طوبى لمن حفظ الكتاب بصدره فبدا وضيئا كالنجوم تألقا وتمثل القرآن في اخلاقه وفعاله يكفيه الفؤاد تعلق ان نقول الا اعتراك بعض الهتنا بسوء رمتني بدائها وانسلت شتمت الهتنا فجعلتك مجنونا وافسدت عقلك. يرمون اعقل الخلق بما وقعوا فيه قال اني اشهد الله واشهدوا واشهدوا اني مريض مما تشركون قال الزمخشري من اعظم الايات ان يواجه بهذا الكلام رجل واحد امة عطاشا الى اراقة دمه يرمونه عن قوس واحدة وذلك ثقته بربه وانه يعصمه منهم فلا تنشب فيه مخالبهم. قال الزمخشري هلا قيل اني اشهد الله واشهدكم قلت لان كاد الله على البراءة من الشرك اشهاد صحيح ثابت في معنى تثبيت التوحيد. واما اشهادهم فما هو الا تهاون بدينهم ودلالة على قلة المبالاة بهم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون اني توكلت على الله ربي وربكم هذه معجزة نبي الله يموت. فقد تحدى امة باسرها ان يصبوا عليه كيدهم بلا تريث او انتظار. وكان سر قوته ومصدر مناعته اني توكلت على الله اني توكلت على الله ربي وربكم لولا توكله على الله لبطش به الطغاة ما من دابة الا هو اخذها بناصيتها الناصية هي من سدل من شعر الرأس على الجبهة. والاخذ بالناصية هنا تمثيل للتمكن تشبيها بهيئة امساك الانسان من ناصيته بحيث يكون رأسه بيد فلا يستطيع الافلات وهذا شأن كل الخلق مع الله. قال الامام الرازي واعلم ان العرب اذا وصفوا انسانا بالذلة والخضوع قالوا ما معصية فلان الا بيد فلان اي انه مطيع له. لان كل من اخذت بناصيته فقد قهرته. وكانوا اذا اخذوا اسيرا وارادوا اطلاقه جزوا ليكون ذلك علامة لقهره فخوطبوا في القرآن بما يعرفه ان ربي على صراط مستقيم قال ابن القيم فان الصراط المستقيم هو العد الذي الرب تعالى عليه ومنه انتقامه من اهل الشرك والاجرام ونصره اولياءه ورسله على اعدائه وان يذهب بهم ويستخلف قوما غيرهم ولا يضره ذلك شيئا. وانه القائم سبحانه على كل شيء حفظا ورعاية وتدبيرا واحصاء فان تولوا فقد ابلغتكم فقد ابلغتكم ما ارسلتم اليكم ويستخلف ربي قوما غيركم الاستعمال في طاعته والا فالاستبدال ان ربي على كل شيء حفيظ يا حفيظ احفظنا اقتضت سنة الله ان يحفظ اولياءه ويخذل اعداءه نجيناه والذين امنوا معه برحمة منا لم يقل باستحقاقه النجاة او لانه نبي او لكثرة طاعته وحسن عبادته. بل قال برحمة منا ليعلم الجميع ان رحمة هي طوق النجاة. وان احدا لا يستوجب النجاة لسابق عمله بل بسابغ رحمة الله وتلك عدو جحدوا بايات ربهم واوصوا رسله عصوا رسولا واحدا لكن رسالة الرسل واحدة. فمعصية واحد كمعصية الكل واتبعوا امر كل جبار عنيد احذر اتباع امر الجبابرة يحشرك معهم يوم القيامة. قال ابن عرفة دخلت كل على جبار ولم يقل اتبعوا كل امره جبار عنيد وهذا هو الصواب. لان المراد انهم اتبعوه فيما فيه مخالفة للشرع فلم يتبعوا كل امره واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة استعمل مع دنيا اسم الاشارة هذه بقصد تحقيرها وتهوين امرها عند مقارنتها بالاخرة انا ميعاد قوم ما فائدة الاشارة لعاد بانهم قوم هود مع انه امر معلوم. والجواب للاشارة الى ان استحقاقهم للبعد بسبب ما جرى بينهم وبين هدنة عليه السلام. فيكون هذا تعريضا خفيا بمشركي قريش الذين اذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانهم سيلاقون بتكذيبهم ما لقيه قوم هود لمخالفة نبيهم ان ربي قريب مجيب يجيب دعوة عباده مهما كان فيجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا. ودعوة المظلوم ولو كان فاجرا. فكيف بالابرار والاتقياء قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا يتغير رأي الناس فيك ان واجهتهم بما يكرهون ولو كان حقا ويحبونك ان وافقتهم ولو كانوا على باطل اتنهى نائما نعبد ما يعبد اباهنا التقليد الاعمى يذهب بالعقل فيجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا واننا لفي شك مما تدعونا اليه منيب شك لانه لم يترجح في اعتقادهم صحة قوله. وقولهم مريب مريب يعني انه ترجح في اعتقادهم فساد قوله قال يا قومي ارأيتم ان كنتم على بينة من ربي واتاني منه رحمة تعلموا ادب الحوار. صدر كلامه بالحرف المفيد للشك ان مع انه على الحق المبين. مراعاة لحال المخاطبين والتزاما بادب الحوار مع على المخالفين ليستنزلهم عن موقف العناد والمكابرة وليكون كلامه اقرب الى القبول فمن ينصرني من الله ان عصيته نبي يخاف عاقبة معصيته وبشر لا يخافون والسبب كلما طهر القلب زاد الخوف من الرب ويا قومي هذه ناقة الله لكم اية. فدعوا اتاكم فيه. ارض ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فيه المبالغة في النهي عن التعرض للناقة بما يضرها. حيث نهى عن المس الذي هو اول الاصابة. ونكر السوء اي لا تقربوها بادنى شيء من السوء. فضلا عن عقلها وقتلها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة ايام استدل به على ابهال الخصم ثلاثة ايام. قال الاوزاعي كان عمر بن عبدالعزيز اذا اراد ان يعاقب رجلا حبسه ثلاثة ايام ثم عاقبه كراهة ان في اول غضبه فاخروها قال قطبي انما عقرها بعضهم واضيف الى الكل بانه كان بيض الباقين وتلاه في جنح الدجاجة متدبرا والدمع من بين الجفون ترقرق هذه صفات الحافظين كتابه حقا فكن بصفاتهم نجينا صالحا والذين امنوا معه برحمة منا برحمة منا ومن خزي يومئذ. ان ربك هو القويم العزيز الخزي هو الذل العظيم الذي يبلغ بصاحبه حد الفضيحة. وسمى الله هذا العذاب خزيا لانه فضيحة باقية يعتبر بها من بعدهم من الامم ان ربك هو القوي العزيز ان ربك هو القوي العزيز. ما مناسبة هذا التدليل؟ الجواب انه اوصل العذاب الى الكافر وصان عنه اهل الايمان. وهذا تمييز في الجزاء لا يكون الا من القوي القادر على قهر طبائع الاشياء فيجعل الشيء الواحد بالنسبة الى انسان بلاء وعذابا والى انسان غيره راحة وريحانة واخذ الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين كل ظالم لابد له من عقوبة تتناسب مع جرمه تبدأ بلفت نظره وتنتهي باهلاكه كأنني اعلم فيها ما احقر هذه الحياة ان تبعها العذاب. كأن لم تكن انا ان ثمودك فروا ربهم لم يقل كفروا بربهم ولكن قال كفروا ربهم وفارق كبير بين المعنيين. فمعنى كفروا ربهم اي ستروا وجوده وانكروه. فلا وجود له عندهم ولكن معنى كفروا بربهم هو اعتراف بوجود الله لكنهم لم يؤمنوا به. وفي الاية تهديد للملاحدة الذين ينكرون وجود الله ولقد جاءتكم سندنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما. قال سلام السلام قبل الكلام. قال الامام السيوطي فيه مشروعية الضيافة والمبادرة اليها. واستحباب مبادرة الضيف بالاكل منها قالوا سلاما. قال سلام فيه اشارة الى ان السلام من ملة ابينا ابراهيم عليه السلام. تحية الملائكة السلام مثل تحية بني ادم. فيه ان رد السلام واجب والبدء به سنة. سلاما التي قالتها الملائكة تقديرها سلمنا سلاما. وهي جملة فعلية وسلام التي قالها ابراهيم عليه السلام تقديره امري سلام وهي جملة اسمية وهي ادل على ثبات السلام وافضليته. حياهم باحسن مما حيوه به اخذا بالله تعالى له وهذا عظم من اكرامه لهم فلما رأى ايديا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة المعتاد عندهم انه اذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامه ظنوا انه لم يأت بخير ومراد قائمة. قال ابو جهاد في خدمة اضياف ابراهيم ففيه دلالة على استحباب ذلك فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق قال ابن القيم دلالة على استحباب بشارة من ولد له ولد وتهنئته فبشرنا باسحاق قال ابو حيان خصت بالبشارة حيث لم يكن لها ولد. وكان لابراهيم عليه السلام ولده اسماعيل. بشارة بالولد والحفيد. البشارة يعقوب تقتضي ان اسحاق يعيش ويولد له يعقوب قال السيوطي فهذه الاية قاطعة في ان المبشر به هو الذبيح. وقوله وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب فقد صرح فيها ان المبشر به اسحاق ولم يكن من سؤال ابراهيم. كان ذلك في الشام لما جاءت الملائكة اليه بسبب قوم لوط وهو في اواخر امره. واما البشارة الاولى لما انتقل من العراق الى الشام حيث كان اسمه لا يستغرب فيه الولد. ولذلك سأله فعلمنا بذلك انهما بشارتان في وقتين بغلام احدهما بغير سؤال وهو اسحاق صريحا والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره فقطعنا بانه اسماعيل وهو الذبيح قالت يا ويلتاه االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخان قال الامام السيوطي فيه مراجعة جواز المرأة الاجانب في القول. وان صوتها ليس بعورة قانون اتعجبين من امر الله من اخرج من الصخرة ناقة وخلق من التراب بشرا كيف لا يقدر على ان يخرج من المرأة العقيم ولدا رحمة الله وبركاته وعليكم اهل انه حميد مجيد جملة انه حميد مجيد. تعليل لتوجه رحمته وبركاته اليهم بان الله يحمد من يطيعه. وبانه مجيد اي عظيم الشأن لا احد لنعمه فلا يعظم عليه ان يعطيهما ولدا على كبر سنهما انه حميد مجيد كثير بديع للاية قصد به وجود مداومتها على حمد الله وتمجيده على ان وهبها الولد بعد ان بلغت سن اليأس من الحمل فلما ذهب عن ابراهيم البشرى يجادلنا ديننا في قوم من رحمة ابراهيم واشفاقه على الخلق ان طلب تأخير نزول العذاب بهم ان ابراهيم لحليم اواه منيب والحليم هو الصبور على الاذى. المقابل له بالاحسان والاواه كناية عن شدة اهتمامه بالناس وتأوهه لالامهم. وهذا شأن كل داعية انه قد جاء امر ربك وانهم اتيهم عذاب غير مردود الى كل غافل ادرك نفسك قبل فوات الاوان. اذا جاء امر الله فلا مرد له بدعاء ولا جدال ولما وضاق بهم ذراعا وقال هذا يوم اصيل حزن بسبب خوفه عليهم ان يعتدي عليهم قومه ويعجزوا عن مقاومتهم. فكان حزنه لله لا لنفسه. ولذا حمده الله عليه قال يا قومي هؤلاء بناتهم اطهر لكم اراد بناته من صلبه وهو الرأي الاصوب كما قال الالوسي. قال بعض اجلة المفسرين ان ذلك القول لم يكن منه عليه السلام مجريا على الحقيقة من ارادة النكاح بل كان ذلك مبالغة في التواضع لهم واظهارا لشدة امتعاظه مما ارادوا عليه. طمعا في ان يستحيوا منه ويرق له اذا سمعوا ذلك فيتركوا ضيوفه مع ظهور الامر واستقرار العلم عنده وعندهم الا مناكحة بينه وبينهم. قال ابن وليس الف اطهر للتفضيل حتى يتوهم ان في نكاح الرجال طهارة بل هو كقولك الله اكبر واعلى واجل وان لم يكن وهذا جائز شائع في كلام العرب ولا تخزوني في ضيفي قال ابن عاشور الضيافة جوار عند رب المنزل. فاذا لحقت الضيف اهانة كانت عارا على رب المنزل اليس منكم رجل رشيد اشارة الى ان ادمان الفواحش يضعف العقل ويذهب برشده