الشكور اولا معنى اسم الله الشكور ورد اسم الشكور في القرآن اربع مرات وورد اسم الشاكر مرتين. والشكر له ثلاثة معان. الزيادة والظهور والثناء ما المعنى الاول الزيادة الظاهرة فمنه اسكر الضرع امتلأ لبنا والسكرة الممتلئة الضرع من النوق والشكور من الدواب ما يكفيه العلف القليل فيسمن على قلة العلف. كأنه يشكر وان كان الاحسان اليه قليلا. قال البيهقي الشكور هو الذي يشكر اليسير من الطاعة فيثيب عليه الكثير من الثواب. ويعطي الجزيل من النعمة فيرضى باليسير من الشكر. الشكور هو من يعطي بالعمل المحدود في ايام الدنيا المعدودة نعيما غير محدود في الاخرة. لقد ضاع عشر عمرك في الطفولة. وثلث عمرك ذهب في النوم ونصفه في الطعام والانتظار والانتقال والواجبات الاجتماعية. فكم تبقى من عمرك لشعائر الله وعبادة ربك ومع هذا شكر لك هذا العمر الفاني القصير وكافأك عليه بالثواب الخالد الجزيل. فان الجنة لا اخر لها مكانا والدنيا قطرة بحر فيها. الشكور يشكرك على نيتك فيثيبك عليها وان لم تعمل ان اعاقتك للعمل عائق. الشكور يغفر لك بصوم يوم عرفة سنتين. وبصوم يوم عاشوراء سنة واحدة. الشكور يغفر في لحظة صدق واحدة ذنوب عمر كامل. الشكور ينشر خبر العبد الصالح الذي لا يعرفه الا من حوله الى كل من او سمع عنه ويضع له القبول في الارض بل وينشر خبره في اهل السماء فيحبه ما لا يحصى عدده من الملائكة فيحبوه الشكور يكافئك على صلاة العشاء جماعة بثواب قيام نصف الليل. وعلى صلاة الفجر جماعة باجر قيام ليلة كاملة دقائق بقيام ساعات الشكور شكر لاصحاب التوحيد ولو كانوا اصحاب الكبائر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لاهل الكبائر من امتي وصدق سليمان التيمي حين اوجد اسم الله الشكور في عبارة واحدة فقال ان الله انعم على الناس على قدره وطلب منهم الشكر على قدرهم خمسة احاديث والاحاديث تشهد لهذا. بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فاخره فشكر الله له فغفر له ومع المغفرة دخول الجنة كما في حديث ابي الدرداء رضي الله عنه من اخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة. ومن كتب له عنده حسنة ادخله الله بها الجنة والحديث الثالث الذي يتجلى فيه اسم الشكور. بينما كلب يطيف بركية بئر كاد يقتله العطش. اذ رأته بغي من بغايا بني اسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فغفر لها وفي الحديث الرابع ان رجلا جاء بناقة مختومة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال هذه في سبيل الله فقال له صلى الله عليه وسلم لك بها سبعمائة ناقة مختومة في الجنة. والحديث الخامس دينار انفقته في سبيل الله. ودينار انفقته وفي رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار انفقته على اهلك. اعظمها اجرا الذي انفقته على اهلك شكور يكافئ بالمزيد قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن معاملة الشكور لعبده بالمزيد في معرض حديثه عن تلميذ الشيخ سليم الماسوتي وكان اهل الحي يثقون به ويرجعون اليه في امور دينهم وامور دنياهم. وكان عند هذا الشيخ تلميذ صالح. وكان مضرب المثل في فقره وفي ابائه وعزة نفسه وكان يسكن في غرفة في المسجد. مر عليه يومان لم يأكل فيهما شيئا. وليس عنده ما يطعمه ولا ما تري به طعاما. فلما جاء اليوم الثالث احس كأنه مشرف على الموت. وفكر ماذا يصنع. فرأى انه بلغ حد الاضطرار الذي يجوز له اكل الميتة او السرقة بمقدار الحاجة. فاثر ان يسرق ما يقيم صلبه. وكان المسجد في حي من الاحياء القديمة والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة. يستطيع المرء ان ينتقل من اول الحي الى اخره مشيا على السطوح. فصعد الى سطح مسجد وانتقل منه الى الدار التي تليه. فلمح فيها نساء فغض من بصره وابتعد. ونظر فرأى الى جنبها دارا خالية. وشم ناحية الطبخ تصعد منها فاحس من جوعه لما شمها كانها مغناطيس يجذبه اليها. وكانت الدور من طبقة واحدة فقفز قفزتين من السطح الى الشرفة فصار في الدار واسرع الى المطبخ فكشف غطاء القدر فرأى فيها باذنجانا محسوبا فاخذ واحدة لم يبالي من شدة جوعه بسخونتها وعض منها عضة فما كاد يبتلعها حتى ارتد اليها عقله ودينه وقال لنفسه اعوذ بالله انا طالب علم مقيم في المسجد ثم اقتحم المنازل واسرق ما فيها. وكبر عليه ما فعل. فندم واستغفر ورد الباذنجانة وعدم الحيث وجاء فنزل الى المسجد وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع. فلما انقضى الدرس وانصرف الناس واؤكد لكم ان واقع جاءت امرأة مستترة ولم يكن في تلك الايام امرأة غير مستترة. فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه. فتلفت الشيخ حوله فلم غيره فدعاه وقال له هل انت متزوج؟ قال لا. قال هل تريد الزواج؟ فسكت. فقال له الشيخ قل هل تريد الزواج قال يا سيدي ما عندي ثمن رغيف اكله. فبماذا اتزوج؟ قال الشيخ ان هذه المرأة خبرتني ان زوجها توفي. وانها غريبة عن هذا البلد ليس لها فيه ولا في الدنيا الا عم عجوز فقير. وقد جاءت به معها واشار اليه قاعدا في ركن الحلقة. وقد ورثت دار زوجها ومعاشها وهي تحب ان تجد رجلا يتزوجها على سنة الله ورسوله لانها تبقى منفردة. فيطمع فيها الاشرار واولادها هدول حرام. فهل تريد ان تتزوج بها؟ قال نعم. وسألها الشيخ هل تقبلين به زوجا؟ قالت نعم. فدعا لعمها ودعا وعقد العقد ودفع المهر عن التلميذ وقال له خذ بيد زوجتك فاخذ بيدها واخذت هي بيده فقادته الى بيتها فلم ما دخلته كشفت عن وجهها فرأى شبابا وجمالا ورأى البيت هو البيت الذي نزل. وسألته هل تأكل؟ قال نعم. فكشفت القدر فرأت الباذنجانة فقالت عجبا من دخل الدار فعضها فبكى الرجل وقص عليها الخبر فقالت له هذه ثمرة بامانة عففت عن الباذنجانة الحرام فاعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال المعنى الثاني الشكر بمعنى الثناء. قال الحليمي الشاكر معناه المادح لمن يطيعه. والمثني عليه والمثيب له بطاعته فضلا من نعمته. والرب اذا اثنى على عبده فقد اثنى على نفسه في الحقيقة. لان اعمالهم من خلقه. وهو الذي حببهم فيها وزينهم نهى لهم. ولذا فمن جميل ما جاء في تعريف الشكر انه التلذذ بالثناء على من اعطاك ما لا تستحق من العطاء. وان كان الذي عطاء فاثنى على من اعطاه شاكرا. فان الغني الذي اعطى ثم اثنى على الفقير الذي اعطاه. وهو الاحق بان يكون شكورا اطلق السنة العباد بذكره ثم مدحهم على فضله فقال والذاكرين الله كثيرا والذاكرون الشكور اعطاهم من ما له ثم اثنى عليهم حين انفقوه. الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية. الشكور اسبغ على عباده ستره الجميل ثم اطلق السنة الخلق في مدحهم والثناء