الكتابي السادس وهو كتاب الاربعين في مباني الاسلام وقواعد الاحكام للنووي المشهور بتسميته تلقيبا الاربعين النووية نعم بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال النووي رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والاراضين مدبري الخلائق اجمعين باعث الرسل صلواته وسلامه عليهم الى المكلفين لهدايتهم وبيان شرائع الدين. بالدلائل القطعية وواضحات البراهين احمده على جميع نعمه واسأله المزيد من فضله وكرمه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا الا الله وحده لا شريك له الواحد القهار الكريم الغفار. واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله ورسوله وحبيبه وخليله افضل المخلوقين المكرم بالقرآن العزيز المعجزة المستمرة على تعاقب السنين وبالسنن المستنيرة للمسترشدين المقصوص بجوامع الكلم وسماحة الدين صلوات الله وسلامه عليه وعلى وسائر النبيين والمرسلين وال كل وسائر الصالحين. قوله رحمه الله بجوامع الكلم الجامع من الكلم ما قل مبناه وعظم معناه وجوامع الكلم التي خص بها نبينا صلى الله عليه وسلم نوعان احدهما القرآن الكريم والاخر ما وقع عليه الوصف المتقدم في قلة المبنى وعظم المعنى من كلامه صلى الله عليه وسلم كقوله الدين النصيحة نعم احسن الله اليكم اما بعد فقد روينا عن علي ابن ابي طالب وعبدالله ابن مسعود ومعاذ ابن جبل وابي الدرداء وابن عمر وابن عباس وانس ابن مالك وابي هريرة وابي سعيد الخدري رضي الله عنهم من طرق كثيرات بروايات متنوعات ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حفظ على امتي امتي اربعين حديثا من امر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء. وفي رواية بعثه الله فقيها عالما وفي رواية ابي الدرداء وكنت له يوم القيامة شافعا وشهيدا. وفي رواية ابن مسعود قيل له ادخل من اي ابواب الجنة شئت وفي رواية ابن عمر كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة شهداء واتفق الحفاظ على انه حديث ضعيف وان كثرت طرقه فقد صنف العلماء رضي الله عنهم في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات فاول من علمته صنف فيه عبد الله بن المبارك ثم محمد بن اسلم الطوسي العالم الرباني ثم الحسن بن سفيان النسوي وابو بكر الاهجري وابو ابو بكر محمد بن ابراهيم الاصفهاني والدارقطني والحاكم وابو نعيم وابو عبدالرحمن السلمي وابو سعد الملاليني وابو عثمان الصابوني وعبدالله بن محمد الانصاري وابو بكر البيهقي وخلائق لا يحصى كون من المتقدمين والمتأخرين فقد استخرت الله تعالى في جمع اربعين حديثا اقتداء بهؤلاء الائمة الاعلام وحفاظ الاسلام. وقد اتفق العلماء وعلى جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث. بل على قوله صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة ليبلغوا الشاهد منكم الغائب وقوله وقوله صلى الله عليه وسلم قدر الله امرأ سمع مقالته فوعاها فاداها كما سمعها. الحديث المقدم في كلام المصنف رحمه الله وهو حديث من حفظ على امتي اربعين حديثا الحديث قوى معتمد جماعة ممن صنف الاربعينات الا انه حديث ضعيف مع كثرة طرقه وقد نقل المصنف رحمه الله اتفاق الحفاظ على انه حديث ضعيف وفي وقوع الاتفاق نظر فان ظاهر كلام ابي طاهر السلفي الحافظ في صدر الاربعين البلدانية التي خرجها لنفسه القول بثبوته وان كان الصواب ضعفه لكن الكلام بالنقد متوجه على ذكر الاتفاق ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى جماعة ممن تقدمه من اهل العلم ممن صنف الاربعينيات واردف ذلك بذكر الباعث له على جمع اربعين حديثا وهو شيئان اثنان احدهما الاقتداء بمن ذكر من الائمة الاعلام وهم حفاظ الاسلام والثاني بذل الجهد في بث العلم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم ليبلغ الشاهد منكم الغائب متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمعها رواه ابو داود والترمذي من حديث زيد ابن ثابت واسناده صحيح وما ذكره اثناء ذلك من اتفاق اهل العلم على جواز العمل بالحديث في فضائل الاعمال فيه نظر من وجهين احدهما ان في حكاية الاتفاق نظرا فالمخالف فيه جماعة من الائمة الكبار كمسلم ابن الحجاج ولو ذكر انه قول الجمهور لكان اقرب الى الصواب وهو الذي ذكره المصنف نفسه في كتاب الاذكار فانه عزا هذا القول الى الجمهور ولم يقطع فيه في كتاب الاذكار باجماع والاخر ان الصحيح عدم جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال ما لم يقترن بما يدعو الى ذلك كقول صحابي او اجماع على تفصيل مبين في محله اللائق نعم ثم من العلماء من جمع الاربعين في اصول الدين وبعضهم في الفروع وبعضهم في الجهاد وبعضهم في الزهد وبعضهم في الاداب وبعض هم في الخطب وكلها مقاصد صالحة رضي الله عن قاصديها فقد رأيت جمع اربعين اهم من هذا كله وهي اربعون حديثا مشتملة على جميع ذلك وكل حديث منها قاعدة قيمة من قواعد الدين قد وصفه العلماء بان مدار الاسلام عليه او هو نصف الاسلام او ثلثه او نحو ذلك ثم التزم في هذه الاربعين ان تكون صحيحة ومعظمها في صحيحي البخاري ومسلم واذكرها محذوفة الاسانيد ليسهل حفظها ويعم الانتفاع بها ان شاء الله تعالى ثم اتبعها بباب في ضبط خفي الفاظها في ظبط خفية الفاظها. اصلحوها هذي في ظبط خفي الفاظها ثم اتبعها بباب في ضبط خفي الفاظها وينبغي لكل راغب في الاخرة ان يعرف هذه الاحاديث لما اشتملت عليه من المهمات واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات وذلك ظاهر لمن تدبره وعلى الله اعتمادي واليه تفويضي واستنادي وله الحمد والنعمة وبه التوفيق والعصمة ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة شرط كتابه وان ذلك يرجع الى سبعة امور الاول انه مشتمل على اربعين حديثا وهو كذلك بالغاء الكسر فان عدتها اثنان واربعون حديثا بحسب التراجم وثلاثة واربعون حديثا بحسب تفصيل عدها الثاني ان هذه الاربعين شاملة لابواب الدين اصولا وفروعا وقد قارب رحمه الله وترك شيئا للمتعقب وراءه والثالث ان كل حديث منها قاعدة من قواعد الدين العظيمة قد وصفه العلماء لان مدار الاسلام عليه او هو نصف الاسلام او ثلثه او نحو ذلك مما يبين علو شأنه والرابع ان كل هذه الاحاديث صحيحة فيما قضى اجتهاده وقد خولف في بعضها كما ستعلم خبر كل في موضعه ووصفه لجملة منها في اثناء الكتاب بالحسن لا يخالف شرطه لان من اهل العلم من يدرج اسم الحسن في الصحيح فيكون معنى قوله ان تكون صحيحة اي ثابتة سواء كانت صحيحة عن المعنى الاصطلاحي او حسنة عليه ايضا. الخامس ان معظمها في صحيحي البخاري ومسلم وعدة ما فيها من احاديث الصحيحين اتفاقا وافرادا تسعة وعشرون حديثا والسادس انه يذكرها محذوفة الاسانيد ليسهل حفظها ويعم نفعها والسابع انه يتبعها لباب في ضبط خفي الفاظها وهذا الباب ساقط من اكثر نشرات الكتاب وهو من الاهمية بمكان فانه بمنزلة الشرح الوجيز جدا لها والنووي له عناية بمثل هذه الصنيعة اذ عددها في غير كتاب ككتاب بستان العارفين فانه ختم بباب ظبط فيه خفية الفاظ كتابه نعم الحديث الاول عن امير المؤمنين ابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه رواه امام المحدثين ابو عبد الله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة ابن بردزبة البخاري الجعفي وابو الحسين مسلم ابن الحجاج ابن مسلم القشيري النيساء النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما اصح الكتب المصنفة هذا الحديث لا يوجد بهذا السياق التام لا في كتاب البخاري ولا في مسلم بل هو ملفق من روايتين منفصلتين للبخاري وقوله انما الاعمال بالنيات النية في الشرع هي ارادة القلب العمل تقربا الى الله وللنية ثلاث مراتب المرتبة الاولى نية العمل ونعني بها ما يتميز به العمل عن غيره المشارك له في الصورة المرتبة الثانية نية المعمول له ونعني بها ما يتميز به من يتوجه اليه العامل بالعمل فهو الله ام غيره والمرتبة الثالثة نية المقصود من العمل ونعني بها ما يتميز به مقصود العامل من عمله فيما يرجوه من الجزاء وقوله انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى جملتان تتضمنان خبرين فالجملة الاولى خبر عن حكم الشريعة على العمل والجملة الثانية خبر عن حكم الشريعة على العامل وقوله فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله حمل عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بين ما يعتد به من الاعمال في قوله انما الاعمال بالنيات وما يترتب عليها من حظ العامل بقوله وانما لكل امرئ ما نوى اكمل البيان بضرب مثال يتضح به المقال فذكر عملا صورته واحدة وهو الهجرة واخبر عن اثر النية فيه عملا وعاملا اذا اختلفت وغيرها من الاعمال مقاس عليها فاخبر صلى الله عليه وسلم ان من كانت هجرته الى الله ورسوله نية وقصدا فقد حصل له ما نوى ووقع اجره على الله ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم مبينا تحصيله اجره فهجرته الى الله ورسوله اي قد قبلت منه واثيب عليها واما من كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه لا الى الله ورسوله فان الاول تاجر والاخر ناكح وانما اختار النبي صلى الله عليه وسلم البيان بهذا المثال لان الهجرة عمل منفرد الصورة لم تعرفه العرب قبل فان العرب كانت ضنينة بترك منازلها شديدة الولع بالطعن فيها فلا تنفروا منه الا لغزاة قوم غلبوهم عليه فيعز عندهم ترك مواطنهم فلما جاءت الشريعة باخراجهم من ديارهم لكفرها الى ديار الايمان وبلده صار هذا العمل من الاعمال التي يتميز بها المسلمون عن الكافرين فضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بها على ما ذكر في لفظه الشريف صلى الله عليه وسلم. نعم احسن الله اليكم الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه ايضا قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اطلع علينا اطلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه منا احد حتى جلس فالى النبي صلى الله عليه وسلم العين في كلمة الشعر عليها النسخة اللي عندكم كم حركة حركتين فتحة وسكون مما يدل على ان الكلمة بالظبطين معا وايهما الاعلى لغة الاعلى حركة لموضوع عندكم الفتحة اعلى فيكون الفتح اعلى من السكون. نعم احسن الله اليكم فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد اخبرني عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج بيتين استطعت اليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فاخبرني عن الايمان. قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فاخبرني عن الاحسان. قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. قال فاخبرني عن الساعة. قال ما المسؤول عنها باعلم من السائلين قال فاخبرني عن اماراتها. قال ان تلد الامة ربتها وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء في البنيان قال ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال يا عمر اتدري من السائل؟ قلت الله ورسوله اعلم قال فانه جبريل اتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم هذا الحديث اخرجه مسلم وليس في النسخ التي بايدينا منه قوله جلوس ووقع في اخره زيادة لي فقال ثم قال لي يا عمر وقوله فاسند ركبتيه الى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه اي اسند ركبتيه الى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كفيه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم كما وقع مصرحا بذلك في حديث ابي هريرة وابي ذر رضي الله عنهما عند النسائي باسناد صحيح وقوله اخبرني عن الاسلام فقال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله الى اخره سيأتي بيانها عند الحديث الثالث وقوله فاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته الى اخره الايمان في الشرع له معنيان اثنان احدهما عام وهو الدين الذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقته التصديق الجازم بالله تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة والاخر خاص وهو الاعتقادات الباطنة وهذا المعنى الخاص هو المقصود اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اركان الايمان الستة وقوله فاخبرني عن الاحسان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك الاحسان في الشرع له معنيان مبنيان على تصرفه اللغوي احدهما ايصال النفع ومحله المخلوق لا الخالق ويشمل جميع انواع البر والعطف ويشمل جميع انواع البر والعطف اما المعنى الثاني فهو الاتقان واجادة الشيء ومحله الخالق والمخلوق معا فهو نوعان اثنان احدهما الاحسان مع الخالق وحده ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وحقيقته اتقان الباطن والظاهر بعبادة الله على مقام المشاهدة او المراقبة والاخر الاحسان الى المخلوق باداء حقوقه اليه وقوله فاخبرني عن اماراتها لفتح الهمزة في اوله جمع امارة وهي العلامة وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علامتين اثنتين للساعة الاولى ان تلد الامة ربتها والامة هي الجارية المملوكة والربة مؤنث رب وهو في لسان العرب السيد والمالك والمصلح للشيء القائم عليه الثانية ان يتطاول الحفاة العراة العالة ذعاء الشاي في البنيان والحفاة هم الذين لا ينتعلون والعراة هم الذين لا يلبسون ما يستر عوراتهم والعالة هم الفقراء والرعاء هم الذين هم الذين يقومون على حفظ بهائم الانعام الابل والبقر والغنم وقوله فلبثت مليا اي زمنا طويلا وصح عند ابي داود وغيره انه لبث ثلاثا بعد وقوع القصة حتى اخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر السائل الذي سأل نعم احسن الله اليكم الحديث الثالث عن ابي عبد الرحمن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له اما لفظ البخاري فبتقديم الحج على صوم رمضان بلفظ الحج وصوم رمضان لم يذكر لفظة البيت الواردة عند مسلم وقوله بني الاسلام الاسلام في الشرع يراد به هنا معناه الخاص وهو الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وحقيقته استسلام الباطن والظاهر لله تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اركانه بهذا المعنى فمثل الاسلام بنيانا له خمس دعائم قد اقامه الله عليها وما عداها من شعائر الاسلام فهي تتمة البنيان فشرائع الاسلام باعتبار الركنية نوعان اثنان الاول شرائع الاسلام التي