اول مرة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فقد يسر الله لي الاطلاع على هذه الرسالة القيمة لابن القيم رحمه الله وقد رأيتها اول ما رأيتها اثناء تصفحي لاحدى المواقع الالكترونية وقد اعتمد المعتني بها في اخراجها على ثلاث نسخ خطية لكتاب السماع لابن القيم من بلدان ثلاثة وهي مصر والعراق والمملكة العربية السعودية ولم اتوقف وقتها عندها كثيرا ثم وفقني الله لزيارة بيته الحرام معتمرا فرأيت الرسالة بعنوان اخر وقد اشار منتقيها الى انه اختارها من كتابين لابن القيم الاول كتابه عن مسألة السمع وقد قال ابن القيم في اخره فهذه اشارة ما ونبذة يسيرة جدا في ذوق الصلاة الثاني في كتاب ابن القيم عن الصلاة وحكم تاركها ورسالة مغمورة بين كتب ابن القيم الشهيرة والفائدة منها لا توصف وقد استفدت منها غاية الاستفادة في صلاتي واتاحت لي العمرة التفرغ للغوص في معانيها والتأمل في كنوزها ثم تطبيقها وكانت هذه الرسالة من رزق العمرة الذي رزقنيه ربي واحسست اني لم اكن اصلي قبل هذه الرسالة وصرت واقفا امام الكعبة وكاني اصلي لاول مرة ولما رجعت من العمرة اطلعت عليها اكثر من مرة حتى عقدت العزم على نشرها لتعم الفائدة لكنني تصرفت فيها وعالجتها برؤية مغايرة وكان عملي في هذه الرسالة كالاتي واحد الجمع بين الرسائل الثلاث حتى تخرج هذه الرسالة جامعة لخلاصة الرسائل الثلاث حيث وجدت اختلافا كبيرا بين هذه الرسائل وفي كل واحدة من الفوائد ما ليس في الاخرى فجمعت الفوائد المتفرقة كلها في رسالة واحدة فكانت هذه الرسالة التي بين يديك اثنان تبسيط لغتها لتناسب عموم الناس. فيسهل فهمها والعمل بها في ظل ما اصاب لغتنا العربية من هجمات جعل من الصعب على الكثير فهم مفرداتها ثلاثة الاسهام في شرح عبارات منها اختصرها ابن القيم لكنها ممتلئة وتحمل بين طياتها معاني غزيرة لذا رأيت ان ابسط هذه الفوائد واشرحها للناس اربعة اضفت اليها ما يتعلق بالصلاة من كتب ابن القيم الاخرى مثل مدارج السالكين والفوائد وغيرهما مما اثر الرسالة وضعف فوائدها خمسة الاضافة اليها من عندي حيث اضفت اليها الكثير من المعاني الروحية للصلاة وشرحت فيها كثيرا من اذكار الصلاة التي تصب في نفس هدف الرسالة ستة اعدت صياغتها لتكون في صورة الامر والنهي وحتى يسهل اتخاذها برنامجا عمليا وخطة لانقاذ خشوعنا الضائع وسط الزحام سبعة اختصرت منها كثيرا مما جاء في مقدمتها واواخرها عن فضل الصلاة وعبودية الجوارح وهو كلام على نفاسته لا يصب في هدفي من التركيز على اركان الصلاة نفسها واذكارها وحضور القلب فيها وحذفت كذلك كل ما يتعلق بالنواحي الفقهية التي قد تقطع خط استرسال الكلام الروحي العذب وهي رسالة اوجهها الى نفسي والى الاكثرية الغالبة من المصلين الذين يصلون وسط كثرة فرطت في صلاتها فلم تصلي بالاصل او لم تحافظ على الصلاة واقل القليل من هؤلاء المصلين هو الذي يقيم للصلاة ركوعها وسجودها وخشوعها. ويلتذ بها فاذا رأيت المسجد يغص بالمصلين تعلم ان مقيمي الصلاة بينهم قلة ولعلها نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال اول شيء يرفع من هذه الامة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا والحال وصف به عمر بن الخطاب رضي الله عنه اهل زمانه فقال الحاج قليل والركب كثير فكيف باهل زماننا وهو زمان رق فيه الورع وقل الخشوع قدر الاسلام عندك قال الامام احمد بن حنبل انما قدرهم من الاسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الاسلام على قدر رغبتهم في الصلاة فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر ان تلقى الله ولا قدر للاسلام عندك فان قدر الاسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك ورجائي في الله كبير ان يغير حالكم ايها القراء بعد القراءة ويورثكم الخشوع مع قراءة اخر صفحة من هذا الكتاب ان شاء الله وان تحسوا بما احس به نبيكم من قبل من احاسيس مبهجة ومشاعر مفرحة حين قال صلى الله عليه وسلم وجعلت قرة عيني في الصلاة والخشوع مفتاح الاستقامة الكلية وبوابة الهداية لسائر اعضاء الجسد كما اوضح ذلك الامام الجنيد حين قال الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب والقلب امير البدن فاذا خشع القلب قشع السمع والبصر والوجه وسائر الاعضاء وما نشأ عنها حتى الكلام والخشوع يقظة نفسية دائمة لخلجات القلب ولفتاته حتى لا يتفلت وحذر يقظ من هواجسه ووساوسه حتى لا يضل واحتياط من شهواته وغفلاته خشية ان يزيغ وتعتريه القساوة او الموت والخشوع من انفع العلوم واجلها لانه يوجب خشية القلوب وقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من علم لا ينفع. وقلب لا يخشع ودعوة لا تسمع فان القلب الذي لا يخشع علمه لا ينفع ودعاؤه لا يسمع وهو اوجب للدعاء فاذا لم يكن الخشوع صفة الدعاة وحالهم اليوم فان الخطب جلل والمصيبة عظيمة والاصلاح المرتقب ابعد وهداية الناس وهم وبالتالي فذنب هؤلاء المصلحين مضاعف وجريمتهم افظع وكم اصيب الاسلام بايدي ابنائه كما اصيب بحراب اعدائه وكل راع مسؤول عن رعيته لذا كانت مسئولية الاباء والامهات عن خشوع ابنائهم مضاعفة ولما رأى ما لك بن دينار رجلا يسيء صلاته فقال ما ارحمني بعياله فقيل له يا ابا يحيى يسيء هذا صلاته وترحم عياله قال انه كبيرهم ومنه يتعلمون الطمع المستحب لكني اطمع من وراء هذه الرسالة في اكثر من الخشوع بكثير ويتعدى هدفي من هذه الرسالة الصلاة الى ما بعد الصلاة الا ان هدفي البعيد هو اقبال العبد على ربه سبحانه في سائر شؤونه حتى لا يقطع امرا دونه وتكميله حقوق عبوديته ظاهرا وباطنا على الوجه الذي يرضاه الرب سبحانه وغرس بذور التربية الذاتية في القلب بان تتعلم ان تخشع دون ان تعبأ بغيرك ولو كنت الخاشع الوحيد في مسجدك او جامعتك او عملك او قريتك او مدينتك فتتربى على ان تستقيم ولو انحرف الكون كله ويضيء قلبك ولو عم الظلام قلوب من حولك و التربية على المسؤولية الفردية واستشعار المحاسبة الفردية والتهيؤ للوقوف امام الله يوم القيامة كما وقفت بين يديه في الصلاة في الدنيا و المشاركة في احياء الامة ونصرتها عن طريق صلاة الخاشعين وتضرعهم وما احوجنا اليوم الى دعوة صادقة من قلب منيب تخرق اطباق السماء لتمسح ما حل بالمسلمين من الوان الشقاء ليست الصلاة اذا حركات تستغرق ساعة من اليوم او بعض ساعة ثم ينقضي الامر وتغور معاني الصلاة في اعماق النسيان لكنها باختصار حركة تصحيحية وثورة تغييرية تستهدف تعديل مسارك في الحياة وتصحيح وجهتك وتعديل صياغتك الجديدة على عين الله فهل يدرك الكتاب هدفه القريب والبعيد وهل يحدث دواء اثره فيكم معاشر القراء اللهم امين كتبه راجي دعائك في صلاتك الدكتور خالد ابو شادي لابد اولا وقبل الاسترسال في القراءة من استجداء المغفرة اللهم انا نستغفرك من كل سهو سهوناه ونحن بين يديك ونستغفرك من كل التفات الى غيرك ونحن في بيتك ونستغفرك من كل خاطر دنيوي شغلنا به