اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. واولئك اولئك هم المهتدون قال الراغب الاصفهاني الصلاة وان كانت في الاصل الدعاء فهي من الله البركة على وجه والمغفرة على وجه. وانما قال صلوات على الجمع تنبيه على كثرتها منه وانها حاصلة في الدنيا توفيقا وارشادا وفي الاخرة ثوابا ومغفرة ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات اولئك يلعنون الله ويلعنون من اسباب تنزل اللعنات كتمان الحق خاصة من العلماء الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك توبوا عليهم تأملوا وبينوا لان بعض من يتوب يتهيب او يخجل من اعلان توبته ان الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله اولئك عليه اللعنة الله والملائكة والناس اجمعين كانوا لا يرون لعن الكافر المعين لعله يسلم قبل موته. ولذا جاء عن ابن كثير في كتابه البداية والنهاية عن رجل نصراني انه انشأ قصيدة يذم فيها الاسلام واهله ثم ذكر ان ابن حزم انشأ قصيدة يرد بها عليه ولما فرغ من سرد النصرانية قال لعن الله ناظمها واسكنه النار ثم قال ان كان مات كافرا. قال الامام الرازي ان قيل كيف يلعنه الناس واجمعون واهل دينه لا يلعنونه. قلنا الجواب عنه من عدة وجوه. احدها ان اهل دينه يلعنونه في الاخرة لقوله تعالى ثم فيوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا. وثانيها قال قتادة والربيع اراد بالناس اجمعين المؤمنين كأنه لم يعتد بغيرهم وحكم بان المؤمنين هم الناس لا غير. وثالثها ان كل احد يلعن الجاهل والظالم لان قبح ذلك مقرر في العقول. فاذا كان هو في نفسه جاهلا او ظالما ان كان لا يعلم هو من نفسه كونه كذلك كانت لعنته على جاهل والظالم تتناول نفسه. رواه السدي. ورابعها ان يحمل وقوع اللعن على استحقاق اللعن. وحينئذ يعم ذلك قانونين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ما اشد وقع هذه الاية على الكافر لو كان له قلب. فهي تصور يأس الكافر من ثلاثة. انقطاع العذاب او تخفيفه او تأخيره والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم قال اقطبي لما حذر تعالى من كتمان الحق بين ان اول ما يجب اظهاره ولا يجوز كتمانه امر التوحيد. ووصل ذلك بذكر وعلم طريق النظر وهو الفكر في عجائب الصنع. ليعلم انه لابد له من فاعل لا يشبهه شيء. انتبه بسم الله الاعظم شلون الترمذي وابن ماجة اسم الله الاعظم في هاتين الايتين. والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم. وفاتحة ال عمران الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس. والفلك التي تغري في البحر بما انفوا الناس ومن انزل الله من السماء من ماء وما انزل الله من السماء منا فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها وبث فيها من وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء قال الثعلبي اول ما ينشأ السحاب فهو النشأ. فاذا انسحب في الهواء هو السحاب. فاذا تغيرت له السماء فهو الغمام. فاذا اضل فهو فاذا ارتفع وحمل الماء وكثف واطبق فهو العماء. فاذا عن فهو العنان فاذا كان ابيض فهو المسلم سبب تكفير الادلة في هذه الاية ان عقول الناس متفاوتة. فكان من كمال عناية الله ورحمته بالخلق ان جعل ادلة وجوده مبثوثة في الكون حوله ثم ذكرنا بها في كتابه. قال القاضي عبدالجبار خص هذه الثمانية بالذكر لانها جامعة بين كونها دلائل وبين كونها نعما على المكلفين على اوفر حظ ونصيب. ومتى كانت الدلائل كذلك كانت انجع في القلوب واشد تأثيرا في الخواطر والذين امنوا اشد حبا لله هذه مسابقة الحب الحقيقي التي لا يتقدم اليها الا المؤمن. ابشروا يا احباب. ففي الحديث اقسم النبي صلى الله عليه وسلم والصادق المصدوق من غير قسم. والله لا يلقي الله حبيبه في النار من طرق الوصول لمحبة الله ان تحافظ على هذا الدعاء. اللهم اني اسألك حبك وحب من يحبه وحب عمل يقربني الى حبه. قال الامام القرطبي احبهم الله تعالى اولا ثم احبوا. ومن شهد فله محبوبه بالمحبة كانت محبته اتم. كيف وصلوا لتلك المحبة؟ ارشدك الله الى سكة من هذه السكك في قوله ولا يزال عبدا يتقربوا الي بالنوافل حتى احبه يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا كل من تابع غيره في الباطن سيتبرأ منه يوم القيامة. قال ابن القيم فكل من تعلق بشيء غير الله انقطع به احوج ما كان اليه. ومن احوج الى العبد يوم القيامة كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات. يريهم الله اعمالهم حسرة حسرات عليهم وما هم بخارجين من قال السدي ترفع له الجنة فينظرون اليها والى بيوتهم فيها لو اطاعوا الله تعالى ثم تقسم بين المؤمنين فذلك حين يندمون ولا تنتبعوا خطوات المعصية باب مغلق. من فتحه دخله ومن دخله وقع في الحرام. فاحرص على دحر الخطوة الاولى دائما. الخطوة هي مسافات لكن فيها الهلاك. فمشوار الالف ميل بعيدا عن طريق الحق يبدأ بخطوة. لاحظ خطوات فالخطوة ستتبعها الخطوة لان الشيطان لحوح ذو اصرار. فالحذر الحذر من الاستصغار الذي يقود الى الاستمرار انما يأمركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على والله ما لا تعلمون لان الشيطان افترى على الله الكذب يدعوك لتفتري على الله. قال مقاتل كل ما في القرآن من ذكر الفحشاء فانه الزنا. الا قوله. الشيطان يعدكم ملفقة ويأمركم بالفحشاء فانه منع الزكاة. قلت فعلى هذا قيل السوء ما لا حد فيه والفحشاء ما فيه حد وان تقولوا على الله ما لا تعلمون بيان منه سبحانه انه لا يجوز للعبد ان يقول هذا حلال وهذا حرام الا بما علم ان الله قد احله او حرمه. الى ما يدعو الشيطان الى ثلاثة السوء وهي معاصي الله وسميت سوءا لانها تسوء صاحبها بسوء عواقبها. الفحشاء ما تناهى قبحه من المعاصي كالزنا شرب الخمر والقتل. وقيل كل ما فيه الحد. وان تقولوا على الله ما لا تعلمون وهو من اقبح انواع الفحشاء لانه وصف الله بما لا ينبغي له وهو من اعظم الكبائر. دلت الاية على ان الشيطان لا يأمر الا بالقبائح لان الله وصف عمله بكلمة انما وهي تفيد الحصر. قال بعض العارفين ان الشيطان قد يدعو الى الخير لكن ليجر عبد منه الى الشر او يجره من العمل الافضل الى الفاضل. ثم يجره من العمل الفاضل الى المعصية. او يجره من طاعة سهلة الى طاعة افضل منها لكنها اشق ليكون ازدياد المشقة سببا لنفور العبد عن الطاعة بالكلية في ترك العمل