هي اركانه الوثيقة ومبانيه الجليلة وهي الخمس المذكورات في هذا الحديث والاخر شعائر الاسلام التي ليست باركان مما يكون واجبا او نفلا وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم اركان الاسلام واحدا واحدا في هذا الحديث فالركن الاول في قوله صلى الله عليه وسلم شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فالشهادة التي هي ركن من اركان الاسلام هي الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة والركن التاني اقام الصلاة والمراد منها صلاة اليوم والليلة خمس صلوات فهي الركن من الصلاة دون بقية انواعها سواء مما قيل بوجوبه عند جماعة من الفقهاء كالكسوف والعيد او ما قيل بانه نافلة كالسنن الرواتب والثالث ايتاء الزكاة والزكاة التي هي ركن من اركان الاسلام فهي الزكاة المفروضة المعينة في الاموال والرابع حج البيت والمراد به الكعبة لكنه لما كان معهودا ارادة هذا اللفظ به عند العرب لم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم الى الاضافة فيه فلم يقل في هذا الحديث وحج بيت الله وانما قال وحج البيت لان المتبادر في الوظع عند العرب بهذا اللفظ ارادة الكعبة المشرفة والحج الذي هو ركن من اركان الاسلام وهو حج بيت الله الحرام في العمر مرة واحدة فما زاد عنها فلا تعلقا له بالركن وانما يكون نفلا والخامس صوم رمضان نعم الحديث الرابع عن ابي عبد الرحمن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ان احدكم يجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطوفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضاتا مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر باربع كلمات بكتب رزقه واجله وعمله وشقي ام سعيد فوالذي لا اله غيره ان احدكم لا يعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان احدكم ليعمل فيعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث مخرج في الصحيحين كما ذكر المصنف الا انه ليس بهذا اللفظ عند احدهما بل السياقات الواردة فيهما تختلف عنه وقوله ان احدكم يجمع في بطن امه اربعين يوما نطفة المراد بالجمع الضم ومحله الرحم وحقيقته على ما ذكره اهل الطب ان الله يجمع خلقه فيها اي الاربعين جمعا خفيا وارتضاه ابن القيم في كتاب التبيان فتكون صورة الجنين حينئذ قد تميزت اجماليا لا تفصيليا فله صورة الا انها مجملة غير مفصلة والنطفة هي ماء الرجل والمرأة ومبتدى الخلق من اجتماعهما وقوله ثم يكون علقة العلاقة هي القطعة من الدم وجمعها علق وفيها يبدأ تفصيل اجمال خلق الجنين كما جاء مصرحا به في حديث حذيفة عند مسلم وفي هذا الطور يتبين الجنين اذكر هو ام انثى وقوله ثم يكون مضغة المضغة هي القطعة الصغيرة من اللحم على قدر ما يمضغه الاكل وهي نوعان احدهما مضغة مخلقة والاخر مضغة غير مخلقة كما قال تعالى ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ومعنى التخليق ها هنا التمام لا بد صورة الجنين فالمضغة تكون تارة تامة وتكون تارة معيبة ناقصة وقوله ثم يرسل اليه الملك ثم ينفخ فيه الروح ويؤمر باربع كلمات وقع في رواية البخاري التصريح بان النفخ متأخر عن كتابة الكلمات المذكورة فيقدم كتابة الكلمات ثم تنفخ الروح وهي رواية مفسرة للعطف المسوى هنا بالواو وكتابة المقادير تقع في الرحم مرتين الاولى بعد الاربعين الاولى في اول الثانية وقد جاء ذكرها في حديث حذيفة عند مسلم والثانية بعد الاربعين الثالثة اي بعد اربعة اشهر وقد جاء ذكرها في حديث ابن مسعود هذا وما ذكرناه من وقوع كتابة المقادير مرتين في الرحم هو الذي تأتلف به الادلة وتجتمع واختاره من المحققين ابن القيم رحمه الله تعالى في التبيان وشفاء العليل وتهذيب السنن ابي داود وكلامه في هذا الموضع من احسن من تكلم في التوفيق بين الاحاديث ودرء التعارض المتوهم بينها فمن المتكلمين في معناهما من قطع بغلق حديث حذيفة وقدم رواية ابن مسعود لاتفاق الشيخين عليها والمختار صحتهما معا والتوفيق بينهما معنى على ما ذكرنا وقوله ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع الى اخر الحديث انما هو باعتبار ما يبدو للناس ويظهر لهم كما جاء مصرحا به في حديث سهل ابن سعد رضي الله عنهما في الصحيحين فهو يعمل بعمل اهل الجنة فيما يبدو للناس وفي باطنه خصلة فاسدة توجد له سوء الخاتمة فيدخل النار والاخر يعمل بعمل اهل النار فيما يبدو للناس وفي باطنه خصلة خير توجب له الخاتمة الحسنة عند الموت فيدخل الجنة فلا يكون الظاهر المتبادر من الحديث مرادا دون تقييد بل لابد من تقييده بما جاء في حديث سهل ابن سعد في الصحيحين ان عمل هذا بعمل اهل الجنة هو فيما يبدو للناس اما في سره وخفائه فعلى خلاف ذلك وكذلك مقابله يعمل بعمل اهل النار فيما يظهر للناس لكنه في سره وخفائه