ونحن نتزود للاخرة ونستغفرك من كل تعظيم لغيرك خالج صدورنا ونحن في قبضتك ونستغفرك من كل عجلة نقرنا بها صلاتنا في غفلة ونستغفرك من كل شهوة خطرت ببالنا ونحن نناجيك ونستغفرك من ومن ومن والى هنا استحيا القلم من تكرار سرد جرائمه في حقك لكن حسبي انني طامع في سحابة مغفرة ربانية تمطر قلوبنا المحاصرة بغبار الذنوب والمدنسة بالغفلات والمحشوة بهموم الدنيا وكلي امل في لمحة هداية منتظرة على احر من الجمر لتعيد الينا نور الفطرة البهي وطهارة الابتداء القوي فهل ترحم ضعفي وتعطف علي وتستجيب لي يا مولاي والان حان موعدك بعد هذا الاستغفار المبارك مع توجيه الضربة القاضية كم مرة هزمك الشيطان في معركة الصلاة وكم الهاك عنها وصرف ذهنك بعيدا عن معانيها ثم ولى مدبرا وهو يقهقه فرحا بغوايته لك وانتصاره عليك اخي هل سألت نفسك يوما هذا السؤال كم صلاة ضاعت عليك وانت لا تشعر وذهب خشوعها وخضوعها وانت تبتسم كم مرة كانت الصلاة عبئا ثقيلا عليك كلما قمت اليها استقبلتها بالكسل والفتور هل ذقت يوما طعم قول حبيبك صلى الله عليه وسلم؟ وجعلت قرة عيني في الصلاة لقد ساق الله اليك هذا الكتاب بين يديك ليكون بمثابة قوة امداد رباني تنتشلك مما وقعت فيه من ابار الغفلة والشرود عن الله ورحلة روحية رائعة تلتذ معها بطعم الصلاة فلتمد يدك اليه في لهفة ولتتشبث بطوق نجاتك في قوة ولتمر ببصر قلبك على هذه السطور لترتوي روحك ويرتقي ايمانك وعندها تتذوق طعم الصلاة وتتلذذ كما التذ بها من سبقك وتسفك دم عدوك وترفع راية الظفر منتشيا فوق ارضه. بعدما ولى مدبرا وهو ينتحب سر الصلاة الاقبال سر الصلاة وروحها ولبها هو اقبالك على الله بكل ذرة من كيانك وكما انه لا يجوز لك ان تصرف وجهك عن القبلة الى غيرها فكذلك لا ينبغي لك ان تصرف قلبك عن ربك الى غيره في الصلاة الصلاة صندوق مغلق لا يفتح الا بمفتاح الاقبال على الله والاعراض عما سواه ولا يعطي اسراره الا لمن جعل همه واحدا ووجهته واحدة والكوب الممتلئ لا يقبل المزيد الا اذا فرغته مما فيه وكذلك القلب لا تدخله معاني الصلاة اذا كان محشوا بهموم الدنيا واعباء الرزق الا ان تفارقه وقت الصلاة وعندها يدخل النور وينشرح الصدر فاجعل الكعبة قبلة وجهك وبدنك ورب البيت قبلة روحك وقلبك وعلى حسب اقبالك على الله في صلاتك يكون اقبال الله عليك زيادة ونقصانا واذا اعرضت اعرض عنك وكما تدين تدان ومن الاقبال على الله في الصلاة اقبال العبد على قلبه ليحفظه من امراض الشهوات والوساوس والخواطر الدنيوية المبطلة لثواب صلاته او المنقصة لها و اقباله على الله بتعظيمه ومراقبته فيعبده عبادة من يراه ويقف بين يديه و اقباله على معاني كلام الله وتدبره لاذكار الصلاة ليعطيها حقها من حضور القلب والخشوع وباستكمال هذه المراتب الثلاثة يكون العبد قد اقام صلاته حقا. واستحق ان ينعم عليه بالدخول الى ساحة اللذة الايمانية وارض منح ربانية المسماة بالخشوع الوضوء تطهر بالوضوء من الاوساخ واقدم على ربك متطهرا واعلم ان الوضوء له ظاهر وباطن فظاهره طهارة البدن واعضاء العبادة وباطنه طهارة القلب من اوساخ الذنوب والمعاصي وادرانه بالتوبة ولهذا قرن تعالى بين التوبة والطهارة في قوله تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وردد ما شرع لك النبي صلى الله عليه وسلم ان تقوله وان تردده بعد فراغك من وضوئك وهو ان تتشهد بقولك اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم تقول اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فكم من مراتب العبودية والطهارة باطنا وظاهرا فانك بالشهادة تتطهر من الشرك وبالتوبة تتطهر من الذنوب وبالماء تتطهر من الاوساخ الظاهرة فشرعت لك اكمل مراتب الطهارة قبل الدخول على الله عز وجل والوقوف بين يديه فلما تطهرت ظاهرا واتممت بالتوبة والندم طهارتك باطنة ولما اكتملت نظافة جسدك وقلبك اذن لك بشرف الدخول على الله والوقوف بين يديه وليس مجرد الاذن فحسب بل وقوفه المكافأة وذلك اذا اغتنمت فرصة التطهر هذه في الدخول على ربك قبل ان تتدنس فحافظت على الصلاة عقب كل وضوء لتحظى بما حظي به بلال رضي الله عنه من قبل فقد سأله النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة الفجر يا بلال حدثني بارجى عمل عملته في الاسلام فاني سمعت دفا عليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا ارجى عندي اني لم اتطهر طهورا في ساعة من ليل ولا نهار الا ما صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي ان اصلي والعجيب انك كلما زرت ملكا من ملوك الارض ارتديت اجمل ثيابك وتعطرت بازكى عطورك والطهارة والنظافة والتزين اولى ان تكون بين يدي ملك الملوك اليس كذلك وتأمل كيف جعل الله الوضوء عبادة مستقلة بنفسها حيث رتب عليها تكفير الذنوب والوضوء الخالي من النية وحضور القلب لا يكفر شيئا من الذنوب بالاتفاق فلا يكون مأمورا به ولا تصح به الصلاة ولهذا لم يرد في شيء من بقية شروط الصلاة كازالة النجاسة وستر العورة ما ورد في الوضوء من الثواب وتأمل كذلك رحمة الله ان شرع الوضوء على اكثر الاعضاء مباشرة للمعاصي لتغتسل من الذنوب واكثرها بروزا وتعرضا للغبار لتتطهر من الوسخ وهي كذلك اسهل الاعضاء غسلا فلا يشق على المرء تكرار غسلها في اليوم والليلة فكانت الحكمة الباهرة في تشريع الوضوء عليها دون سائر الاعضاء اشراقة نورانية كان علي بن الحسين اذا توضأ اصفر لونه فيقولون له ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء فيقول اتدرون بين يدي من؟ اريد ان اقوم الذهاب للمسجد وما بين كل صلاتين تستهدفك الوان الغفلة والجفوة والقسوة والاعراض والزلات والخطايا فيبعدك ذلك عن ربك وينحيك عن قربه وتصير بذلك كانك تمردت على عبوديته فلم تعد من جملة رعاياه وربما القيت بيدك الى عدوك فاسرك وغل يدك وقيدك. وحبسك في سجن نفسك ودنياك وهواك وهو معنى الاحتراق في قوله صلى الله عليه وسلم تحترقون تحترقون فاذا صليتم الصبح غسلتها ثم تحترقون تحترقون فاذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فاذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فاذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فاذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا ويصبح حظك على الدوام ضيق الصدر ومعالجة الهموم والغموم والاحزان والحسرات ولا تدري السبب في ذلك فاقتضت رحمة ربك الرحيم الودود ان دعاك الى الصلاة خمس مرات في اليوم تتحرر بها من اسر عدوك ساعة من الزمن بل وربما امتد اثرها ان اديت ما عليك لتتحرر الى الابد العبد في حال غفلته كالهارب من مولاه فاذا جاء الى الصلاة كان كالعائد اليه والراجع الى ملكه لكن باي وجه يرجع انه ليس الا وجه التذلل والانكسار ليستدعي عطف سيده واقباله بعد ان اعرض عنه ولهذا كان المجيء الى المسجد من تمام العبودية الواجبة عند قوم والمستحبة عند اخرين وكان المشي اليه من اعظم الثواب