الجزيل. وحكمة الشكور في ثنائه على عباده الا يستقل القليل من العمل. وان تسمع قلوبهم هذا الثناء الرباني فيفجر طاقاتهم الكامنة. فيستمر العمل المنقطع وينمو القليل فيكون كثيرا ثانيا كيف يشكر العبد ربه ان ترك الشكر هو سكة مؤدية بالعبد الى النار. فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان النساء اكثر اهل النار. لانهن طرنا العشية. فاذا كان هذا بترك شكر نعمة الزوج. وهي في الحقيقة نعمة من الله فكيف بمن ترك شكر نعمة الله؟ وترك الشكر هو معركة ابليس الرئيسية فقد اقسم في وعيده بين يدي ربه ولا تجدوا اكثرهم شاكرين. وكلما زادت نعم الله عليك قوي كيد الشيطان ومكره يعترض الشيطان طريق المؤمنين فلا يعبر الى الجنة الا الشاكرون. وبدون الشكر تتحول العطايا بلايا والفوائد الى فوائد قال ابو حازم الاعرج التابعي الجليل كل نعمة لم يشكر الله عليها فهي بلية. ومع هذا فما ايسر شكر نعم الله عليه وما اسهلها على النفس عن عبدالله بن ابي نوح قال قال لي رجل على بعض السواحل كما عملته تبارك اسمه بما يكره فعاملك فبما تحب قلت ما احصي ذلك كثرة. قال فهل قصدت اليه في امر كربك فخذلك؟ قلت لا والله ولكنه احسن الي فاعان قال فهل سألته شيئا قط فاعطاك؟ قلت وهل منعني شيئا سألته؟ ما سألته شيئا قط الا اعطاني. ولا استغثت به الا قال ارأيت لو ان بعض بني ادم فعل بك هذه الخلالة ما كان جزاؤه عندك. قال ما كنت اقدر له على مكافأة ولا جزاء قال فربك احق واحرى ان تدأب نفسك له في اداء شكر نعمته عليك. وهو المحسن قديما وحديثا اليك. والله فشكره ايسر من مكافأة عباده؟ انه تبارك وتعالى رضي بالحمد من العباد شكرا واحد الاعتراف بالعجز عن الشكر شكر قال موسى الهي كيف اشكرك واصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله قال فاوحى الله اليه ان يا موسى الان شكرتني. وصدق الشاعر المؤمن ولو انني في كل عضو وشعرة لسانا يؤدي الشكر لله قصرا المتوالية الشكرية. حمد الله عز وجل وشكره على نعمه هو نعمة عظيمة تستوجب حمدا اخر وشكرا متجددا. ولذا آآ قال منصور بن اسماعيل الفقيه المصري شكر الاله نعمة موجبة لشكره. فكيف شكري بره وشكره من فشكر الله نوع من المجاز لانه مستحيل فلا يحصي احد الثناء على الله وشكره هو نعمة اخرى تستحق الشكر ونعمة الشكر نعمة عظمى بل اجل من نعم اخرى كثيرة. قال ابن القيم فنعمة الشكر اجل من نعمة المال والجاه والولد والزوجة ونحوها فمن كان شاكرا فليشكر الله على شكره اكثر مما يشكره على داره وماله وزوجه. واعلم ان ما غاب عنك من نعم الله اكثر بكثير مما بدا لك. وقد فطن ابو الدرداء رضي الله عنه لهذه النعم الخفية فقال كم من نعمة لله تعالى ما في عرق ساكن فابو الدرداء هنا يذكر الغافل بان غيره من مرضى السرطان واصحاب الامراض المستعصية لم يغمض لهم جسم. ويتقلبون على فراشه الاوجاع ويلتحفون ارضية الالام بينما يغط هو في نومه ونعيمه. وسبب خفاء النعم اعتيادها. قال ابو قدامة المقدسي الناس لجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق في جميع احوالهم نعمة فلا تراهم يشكرون الله على رح الهواء. ولو اخذ بمخنقهم لحظة حتى انقطع الهواء عنهم ماتوا. ولو حبسوا في حمام او بئر باتوا ضما. فان ابتلي احدهم بشيء من ذلك ثم نجى قدر ذلك نعمة يشكر الله عليها. وهذا غاية الجهل اذ صار شكرهم موقوفا على ان تسلب عنهم النعمة ثم ترد اليهم. لكن نعمة الدين اجل النعم ويستمر ابو الدرداء في اضاءة طريق النعم لنا فيقول من لم ير لله عليه نعمة الا في مطعمه ومشربه فقد قل فقهه وحضر عذابه. فاكثر الناس لا ينظر الى نعمة الملبس والمسكن والمطعم. فيقيموا الدنيا ولا يقعدها لخسارة في تجارة او ضياع ترقية وهو يخسر دينه يوما بعد يوم دون ان يطرف له جفن واسأل نفسك كم مرة شكرت الله على طاعة في مقابل شكرك له على مال او ترقية. هلا عملت بوصية سلام لابي مطيع كل نعمة الله عليك في دينك اشكر منك لنعمة الله عليك في دنياك. اثنان الشكر العملي قال تعالى اعملوا ال داوود شكرا. فالعمل الصالح افضل الوان الشكر. والا فما اسهل ادعاء الشكر باللسان؟ دعي عثمان بن عفان الى قوم على ريبة فانطلق ليأخذهم. فتفرقوا قبل ان يبلغهم. فاعتق رقبة شكرا لله الا يكون جرى على يديه خزي مسلم. فلا لاحظ كيف رأى عثمان رضي الله عنه ان الشكر عمل فاعتق رقبة. وما هذا الا لفهمه عن ربه الشكور ثلاثة لا تستعمل نعمه في معاصيه. قال الجنيد وقد سئل عن حقيقة الشكر الا يستعان بشيء من نعمه على معاصيه من هنا ما قلب عمر بن عبدالعزيز بصره الى نعمة انعم الله بها عليه الا قال داعيا. اللهم اني اعوذ بك ان ابدل نعمتك كفرا او اكفرها بعد معرفتها او انساها فلا اثني عليك بها اربعة ولكل جارحة شكر. قال رجل لابي حازم ما شكر العينين يا ابا حازم؟ قال ان رأيت بهما خيرا اعلنته ان رأيت بهما شرا سترته. قال فما شكر الاذنين؟ قال ان سمعت بهما خيرا وعيته. وان سمعت بهما شرا دفعته. قال فما شكرك اليدين قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله هو فيهما. قال فما شكر البطن؟ قال ان يكون اسفله طعاما واعلاه علما. قال فما شكر الفرج؟ قال قال الله والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين. فمن ابتغى تغاورا ذلك فاولئك هم العادون قال فما شكر الرجلين؟ قال ان علمت ميتا تغبطه استعملت بهما عمله. وان نقدته ورغبت عن عمله وانت شاكر لله وبنفس الطريق تعلم ان شكر اللسان بكثرة الذكر وحسن الثناء على الله. وجميل التحدث بنعمه والغرق في احصائها. لانه كما مر في انه الكشف والاظهار. فيقال مثلا شكر الرجل اذا كشف عن ثغره فاظهره. فيكون اظهار الشكر وكشفه باللسان خمسة الشكر تحدث بنعمة الله عليك. والاخبار بالنعمة هو لون من الوان الشكر. فقد مر بك ان من معاني الشكر الظهور وفي من ابلي بلاء فذكره فقد شكره. وان كتمه فقد كفر من ابلي بلاء اي من انعم عليه بنعمة. والبلاء يستعمل في الخير والشر. فمن ذكر نعمة الله بعقله ولسانه فقد شكر نعم الله عليه اذ ان من شكر النعم الاعتراف بها باللسان. ومن كتم البلاء اي النعمة وغطاها فقد كفر. فالتحدث بالنعم هنا على جهة الاعتراف والافتقار لا الافتخار وهو لون من الوان الشكر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التحدث بنعمة الله شكر تركها كفر ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير ستة الدعوة الى الله شكر والقول الثاني في الشكر اللساني ان التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الاية هو الدعوة الى الله وتبليغ رسالته وتعليم الامة قال مجاهد هي النبوة. قال الزجاج اي بلغ ما ارسلت به وحدث بالنبوة التي اتاك الله. وقال الكلبي