له عمل صالح وخوف واعظام لربه سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم الحديث الخامس عن ام المؤمنين ام عبدالله عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وقد علقها البخاري هذا الحديث مخرج في الصحيحين ايضا الا ان اللفظ المذكور هو لمسلم لم تختلف نسخه فيه اما لفظ البخاري في اكثر النسخ فهو من احدث في امرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ووقع في بعضها ما يوافق رواية مسلم والرواية الاخرى لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد هي عند البخاري ايضا ولكنه علقها فلم يسق اسنادها وقد اشتمل هذا الحديث على مسألتين عظيمتين الاولى في قوله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه ففيه بيان حد المحدثة في الدين التي سمتها الشريعة بدعة كما في حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه الذي رواه الاربعة الا النسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اياكم محدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حد المحدثة في الدين وحقيقتها بامور اولها ان البدعة احداث وثانيها ان هذا الاحداث في الدين لا الدنيا وثالثها انه احداث في الدين بما ليس منه انه احداث في الدين بما ليس منه فلا يرجع الى اصول الدين ومقاصده ولا يمكن بناؤه على قواعده ورابعها ان هذا الاحداث في الدين بما ليس منه يقصد به التقرب لان فاعله انما يتدين بما يتقرب به الى الله تعالى وليس له قصد معتبر نقلا ولا عقلا الا محض التقرب وخامسها ان يقترن به الالتزام لان اشتراط الالتزام هو المتفق مع جعله دينا فان الدين لم يسمى دينا الا ان العبد يدين لربه به ولا يحصل دين بغير التزام فان لم يوجد الالتزام في المحدث في الدين بقصد التقرب فانه يسمى خلاف السنة ولا يطلق عليه اسم البدعة فالحد الصحيح للبدعة ان يقال هي ما احدث في الدين مما ليس منه بقصد التقرب على وجه الالتزام هي ما احدث في الدين مما ليس منه بقصد التقرب على وجه الالتزام وقد دخل في ذلك جميع الاعتقادات والاقوال والاعمال المحدثة اما المسألة الثانية فهي بيان حكم البدعة في قوله صلى الله عليه وسلم فهو رد اي مردود ورواية مسلم التي علقها البخاري من عمل عملا ليس عليه امرنا اعم من اللفظ الاول لانها تعم نوعين من العمل احدهما عمل ليس عليه امرنا جاء زيادة على حكم الشريعة والاخر عمل ليس عليه امرنا جاء مخالفا لحكم الشريعة فهذا الحديث على هذه الرواية العامة اصل جليل في ابطال البدع الحادثات وانكار المنكرات الواقعات فلا يختص بالاول كما اشتهر ذلك بل انه يسلط للرد على المبتدعة ويسلط ايضا للرد على العصاة المشيعين للمنكرات الداعين اليها لعموم الرواية الثانية وهذا الحديث ميزان للاعمال الظاهرة كما ان حديث عمر الاول ميزان للاعمال الباطنة كما اشار الى ذلك ابو العباس ابن تيمية وعبدالرحمن بن سعدي رحمهما الله فميزان الشريعة باعتبار الباطن مذكور في حديث عمر الاول وميزان الشريعة باعتبار الظاهر مذكور في حديث عائشة هذا نعم احسن الله اليكم الحديث السادس عن ابي عبدالله النعمان ابن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه. الاوان لكل ملك حمى على فان حمى الله محارمه الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد وكله الا وهي القلب رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم كما ذكر المصنف فهو من المتفق عليه الا ان لفظ مسلم في النسخ التي بايدينا ليس فيه كلمة فقط السابقة لكلمة استبرأ وفي هذا الحديث اخبار لان الاحكام الشرعية الطلبية من جهة ظهورها نوعان اثنان النوع الاول بين جلي فالحلال بين والحرام بين كحل بهيمة الانعام وحرمة الزنا والنوع الثاني مشتبه متشابه والمتشابه له اطلاقان الاول اطلاق عام يراد به ان الشريعة يشبه بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا ومنه قوله تعالى كتابا متشابها ان يشبه بعضه بعضا ويصدقه والثاني اطلاق خاص وهذا له معنيان احدهما ما استأثر الله بعلمه فخفي علينا ومحله خطاب الشريعة الخبري اذ لا يعلم حقائق الاخبار كصفات الله واهوال القيامة الا الله عز وجل والاخر ما لم يتضح معناه ولا تبينت دلالته ومحل هذا المعنى هو الخطاب الشرعي الطلبي والناس فيما يشتبه عليهم من الاحكام الشرعية الطلبية قسمان الاول من يكون متبينا لها تعالما بها واليه اشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لا يعلمهن كثير من الناس فان تخلف علم كثير من الناس بها دال على ان فيهم من يعلمها ولا تبقى مشتبهة عليه فلا حرج على من كان كذلك ان يقع في شيء منها وان ظنه الناس شبهة لانه عالم بحقيقة الحكم وان كان في حق غيره ليس كذلك الا انه ينبغي ان ان يتخذ الادب المرشد اليه ها هنا حصنا وهو ان يستتر بذلك فلا يظهره حفظا لدينه وعرضا حفظا لدينه وعرضه كما اتفق له صلى الله عليه وسلم لما مر به رجلان وكانت عنده امرأة فلما انصرفا ناداهما فقال انها صفية الحديث متفق عليه والثاني من اقسام الناس من لم يتبينها ولا علم حكم الله فيها من لم يتبينها ولا علم حكم الله فيها وهؤلاء قسمان ايضا احدهما المتقي للشبهات التارك لها والاخر الواقع فيها الراكع في جنباتها والواجب على من لم يتبين حكم مشتبه ان ان يتقيه استبراء لدينه وعرضه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ثم ان من وقع في الشبهات التي لا علم له بها ولا خبرة عنده باحكامها جره ذلك الى الحرام كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في المثل الذي ضربه بالراعي الذي يرعى بهائمه حول حمى الملوك وهو ما يحمونه من الارض لمصلحة خاصة او عامة وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم يرعى حول الحمى اي الارض التي يحميها ملك من ملوك الخلق لمصلحة تخصه او لعامة المسلمين فانه يوشك اي يقرب ان تدخل ان تدخل بهائمه من الابل وغيرها ذلك الحمى فيؤاخذ بذلك ويضمن فسادها وربما عوقب عليها وان لكل ملك حمى وكذلك فان لملك الملوك عز وجل حمى رحم الله محارمه فان الله حمى عباده الحرام ومنعهم منه فمن تجرأ على الشبهات وركع فيها يقرب ان يقع في الحمى الذي حماه الله من الحرام فالشبهة سبيل مفضي الى الحرام والتباعد عنها ملتجأ امن يتقي به العبد البلوغ فيما حرمه الله سبحانه وتعالى من المحرمات التي منعها وجعلها حدودا ونهانا عن قربانها كما قال وتلك حدود الله فلا تقربوها ومن مزلات القدم ومن مذلات القدم وزيغات القلم في هذه الاعصار المتأخرة تسارع الناس الى الشبهات وعدم اتقائها رامين ورائهم ظهريا بما امر به النبي صلى الله عليه وسلم وارشد اليه في هذا الحديث فلسان احدهم ان لم يكن هذا الامر حراما وانما شبهة فلما نمنع منه وانما نمنع من الحرام وهذا الاصل الذي ذكرته يتفوه به جماعة من المتشرعة المنسوبين الى العلم فضلا عن الدهماء والعوام وهم على الحقيقة جاهلون بالشريعة فان الشريعة ليست طريقتها النهي عن الحرام فقط بل الشريعة تنهى عن الحرام وعن كل طريق يوصل اليه فان الله عز وجل قال ولا تقربوا الزنا ولم يقل ولا تفعلوا الزنا لان النهي عن القربان يستكن فيه شيئان احدهما النهي عن مواقعة الفعل المحرم والثاني النهي عن مقاربة الوسائل المفضية اليه فهذه قاعدة الشريعة في المحرمات ومن الطرائق المفضية الى الحرام الوقوع في الشبهات وقد منعتها الشريعة في حق من لم يتبينها تتعاطي الشبهة ليس مأذونا به بل يحرم على من لم يتبين حكما ان يدخل فيه تحت ذريعة انه شبهة وليس حراما محضا فالشبهة يجب اجتنابها ويحرم تناولها وانما تكون الرخصة في حق من كان متبينا لها وهم قليل من الخلق وقد شرع الله سبحانه وتعالى من وجوه الحلال في العقود في البيع والانكحة والمعاملات ما يستغني الخلق به عن الشبهات والحرام لكن لغلبة اهل الكفر ورواج الباطل وبلغ الناس في الدنيا وتسارعهم اليها ضعف اعمال هذا الاصل فيهم فصاروا يتساهلون في الشبهة تحت ذريعة ان الممنوع هو المحرم وهذا جهل وافكار على الشريعة كما بيناه بدليله من خبره صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نعم فالحديث السابع عن ابي رقية تميم ابن اوس الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين نصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم قوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة اي ان الدين كله هو النصيحة وحقيقتها شرعا هي قيام الناصح بما للمنصوح من الحقوق هي قيام الناصح بما للمنصوح من الحقوق فالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم هي القيام بحقوقهم وهذا المعنى هو الحد الجامع لحقيقة النصيحة شرعا وما ذكر سواه فانه يرجع اليه وهذه الحقوق نوعان اثنان الاول حقوق واجبة والثاني حقوق نافذة والنصيحة باعتبار منفعتها نوعان اثنان الاول نصيحة منفعتها للناصح وهي النصيحة لله ولكتابه والثاني نصيحة منفعتها للناصح والمنصوح وهي النصيحة لائمة المسلمين وعامتهم ففي النوع الاول يكون المنتفع من بذل النصيحة هو الناصح اذا نصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم اما في النوع الثاني فان المنفعة مشتركة بين الناصح والمنصوح وقوله ولائمة المسلمين ائمة المسلمين هم ولاتهم من كل من ولي ولاية صغيرة او كبيرة كالامام الاعظم صاحب السلطان هو المفتي والقاضي والمعلم ومدير الادارة فان هؤلاء يجتمعون في كونهم يلون ولاية مخصوصة من ولايات المسلمين فهم من ائمتهم المندرجين في قوله صلى الله عليه وسلم ولائمة المسلمين وهذا بخلاف ما اذا اطلق لفظ امام المسلمين على ارادة عمومهم فان هذا لا يكون الا