السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي جعل الحج مقاما للتعليم وهدى فيه من شاء من عباده الى الدين القويم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما علم الحجاج وعلى اله وصحبه خيرة وفد الحاج اما بعد فهذا المجلس الثاني بشرح الكتاب الثالث عشر من برنامج تعليم الحجاج في سنته الخامسة سبع وثلاثين واربعمائة والف وثمان وثلاثين واربعمائة والف وهو كتاب التحقيق والايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة. لعلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله المتوفى سنة عشرين واربعمئة والف وقد انتهى بنا البيان الى قوله فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة. نعم بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر ولشيخنا وللحاضرين قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة وبيان ما يفعل بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته فاذا وصل المحرم الى مكة استحب له ان يغتسل قبل دخولها لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فاذا وصل الى المسجد الحرام السنة له تقديم رجله اليمنى ويقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الرجيم اللهم افتح لي ابواب رحمتك. فيقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول المسجد الحرام ذكر يخصه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما اعلم فاذا وصل الى الكعبة قطعت تلبية قبل ان يشرع في الطواف ان كان ان كان متمتعا او معتمرا ثم قصد الحجر الاسود واستقبله ثم ثم يستلمه بيمينه ويقبله ان تيسر ذلك ولا يؤذي الناس بالمزاحمة. ويقول عند استلامه بسم الله والله اكبر ويقول الله اكبر فاذا شق التقبيل استلمه بيده او باعصاه او او نحوهما وقبل ما استلمه به فانشق استلامه واشار اليه وقال الله اكبر. ولا يقبل ما يشير به وتشترط لصحة الطواف ان يكون على طهارة من الحدث الاصغر والاكبر. لان الطواف مثل الصلاة غير انه رخص فيه في الكلام. ويجعل البيت عن يساره حال الطواف وان قال في ابتداء طوافه اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهو حسن لان ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويطوف سبعة اشواط ويرمل في جميع ثلاثة دول من من الطواف او من الطواف الاول وهو الطواف الذي يأتي به اول ما يقدم مكة اي طواف القدوم سواء كان معتمرا او متمتعا او محرما بالحج وحده او قارنا بينه وبين العمرة ويمشي في الاربعة الباقية يبتدأ يبتدأ كل شوط بالحجر الاسود ويختم به. والرمل هو الاسراع في المشي مع احسن الله اليك والرمل هو الاسراع في المشي مع مقاربة الخطام. ويستحب له ان يتطبع في جميع هذا الطواف دون غيره الطباع ان يجعل وسط ردائه تحت منكبه الايمن وطرفيه على عاتقه الايسر وان شك في عدد الاشواط بنى على اليقين وهو الاقل فاذا شك هل طاف ثلاثة اشواط او اربعة واذا شك هل طاف ثلاثة اشواط او اربعة جعلها ثلاثا وهكذا يفعل في السعي بعد فراغه من هذا الطواف يرتدي يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه وطرفيه على صدره قبل ان يصلي ركعتي الطواف ومما ينبغي انكاره على ان يجعل النساء تحذيرهن من طوافهن بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر وهن عورة. فيجب عليهن وترك الزينة حال الطواف وغيرها من الحالات التي يختلط فيها النساء مع الرجال لانهن عورة وفتنة ووجه المرأة هو اظهر فلا يجوز لها ابداؤها الا لمحارمها لقوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن الاية فلا لهن كشف الوجه عند تقبيل الحجر الاسود. اذا كان يراهن احد من الرجال. واذا لم يتيسر لهن فسحة حجر وتقبيله فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال بل يطوفن من ورائه وذلك خير لهن واعظم اجرا من الطواف قرب الكعبة حال الرجال ولا يشرع الرمل والطباع في غير هذا الطواف ولا في السعي ولا للنساء لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل والاضطباع الا في طوافه الاول. الذي اتى به حين قدم مكة. ويكون حال الطواف متطهرا من الاحداث والاخباث خاضعا لربهم متواضعا له ويستحب له ان يكثر من طوافه ويستحب له ان يكثر في طوافه من ذكر الله. والدعاء وان قرأ فيه شيئا من القرآن فحسن ولا يجب في هذا الطواف ولا غيره من الاطوفة ولا في السعي ذكر مخصوص ولا دعاء مخصوص. اما ما احدثه بعض الناس من من تخصيص كل لشوط من الطواف او السعي باذكار مخصوصة او ادعية مخصوصة فلا اصل له بل مهما تيسر من الذكر والدعاء كفى. فاذا احد الركن اليماني استلمه بيمينه وقال بسم الله والله اكبر ولا يقبله. فان شق عليه استلامه تركه ومضى ومضى في طوافه. ولا تيروا اليه ولا يكبر عند محاذاته لان ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم. ويستحب له ان يقول بين الركن اليماني والحجر الاسود ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وكلما حاذ الحجر الاسود استلمه وقبله وقال الله اكبر فان لم يتيسر استلامه وتقبيل اشار اليه كما حاذ هو وكبر. ولا بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام ولا سيما عند الزحام. والمسجد كله محل للطواف ولو طاف في اروقة المسجد اجزاءه ذلك. ولكن طواف قرب الكعبة افضل تيسر ذلك. فاذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف المقام ان تيسر فاذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف المقامين تيسر ذلك. وان لم يتيسر ذلك لزحام ونحوه صلاهما في اي موضع من المسجد سن ان يقرأ فيهما بعد الفاتحة قل يا ايها الكافرون في الركعة الاولى وقل هو الله احد في الركعة الثانية هذا هو الافظل وان قرأ فلا بأس ثم يقصد الحجر الاسود فيستلمه بيمينه تيسر ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثم يخرج الى الصف فمن بابه فيلقاه او يقف عنده والرقي على الصفا افضل ان تيسر. ويقرأ عند عند بدء الشوط الاول قوله تعالى ان الصفا والمروة فمن شعائر الله ويستحب ان يستقبل القبلة على الصفا ويحمد الله ويكبره ويقول لا اله الا الله والله اكبر لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. لا اله الا الله وحده انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده. ثم يدعو بما تيسر يديه ويكرر هذا الدعاء ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات. ثم ينزل فيمشي الى المروة حتى يصل الى العلم الاول. فيسرع الرجل في بالمشي الى ان يصل الى العلم الثاني. واما المرأة فلا يشرع لها الاسراع بين العلمين لانها عورته وانما المشروع لا المشي في السعي كله ثم يمشي فيلقاه فيرقى المروة ويقف عنده الرقي عليها افضل وافضل افضل ان تيسر. ان تيسر ذلك ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل اعلى الصفا ما عدا قراءة الاية وهي قوله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله فهذا انما يشرع عند صعودي الى الصفا في الشوط الاول فقط. بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ويسرع في موضع الاسراء حتى يصل الى الصفا يفعل ذلك سبع مرات. ذهابه شوط ورجوعه شوط لان النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما ذكر قال خذوا عني مناسككم ويستحب ان يكثر في سعي من الذكر والدعاء بما تيسر وان يكون متطهرا من الحدث الاكبر والاصغر. والاوسع على غير طهارة اجزاءه ذلك وهكذا لو فلو حاضت المرأة او نفست بعد الطواف بعد الطواف ساعة اجزاءها ذلك لان الطهارة ليست شرط في السعي انما هي مستحبة كما تقدم. فاذا كمل السعي حلق رأسه وقصره والحلق للرجال افضل وان قصر وترك الحلق للحج فاحسن حسن واذا كان قدومه مكة قريبا من وقت الحج فالتقصير في حقه افضل ليحلق بقية رأسه في الحج لان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم هو واصحاب مكة في رابع ذي الحجة امر من لم يسق الهدي ان يحل ويقصر ولم يأمر بالحق. ولابد من التقصير ولابد في التقصير من من تعميم الرأس ولا يكفي ولا يكفي تقصير بعضه كما ان حلق بعضه لا يكفي والمرأة لا يشرع لها الا التقصير والمشروع لها ان تأخذ من كل ظفيرة قدر فاقل والانملة هي رأس الاصبع ولا تأخذ المرأة زيادة على ذلك. فاذا فعل المحرم ما ذكر فقد تمت عمرته والحمد لله وحل له كل شيء ان حرم عليه بالاحرام الا ان يكون غساق الهدي من الحل فانه يبقى على احرامه حتى يحل من الحج والعمرة جميعا. واما من احرم بالحج بالحج مفردا او بالحج والعمرة جميعا. مفردا. احسن الله اليك. واما من احرم بالحج والعمرة مفردا او بالحج والعمرة واما من احرم احسن الله اليك. واما من احرم بالحج مفردا او بالحج والعمرة جميعا فيسن له ان يفسخ احرامه الى العمرة ويفعل ما يفعله المتمتع الا ان يكون قد ساق الهدي. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه بذلك وقال لولا اني لولا اني سقت الهدي لاحللت معكم. وان حاضت المرأة او نفيست بعد احرامها بالعمرة لم رب البيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهر. فاذا طهرت طافت وسعت وقصرت من رأسها وتمت عمرتها بذلك. فان لم تطهر قبل يوم التروية التي احرمت بالحج من مكانها الذي هي مقيمة فيه وخرجت مع الناس الى منى وتصير بذلك قانونة بين الحج والعمرة وتفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة وعند المشعر ورمي الجمار والمبيت في مزدلفة ومنى ونحر الهدي والتقصير فاذا طهرت طافت وسعد بين الصفا والمروة طوافا واحدا وسعيا واحدا. واجزأها ذلك عن حجها وعمرتها جميعا لحديث عائشة انها حاضت بعد احرام ابي فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم افعلي ما يفعله الحاج غير الا تطوفي بالبيت حتى تطهري. متفق عليه. واذا رمت الحائض او او النفساء والجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها حللها كل شيء حرم عليها بالاحرام كالطيب ونحوه الا الزوج حتى حتى تكمل كغيرها من النساء الطاهرات. فاذا طافت وسعت بعد الطهر حللها زوجها ذكر المصنف رحمه الله فصلا اخر من فصول كتابه ترجم له بقوله فصل فيما يفعله الحاج عند دخول مكة وبيان ما يفعله بعد دخول المسجد الحرام من الطواف وصفته فقال فاذا وصل المحرم الى مكة استحب له ان يغتسل قبل دخولها. ومراده قوله قبل اي عند دخولها. فان النبي صلى الله عليه وسلم بات بذي طوى وهي المحل المعروف اليوم بالزاهر ولما بات اغتسل صلى الله عليه وسلم قبل ذهابه الى المسجد الحرام قال فاذا وصل الى المسجد الحرام سن له اهوجى قديم رجله اليمنى لانه يدخل مسجدا والعبد اذا دخل مسجدا قدم يمناه ويقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله الى اخر ما ذكر. اي يأتي بالذكر المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد والذكر المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد نوعان احدهما اللهم افتح لي ابواب رحمتك اللهم افتح لي ابواب رحمتك رواه مسلم والاخر اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم رواه ابو داوود واسناده حسن. فهذان الذكران يقولهما العبد اذا دخل اي مسجد فيقالان عند المساجد كلها ولا يختص قولها بدخول المسجد الحرام. قال فاذا وصل الى الكعبة قطعت تلبية قبل ان يشرب وفي الطواف ان كان متمتعا او معتمرا. صح هذا عن ابن عباس رضي الله عنه وهو قول الجمهور ان العبد لا يزال البي حتى يرى الكعبة مريدا الشروع في الطواف فيمسك حينئذ عن التلبية ويشرع في الطواف وذكر صفة الشروع في الطواف فقال ثم قصد الحجر الاسود واستقبله اي اقبل عليه بجسده كله وصار مقابلا له ثم يستلمه بيده. يعني يجعل يده عليه فان هذا يسمى استلاما. ويقبله ان تيسر ذلك. فالمشروع للعبد عند الحجر الاسود ثلاثة انواع من العبادة احدها الاستلام وذلك بان يجعل يده عليه كالمصافح غيره وثانيها التقبيل ويكون لطيفا بصوت منخفض فانه تقبيل تعظيم وتقبيل التعظيم يكون مع خفض الصوت ورفع الصوت فيه قلة ادب في جناب هذا المكان المعظم وثالثها السجود عليه. وروي في هذا احاديث لا تصح لكن ثبت هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما. واما الاولان فهما ثابتان عن النبي صلى الله عليه وسلم والمراد بالسجود عليه ان يضع عليه وجهه ويداه وكان هذا ممكنا فيما مضى لما كان الحجر الاسود اكبر مما هو موجود اليوم. اما اليوم فصار عسيرا لا يكاد يدخل عليه المرء بوجهه الا لا بعسر ثم ذكر انه يفعل ذلك من دون اذية الناس بالمزاحمة. لانه كما تقدم ان حج المبرور هو الجامع بر العبد مع ربه بحسن الديانة وبره مع خلقه بحسن المعاملة والمزاحمة تؤدي الى الشراسة في الاخلاق والتدافع ووقوع الشر بين المسلمين. ينتهي العبد عنها ولا يدخل فيها. ثم ذكر انه يقول عند استلامه بسم الله والله اكبر او يقول الله واكبر تخييرا بينهما لان الثابت في السنة