اشهد ان لا اله الا الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الحج مقاما للتعليم ثق فيه من شاء من عباده الى الدين القويم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما علم الحجاج وعلى اله وصحبه خيرة وفد الحاج اما بعد فهذا شرح الكتاب السادس من برنامج تعليم الحجاج في سنته الاولى سنة ثلاث وثلاثين بعد الاربع مئة الف وهو كتاب الاسلام دين كامل. للعلامة محمد الامين ابن محمد المختار. الشنقيطي الله المتوفى سنة ثلاث وتسعين بعد الثلاثمائة والالف كامل بسم الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال الامام محمد امين ابن محمد المختار ابن عبد القادر الشنقيطي في كتابه الاسلام دين كامل. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن دعا بدعوته الى يوم وبعد فهذه محاضرة القيتها في المسجد النبوي بطلب من ملك المغرب فطلب مني بعض اخواني تقييدها لنشر فلبيت طلبه راجيا من الله ان ينفع بها. قال الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. فمن اضطر في مخمصة غير متجانف الاثم. سلامه جميعا ذلك اليوم يوم عرفة وهو يوم الجمعة في حجة وداع نزلت هذه الاية الكريمة والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات عشية ذلك اليوم وعاش صلى الله عليه وسلم بعد نزولها احدى وثمانين وقد سمح الله تعالى في هذه الاية الكريمة انه اكمل لنا ديننا فلا ينقصه ابدا ولا يحتاج الى زيادة ولذلك ختم الانبياء بنبينا عليهم صلوات الله وسلامه جميعا. وصرح فيها ايضا بانه رضي الاسلام دينا فلا يسخطه ابدا. ولذا صرح بانه لا يقبل غيره من احد. قال سبحانه ومن ابتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الدين عند الله الاسلام. وفي اكمال الدين وبيان جميع احكامه كل نعم الدارين. ولذا قال واتممت عليكم نعمتي وهذه الاية الكريمة نص صريح في ان دين الاسلام لم يترك شيئا يحتاج اليه الخلق في الدنيا ولا في الاخرة الا اوضحه وبينه كانما كان. ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه ببيان اصله وانه تقييد لمضامين محاضرة القاها بين يدي ملك المغرب في وقته اجابة لطلبه وهو الملك محمد الخامس جد الملك الموجود اليوم. فاجابه رحمه الله تعالى الى طلبته والقى بين يديه محاضرة في المسجد النبوي الشريف ثم لمس بعض الحاضرين وهي قول الله تعالى فيها فالتمس من الشيخ رحمه الله تعالى ان يقيدها مكتوبة فدونها رحمه الله تعالى بقيد القلم في هذه الاحرف التي تضمنت ما افضى به من العلم رحمه الله تعالى في بيان ان الاسلام دين كامل. وابتدأ رحمه الله تعالى بيانه بذكر الاية العظيمة المعدودة اصلا في ذلك وهي قول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دين تبين رحمه الله ان الله صرح في هذه الاية بامرين احدهما ان الله سبحانه وتعالى اكمل لنا الدين فلم يمت النبي صلى الله عليه وسلم لا والدين كامل الله عليه وسلم فقد رمى محمدا صلى الله عليه وسلم بتضييع الامانة قال الامام ما لك رحمه الله تعالى من ابتدع في الدين فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم خان رسالة انتهى كلامه اي لكونه استدرك شيئا نسبه الى الشرع لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم ففي استدراك عليه ايماء الى كونه صلى الله عليه وسلم لم يبلغ البلاغة التام ما امره الله سبحانه على به وكانت هذه الاية من اخر ما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم تحقيقا لهذا الاصل المذكور وهو كمال دين الاسلام. اذ لو تقدم عهدها وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وقتا طويلا الى الاوهام انه احتيج بعدها الى ابداء احكام شرعية لم تكن من قبل. وكانت هذه الاية من اواخر ما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم فانها انزلت عليه يوم عرفة وكان يوم الجمعة في حجة الوداع قبل وفاته صلى الله عليه وسلم باحد وثمانين يوما تقريبا ثم ذكر رحمه الله تعالى الامر الاخر وهو ان الله عز وجل رضي لنا الاسلام دينا وما رضيه الله عز جل فهو خير لنا. لان الاديان التي يدين بها الناس نوعان احدهما دين رظيه الله للخلق وهو دين الاسلام والاخر دين رظيه الخلق لانفسهم وهو ما سواه من الاديان. فما افترعه الناس من زبالات الاذهان سوى الاسلام فهو مما رضيه الناس لانفسهم ولم يرضه الله عز وجل لهم. واما الدين الذي رضيه الله عز وجل طلق كافة فهو الاسلام كما قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام. وهذا الدين هو دين كل نبي فان ابراهيم ونوحا وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وسائر الانبياء. كلهم جاءوا بدين الاسلام. المتضمن الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله. ثم كان لكل واحد منهم شرائع يتميز بها ما جاء به عن غيره. فشهر اسم دين كل نبي بما جاء فيه من الشرائع فموسى عليه الصلاة والسلام بعث الى اليهود من بني اسرائيل بالدين الذي دانوا به. الى بني اسرائيل عيسى الدين الذي دانوا به ثم بعث محمد صلى الله عليه وسلم الى الخلق كافة بدين الاسلام الذي جعله الله سبحانه وتعالى خاتم ما يبدلان لله عز وجل به من الاديان فكان النبي المرسل الينا هو اخر الانبياء وكانت امته هي اخر الامم. وكان الكتاب المنزل عليه هو اخر الكتب التي انزلها الله عز وجل على رسله وانبيائه ومن جوامع القول فيه هذه الاية اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا التي تضمنت الامرين الذين اشار اليهما المصنف رحمه الله تعالى. ثم ذكر رحمه الله عز وجل ان في اكمال الدين وبيان جميع احكامه كل مستكنة في دين اتممت عليكم نعمتي. لان كلمة نعمة نكرة موضوعة للدلالة على واضيفت الى معرفة هي الضمير فافادت العموم عند جمهور اهل العلم فاتم الله عز وجل على خلقه جميع النعم. الظاهرة والباطنة. ما يتعلق باديانهم وما علقوا بدنياهم فهو عام لجميع النعم. فالنعم كلها مستكنة في دين الاسلام. بقي من نافلة القول تتميما لما ذكره المصنف انه رحمه الله تعالى درج كغيره على وصف فواصل القرآن الكريم المسماة بالايات بالكريمة والمجعول في الخطاب الشرعي للدلالة وصفا على الاية هو البينة او المبينة فهذه ثلاثة اوصاف جاءت لافراد القرآن الكريم. واما الكرم فانما جاء وصفا لمجموعه وذلك في قوله تعالى وانه لقرآن كريم فالمفرد من فواصل القرآن يوصف بكونه بينا او مبينا او مبينا ومجموع ذلك يوصف بالكرم لان اصل الكرم هو الرفعة والسمو والعلو. وانما يتبدى هذا بالنظر الى مجموع القرآن كله. فان مجموع القرآن كله لمن ادمن النظر فيه وقلب الفكر ظهر له بجلاء كرم القرآن وعلوه على سائر الكلام نعم احسن الله اليكم وسنضرب لذلك المثل ببيان عشر مسائل عظام عليها مدار الدنيا من المسائل التي تهم العالم في الدارين وفي البعض تنبيه الثالثة الفرق بين العمل الصالح وغيره الرابعة تحكيم غير الشرع الحكيم الخامسة احوال الاجتماع بين المجتمع. السادس الاقتصاد السابعة السياسة الثامنة مشكلة تسليط الكفار على المسلمين. التاسعة مشكلة ضعف المسلمين عن مقاومة الكفان في العدد والعدد. العاشرة مشكلة اختلاف القلوب بين المجتمع. ونوضح علاج تلك المشاكل من القرآن وهذه وهذه اشارة خاطفة الى بيان جميع ذلك بالقرآن تنبيها به على غيره. ختم المصنف رحمه الله تعالى كلامه تقدم بقوله وهذه الاية الكريمة نص صريح في ان دين الاسلام لم يترك شيئا يحتاج اليه الخلق في الدنيا ولا في الاخرة الا اوضحه وبينه كانما كان. انتهى كلامه. فكل ايحتاجه الناس في امورهم الخاصة والعامة مما يتعلق باصلاح الدارين الدنيا والاخرة مما رده الى الدين او الدنيا. فان الاسلام دين حافل ببيان ما به صلاح الناس وقوام حالهم في جميع شؤونهم والديوان المبين لذلك هو القرآن الكريم. لان القرآن كتاب الاسلام. فالدين الذي جاء كاملا جامعا لما يحتاجه الناس وبين عن كماله بما استكنا في القرآن الكريم من الكنوز المدخرة مما يتعلق باحوال الناس. وقد قال الله سبحانه وتعالى ونزلنا عليك الكتاب يعني القرآن. ونزلنا عليك كتابة تبيانا لكل شيء. والتبيان تفعال من البيان. اي موضحا مبينا كل شيء به صلاحهم هو في القرآن الكريم. ولما وقر هذا المعنى في قلب كثير ممن تقدم لهجت السنتهم بالاشارة اليه فقال عبد الله بن مسعود فيما صح عنه من اراد علم الاولين والاخرين فليثور القرآن. رواه الدارمي وغيره ومعنى قوله فليثور القرآن اي فليحرك القرآن بالنظر فيه واستنباط معانيه فانه يقف على علوم جمة في جميع ما يتعلق باحوال الناس. وقال مسروق بن الاجدع احد التابعين ما من شيء نسأل عنه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الا وهو في القرآن. انتهى كلامه. ويؤثر عن عبد الله ابن رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام فما من شيء يحتاجه الناس في امورهم اللازمة لهم الا وفي القرآن الكريم الجواب الكافي والترياق الشافي المزيل لكل شبهة المحقق لكل منفعة. لكن الناس تختلف دلاؤهم نزعا من القرآن الكريم. فمن الناس من ان يحسنوا النزع منه فتجيء دلوه مملوءة. ومن الناس من لا يصيب من القرآن الكريم فهما الا القطرة والقطرتين ومنشأ ذلك هو شدة الصلة بالقرآن. فمن عظمت عظمت صلته بالقرآن الكريم تفجرت ينابيع العلم وموارد الفهم منه وقد سئل نافع رحمه الله تعالى ما كان شغل عبد الله يعني ابن عمر اذا دخل البيت قال لا تقدرون عليه. الوضوء لكل صلاة وقراءة رضي الله عنه في بيته الا قراءة القرآن الكريم. وروى ابن ابي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل عن عبد الله ابن وهب المصري انه قال قلنا قال كنا نعجب من نزع مالك من القرآن فسألنا اخته فقالت انا انه كان اذا دخل البيت لم يكن له شغل الا القرآن. فمن تأكدت صلته بالقرآن حفظا تلاوة واستنباطا ومعرفة لمعاليه ومقاصده قوي اخذه منه. ولتحقيق هذا الامر كان المصنف نفسه ممن يعد قوي النزع من القرآن لشدة صلته به. فانه كان رحمه الله تعالى اذا اراد تفسير شيء من قرآني الكريم في المسجد النبوي الشريف كان يقرأ المقدر منه نظرا مئة مرة. وانما كان مئة مرة قراءة لان المرء يتبدى له من فهم معاني القرآن في كل مرة ما لم يكن في علمه من قبل. واشار الى هذا ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وذكر ان المرء كلما امعن الفكر وقلبها فيما هو مشتهر كالفاتحة من القرآن الكريم يتبدل يتبدى له من فهم معانيها ما لم يكن في علمه من قبل. ولا يظنن احدكم ان المقصود فهم تفسير الايات. فان هذا قد يستطيعه المرء من قراءة تفسير او تفسيرين او ثلاثة او اربعة. ولكن المقصود ما يلوح من ايات القرآن من المعارف العلمية والحقائق الايمانية التي لا ينضب معينها ولا ينقطع اصلها لان القرآن كلام الله سبحانه وتعالى. وكلام الله عز وجل كما انه لا فكلام الله عز وجل كما يقطع العبد انه لا يحصى ولا يقدر عليه فكذلك فهم معانيه وما يتبدى في من الحقائق والمعارف العلمية والايمانية لا ينتهي الى احد من الخلق بقوله بل كلما اقبل المرء عليه صادقا مستنبطا وليعا به فانه يفتح له من ابواب الفهم فيه ما لا يفتح لغيره. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه يضرب لذلك مثلا مقررا كمال الاسلام ووفاء القرآن بحل جميع ما يحتاجه الناس في احوالهم المشكلة عليهم بذكر عشر مسائل تهم العالم في الدارين. اراد بها التنبيه بالبعض على الكل كما قال وفي البعض تنبيه لطيف على الكل فالقول في مسألة غيرها كالقول في هذه المسائل المذكورة كالقول في جميع هذه المسائل المذكورة في كلامه رحمه الله تعالى وذكر رحمه الله تعالى تلك المسائل العشر واحدة واحدة فابتدأها بالتوحيد ثم ختمها بمشكلة اختلاف القلوب بين اجتمع ثم سيعود رحمه الله تعالى بالتفصيل بعد الاجمال مبينا حل هذه الامور المعضلة والوقائع المشكلة بما جاء في القرآن الكريم. نعم احسن الله اليكم. المسألة الاولى وهي التوحيد. لقد علم باستقراء القرآن انه منقسم الى ثلاثة اقسام. النوع الاول توحيد جل وعلا في ربوبيته وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر فطر العقلاء قال تعالى سألتهم من خلقهم ليقولن الله وقال قل من يرزقكم من السماء والارض ان من يملك السمع والابصار. الى قوله الا تتقون والايات بنحو ذلك كثيرة. وان كانوا فرعون لهذا النوع في قوله قال فرعون وما رب العالمين وتجاهل بدليل قوله قال لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض صائر الاية وقول وجحدوا بها واستيقظتها انفسهم ظلما وعلوا ولهذا كان القرآن ينزل بتقرير هذا النوع من التوحيد بصيغة استفهام التقرير كقوله افي الله شك وقوله قل اغير الله يا بغي ربه وهو رب كل شيء. وقوله قل من رب السماوات والارض قل الله ونحو ذلك لانهم يقرون نوع من التوحيد لم ينفع الكفار لانهم لم يوحدوه جل وعلا في عبادته كما قال وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وقوله ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفان وقوله ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. الا ان النوع الثاني توحيده جل وعلا في سعادته وهو الذي وقعت فيه جميع المعارك بين الرسل والامم. وهو الذي ارسلت الرسل لتحقيقه وحاصله ومعنى لا اله الا الله فهو مبني على عصرين هما النفي والاثبات من لا اله الا الله. فمعنى النفي منها خلع جميع انواع المعبودات غير الله تعالى في جميع انواع العبادات كائنة ما كانت ومعنى الاثبات منها هو افراده جل وعلا وحده بجميع انواع العبادة على الوجه الذي شرع ان يعبد به في هذا النوع قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا نعبد الله واجتنبوا الطاغوت. وقال وما ما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبده وقال فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللعب فقد استمسك بالعروة الوثقى وقال واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا جعلنا من دون الرحمن الهتين يعبدون. وقال قل ان انما يوحى اليه انما الهكم اله واحد. فهل انتم مسلمون والايات في هذا كثيرة جدا. النوع الثالث هو توحيده جل وعلا في اسمائه وهذا النوع من التوحيد ينبني كما بينه جل وعلا الاول هو تنزيه تعالى عن مشابهة صفات الحوادث الثاني هو الايمان بكل ما وصف به نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة لا مجاز على الوجه اللائق بكماله وجلاله ومعلوم انه لا اصف الله اعلم بالله من الله ولا ينسف الله اعلم من رسول الله والله يقول عن نفسه انتم اعلم ومن الله كونوا عن رسوله وما ينطق عن الهوى عنه والا وحي يوحى فقد بين تعالى نفي المماثلة بقوله ليس لكمثلي شيء وبين اثبات الصفات له على الحقيقة بقوله وهو السميع البصير. فاول الاية يقضي بعدم التعطيل فيتضح الاية ان الواجب اثبات الصفات حقيقة من غير تمثيل ونفي المماثلة من غير التعطيل وعلا قال اعلموا ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الاولى من المسائل العشر وهي توحيد الله عز وجل. واستفتح القول فيها اعلامي بان استقراء القرآن الكريم دل على قسمة التوحيد الى ثلاثة اقسام هي توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات. فالقسمة الثلاثية مستمدة من تصفح افراد الادلة في القرآن بتتبع افراد الادلة في القرآن مع صنوه السنة علم ان توحيد الله عز وجل المأمور به منقسم الى هذه الاقسام الثلاثة وتقدم القول ان التصريح بهذه القسمة الثلاثية موجود في كلام جماعة من المتقدمين منهم اتم بن حبان في مقدمة روضة العقلاء فانه استفتح خطبته بما ضمنه انواع التوحيد الثلاثة ومن ابو جعفر ابن جرير في تفسيره ومنهم ابو عبد الله ابن منده في كتاب التوحيد في اخرين من اهل العلم من القدماء فضلا عن من بعدهم صرحوا بقسمة التوحيد الى هذه الاقسام الثلاثة. والاصل الذي شيدت عليه هذه القسمة الثلاثية هو تصفح افراد الادلة من القرآن والسنة. فبتتبعها استقراء تاما انتج ذلك القول بهذه القسمة الثلاثية فالنوع الاول من تلك الاقسام الثلاثة هو توحيد الربوبية. وهذا النوع من التوحيد كما قال المصنف جبلت فطر العقلاء فهو مستقر في النفوس. فلا تجد عاقلا ينازع فيه. لان من رأى شواهد قطع بان الله سبحانه وتعالى هو رب هذا الكون. وان هذه الموجودات مفتقرة الى خالق خلقها ومكون كورها ومكون قدرها وهو الله سبحانه وتعالى. كما قال الشاعر تأمل في نبات وانظر الى اثار ما صنع الملك عيون من لجين شاخصات باحداق هي الذهب السبيك على كتب الزبرجد شاهدات بان الله ليس له شريك سبحانه وتعالى. فمن تأمل في ملكوت السماوات والارض قطع بما تجده النفوس من ضرورة كون هذا الكون له رب هو الله سبحانه وتعالى. وما وقع من الانكار على لسان جماعة من الطغاة كفرعون وغيره فانما هو على وجه التجاهل والمكابرة والا فهم في قرارة نفوسهم بان هذا الوجود له موجد هو الله سبحانه وتعالى. كما قال الله عز وجل وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم هم ظلما وعلوا. ثم ذكر ان استقرار هذا النوع من التوحيد في الفطر استدعى ان يكون ذكره في القرآن بصيغة استفهام ام التقرير فهو استفهام تقريري يراد به الانكار على المكابر فيه المتجاهل لما يوجد في النفوس كقوله تعالى افي الله شك؟ وقوله تعالى قل اغير الله ابغي ربا وقوله تعالى قل من رب السماوات والارض فالنفوس مضطرة الى الاقرار به ولا ينازع في ذلك الا مكابر طاغية. وفي اخبار الرازي احد المتكلمين ان مسيره في بغداد صادف امرأة جلبة وصوت فتعلقت تلك المرأة باحد السائلين معه فقالت له من هذا الرجل الذي انتم معه فقال هذا رجل يعرف على وجود الله سبحانه وتعالى الف دليل فقالت بلسان الفطرة افي الله شك فهي مقرة ضرورة بان الله عز وجل ثابت الوجود والربوبية بما يراه الانسان من شواهد الربوبية في ملكوت السماوات والارض. فالانسان غير محتاج الى نصب الف دليل للدلالة على وجوده سبحانه وتعالى. ثم ذكر رحمه الله جعل ان هذا النوع من التوحيد لم ينفع الكفار لانهم لم يوحدوه في عبادته. فهم يؤمنون بتوحيد الربوبية اجماليا ناقصا لكن ذلك الايمان لم يكن في حصول اسم الاسلام لوقوع الشرك منهم فيما هو اعظم منه وهو توحيد العبادة. فان توحيد العبادة هو الغاية الكبرى والمطلب الاعظم وانما جعلت شواهد مرقاة توصل اليه. كما ذكر ابن الوزير في ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان عن صاحب كتاب مذاهب السلف ولم يسمه ولم اعرفه ان في القرآن خمس مئة اية في الربوبية وانما حشي القرآن بهذا لجعل ذكر الربوبية مرقاة ملزمة للاقرار بما هو اعظم وهو توحيد الله عز وجل في عبادته. ثم اذهب ثم ثم ذكر النوع الثاني وهو توحيد الله عز وجل في عبادته. وبين ان هذا التوحيد هو الذي وقعت فيه المباينة والخصومة بين واحد اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. فنازعوا في جعل المعبود الذي يتقربون اليه ويطلبون منه الشفاعة واحدا هو الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر ان هذا التوحيد هو مدار لا اله الا وان مبناه على امرين احدهما النفي والاخر الاثبات. والمراد بالنفي نفي جميع انواع العبادة غير وعن غير الله عز وجل والمراد بالاثبات اثبات العبادة لله وحده لا شريك له. وكل امة من الامم جاءها رسول يأمرهم في بذلك كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان يعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. ثم ذكر النوع الثالث وهو توحيد الله عز وجل في اسمائه وصفاته وذكر انه مبني على اصلين الاول قلع مشابهة صفات الحوادث يعني المخلوقات. فالحادث يشار به في كلام المتكلمين في ابواب الاعتقاد الى المخلوق فالله عز وجل منزه مقدس عن مشابهة المخلوقات في صفاتها. لان لله سبحانه وتعالى كمالا يليق بجلاله وللمخلوق حال تناسبه وليس حال الخالق سبحانه وتعالى بما له من الكمال كحال المخلوق والثاني الايمان بكل ما وصف الله به نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة لا مجازا اي انه اريد به ما تعرفه العرب في لسانها من المعاني المستقرة عندها بما اخبر الله تعالى به عن نفسه او قضى به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم وتقدم القول بان ذكر في التمهيد اجماع السلف على ان الوارد في ايات الصفات هو على الحقيقة لا على المجاز ثم ذكر رحمه الله تعالى ان ذلك الاثبات يكون على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله. وهذه قيادة المذكورة في كلام اهل التوحيد والايمان من الانباه الى ان اقرار الصفات مبني على الوجه اللائق بكماله وجلاله سبحانه وتعالى موجبه تقرير المباينة بين الخالق والمخلوق فان بين الخالق والمخلوق فرقا عظيما والجهل بهذا الفرق نشأ منه الغلط وفي ابواب كثيرة تتعلق بتوحيد الله عز وجل سواء في ابواب الربوبية او الالوهية او الاسماء والصفات ثم ذكر ان الداعي الى رد الوصف الالهي الى ما جاء. وعن رسوله صلى الله عليه وسلم انه لا يصف الله احد اعلم بالله من الله. ولا يصفه احد بعد الله اعلم منه برسوله صلى الله عليه وسلم. فان الله قال عن نفسه اانتم اعلم ام الله؟ وقال عن رسوله صلى الله عليه وسلم وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي فما اخبر به الله عن نفسه او اخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم هو حق صراح يجب الايمان به واعتقاده واثبات ما تضمنه بما تعرفه العرب في لسانها. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى قوله عز وجل ليس كمثله شيء وهو السميع العليم وهو السميع البصير. فذكر ان اول الاية يقضي بعدم التعطيل فذكر ان قوله تعالى ليس كمثله شيء يقتضي تنزيه يليق به وقوله تعالى وهو السميع البصير يقتضي اثبات ما وصف الله عز وجل به نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. مع القطع بان افهامنا لا تنتهي الى الاحاطة بكنه تلك الصفات. وانما ندرك معانيه بما نعرفه من اللسان العربي الفصيح. اما الحقيقة التي تكون عليها تلك الصفة الالهية فان العقول توبة عنها فكما حجبت عنا حقيقة الذات حجبت عنا حقيقة الصفات فاننا نؤمن بوجود ذات الى اهية لربنا سبحانه وتعالى الا اننا لا نرسل القول في بيان حقيقتها للجهل بها فكذلك ما كان لاحقا بها من الصفات الالهية يمتنع القول فيه لكونه محجوبا عنا تبعا للذات. وهذا معنى ما صرح به جماعة. قدماء كحمد الخطاب وابي بكر للخطيب رحمهما الله تعالى في قولهما القول في الصفات فرع عن القول قلي في الذات القول في الصفات فرع عن القول في الذات اي اننا كما لا نقول في ذات الله عز وجل شيء يفصح عن كنهها فكذلك لا نقول في الصفات بشيء يفصح عن كنهها. والى ذلك اشار ابن عدود في نظمه اذ قال وما نقول في صفات قدسه فرع الذي نقوله في نفسه فان يقل جهميهم كيف استوى كيف يجئ فقل له كيف هو اي اذا طلب احد القول في حقائق الصفات فطالبه بالقول في حقيقة الذات فانه ينقطع دون ذلك نعم احسن الله اليكم. المسألة الثانية التي هي الوعظ. فقد اجمع العلماء المطش والنكل وسيئة من الله تعالى لم ينزل من السماء لم ينزل. احسن الله اليكم. فقد اجمع العلماء على ان الله تعالى لم ينزل من السماء الارض واعظا اكبر ولا زهجرا اعظم من موعظة المراقبة والعلم. وهي ان يلاحظ الانسان ان ربه جل وعلا رقيب عليه عالم كل ما يخفي ويعلن وما يعين عالم بكل ما يخفي وما يعلن وضرب العلماء لهذا الواعظ الاكبر والزاج الاعظم مثلا يصير به المعقول كالمحسوس قالوا لو فرضنا ملكا سفاكا للدماء شديد المطش والنكال وسيافه قائم على رأسه والنطع مبسوط والسيف يقطن دما وحول ذلك الملك بناته وازواجه ويخطر في البال ان يهم احد من الحاضرين بريبة او نيل حرام من بنات ذلك الملك وازواجه وهو عالم به اليه لا وكلا ولله المثل الاعلى. بل كل الحاضرين قلوبهم خاشعة عيونهم ساكنة جوارحهم غاية امانيهم السلامة ولا شك. ولله المثل الاعلى ان الله جل وعلا اعظم اطلاع واوسع علما من ذلك الملك ولا شك انه اعظم مكانا واشد بطشا وافظع عذابا وحماه في ارضه ولو علم اهل البلد ان امير البلدة يصبح عالما بكل ما فعلوه بالليل لباتوا خائفين وتركوا جميع المناكر خوفا وقد بين الله تعالى ان الحكمة التي خلق الخلق من اجلها هي ان يبتليهم ان يختبرهم احسن عملا. قال في اول صورته هود وهو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام في ستة ايام وكان عرشه على ليبلوكم ايكم احسن عملا. ولئن قلت انكم مبعوثون من بعد الموت قولن الذين كفروا ان هذا الا سحر مبين. ولم يكن ايكم اكثر عملا. وقال في الملك الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور. وهاتان الايتان تبين المراد من قوله ومع خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ولما كانت الحكمة في خلق الخلائق اختبار المذكور اراد جبريل ان يبين للناس طريق النجاح في ذلك الاختبار. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخبرني عن الاحسان اي وهو الذي لاجل اختبار فيه. فبين صلى الله عليه وسلم ان طريق الاحسان هي هذا الزاجر الاكبر والواعظ الاعظم المذكور قال هو ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. ولهذا لا تقلب ورقة من المصحف اكبر ولقد خلقنا هذا الواعظ الاعظم احسن الله اليكم الا وجدت فيها هذا الواعظ الاعظم قال تعالى ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسك ونحن اقرب اليه من حبل الوريد. وقال ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وقال فلا نقول شأن وما تتلوا منه من قرآن. ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا النيل تفيضون فيه وما يعجب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وما اصغر من ذلك اكبر الا في كتاب مبين. وقال الا انهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه. الا حين يستقشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون انه عليم بذات الصدور. ونحو هذا في كل موضع من القرآن. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة النية من المسائل العشر وهي مسألة الوعظ والمراد بالوعظ ايراد الامر والنهي مقرونا بالترغيب والترهيب. فاذا سيق الامر او النهي بما يرغب فيه ان كان مرغبا مطلوبا او بما يرهب منه ان كان ضارا مغلوبا سمي ذلك موعظة وابلغ الموعظة هي الموعظة الحسنة. كما قال الله عز جل ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة الحسنة هي التي تقع موقعها بجميع ما يتعلق بها سواء من جهة منشئها المتكلم بها بكونها تحسن منه دون غيره او بالنظر الى ما يتكلم به مما يرده الى القرآن والسنة او بكونه موافقا حال المخاطب بتلك الموعظة. فكلما اجتمعت تلك الصفات في موعظة اوجبت حسنها المصنف رحمه الله تعالى ان العلماء اجمعوا ان الله عز وجل لم يجعل واعظا اكبر ولا زاجرا اعظم من موعظة المراقبة والعلم اي استحضار العبد اطلاع الله سبحانه وتعالى عليه وعلمه به وانه مراقب له في جميع سكانه وحركاته. فان وجدان ذلك المعنى في القلب يسوقه خافوه ورهبوه. على موافقة امر الله سبحانه وتعالى. واورد المصنف رحمه الله تعالى مثلا مضروبا لذلك بحال الملك القوي الشديد فان الناس اذا استحضروا معرفته باحوالهم وشهوده اياهم خافوه ورهبوه ذلك اذا استحضر العبد اطلاع الله سبحانه وتعالى عليه وعلمه به وتمكنه منه فان العبد ينزجر عن كثير من غيه ويقبل على جم غفير مما يصلحه في امر دينه ودنياه. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان الله عز وجل بين الحكمة من خلق الخلق. وهي ابتلاؤهم بعبادته عز وجل كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الانس الا ليعبدون. وهذا الابتلاء واقع بالامر والنهي المستكن في لا يبتلون ايهم اكثر عملا. فليست كثرة العمل مراده مطلوبة في الشريعة. وانما المطلوب احسان العمل كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى. واشار الى هذا المعنى ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية اذ قال والله لا الله بكثرة فعلنا لكن باحسنه مع الايمان. فالعارفون مرادهم احسانه والجاهلون عن الاحسان واشتدت هذه البلية في الخلق ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم الينا. فان بعثة النبي صلى الله عليه جعلت فرقانا في الابتلاء. ففي صحيح مسلم في الحديث الالهي الذي رواه من حديث عياض بن حمار المجاشعي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله قال انما بعثتك لابتليك وابتلي بك. ذلك تقوية ما امر الله عز وجل به من الابتلاء الجاري على الخلق قدرا من انهم مخلوقون للعبادة. فلما بعث اليهم النبي صلى الله عليه وسلم باعظم الايات وهو خير الرسل كان ذلك تقوية للابتلاء الذي ذكره الله سبحانه وتعالى ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان احسان العمل يكون بتبليغ العبد نفسه رتبة الاحسان. ومبناها على مقامين احدهما المشاهدة والاخر المراقبة. فالعبد مأمور بان يعبد الله بهذا فان لم يقدر فليعبده بذاك كما في حديث جبريل في الصحيحين عن ابي هريرة وهو عند مسلم وحده من حديث عمر وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. جوابا لسؤال جبريل عن الاحسان انا مملوء من تنبيه الخلق بمسالك شتى الى ما يطلب منهم من الاحسان. وذلك بتذكير الخلق باطلاع عز وجل عليهم ومراقبته لهم كما قال ولهذا لا تقلبوا ورقة من المصحف الا وجدت فيه اذى الواعظ الذي تساق به القلوب الى الله سبحانه وتعالى. فان الله عز وجل قال ونحن اقرب اليه من حبل الوريد. فقال ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. في اية اخرى في هذا المعنى. فاذا اقيم في القلب مقام الاحسان بادر العبد الى امتثال امر الله سبحانه وتعالى فكان ذلك ابلغ واعظ واعظم زاجر يمنعه من مخالفة امر الله سبحانه وتعالى. وبه يستكثر العبد من الحسنات ويتقلل من السيئات. فمن ناظريه اطلاع الله سبحانه وتعالى عليه حداه ذلك الى ان يستحي من الله عز وجل فلا يبادر الى معصيته وان يطلب مرضاة الله عز وجل فيستكثر من الحسنات المقربة اليه نعم احسن الله اليكم احذر عشان الوقت. ابشر. نعم. المسألة الثالثة التي هي الفرق بيننا من الصالح وغيره. فقد القرآن العظيم ان العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة امور. ومتى اختل واحد منها فلا نفع فيه لصاحبه يوم القيامة. الاول ان يكون مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لان الله يقول وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوه. ويقول من يطع الرسول فقد اطاع الله ويقول قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني. الاية حولهم من الدين ما لم يأذن به الله. ويقول االله اذن لكم ام على الله تفترون الثاني ان اكون خالصا لوجهه تعالى لانه يقول وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. الا يهوى يقول قل اني امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين. وامرت بان اكون اول المسلمين. قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله اعبد مخلصا له ديني. اعبدوا ما شئتم من دونه. قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة. الا ذلك هو الخسران المبين. الثالث ان يكون مبنيا على اساس العقيدة صحيحة لان العمل كالسقف والعقيدة كالاساس. قال تعالى ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فقيد ذلك بقوله وهو مؤمن وقال في غير المؤمن وقدمنا الى ما عملوا من عمل جعلناه هباء منثورا. وقال تعالى اولئك الذين ليس لهم في وحبط ما صنعوا فيها وباطن ما كانوا يعملون. الى غير ذلك من الايات ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثالثة من المسائل العشر وهي المتضمنة الفرق بين العمل الصالح وغيره فان الله عز وجل خاطب خلقه في القرآن الكريم مدحا وثناء واشادة وبيانا بفضيلة العمل الصالح فاحتاج ذلك الوقوف على حقيقته ليتمكن العبد من امتثاله. فبين المصنف رحمه الله تعالى ان تأتي امور متى استكملها كان صالحا. فان خلا منها او واحد منها لم يكن صالحا. فاولها ان يكون مطابقا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. والمراد بذلك ان يكون العبد فيه متابعا النبي صلى الله عليه وسلم مطيعا له واورد المصنف من الايات ما يدل على وجوب طاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم. والثاني ان يكون خالصا لله عز وجل وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله تصفية القلب من ارادة غير الله. والى ذلك اشرت بقول اخلاصنا لله صف القلب من سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن والثاني العمل مبنيا على اساس العقيدة الصالحة الصحيحة. واراد بذلك ان يكون العامل مسلما فانه اذا كان مسلما مؤمنا قبل الله عز وجل عمله وان كان غير مؤمن فان اعماله تكون هباء ثورا وهذه الشروط الثلاثة التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى لا تخالف المشهور من كون العمل الصالح يرجع الى الاخلاص ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم. لانه ذكر نوعين من الشروط تختلف مواردهما فان الشروط المتعلقة بالعمل الصالح المذكورة في كلام المصنف نوعان احدهما شروط تتعلق بالعبد شروط تتعلق بالعبد هو الاسلام وهذه الشروط التي تتعلق بالعبد هي التي يذكرها الفقهاء في شروط الصلاة وشروط الحج وغيرهما من ذكرهم الاسلام والعقل والتمييز على اختلاف في التمييز والاخر شروط تتعلق بالمتعبد به شروط تتعلق بالمتعبد به. وهي المذكورة اولا وثانيا في كلامه وهما الاخلاص والمتابعة فحينئذ يكون الشائع في كلام اهل العلم من ذكر شروط العبادة يريدون بها العبادة من جهة ايقاعها التعبد لله والتعبد لله عز وجل بها من عبد مسلم. فيكون الامر مردودا الى ما ذكر انه يرجع الى الاخلاص تابعه واما بالنظر الى شروط من حيث هي فان شروط العبادة من حيث هي تشمل شروطا تتعلق بالعبد وشروط تتعلق بالمتعبد به وغلب اقتصار المتكلمين في ابواب الاعتقاد والسلوك والرقائق على شروط المتعبد به لان الذي يحكم عليه حينئذ انما ينظر فيه الى عمل المسلم دون الكافر. نعم احسن الله اليكم. المسألة الرابعة التي هي تحكيم غير الشرع الكريم. فقد بين القرآن انها كفر بواح وشرك بالله تعالى. ولما اوحى الى كفان مكة يسألوا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الشاة تصبح ميتة تصبح ميتة من قتلها. فقال الله قتلها فقال الله قتلها فاوحى اليهم ان يقولوا له ما ذبحتموه بايديكم حلال وما ذبحه الله بيده الكريمة بيده الكريمة فانتم اذا احسن من الله انزل الله ولا وانه لفسق وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم وان اطعتموهم انكم لمشركون وعدم دخول الفأي على جملة انكم لمشركون قرينة ظاهرة على تقدير لام توطئة القسم فهو قسم من الله اقسم به جل وعلا هذه الايات الكريمة على ان من اطاع الشيطان في تشنيعه تحليل الميتة انه مشرك وهو شرك اكبر مخرج عن الملة الاسلامية باجماع المسلمين وسيوبخ الله يوم القيامة مرتكبه بقوله الما عاد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان انه لكم انه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم. وقال تعالى عن خليله يا ابت لا تعبدون الشيطان اي باتباعه في تشريع الكفر والمعاصي وقال ان يدعون من دونه الا اثاثا مريضة اي ما يعبدون الا شيطانا وذلك باتباعهم تشريعا. وقال تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم من شركاؤهم الاية فسماهم شركاء لطاعتهم لهم في معصية الله بقتل الاولاد. ولما سأل علي بن حاتم رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا اجابه النبي بان معنى اتخاذ مربابا هو اتباعهم لهم في تحريم ما احل الله وتحرير ما حرم هو هذا امر لا نزاع فيهم. قال تعالى الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من من قبرك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به. ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا وقال ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون. وقال افغير وانزل اليكم الكتاب مفصلا. والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انهم منزل من ربك بالحق. فلا تكونن من الممترين وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم. وقوله اي في الاخبار وقوله وعدلا اي في الاحكام وقوله افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقومه يوقنون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الرابعة من المسائل العشر وهي تحكيم غير ترعي الكريم فان الله سبحانه وتعالى انزل على محمد صلى الله عليه وسلم فيما انزله عليه في القرآن قوله ان الحكم الا لله. فالحكم لله سبحانه وتعالى. فليس لاحد ان يحكم غير الشرع الامر كما قال المصنف بين القرآن انها كفر بواح وشرك بالله سبحانه وتعالى. ثم ذكر المصنف رحمه الله على التصريح بذلك في قوله وان اطعتموهم انكم لمشركون. منبها ان عدم دخول الفاء على جملة ان هم لمشركون قرينة ظاهرة على تقدير اللام الموطئة للقسم. اي ان تقدير الاية والله انكم لمشركون هنا بما فعلتم وهو قسم من الله سبحانه وتعالى ان من اطاع الشيطان في تشريعه تحليل الميتة انه مشرك وهو شرك شرك اكبر مخرج عن الملة الاسلامية باجماع المسلمين. فمن جعل للناس شرعا وامرهم باعتقاد من الله سبحانه وتعالى شرعا يدينون به فاطاعوه في ذلك واعتقدوا صحة ما الملة الاسلامية وهو الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا. وفسر ذلك في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه عند الترمذي وفي اسناده ضعف وله شواهد ربما حسن بها والى ذلك ذهب ابو العباس ابن تيمية في كتاب الايمان الكبير ان طاعتهم اتباعهم اتباعهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما حلل الله وذكر ابو العباس ابن تيمية الحفيد في اقتضاء الصراط المستقيم وجماعة ان ذلك يقع على وجهين. احدهما فيما ذهبوا اليه دون اعتقاد كونه صحيحا. موافقتهم فيما ذهبوا اليه دون اعتقاد كونه صحيحا. فهو لا يعتقد ان الحلال صار بتحريمهم حراما. ولا ان الحرام صار بتحليله له وانما يوافقهم في الفعل لموافقته شهوة قلبية او غير ذلك والحال الثانية ان يوافقهم على ذلك معتقدا صحة ما ذهبوا اليه من تحليل الحرام وتحريم فاما الاول فانه لا يخرج العبد به من الملة. واما الثاني فان العبد يخرج به من الملة الاسلامية. ثم ذكر رحمه الله تعالى في ذلك قول الله عز وجل الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان تحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به. مبينا ان التحاكم الى الطاغوت. وهو كل حكم سوى حكم الله سبحانه وتعالى ان العبد اذا تضمن قلبه ارادته يعني الميل اليه والرضا به ومحبته فان العبد يكون بذلك كافرا وتحاكم الى الطاغوت دون ارادة له ولا محبة ولا ميل وانما حمله على ذلك استنقاذ حقه طول انجازه حقه الا بالتحاكم الى هذه المحاكم المنصوبة خلاف شرع الله سبحانه وتعالى فانه لا يكون كذلك قيد الفارق بين المتحاكمين الى غير الله عز وجل في الكفر وعدمه وجود الارادة. فاذا وجدت الارادة الرضا والمحبة والميل والموافقة فان العبد يكون بذلك كافرا خارجا يكون كافرا خارجا من الملة واما توجد فانها لا يكون بذلك كافرا بل ربما كان فاسقا او كان مكرها لا خيار له فانه لا يستنقذ حقه الا برد الى تلك المحاكم التي نصبت على خلاف الشرع. ثم ذكر قوله تعالى ومن لم يحكم بما الله فاولئك هم الكافرون وهذه الاية في بيان حكم من لم يحكم بما انزل الله عز وجل وانه كافر ولم يختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في كونه كافرا. وانما اختلفوا في مرتبة كفره. هل هي كفر اكبر مخرج من الملة؟ ام هي كفر اصغر غير مخرج من الملة. والصواب ان ذلك ينظر فيه الى الحال المقارنة له. فاذا حكم بغير ما انزل الله معتقدا انه مثل شرع الله سبحانه وتعالى. او انه افضل منه او انه هو الصالح للناس بهذه الازمنة فهذا خارج من الملة الاسلامية وان حكم بغير ما انزل الله دون اعتقاد كونه مثل شرع الله سبحانه وتعالى بل هو يرى في نفسه انه مذنب عاص وانما حمله على ذلك شهوة او شبهة او نحو ذلك اكبر وانما يكون كافرا كفرا اصغر. وليس المقصود بذكر ان كفره ان كفره كفر اصغر تقليل جرمه واستصغار ذنبه بل ذلك ذنب من الذنوب العظيمة فان الذنوب التي توصف بكونها كفرا هي من جملة الكبائر. فيكون مرتكبا ذنب عظيم يجب عليه ان يتوب الى الله سبحانه وتعالى منه. وهذه المسألة وهي مسائل الحكم والتشريع من المسائل التي ضاقت فيها انظار كثيرا من الخلق لان عامة المتكلمين فيها يعتقدون ثم وهم يعتقدون امرا ما اما اثباتا للكفر او نفيا له ثم يستدلون له. ولا يفلح في فهم مواقع الادلة في القرآن والسنة الا من نظر اليها نظرا متجردا دون ملاحظة تعلقها بحاكم قائم اليوم احاكم قائم اليوم يجعل العبد متقلبا في الحكم على الناس باختلاف ما يحدث من الحكام. وهذا واقع فان بعض الدول التي حصل فيها ما حصل لم يتغير فيها الحكم القائم اليوم عن الحكم الذي كان من قبل. فالقول فيه اليوم كالقول الذي كان من قبل ومن يفرق بين المقامين للتفريق بين الحاكمين فهذا في قلبه ميل الى هذا دون ذاك وليس لقلبه طلب لنصرة الادلة الشرعية. بل الذي يطلب نصرة الادلة الشرعية هو الذي ينظر الى موارد الادلة من حيث هي. دون نظر الى بفلان او علان او بلد دون اخر. ثم يلتمس من مشكاة ما جاء من كلام السلف رحمهم الله تعالى من الصحابة والتابعين ما يبين ذلك مستبدا فهم ذلك من الوضع اللغوي لئلا يغلط في ايات مما تكلم فيها جماعة بما يخالف الوضع اللغوي. كمن زعم ان قول الله سبحانه وتعالى ومن لم يحكم بما انزل الله اولئك هم الكافرون انها دالة على الكفر الاكبر قطعا دون خلاف. توهما منه ان الداخل على الكافر تفيد استغراق الكفر وانه الاكبر فان هذا لا يقوله عارف بالعربية. وخلط القوم بين وضعي لغويين احدهما ذكر المصدر والاخر ذكر الفاعل وذكر المصدر هو الذي اذا دخلت عليه افادت استغراق الفعل وكونه مجعولا للاكبر دون غيره وهو الذي صرح به ابو العباس ابن تيمية الحفيد في اقتضاء الصراط المستقيم. فاذا دخلت ال على كلمة الكفر حين كونها مصدرا فعند ذلك يدل الوضع عربي انها للاكبر دون منازعة. اما عند دخولها على الفاعل فانها لا تكون كذلك. لان المصدر يدل على مقترن بزمن بخلاف اسم الفاعل فانه انما يدل على نسبة فعل الى فاعل قام به. وقد ينفك منه وقد لا ينفك بخلاف المصدر فانه لا ينفك عن الاتصاف بالفعل والا لم يكن مصدرا له. فان الكلام فان المصدر هو اصل المشتقات في اصح قولي اهل العربية والى ذلك اشار الحريري في الملحة اذا قال والمصدر الاصل واي اصل ومنه يا صاحي اشتقاق الفعل. والمقصود ان تعلم ان النظر في هذه المسائل مما ينبغي ان يتجرد فيه العبد متمسكا بالادلة مع علم متمكن من كلام السلف ومن الوضع اللغوي. اما جراءته على ذلك من ممن لم يصل الى هذه الرتبة فانما تطيح به في مقام الارجاء تارة او في مقام خارجي تارة اخرى ولا يسلك طريق السنة والجماعة الا من وفقه الله سبحانه التي عليها علماء اهل السنة والجماعة رحم الله امواتهم وحفظ احياءهم. فمن اراد النجاة لنفسه فلا يقذف بقلبه في هذه اللجة وليستغني بكلام العلماء المتمكنين. العارفين بمواضع الادلة والوضع اللغوي. حتى اذا عن الطوق وصارت له مكنة من الاجتهاد وعرف من نفسه تجردها ممن مطالب الدنيا والنظر الى المخلوقين فانه يتكلم وفي ذلك بما يؤدي اليه اجتهاده. وهذه المسألة وهي مسألة الحكم بما انزل الله عز وجل مسألة عظيمة لا ينبغي ان يتهاون بها العبد للغلط الواقع فيها من الغلاة او الجفاة. فانها حكم الله عز وجل الذي رضيه لنا وتخلف ذلك اقامة وابانة له في البلاد الاسلامية يقتضي العناية