لصاحب السلطان لكن بذل النصيحة متعين لكل متول لولاية من الولايات في اهل الاسلام نعم احسن الله اليكم الحديث الثامن عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ايضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل حتى اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا من اني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى. رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري وليس عند مسلم قوله ذلك بعد قوله فعلوا وقال في روايته الا بحقها وليس فيما بايدينا من نسخ الكتابين الوثيقة لفظة تعالى في اخره ومثلها يجوز ذكره تأدبا لا بقصد الرواية كما هو مبين في محله في اداب كتابة الحديث وروايته وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ها هنا جملة من شرائع الاسلام تنقسم الى نوعين اثنين النوع الاول ما يثبت به الاسلام وهو الشهادتان فمن جاء بهما ثبت له عقد الاسلام وصى مسلما معصوم الدم والمال والنوع الثاني ما يبقى به الاسلام واعظمه اقامة الصلاة وايتاء الزكاة ولهذا ذكر في هذا الحديث وليس معنى الحديث ان الكافر يقاتل حتى يأتي بالشهادتين ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة فلا يكفوا عنه الا بعد اجتماعها بل دلائل الوحيين عن الاكتفاء بالشهادتين ليكف عن القتال لكن من حق الشهادتين ما ذكر بعدها فلا بد من الالتزام بها وقوله فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى اي صارت دماؤهم حراما غير حلال لما علم من ظواهرهم دون اعتبار بواطنهم وهذه العصمة نوعان الاول عصمة الحال ويكتفى فيها بالشهادتين فمن تفوه بهما عصم دمه وماله حالا وثبت اسلامه والثاني عصمة المآل ولا يكتفى فيها بالشهادتين بل لا بد من الاتيان بحقوقهما من اركان الاسلام وعندئذ يحكم ببقاء اسلامه وامتداد ما ثبت له من العصمة ابتداء فيكون يرحمك الله كما يكون الاتي بالشهادتين عند دخوله الاسلام قد جاء بما يعصم دمه وماله في الحال فيتوقف عن قتاله ونهب ماله فاذا التزم بعد بحقوق الاسلام واعظمها الصلاة والزكاة فقد ثبتت له عصمة المآل اما من يأتي من كلمة الطيبة المتضمنة للشهادتين دون التزام شرائع الاسلام فانه لا تبقى له عصمة المآل وهذا هو معنى الحديث المذكور وقوله الا بحق الاسلام اي لا تنتفي عنهم العصمة في دمائهم واموالهم الا بحق الاسلام وهو نوعان اثنان الاول ترك ما يبيح دم المسلم وماله من الواجبات ترك ما يبيح دم المسلم وماله من الواجبات والثاني انتهاك ما يبيح دم المسلم وما له من المحرمات انتهاك ما يبيح دم المسلم وماله من المحرمات فاذا وجد احدهما اخذ العبد به لانه حق الاسلام. نعم احسن الله اليكم الحديث التاسع عن ابي هريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم. رواه البخاري ومسلم هذا الحديث اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له لكنه قال فافعلوا منه وفي هذا الحديث بيان الواجب علينا في الامر والنهي فالواجب في النهي الاجتناب وهو الترك مع مباعدة السبب الموصل اليه وهو الترك مع مباعدة السبب الموصل اليه وهذه قاعدة الشريعة فيما ينهى عنه الامر بالمباعدة مع النهي عن المواقعة لا مجرد النهي عن المحرم ذاته فقط والواجب في الامر فعل ما استطيع منه ففي قوله وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم دليل على ان فعل المأمور متعلق بالاستطاعة فمن عجز عن فعله كله وقدر على بعضه اتى بما امكنه منه على تفصيل ليس هذا محله لكن المقصود ان المأمورات معلقة بالاستطاعة كما قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وقوله فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم وهم اليهود والنصارى فان الجاري في الخطاب النبوي عند ذكر من قبلنا ارادة اليهود والنصارى بخلاف ما في التصرف القرآني فان الوارد في التصرف القرآني في هذا الحرف وقوعه على من قبل العرب من اليهود والنصارى ومن سبقهم من امم الشرك كالمجوس والصابئة فاختصت السنة بارادة اطلاق هذا التركيب من كان قبلنا على اليهود والنصارى نعم احسن الله اليكم. الحديث العاشر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال يا يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقالوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ربوا مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام. فانى يستجاب له رواه هذا الحديث اخرجه مسلم في المسند الصحيح واوله عنده ايها الناس واخره فانى يستجاب لذلك وذكر اية المؤمنون الى قوله اني بما تعملون عليم وليس عنده في النسخ التي بايدينا تعالى بعد ذكر الله وتقدم القول في تسويغ زيادتها تأدبا وقوله ان الله طيب معناه انه قدوس منزه عن النقائص والعيوب وقوله طيبا اي الا فعلا