هو التكبير. واما التسمية فثبتت عن ابن عباس رضي الله عنهما عند ابن ابي شيبة وغيره وكان يسمي في اول طوافه لا في كل شوط فيقول العبد عند الشروع في الطواف بسم الله والله اكبر ثم ثم يقول في سائله الله اكبر ولو اقتصر على التكبير فهو السنة. ثم ذكر انه انشق التقبيل اي صار صعبا عليه استلمه بيده او بعصاه او نحوهما وقبل ما استلمه به. اي انه يدخل تهو او عصاه او نحو ذلك فيضعها على الحجر الاسود ثم يقبل ما استلم به انشق تقبيله. قال فانشق استلامه اشار اليه وقال الله اكبر ويشير اليه بيد واحدة وهي اليد اليمنى لانها للتكريمات ولو كان ترى فالمشروع للعبد اذا لم يتمكن من تقبيل الحجر او استلامه بشيء يقبله يقبله فانه يشير اليه بيده اليمنى كالمحيي فلا يشير اليه بيديه ولا يجعلها كهيئة التكبير في الصلاة فالذي يفعل هكذا مكبرا ليس فعله مشروعا فالمشروع ان تشير بيدك كالمحيي للحجر الاسود وتقول الله اكبر قال ولا يقبل ما يشير به كيده او عصاه فاذا لم يتمكن من الاستلام بعصا او يد ويقبلها فانه يشير بلا تقبيل ما اشار به ثم ذكر انه تشترط لصحة الطواف ان يكون الطائف على طهارة من الحدث الاصغر والاكبر. لان الطواف مثل الصلاة غير انه رخص فيه في في الكلام وروي هذا مرفوعا من حديث ابن عباس عند الترمذي وغيره وفي اسناده ضعف والمحفوظ انه موقوف من كلام ابن عباس والطواف والصلاة يشتركان في اشياء ويفترقان في اشياء الا ان اجاب الطهارة للطائف هو القول المشهور عن سلفي الامة وانما يعرف خلافه عن جماعة من التابعين كالحكم ابن عتيبة سليمان ابن مهران الاعمش المشروع للعبد اذا طاف ان يطوف على طهارة فان البيت لا يؤتى الا بطهارة لمن اراد عبادة فيه كصلاة او طواف فان كان غير مريد عبادة جاز دخوله بلا طهارة لكن مريد العبادة فيه مما خص به كالطواف او اه الصلاة فانه يأتيه وهو على طهارة. وهذا هو قول جمهور العلماء ومنهم الائمة الاربعة. قال تجعل البيت عن يساره حال الطواف اي اذا شرع في طوافه جعل البيت عن يساره فهذا هو المأمور به عند ومن الغلط ان بعض الناس يتساهل في ان يطوف وهو مقابل البيت بجسده فلا يجعله على يساره فكما ان العبد يؤمر باستقبال البيت عند الصلاة فانه يؤمر بان يجعله عند الطواف. فان الجأه زحام ونحوه الى ان استدار بدنه فاستقبله بجسده من غير تعمد او كان على يمينه بلا قصد فان ذاك مما يعفى عنه لاجل المشقة لكن في حال الاختيار يجعل البيت عن يساره. قال وان قال في ابتداء طوافه اللهم ايمانا بك الى اخره فهو حسن لان ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الا انه لا يصح عنه. وعده عطاء ابن ابي رباح امام التابعين في المناسك انه من محدثات اهل العراق رواه الفاكهي اي انه لا يعرف مأثورا عن اهل الحجاز ممن تلقوا المناسك عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. والذي ثبت في هذا المقام ان العبد اذا رأى الكعبة رفع يديه ثبت هذا عن ابن عباس بسند لا بأس به عند ابن ابي شيبة. ثم يقول اللهم انت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام هذا عن عمر رضي الله عنه عند الشافعي في الام واحمد في المسند باسناد صحيح. فالمشروع للعبد اذا دخل المسجد مريدا الطواف ان يقطع التلبية. ثم يرفع يديه كهيئة الداعي عند رؤيته الكعبة. ثم يقول اللهم انت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام ثم يرسل يديه ثم يشرع في طوافه. قال ويطوف سبعة اشواط في جميع الثلاثة الاول من الطواف الاول. وهو طواف القدوم فطواف القدوم يختص عن غيره من الاطوفة انه يرمل فيه ويكون الرمل في الاشواط الثلاثة الاولى. والمراد بالرمل مقاربة الخطى المراد بالرمل مقاربة الخطى بان يسرع في مشيه بلا هرولة. فليس المراد الاشتداد في السعي حتى يهرول. وان فالمقصود ان يسعى في مشيه سعيا شديدا يكون مقاربا فيه الخطى. واذا تعذر هذا مع القرب من البيت ابعد عنه واتى به ولو بعد عن البيت. فان الفضيلة التي تختص بذات العبادة مقدمة على الفضيلة التي تختص بمكانها فمن قرب من البيت ثم لم يمكنه الرمل ثم لم يمكنه الرمل فالاولى له ان يبعد عن البيت ويرمل في الاشواط الثلاثة واما في الاشواط الاربعة الباقية فانه يمشي فيها. وهذا الرمل مختص بالرجال اجماعا فلا رمل على النساء. نقله ابن المنذر. ومن كانت رفقته نساء او فيها نساء. وخشي عليهن الضيعة فانه تمسك عن ذلك حفظا لهن. ثم ذكر انه يبتدأ كل شوط بالحجر الاسود ويختم به. فمبتدأ الشوط هو الحجر الاسود ومنتهاه الحجر الاسود ثم ذكر رحمه الله انه يستحب له ان يضطبع في جميع هذا الطواف والاطباع ان يجعل وسط الرداء تحت من كبر به الايمن وطرفيه على عاتقه الايسر اي بان يبدي ضبعه اي اعلى كتفه الايمن فيكون مكشوفا ويلقي طرفي ردائه على عاتقه الايسر فهذا فيسمى اضطباعا وهو سنة. والاطباع سنة عند ارادة الشروع في الطواف. فاذا جاء الناسك الى البيت الحرام ورأى الكعبة ثم رفع يديه وقال الذكر المتقدم رجع الى ردائه ثم حوله على المذكورة بان يبدي كتفه اليمنى والايمن ويجعل الايسر مغطى. ثم يشرع في طوافه. واما ما قبل ذلك فانه يكون واضعا الرداء على عاتقيه وان احتاج لنزعه عنه لاجل حر فلا بأس لكن الافضل ان يكون على الصورة التامة الكاملة من جعل الرداء على عاتقيه. فالاطباع سنة مقيدة بالطواف فقط. وليست سنة مطلقة للناسك ثم ذكر ان من شك في عدد الاشواط بنى على اليقين وهو الاقل فاذا شك هل طاف اربعة ام ثلاثة جعلها ثلاثة وهذا في اصح قولي اهل العلم لمن لم يمكنه الترجيح. فان شك وامكنه الترجيح فانه يبني على ما ترجح عنه ياهو كأن يشك هل طاف ثلاثة ام اربعة ثم يرجح انه طاف اربعة فحينئذ تحسب اربعة واما ان تعذر الترجيح فحين اذ يبني على الاقل فيقع في قلبه انه طاف ثلاثة فقط ثم ذكر انه اذا فرغ من طوافه يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه وطرفيه على صدره قبل ان يصلي ركعتي الطواف. فالاضطباع او سنة خاصة بالطواف فقط. ومن قواعد احكام الحج ان منها احكام عامة ومنها احكام خاصة وهذا باب من العلم لا اعرف احدا صنف فيه بخصوصه بتمييز ما يشرع في الحج مع التفريق بين انواع وان منها ما يكون سنة في الحج كله ومنها ما يكون سنة في مقام دون مقام. ثم ذكر ان مما ينبغي انكاره على النساء وتحذيرهن منه طوافهن بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر فهذا حرام عليهن سواء كان في الحرام او في غيره وهو في المسجد الحرام اعظم حرمة. قال تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم. اي ان يرد الظلم ومنه المعاصي في البلد الحرام فله عذاب اليم. هذا اذا ارادها في قلبه فكيف اذا فعلها؟ فالخوف من الوقوف في المعاصي عظيم وتساهل النساء في ذلك باب شر عظيم عليهن وعلى المسلمين. وقد كن النساء يطوفن حجرة من الرجال اي محتجرات ممتنعات الليس لسن مع الرجال ثبت هذا عن عائشة رضي الله عنها عند البخاري وفي صحيح البخاري ان عطاء رضي الله عنه سئل عن طواف النساء فقال كن يطوفن من وراء الرجال يعني لا كنا مخالطات للرجال وانما يأخذن في اطراف المسجد هذا هو المشروع لهن ولمن كان معه رفقة من النساء ان ينأى بهن عن مخالطة الرجال فان هذا محرم. قال واذا لم تتيسر يتيسر لهن فسحة لاستلام الحجر وتقبيله فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال اي ان المزاحمة التي تقدم النهي عنها بحق الرجل اذا شق بنفسه وبغيره فان التحذير منها في حق النساء اولى فخير لهن ترك مزاحمة الرجال ثم ذكر انه لا يشرع الرمل والاطباع في غير هذا الطواف ولا في السعي ولا للنساء. فالرمل والطباع مختصان بطواف القدوم سواء ان كان سنة القارن والمفرد او كان واجبا من العمرة للمتمتع كما سيأتي. قال ويكون حال الطواف متطهرا من الاحداث خاضعا لربه متواضعا له. ويستحب له ان يكثر في طوافه من ذكر الله والدعاء. وان قرأ فيه شيئا من القرآن اي لا بأس ان يقرأ شيئا من القرآن وكان السلف رحمهم الله يتحرون ان يكون لاحدهم ختمة في البلد الحرام اذا ورد عليه فاذا دخل احدنا المسجد الحرام لاجل نسك ولا سيما في ايام الحج لطول ايامه يتحرى ان يرجع ختمة في البلد الحرام فان اطاق اكثر منها فهو الافضل. ثم ذكر انه لا يجب في هذا الطواف ولا غيره من الاطوبة ولا السعي ذكر مخصوص فليس في الطواف شيء من الذكر يخص به. وكذا ليس في السعي شيء من الذكر يخص به. وانما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره المصنف في موضع المستقبل انه يقول بين الحجر الاسود والركن اليماني ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ثبت هذا عند ابي داوود باسناد الحسن من حديث عبدالله ابن رضي الله عنه وما عدا هذا هذا فانت تدعو بما تشاء وافضله الدعاء الوارد في القرآن والسنة فتتحرى ذلك. قال فاذا حاذ الركن اليماني استلمه بيمينه يعني جعل يده وعليه وقال بسم الله والله اكبر الحاقا له بما يقال عند الحجر الاسود وان كان لم يرد فيه شيء قال ولا يقبله فان شق عليه استلامه تركه ومضى في طوافه ولا يشير اليه ولا يكبر عند محاذاته لان ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما فيما نعلم. الركن اليماني يختص بشيء واحد وهو الاستلام ان يجعل يده عليه ثم يرسلها فان حقيقة الاستلام ليس مجرد الوضع بان يضع يده هكذا ثم يرفعها وانما بان يضع يده عليه ثم يرسلها كانه مسلم نزع يده ممن سلم عليه. ثم ذكر ما تقدم من استحباب قولي ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار بين الركن اليماني والحجر الاسود ثم قال وكلما حاد الحجر الاسود استلمه وقبل وقال الله اكبر فان لم يتيسر استلامه وتقبيله اشار اليه كلما حاذاه وكبر ثم قال ولا بأس من وراء زمزم والمقام ولا سيما عند الزحام اي باعتبار ما كان قبل من كون هناك بناء لزمزم وقد ازيل فلو طاف فكذلك وراء جدران واروقة واعمدة المسجد الحرام صح منه طوافه ذلك. قال والمسجد كله محل للطواف ولو طاف في اروقة المسجد اجزأه ذلك. ولكن طوافه قرب الكعبة افضل. ان تيسر ذلك ثم ذكر انه اذا فرغ من الطواف صلى ركعتين خلف المقام ان تيسر ذلك. اي وراء المقام. وكان المقام قديما لا بالكعبة ثم اخر عنها. فاذا كان في ناحية المقام وراء الكعبة فهذا يكون وراء مقام ولو كان قدام الموجود الان فان الموجود الان مؤخر كثيرا. واذا لم يمكنه ذلك صلى في اي موضع من المسجد الحرام يقرأ فيه ما بعد الفاتحة سورة الكافرون في الركعة الاولى وسورة الاخلاص في الركعة الثانية وروي في ذلك حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الفقهاء من كل مذهب مطبقون على ان محل ما يقرأ في هاتين ركعتين هو سورة الكافرون وسورة الاخلاص. فيستحب قراءتهما فيهما. قال هذا هو الافضل. وان بغيرهما فلا بأس. ثم يقصد الحجر الاسود فيستلمه بيمينه ان تيسر ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بذلك. اي اذا فرغ بعد اداء الركعتين يرجع مرة ثانية الى الحجر الاسود ان امكنه لاجل عبادة واحدة وهي الاستلام فان لم يمكنه الرجوع لاستلامه فانه لا يشير اليه وان امكنه الرجوع لاستلامه فاستلمه فهل يقبله قولان لاهل العلم فمنهم من يقول له ان يقبله له ان يقبله ومنهم من يقول لا يقبله لان الوارد في السنة هو الاستلام الاظهر انه ان استلمه وقبله جاز. اما ان اقتصر على التقبيل فقط فالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام انه استلم الحجر ولم يقبله. قال ثم يخرج الى الصفا من بابه اين باب الصفاء وين باب الصفا وباب الصفا كان فمضى وزاد. كان هناك باب اسمه باب الصفا بين المسجد الحرام وبين المسعى. ثم ازيل هذا وصار ما بين الحرام وما بين المسعى مفتوحا وكثير من الذي يذكره الفقهاء الى وقت قريب في احكام المناسك تغير وتحول عما كان عليه. كالوارد انه يستحب له ان يدخل من باب بني شيبة الذي يسمى باب السلام. اين هذا الباب كان فزال وكان قريبا من الكعبة في مقابل الميزاب الى اليمين قليلا. ثم زال هذا الباب. وما يوجد في ابواب المسجد الحرام من باب اسمه اليوم باب بني شيبة وباب اخر اسمه باب السلام هذان سميا باسم ذاك الباب وليس هما الباب ثم ذكر انه يرقى الصفا يعني يصعد عليه او يقف عنده يعني يقف عند مجتمع الاحجار الباقية من حجر الصفا فحجر فجبل الصفا وجبل المروة كان كانا جبلين مرتفعين ثم بقي منهما بقية فان قدر الرقي فيما بقي فحسن والا وقف عنده. ومما يدخل في جملة الوقوف عنده انه لا يشرع للعبد في الادوار العليا ان يطوف حول الفتحة الموجودة للدلالة على الصفا بل يكفيه ان يقف عند ادناها ولا يلزمه الطواف من ورائها ان هذا ليس داخلا في جملة الوقوف عند الصفا. قال والرقي على الصفا افضل ان تيسر ويقرأ عند بدء الشوط الاول قوله تعالى ان الصفا مروة من شعائر من شعائر الله. واهل العلم متفقون على ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذا. لكنهم مختلفون هل قرأها الارشاد والتعليم ام قرأها لارادة الشعيرة والاصح ان السور والاية التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المواضع في مناسكه فهي لارادة التعليم فانه لما فرغ من الطواف قرأ قوله تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ثم صلى الركعتين ثم لما جاء الى الصفا قال ان الصفا والمروة من شعائر الله ثم طاف وسعى. فهذا وقع منه صلى الله عليه وسلم تعليما وارشادا وبينه وبفعله فلا يشرع في اصح القولين قراءة هاتين الايتين. قال ويستحب ان يستقبل القبلة على الصفا اي يجعل وجهوا الى القبلة ويحمدوا الله ويكبره وفسر التحميد والتكبير بقوله ويقول لا اله الا الله والله اكبر لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا اله الا الله وحده انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده. ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم الا قوله يحيي ويميت. فهي ليست عند مسلم وهي زيادة ضعيفة في هذا الذكر. قال ثم يدعو بما يتيسر رافعا يديه ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات ان يكون حال دعائه وذكره رافعا يديه فان النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة في حديث ابي هريرة عند مسلم لما جاء الى فصعد عليه رفع يديه في رفع يديه كهيئة الداعي ثم يقول الذكر المتقدم لا اله الا الله والله اكبر الى تمامه ثم ثم يدعو ثم يقوله مرة ثانية ثم يدعو ثم يقوله مرة ثالثة ثم يدعو وتكون يداه على هيئة الداعي وبعض الناس تراه على الصفا والمروة اذا وصل اليهما رفع يديه هكذا. كهيئة المكبر فيقول الله اكبر الله اكبر الله اكبر وهذا غير مشروع. فالمشروع ان فان امكنك ثم ترفع يديك كهيئة الداعي والاظهر ان الداعي يجمع يديه احداهما الى الاخرى محاذاة فلا يفرقهما ولا يبطنهما. لا يدعو على هذه الصفة من المباعدة ولا يدعو على هذه الصفة ايضا من جعل احداهما في اخرى ولكن يجعل يديه على هذه الصفة احداهما حذاء الاخرى ثم يدعو سواء كان هذا في هذا الموضع او في غيره من المواضع التي يدعو فيها ثم ذكر انه ينزل فيمشي الى المروة اي الى الجبل الاخر حتى يصل الى العلم الاول والعلم الاول هو شاخص كان ثم ازيل وجعل وجعل عوضه هذا الميل الاخظر فهو نائب عن الشاخص الذي كان قديما وكان يسمى الما فالعلم هو الدلالة التي توضع الارشاد من شاخص او غيره ثم جعلت هذه العلامات الخظرا للدلالة على ذلك ويكون العبد شارعا في ذلك اي في السعي بين السعي الشديد بين العلمين قبل وصوله اليهما بنحو ستة اذرع فالعلم الموجود اليوم هو تقريبي لا تحديدي فان محل الاشتداد في السعي قبل وصوله بستة اذرع فقبل ان يصل اليه بنحو ستة اذرع فانه يسرع اسراعا شديدا بين العلمين والاسراع هنا يكون مع الاشتداد في الهرولة. فهو فوق ما يفعل من الرمل عند البيت الحرام. الى ان يصل الى العلم الثاني ويجوزه بنحو ستة اذرع. ثم بعد ذلك يمشي والمرأة لا يشرع لها الاسراع بين العلمين نقل الاجماع على ذلك ابن المنذر فهي تمشي في سعيها كله. قال ثم يمشي فيرقى المروة او يقف عندها والرقي عليها افضل ويقول ويفعل على المروة كما قال وفعل على الصفا ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ويسرع في موضع الاسراء حتى يصل الى الصفا. يفعل ذلك سبع مرات. ذهابه شوط رجوعه شوط فهو اذا ذهب من الصفا الى المروة هذا شوط ومن المروة الى الصفا هذا شوط ومن الناس من يظن ان ذهابه من الصفا الى المروة نصف شوط. ورجوعه من المروة الى الصفا نصف شوط وانه يكمل الشوط بهاتين المرتين وهذا خطأ فكل ما بينهما يعد شوطا. قال يفعل ذلك سبع مرات ذهابه شوط ورجوعه شوط. لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلى ما ذكر وقال خذوا عني مناسككم وتقدم ان المحفوظ هو لتأخذوا مناسككم. رواه مسلم بهذا اللفظ قال ويستحب ان يكثر في سعيه من الذكر والدعاء بما تيسر. وثبت عن ابن مسعود وابن الزبير انهما كان يقول ان في السعي ربي اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك انت الاعز الاكرم فهذا اكد ما حفظ ومن الدعاء في السعي ان تقول حال سعيك ربي اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك انت الاعز الاكرم. رواه ابن ابي شيبة والبيهقي وغيرهما باسنادين صحيحين عنهما رضي الله عنهما. قال وان يكون متطهرا من الحدث الاكبر والاصغر ولو سعى على غير طهارة اجزأه ذلك. يعني ان السعي لا تشترط له طهارة الحدث. واما الطواف قد تشترط له طهارة الحدث. قال وهكذا لو حاضت المرأة ونفست بعد الطواف سعت. واجزأها ذلك لان الطهارة ليست شرطا للسعي انما هي مستحبة كما تقدم. قال فاذا كمل السعي حلق رأسه او قصره. والحلق للرجال افضل فان قصر وترك الحلق للحج فحسن واذا كان قدومه مكة قريبا من من وقت الحج فالتقصير في حقه افضل. فمن وصل الى مكة متأخرا اذا التمتع فانه يقصر من شعره. ليبقي غفرة الرأس في القاء الشعر في الحج فانه اعظم قال ولابد في التقصير من تعميم الرأس يعني شموله كله بالتقصير. ولا يكفي تقصير بعضه كما ان حلق بعضه لا فالمشروع للعبد اذا قصر رأسه او حلقه ان يعمه كله لان اسم الرأس يتناول ذلك والله سبحانه وتعالى قال ولا بحالوا رؤوسكم والرأس اسم للشعر المستولي على جمجمة احدنا واطراف رأسه فهذا يأخذ ومنه العبد اخذا اما بحلقه او بتقصيره. اما ما يفعله بعض الناس ان يأخذ شعرتين من هنا وشعرتين من هنا وشعرتين من هنا وثلاثا من اخر رأسه فهذا لا ينفعه ولو زاد عشرا. السنة ان تعمم جميع رأسك بالاخذ حلقا او تقصيرا ثم قال والمرأة لا يشرع لها الا التقصير. اجماعا نقله ابن المنذر. فلا يجوز لها حلق رأسها. والمشروع لها ان تأخذ من من كل ظفيرة قدر انملة فاقل والانملة هي رأس الاصبع. فتأخذ المرأة قدر رأس الاصبع من الظفيرة. والظفيرة هي ما تجمعه المرأة من رأسها وتشده على الصورة المعروفة وتسمى الجلائل والظفائر. والنساء تارة يجعلنها ظفيرتين وتارة تجعل اربع ظفائر. فتأخذ من كل ظفيرة شيئا تلفه بقدر رأس الاصبع. ثم تقصه بمقص ثم تفعل ذلك في الظفيرة الثانية وان كانت غير مظفرة الشعر وهو حال اكثر النساء اليوم فان انها تضم شعرها من كل جهة وتجمعه فتجمعه من هذه الجهة ان امكنها جمع كله من جهة واحدة فعلت ثم اخذت بقدر الانملة وان لم يمكنها الا مع الجهتين جمعت هذا وجمعت هذا كل واحد على حدة واخذت منه قدر الانملة. قال لا تأخذ المرأة زيادة على ذلك يعني في نسكها لا يشرع لها ان تأخذ فلو انها امرأة ارادت ان تتقرب الى الله بكثرة التقصير كأن تقول انا سأترك شبرا من شعري تقربا الى الله عند التقصير في النسك. فهذا ليس مشروعا لها ان تفعله في النسك فالذي ورد من التقصير في حق النساء هو اخذها قدر الانملة. قال فاذا فعل المحرم ما ذكر فقد تمت عمرته والحمد لله. وحل له كل شيء حرم عليه بالاحرام قال الا ان يكون قد ساق الهدي من الحل فانه يبقى على احرامه حتى يحل من الحج والعمرة جميعا. واما من احرم بالحج مفردا او بالحج والعمرة جميعا فيسن له ان يفسخ احرامه الى العمرة ويفعل ما يفعله المتمتع الا ان يكون قد ساق الهدي اي ان نريد النسك ان كان متمتعا واتى بالعمرة تامة فقد حل منها. واما المفرد والقارن فهذان اذا جاء الى الحرام فانهما يطوفان طواف القدوم وهو سنة. ثم يسعيان سعي الحج. ثم يبقيان على احرامهما ولا ينزعان ولا ينزعان الاحرام والافضل لمن لم يسق الهدي كما ذكر المصنف انه يجعله تمتعا. كما امر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي ان يحل بعمرة ثم يأتي بعد ذلك بالحج وان بقي على نسكه كان ذلك جائزا بالاتفاق. قال وان حاضت المرأة او بعد احرامها بالعمرة لم تضف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهر اي لو قدر ان امرأة احرمت بنسكها وكانت طاهرة او انها كانت حائضا او نفساء واحرمت بالعمرة اي بمجيئها الى الميقات ثم نيتها الدخول في النسك فانها تبقى وتنتظر حتى تطهر ثم بعد ذلك تطوف وتسعى وتقصر من رأسها وتتم وتتم عمرتها فان لم تطهر قبل يوم يعني بقيت على عادتها قبل يوم التروية احرمت بالحج من مكانها الذي هي مقيمة فيه وخرجت مع الناس الى منى. وتصير بذلك قارنة بين الحج والعمرة اي لو قدر امرأة ارادت التمتع فلما دخلت في النسك جاءتها عادتها او نفست ثم قصدت المسجد الحرام ولم تطهر حتى جاء يوم التروية فانها حينئذ تنوي ان تكون قارنة فتبقى على احرامها وتجمع الحج والعمرة وتفعل ما يفعله الحاج من الوقوف بعرفة وعند المشعر وتأتي ببقية الاعمال فاذا طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة طوافا واحدا وسعيا واحدا واجزأها ذلك عن حجها وعمرتها. قال واذا رمت الحائض او النفساء الجمرة يوم النحر وقصرت من شعرها حل لها كل شيء حرم عليها بالاحرام كالطيب ونحوه الا الزوج حتى تكمل حجها كغيرها من النساء الطاهرات كما سيأتي في كلام المصنف في التحلل الاول والتحلل الثاني نعم قال رحمه الله فصل فصل في حكم الاحرام بالحج يوم الثامن من ذي الحج من ذي الحجة والخروج الى منى فاذا كان يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة استحب للمحلين للمحلين بمكة ومن اراد الحج من اهلها الاحرام بالحج. من مساكنهم لان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قاموا بالابطح واحرموا بالحج بالحج منه يوم التروية عن امره صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم يذهب الى البيت فيحرم عنده او عند الميزاب وكذا لم يأمرهم لم يأمرهم بطواف الوداع عند خروجهم منى ولو كان ذلك مشروعا لاعلمهم اياه. والخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم ويستحب ان يغتسل ويتنظف ويتطيب عند احرامه بالحج كما يفعل ذلك عند احرامه من الميقات. وبعد احرامهم بالحج يسن لهم هو التوجه الى منى يسن لهم التوجه الى منى قبل الزوال وبعده من يوم التروية ويكثروا من التلبية الى يرموا جمرة العقبة. ويصلوا بمن الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والسنة ان يصلوا كل صلاة في وقتها قصرا بلا جمع الا المغرب والفجر فلا فلا يقصران ولا فرق بين اهل مكة وغيرهم لان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس من اهل مكة وغيرهم من منى وعرفة ومزدلفة قصرا ولم يأمر اهل مكة تمام ولو كان واجبا عليهم لبينه لهم صلى الله عليه وسلم ثم بعد طلوع الشمس يوم اهم يوم عرفة يتوجه الحاج الى منى يتوجه الحاج من منى الى عرفة ويسن ويسن ان ينزلوا بنمرة الى الزوال ان تيسر ذلك لفعله صلى الله عليه وسلم فاذا زالت الشمس سنة لامام ونائبه ان يخطب الناس ان يخطب الناس خطبة او خطبة تناسب الحال يبين فيها ما يشرع للحاج في هذا اليوم وبعده ويأمرهم فيها بتقوى الله وتوحيد والاخلاص له في كل الاعمال ويحذرهم من محارمهم ويوصيهم فيها بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والحكم بها والتحاكم اليها في كل الامور اقتداء نبيه صلى الله عليه وسلم في ذلك كله. وبعد ان يصلون الظهر والعصر قصرا وجمعا في وقت الاولى باذان واحد واقامتين لفعله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم من حديث جابر جابر رضي الله عنه ثم يقف الناس ثم يقف الناس بعرفة وعرفة كلها موقف الا بطن عورنا عرنة ويستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة ان تيسر ذلك فلم يتيسر بل وما استقبل القبلة وان لم يستقبل جبل ويستحب للحاج في هذا الموقف ان يجتهد في ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع اليه ويرفع يديه حال الدعاء ويرفع يديه حال الدعاء وان لبى او قرأ شيئا من القرآن فحسن. ويسن ان يكثر من قول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وافضل ما قلت انا ونبينا من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال احد احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فينبغي الاكثار من هذا الذكر وتكراره بخشوع وحضور قلب. وينبغي الاكثار ايضا من اذكار والادعية الواردة في الشرع في كل وقت ولا سيما في هذا الموضع. وفي هذا اليوم العظيم يختار جوامع الدعاء وجوامع الذكر والدعاء ومن ذلك سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. لا حول ولا قوة الا بالله ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة امري واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي اخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير وموت راحة لي من كل شر اعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الاعداء. اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن والكسل من الجبن والبخل ومن المأثم والمغرم. ومن غلبة الدين وقهر للرجال اعوذ بك اللهم من البرص والجنون والجذام وسيء الاسقام اللهم اني اسألك العفو والعافية في الدنيا والاخرة اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي اليماني اللهم استر عوراتي وامن روعاتي واحفظ من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلني اللهم اغفر لجدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما اقدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وانت اعلم به مني انت المؤخرة وانت على كل شيء قدير. اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد واسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك واسألك قلبا سليما كان صادقا واسألك من خير ما تعلم واعوذ بك من شر ما تعلم واستغفرك لما تعلم انك انت علام الغيوب. اللهم رب النبي محمد عليه الصلاة الصلاة والسلام اغفر لي ذنبي واذهب غيظ قلبي واعذه من مظلات الفتن ما ابقيتني اللهم رب السماوات ورب الارظ ورب العرش العظيم يا ربنا ورب كل شيء الحب والنوى وانزل التوراة والانجيل والقرآن اعوذ بك من شر كل شيء انت اخذ بناصيته انت الاول فليس قبلك شيء وانت الاخر فليس بعدك شيء وانت الظاهر فليس فوقك شيء وانت الباطن فليس دونك شيء اقضي يعني الدين واغنني من الفقر اللهم اعطي نفسي تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم اعوذ بك من العز والكسل واعوذ بك من الجبن والحرم والبخل واعوذ بك من عذاب القبر اللهم لك بك امنت عليك توكلت واليك انبت وبك خاصمت اعوذ بعزتك لا واعوذ بعزتك ان تظلني لا اله الا انت انت الحي الذي لا يموت والجن الانس ويموتون اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع من قلب لا يخشع من نفس لا تشفع من دعوة لا يستجاب لها. اللهم جنبني منكرات الاخلاق والاعمال والاهواء اللهم الهمني رشدي واعذني من شر نفسي اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف الغنى اللهم اني اسألك الهدى والسداد اللهم اني اسألك من خير كل عاجل واجل ما علمت منه وما لم اعلم واعوذ بك من الشر كل ما عاجله واجله ما نمت منه وما لم اعلم واسألك من خير ما سألك ابن عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم. واعوذ بك من شر ما استعاذ به ومن شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم اني اسألك الجنة ما قرب الي من قول وعمل واعوذ بك من نار ما قرب اليه من قوم وعمل واسألك ان تجعل كل قضاء رضيت لي خيرا. لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويحيي ويميت وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ويستحب في هذا العظيم ان يكرر الحاج ما تقدم من اذكاره والادعية. وما كان في معناها من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويلح في الدعاء سأل ربه من خيري الدنيا والاخرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا كرر الدعاء ثلاثا فينبغي التعسير به في ذلك عليه الصلاة والسلام. ويكون ويكون المسلم في هذا الموقف في مخبتا لربه سبحانه تواضعا له خاضعا لجنابه منكسرا بين يديه يرجو رحمته ومغفرته ويخاف عذاب ومقتل ويحاسب نفسه سيجدد توبته ويجدد توبة نصوحا. لان هذا يوم عظيم ومجمع كبير يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته ويكثر فيه العتق من النار وما رؤي الشيطان في يوم هو فيه ادحر ولا اصغر ولا احقر منه وفي يوم عرفة الا ما يرى يوم بدر. وذلك لما يرى من جود الله على عباده واحسانه اليهم. وكثرة وكثرة اعتاقه ومغفرته وفي صحيح مسلم من عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من يوم اكثر من ان يعتقها الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء؟ فينبغي للمسلم للمسلمين ان يروا الله من انفسهم اي رواه وان يهينوا عدوهم الشيطان ويحزنوا بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا ولا يزال الحجاج في هذا الموقف منشغلين والتضرع لان تغرب الشمس. فاذا غربت فاذا غربت انصرفوا الى مزدلفة بسكينة ووقار من التلبية واسرعوا في المتسع لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز الانصراف قبل الغروب. لان النبي صلى الله عليه وسلم وقف حتى ضربت الشمس وقال خذوا عني مناسككم. فاذا وصلوا الى مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعا باذان واقامتين من حين وصولها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم سواء وصلوا الى مزدلفة في وقت المغرب او بعد دخول وقت عشاء. وما يفعل بعض العامة من وقت حصى من حين وصوله الى مزدلفة قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم ان ذلك مشروع فهو غلط لا اصل له. والنبي صلى الله عليه وسلم لم لم يأمر ان ان يلتقط له الحصائل بعد انصرافه من المشعر الى منى. ومن اي موضع لقط الحصى جزاه ذلك. ولا يتعين لغط من مزدلفة بل يجوز نقته من منى والسنة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة اقتدام بالنبي صلى الله عليه وسلم. اما في الايام الثلاثة فيلتقي منا كل يوم احدى وعشرين حصى يرمي بها الجمار الثلاث. ولا يستحب غسل الحصب يرمى به من غير غسل لان ذلك لم يقل عن النبي صلى الله عليه يسلم اصحابه ولا يرمى بحصاد قد رمي بها ويبيت الحاج في هذه الليلة في مزدلفة. ويجوز للضعفة من النساء والصبيان ونحوه من يدفع الى منى اخر الليل لحديث عائشة وام سلمة وغيرهما واما غيرهم من الحجاج فيتأكد في حقهم ان يقيموا بها الى ان يصلوا الفجر ثم وعند المشاعر الحرام فيستقبل القبلة ويكثر من ذكر الله وتكبيره والدعاء لا يسفروا جدا. ويستحب رفع اليدين هنا حال الدعاء وحينما وقفوا من مزدلفة اجزاءهم ذلك. ولا يجب ولا يجب عليهم الوقوف من المشعر ولا صعوده لقول النبي صلى الله عليه وسلم هنا يعني على المشعر وجمعهم كلها موقف رواه مسلم في صحيحه وجمع هي مزدلفة. فاذا اسفروا جدا انصرفوا الى منى قبل طلوع الشمس واكثروا من التلبية بسعرهم فاذا وصلوا محسنا استحب الاسراع قليلا. فاذا وصلوا منى انقطعوا التلبية عند جمرة العقبة ثم رموها من حين وصولهم بسبع حصيات متعاقبات يرفع يديه عند رميه يقول لي حصاتي ويكبر ويستحب ويرميها من بطن الوادي ويجعل الكعبة عن يساري ومنى عن يمينه. لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وان رمى ها من الجوانب الاخرى اجزاءه ذلك اذا وقع الحصى في المرمى ولا يشترط الحصى في المرمى انما المشترط وقوعه فيه فلو وقعت الحصاة في المروة ثم خرجت منه اجزاء في ظاهر كلام اهل العلم. وممن صرح بذلك النووي رحمه الله في شرحه في شرح مهذب ويكون حصى الجمال مثل مثل حصى الخذف وهو اكبر من وهو اكبر من الحمص قليلا. ثم بعد الرمي ينحر هديها ويستحب ان يقول عند نحره وذبحه بسم الله والله اكبر اللهم هذا منك ولك ويوجهه الى القبلة والسنة نحر الابن قائمة معقولة يدها اليسرى وذبح البقر والغنم الايسر ولو ذبح الى غير قبلته ترك السنة واجزأته ذبيحته لان التوجه الى القبلة عند الذبح سنة وليس بواجب. ويستحب ان يأكل من من هديه ويهديه ويتصدق لقوله تعالى ويمتد وقت الذبح الى غروب الشمس الى غروب شمس يوم ثالث من ايام التشريق من اصح اقوال اهل العلم فتكون مدة الذبح يوم النحر وثلاثة ايام بعده. ثم بعد نحر الهدي او ذبحها ذبحه يحلق رأسه او يقصره والحلق افضل لان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات واحدة ولا يكفي تقصير بعض الرأس بل لابد من تقصيره كل بل لابد من تقصيره كله كالحلق والمرأة تقصر من كل ظفيرة قدم وقد رأنملة قدر انملة فاقل وبعد رمي جمرة العقبة والحلق او التقصير يباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالاحرام الا النساء. ويسمى هذا التحلل بالتحلل الاول. ويسن له بعد هذا التحلل تطيب وتوجه الى مكة ليطوف طواف الافاضة. لحديث عائشة رضي الله عنها قالت كنت اطيب كنت اطيب رسول الله كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرموا قبل ان يطوف بالبيت. اخرجه البخاري ومسلم. ويسمى هذا الطواف طواف الافاضة وطواف الزيارة وهو ركن من اركان الحج لا يتم الحج الا به وهو المراد في قوله عز وجل ووفوا بالبيت العتيق ثم بعد الطواف بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة ان كان متمتعا. وهذا السعي حجه والسعي الاول لعمرته. ولا يكفي سعي واحد في اصح اقوال اهل العلم في اصح اقوال العلماء. لحديث عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث وفيه فقال وفيه فقال ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم الا يحل حتى حتى يحل منهما جميعا. الى ان قالت فطاف الذين اهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافنا قال بعد ان رجعوا من منى لحجهم. رواه البخاري ومسلم. وقولها رضي الله عنها عن الذين هلوا بالعمرة ثم طافوا طوافا اخر بعد ان رجعوا الى منى تعني به الطواف بين الصفا والمروة على اصحه الاقوال في تفسير هذا الحديث. واما من قال ارادت به طواف الافاضة اما قوله احسن الله اليك. واما قول من قال ارادت بذلك طواف الافاضة. فليس بصحيح لان طواف الافاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوا. وانما بذلك ما يخص المتمتع من المتمتع وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى بعد الرجوع من منى لتكميل حجه وذلك واضح بحمد الله وهو قول اهل العلم ويدل على صحة ذلك ايضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به عن ابن رضي الله عنهما انه سئل عن متمتع ام متمتعة عن متعة الحج فقال هل المهاجرون والانصار ازواج النبي صلى الله عليه وسلم في الوداع وهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا اهلالكم بالحج عمرة الا من قلد الهدي فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة واتينا النساء ولبسن الثياب وقالوا ومن قلد الهدي فانه لا يحل حتى يبلغ الهدي ما حلة ما امرنا عشية التروية ان نهل بالحج واذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة انتهى. المقصود منه هو صريح في سعي المتمتع مرتين والله اعلم وما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة الا طوافا واحدا طوافهم الاول فهو محمولون على من ساق الهدي من الصحابة لانهم بقوا على احرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا. والنبي صلى الله عليه وسلم قد اهل بالحج والعمرة وامر من ساق الهدي ان يهل بالحج مع العمرة والا يحل حتى يحل منهما جميعا والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه الا سعي واحد. كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الاحاديث الصحيحة. وهكذا من افرض الحج وبقي على احرامه الى يوم النحر ليس عليه الا سعي واحد. فاذا سعى القارن والمفرد بعد طوافه بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الافاضة وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم وبذلك يزول التعارض طول العمل بالاحاديث كلها ومما يؤيد هذا الجمع من حديثه عائشة وابن عباس حديثان الصحيح ان وقد اثبت السعي الثاني في حق المتمتع وظاهر حديث جابر ينفي ذلك. والمثبت مقدم على النافي كما هو مقرر في علمي الاصول ومصطلح الحديث. والله سبحانه وتعالى وفقنا الصواب ولا حول ولا قوة الا بالله. ذكر المصنف رحمه الله فصلا اخر. ترجم له بقوله فصل في حكم الاحرام بالحج يوم الثامن من ذي الحجة. والخروج الى منى. بين انه اذا كان يوم تروية وهو الثامن من ذي الحجة. وسمي يوم التروية لان الناس كانوا فيما مضى يتزودون بالارتواء من الماء في ذلك اليوم لقلة الماء في تلك المشاعر. فيستحب للمحلين بمكة ممن تمتع بالعمرة الى الحج ومن اراد الحج من اهلها ان يحرموا بالحج من مساكن من مساكنهم اي حيتهم فمن كان متمتعا وهو في مكة او كان من اهل مكة احرم من المكان الذي هو فيه. قال ويستحب ان يغتسل ويتنظف ويتطيب عند احرامه بالحج كما يفعل ذلك عند احرامه من الميقات. وبعد احرامهم بالحج يسن لهم التوجه الى منى قبل الزوال او بعده من يوم التروية. والنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى الظهر والعصر في منى كان محرما مشروع للعبد يوم الثامن ان يحرم قبل صلاة الظهر والعصر اي قبل الزوال. قال ويكثر من التلبية الى ان يرموا جمرة العقبة اي يبقوا ملبين. ويصلوا بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والسنة ان يصلوا كل صلاة في وقتها قصرا بلا جمع. الا المغرب والفجر فلا يقصران قال ولا فرق بين اهل مكة وغيرهم. لان موجب القصر هنا هو النسك. في اصح قول اهل العلم وهو مذهب المالكية واختيار جماعة من المحققين. فاذا خرج العبد الى منى فانه حينئذ يبتدأ في قصر صلاة ويصلي كل صلاة في وقتها. قال ثم بعد طلوع الشمس من يوم عرفة. اي يبيت الحاج ليلة عرفة في منى تاء تطلع الشمس يوم عرفة فيتوجه الحاج من منى الى عرفة بعد طلوع الشمس. ويسن ان ينزلوا بنمرة الى زوالي ان تيسر ذلك لفعله صلى الله عليه وسلم. اي