هو القرآن ان يقرأ والصواب انه يعم النوعين. اذ كل منهما نعمة مأمور بشكرها والتحدث بها واظهارها من شكره الفارق بين عطاء الانسان وعطاء الرحمن. الانسان يعطي لغرض ومصلحة. والله لا يعود له نفع من عطائك حاشاه. الانسان لو احتاج عطاءه لن يؤثرك به والله لا يحتاج لشيء. الانسان ان لم تصل اليه فلن تصل لعطائه. والله تسير اليه بقلبك وتصل له بروحك في اي وقت شئت. الانسان على ابوابه الحجاب والحراس. والله ليس على بابه حاجب ولا حارس. تصلي فتدخل عليه الانسان عطاؤه متعلق برضاه وسخطه. فيعطي من رضي عنه ولا يعطي من سخط عليه. لكن الخالق يصبر على اذى المخلوق. وان دعوا له الصاحبة والولد. وكما عملته بما يكره فعاملك بما تحب. سبحان ربي الشكور ثالثا فادعوه بها عبادة وعملا واحد لا تحقرن من المعروف شيئا فقد امرك النبي صلى الله عليه وسلم بان تتقي النار ولو بشق تمرة. واخبرك انه غفر لرجل اماط جزع شجرة عن الطريق وغفر امرأة بغي من بغايا بني اسرائيل لانها سقت كلبا. وامرنا الا نحقر من المعروف شيئا. ولو انتهى بصلة الحبل ولو ان تفرغ من نلوك في اناء المستقيم ولو ان تلقى اخاك المسلم ووجهك بسط اليه. ولو ان تؤنس الوحشان بنفسك. ولو ان تهب الشسع. وهي كلها اعمال لا تكاد تذكر لكن الشكور جعلها سببا للنجاة والفوز. وهي تربية نفسية ربانية. فلا تدري اين الخير. وتذكر ان حساب غد بمثاقيل الضرب فلا تزهد في ذرات خير فلعلها تنجيك وترجح كفة ميزانك يوم تفر من امك وابيك لا تحقرن صنيع الخير تفعله ولا صغير فعال الشر من صغره. فلو رأيت الذي استصغرت من حسن ده الثواب اطلت العتب من كبره ولا تحتقر معروفا تصنعه فان الشكور يعادل بمكافئتك عليه وان لم تشعر. وممن شعر بهد المكافأة رجل رباني قص خبره شيخ الشنقيطي فقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي واذكر حادثة قصها رجل من اصدقاء الوالد غريبة جدا. وسمعته باذني يحكيها للوالد رحمة الله عليهما. فقد توفي يقول هذا الرجل احسبه من الاخيار والصالحين وهو رجل كان اميرا في قومه. انه كان نازلا من الطائف الى مكة في يوم الجمعة وكان معه ابنه فاراد الله عز وجل انه رأى رجلا ضعيفا. فقال لابنه قف لهذا الضعيف. فكأن الابن رأى رفافة حال هذا الضعيف وما هو عليه من الملبس الرث. فكره ان يركب معه في هذه السيارة الفارهة. يقول الوالد فعلمت ما في نفسي ابني. فلما ركب رجل ذكرت ابني بصنائع المعروف وان الله يقي بها مصارع السوء. وان الله يحفظ بها. وان الله يلطف بها. فلما دخلنا الى مكة ونحن في اشد ما تكون السيارة في السرعة لندرك الجمعة. واذا بطفل امام السيارة تمام لا نستطيع ان نفر منه. فمرت عليه السيارة فاصابه شيء من الرعب فتوقفنا على ان الابن قد قضى ومات واذا به قائم على رجليه ليس به اي بأس. يقول فلما ركبت سيارة كفأت على وجهي وانا في حالة لا يعلمها الا الله. قلت يا بني والله ما اعرف لك الا هذا المعروف الذي فعلته فحفظنا الله واياك به اثنان اشكر الناس. يقول الامام ابن القيم ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة كان احب خلقه اليه من اتصف بصفة الشكر. كما ان ابوغض خلقه اليه من عطلها واتصف بضدها. وهذا شأن اسمائه الحسنى. احب خلقه اليه من اتصف بموجبها وابغضهم اليه من اتصف باضدادها. ولهذا يبغض الكفور والظالم والجاهل والقاسي القلب والبخيل والجبان والمهين واللئيم وهو سبحانه جميل يحب الجمال. عليم يحب العلماء. رحيم يحب الراحمين. محسن يحب المحسنين. شكور يحب الشاكرين صبور يحب الصابرين جواد يحب اهل الجود. ستار يحب اهل الستر. قادر يلوم على العجز. والمؤمن القوي احب اليه من المؤمن الضعيف عفو يحب العفو وتر يحب الوتر وكل ما يحبه فهو من اثار اسمائه وصفاته وموجبها. وكل ما يبغضه فهو ما يضادها وينافيها. وان للناس احاسيس ومشاعر تؤثر فيهم الكلمة الطيبة ويحتاجون الثناء الصادق والشكر الفائق فعلى المدير الناجح ان يشكر الموظف المتميز فان الناس ينشطون بالشكر والنفس البشرية تتعطش للثناء والناس جوعى تشبعهم كلمة. وكم من عامل اهمل في عمله بسبب غفلة مديره عن ملاحظته والثناء عليه. وليس من شيء يقتل الطموح مثل كثرة التأنيب العتاب فشكر الناس على المعروف الذي يبذلونه من اهم الحوافز المؤثرة ومن سمات القيادة الناجحة. ولهذا اذن الله به ما فيه من بث الالفة بين الناس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشكر الناس لله اشكرهم للناس فلا تكتمل اخلاق المؤمن بحسن علاقته بربه فحسب. وانما بان يكون في نفس المستوى في التعامل مع الناس. وحين ظن المهاجرون ان الانصار بالاجر كله لما جادوا باموالهم كشف لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن باب من ابواب الخير يقربهم من نفس اجر الانصار. فعن انس رضي الله عنه ان المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهبت الانصار بالاجر كله. قال لا ما دعوتم الله لهم واثنيتم عليهم فعلمهم ان يكافئوا المحسن بالدعاء له او الثناء عليه. وليس امام الفقير المعدم الذي لا يملك المال من وسيلة لمكافأة المحسن غير هاتين وحين اقترض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن ابي ربيعة المخزومي قبل حنين رد اليه القرض بعد الغزوة وقال له بارك الله لك في اهلك ومالك. انما جزاء السلف الوفاء والحمد وكلمة شكر وعبارة حمد لن يخسر قائلها شيئا. ولا تكلفه جهدا. ولكنها تعود عليه بكسب ود المحسن. وتأنيث قلبه وتحريضه على مزيد الخير. وحتى الادارة الحديثة التفتت الى اهمية هذا. فترى كتاب مدير الدقيقة الواحدة ون مينت مانيجر يشير الى ضرورة اهتمام المدير بدقيقة واحدة يثني فيها خيرا على الفعل الحسن من الموظف مع اظهار ما اجادوا فيه ليكرروه ولقد كانت المكافأة بالسوء مستنكرة حتى مع البهائم. فحينما فرت امرأة من المسلمين من العدو على ناقة مسلوبة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نذرت ان وصلت الى المدينة ناجية ان تدحرها. فلما ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال بحسه الانساني ورحمته الشاملة بئس ما جزيتها او بئس ما جزتها. ان الله نجاها لتنحرها لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن ادم. ومنعها من نحرها لهذا السبب ثلاثة اشكر الله على قليل النعم. فلا يشكر الله على الكثير من قصر في شكره القليل. ومن لم يحمد الله على الماء البارد لن يحمده وعلى البيت الامن والزوجة المؤنسة والمركبة الفارهة والصحة والعافية. ومن لا يشكر الله على الخبز الساخن لا يشكره على الوجبات الشهية لان الكلود الجحود يرى القليل والكثير سواء. وهذه طبيعة الانسان بصورة عامة ان الانسان لربه لكنود. فهو فصيح في بسط الشكوى واعجمي في التحدث بالنعم اربعة اشكر النعمة بالانفاق منها. كل نعمة انعم الله بها عليك شكرها بالانفاق منها على من حولك. وكلنا ذو نعم لكنها تخفى على بعضنا. فصاحب المال يتصدق منه. وصاحب الجاه والسلطان يسعى بعلاقاته في قضاء حوائج الناس والشفاعة فيهم وصاحب القوة يحمل بذراعيه الضعيف المحتاج. والعالم ينفق من علمه بتعليمه. وهكذا مع كل نعمة بما يناسبها خمسة عود لسانك الحمد لله. وكثرة ذكر الشكور باللسان. وذلك في جميع الاحوال. ويستوي في ذلك السراء والضراء وعندها ستجد احلى الطعم والاثر على قلبك. ولك خير اسوة في نبينا صلى الله عليه وسلم. كان اذا اتاه الامر يسره قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. واذا اتاه الامر يكرهه قال الحمد لله على كل حال. وما اروع قول محمود الوراق قد احتار بين ثواب شكره وثواب صبره فانطلق منشدا عطيته اذا اعطى سرور وان اخذ الذي اعطى اثابه فاي النعمتين اعم فضلا واكرم في عواقبها ايابا. انعمته التي اهدت سرورا ام الاخرى التي اهدت ثوابا بل الاخرى الذي نزلت بكره احق بصبر من صبر احتسابا ستة لا تعامل الا الشكور. فهو الذي يعطيك اعلى الارباح بلغة التجار. فهل هناك من يعطيك اكثر؟ فكيف تجرب ارباح التعامل مع الشكور ثم تفارقه لغيره فاياك ان تشرك مع الشكور احدا في الدعاء او الثناء. وقد يتأخر عطاؤه حين ليختبر صدقك في الطلب واخلاصك فاياك ان تفشل في اختبار المنع فتحرم العطاء. فانك تعامل الرب الشكور المعطاء. وفي اسلوب القرآن اعجاز بياني وعظمة كفيلة بان تغريك بمداومة معاملة الشكور بالشكر الجزيل وعدم الكفر. قال تعالى في سورة لقمان ومن كفر فان ان الله غني حميد. ففي الشكر قال سبحانه ومن يشكر. واما في الكفر فقال بصيغة الماضي. ومن كفروا ولم يقل ومن يكفر وفارق دقيق بين الاسلوبين والكلام هنا للرب سبحانه وليس كلام لقمان. فالشكر جاء بصيغة المضارع يشكر الدال على الحال والاستقبال. فالشكر دائما متجدد ودائم. وشأن الشاكرين دوما تذكروا نعم الله عليهم ومن ثم شكرها وفي الكفر جاء بصيغة الماضي كفر. فالله سبحانه وتعالى لا يريد من عبده الاستمرار في الكفر بل يريد ان يتوب او يرجع ان يكون كفره في الماضي فحسب. ولا يريد الله لاحد ان يعود لكفره في المستقبل. وفي هذا اشعار بانه لا ينبغي الى عاقل ان يكفر نعمة الله عليه. بل عليه ان يجعل من الكفر ماضيا زائلا في خبر كان. بعد ان تاب عن هو انا رابعا فادعوه بها مسألة وطلبا ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ان ترى الله وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين. اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم اني اسألك الثبات في الامر واسألك عزيمة الرشد واسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك. واسألك لسانا صادقا وقلبا سليما واعوذ بك من شر ما تعلم واسألك من خير ما تعلم واستغفرك مما تعلم انك انت علام الغيوب. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اسألك باسمك الشكور لا تجعلنا ممن سخر نعمتك في معاصيك. واستعان بما يحب فيما تكره اسألك باسمك الشكور اجعلنا اشكر الناس للناس. اسألك باسمك الشكور ارزقنا الشكر على قليل النعم فضلا عن كثيرها اسألك باسمك الشكور، عود السنتنا الحمد لله. ولا تعودها الشكوى لغير الله