طيبا والمراد بالفعل الايجاد فيندرج فيه الاعتقاد والقول والعمل والطيب منها ما اجتمع فيه امران الاول الاخلاص لله وحده لا شريك له والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي قوله فان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين تعظيم للمأمور به لانه كما امر به المؤمنون فقد امر به المرسلون الذين هم سادات المؤمنين وارفعهم مقاما ففي ذلك اغراء بلزومه وامتثاله والمأمور به في الايتين شيئان اثنان احدهما الاكل من الطيبات والاخر العمل الصالح وقوله ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبرا الى اخره اشتملت هذه الجملة على ذكر اربعة امور من مقتضيات الاجابة واربعة امور من موانعها وهذا من احسن البيان على وجه المقابلة مبنا ومعنى فانه ذكر اربعا مقابلة باربع اما المقتضيات فاطالة السفر والشعث والاغبرار ومد اليدين الى السماء والتوسل الى الله بسم الرب مع الالحاح عليه وانما ذكرت الاطالة مع كوني مجرد السفر كافيا تأكيدا لكمال حال الداعي في استحقاق الاجابة فانه على سفر عظيم وصف بالطول اما موانع الاجابة فالمطعم الحرام والمشرب الحرام والملبس الحرام والتغذية الحرام والغذاء اسم جامع لكل ما به قوام البدن ونماؤه مثل ايش الغذاء الحرام نعم ايش اكل الربا طيب ما يدخل في المطعم الحرام نريد معنى اخر لان النبي صلى الله عليه وسلم افرده امحمد مثل الدواء عند العلة اذا تداوى بماذا ليتداوى بحرام فهذا من التغذية الحرام ومثل النوم الحرام اليس النوم مما يتقوى به البدن فاذا كان حراما فان هذا من التغذية بالحرام مثل ايش النوم الحرام مثل النوم عن الواجب كصلاة ونحوها وقوله فانى يستجاب لذلك اي كيف يستجاب له وغاية المذكور هنا استبعاد حصول مقصوده فكأن من كانت حاله يبعد فكأن من كانت حاله على المذكور في الحديث يبعد اجابة دعائه لكن قد يعرض من حكمة الله في فعله ان يستجيب له ولذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فلا يستجاب لذلك وانما قال فانى يستجاب لذلك اي يبعد مع امكان وقوعه واذا كان الله يستجيب دعاء الكافل كما في قوله تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين الاية فان الله اجاب دعاءهم وانقذهم من الغرق وهم كفار فقد يستجاب لمسلم على هذه الحال فالمراد في الحديث التبعيد لا الجزم بعدم الوقوع نعم احسن الله اليكم الحديث الحادي عشر عن ابي محمد الحسن بن علي بن ابي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحان رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريب رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسنه صحيح هذا حديث صحيح اخرجه الترمذي والنسائي واللفظ المذكور هو لفظ الترمذي وزاد فيه فان الصدق طمأنينة وان الكذب ريبة وفي هذا الحديث تقسيم الواردات على القلب الى قسمين الاول الوارد الذي يريبك والمريب يجوز يريبك ويريبك بالظم والفتح والمريب هو ما ولد الريب في النفس والمريب هو ما ولد الريب في النفس ما هو الريب الشك بما انكم اجبتم جميعا فهو غلط جميعا الشك الريب ليس الشك الريب والريب هو قلق النفس واضطرابها كما اختاره جماعة من المحققين كابي العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابي الفرج ابن رجب رحمهم الله والشك قرد منتظم في هذه الحقيقة فمن اخبر عن الريب بانه الشك فقد اخبر عن بعض تلك الحقيقة والا فالخبر الجامع لها ان يقال الريب هو قلق النفس واضطرابها والثاني الوالد القلبي الذي لا يريب وهو ما لا يتولد من اتيانه قلق النفس واضطرابها فالاول هو الاثم الاول هو البذل الاول المريب ذكرنا عندكم؟ فالاول هو الاثم والثاني هو البر كما في حديث وابسة ابن معبد ابن معبد رضي الله عنه الذي سيذكره المصنف فيما يستقبل وورود الريب انما يكون في الامور المشتبهة المتقدم بيان حدها في حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنهما اما الامور البينة من حلال وحرام فلا يرد فيها الريب عند من صح دينه من المسلمين والمأمور به شرعا في القسم الاول ان تدعه وفي القسم الثاني ان تأتيه فما كان مريبا فيجب على العبد ان يتركه وما لم يكن كذلك جاز للعبد ان يأتيه والحاكم فيما يرتاب فيه وما لا يرتاب فيه هو ما يقع في القلب وهذا الحديث اصل بالرجوع الى ما تحوزه القلوب وعلى ذلك فتوى الصحابة رضي الله عنهم لكن الرجوع الى ما تحوزه القلوب انما يكون في حق من صحت ديانته ورسخ يقينه وكمل علمه كما سيأتي بخلاف غيرهم ممن يكون عرضة للاهواء والاراء وسيبسط هذا المعنى في محله اللائق به من احاديث الاربعين فيما سيأتي باذن الله وهذا اخر شرح هذه الجملة من كتاب الاربعين على نحو مختصر يبين اصوله الكلية ويكشف معانيه الاجمالية انا نسألك علما في المهمات ومهما في المعلومات وبالله التوفيق