لا يدخل عرفة وانما ينزلون بنمرة. اذا الزوال فاذا زالت الشمس سنة للامام اي لولي الامر او نائبه الذي يخول اليه ذلك ان يخطب بالناس خطبة تناسب الحال يسن يبين فيها ما يشرع للحاج بخصوص احكام الحج وما يشرع للمسلم في حياته كافة من توحيد الله والتمسك بكتابه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وبعدها يصلون الظهر والعصر قصرا وجمعا. في وقت الاولى اذان واحد واقامتين ولا ولا يجهر فيها بالقراءة. ثم يقف الناس بعرفة وعرفة كلها موقف الا بطن عرنة وبطن عرنة واد ليس ممن عرفة وانما يرتفع الناس عنه اجماعا يعني لا يقف فيه ويستحب استقبال القبلة وجبل الرحمة ان تيسر ذلك وجبل الرحمة اسم لجبل عرفة واسمه جبل ايلال على زنة هلال واما تسميته جبل الرحمة فهي تسمية متأخرة جدا فهو يسمى جبل عرفات او جبل الى فيستحب له ان يستقبله ويستقبل القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الصخرات ولم يرقى صلى الله عليه وسلم الجبل. قال ويستحب الحج في هذا الموقف ان يجتهد في ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع اليه ويرفع يديه حال الدعاء. وان لبى او قرأ وشيئا من القرآن فحسن ومحل هذا الاجتهاد بعد الفراغ من الصلاة. فالمشروع للعبد في اول يوم عرفة ان قلل من العمل وان يرتاح فيه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فانه لما اتى بعد طلوع الشمس الى نمرة نصبت له قبة يعني قيمة كبيرة فبقي فيها حتى زالت الشمس فصلى وخطب الناس ثم شرع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك باجتهاد بالدعاء فالعمل بالدعاء في اخر يوم عرفة افضل من اوله والسنة ان يرتاح العبد في اول يوم عرفة فلا ينبغي ان يشتغل حتى ولو كان من تعليم احكام يوم عرفة فتعليم احكام يوم عرفة وغيرها من احكام الحج يكون بعد ذلك ليفرغ العبد لاخر النهار حتى يكون نشيطا وهو افضل من اوله. قال ويسن ان يكثر من قول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير روي هذا في حديث فيه ضعف لكن الفقهاء من كل مذهب من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة يذكرون ان مما يستحب من الذكر في هذا اليوم هو هذا الذكر فيأتي به الانسان ويأتي بغيره من انواع الذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ويكثر من دعاء الله سبحانه وتعالى. ويكرره ويتحرى جوامع الذكر والدعاء. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الجوامع من الدعاء. وجوامع الدعاء الكلمات الجامعة التي تكون قليلة المباني والالفاظ جليلة المعاني والمقاصد ومن هذا ما ذكره المصنف رحمه الله من الاذكار التي عدها بقوله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم حتى عد يا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار الى اخر الادعية المأثورة التي اختارها المصنف رحمه الله وهي من احسن ما يلزمه العبد في يوم عرفة من الدعاء وله ان يدعو بما يشاء لكن الافضل جوامع الدعاء الواردة في الكتاب والسنة سنة ثم قال ويستحب في هذا الموقف العظيم ان يكرر الحاج ما تقدم من الاذكار والادعية. فان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دعا كرر الدعاء ثلاثا ويرفع يديه حال دعائه. ثبت هذا عند النسائي من حديث اسامة بن زيد رضي الله عنه قال ويكون المسلم في هذا الموقف مخبتا لربه متواضعا خاضعا لجنابه منكسرا بين يديه يرجو رحمته لان هذا يوم عظيم ومجمع كبير ومشهد يباهي الله به ملائكته ويكثر فيه العتق من النيران وما رؤي الشيطان ارى ولا ادحر ولا اصغر ولا ادل من يوم عرفة لما يرى فيه من انعام الله واكرامه لعباده الذين من النيران ثم ذكر انه ينبغي للمسلمين ان يروا من ان يروا الله من انفسهم خيرا. وان يهينوا عدوهم الشيطان ويحزنوه بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا. قال ولا يزال الحجاج في هذا الموقف مشتغلين بالذكر والدعاء الى ان تغرب الشمس. فيبقى المرء ذاكرا داعيا يوم عرفة رافعا يديه ما امكنه ذلك. والسنة ان راكبا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ارفق بالانسان ولا سيما في حق الناس اليوم لما صاروا يجتمعون في هذه الحافلات فالمناسب للسنة حينئذ ان يكونوا في الحافلات ويدعوا الله سبحانه وتعالى وهم ركوب رافعين ايديهم. منتظرين حتى تغرب الشمس كما قال والتضرع الى ان تغرب الشمس اي من يوم عرفة وهو يوم التاسع فاذا غربت انصرفوا الى مزدلفة فنفيرهم يكون كونوا مع غروب الشمس فينفرون الى مزدلفة بسكينة ووقار ويكثرون من التلبية والاسراع في المتسع يعني اذا وجد سعة فانه يسرع لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يجوز الانصراف قبل الغروب. لان النبي صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس وقال صلى الله عليه وسلم لتأخذوا مناسككم. فهو صلى الله عليه وسلم امرنا ان نأخذ المناسك عنه. وهو وقف صلى الله عليه وسلم حتى غربت الشمس قال فاذا وصلوا الى مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعا باذان واقامتين من حين وصولها ان يبادرون الصلاة عند الوصول فيشتغل بالصلاة اولا فيصلي المغرب ثلاثا ثم العشاء ركعتين ويؤذن لهما اذانا واحدا ويقيم لكل صلاة. ثم ذكر ان ما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار حين وصوله قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم ان ذلك مشروع فهو غلط لا اصل له. فالعبد مأمور اذا وصل الى مزدلفة ان يبدأ بالصلاة. قال ولا يتعين من مزدلفة بل يجوز لقطه من منى اي انه لا يتعين في حق الحاج ان ان يلتقط حجر الجمار الذي يرمي به في مزدلفة بل له ان ينتقده من من منى بل الظاهر ان السنة ان يلتقطه من منى فان النبي صلى الله عليه وسلم التقط له ابن عباس من منى عند ارادته رمي جمرة العقبة. قال والسنة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة. فالمطلوب هو سبع. اما في الايام ثلاثة بينتقدوا من منى كل يوم احدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثلاثة. والمشروع ايضا ان تكون جمرة العقبة من منى لكن ان التقطها من مزدلفة فلا بأس بذلك. واما بقية الجمار في ايام التشريق فانها تلتقط من منى. قال ولا يستحب غسل الحصى بل يرمى به من غير غسل لان ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولا يرمى بحصن قد رمي به اي قد سبق الرمي به ويبيت الحاج في هذه الليلة بمزدلفة. اي الليلة العاشر ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم ان يدفعوا الى منى اخر الليل لحديث عائشة وام سلمة واما غيرهم من الحجاج فيتأكدوا في حقهم ان يقيموا بها الى ان يصلوا الفجر. واخر الليل الموافق للسنة هو ذهاب ثلثي الليل فاذا ذهب ثلثا الليل واحتاج المرء لاجل ضعفة ونساء ان يدفع فهو يدفع من هذا الوقت فان دفع قبل ذلك من منتصف الليل جاز ذلك وعليه الفتوى لكن من اراد ان يتتبع الوارد في السنن والاثار مما من رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم فان ذلك كان بعد مضي الليل. قال واما غيرهم بعد مضي ثلثي ثلث الليل واما غيرهم من الحجاج فيتأكدوا في حقهم ان يقيموا بها الى ان يصلوا الفجر. فالقوي القادر المستطيع يبقى في مزدلفة حتى يصلي الفجر ويصليها بغلس يعني في اول وقتها مع بقاء الظلمة ويقصر القراءة فيها ولا يطولها. فهذه هي السنة في صلاة الاسفار. في صلاة الاسفار تصلى بالصور القصار. هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم باحاديث عدة بل صح عن ابراهيم النخعي رضي الله عنه ورحمه وهو من التابعين انه قال كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اقرؤونا في الاسفار بالسور القصار. لان الشريعة قصرت الصلاة الرباعية. فالمناسب لمقصد الشريعة في التخفيف ان يقرأ بقصار السور وهو الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كقرائته بالفلق والناس في سفرة وغير ذلك. قال ثم يقف يعني بعد صلاة الفجر عند المشعل الحرام وهو الجبل القريب من المسجد الموجود اليوم. والمشعر الحرام يطلق على مزدلفة كلها. فالمشعر الحرام له قوم اعنيان احدهما عام وهو مزدلفة كلها. اخر خاص وهو الجبل القريب من المسجد الموجود اليوم فيها واذا وقف في اي موظع من مزدلفة اجزأه ذلك فيستقبل القبلة ويكثر من ذكر الله وتكبيره والدعاء الى ان جدا اي حتى يبينا الصبح. ويستحب رفع اليدين حال هذا الدعاء. قال ولا يجب عليهم القرب من المشعر ولا لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقفت ها هنا وجمع كلها موقف وجمع هي مزدلفة سميت جمعا لاجتماع الناس فيها. قال فاذا اسفروا جدا اي اذا بان النهار انصرفوا الى منى قبل طلوع الشمس. فينطلقون من مزدلفة الى منى قبل طلوع شمس العاشر ويكثرون من التلبية في سيرهم فاذا وصلوا محسرا استحب الاسراع قليلا ومحسر واد من من منى ومزدلفة ولم يثبت كونه موضعا عذب فيه اهل الفيل. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل اليه اسرع وذكر ابن عباس ان الاسراع يكون بقدر رمية حجر. ورمية الحجر تبلغ في حساب الامتار اليوم خمسين وثلاث مئة مئة متر فاذا انتهيت من منى ووجدت لوحة تذكر ان هذا محسر فانت تسرع بقدر ثلاث مئة وخمسين مترا ثم تمشي روينة بعد ذلك قال فاذا وصلوا منى قطعوا التلبية عند جمرة العقبة اذا وصل الى جمرة العقبة فانه يقطعها لانه يشرع في عبادة جديدة. قال ثم رموها حين وصولهم بسبع حصيات متعاقبات. اي متتابعات بعد واحدة يرفع يده عند الرمي عند رمي كل حصاة ورفعها يرفعها رفعا شديدا حتى يبين بياض ابطه ان هذا هو حقيقة الرمي والرمي يكون بهذه الصورة اما لو اخذها فجعلها هكذا تنقيطا فهذا لا يسمى رميا وانما الرمي هو هو ان يرفع يده واكمل ذلك حتى يبين بياض ابطه ثم بعد ذلك يرمي قائلا الله اكبر ولو انه جمع السبعة هذه ثم رماها مرة واحدة فانه يكون قد رمى واحدة فانه يكون قد رمى واحدة. فالمشروع ان يفعل العبد ذلك متتابعا مفرقا فيرمي الله اكبر ثم او اكبر كل رمية بحجارة وتكبيرة. قال ويستحب ان يرميها من بطن الوادي. ويجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وان رماها من اي جانب اجزأه والمقصود بالرمي هو دخولها المرمى. والمرمى موضع كان من الارض تعرفه العرب. اخذا عن ابيهم ابراهيم عليه الصلاة سلام فكانت بقعة كهذه البقعة التي نراها من الارض هذا يعرف انه المرمى. فكانوا يرمون فيه. ثم جعلت الشواخص للدلالة عليه ثم جعلت الاحواض تحديدا له والا فاصله بقعة من الارض فلا يلزم ان يتحرى الانسان اصابة الشاخص وانما يلزمه ان تحرى دخولها في هذا الموضع وهو المرمى. قال ولا يشترط بقاء الحصى في المرمى وانما المشترط وقوعه فيه فلو وقعت الحصاة في المرمى ثم خرجت منه اجزأت في كل في ظهر كلام اهل العلم يعني لو ان احدا رمى وضربت هذا الشاخص. ثم خرجت ولم تبقى في المرمى. فانه يكون اجزأه ذلك. قال ويكون حصى الجمار مثل حصى الخذف والخذف هو النبل بالحصاة بشدها بين اصبعين هذا يسمى خلفا النبل بالحصاة بشدها بين اصبعين الحصى على على هذا ثم يقول هكذا سريعا به هذا يسمى خلفا وتكون حصى الخذف حصى صغيرة. قال وهو اكبر من قليلا يعني حبة الحمص فالمشروع ان تكون الحصاة صغيرة لا ان تكون الحصاة كبيرة والشرع يتعبد فيه بما ورد فليس ان الانسان اذا كبر حصاته يكون اكبر لثوابه لا اكبر لثوابه ان تكون الحصاة كالذي اخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتكون حجارة صغيرة وتكون من حجارة الارض فلا يؤخذ القطع الاسمنتية ولا الاسفلت ولا غيرها وانما تكون من حجارة الارض وكذلك لا الطين المشتد الذي يكون اصله تراب واشتد بسبب مطر ونحوه وانما يأخذ حصاة. قال ثم بعد الرمي ينحر هديه يعني اذا رمى جمرة العقبة بسمع بسمع جمار يستحب ينحر هديه ويستحب ان يقول عند نحره او ذبحه بسم الله والله اكبر اللهم هدى منك ولك ويوجهه الى القبلة والسنة نحر الابل قائمة معقولة اذا اليسرى وذبح البقر والغنم على جنبها الايسر ولو ذبح الى غير القبلة ترك السنة واجزأته ذبيحته لان توجيهها الى القبلة سنة وليس واجبا. ويستحب ان يأكل من هديه ويهدي يعني يعطي غيره تصدق ان امكنه ذلك فان وكل غيره جاز بشرط وهو لو واحد وكل غيره جاز بشرط ها اي ان يكون هذا الوكيل ممن يصح توكيله. وهي الجهة المخولة في ذلك من ولي الامر. فهذا اذا فعله برئت ذمته برأت ذمته لانه فوض الامر الى من فوض اليه الامر من قبل ولي الامر فلو اضاعه ذاك تحمل اثمه. لكن من يفوظ هذا الى غير من لم يفوء الى الى من لم يفوظ اليه فهذا لا تبرأ ذمته لانه قد تجدون اناسا يأتونكم ويجمعون منكم اموالا للهدي ثم بعد ذلك يسرون لكم هديا وانما يأخذون هذه الاموال الانسان يتحرى في هديه اما ان يذبحه بنفسه وهذا اكمل ويأكل ثلثا ويتصدق ثلث ويهدي ثلث وان لم يمكنه ذلك فانه يوكل الجهة المعتمدة من ولي الامر في ذلك. قال وقت الذبح الى غروب شمس اليوم الثالث من ايام التشريق في اصح اقوال اهل العلم. فتكون مدة الذبح النحر يوم النحر وثلاثة ايام بعده اخرها متى يوم الثالث عشر الثالث عشر اذا غربت الشمس انتهى وقت الذبح سواء كان في الهدي او في الاضاحي. قال ثم بعد نحر الهدي او ذبحه يحلق او يقصره والحلق افضل لما فيه من كمال اظهار العبودية لله بالقاء الشعر. قال ولا يكفي تقصير بعض الرأس كما تقدم. والمرأة تقصر من كل ضفيرة قدر انملة فاقل. قال وبعد رمي جمرة العقبة والحلق او التقصير يباح للمحرم كل شيء حرم عليه حرام الا النساء ويسمى هذا التحلل الاول. فالعبد يحصل له التحلل التام بثلاثة افعال من افعال اليوم العاشر احدها الرمي وثانيها الحلق والتقصير. وثالثها الطواف الذي هو طواف الافاضة. فاذا فعلها تحلل تحللا اكبر. ويسمى التحلل الكامل واما ان اقتصر على اثنين منها والاصل في السنة ان يقدم الرمي والحلق فانه حينئذ يكون قد تحلل تحللا اصغر فيحل له كل شيء الا النساء. ولو فعل واحدا غير هذين الاثنين بدل احدهما. كان يقصد البيت الحرام حرام ثم يطوف ثم يحلق رأسه فهذا يكون قد فعل ايضا اثنين فله ايضا ان يحله. اما اذا فعل واحدا فانه لا يحل من احرامه. قال ويسن له بعد هذا التحلل التطيب والتوجه الى مكة ليطوف طواف الافاضة. يعني اذا رمى ثم نحر هديه ان كان له هدي ثم حلق او قصر فانه يسن له ان ليتطيب ويتوجه الى مكة ليطوف طواف الافاضة. فان عائشة طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لحله قبل ان يطوف قال ويسمى هذا الطواف طواف الافاضة وطواف الزيارة وهو ركن ركن من اركان الحج. لا يتم الحج الا به. قال ثم بعد الطواف وصلاة ركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة ان كان متمتعا وهذا السعي لحجه والسعي الاول لعمرته يعني ان الناسك اذا وصل الى البيت الحرام يوم العاشر مريدا طواف الحج فانه اذا كان متمتعا يطوف طواف افاضة ثم يصلي ركعتين خلف المقام ثم يسعى سعي الحج واما القارن والمفرد فهذان ان كانا تقدم منهما الوفود على البيت الحرام بان يكون قد جاء الى الكعبة وطاف طواف القدوم وهو سنة ثم سعى سعي الحج فحينئذ يوم العاشر يكون عليه فقط طواف واحد. فالمفرد والقارن عليهما طواف واحد. واما المتمتع فعليه طوافان بين بين على حول الكعبة كذلك عليه سعيان بين الصفا والمروة احدهما لحجه والاخر لعمرته في اصح اقوال اهل العلم فهو الذي ثبتت بها به الاحاديث وبه وقع التصريح في حديث ابن عباس كما بينه المصنف رحمه الله تعالى نعم قال رحمه الله فصل في بيان افضلية ما يفعله الحاج يوم الناحر. والافضل للحاجة ان يرتب هذه الامور الاربعة يوم النحر كما ذكر فيبدأ اولا برمي جمرة العقبة برمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق او التقصير. ثم الطواف بالبيت والسعي بعده للمتمتع وكذلك للمفرد والقارن اذا لم يسعى مع طواف القدوم. فان قدم بعضها فان قدم بعض هذه الامور على بعض اجزاه ذلك لثبوت الرخصة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ويدخل في ذلك تقديم السعي الى الطواف لانهم من الامور التي تفعل يوم النحر فدخل في قول الصحابي فما سئل فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا اخر الا قال افعل ولا حرج. ولان ذلك مما يقع فيه النسيان والجهل. فوجب دخوله في هذا العموم لما في ذلك من التيسير تسهيل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عمن سعى قبل ان يطوف فقال لا حرج. اخرجه ابو داوود من حديث ابن اسامة بن شريك باسناد صحيح. فاتضح بذلك دخوله في العموم من غير شك والله الموفق والامور التي يحصل للحاج بها التحلل التام ثلاثة هي رمي جمرة العقبة والحلق والتقصير وطواف الافاضة مع السعي بعده لمن ذكر ان فاذا فعل هذه الثلاث حل له كل شيء حرم عليه بالاحرام من النساء والطيب وغير ذلك. ومن فعل اثنين منهما حلى له وكل شيء حرم عليه بالاحرام الا النساء. ويسمى هذا بالتحلل الاول. ويستحب للحاج الشرب من ماء زمزم والتضلع منه بما تيسر من الدعاء النافع وماء زمزم لما شرب له ثم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم انه طعام زاد ابو داوود وشفاء سقم. وبعد طواف الافاضة والسعي ممن عليه سعي يرجع الحاج الى منى فيقيمون بها ثلاثة ايام بلياليها. يرمون الجمار الثلاث في كل يوم من الايام الثلاثة بعد زوال ويجب الترتيب فيه ويجب الترتيب في رميها. فيبدأ بالجمرة الاولى وهي التي تلي مسجد الخيف. فيرميها بسبع حصيات تعاقبات يرفع يده عند كل حصاة. ويسن ان يتقدم عنها ويجعلها عن يساره ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويكثر من الدعاء اي والتضرع ثم يرمي الجمرة الثانية كالاولى ويسن ان يتقدم قليلا بعد رميها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويرفع يديه فيدعو كثيرا ثم يرمي الجمرة الثالثة ولا يقف عندها. ثم يرمي الجمرات في اليوم الثاني من ايام التشريق بعد الزوال. كما رأواها باليوم الاول ويفعلوا عند الاولى والثانية كما فعل في اليوم الاول اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. والرمي في اليومين الاولين من ايام التشريق واجب واجب منه واجبات الحج وكذلك المبيت بمنى في الليلة الاولى والثانية واجب الا على السقاة والرعاة. ونحوهم فلا يجب ثم بعد الرمي في اليومين المذكورين من احب ان يتعجل من من اجاز له ذلك ويخرج قبل غروب الشمس. ومن تأخر بات الليلة الثالثة ورم الجمرات في اليوم الثالث فهو افضل واعظم اجرا. كما قال تعالى واذكروا الله في ايام معدودات. فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه من تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى. ولان النبي صلى الله عليه وسلم رخص في التعجيل ولم يتعجل هو بل اقام بمنى حتى رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال. ثم ارتحل قبل ان يصلي الظهر. ويجوز لولي الصبي مباشرة الرمي ان يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار بعد ان يرمي عن نفسه. وهكذا البنت الصغيرة العاجزة عن الرمي عن الرمي يرمي عنها وليها لحديث جابر قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى النساء والصبيان. فلبين عن الصبيان ورمينا عنهم اخرجه ابن ويجوز للعاجز عن الرمي من مرض او كبر سن او حمل ان يوكل من يرمي عنه لقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وهؤلاء لا يستطيعون مزاحمة الناس عند الجمرات وزمن الرمي يفوت ولا يشرع قضاؤه فجاز لهم ان يوكلوا بخلاف غيره من المناسك. فلا ينبغي للمحرم ان يستنيب من يوديه عنه. ولو وكان حجه نافلة لان من احرم بالحج والعمرة ولو كانا نفلين لزمه اتمامهما لقوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله وزمن الطواف والسعي لا يفوت بخلاف زمن الرمي واما الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى فلا شك ان زمنهما يفوت ولكن اصول العاجز في هذا في هذه المواضع ممكن ولو مع المشقة بخلاف مباشرته للرمي لان الرمي قد وردت الاستنابة فيه عن السلف الصالح في حق بلا خلاف بخلاف غيره والعبادات توقيفية ليس لاحد ان يشرع منها شيئا الا بحجة. ويجوز للنائب ان يرمي عن نفسه ثم عن مستني به كل جمرة من الجمار ثلاثة وهو في موقف واحد ولا يجب عليه ان يكمل رمي الجمال الثلاثة عن نفسه ثم يرجع فيرمي عن مستنيبه في اصح كقوله العلماء لعدم الدليل الموجب لذلك ولما في ذلك من المشقة والحرج والله سبحانه وتعالى يقول ما جعل عليكم من حرج وقال النبي صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا ولان ذلك لم يوقع عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رموا عن صبيان العاجز منهم ولو فعلوا ذلك لنقل لانه مما توافر لانه مما تتوافر الهمم على نقله والله اعلم ذكر المصنف رحمه الله فصلا اخر من فصول كتابه ترجم له بقوله فصل في بيان افضلية ما يفعله يوم النحر مبينا ان الافظل للحاج ان يرتب تلك الامور الاربعة يوم النحر كما ذكر انفا. فيبدأ برمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق او التقصير ثم الطواف بالبيت والسعي بعده للمتمتع وكذلك والقارن اذا لم يسعى مع طواف القدوم. قال فان قدم بعض هذه الامور على بعض اجزأه لثبوت الرخصة عن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج. وهذا الحديث وهو افعل ولا حرج ليس اصلا عاما في الحج كله. فان النبي صلى الله عليه وسلم خصه باعمال يوم العاشر ان عبدي ان يقدم ويؤخر منها ما يشاء العبد لانها محل ضيق حينئذ فله ان يبتدأ بالطواف ثم يرجع بعد ذلك الى حلق رأسه وذبح هديه فما قدم واخر منها من شيء فانه لا حرج عليه حينئذ ثم ذكر ان الامور التي يحصل للحاج بها التحلل التام ثلاثة وهي رمي جمرة العقبة والحلق او التقصير الافاضة مع السعي بعده. فاذا فعل هذه الثلاثة حل له كل شيء حتى النساء والطيب. اما ان فعل اثنين من ثلاثة فيحل له كل شيء الا النساء قال ويستحب للحاج الشرب من ماء زمزم والتضلع منه والمقصود بالتضلع ايش المبالغة في الشرب حتى تبرز الاضلاع لكثرة ما استقى من الماء ما شرب من اي ما شرب من الماء والدعاء بما من الدعاء النافع وماء زمزم لما شرب له كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح مسلم عن ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء زمزم انها طعام طعم زاد ابو داوود يعني الطيالسي وشفاء سقم والمحفوظ لفظ مسلم وفي مسلم ما هو اعلى من هذا وهو قوله صلى الله عليه وسلم عن زمزم انها مباركة. فماء زمزم ماء مبارك. ينتفع به العبد في الشرب منه وان توضأ به او ان توضأ قاصدا البركة منه او رش به رأسه او بدنه فكذلك هو مما يتبرك به على هذه الصورة. ففي في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم لما شق صدره واستخرج قلبه غسل بماء زمزم. فهذا يدل على ان ماء ان ماء زمزم يتبرك به على هذا النحو الذي هو من جنس استعمال الماء فيه. كاستعماله في الشرب او استعماله في الغسل او استعماله في الرش على البدن فهذا لا بأس ان يتبرك به حينئذ. قال وبعد طواف الافاضة والسعي ممن عليه سعي يرجع الحجاج الى فيقيمون بها ثلاثة ايام بلياليها وهي ايام التشريق. ويرمون الجمار الثلاث في كل يوم من الايام الثلاثة بعد زوال الشمس ويجب الترتيب في رميها. فالثابت عن الصحابة رضي الله عنهم بلا خلاف بينهم انهم كانوا يرمون بعد زوال الشمس كما قال ابن عمر كنا نتحين زوال الشمس لرمي الجمار يعني انهم يبقون ولا يرمون في الايام ايام التشريق حتى تزول الشمس قال ويجب الترتيب في رميها فيبدأ بالجمرة الاولى وتسمى الصغرى وهي التي تلي مسجد الخيف يعني القريبة منه فيرميها بسبع حصيات متعاقبات متتابعات يرفع يده عند كل حصاة ويكبر كما تقدم. ويسن ان يتقدم عنها ويجعلها يساري ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويكثر من الدعاء والتضرع. والتضرع بعد رمي الجمار انما يكون في ايام التشريق فاذا رمى الجمرة العقبة لا يشرع الوقوف والدعاء وانما يشرع في ايام التشريق في يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر اذا رمى الجمرة الاولى وهي الصغرى وقف ودعا دعاء طويلا قدره ابن مسعود قدر سورة البقرة ثم اذا رمى الجمرة الثانية وهي الوسطى وقف كذلك. واما اذا وقف اذا رمى الجمرة العقبة فانه يمشي ولا يقف للدعاء قال عند دعائه ويستقبل القبلة ويرفع يديه فيدعو كثيرا يعني حال الدعاء يستقبل القبلة ويرفع اليدين قال ثم يرمي الجمرة الثالثة ولا يقف عندها ثم يرمي الجمرات في اليوم الثاني من ايام التشريق بعد الزوال. كما رماها في اليوم الاول ويفعل عند الاولى والثانية كما فعل في اليوم الاول اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. والرمي في اليومين الاولين من ايام التشريق واجب من واجبات الحج هذا المبيت بمنى في الليلة الاولى والثانية واجب الا على السقاة والرعاة ونحوهم فلا يجب فيجب على العبد ان يرمي في اليوم اول من التشريق وفي اليوم الثاني ان لم يتعجل وفي اليوم الثالث ان لم يتعجل ايضا وله ان يتعجل كما قال ثم بعد الرمي في اليومين المذكورين يعني الحادي عشر والثاني عشر من احب ان عجل من منى جاز له ذلك. ويخرج قبل غروب الشمس فيرمي بعد زوال الشمس ثم يخرج قبل غروب الشمس ان تأخر حتى غربت الشمس وجب عليه ان يبيت في منى ولا يجوز له الخروج منها. فان منعه من ذلك الزحام جاز له ان يخرج كانسان رمى بعد زوال الشمس ثم رجع الى موضع اقامته فجمع متاعه واكل طعامه ثم ركب سيارته بعد صلاة العصر وتوجه نحو الخروج من منى فامسكه الزحام ولم يقدر على الخروج الا بعد العشاء فهذا لا شيء عليه. لانه مشتغل بالخروج لكن اذا جلس باقيا في خيمته ثم بعد غروب الشمس اراد ان يخرج فهذا لا يجوز وعندما يبقى حتى يرمي اليوم الثالث من ايام التشريق ثم يخرج بعد ذلك وذكر ان التأخر افضل واعظم اجرا. قال تعالى واذكروا الله في ايام معدودة فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى قال ولان النبي صلى الله عليه وسلم رخص بالتعجل ولم يتعجل هو. بل اقام صلى الله عليه وسلم حتى رمى الجمرات في اليوم الثالث عشر من الزوال. ثم ارتحل قبل ان يصلي الظهر صلى الله عليه وسلم ثم ذكر انه يجوز لولي الصبي العاجز عن مباشرة الرمي ان يرمي عنه جمرة العقبة وسائر الجمار بعد ان يرمي عن نفسه وهكذا البنت الصغيرة العاجزة وكذا كل عاجز لاجل كبر او لاجل مرض فانه ينيب من يرمي عنه قال عند ذكر ذلك فلا ينبغي للمحرم ان يستنيب من من يؤديه عنه ولو كان حج نافلة. يعني ما يلزمه من الحج لا يستنيب احدا الا ان عجز عنه فحينئذ يستنيب كرمي الجمار. هذا اذا لم يمكن فعله مع المشقة. اما ان امكن فعله كالوقوف بعرفة او غيره فهذا يفعله بنفسه ولا ينيب احدا يفعل عنه ذلك. قال ويجوز للنائب ان يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمال تلت وهو في موقف واحد فلو قدر انك ترت نائبا عن ولدك في الرمي فانك ترمي اولا الجمرة الصغرى عن نفسك ثم ترمي الجمرة الصغرى عن ابنك ثم تنتقل الى الوسطى وتفعل ذلك ثم تنتقل الى الكبرى وتفعل ذلك ولا يلزمك ان ترمي الصغرى لنفسك ثم الوسطى لنفسك الأمة الكبرى لنفسك ثم ترجع مرة اخرى عن ولدك او غيره ممن صرت نائبا له بل لك ان ترمي في موضع واحد مقدما نفسك ثم بعد ذلك ترمي عن غيرك. نعم قال رحمه الله فصل في وجوب الدم على المتمتع والقارن ويجب على الحاج اذا كان متمتعا او قارنا ولم يكن من حاضر المسجد الحرام دم وهو او او سبع بدنة او سبع بقرة ويجب ان يكون ذلك من مال حلال. وكسب طيب لان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وينبغي للمسلم التعفف عن سؤال الناس هدايا هدايا او غيره. وسواء كانوا ملوكا او غيرهم اذا يسر الله له مما اله ما يهديه عن نفسه ويغنيه عما في ايدي الناس. لما جاء في الاحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذم السؤال وعيبه ومدح من تركه فان عجز فان عجز المتمتع والقارن عن الهدي وجب عليه ان يصوم وجب عليه ان يصوم ثلاثة ثلاثة ايام الحج وسبعة اذا رجع الى اهله وهو مخير في صيام ثلاثة ان شاء صام قبل النحر. وان شاء صامها في ايام التشريق ثلاثة قال تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام الاية. وفي صحيح البخاري عن عائشة ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يرخص لم يرخص في ايام التشريق لم يرخص في ايام التشريق ان يصمن الا لمن لم يجد الهدي. وهذا في حكم المرفوع النبي صلى الله عليه وسلم والافضل ان يقدم صوم الايام الثلاثة على يوم عرفة ليكون في يوم عرفة مفطرا. لان النبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم عرفة مفطرا ونهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. ولان الفطر في هذا اليوم انشط له على الذكر والدعاء. ويجوز صوم الثلاثة الايام المذكورة متتابعة ومتفرقة وكذا صوم السبعة لا يجب عليه التتابع فيها. بل يجوز صومها مجتمعة متفرقة لان الله سبحانه لم يشترط لم يشترط التتابع فيها. وقضى رسوله عليه الصلاة والسلام والافضل تأخير صوم السبعة الى ان يرجع الى اهله لقوله تعالى وسبعة اذا رجعتم والصوم للعاجز عن الهدي افضل من وللملوك وغيرهم هدايا يذبحها عن نفسه احسن الله اليك هديا يذبحه عن نفسه ومن اعطي هديا او غيره من من غير مسألة ولا اشراف نفس فلا بأس به. ولو كان حاجا عن غيره اي اذا لم يشترط عليه اهل النيابة شراء الهدي من المال المدفوع له. اما ما يفعله بعض الناس من سؤال الحكومة او غيرها شيئا من الهدي باسم لاشخاص يذكرهم وهو كاذب فهذا لا شك في تحريمه. لانه من التأكل بالكذب عافانا الله والمسلمين من ذلك. ذكر المصنف رحمه الله فصلا اخر من فصول كتابه ترجم له بقوله فصل في وجوب الدم على المتمتع والقارن مبينا انه يجب على الحاج اذا كان متمتعا او قارنا ولم يكن من حاضر المسجد الحرام دم هو حاضر المسجد الحرام هم ساكنه. وهذا الدم شاة او سبع بدنة او سبع بقرة وذكر انه يجب ان يكون من مال حلال وكسب طيب لان الله طيب لا يقبل الا طيبا وانه ينبغي للمسلم التعفف عن سؤاله الناس ان يعطوه هديا سواء كانوا ملوكا او غير ذلك. لما جاء من الاحاديث الكثيرة في الامر بالاستغناء والاستعفاف والنهي عن للناس قال فان عجز المتمتع والقارن عن الهدي اي لم يقدروا عليه. وجب عليه ان يصوم ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجع الى اهله وهو مخير بين صوم الثلاثة ان شاء صامها قبل يوم النحر وان شاء صامها في ايام التشريق لقول الله تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة فيصوم في ايام الحج ثلاثة ايام واذا رجع الى اهله صام سبعة ايام وهذه الايام له ان يقدمها ويجعل اخرها يوم عرفة. ويجعل اخرها يوم الثامن كأن يصوم الثامن والسابع والسادس حتى يكون يوم عرفة مفطرا. وله ان يؤخرها فيصوم ايام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وايام التشريق يحرم صومها الا لمن لم يجد الهدي من متمتع وقارن. واما يوم عرفة فالسنة في حق الحاج ان يكون مفطرا ليتقوى وعلى العبادة ثم ذكر المصنف ان هذه الايام العشرة الثلاثة والسبعة ان شاء صامها متتابعة وان شاء صامها متفرقة والافضل ان يؤخر السبعة حتى يرجع الى اهله ثم ذكر ان الصوم للعاجز عن الهدي افضل من سؤال الملوك وغيرهم فمن لم يقدر على الهدي فالافضل له ان يصوم لا ان يسأل الناس ولو كانوا ملوكا ان يعطوه شيئا من الهدي واذا كان يكذب في دعواه عند السؤال فهذا من اكل اموال الناس بالباطل. ويعلم من هذا ان ليس عليه هدي ولا بدله فلا يذبح هديا ولا يصوم عشرة ايام وانما هذه على المتمتع والقارن فقط نعم قال رحمه الله فصل في وجوب الامر بالمعروف عن الحجاج وغيرهم. ومن اعظم ما يجب على الحجاج وغيرهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة كما امر بذلك كما امر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. واما ما يفعله الكثير من الناس من سكان مكة وغيرها من الصلاة في البيوت. وتعطيل المساجد فهو خطأ مخالف للشرع. فيجب النهي عنه وامر الناس بالمحافظة على الصلاة في المساجد لما قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لابنه ام مكتوم لما استأذنه ان يصلي في بيته لكونه اعمى بعيد الدار عن المسجد هل تسمعون نداء الصلاة؟ قال نعم. قال فاجب وفي رواية لا اجد لك رخصة. وقال صلى الله عليه وسلم قد هممت ان امر بالصلاة فتقام ثم امر رجلا يوم الناس ثم انطلقوا الى رجال لا يشهدون الصلاة فاحرق عليهم بيوتهم بالنار. وفي سنن ابن ماجة وغيره باسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له الا من عذر وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال من سره يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث نادى بهن. فان الله شرع لنبيكم سنن الهدى وانهن من سنن الهدى ولو انكم صليتم في بيوتكم كما قل لهذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لظللتم. وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم الى مسجد من هذه المساجد الا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه الله بها درجة. ويحط عنه بها سيئة. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين رجلين حتى يقام في الصف. ويجب على الحجاج وغيرهم اجتناب محارم الله تعالى والحذر من ارتكاب كالزنا واللواط والسرقة واكل الربا واكل مال اليتيم والغش في المعاملات والخيانة في وشرب المسكر يا المسكرات والدخان واشبال الثياب والكبر والحسد والرياء والغيبة والنميمة والسخرية بالمسلمين واستعمال الات الملاهي كالاسطوانات والرباب والمزامير واشباهها واستماع الاغاني والات الطرب من الراديو وغيره واللعب بالنرد والشطرنج والمعاملة بالميسر والقمار وتصوير الى ارواحنا الادميين وغيرهم والرضا بذلك فان هذه كلها من المنكرات. التي حرمه الله على التي حرمها الله على عباده في كل زمان ومكان فيجب ان يحذرها الحجاج من زوء سكان بيت الله الحرام اكثر من غيرهم لان المعاصي في هذا البلد الامين اثمها اشد وعقوبتها اعظم وقد قالت تعالى ومن يرده بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم فاذا كان الله قد توعد من اراد ان يلحد في الحرم بظلم فكيف تكون عاقبة من فعل من فعل لا شك انها اعظم واشد فيجب الحذر من ذلك. ومن سائر المعاصي. ولا يحصل للحجاج بر الحج غفران الذنوب الا بالحذر من هذه المعاصي وغيرها. مما حرم الله عليهم كما في كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه. واشد من هذه المنكرات واعظم منها دعاء الاموات والاستغاثة بهم والنذر لهم لهم رجاء يشفعوا لداعيهم عند الله او يشفوا مريضه او يردوا غائبه ونحو ذلك وهذا من الشرك الاكبر الذي حرمه الله وهو دين مشركي الجاهلية وقد بعث الله الرسل وانزل الكتب لانكاره والنهي عنه فيجب على كل فرد من الحجاج وغيرهم ان يحذره وان يتوب الى الله. وان يتوب الى الله مما سلف من ذلك وان كان قد سلف منه شيء وان يستأنف. وان نستأنف حجة جديدة بعد التوبة منه. لان الشرك الاكبر يحبط الاعمال كلها. كما قال تعالى ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ومن انواع الشرك الاصغر والحلف بغير الله كالحلف بالنبي والكعبة والامانة ونحو ذلك. ومن ذلك الرياء والسمعة وقوله ما شاء الله وشئت ولولا الله وانتم هذا من الله ومنك واشباه ذلك. ويجب الحذر من هذه المنكرات الشركية والتواصي بتركها لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك. اخرجه احمد ابو داوود والترمذي باسناد صحيح. وفي الصحيح عن عمر رضي الله عنه قال قال الله صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت وقال صلى الله عليه وسلم من حلف بالامانة فليس منا اخرجه ابو داوود وقال صلى الله عليه وسلم ايضا اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر. فسئل عنه فقال الرياء وقال صلى الله عليه وسلم لا تقول ما شاء الله وشعبنا ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان واخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ان رجلا قال يا رسول الله ما شاء الله وشئت. فقال صلى الله عليه وسلم اجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده. وهذه الاحاديث تدل على حماية النبي صلى الله الله عليه وسلم جناب التوحيد وتحذيره امته من الشرك الاكبر والاصغر وحرصه على سلامة ايمانهم ونجاتهم من عذاب الله واسباب بغضبه فجزاه الله عن ذلك افضل الجزاء فقد ابلغ وانذر ونصح لله ولعباده صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين الى يوم الدين والواجب على اهل العلم من الحجاج والمقيمين والمقيمين في بلد الله الامين. ومدينة رسوله الكريم عليه الصلاة والتسليم ان يعلموا الناس ما شرع الله لهم ويحذروهم مما حرم حرم الله عليهم من انواع الشرك والمعاصي وان يبسطوا ذلك بادلة ويبين وبيانا شافيا. ليخرجوا الناس بذلك من الظلمات الى النور وليؤدوا بذلك ما اوجب الله عليهم من البلاغ والبيان قال الله سبحانه واذا اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. والمقصود من ذلك تحذير علماء هذه الامة من سلوك مسلك الظالمين من اهل الكتاب. في كتمان الحق وايثاره في كتمان الحق ايثارا للعاجلة على العاجلة. وقال تعالى ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب عليهم وانا التواب الرحيم. وقد دلت الايات القرآنية والاحاديث النبوية لان الدعوة الى الله سبحانه وارشاد العباد الى ما خلقوا له. من افضل القربات واهم الواجبات. وانها هي سبيل الرسل واتباع الى يوم القيامة كما قال سبحانه ومن احسن قولا مما دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. وقال عز وجل اي وما انا من المشركين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل اجر فاعله. اخرجه مسلم في صحيحه قال لعلي رضي الله عنه الان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق على صحة ولايات والاحاديث في هذا المعنى فحقيق باهل العلم والايمان ان يضاعفوا جهودهم في الدعوة الى الله سبحانه وارشاد العباد الى اسباب النجاة وتحذيرهم من اسباب بالهلاك ولا سيما في هذا العصر الذي غلبت فيه الاهواء وانتشرت فيه المبادئ الهدامة والشعارات المضللة وقل فيها دعاك دعاة هدى وكثر فيها دعاة دعاة الالحاد والاباحية. فالله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ذكر المصنف رحمه الله فصلا اخر من فصول كتابه ترجم له بقوله فصل في وجوب الامر بالمعروف رفع للحجاج وغيرهم ذكر فيه ان من اعظم ما يجب على الحجاج وغيرهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على اختلاف انواع ذلك فكل معروف يجب الامر به وكل منكر يجب النهي عنه. ومن جملة ذلك الامر بالمحافظة على الصلوات الخمس في كما امر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم واما ما يفعله بعض الناس من اهل مكة ممن يعطل الصلاة في المساجد ويصليها في بيته فقد ترك اقامة الصلاة في المساجد التي امرنا بها شرعا ذكر المصنف رحمه الله احاديث في تقرير هذا. ثم ذكر انه يجب على الحجاج وغيرهم اجتناب محارم الله تعالى. والحذر من ارتكابها كالزنا واللواط والسرقة واكل الربا وغير ذلك من انواع المحرمات فان هذه محرمة على كل حال وهي في البلد الحرام اشد تحريما. وفي الشهر الحرام اشد تحريما. فيعظم الحرام الواقع فيه. فيعظم ايقاع حرامي في هذه الايام في هذا البلد الحرام فيجب على العبد ان يحذر من المعاصي اشد الاثم في البلد الحرام وقد قال الله تعالى الا ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم. يعني هذا اذا اراده ارادة قلبية فكيف بمن فعله؟ فكيف بمن ان يجاهروا بفعله الا انه اسوأ حالا واردأ نصيبا وحظا من ذلك. قال ولا يحصل للحجاج بر الحج وغفران ذنوب الا بالحذر من هذه المعاصي وغيرها مما حرمه الله عليهم. فالعبد اذا جاء الى مكة مريدا ان يحج حجا مبرورا لزمه المحافظة على الطاعات وترك المعاصي والسيئات. قال المصنف واشد هذه المنكرات واشد من هذه المنكرات واعظم منها دعاء والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم فاي ان هذا من الشرك الاكبر الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في اية عدة من اعظمها ايات سورة الاحقاف التي قال الله فيها ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. فهذا من ابلغ الضلال واعظمه اذا كان في البلد الحرام في الشهر الحرام ان يأتي الانسان ويقف بين يدي الكعبة ثم عوض ان يقول اللهم تجده يقول يا علي او يا حسين او يا جيلان او يا بدوي او غير ذلك فهذا من الشرك الاكبر العظيم. واشد انكاره واعظامه ان يقع من العبد في البلد بين يدي كعبة الله سبحانه وتعالى. قال فيجب على كل فرد من الحجاج وغيرهم ان يحذره. وان يتوب الى الله ممن مما سلف من ذلك ان كان سلف منه شيء وان يستأنف حجة جديدة بعد التوبة منه اي اذا كان حج وهو واقع في الشرك الاكبر فعليه ان يتوب ثم يأتي بحجة جديدة. لان الشرك الاكبر يحبط الاعمال كلها. قال تعالى ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ثم ذكر من انواع الشرك الاصغر التي يجب ان يحذرها العبد الحلف بغير الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك رواه احمد وابو داوود والترمذي فالحلف بالكعبة او او الحلف بفلان او غيره هذا من الشرك ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت وكذلك من جملة الشرك الاصغر الرياء بان يريد العبد باظهار عمله مدح الناس وثنائهم وذكرهم فهذا من الشرك الاصغر الذي يجب التوبة منه. وكذلك قول ما شاء الله وشاء فلان او ما شاء الله وشئت فان هذا من جنس الشرك الاصغر ولو قال ما شاء الله وشاء محمد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع رجلا يقول ذلك فقال اجعلتني لله ندا؟ ما شاء الله وحده؟ رواه النسائي باسناد صحيح يعني ان الانسان لا يجوز له ان يقول ما شاء الله وشاء محمد فالمشيئة لله وحده سبحانه وتعالى واذا اراد ذكر غيره معه قال ما شاء الله ثم شاء فلان ولا يسوي بينهما في المشيئة ثم قالها المصنف وهذه الاحاديث تدل على حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وتحذيره امته من الشرك الاكبر والاصغر حرصه على سلامة ايمانهم ونجاتهم من عذاب الله واسباب غضبه. ولذلك فان تأكيد ذلك والتذكير به من اعظم الدعوة الى الله سبحانه وتعالى. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان في موسم الحج يدعو الى التوحيد فكان يتخلل سوق ذي المجاز يقول يا ايها الناس قولوا لا اله الا الله فاعظم الدعوة في الحج الدعوة الى التوحيد ثم تليها الدعوة بتعليم مناسك الحج. ثم تليها الدعوة الى شعائر الاسلام على اختلاف درجاتها مع تقديم ما يلزم من الفرائض ثم لكن المعظم المقدم هو ان تدعو الى التوحيد. ولذلك بعظ الناس يستغرب انه اذا جاء سمع الدعوة الى التوحيد وينسى ان سيده وامامه وقدوته صلى الله عليه وسلم كما ثبت عند احمد كان يتخلل سوق ذي المجاز يقول يا ايها الناس قولوا ولا اله الا الله تفلحوا. فلم يكن يقول لهم يا ايها الناس صلوا ولا يقول يا ايها الناس زكوا ولا غير ذلك. فلو قال قائل هذا كان قوله في المشركين ونحن قوم مسلمون. قلنا المسلمون محتاجون الى الدعوة الى توحيد الله. فان محمدا صلى الله وسلم الذي قام في مكة وقعد وابدى واعاد في الدعوة الى التوحيد لما ذهب مهاجرا الى المدينة كان مما انزل عليه في سورة محمد ان الله قال له فاعلم انه لا اله الا الله. فاذا كان معلم التوحيد محتاج الى تعلمه فكيف بغيره من ان ناس ولا سيما من ليس معلما للتوحيد فمن اعظم الدعوة التي تنفع العبد وتقوي قلبه ويطمئن بها وينشرح صدره هو سماع توحيد الله سبحانه وتعالى فانت اذا سمعت الايات والاحاديث في توحيد الله وتعظيم جنابه واجلاله عمر ذلك قلبك بالاقبال على الله وصار شغلك في عملك كله هو الاقبال على الله سبحانه وتعالى. واذا استولى الشرك على قلبك صرفك الى غير الله سبحانه وتعالى الناس يقول هذه شرك اصغر يسمع انسان يحلف بغير الله يقول شرك اصغر يقول ما شاء الله وشئت شرك اصغر ليس المراد التساهل بذلك المراد لان من وقع منه هذا لا يخرج من الاسلام لكنه امر عظيم امر عظيم ان يقع الانسان من يقع منه الشرك اصغر والانسان اذا استكثر من الشرك الاصغر تخوف عليه ان يجره الى الشرك الاكبر حتى يصير من الناس من يعظم عنده دعاء غير الله اعظم من دعاء الله وهذا مبتدع امره كان امرا يسيرا من هذه الامور البدعية ثم الشرك الاصغر ثم صار يدعو غير الله سبحانه وتعالى واخبرني رجل ان انه تقدم بين يديه امرأتان كبيرتان في السن ليركبا حافلة فبينما ارادت احداهما ان تصعد اعتمدت على جانب الحافلة لتصعد ثم قالت يا علي يعني تستغيث العلي فقالت لها الاخرى لا تقولي يا علي قولي يا الله لماذا؟ قالت اتركي علي للشدات يعني علي متى تدعينه اذا اشتد الامر يعني ليس ما قالت لها لا ادعي الله وحده لا شريك له لا علي للشدات يعني الله سبحانه وتعالى تعالى الله يكون لهذا وغيره يكون الامور المهمة وهذا من اعظم الشرك واقبحه وهو لم يكن في شرك اهل الجاهلية بل اهل الجاهلية كان اذا اشتد الامر دعوا الله مخلصين له الدين. واما الشرك اليوم الذي صار في من ينتسب الى الاسلام صار اقبح من شرك اهل الجاهلية. وهذا مما ابتلي به الناس وقد اخبر النبي صلى الله الله عليه وسلم انه سيلحق فئام من امته بالمشركين. رواه مسلم في صحيحه. فالانسان ينبغي له ان يتخوف الشرك. وان يحذره فان ابوابه كثيرة. قال ابن مسعود رضي الله عنه الربا بضع وسبعون بابا والشرك مثل ذلك. رواه البزار باسناد قوي يعني ان ابواب الشرك كبيرة كثيرة فالانسان يخاف على نفسه من الشرك حتى يلقى الله سبحانه وتعالى موحدا. فانك اذا لقيت الله موحد وعندك ذنوب قدر ملء السماء غفر الله لك. قال الله تعالى في الحديث القدسي يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا يعني تشرب خمر تأكل ربا وغير ذلك ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة لكن لو ان الانسان عند الصدقات وزكاة وصلاة وغير ذلك لكنه يدعو غير الله ويذبح لغير الله. فهذا يكون له ما ذكر الله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا يعني لا ينفعه شيء من عمله ابدا. قال تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. يعني سالم من الشرك ليس فيه شرك. والنبي صلى الله عليه وسلم قيل له من اسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه يعني موحدا مخلصا ليس في قلبه اشراك بالله سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف ما يلزم اهل العلم من العلماء وطلابه من الحرص على تعليم الناس ودعوتهم في ايام الحج سواء في مكة او في المدينة النبوية ولا سيما ما يتعلق بتوحيد الله عز وجل فان الله اخذ عليهم الميثاق ان يبلغوا دينه وشدد عليهم تشديدا ذلك والدعوة الى الله من اعظم الاعمال الصالحة. كما قال الله سبحانه وتعالى ومن احسن ممن دعا الى الله اي لا احد احسن منه قولا وقال تعالى قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من من المشركين يعني ان طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقة اتباعه هي الدعوة الى الله على بصيرة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لاي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم يعني خير لك من اعظم المال عند العرب وهو الابل الحمراء. نعم قال رحمه الله فصل في استحباب التزود من الطاعات يستحب للحجاج ان يلازموا ذكر الله وطاعته والعمل الصالح مدة قامتهم بمكة ويكثروا من الصلاة والطواف بالبيت لان الحسنات في الحرم مضاعفة والسيئات فيه عظيمة شديدة فما يستحب لهم الاكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا اراد الحجاج الخروج من مكة وعليهم من يطوف بالبيت طواف الوداع ليكون اخر عهدهم بالبيت الا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال امر الناس ان يكون اخر عهدهم بالبيت الا انه خفف عن المرأة الا انه خفف عن المرأة الحائض متفق على صحته فاذا فرغ من توديع البيت او اراد الخروج من المسجد مضى على وجهه حتى يخرج ولا ينبغي له ان يمشي القهقرة ان ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن اصحابه. بل هو من البدع المحدثة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وقال صلى الله عليه وسلم اياكم ومحدثات الامور. فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ونسأل الله الثبات على دينه والسلامة مما خالفه. انه جواد كريم. ذكر المصنف فصلا اخر من فصول كتابه ترجم له بقوله فصل في استحباب التزود من الطاعات اي اتخاذها زادا بالاكثار من وبين انه يستحب للحجاج ان يلازموا ذكر الله وطاعته والعمل الصالح مدة اقامتهم بمكة ويكثروا من الصلاة والطواف بيت لان الحسنات في الحرم مضاعفة والسيئات فيه عظيمة شديدة فهي تعظم باعتبار قدرها لا باعتبار عددها فالحسنة تضعف كمية وكيفية في البلد الحرام واما السيئة فتعظم كيفية لا كمية فجزاء سيئة مثلها لكنها تكون اعظم من في البلد الحرام. قال كما يستحب لهم الاكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فاذا اراد الحجاج الخروج من مكة وجب عليهم ان يطوفوا بالبيت طواف الوداع ليكون اخر عهدهم بالبيت الا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما فيسقط عنهما الوداع واما غيرهما من الحجاج فانه يطوف طواف الوداع. فان كان الحاج مريدا تأخير طواف الافاضة حتى يكون مع طواف الوداع فانه يجمعهما وينويهما جميعا فيكون في اليوم الذي يريد ان ينصرف فيه يطوف سبعة اشواط ينوي بها الوداع والافاضة. اما اذا نوى الوداع فقط فانه قد بقي ركن الحج وهو الافاضة لكن من التيسير في حقه انه يجمع الافاضة والوداع في طواف واحد بنيتين ومن عليه سعي يأتي بالسعي بعد ذلك ولا يلزمه طواف اخر بعد سعيه اي لو قدر ان الانسان اراد ان يوخر ان يؤخر طواف الوداع مع ان يؤخر طواف الزيارة مع الوداع. فطاف سبعة اشواط ونوى الافاضة والوداع. وبقي عليه سعي الحج فانه سعي الحج ثم يخرج لان السعي تابع للطواف فلا يقدح في كونه اخر العهد بالبيت ثم يخرج بعد وان بقي وتأخر فانه يعيد مرة اخرى الطواف. فلو ان احدا طاف للوداع ثم خرج الى محل سكنه نام حتى اصبح ثم اراد ان يسافر فانه يعيد الطواف. لكن ان خرج من المسجد الحرام ثم جمع متاعه وركب سيارته وتوقف لاكل طعام في مطعم ثم خرج فهذا لا يعيد الطواف لان هذا من جملة ما يدخل في اسم الخروج. ثم قال فاذا فرغ من توديع البيت واراد الخروج من المسجد مضى على وجهه حتى يخرج يعني جعل البيت الكعبة في ظهره ومضى على وجهه ولا ينبغي له ان يمشي القهقرة بان يستقبل البيت بوجهه ثم يمشي الى الخلف على ظهره فان هذا ليس مشروعا ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا ان احد من السلف بل هو من البدع المحدثة كما ذكر المصنف وقبله ذكره ابو محمد ابن عبد السلام السنمي في مناسك الحج. والى هنا يكون الحاج قد انتهى من حجه المتعلق بمكة البلد الحرام وما التحق بها من المشاعر المقدسة ثم عقد المصنف رحمه الله فصلين اخر كتابه تتعاقان في احكام الزيارة الى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما له من المساجد ومواضع قبور الصحابة رضي الله عنهم وسنقرأها بعد صلاة المغرب باذن الله تعالى. وهذا اخر البيان على هذه جملة من الكتاب