به عناية لا فوق قدره الشرعي ولا تخفضه عن ذلك بل ينزله العبد رتبته من المراتب الشرعية والمنازل الدينية ولا يتمكن من ذلك الا من كمل فقهه فان الفقه هو معرفة خيرين وشر الشرين كما قال ابو العباس وابن تيمية وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم سلام عليكم المسألة الخامسة التي هي احوال الاجتماع فقد شفى فيها القرآن الغني لو نار فيها سبيلا فانظر الى ما يأمره الرئيس الكبير ان يفعله مع مجتمعه قال تعالى واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. وقال فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا منا فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر. وانظر الى ما يأمرون الى ما يأمر المجتمع العام وان يفعله مع رؤسائه. قال يا ايها الذين الامر منكم. انظر الى ما يأمر الانسان ان يفعله مع مجتمعه الخاص كاولاده وزوجته. قال تعالى نارا وقودها الناس الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ما يؤمرون. انظر كيف ينبهه عن حذر والحزم من مجتمعه الخاص. ويأمره ان عثر على ما لا ينبغي ان يعفو ويصفح فيأمرهم اولا بالحزم والحذر وثانيا بالعفو والصفح. قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان من ازواجكم واولادكم عدو فاحذروهم وان تعفو وتصفح وتغفر فان الله غفور رحيم. وانظر الى ما يأمر افراد المجتمع العامي يتعاملوا به فيما ما بينهم فيما بينهم. قال تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان وانهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم تذكرون. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم. ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا. وقال تعالى لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن. ولا تلمزوا ولا تنابزوا من القاب. بئس اسم الفسوق بعد الايمان. ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون. وقال تعالى امنوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان. وقال تعالى انما المؤمنون اخوة. وقال تعالى وامرهم شورى بينهم الى غير ذلك. ولما كان المجتمع لا يسلم فرد من افراده كان من كان من مناوي يناوئه. من مناوئ يناوئه ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس الجبل وكان كل فرد محتاج الى علاج هذا الداء الذي عمت بهم الالوان اوضحت على علاجه في مواضع من كتابه بين فيها ان علاج مناواة الانسي والاعراب عن اساءته ومقابلتها بالاحسان وان شيطان الجن لا علاج لدائه الا بالله من شره الموضع الاول قوله تعالى في اخريات الاعراف بالانس خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين وفي نظيره من شياطه الجن واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله. انه سميع عليم. الموضع الثاني في سورة المؤمنون قال تعالى بالاية ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن اعلم بما يصفهم وفي نظيره الاخر وقل ربي اعوذ بك منها همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون. الموضع الثالث في فصلت وقد زاد في التصنيع بان ذلك العلاج يقطع ذلك الداء الشيطان وزاد فيه ايضا ان ذلك العلاج السماوي لا يعطى لكل الناس بل لا يعطى الا صاحب النصيب ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. ولا وما يلقاها ان الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم. وقال في نظيره الاخر اما ينزغنك من الشيطان نزغ استعذ بالله انه هو السميع العليم. وبين في مواضع اخرى ان ذلك الرفق واللين خصوص المسلمين دون الكافرين. قال تعالى فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبون مذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين. وقال تعالى محمد رسول الله الذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. وقال يا واغلظ عليهم فالشدة في محل اللين حمق وخرق. واللين في محل الشدة ضعف وخور. اذا قيل حلم قل فلنحلم موضع حلم الفتى في غير موضعه جهل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة الخامسة من المسائل العشر التي هي احوال الاجتماع وبين في صدرها الامور المرعية والسبل الشرعية التي تصلح بها معاملة المسلمين بعضهم مع بعض مما يسمى بلسان اليوم العلاقات العامة. وذكر رحمه الله تعالى من ايات القرآن ما الى بناء تلك الصلات على الرحمة وخفض الجناح والمؤاخاة والتعاون على البر والتقوى وترك التعاون على الاثم والعدوان قامت العدل والاحسان وايتاء ذي القربى وابطال الفحشاء والمنكر والبغي وحفظ اعراض المسلمين ودمائهم الى اخر ما ذكره رحمه الله تعالى مما رتب في الشرع الحكيم. مما هو مغن عن كثير مما اليوم في اقامة هذه المعاني من كلام اهل الشرق او كلام اهل الغرب. فان القرآن كتاب حافل بما فيه صلاح الناس فيما يتعلق بالعلاقات التي تكون بينهم مما ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا منه وترك وراءه شيئا كثيرا ثم بعد ان قرر ان حال الوئام هي الامر المطلوب بين المسلمين وبين من اصول الشرع ما يرشد اليه ويمكن منه نبه رحمه الله تعالى الى ان جماعة المسلمين لا تنفك عن حدوث عداوة بين افرادها فانه قدر ماظ نافذ لا يتخلف فلا يسلم احد من عدو ينازعه من المسلمين او من غيرهم كما ضد ولو ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس جبل. فكل فرد يقع له الابتلاء بعدو من اعدائه من الانس او الجن والذي دل عليه القرآن الكريم والسنة النبوية ان اعداء المؤمن اثنان احدهما عدو الباطن وهو الشيطان الجني والاخر عدو الظاهر وهو الشيطان الانسي. وبين الله عز وجل في ثلاثة مواضع ما يدفع به هذا العدوان هي التي ذكرها المصنف وسبقه اليها بعبارة هذا السطل واجزل العلامة ابن الجزري في كتاب النشر فانه ذكر هذه المواضع الثلاث وما تضمنته من مدافعة العدو الجني والعدو الانسي. فاما العدو الجني فيدفع بالله والاعتصام به منه فيلتجأ العبد الى ربه عز وجل طالبا السلامة من هذا العدو الجني. واما العدو الانسي فانه يدفع بالاحسان اليه فيحسن العبد اليه ولو اساء الى العبد ثم ذكر رحمه الله تعالى ان ما تقدم ذكره من قواعد الوئام والوفاق مختصة بالمؤمنين فالمؤمنون يرفق بعضهم ببعض ويلين بعضهم جانبه لغيره من المؤمنين كما قال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض ثم وصف ما بينهم بقوله رحماء بينهم فكمال الايمان ان يكون العبد رحيما باخوانه من المؤمنين. لا ينظر الى الوانهم ولا بلدانهم ولا من الدنيا واما الكفار فانهم به فتارة يعاملون بالبر والاحسان وتارة يعاملون بالسيف والسنان على ما دلت عليه دلائل القرآن سنة ولكل مقام ما يصلح له وبه. نعم المسألة السادسة التي هي مسألة اقتصاد. فقد اوضح القرآن اصوله التي نرجع اليها جميع الفروع. وذلك ان مسائل الاقتصاد راجعة كن الى عصنين الاول حسن النظر في اكتساب المال والثاني حسن النظر في صنفه في مصانفه. فانظر كيف فتح الله في كتابه الطرق الى اكتساب المال من اسباب مناسبة للمروءة والدين وان ارى السبيل في ذلك قال تعالى فاذا قضيت الصلاة فانتشر في الارض وابتغوا من فضل الله وقال واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله. وقال ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم وقال انا ان تكون تجارة عن تراض منكم. وقال واحل الله البيع وقال فكلوا من ان غنمتم حلالا الى غير ذلك. انظر كيف يأمر بالاقتصاد في الصرف. قال تعالى ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك الى عنقك ولا تبسطها كل البسط. وقال والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما فقال ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو. الاية انظر كيف ينهى عن الصرف فيما لا يحل الصرف فيهم. قال تعالى ينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة السادسة من مسائل العشر وهي مسألة الاقتصاد مبينا ان القرآن اوضح اصوله التي ترجع اليها جميع الفروع. ذلك ان المال له بابان له بابان احدهما باب يدخل منه وهو طرق اكتسابه احدهما باب يدخل منه وهو طرق اكتسابه والاخر باب يخرج منه وهو طرق صرفه وانفاقه وهو طرق صرفه وانفاقه وفي القرآن الكريم من القواعد العظيمة والطرائق الحكيمة الكفيلة بصلاح هذين البابين الشيء الكثير فان الله سبحانه وتعالى فتح للخلق ابواب اكتساب المال بالحلال كما قال تعالى عل الله البيع ومنعهم من الحرام كما قال تعالى وحرم الربا. ثم بين في ايات كثيرة وجوه انفاق المال وصار فيه كما قال تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا. فالمرء يكون بين الاسراف وبين التقتيل يعني التضييق في النفقة فاذا صلح هذان البابان انتفع الخلق بالمال