ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما اي ملء العالم العلوي والسفلي والفضاء الذي يملأ ما بينهما فهو ليس اي حمد بل حمد يملأ الكون والوجود وملئ ما شئت من شيء بعد وهذا يشمل ما فوق تصورات العقل وادراكاته مما فوق السماوات وتحت الارض ويشمل كذلك الخلق الذي سيخلقه الرب بعد ذلك فحمده يملأ كل موجود وكل ما سيوجد وهذه العبارة تشمل المكان والزمان المكان الموجود الان والزمان المستقبل اهل الثناء والمجد لتعود الى ما افتتحت به الصلاة من الحمد والثناء والمجد لتستمر جرعات التعظيم تسري في قلبك لا تزول. بل تتجدد مع تتابع اركان الصلاة حتى تبلغ ذروتها عند انقضاء الصلاة احق ما قال العبد واعلم ان هذا الدعاء اصدق قول قاله العبد واحق قول نطق به البشر فليس فيه ذرة واحدة من كذب او زيف او ادعاء فهو سبحانه احق من اثني عليه واحق من مجد واحق من استحق صفات التقديس والاجلال اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت تغرس في قلبك اليقين بانه المتفرد بالمنع والعطاء وانه اذا اعطى لم تطق السماوات والارض بمن فيهن ان تمنع عطاءه واذا منع لم تطق السماوات والارض ومن فيهن اعطاء من منعه لاول مرة لاول مرة اوقن بما قسمه الله لي ويطمئن قلبي على رزقي واجلي فلا اقلق ولا اضطرب ولا احقد على غيري او احسده بل يمتلئ قلبي بالرضا والتسليم الذي غرفت منه حين نهلت من معين الصلاة ولا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينفع عنده ولا يخلص من عذابه ولا يدني من كرامته حظوظ بني ادم من الرئاسة والملك والغنى والسلطة والجاه انما ينفعهم التقرب الى الله بطاعته وايثار مرضاته فحسب تعش في انوار هذا الدعاء او افطر الدعاء الذي تتسابق الملائكة في رفعه الى الله جل في علاه فعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه قال كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجل ورأه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم قال انا قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها ايهم يكتبها اول يعني ان كل ملك منهم اسرع ليكتب هذه الكلمات قبل الاخر ويصعد بها الى حضرة الله تعالى لعظم قدرها او لك ان تختصر القول في قيامك بقولك اللهم ربنا لك الحمد فان حدث ووافق حمدك حمد الملائكة من حولك فيا بشراك بمغفرة خطاياك قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا قال الامام سمع الله لمن حمده تقول اللهم ربنا لك الحمد فانه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه حين تكلمت الصلاة انا هديتك التي ارسلت بها الى ملك الملوك فهل ترسل الى ملك الملوك هدية فارغة وهل تبعث الى اغنى الاغنياء بسلة خاوية اخي انت وحدك من تملك حرية الاختيار في تحديد نوع هديتك وتجميلها او تلطيخها والله طيب لا يقبل الا طيبا وصلاة ليس فيها خشوع ليست من الطيب فكيف تقبل؟ انا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لك وهو على فراش الموت وانا عهده اليك فهل نفذت وصيته وهل رعيت ذمته وهل وضعت في قائمة اعمالك وجدول اولوياتك الاستعداد لليوم الذي يلقاك فيه فيسألك عما فعلت من بعده انا صلتك التي تصلك بربك ومع ذلك ضيعتني واهنتني وما عرفت قدري ولا مكانتي بل تركتني وسهوت انا الحبل الذي يربطك بالجنة ولولاي لضللت الطريق عنها ومع ذلك هجرتني ولهوت انا سؤال من اسئلة حسابك يوم الجزاء فان عجزت عن اجابته او اسأت في اجابته هلكت وما نفعك باقي صالح الاعمال ولو كان كالجبال ان المنافحة عنك في ظلمة القبر ان التي ترد عنك ملائكة العذاب وسوء الحساب انا خير حارس لك فاصلح ما بيني وبينك حتى اصدق في حمايتك ولك مطلق الحرية ان احسنت فلنفسك وان اسأت فعليها ان شارة القرب من الله واذا كانت الملوك تعد من ارضاها بالاجر والقرب كما قال السحرة لفرعون ان لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين فاجابهم نعم وانكم لمن المقربين فما ظنكم بكرم الله وهو الخالق جل في علاه انا نهرك الذي تغتسل به كل يوم خمس مرات ليطهرك من الموبقات فاذا اتسخت بذنوبك وتدنست بغفلاتك فصدقني ليس لك غيري يغسلك ويزكيك ويعيد اليك سابق طهرك وينقيك انا عماد الدين والعمود الفاصل بين الاسلام والكفر وقد قدمني ربي على سائر العبادات واوجب قتل من هجرني فهل تظن كل هذه العظمة لي من تحريك اللسان دون مشاركة القلب وصلاح الظاهر دون الباطن واي معنى لتحريك لسانك اذا مات قلبك انا غذاء القلب وقلبك اذا خلا من الغذاء الرباني من ذكر الله ومعرفته وحبه يبس واذا يبس القلب ضربته نار الهوى وحرارة الشهوة فازداد قساوة وغلظة وعندها تيبس الجوارح تبعا ليبوست القلب وتمتنع اغصان الجوارح عن الامتداد نحو القربات اذا مددتها والانقياد لك اذا قلتها فلا تصلح بعد هي والقلب الذي يقودها الا للنار فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله اولئك في ضلال مبين انا احدى اهم وقفتين تقفهما بين يدي مولاك موقف الصلاة وموقف القيامة فان احسنت في الاولى هانت عليك الثانية والا فالموقف اهون من ان يوصف على موائد السجود ثم كبري الله وخر له ساجدا ولا ترفع يديك وانت تسجد لان اليدين ينحطان للسجود كما ينحط الوجه فلما هبط لعبوديتهما اغنى ذلك عن رفعهما ولذلك لم يشرع رفعهما عند القيام من السجود لانهما يرفعان معه كما يوضعان معه والسجود ابلغ هيئات العبودية وتأمل الحكمة في امرك بالسجود اذ امرك الله بالسجود خشوعا وتذللا بين يديه ليردك بذلك الى اصل العبودية واعلى درجات الاستكانة ان كانت قد سرت فيك نزعة كبر او نفخة استعلاء ويكفي السجود شرفا ان الله جعل علامته في اشرف اعضاء الانسان وهو الوجه اين قال سيماهم في وجوههم من اثر السجود وقد فسر مجاهد هذه العلامة بانها الخشوع وفسرها غيره باثر الخشوع وهو النور والبهاء الذي يعلو وجوه الساجدين ويكفي السجود فضلا ان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف امته يوم القيامة بكونهم غرا من اثر السجود اي بيض الوجوه منه فمن كان اكثر سجودا في الدنيا كان وجهه اعظم ضياء واشد اشراقا من غيره يوم القيامة فيتعرف عليه النبي صلى الله عليه وسلم اسرع من غيره وقد سجدت الامم من قبلنا فلم يظهر على جباههم شيء فتلك علامة مميزة لهذه الامة في موقف الحشر تعرف بها بين الامم ويكفي السجود كرما ان الله حرم على النار ان تأكل من ابن ادم اثر السجود وظائف السجود الستة واحد الذل والافتقار مكن اعز اعضائك وهو الوجه من اذل الاشياء وهو التراب لتتدارك ما نزل بك من الهفوة والغفلة والاعراض الذي خرج بك عن اصلك يا ابن التراب واقرب باب يدخل منه العبد على الله تعالى هو الافلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما يمن به على ربه او يتطاول بها على خلقه بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والافلاس المحض دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة الى سويدائه فانصدع وشملته الكسرة من كل جهاته وشهد ان في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة الى ربه تبارك وتعالى وانه ان تخلى عنه الله طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر الا ان يعود الى مولاه ليتداركه برحمته وان امكنك الا تجعل بينك وبين الارض حائلا فتسجد على الارض مباشرة فافعل فان ذلك اجلب للخشوع وادل على الذل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتقي بوجهه الارض قصدا بل يسجد عليها بلا حائل ولذلك سجد في الماء والطين مبالغة في التواضع والتذلل لله فاذا اتفق لك ذلك فافعل وتيقن ان الارض سترد اليك يوما ما هذا الجميل كما حكى ذلك عطاء الخرساني ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الارض الا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت واعط كل عضو من اعضائك حظه من الذل والعبودية تضع رأسك بالارض بين يدي ربك راغما له انفك معفرا وجهك وقد سجد معه انفك ويداك وركبتاك ورجلاك وارفع بطنك عن فخذيك وفخذيك عن ساقيك وعضديك عن جنبيك ولا تضعهما على الارض ليستقل كل عضو من اعضائك بالعبودية ويأخذ كل جزء منك حظه من الخضوع لا ان يحمل بعضهم بعضا وبهذا تبلغ غاية خشوع الظاهر عبور الحدود وهو افتقار يتجاوز حدود الصلاة الى ما بعد الصلاة ليغمر جميع لحظات حياتك وسائر نشاطاتك كما تمنى ذلك الامام ابن القيم وهو يصف الدرجة الاسمى والقمة العظمى من الافتقار الى الغني المتعال فقال يتخلى بفقره ان يتأله غير مولاه الحق وان يضيع انفاسه في غير مرضاته وان يفرق همومه في غير محابه وان يؤثر عليه في حال من الاحوال فيوجب له هذا الخلق وهذه المعاملة صفاء العبودية وعمارة السر بينه وبين الله وخلوص الود فيصبح ويمسي ولا هم له غير ربه فقد قطع همه بربه عن جميع الهموم وعطلت ارادته جميع الايرادات ونسخت محبته له من قلبه كل محبة لسواه سجود القلب وبقي خشوع الباطن فلابد من مطابقة قلبك لخشوع جسدك وكما سجد الجسد فليسجد القلب في اثره فكن متذللا لعظمة ربك خاضعا لعزته منيبا اليه مستكينا ذلا وخضوعا وانكسارا ولما كان سجود القلب هو خضوعه التام لربه امكنك استدامة هذا السجود الى يوم القيامة كما قيل لبعض السلف هل يسجد القلب قال اي والله سجدة لا يرفع رأسه منها حتى يلقى الله ولما كانت احب العبادات الى الله الذل والافتقار وهي اوضح ما تكون اثناء السجود كانت مناسبا ان تكون الوظيفة الثانية من وظائف السجود هي اثنان القرب القرب واستشعر في سجدة اخرى لذة القرب من الرب الجليل ولن تقترب منه في وقت من الاوقات كوقت السجود لذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم واسجد واقترب وكلما طال سجودك كلما طال موعد لقائك وفرصة قربك ولذة وصلك مع رب كريم ومن منا لا يخفق قلبه لقرب الحبيب؟ لعل هذا هو السر في الراحة القلبية العظيمة والسكينة الروحية العالية التي يجدها الساجد في سجوده ويحس بها اذا اطال فيه وبسبب هذا القرب يستجيب الله على الفور دعاء من يدعوه على هذه الحال وهذه هي الوظيفة الثالثة ثلاثة دعوة الملهوف وفي سجدة ثالثة بث اليه شكواك وارفع اليه حاجتك وتوسل اليه ان يؤيدك ويقف بجانبك لقول النبي صلى الله عليه وسلم واما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن ان يستجاب لكم قم حقيق وجدير فادعوا الله بحاجتك وقدم ما تريد من دنيا او اخرة ربك ولك الوعد بالاجابة على لسان نبيك صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي مر بك وفي الحديث ايضا اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء ومن منا يعيش بلا منغصات من ذنب يؤرقه او زوجة تضايقه او ولد يعقه او رزق يعسر عليه او رئيس عمل يشاكسه او جار يؤذيه او مرض يضنيه مما يدفع العبد الى الدعاء دفعا ولا تكن انانيا في دعائك بل ادع لاخوانك واشركهم في رجائك وقلد ابا الدرداء رضي الله عنه الذي قال اني لادعو لثلاثين من اخواني وانا ساجد اسميهم باسمائهم واسماء ابائهم واياك ان تعوق الاجابة بيأسك من الاجابة وافرح ببشرى الامام الحافظي سفيان ابن عيينة لا يمنعن احدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فان الله عز وجل اجاب دعاء شر الخلق ابليس لعنه الله. اذ قال رب انظرني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين لاول مرة لاول مرة اطيل قرع باب الله في طلب حاجاته وحل مشاكلي وبث همومي وكلما اطلت وجدت من الراحة ما يشرح الصدر ويسر القلب ولاول مرة كذلك اذكر غيري في صلاتي فادعو للمسلمين المستضعفين في فلسطين ولبنان وغيرهما من البلدان واخصص لهم صلوات كاملة اخصهم فيها بوافر الدعاء اربعة الحط من الاوزار واحس في سجدة رابعة ان ذنوبك موضوعة فوق رأسك وانت ساجد وكلما خشعت في سجودك وكلما بكيت في خشوعك وكلما صدقت في بكائك كلما تساقطت عنك الذنوب ذنبا ذنبا حتى ترفع رأسك من سجدتك بغير الوجه الذي سجدت به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العبد اذا قام يصلي اتي بذنوبه كلها ووضعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع او سجد تساقطت عنه وغني عن القول انه كلما زادت ذنوبك وجب ان يطول سجودك والدموع الغزيرة تمحو مسودة من القلب بسبب الذنوب كثيرة خمسة العزة والفخار واستشعر في سجود خامس رح العزة وانت لا تحني هامتك لاحد الا لله ولا تذل الا لله ولا تستعينوا ولا تتوكلوا الا عليه وتعلم من الامام احمد وهو يدعو بقوله اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه من المسألة لغيرك لاول مرة لاول مرة اراجع نفسي حين اطلب شيئا من غيري واصون وجهي عن الالحاح في سؤال الخلق عما قسمه الله لي واكتسي ثوب العزة موجها رسائل الطلب الى الخالق بدلا من الخلق ستة عبودية المراغمة وفي سجدة سادسة امتلئ بنشوة الانتصار ولذة الظفر وانت تقهر عدوك واسمع وانت ساجد صوت شيطانك وهو يبكي منتحبا في ناحية مصلاك قائلا يا ويله امر ابن ادم بالسجود فسجد فله الجنة وامرت بالسجود فعصيت فلي النار وليس احب الى الله من عبودية المراغمة وهي ارغام انف عدوه في التراب وليس اعدى له من عدوه ابليس لذا عظم قدر السجود عنده وقرب من يفعله وكرر هذه الوظائف الستة في الصلاة الواحدة او اجعل لكل صلاة وظيفة من هذه الوظائف وبذلك تهتدي راشدا كلما هويت ساجدا وتشفى سريعا كلما دعوت طويلا ولمعرفته بفضائل السجود العظيمة ووظائفه الجليلة قال مسروق لسعيد بن جبير ما بقي شيء يرغب فيه الا ان نعفر وجوهنا في هذا التراب له وتعلم سعيد الدرس فكان كثيرا ما يقول ما اسى على شيء من الدنيا الا على السجود اذكار السجود ان اطالة السجود كان سمت النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان سجوده مقدار قراءة خمسين اية وكان صلى الله عليه وسلم يقول اذا صلى احدكم فليتم ركوعه ولا ينقر في سجوده فانما مثل ذلك كمثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين فماذا يغنيان عنه وكما لا تغني الجائع اللقمة واللقمتان فلا يشبع فكذلك المستعجل الذي لا يملك وقتا لصلاته لن يشعر بطعم الصلاة ولن يحس لها بحلاوة وسيفقد الاحساس بلذاتها بل وربما انقلب احساسه الى ضيق بالصلاة وكسل عنها ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم في السجود عن نقرة الغراب ونقرة الغراب اي ما يعادل زمن وضع الغراب منقاره ليأكل والمقصود المبالغة في تخفيف السجود وانه لا يمكث فيه الا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد اكله وقد اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى سرعة الركوع والسجود ذاما محذرا قائلا لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود وحين لمح رجلا لا يقر صلبه في الركوع والسجود قال جازما منذرا انه لا صلاة لمن لم يقم صلبه والان حان الوقت لنعيش مع سجدات النبوة ونستنشق عبيرها ونعرف ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده واحدة سبحان ربي الاعلى ووصفك الرب بالعلو في هذه الحال في غاية المناسبة لحالك لانك قد هويت الى اسفل على وجهك فذكرت علو ربك في حال سقوطك كما سبق وان ذكرت حال ربك حال خضوعك في ركوعك ونسب عندها ان تنزه ربك عما لا يليق به مما يضاد عظمته وعلوه اثنان اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله واوله واخره وعلانيته وسره ثلاثة اللهم اغفر لي خطئي وجهلي واسرافي في امري وما انت اعلم به مني اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت انت الهي لا اله الا انت فردد هذين الدعائين في سجدة ندم تؤكد فيها توبتك التي سبق ان اعلنتها في دعاء الاستفتاح وتجددها وتتذكر فيها اسرافك على نفسك لتذرف الدموع الغزار وتذكر ماضي العصيان للتأسف عليه ندم والندم توبة ومن دخل عليه تائبا خرج من بيته نقيا طاهرا ومن دخل عليه تائبا خرج من بيته نقيا طاهرا وتذكر سرائرك التي خنت فيها عهدك مع الله ويتذكر مزاحك الذي استذلك فيه الشيطان فكذبت فيه وتذكر ما وقع ذلك منك على سبيل الخطأ او العمد وتأمل ان النبي صلى الله عليه وسلم ردد هذين الدعائين في سجوده مع انه مغفور له وذلك من باب العبودية والاذعان والافتقار الى الله تعالى فتمثل كل هذه المعاني في سجودك واعلم ان مفتاح الاجابة الصدق في الانابة ومما يجعل قلبك اكثر حضورا وروحك اكثر حياة الحياء الذي يوصلك اليه دعاء اربعة اللهم لك سجدت وبك امنت ولك اسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره فاحسن صوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله احسن الخالقين فردد هذا الدعاء في نوبة حياء تعتريك من توالي نعم الله عليك مع توالي عصيانك له وتتابع احسانه مع تتابع اساءاتك لتتحول هذه السجدة الى سجدة حب بين يدي مولاك وهذا الذكر يدفعك الى التلذذ بالسجود والاطالة فيه حين تذكر نعمة الله عليك وقد شق لك سمعك وبصرك وصورك في احسن صورة وتأمل حالك ان عشت في عالم من الظلام الدامس ساعة من النهار كما يعيش العميان او توهم العيش في عالم الصمت الرهيب برهة من الزمن كالصم لتدرك قيمة نعمة الله عليك خمسة اللهم اني اعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك والرضا والسخط ضدان متقابلان وكذلك المعافاة والعقوبة حتى اذا وصلت الى ذكر ما لا ضد له وهو الله سبحانه وتعالى استعذت به منه لا غير ومعنى هذا الدعاء الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادة الله والثناء عليه ومدحك له بقولك لا احصي ثناء عليك اي لا اطيقه ولا احيط به وقولك انت كما اثنيت على نفسك ما هو غير اعتراف منك بالعجز عن الثناء على ربك وانك لا تقدر على بلوغ حقيقته مهما حاولت وكلما كان ظهور العجز ابين كلما كان العطاء اوسع والكرم اوفر هذا مع الخلق فكيف مع الخالق ولانه لا نهاية لصفاته فكذلك لا نهاية للثناء عليه وكل ثناء اثني به عليه وان كثر وطال وبلغ فيه فقدر الله اعظم منه اشراقة سجودية قال ابو الدرداء رضي الله عنه ادلجت ذات ليلة الى المسجد فلما دخلت مررت على رجل ساجد وهو يقول اللهم اني خائف مستجير فاجرني من عذابك وسائل فقير فارزقني من فضلك لا مذنب فاعتذر ولا ذو قوة فانتصر ولكن مذنب مستغفر فاصبح ابو الدرداء يعلمهن اصحابه اعجابا بهن وكان عبدالاعلى التيمي يقول في سجوده رب زدني لك خشوعا كما زاد اعدائك لك نفورا ولا تكبن وجوهنا في النار من بعد السجود لك وكان معضد العدلي يقول في سجوده اللهم اشفني من النوم باليسير ثم يمضي في صلاته وكان مسلم بن يسار يقول في سجوده متى القاك وانت عني راض ويذهب في الدعاء ثم يقول متى القاك وانت عني راض وكان عتبة الغلام يدعو بالشهادة في سجوده ويقول اللهم احشر عتبة بين حواصل الطير وبطون السباع ودخل الامام موسى الكاظم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في اول الليل فسمع وهو يقول فعظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك يا اهل التقوى ويا اهل المغفرة فجعل يرددها حتى اصبح وذكر الشيخ ابو شامة ان امام مسجد ابي الدرداء بالقلعة المنصورة رأى في تلك الليلة التي اجلي فيها الفرنج عن دمياط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول سلم على نور الدين وبشره بان الفرنج قد رحلوا عن دمياط فقلت يا رسول الله باي علامة فقال بعلامة ما سجد يوم تل حارم وقال في سجوده اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا ومن هو محمود الكلب حتى ينصر فلما صلى نور الدين عنده الصبح بشره بذلك واخبره بالعلامة فلما جاء الى ذكر من هو محمود الكلب انقبض من قول ذلك فقال له نور الدين قل ما امرك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قال العلامة كاملة قال صدقت وبكى نور الدين تصديقا وفرحا بذلك ثم اصبحوا فجاءت الرسل فاذا الامر كما اخبر الرجل في المنام