله وبحمده سابعا فادعوه بها مسألة وطلبا اللهم اني اسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك. اللهم اجعل حبك احب الي من نفسي واهلي ومن الماء البارد اسألك باسمك الودود يا من تتودد الى من يؤذيك نسألك العون والاحسان لمن يؤذى فيك اسألك باسمك الودود لا تعجل على المذنبين. اسألك باسمك الودود لا تبتعد عن المعرضين. اسألك باسمك الودود القي علينا مودة من عندك تجعلنا بها من عبادك المقربين