وانما يطلب المال ليوصل الى الله سبحانه وتعالى. فان من القرآن المنسوخ قوله تعالى انما آآ جعل المال لاقامة الصلاة وايتاء الزكاة. فالمال لا يطلب لذاته وانما يطلب كونه معينا لما امر الله عز وجل به من عبادته فيبتغيه العبد بتحصيل هذه العبادة. واحكام ابتغائه يكون بملاحظة الاحكام الشرعية المتعلقة بالبابين الانفي الذكر. نعم المسألة السابعة التي هي السياسة فقد بين القرآن اصولها وانار معالمها واوضح طرقها وذلك ان السياسة التي هي مصدر سيجوز اذا دبر الامر وادار الشؤون خارجية وداخلية. اما الخارجية فما دارها على اصلين احدهما اعداد القوة الكافية لقمع العدو والقضاء عليها. وقد قال تعالى في هذا الاصل واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم الثاني الوحدة الصحيحة الشاملة حول تلك القوة. وقد قال تعالى في ذلك واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وقال ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وقد اوضح القرآن ما يتبع ذلك من الصلح والهدنة ونبذ العهود اذا اقتضى الامر ذلك قال تعالى فاتموا اليهم الى مدتهم وقال تعالى فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم. وقال تعالى واما تخافن من قوم خيانة فانبت اليهم على سواء الاية. وقال تعالى واذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر ان الله بريء من المشركين وامر بالحذر والتحرز من مكائدهم وانتهازهم الفرص. فقال يا ايها الذين امنوا خذوا حذركم الا يهوى قال وليأخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم. الاية ونحو ذلك من الايات. واما السياسة الداخلية مسائلها راجعة الى نشر الامن والطمأنينة داخل المجتمع وكف المظالم ورد الحقوق الى اهلها والجواهر العظام التي عليها مدار السياسة الداخلية الاول الدين وقد جاء شراب المحافظة عليه ولذا قال صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه وفي ذلك ردع بالغ عن تبديل الدين ومضاعاته. الثاني لا انفس وقد جمع الله في القرآن القصاص محافظة عليها قال تعالى ولكم في ولكم في القصاص الاية وقال كتب عليكم القصاص في القتلى الاية وقال ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا الثالث العقم قد جاء القرآن بالمحافظة عليها الخمر والميسر والانصاب والازلام نجس من عمل الشيطان فاجتنبوه. لعلكم تفلحون. وفي الحديث كل مسكر حرام ما اسكن قرينه حرام ولاجل المحافظة على العقول وجب الحد على شارب الخمر. الرابع الانساب وللمحافظة عليها شرع الله وحد الزنان. قال تعالى الزانية والزاري فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة. الاية الخامسة اعراض ولاجل المحافظة عليها شرع الله جلد القاضي بثمان قال تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة. الاية السادس الاموال من اجل المحافظة عليها شرع الله قطع يد الثانية قال تعالى والسارق والسانقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبان كلام من الله والله عزيز حكيم. الاية فتبين انه من الواضح ان اتباع القرآن كفيل للمجتمع لمصالحه الداخلية والخارجية ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة السابعة من المسائل العشر وهي مسألة السياسة. مبينا ان هذا الاصل يرجع في لسان العرب الى تدبير الامور وادارة الشؤون. ثم ذكر كلاما متعلقه السياسة الشرعية فان السياسة تقع على انواع عدة منها السياسة الشرعية وهي التي تقام نظمها وتدار الامور فيها وفق الشريعة وهي السياسة الكاملة النافعة. ولاهل العلم رحمهم الله تعالى فيها تأليف متعددة اقدمها كتاب السياسة لابي بكر ابن خزيمة الحافظ صاحب الصحيح فانه صنف كتاب السياسة ثم تتابع العلماء بعده على وضع تآليفه تتعلق ببيان هو المصنف رحمه الله تعالى في كلامه هنا مبينا ان السياسة الشرعية تنقسم الى قسمين. القسم الاول السياسة الخارجية والقسم الثاني السياسة الداخلية فاما السياسة الخارجية فمدارها على اصلين عظيمين الاول ان يعد المؤمنون القوة الكافية لقمع العدو والقضاء عليه. وحفظ المسلمين من شره كما قال الا واعدوا لهم ما استطعتم من قوة الاية فهي اصل في اعداد القوة واخذ الحيطة من غرة العدو ثم ذكر رحمه الله تعالى الاصل الثاني وهو ما يتعلق بالسياسة الخارجية. وانه يرجع الى اقامة الوحدة الصحيحة بين المؤمنين حول تلك القوة بان يجتمعوا عليها كما قال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا فرقوا وهذه الحقيقة التي ارادها المصنف لم يدل عليها شرعا باسم الوحدة. فليس في القرآن ولا في السنة ذكر الوحدة الاسلامية وانما فيه ذكر الالفة الاسلامية. فان مصير الناس الى شيء واحد لا يختلفون فيه ممتنع شرعا وقدرا وانما الممكن شرعا وقدرا حصول الالفة بينهم بان يحفظ كل واحد منهم حق اخيه مع بقاء الالفة وحفظ الود وحق الاسلام بينهما. فالذي يجعل للدلالة على مقصود المصنف مما يتعلق سياسة الخارجية ان يأتلف الناس حول تلك القوة فيجتمعون حولها مؤتلفين. ثم ذكر رحمه الله تعالى ان السياسة الداخلية تقوم على عدة اصول وعد رحمه الله تعالى هي المعروفة بالضرورات الكبرى. والحق ان السياسة الداخلية تقوم على ثلاثة اصول احدها امن الناس على دمائهم وثانيها امن الناس على اعراضهم. وثالثها امن الناس على اموالهم فهذه هي السياسة الشرعية التي بها صلاح الناس في الحكم الاسلامي سواء كانوا من المسلمين الذين يدينون لله بالاسلام او من الكفار الذين يقيمون في بلاد الاسلام. فان حفظ ما لهم يرجع الى حفظ هذه الثلاثة وما سوى هذه الاصول الثلاثة هي فروع راجعة اليها ومن ذلك ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى نعم. احسن الله اليكم. المسألة الثامنة التي هي تسليط الكفار على المسلمين. فقد استشكلها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجود بين ظهورهم وافتى الله جل وعلا فيها بنفسه في كتابه فتوى سماوية ازال بها هذا ازال بها ذلك الاشكالا وذلك انه لما وقع بالمسلمين ما وقع يوم احد استشكلوا ذلك فقالوا كيف يدان منا المشركون ويسلطوا علينا ونحن على الحق وهم على الباطل؟ فافتاهم الله في بقوله وقوله قل هو من عند انفسكم اوضحه على التحقيق بقوله ولقد صدقكم الله وعده اذ تحسونهم باذن حتى اذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما اراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم ايريد الاخرة ثم صرفكم عنها ثم صرفكم عنهم ليبتليكم. فبين في هذه الفتوى السماوية ان لانفسهم وانه هو فشلهم وتنازعهم في الامر وعصيان بعضهم الرسول ورغبتهم في الدنيا. وذلك ان الرماة الذين كانوا تفاح سفح الجبل. احسن الله اليكم. وذلك ان الرماة الذين كانوا بسفح الجبل يمنعون الكفار ان يأتوا المسلمين من جهة ظهورهم. طمعوا في الغنيمة عند هزيمة المشركين في اول الامر فتركوا امر الرسول صلى الله عليه وسلم لاجل رغبتهم في عرض من الدنيا ينالونه. ذكر المصنف رحمه الله المسألة الثامنة اتى من المسائل العشر وهي تسليط الكفار على المسلمين. اي تسلطهم عليهم بالغلبة عليهم والتحكم فيهم. فان اصل التسلل يكون بالغلبة والتحكم. فبين رحمه الله تعالى ان منتج ذلك هو حال المسلمين كما قال تعالى قل هو من عند انفسكم فبما اصاب المسلمون من الذنوب سلط عليهم الكافرون. والا فان الله سبحانه وتعالى قال به ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. فاذا تخلف الايمان وفقد او ضعف في المسلمين الله عز وجل عليهم الكافرين تأديبا لهم ليرجعوا الى ربهم سبحانه وتعالى ويتمسكوا بدينهم فينتبهوا من من غفلتهم ويستيقظوا من رقدتهم. فاذا انتبهوا الى ذلك وتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. اعاد لهم الله عز وجل الغلبة والسلطة وان كانوا قليلا كما قال تعالى وكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باذن الله هذه الغلبة سلاحها الاعظم الاتصاف بالايمان. فاذا اتصف المسلمون بالايمان وتحققوا بالدين الذي ينتسبون اليه اعلى الله سبحانه وتعالى شأنهم وغلب عدوهم وكبت كيده. نعم. احسن الله اليكم. المسألة التاسعة التي هي عددهم وعددهم بالنسبة للكفار. فقد اوضح الله جل وعلا علاجه في كتابه. فبين انه ان علم من قلوب عباده الاخلاص كما ينبغي كان من ذلك الاخلاص ان يقهر ويغلب من هو اقوى منهم. ولذا لما علم جل وعلا من اهل بيعة رضوان الاخلاص كما ينبغي ونوى باخلاص في قوله. لقد رضي الله عن المؤمنين تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم بين ان من نتائج ذلك الاخلاص انه تعالى يجعلهم قادرين على ما لم يقدموا عليه قال تعالى واخرى لن وعليها قد احاط الله بها فصرح بانهم غير قادرين عليها وانه احاط بها فاقدرهم عليها وجعل الغنيمة وجعلها غنيمة لهم لما علم من اخلاصهم ولذلك كانما ظلم الكفار على المسلمين في غزوة احدى بذلك حصارا عسكريا عظيما مذكورا في قوله تعالى صاروا وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا كان علاج هذا الضعف والحصان العسكري اخلاصا لله وقوة الايمان به. قال تعالى ولما رأى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايمانا وتسليما. فكان من نتائج فكان من نتائج ذلك الاخلاص ما ذكره الله قولهم ورد الله الذين كفروا بغيضهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وانزل الذين ظهروا من اهل الكتاب من صياصهم وقذف في قلوبهم الرعب. فرقا تقتلون وتسيون فريقا. واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطأوا وكان الله على كل شيء قديرا. وهذا الذي نصرهم الله به ما كانوا يظنونه. وهو الملائكة والريا. قال تعالى ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها الاية. ولاجل هذا كان القنينة الضعيفة المتمسكة به تغلب كثيرة قوية كافرة. كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله الله مع الصابرين. ولذلك سمت على يوم بدر اية وبينة وفرقانا لدلالته على صحة دين الاسلام. قال تعالى قد كان لكم في قد كان لكم اية قد كان لكم اية في فئة تقاتل في سبيل الله واخرى كافرة. الاية وذلك يوم وقال تعالى عن بينة. الاية وذلك يوم بدر على ما حققه بعضهم. ولا شك ان غلبة فئة القرية الضعيفة المؤمنة للكثيرات القوية كابرة دليل على انها على الحق وان الله هو الذي صنع كما قال في وقعات بدر ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة قال تعالى اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين امنوا. الاية والمؤمنون الذين وعدهم الله بالنصر وبينة على صفاته مميزة بها عن غيرهم قال تعالى في الارض مقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. ولله عاقبة الامور وهذا العلاج الذي انشرنا الذي اشرنا انه علاج للحصار العسكري ان شاء الله تعالى. ان شاء الله تعالى في سورة المنافقين الى انه ايضا علاج من حصان اقتصادي وذلك بقوله هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عباد رسول الله حتى ينفضوا. وهذا الذي اراد المنافقون ان يفعلوا بالمسلمين وهو عين الحصار الاقتصادي. وقال سبحانه وتعالى الى ان علاجهم قوة الايمان وصدق التوجه اليه جل وعلا بقولهم ولله خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون. لان من بيده خزائن السماوات والارض لا يضيع منتجها اليه مطيعا له قال تعالى فاذا واشهد انه اقيموا الشهادة لله. ذلكم الوعد بهما كان يؤمن بالله واليوم الاخر. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ان الله بالغ امره. قد جعل الله لكل شيء قدرا. وبين ذلك من قوله وان خفتم عينة فسوف يغنيكم الله من فضله شاء. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة التاسعة من مسائل العشر وهي ضعف المسلمين وقلة عددهم امام الكفار وبين رحمه الله تعالى ان استعلاء الكفار بما اصابوه من امر الدنيا فيما يتعلق بقوتهم العسكرية او قوتهم السياسية يكون بملئ القلوب بالايمان. فاذا امتلأت القلوب بالايمان ورسخ فيها الايقان. اظهر الله سبحانه وتعالى العزة والمنعة للمسلمين كما قال تعالى في اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل. الاية. فاذا رسخ الايمان في قلوب مكن الله عز وجل للمؤمنين القوة في كل ما يحتاجون اليه سواء فيما يتعلق بامورهم العسكرية او امورهم اقتصادية او غير ذلك ذلك ان تدبير الامر كله لله سبحانه وتعالى. فما يرجع الى امر القوة العسكرية او القوة الاقتصادية او القوة المعرفية او القوة العلمية كله بيد الله عز وجل. فمن تمكن في قلبه الايمان بالله سبحانه وتعالى واعمل على نفسه احكام الله عز وجل فان الله عز وجل يظهره ويكتب له الغلبة. وتأمل ذلك في سيرته صلى الله عليه وسلم واحواله طريدا ضعيفا فقيرا من مكة المكرمة فاظهره الله عز وجل على عدوه ومكن له في الارض واورثه خير والاخرة فاذا اراد المسلمون الخروج من مضيق ما يلحقهم من نقص في ابواب الامور العسكرية او الاقتصادية او العلمية او غيرها فليملأوا قلوبهم بالايمان بالله سبحانه وتعالى نعم عليكم. المسألة العاشرة التي هي مشكلة اختلاف القلوب. فقد بين تعالى في سورة الحشر ان سببها عدم العقد بقوله لا يقاتلونكم جميعا الا في قرى بأسهم بينهم قلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون. ثم بين السبب بقوله ذلك بانهم قوم لا يعقلون. ودعاء ضعف العقل هو هو انارته الواحد لان الوحي يرشد الى المصالح التي تقصر عنها العقول. قال تعالى التي تقصر عنها العقول. قال تعالى او ما كان ميتا فحيناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس. كما ان مثله في الظلمات ليس بخارج منها فبين في هذه الاية ان نور الايمان يحيا به من كان ميتا ويضيئونه الطريق التي ويضيئونه الطريق التي يمشي فيها. وقال تعالى هو ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. وقال تعالى افمن يمشي مكبا على وجهه يهدام من يمشي سويا على صراط مستقيم. الى غير ذلك من الايات. وبالجملة فالمصالح البشرية التي بها نظام الدنيا راجعة الى ثلاثة انواع الاول ضوء المفاسد المعروف عند اهل الاصول بالضروريات وحاصلوا دفع الضرر عن الستة التي ذكرنا قبل عن الدين والنفس والعقل والنسب والعرض والمال الثاني جلب البيوع على القول بذلك والايجارات وعامة المصالح المتبادلة بين افراد المجتمع على وجه الشرايين. الثالث التحلي بمكارم الاخلاق والجني وعلى محاسن عادات المعروف عند اهل بالتحسينات والتتميمات ومن فروعه خصام اعفاء اللحية وقص الشارب الى اخره. ومن فروعه ايضا تحريم مستقذرات ووجوب انفاق معنى الاقارب الفقراء وكل هذه المصالح وكل هذه المصالح لا يمكن شيء اشد محافظة عليها بالطرق الحكيمة السليمة من دين الف كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير صلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى المسألة العاشرة التي التي ختم بها وهي مشكلة اختلاف القلوب وردها الى عدم العقل فانه اذا فات العقل من القلوب آآ الاختلاف هو السابلة التي ترتضيها للسلوك عليها. ولا مخرج للقلوب من تلك الظلمة الا بالعقل. الذي اقتبس نوره من العلم. فاذا ارتوت القلوب العلم وامتد في جوارحها ائتلفت القلوب حينئذ وتقاربت فمن فارق العقل مسلوبا العلم كان الة للاختلاف راغبا فيه محبا له. واما من تمكن فيه العلم فزاد في عقله كان راغبا في اجتماع نافرا مما يضاده ومما يخالفه. ثم ذكر رحمه الله او تعالى ان مصالح الخلق ترجع الى هذه الانواع الثلاثة درء المفاسد وجلب المصالح والتحلي بمكارم الاخلاق فاذا ظهرت هذه الامور في الناس فتركوا المفاسد واقاموا المصالح وتحلوا بمكارم الاخلاق استقام لهم المذكورة لا يأتي شيء يستكملها اكمل من دين الله عز وجل الذي رضيه لنا. فمهما وجد من القوانين الارضية المستمدة من زبناء الاذهان فانها لا تفي بحاجة الخلق فيما يقيمون به امر دينهم ودنياهم. ولا تقوم جولة لشيء من هذه قوانين ولا ترتفع بها دولة الا سقطت ولو طال زمانها لان ما به صلاح الخلق لا يكون موكولا الى معارف البشر ما يكون الى ما جاء في القرآن والسنة النبوية. وهذه الشيوعية اقامت نظاما حضاريا كما يزعم لها في ابواب الحياة سياسة واقتصادا وعلما وثقافة وخلقا امتد ثمانين سنة. ثم تكسرت قوتها وذهبت هيبتها ضعفت حتى في دارها وكذلك كل دعوة تروج. فانها وان راجت مدة جولة سرعانا ما ينقلب بعدها الى غيرها ولا تجد نظاما هو اليوم قائم سوى الاسلام الا كان قبله نظام اخر وسيخلفه نظام اخر فكما سقطت شيوعية وهي رأس اهل اليسار فستسقط الديموقراطية وهي رأس اهل اليمين. فكل ما خالف الكتاب والسنة هو آل الى ذهاب ودمار. لان الباطل لا يبقى وانما يبقى الحق والشأن في استقرار اليقين في القلوب. بان الخير كل الخير في دين الاسلام وان صلاح امور الناس بالسياسة او الاقتصاد او العسكرية او الاخلاق او العلم او الثقافة هو الاسلام وان الواجب على الخلق كافة ولا سيما طلاب العلم ان يلتمسوا للناس من دينهم ما يبين حل المشكلات في الامور وهذا اخر البيان على هذه الجملة وبالله التوفيق اكتبوا كتاب الاسلام دين كامل بقراءة غيره صاحبنا فلان ابن فلان ابن فلان فتم له ذلك في مجلس واحد بميعاد المثبت في محله من نسخته. واجزت له روايته عني اجازة خاصة معين معين الى تمام الكلام صحيح ذلك وكتبه صالح ابن عبد الله ابن حمد العصيمي يوم الخميس السادس عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين بعد اربع مئة والالف في المسجد النبوي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين