السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي شرع الحج وجعل فيه منافع. وجعل ومنها انفع النافع. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم نفع الحجاج. وعلى آله وصحبه رفع الحاج اما بعد فهذا شرف الكتاب السابع. منذ برنامج العلم في سنة اولى ست وثلاثين واربعمائة والف. وهو في كتاب الدعوة الى الله الدعاء رحمه الله الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اللهم اغفر لنا ولمشايخه وللمسلمين واجزه عنا خير الجزاء. قال العمالة عبدالعزيز بن عبدالله رحمه الله تعالى في مصنفه الدعوة الى الله واخلاق الدعاء. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين وقيموا السماوات والاراضين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله وخليله وامينه على وجهه ارسله الى الناس كافة نزيرا ونذيرا وداعيا الى الله بدينه وسراكا منيرا. صلى الله عليه وعلى اله اصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة الى سبيله وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى الله بهم دينه الله بهم دينه واعداء ولو كره المشركون وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان الله سبحانه وتعالى انما خلق الجن والانس ليعبد وحده لا شريك له وليعظم امره ونهيه وليعرف باسمائه وصفاته كما قال عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقال عز وجل الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين هي من قدركم لعلكم تتقون. وقال عز وجل الله الذي لتعلموا وهو على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما. فبين سبحانه انه خلق الفرق ليعبد ويعظم ويطاع امره ونبيه. لان العبادة هي توحيده وطاعته مع تعظيم اوامره وبين عز وجل خلق السموات والارض وما بينهما ليعلم انه على كل شيء قدير انه قد احاط بكل شيء علما فعلم بذلك ان من الحكمة في ايجاد الخليفة ان يعرف الله سبحانه باسمه وصفاته وانه على كل شيء قدير وانه العامل بكل شيء جل وعلا. كما ان من الحكمة في خلق وايجادهم ان يعبدوا ويعظموه ويقدسوه ويفقعوا لعظمته. ان العبادة هي القضوع الخضوع لله جل وعلا والتذلل له وسمية التي امر الله بها المكلفين من اوامر وترك دواء العبادة لانها بالخضوع والتذلل لانها تؤدى بالخضوع والتذلل لله عز وجل. ثم لما كانت العبادة لا يمكن وان تستقل بتفاصيلها العقول كما انه لا يمكن ان تعرف بها الاحكام من الاوامر والنواهي على التفصيل ارسل الله سبحانه وتعالى الرسل وانزل الكتب لبيان الامر الذي لبيان الامن الذي خلق الله من اجله الخلق وتفصيله للناس حتى يعبدوا الله على بصيرة وحتى ينتهوا عما نهاهم عنه عنا بصيرا. عليهم الصلاة والسلام هم هداة الخلق وهم ائمة الهدى ودعاة الثقلين جميعا الى طاعة الله وعبادته. والله سبحانه اكرم العباد بهم ورحمهم بارسالهم اليهم. واوضح على ايديهم الطريق السوي والصراط المستقيم حتى يكون الناس على وحتى لا يقولوا ما ندري ما اراده الله منا ما جاءنا من بشير ولا نذير معذرة وانقذنا الحجة بإنساء الرسل وانزال الكتب كما قال جل وعلا ولقد بعثنا في كل امتي رسولا ان اعبدوا الله واجتهدوا. وقال سبحانه وما ارسلناك من رسول انا نوحي اليه انه لا اله الا انا تعبدون. وقال عز وجل لقد ارسلنا رسلنا وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقومن الناس بالقسط. الاية وقال سبحانه كان الناس هم امة واحدة اتبعك اللهن بهن مبشرين ومنذرين وانزل معهم وانزل معهم الكتاب ما بالحق ان يحكم بين الناس فبين سبحانه انه ارسل الرسل وانزل الكتب ليحكم بين الناس الحكم الوطني رزقه ولنوضح للناس ما اختلفوا فيه من الشرائع والعقائد من توحيد الله وشريعته عز وجل ان قوله سبحانه يعني على الحق لم يمتلكوا من عهد ادم عليه الصلاة والسلام الى كان الناس على الهدى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف والخلف ثم وقع الشرك في قوم نوح فيما بينكم واختلفوا فيما يجب عليهم من حق الله. فلما وقع الشرك والاختلاف ارسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام كما قال عز وجل انا اوحينا اليك كما اوحينا الى وقال تعالى الله انزل الكتاب ليبين حكم الله فيما اختلف فيه الناس وليقيم شرعه فيما جهل الناس وليأمر الناس بالتزام شرع الله والوقوف عند حدوده ويملأ الناس عما يضرهم بالعاجل والآجل. وقد الرسول جل وعلا بافضلهم وامامهم وبسيده نبينا وامامنا وسيدنا محمد ابن عبد الله علي من ربهم افضل الصلاة والتسليم. تبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده. وجعل الى الله صدقا وجبرا. واوذي بالله اشد الاذى. ولكنه صبر على ذلك كما صبر من قبله من الرسل عليهم الصلاة والسلام صبر كما صبر وبلغ كما بلغوا ولكنه اودي اكثر وصبر اكثر وقام باعداء الرسالة اكمل قيام عليه وعليهم الصلاة والسلام. مكث ثلاثا وعشرين سنة يبلغ رسالات الله ويدعو اليه وينشر احكام منها ثلاث عشرة سنة في ام القرى مكة المكرمة اولا بالسر ثم بالجهر صدعت الحق وصبر على الدعوة وعلى اذى الناس. مع انه يعرفون صدقه وامانته. ويعرفون فضله ونسبه ومكانته ولكنهار الحسد والعناد من الاكابر. والجهل والتقليد من العامة. فلا كانوا جحدوا واستكبروا وحسدوا والعامة قلدوا واتبعوا واساءوا فهدي بسبب ذلك اشد الاذى عليه الصلاة والسلام. ويدلنا على وقد عرفوا الحق وعاندوا قوله سبحانه قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون انهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. فبين سبحانه انهم لا يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يعلمون صدقه وامانته في الباطل وكانوا يسمونه الامين قبل ان يوحى اليه عليه الصلاة والسلام ولكنهم يحدوا الحق حسدا وبغيا عليهم عليه الصلاة والسلام. لكنه عليه الصلاة والسلام لم يبادر بذلك ولم يكترث به بل صبر واحتسب وسار في الطريق ولم يزل داعيا الى الله جل وعلا وصابرا على مجاهدا بالدعوة كافا عن الاذى متحملا له صادقا عما يصدر منه حسب الامكان حتى اشتد الامر وعزم وعلى قتله عليه الصلاة والسلام فعند ذلك اذن الله لكم بالخروج الى المدينة فهاجر اليها عليه الصلاة والسلام وساطت عاصمة الاسلام الاولى وظهر فيها دين الله وصار المسلمين بها دولة وقوة. واستمر عليه الصلاة والسلام بالدعوة والرضاء الحق وشرع في هذه السيف. وارسل الرسل يدعون الناس الى الخير والهدى ويشرحون لهم دعوتنا محمد عليه الصلاة والسلام. وبعث السرائر المعروفة حتى اطهر الله دينه على يديه واتم عليه وعلى امته النعمة. ثم توفي عليه الصلاة والسلام بعدما اكمل الله به الدين عليه الصلاة والسلام وتحمل اصحابه من بعده الامانة وساروا على الطريق فجعلوا من الله عز عز وجل لو انتشروا في ارجاء المعمورة وانتشروا في ارجاء المعمورة دعاة بالحق ومجاهدين في سبيل الله عز لا تخشون في الله لومة لائم يبلغون رسالات الله ويخشونهم ولا يخشون احدا الا الله جل وعلا المجاهدين ودعاة المهتدين والصالحين مصلحين ينشرون دين الله ويعذبون الناس جميعا ويوضحون لهم العقيدة التي بعث الله بها الرسول. وهي اخلاص العبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه من الاشياء ايها الاحباب والاصنام وغير ذلك. فلا يدعى الا الله وحده ولا يستغاث الا به ولا يحكم الا شرعه ولا يصلى الا له ولا ينذر الا له. الى غير ذلك من العبادات. واوضحوا للناس ان العبادة حق لله وتلو عليهم ما مرضت وتلو عليهم ما ورد في ذلك من الايات المتقى به سبحانه يا ايها الناس اعبدوا ربكم وقوله وقال ربك الا تعبدوا الا اياه وقوله اياك نعبد واياك نستعين وقوله فلا تدعوا مع الله احدا. وقوله قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين. وصبروا على ذلك صبرا عظيما وجاهدوا في الله بجهاد كبيرا رضي الله عنه وارضاهم. وجمعني على ذلك ائمة الهدى من التابعين واتباع التابعين ان من العرب وغير العرب ساقوا في هذا الزبيب سبيل الدعوة الى الله عز وجل. وتأملوا اعدائها وادوا الامانة مع الصدق والصدق والاخلاص في امتهان في سبيل الله. وقتال من خرج عن دينه وصد عن سبيله. ولم يقتل. وقتال من عن دينه وصد عن سبيله ولم يؤدي الخزية التي فرضها الله اذا كان من اهلها. فهم حملة الدعوة والية لا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا اتباع الصحابة الى التابعين واتباع التابعين وائمة الهدى ساروا على ذاك الطريق كفى تقدم وصبروا في ذلك وانتشر دين الله وعنتت كلمته على ايدي الصحابة ومن تبعهم من اهل العلم والايمان من العرب والعجم من هذه الجزيرة جنوبها وشمالها ومن غير الجزيرة لسائر ارجاء الدنيا ممن السعادة ونقل في دين الله وشارك في الدعوة والجهاد وصبر على ذلك. وصارت له السيادة والقيادة والامامة في الدين بسبب صبرهم وايمانهم وجهادهم في سبيل الله عز وجل. وصدق فيهم قوله سبحانه فيما اسرائيل لله موقنون صدق هذا في اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفي من سار على سبيلهم صاروا ائمة هداة ودعاة للحق واعمال يقتدى بهم. بسبب صبرهم وايمانهم فانه بالصبر واليقين تنال الامانة في الدين واصحاب الرسول عليه فاصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام واتباعه باحسان الى يومنا هذا وهم القادة في سبيل الحق. وبذلك يتضح لكل طالب علم ان الدعوة الى الله من اهم المهمات ان الامة في كل زمان ومكان في اشد الحاجة اليها بل في اشد الضرورة الى داره. ويتلخص الكلام في الدعوة الى الله عز وجل في الامور الاول حكمها حكمها وفضلها الامر الثاني كيفية ادائنا الامر الثالث بيان الامر الذي يدعى اليه الامر الرابع بيان الاخلاق والصفات التي ينبغي ان يتخلقوا بها وان يسيروا عليها. فنكونوا بالله المستعان وعليه التكلان وهو المعين والموفق لعباده سبحانه وتعالى ابتدى المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة. ثم تم بحمد الله رب العالمين. ثم دلت بالشهادة لله بالوحدانية. ولمحمد صلى الله الله عليه وسلم بالرسالة. وقال في شهادته لله بالوحدانية. واصفا الله وقيوم السماوات والاراضين. والقيوم هو القائم بنفسه القائم على غيره. فقيامه سبحانه وتعالى بالسماوات والارض. حمل وتدبير شؤونهما ثم قرن الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه وعلى اله واصحابه. ثم ذكر رحمه الله في فاتحة هذه الرسالة ان الله خلق الجن والانس ليعبد وحده لا شريك له وليعظم امره ونهيه. وليعرف باسمائه وصفاته. كما قال عز وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. واللام في قوله ليعبدون هي لابد المفصحة عن الحكمة في خلق الجن والانس. وان الله عز وجل خلقهم لعبادته ثم ذكر قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم الاية وفيها الامر بعبادة الله وتعليل الامر بها بربوبيته سبحانه. فان من كانت له الربوبية هو المستحق للالهية. فمن كان خالقا مالكا رازقا مدبرا الامر فهو المستحق ان يعبد وحده لا شريك له. ثم ذكر قوله تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما. فكمالاته في نفسه ومحاسن وصفه توجب استحقاقه سبحانه العبادة. ثم قال في بيان من طوت عليه بهذه الايات من المعاني فبين سبحانه انه خلق الخلق ليعبد ويعظم ويطاع هو نهيه لان العبادة هي توحيده وطاعته مع تعظيم اوامره ونواهيه والعبادة في خطاب الشرع تطلق على معنيين. احدهما عام وهو امتداد خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع. امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع. والاخر التوحيد. فان العبادة تطلق في خطاب الشرع ويراد بها التوحيد. وهي المعبود فيه. فاذا اطلق ذكر العبادة فيه فالمقصود منها التوحيد. قال ابن عباس رضي الله عنهما كل امن في القرآن بالعبادة فهو التوحيد. ذكره البغوي. ثم وبين عز وجل ايضا انه خلق السماوات والارض وما بينهما ليعلم انه على كل شيء قدير وانه قد احاط بكل شيء علما. ثم قال فعلم بذلك ان من الحكمة في ايجاد الخلق ان يعرف الله سبحانه باسمائه وصفاته. حتى قال كما ان من الحكمة في خلقه وايجاده ان يعبدوه ويعظموه. ومضمون هذا الكلام الارشاد الى مال الله عز وجل من حقه فان لله حقين. احدهما حق في المعرفة والاثبات وهو المذكور في قوله ان يعرف الله سبحانه باسمائه وصفاته انه على كل شيء قدير. وانه العالم بكل شيء جل وعلا. والاخر حق في الارادة والقصد والطلب وهو المذكور في قوله رحمه الله كما ان من الحكمة في خلقهم وايجادهم ان يعبدوه ويعظموه ويقدسوه ويخضع لعظمته فالعبد مأمور بالقيام لله بهذين الحقين ان ان يعرف الله بما له من الكمالات وان يثبت له ما اثبته لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الحسنى وصفاته العلى ومأمور ان يكون قصده وطلبه وارادته التوتر الى الله عز وجل بعبادته وتعظيمه واجلاله والخضوع له. ثم قال رحمه الله ان العبادة هي الخضوع لله جل وعلا والتذلل له فحقيقة عبادة الخلق ربهم عز وجل ان يكونوا له خاضعين. فتطمئن قلوبهم له اقرارا توحيد واصل العبادة في الوضع اللغوي والشرعي هي الخضوع. وذكر الذل في هو على وجه التقريب لا على وجه التحقيق. والمصنفون في بيان معاني الكلام العربي يذكرون كلمة في تفسير معنى كلمة اخرى تقريبا لا تحقيقا فلا تستوي معها من كل وجه فاذا قيل المر هو الحركة السريعة او قيل الوحي هو الاعلام الخبي لم يكن المفسر مساويا ما فسر به من كل وجه. ومن هذا الجنس ما ينكر في تفسير العبادة لانها الخضوع فانه تقريب لا تحقيق. فالامر كما ذكر ابن ان الخضوع والتذلل الفاظ متقاربة لكنها غير متساوية فبينهما برق حققه ابو هلال العسكري في كتاب الفروق اللغوية فذكر ان التذلل لا يكون الا مع الاكراه. اما الخضوع فانه يقع اختيارا. ولهذا فالمعروف في كلام السلف تعريف العبادة ببيان الخضوع لا بذكر الذل وذكر الذل وقع متأخرا في كلام من تكلم به على وجه التقرير للمعنى لتدركه الافهام. واما حقيقة عبادتي فهي الخضوع لله وهو الوارد في السنن والاثار. ففي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله اذا قضى بالامر من السماء ضربت الملائكة باجنحتها خضع الله وعند البيهقي باسناد صحيح في قنوت عمر رضي الله عنه انه كان يقول ونؤمن بك تخضع لك ثم قال رحمه الله وسميت الوظائف التي امر بها المكلفين من اوائل وترك نواهي عبادة لانها تؤدى بالخضوع والتذلل لله عز وجل افعال الخلق المتعلقة بامتثال الامر فعلا والنهي تركا تسمى عبادات لان يؤدونها خاضعين لله سبحانه وتعالى. والمكلف في عرف المتكلم في العلم هو الجامع بين وصف العقل والبلوغ. فاذا اجتمع هذان الوصفان سمي الجامع لهما مكلفا نسبة الى التكليف. والتكليف اصطلاح حادث ليس من الفاظ الكتاب والسنة. يراد به الزام ما فيه مشقة. وهو جار وفق حصول الاشاعرة واضوابهم في افعال الله عز وجل في قولهم ان افعال الله عز وجل خالية من الحكمة والتعليم. فلا يعللون الافعال الالهية. ولما جردوا افعاله سبحانه وتعالى الا من الحكمة والتعليل حاروا في كيفية الجواب عما بوشر به الخلق من امن او نهي تولى مصطلح التكليف للاعراب عن ان حقيقة تلك الاوامر والنواهي انها من باب بما فيه مشقة ودلالة الشرع على خلاف هذا فان الاوامر والنواهي الالهية ليست واقعة على على وجه المشقة بل هي نور وهدى وانشراح فهي حقيقة بان تسمى عبودية لا ان تسمى ذكر هذا المعنى ابن تيمية الحديث وصاحبه ابو عبد الله ابن القيم وهو الموافق لدلائل الشرع الخطاب الشرعي من ذكر التكليف لقوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها فالمراد بالتكليف هنا تعليق اي لا يعلق الله بذمم الخلق الا ما يقدرون عليه. واصل الكلف في لسان العرب هو التعريف منه سمي علوق احد قلب اخر بالكلف فيقال كلف به حبا اي اشتد تعلقه به وسمي ما يعلق بالوجه كلفا لاجل وجود معنى التعلم. ثم ذكر رحمه الله تعالى الحكمة من ارسال الرسل. فقال ثم لما كانت العبادة لا يمكن ان تستغل بتفاصيلها كما انه لا يمكن ان تعرف بها الاحكام من الاوامر والنواهي عن التفصيل ارسل الله سبحانه وتعالى الرسل كحاجة الخلق الى ارسال الرسل هو هي هدايتهم الى ما يعبدون به ربهم سبحانه وتعالى. فان العقول لا سبيل لها الى معرفة مال الله من حق. فان الله عز وجل غيب بالنسبة لنا ومعرفة حقه سبحانه تفتقر الى الاطلاع على ذلك بوحي. فارسل الله عز وجل الرسل وانزل الكتب ليعرف الخلق بصفة عبادتهم. الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر رحمه الله او رتبة الرسل انهم هم خلودات الخلق وهم ائمة الهدى ودعاة الثقلين جميعا الى طاعة الله وعبادته والله سبحانه اكرم العباد بهم ورحمهم بارسالهم اليهم. حتى قال رحمه الله حتى الناس على بينة من امرهم وحتى لا يقولوا ما ندري ما اراده الله منا ما جاءنا من بشير ولا نذير الله المعذرة اي لم يجعل لهم عذرا واقام الحجة بارسال الرسل الى انزال الكتب كما قال جل وعلا قد بعثنا في كل امة رسولا ان يعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقالوا ما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون الى اخر الايات اللواتي ذكرهن رحمه الله. ثم بين من طوى عليه تلك الايات من معنى فقال فبين سبحانه انه ارسل الرسل وانزل الكتب محكما بين الناس بالحق والقسط وليوضح للناس ما اختلفوا فيه من الشرائع والعقائد من توحيد الله وشريعته عز وجل ثم بين ذلك بقوله فان قوله سبحانه كان الناس امة واحدة يعني على الحق اي على دين واحد فكانوا جماعة واحدة في دينهم لم يختلفوا من عهد ادم عليه الصلاة والسلام الى نوح عليه الصلاة والسلام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف فقال ابن عباس رضي الله عنه كان بين ادم ونوح عليهما الصلاة والسلام عشرة قرون كلهم على الاسلام اي على التوحيد رواه البخاري وغيره. ثم وقع الشرك في قوم نوح فاختلفوا فيما بينهم. واختلفوا فيما يجب عليهم من حق الله فكان الناس كلهم على دين ابيهم ادم عليه الصلاة والسلام يقولون لك من جيل الى جيل وقرن الى قرن حتى تمت عشرة قرون. والقرن في الوضع اللغوي هم القوم المشتركون في سن هم القوم المشركون في سن. واما التقدير بمئة عام فانه اصطلاح تاريخي. والخطاب الشرعي قرآنا وسنة لا يفسر بالمصطلحات الحادثة والغالب ان الاشتراك في الوصف بين الناس في حال وزمن يكون في اقل من المئة وقاعدة حذاق المؤرخين كما ذكره ابن حجر وغيره انهم يعدون في المئة الواحدة ثلاثة اجيال. فالمائة الواحدة يجيء فيها جيل الاجداد ثم جيل ابائي ثم جيل الاحفاد فقوله رضي الله عنه كان بين ادم ونوح عليهما الصلاة والسلام عشرة قرون هو على هذا المعنى ثم وقع بعد تلك القرون العشرة الشرك هو الاختلاف. فارسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام وبعده الرسل كما قال عز وجل انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده فجعل الله عز وجل مقدم ما اوصله من الرسل بعد الاختلاف هو نوح عليه الصلاة والسلام وهذا معنى قول ادم عليه الصلاة والسلام في حديث انس في الصحيحين وهو حديث الشفاعة الطويل ان ادم قال ائتوا نوحا اول رسول ارسله الله الى اهل الارض يعني بعد اختلافهم وحدود الشرك بينهم الله عز وجل نوحا واتبع من بعده بالرسل واحدا بعد واحد وانزل الكتب ليبين للناس حكم الله فيما اختلفوا فيه. ويهدوهم الى شرعهم ويأمروهم بالتزام دينه والوقوف عند حدوده ثم ذكر رحمه الله تعالى ان اولئك الرسل تناهوا الى ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فكان صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء وكانت امته اخر الامم فالامم التي طويت على الارض هي سبعون امة. فعند الترمذي وغيره من حديث باز بن حكيم عن ابيه عن معاوية بن حيدر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انكم تتمون سبعين امة انتم خيرها واكرمها على الله عز وجل وكل امة من تلك الامم بعث الله عز وجل فيها رسولا او اكثر. قال تعالى وما من وان من امة الا خلى فيها نذير. وقال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وكان اخر هذه الامم هي هذه الامة. فبعد الله اليها اخر الرسل. وهو محمد صلى الله عليه وسلم. كما قال على وما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فكان صلى الله عليه وسلم اخر من ارسله الله عز وجل الى اهل الارض. فبلغ صلى الله عليه وسلم الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده ودعا الى الله سرا وجهرا. ثم عرض له صلى الله عليه وسلم ما لكل قائم لمن دعا الى الله عز وجل فانه ما قام احد بذلك الا اوذي كما قال ورقة ابن نوفل ما اتى احد بمثل ما اتيت به الا عودي فلا يأتي احد الا فلا يأتي احد بدعوة الناس الى التوحيد والحق الا كان له اعداء من الجن والانس. وكان منه صلى الله عليه وسلم على الصبر فصبر صلى الله عليه وسلم كما صبر من قبله من الرسل صبر كما صبروا وبلغ كما بلغوا وكان صلى الله عليه وسلم قد اوذي اكثر فكان صبره صلى الله عليه وسلم اكبر وقام باعباء الرسالة اكمل قيام عليه وعليه الصلاة والسلام ومكث ثلاثا وعشرين سنة يبلغ رسالات الله ويدعو اليه وينشر احكامه وجمع الرسالات هو باعتبار انواع الامر والنهي. والا فالرسالة التي بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم هي رسالة واحدة لكن اذا قيل بعث صلى الله عليه وسلم بالرسالات او جاء بالرسالات او بلغ رسالات فالمراد انواع الاوامر والنواهي الالهية. ومن هذا الجنس جمع السبل في قوله تعالى قال يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. فقوله تعالى سبل السلام يعني انواع طرق الخير من والنهي بالدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ونزل به القرآن والا فاصل ما دعا اليه النبي صلى الله عليه وسلم هي سبيل واحدة. قال تعالى في سورة يوسف قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين فالافراد باعتبار الحقيقة والجمع باعتدال مضامين تلك السبيل من الامن والنهي. ومنه جمع الرسالات فانه جمع لها باعتبار ان وعي الامر والنهي في دينه صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر رحمه والله تعالى ان تلك المدة الكائنة ثلاثا وعشرين سنة كان منها ثلاث عشرة سنة في ام القرى وهي مكة المكرمة يدعو فيها الى الله ويبلغ رسالته وينشر احكامه اولا بالسر ثم بالجار صدع بالحق واوذي وصبر وعلى الدعوة وعلى اذى الناس مع انهم يعرفون صدقه وامانته ويعرفون فضله ونسبه ومكانته لكنه لقي ما لقي من الناس لما دعاه الى ما يخالف ما كانوا عليه من مع ابائهم وقالوا اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. وكان المكذبون دعوته وصلى الله عليه وسلم المباشرون اذاهم من اهل مكة طائفتان. احداهما طائفة وهم الاكابر. فهؤلاء جحدوا واستكبروا وحسدوا والاخرى طائفة عامة. وهؤلاء قلدوا واتبعوا واساءوا فالبدء من قريش يعلمون ان النبي صلى الله عليه وسلم على الحق ولكن حالهم كما اخبر الله عز وجل ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. فجحدوا بايات الله عز وجل علوا فانهم لا يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلمون صدقه وامانته بالباطل وكانوا يسمونه قبل ان يوحى اليه ولكنهم جحدوا الحق حسدا وبغيا عليه عليه الصلاة والسلام. فلم يبالي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكترث بهم اي لم يهتم بتكذيبهم ولا عظم في قلبه. بل واحتسب وسار في الطريق الذي هداه الله عز وجل اليه ولم يزل داعيا الى الله جل وعلا وصابرا على الاذى مجاهدا اذا بالدعوة كافا عن الاذى متحملا له صافحا عما يصدر منهم حسب الامكان حتى اشتد الامر وعزموا على قتله عليه الصلاة والسلام فعند ذلك اذن الله له بالخروج الى المدينة هجرة فهاجر اليها وصارت عاصمة الاسلام الاولى وظهر فيها دين الله وصار للمسلمين بها دولة وقوة ثم استمر روى النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة وايضاح الحق وشرع في الجهاد بالسيف وبعث رسله يدعون الناس الى الاسلام ويبينون لهم الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وجيش صلى الله عليه وسلم الجيوش وغزا الغزوات ومعك السرايا حتى اظهر الله دينه على يديه واكمل به الدين واتم عليه وعلى امته النعمة ثم توفي عليه الصلاة والسلام بعدما اكمل الله به الدين وبلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام وانزل الله عز وجل عليه في اخر عمره قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ثم بعده صلى الله عليه وسلم في امر الدعوة اصحابه رظي الله عنهم فحملوا امانة البلاغ ونشروا دين الله ودعوا الى الله عز وجل بكل سبيل قدروا عليه. وانتشروا في ارجاء المعمورة دعاة للحق ومجاهدين في سبيل الله صالحين مصلحين ينشرون دين الله ويعلمون الناس شريعته ويوضحون لهم العقيدة الذي بعث بها الرسل وهي اخلاص العبادة لله وترك عبادة ما سواه من الاشجار والاحجار والاصنام وغير ذلك بان يكون لا يدعى الا الله ولا يستغاث الا بالله ولا يحكم الا شرع الله الى غير ذلك من العبادات واوضح للناس ان العبادة حق لله وتلو عليه ما ورد في ذلك من الايات وصبروا على ذلك صبرا عظيما جاهدوا جهادا كبيرا ثم قام بعدهم حملة الدعوة وائمة الهدى من التابعين واتباع التابعين هذه السبيل وصبروا على ذلك وانتشر دين الله وعلت كلمته على ايديهم وظهر دين الله عز وجل في الارض كلها وصارت للمسلمين السيادة والقيادة والامامة في الدين بما كانوا عليه من الصبر واليقين والصدق في جهاد الكافرين. وصار لهم حظ من قول الله تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرهم لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون فلما جمعوا بين هذين الامرين جمع لهم امر الامامة في الدين والتقدم على سائر العالمين. قال سفيان ابن عيينة بالصبر واليقين تنال الامامة في وقال ايضا اخذوا برأس الامر فكانوا رؤوسا. اي اخذوا بالمقدم من الامر في كل مولد من موالده فجعل الله رؤوسا. فان العبد ينتابه امران يعرضان له يضعفان سيره الى الله احدهما الشبهات والاخر الشهوات. فالشبهات تدفع باليقين والشهوات تدفع بالصبر فمن اخذ بهذين انتفع عنه شر طغيان الشهوات والشبهات فجعله الله عز وجل امام من ائمة الدين. ثم قال رحمه الله تعالى وبذلك يتضح لكل طالب علم ان الدعوة الى الله من اهمية مهمات لانها وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم ووظيفة من بعده من القائمين بنصرة دين قال وان الامة في كل زمان ومكان في اشد الحاجة اليها بل في اشد الضرورة الى ذلك بين الحاجة والضرورة ان الحاجة ما يقوم غيرها مقامها ما يقوم غيرها مقامها. واما فلا يقوم غيرها مقامها. فبالضرورة من الضيق والانجاء ما ليس في الحاجة ثم ذكر رحمه الله تعالى ان تبيين القول في الدعوة الى الله عز وجل يكون في امور الاوفر الاول حكمها وفضلها والامر الثاني كيفية ادائها واساليبها والامر الثالث بيان الامر الذي يدعى اليه والامر الرابع بيان الاخلاق الصفات التي ينبغي للدعاء ان يتخلقوا بها وان يسيروا عليها. وسيشرع رحمه الله في بيان كل واحد من هذه الامور فيما يستقبل من كلام فانه عقد تراجم كل ترجمة منها مفردها في واحد من هذه الامور وخلل تلك التراجم الاصلية بتراجم فرعية اشار فيها الى مهمات من القوم تفتقر التمييز مما يتصل بامر الدعوة الى الله. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الامر الاول بيان حكم الدعوة الى الله عز وجل عز وجل. اما حكمها فقدت المزيد من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة الى الله عز وجل وانها من الفرائض والادلة في ذلك كثيرة منها قوله سبحانه امة يدعون بالخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وهداك هم المفلحون ومنها قوله جل وعلا ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ومن قوله عز وجل وادع الى ربك ولا تكونن من المشركين. ومنها قوله سبحانه قل هذه اني ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني. فبين سبحانه ان اتباع تبين سبحانه ان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم منذ الدعاء الى الله وهما من بصائر والواجب كما هو معلوم هو اتباعه على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا وصرح العلماء ان الدعوة الى الله عز وجل التي يقوم فيها الدعاء فان كل فطر يحتاج الى الدعوة والى النشاط فيها. سقط عن الباقين ذلك الواجب. وصارت بحب الباقين سنة وفي سنة مؤكدة وعملا صالحا جليلا. واذا لم يكن ما في الاقليم او اهل القطر المعين بالدعوة وصار الواجب على الجميع وعلى كل انسان ان يقوم بالدعوة حسب طاقته وامكانه. اما بالنظر الى عموم البلاد فالواجب ان يوجد طائفة منفصلة تقوم بالدعوة الى الله جل وعلا في الاركان المعمورة. تبلغ رسالات الله امر الله عز وجل في الطرق الممكنة فان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة وارسل الكتب الى الناس والى الملوك والرؤى دعاء الى الله عز وجل. وفي وقتنا اليوم وفي وقتنا اليوم قد يسر الله عز وجل امر الدعوة اكثر بطرق لم تحصل لمن قبلها الدعوة اليوم متيسرة اكثر من طرق كثيرة واقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة عن طريق الاذاعة وعن طريق التلفزة وعن طريق الصحابة ومن طرق شتى. فالواجب على اهل العلم والايمان وعلى خلفاء صلى الله عليه وسلم يقوم بهذا الواجب وان يتكاتفوا فيه وان يبلغوا رسالات الله الى عباد الله ولا نخشوا في الله لومة ولا يحقق في ذلك كثيرا ولا صغيرا ولا غنيا ولا فقيرا. بل يبلغونا من الله الى عباد الله كما انزل الله وكما وقد يكون ذلك فوق عين اذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواه. كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فانه فاذا كنتم في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الالف ويبلغ امر الله سواك. فالواجب انت لن تقوم بذلك فاما اذا وجد من يقوم بالدعوة والتفريغ والامر والنهي غيرك فانه يكون في نهي في حقك سنة واذا بادرت اليه وحبست عليه كنت بذلك منافسا في الخيرات وسابقا الى الطاعات. ومما احتج به على انها قد كفاية قوله جل وعلا ولتكن اياكم امة يدعون الى الخير. الاية قال الحسن ابن كثير رحمه الله عند هذه الاية وجماعة ما معناه؟ قال ابن كثير رحمه الله تعالى عند هذه الاية وجماعة ما معناه واتقوا منكم امة منتصبة لهذا الأمر العظيم. تدعو الى الله وتنشر دينه وتبلغ امره سبحانه وتعالى معلوم ان الرسول عليه الصلاة والسلام ودعا الى الله وقام بامر الله في مكة حسب طاقته وقام الصحابة كذلك رضي الله عنه وارضاهم بذلك حسب طاقتهم. ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة اكثر وابلغ. ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة بذلك ايضا رضي الله عنه وارضاه كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه عند قلة الدعاة وعند كثرة المنكرات عند غلبة الجهل كحالها اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته واذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الامر وقام به وبلغ امر الله كفى وصارت تفرغ في حق غيره سنة بانه قد اقيمت الحجة على يد غيره ونفذ امر الله على غير سواه. ولكن بالنسبة الى بقية ارض الله والى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقتهم وعلى ولاة الامر حسب طاقتهم ان يبلغوا امر الله بكل ما يستطيعون. وهذا فرض عين على حسب الطاقة والقدرة. وبهذا يعلم ان كونها فرض عين وكون وبداء بها لا يعلم ان كونها قد ضعيف وكونها منها فرض كفاية امر نسبي يختلف. فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة الى اقوام والى اشخاص. وسنة بالنسبة لاشخاص والى اخوان لانه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالامن وكفى عنهم. اما بالنسبة الى ولاة الامور ومن لهم القدرة الواسعة تعليم من الواجب اكثر وعليه من يبلغ الدعوة الى ما استطاعوا من الابطال حسب الانكار بالطرق الممكنة وباللغات الحية التي ينطق بها الناس يجب ان تبلغوا امر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله الى كل احد باللغة التي يعرفها باللغة العربية وبغيرها فان الامر لا يمكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها طرق الاذاعة والتلفزة والصحابة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق. كما انه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك بلغوا ما استطاعوا من امر الله عز وجل وان ينشروا دين الله حسب طاقتهم وحسب علمهم. ونظر الى انتشار الدعوة الى المبادئ رب العباد وانكار الرسالة وانكار الاخرة وانتشار الدعوة النصرانية للكثير من البلدان وغير ذلك من الدعوات المضللة نظرا الى هذا نظر الى هذا فان الدعوة الى الله عز وجل اليوم اصبحت طرقا عاما على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالاسلام فرد عليهم ان يبلغوا دين الله حسب الطاقة والامكان من خلق الكتاب والخطابة وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعت والا يتقاعسوا عن ذلك او يتكلوا على زيد او عمرو فان الحاجة للضرورة ماسة اليوم الى التعافي والافتراض والتكاتف في هذا الامر العظيم اكثر مما كان قبل ذلك. لان اداء الله قد وتعاونوا بكل وسيلة للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه ودعوة الناس الى ما يخرجهم من دين الله عز وجل. فوجد على الاسلام يقابل هذا النشاط الملحد بنشاط اسلامي. وبدعوة اسلامية على شتى المستويات. وبجميع الوسائل بجميع الطرق الممكنة وهذا منا باداء ما اوجب الله على عباده من الدعوة الى سبيله. عقد المصنف رحمه الله ترجمة بين فيها الامر الاول بالمتعلقات الدعوة الاربعة التي وعد فقال الامر الاول بيان حكم الدعوة الى الله عز وجل. وبيان ثم شرع يبين حكمها فقال اما حكمها اي في الشرع فقد دلت من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة الى الله عز وجل وانها من الفرائض. ولم يختلف اهل العلم في وجوب الدعوة وانها من الفرائض. لكن اختلفوا في منزلتها من الفرض على قولين احدهما انها فرض عين الاخر انها فرض كفاية. والفرق بينهما ان ما انا من جنس فوض العين فهو واجب على جميع المسلمين ان ما كان من جنس فض العين فهو واجب على المسلمين. وما كان من جنس فرض الكفاية فهو واجب على مجموع المسلمين فهو واجب على مجموع المسلمين فالاول واجب على احاد فردا فردا الاول واجب على احادهم فردا فردا. والثاني لا علقوا بالآحاد لكن يتعلق بجماعة المسلمين. فاذا اذا فيهم من يقوم به سقط الاثم عن غيرهم. فاذا وجد من يقوم به سقط الاثم عن غيرها. والخطاب بفرض الكفاية متوجه الى جميع المخاطبين من العباد. والقيام به مطلوب منهم لكن اذا قام به بعضهم سقط الاثم عن غيره فيفوز من قام به بفضيلة الاجل. فيجوز من قام به لفضيلة الاجر ايسلم من تركه من عاقبة الوزر ويسلم من تركه من عاقبة واختلف اهل العلم ايهما افضل فرض العين ام فرض الكفاية والصحيح انه باعتبار الفعل نفسه فما كان فرض عين فهو افضل وباعتبار الفاعل فان القائم بفرض الكفاية بعد قيامه بفرض العين اكمل فان القائم بفرض الكفاية بعد فرض العين اشمل والدعوة الى الله عز وجل في اصح القولين هي فرض كفاية. والدعوة الى الله في اصح قولين هي فرض كفاية. لكن قد يعرض ما يجعله فض عينيه. وهذا في حالين احدهما باعتبار الدار باعتبار الدار من مدينة او قرية. اذا لم يكن فيها من يقوم بامن الدعوة الا واحد اذا لم يكن فيها من يقوم بامر الدعوة الا واحد فتكون عليه فرض عين. والاخرى باعتبار الولاية باعتبار الولاية فمن كان من امراء المسلمين وعلمائهم فهي فرض عين عليه. لان الامر في الاسلام مردود الى اهل الفدية والعلم وهم العلماء. واهل السلطان والحكم. وهم الامراء ومن وظائفهم الشرعية تبليغ دين الله والدعوة اليه فهي في حقهم واجبة اذا ولو شيئا من امرها فالمتولي منهم شأنا يتعلق باصلاح الناس تكون الدعوة الى الله فرض عين عليه وهذا بيان ما نثره المصنف رحمه الله تعالى في كلامه برد بعضه الى بعض جمعا وتأليفا. وذكر رحمه الله في صدر كلامه الادلة على وجوب الدعوة وذكر منها قوله سبحانه ولتكن منكم امة يدعون الى الخير. الاية فالامر المقرون بلامه في قوله فالمضارع المقرون بلام الامر في قوله ولتكن منكم امة يدل على ان الدعوة الى الله واجبة وانها من الفرائض ومنها قوله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. الاية وكذلك قوله وادعوا الى ربك فالامر فيهما بقوله وادعوا يدل على الوجوب لان اصل الامن في الخطاب الشرعي كونه للايجاب ما لم يخرجه دليل الى غيره. ثم ذكر قوله تعالى قل هذه سبيلي. ادعو الى الله على قصيرة انا ومن اتبعني وقد امرنا باتباع سبيله صلى الله عليه وسلم. والمذكور في هذه الاية ان صلى الله عليه وسلم هي الدعوة الى الله على بصيرة. فسبيله صلى الله عليه وسلم في الدعوة وقوع تلك الدعوة على بصيرة ولهذا قال المصنف فبين سبحانه ان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة الى الله وهم اهل البصائر. فهم يجمعون بين الدعوة الى الله الى كون تلك الدعوة على بصيرة. ثم قالوا الواجب كما هو معلوم هو اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة يعني قدوة حسنة. ثم ذكر قول العلماء في حكم الدعوة وانهم صرحوا بانها فرض كفاية بالنسبة الى الاقطار التي يقوم فيها الدعاء اي التي ينتصب فيها من ينتصب الى الدعوة الى الله سبحانه وتعالى فاذا وجد جماعة في بلد من البلدان يدعون الى الله وتقوم بهم الكباية في الدعوة صار هذا سنة في حق غيره وهي في حقهم فرض كفاية. قال واذا لم يكن اهل الاقليم او اهل اهل الفضل المعين بالدعوة على التمام صار الاثم عاما وصار الواجب على الجميع وعلى كل انسان ان يقوم بالدعوة حسب وطاقته وامكانه ثم قال اما بالنظر الى عموم البلاد فالواجب ان يوجد طائفة منتصبة تقوم بالدعوة الى الله جل وعلا في ارجاء المعمورة تبلغ رسالات الله وتبين امر الله عز وجل. فمن وظائف في ولي الامر الذي تجب عليه قيامه بالدعوة الى الله عز وجل. ويريد في ذلك من ينيب من الدعاة الذين تقوم بهم الكفاية بكل سبيل يقدر عليها. كما قال المصنف وفي في وقتنا اليوم قد يسر الله امر الدعوة اكثر بطرق لم تحصل لمن قبلنا فامور الدعوة اليوم متيسرة اكثر من كثيرة باقامة الحجة على الناس اليوم موجهة بطرق متنوعة من طريق عن طريق الاذاعة وعن طريق التلفزة الى اخر ما ذكر ثم قال فالواجب على اهل العلم والايمان وعلى خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ان بهذا الواجب وان يتكاتفوا به وان يبلغوا رسالات الله الى عباده. وقوله خلفاء الرسول يعني القائمون بدينه من بعده. وخلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالقيام بالدين نوعان احدهما خلفاؤه في السلطان والحكم وهم خلفاؤه في السلطان والحكم وهم الامراء. والاخر خلفاؤه في الفتيا علم وهم العلماء. خلفاؤهم في الفتيا والعلم وهم العلماء. فهؤلاء هؤلاء خلفاء في العلم والفتية واولئك خلفاء في السلطنة والحكم لكن اسم الخليفة عند الاطلاق يراد به المتولي امر السلطان والحكم. فاذا قيل فلان خليفة يعني يقوم المقام الشرعي في امر تدبير السلطنة والحكم والواجب عليه ان يسلك فيه ما سلكه النبي صلى الله عليه وسلم فيه واختص العلماء باسم قراة الرسول صلى الله عليه وسلم. لان ميراثه الذي صلى الله عليه وسلم هو العلم. ثم رجع الى القول في الحال التي تكون الدعوة فيها قبض عين فقال وقد يكون ذلك فرض عين اذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك كلامه بالمعروف والنهي عن المنكر فانه يكون فرض عين ويكون فرض كفاية فاذا كنت في ليس فيه من يقوى على هذا الامر ويبلغ امر الله سواه. فالواجب عليك ان تقوم بذلك اي وجوبا يتعلق بعينك قال فاما اذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والامن والنهي غيرك فانه يكون حينئذ في حقك سنة. واذا بادرت وحرصت عليه منذ بداية منافسا بالخيرات وسابقا الى الطاعات. ثم ذكر الحجة القاطعة في تحقيق الدعوة الى الله انها فرض كفاية وهي قوله تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير وذكر كلام ابن كثير وغيره بمعناه انهم قالوا ولتكن منكم امة منتصرون لهذا الامر العظيم تدعو الى الله وتنشر دينه وتبلغ امره سبحانه وتعالى. ومن في قوله منكم للتبعير فتقدير الاية وليكن بعضكم امة يعني جماعة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. ثم ذكر قيامه صلى الله عليه وسلم بدعوة في مكة حسب وقيام الصحابة كذلك حسب طاقتهم فيها وبعد هجرتهم ثم لما ان تنشأوا بعد وفاته صلى الله عليه كلما قاموا بذلك كل على قدر طاقته وعلمه. ثم قال رحمه الله فعندكم الدعاة وعند كثرة المنكرات وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته واذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد من تولى هذا الامر وقام به وبلغ امر الله كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة. لانه قد اقيمت الحجة على يد غيره ونفذ امر الله اي مضى والله على يد سواه وقلة الدعاة وكثرة المنكرات وحاجة الخلق الى معرفة تجعل دائرة فرض الكفاية تتسع. لان الشيء لا يكون فرض في غاية يسكب به الاثم الا مع اصول الكفاية. فان لم توجد الكفاية صار فرض عين على من وراءهم. فلو قدر ان بلدا كبيرا قام فيه عشرة من الدعاة يدعون الى الله ويبينون دينه لكن الكفاية لا تحصل بهم اذا قدر وجود غيرهم ممن يقدر على القيام بالدعوة في ذلك البلد. فان الدعوة الى الله في حقه حينئذ موضعين لان الكفاية لم تحصل بهؤلاء المنتسبين الى الدعوة. ثم بين رحمه الله حقيقة المقصود من الانتصاب للدعوة في قوله ووجد فيها من تولى هذا الامر وقام به وبلغ امر الله كفى فالمقصود من الانتصاب لدعوة النفس وتعليمهم هو هدايتهم وارشادهم الى دين الله سبحانه وتعالى لا المزاحمة على الصدارة بين الناس او الشهرة او الرئاسة او الذكر او الشكر او غير لذلك من المقاصد الدنيئة فلا يزاحم العبد غيره اذا كان قائما في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى لكن يؤيده ويناصره ويؤازره ويقوم نيابة عنه اذا غاب ويكون له اجتهاد في المواضع التي لا تصل اليها دعوة غيره لان المقصود هو اقامة وايظاح المحجة ببيان دين الله عز وجل. فاذا قام به قائم كان قد ادى هذا الواجب وحسن في حق غيره ان يجتهد في اقامة هذا الواجب في غير هذا المقام اما في بلد واما في مسجد اخر في البلد نفسه او في مدرسة يعلم فيها الناس. ثم قال ولكن بالنسبة الى بقية ارض الله والى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقتهم وعلى ولاة الامر حسب طاقتهم ان يبلغوا امر الله بكل ما وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة. لانه يتعلق بهذين الجنسين الامراء والعلماء الشأن العام في اداء وظائف الدولة في الاسلام. ومن وظائف الدولة في الاسلام الدعوة الى الله عز وجل فيجب على الامراء والعلماء ان يقوموا بهذه الوظيفة التي اكلت شرعا اليهم. ثم بين رحمه الله تعالى ان خلاصة القول المتقدم ان الدعوة تكون تارة فرض عين وتارة فوضى كفاية بحسب ما يعود لها من الاحوال التي تقدمت مما يرجع الى الدار او الى الشأن على ما سبق بيانه فذكر انه يجب على كل احد بحسب حاله ومقامه من الفرض عينا او كفاية ان يجتهد في الدعوة الى الله وان يبلغ دينه حسب الامكان بالطرق الممكنة وباللغات الحية ينطق بها الناس يجب ان يبلغوا امر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله الى كل احد باللغة التي باللغة العربية وبغيرها. وتبليغ الدين باللغات له مرتبتان احداهما البيان العام والاخر البيان الخاص. فاما البيان العام فمن قدر على البيان عام للناس من غير المسلمين بلغتهم فهذا حسن ممدوح. واما البيان الخاص بالدين بتعليم العلوم الاسلامية فهذا لا يحسن ان يكون بلغتهم. بل ينقلون الى لغة الاسلام وهي العربية فمفتاح البيان الخاص تعليم هؤلاء العربية. فاذا تعلموا لغة العرب امكنهم ان يتعلموا الدين واما تعليم الدين تفصيلا للغات الاخرى فخلاف الجادة السوي. ولم تكن هذه طريقة السلف وطريقة السلف تعليم المسلمين العربية اولا ثم تعليمهم الدين ثانيا لان هذا ادعى الى قوة علمهم بالدين فالعجبة من اسباب من اسباب ضعف فهم الدين وبها تقع البدع يتجدد الاراء الحادثة في الاسلام. فيبين الدين بيانا عاما باللغات التي يعقدها الناس ليهدوا اليهم فاذا هدوا اليه نقلوا الى تعلم تفاصيله من الحق بلغة الاسلام وهي اللغة العربية فان من اصول الشرع ان الاسلام عربي. فالدين كله عربي. في وحيه واحكامه وللشاطبي رحمه الله تعالى بيانا مكون في ذلك ذكره في كتاب الموافقات ثم بكى رحمه الله تعالى ان الامر الان ممكن وميسور بالطرق التي تقدم بيانها طرق الاذاعة والتلفزة والصحابة وغير لذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق. قال كما انه يجب على الخطباء في الاحتفالات اي في مجامع الناس. فان اصل الاحتفال هو الاجتماع. وليس المراد بالاحتفال الفرح. لكن الفرح لون من الوان الاحتفال فاصل الاحتفال باللسان العربي هو الاجتماع. فيجب على الخطباء في الاحتفالات اي في مجامع الناس وفي وفي غير ذلك ان يبلغوا ما استطاعوا من امر الله وان ينشروا دين الله حسب طاقتهم وحسب علمهم. ثم قال ونظرا الى انتشار الدعوة الى المبادئ الهدامة والى الالحاد وانشاء رب العباد وانشاء الرسالات وانشاء الاخرة وانتشار الدعوة النصرانية بكثير من البلدان وغير ذلك من الدعوات المضللة. نظرا الى هذا فان الدعوة الى الله عز وجل اصبحت فظا عاما وواجبا على جميع العلماء وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالاسلام فرض عليهم ان يبلغوا دين الله حسب الطاقة والامكان بالكتابة والخطابة وبالازاعة وبكل وسيلة استطاعوا والا يتقاعسوا عن ذلك ان يتخلوا متراجعين عن ذلك او يتكلوا ان يعتمدوا على زيد او عمر. فان الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم الى التعاون والاشتراك والتكاتل في هذا الامر العظيم اكثر مما كان قبل ذلك لان اعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة للصد عن سبيل والتشكيك في دينه الى اخر ما ذكر رحمه الله. فاذا قويت دعوة اهل الباطل وجب على اهل الحق ان يجتهدوا في تقوية دعوتهم رغبة في براءة الذمة باقامة الحجة على الخلق وايضاح المحجة لهم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى فضل الدعوة وقد ورد في فضل الدعوة والدعاء واحاديث كثيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا تخفى على اهل العلم. ومن ذلك قوله جل وعلا ومن احسن قولا من دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. فهذه الاية الكريمة فيها التنويه بالدعاء والسلام عليهم وانه لا احد احسن قول منهم وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام. ثم اتباعهم على حسب مراتبهم في الدعوة والعلم والفضل فانت يا عبد الله يكفيك شرف ان تكون من اتباع الرسل ومن المنتصرين في هذه الاية الكريمة ومن احسن قولا من من دعا الى الله وعمل صالحا. وقال ان لي من المسلمين. المعنى لا احد احسن قولا من اول كونه دعا الى الله وان اوصل اليه وعمل بما يدعو اليه. يعني دعا الى الحق وعمل به وانكر الباطل وحذر منه وتركه. ومع ذلك صرح ما هو عليه لم يخجل من قال انني من المسلمين. مرتبطا وفرحا بما لم نلقاه به عليه. وليس كمن يستنكب عن ذلك هو يكره ان ينطق بانه مسلم او بانه يدعو الى الاسلام لمراعاة فلان او مجاهدة فلان ولا حول ولا قوة الا بالله الداعي الى الله القوي الايمان المصير بامر الله يصرح بحق الله وينشر في الدعوة الى الله ويعمل بما يدعو اليه ويكبر فيكون من اسرع الناس مما يدعو اليه ومن ابعد الناس عن كل ما ينهى عنه. ومع ذلك يصرح بانه وبانه يدعو الى الاسلام ويرتبط بذلك ويفرح به كما قال عز وجل. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. فالفرح برحمة الله فرح الارتباط فرح السرور امر مشروع. اما رحمته وعنه فهو فرحي كبير والفرح هذا هو المتين عنه كما قال عز وجل في قصة قارون لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين. هذا فرح الكبر والتعالي على الناس والتعاون. وهذا هو الذي ينهى عنه. اما فرح الالتقاط بدين الله والفرح بهداية الله والاستبشار بذلك. والتصريح بذلك ليعلم. فامر مشروع وممنوح ومحمود وهذه ابادة كريمة من اوضح اياته في الدلالة على فضل الدعوة وانها من اهم القربات ومن افضل الطاعات وان اهلها في غاية من الشهوة وفي ارفع مكانة وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام واكملهم في ذلك واكملهم في ذلك فاطمة وامامهم وسيدهم نبينا محمد عليه وعليهم. علي وعليهم افضل الصلاة والسلام. ومن ذلك قوله جل وعلا هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني. فبين سبحانه ان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو على بصيرة وان اتباعه كذلك. فهذا فيه فضل الدعوة وان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هو الدعاء الى سبيله والبصيرة هي العلم بما يدعو اليه ومن اعم. وفي هذا شر كله وتفضيل. وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح من دل على خير فله مثل اجر فاعله. رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام من دعا الى اذا كان له من دعا الى هنا كان له من الاجر مثل اجور من تبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا. ومن دعا الى ضلالة ان كان عديد من الاثم مثل اتى بمن تبعه لا ينقص ذلك من اثامه شيئا. اخرجه مسلم ايضا وهذا يدل على حب الدعوة الى الله عز وجل وصح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال لعلي رضي الله عنه وارضاه فوالله لان يهدي الله بك واحدة خير لك من حب. متفق على صحته. وهذا هو يدلنا على حب الدعوة الى الله وما فيها من الخير العظيم اما الداعي الى الله جل وعلا يعطى مثل اجور من هداه الله على ايديه ولو كانوا الات المهايين وتعطى ايها الداعية اجورهم فهنيئا لك ايها الداعية الى الله بهذا الخير العظيم. وبهذا يتضح ايضا ان الرسول عليه الصلاة والسلام يعطى ومثل اجور اتباعك. فيا لها من نعمة عظيمة يعطى نبينا عليه الصلاة والسلام مثل اجور اتباعه الى يوم القيامة. لان انه بلغهم رسالة الله ودلهم على الخير عليه الصلاة والسلام. وهكذا الرسل يعطون مثل اجور اتباعهم عليهم الصلاة والسلام وانت كذلك ايها الداعية في كل زمان تعطى مثل اجور اتباعك والقابضين لدعوتك فاغتنم هذا خيرا عظيم وسارع في بيته. لما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان المقصد الاول في الامر الاول وهو حكم الدعوة الى الله اتبعه بالمقصد الثاني في الترجمة وهو فضل الدعوة. اي ما لها من المحاسن المحمودة. واصل الفضل الزيادة. واذا قيل كذا اي ما زاد به على غيره من المحاسن العاجلة او الاجلة. وذكر رحمه الله تعالى من الاية والاحاديث ما يدل على فضل الدعوة. فذكر قوله تعالى ومن احسن قولا ممن الى الله وعمل صالحا فقال انني من المسلمين. ففي الاية انه لا احد يبلغ في بحسن القول مبلغ من دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. وكونه كذلك يدل على ومن اذا اتبعت لافعل التفضيل والمراد بها بلوغ الغاية فيما ذكر فقوله تعالى ومن احسن اي لا احد احسن. وقوله تعالى ومن اضل اي لا احد اضل وقوله تعالى ومن اظلم اي لا احد اظلم. الاية المذكورة وهي ومن احسن قولا ممن دعا الى الله معناها انه لا احد يبلغ الحسنى في القول مبلغ من دعا الى الله وعمل صالحا وقال ان من المسلمين وهذا دال على فضل الدعوة الى الله. ثم بين رحمه الله معنى الاية فقال يعني دعا الى الحق وعمل به وانكر الباطل وحذر منه وتركه ومع ذلك صرح بما هو عليه يخجل بل قال انني من المسلمين. وقوله انني من المسلمين وجهه الاغتباط والفرح فانه لا يصرح بذلك اثرا وظفرا لكنه ينطق به بيانا للحق وشكرا الله عز وجل على نعمته ثم ذكر رحمه الله تعالى ما ينبغي ان يكون عليه العبد من التشرف بالاسلام والفخر به والاعتزاز بانتسابه الى دين الله عز وجل. انتسابا به السرور والفرح. ثم ذكر قول الله تعالى قل بفضل الله وبرحمته. فبذلك فليفرحوا هو خير مما يتبعون قال ابي ابن كعب رضي الله عنه في هذه الاية فضل الله الاسلام ورحمته القرآن. فضل الله الاسلام ورحمته القرآن فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. فهذا الفرح هو فرح ارتباط وهو امر مشروع. اما الفرح المنهي عنه فهو فرح الكبر. المذكور في قوله تعالى لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين. فالفرح في القرآن نوعان. فالفرح بالقرآن نوعان. احدهما فرح مأموم في قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا والاخر فرح منهي عنه. وذلك في قوله تعالى لا تخفوا راح ان الله لا يحب الفرحين. والفرق بينهما ان الاول فرح الشكر والثاني فرح الكبر. ان الاول فرح الشكر والثاني فرح الكبر. ففرح الشكر مأمور به. واما فرح الكبر فمنهي عنه. ومن فرح الشكر الفرح بالنسبة للاسلام والدعوة اليه. والاية المذكورة كما قال المصنف من اوضح الايات في الدلالة على فضل الدعوة وانها من اهم القربات ومن افضل الطاعات. ثم ذكر قوله تعالى قل هذه في سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعك. فبين سبحانه ان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو على وان اتباعه كذلك فهذا فيه ظلم الدعوة. وان اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة الى سبيله على بصيرة فمن فضل الدعوة الى الله على بصيرة ان القائمين بها هم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فتقدير الاية قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني يدعون الى الله على بصيرته. فالقائمون بالدعوة الى الله على بصيرة هم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فمن فضلهم وشرفهم نسبتهم اليه صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر رحمه الله تعالى ثلاثة احاديث بفضل الدعوة اولها قوله صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل اجرة فاعله. رواه مسلم. والدعوة على الدلالة الى الخير كما قال تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير الذي يدعو الى الخير له منذ اجر والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم من دعا الى هدى كان له من الاجور مثل اجور من تبعه لا ينقص ذلك بوجودهم شيئا في الحديث اخرجه مسلم ايضا وهذا يدل على فضل الدعوة الى الله بان من دعا الى الله عز وجل به الناس واقتدوا فانه يكتب لهم فانه يكتب له اجر ما عمل ولا ينقص ذلك من شيئا والحديث الثالث قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه فوالله لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. وحمر النعم هي الابل الحمراء. وهي من خير مال العرب. فان العرب كانت تعظم الابل واحبها الى اهل الحجاز هي الابل الحمراء. فذكر النبي الله عليه وسلم لعلي انه اذا اهتدى به رجل واحد فهذا خير له من اعظم المال الذي يفتخر به الناس ثم رجع رحمه الله تعالى الى بيان معنى الحديث الثاني من ان الداعية الى الله يعطى مثل اجور من هداه الله على يديه. وقوله هنا رحمه الله تعالى الداعي الى الله جل وعلا غير قوله رحمه الله تعالى الداعي فان الخبر عن القائم بالدعوة يكون لاحد لفظين الاول الداعي والثاني الداعية. الاول الداعي والثاني الداعية وكلاهما جائزة. لكن اولاهما ما هو ما الجواب؟ الداعي لماذا داعية لماذا الداعي اولى لان الله سبحانه وتعالى والداعي اكمل من الداعية لامرين احدهما انه المختار في خطاب الشرع انه المختار في خطاب الشرع فان الله قال في نبيه صلى الله عليه وسلم وداعيا الى الله باذنه وقال يا قومنا اجيبوا داعي الله. والاخر ما فيه من البراءة من الاستعلاء والكبر ما فيه من البراءة من الاستعلاء والكبر. فان الهافي اسم الداعية هي للمبالغة. فالعرب تقول علامة لمن بلغ الغاية في العلم ونسابة لمن بلغ الغاية في النسب والمناسب الدعوة هو التواضع والتفاخر. فالاكمل الخبر باسم الداعي لا باسم داعية وكلاهما جائز لكن ما كان في الخطاب الشرعي احب الينا. وهذا من بركة العلم فان العلم الذي ينفع هو الذي يتحرى فيه العبد موافقة خطاب الشرع وان كان الناس على غيره. فليست العبرة بما عليه الناس بل العبرة على ما جاء في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وما يقع في كلام الناس رجالا اهوج على الجواز فهذا لا بأس به. لكن ما كان في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم احب الينا احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الامر الثاني كيفية ادائها واساليبها الدعوة واسلوبها فقد بينه الله عز وجل في كتابه الكريم. وفيما جاء في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ومن بذلك قوله جل وعلا وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجانبهم من فيه احسن. فاوضح سبحانه الكيفية التي ينبغي ان يتصل بها الداعية ويسلكها. يبدأ اولا بالحكمة والمراد بها الادلة المقنعة الواضحة فاسدة للحق والداحقة للباطل. ولهذا قال بعض المفسرين المعنى للقرآن بانه حكمة عظيمة لان فيه البيان والايطاحة وقال بعضهم معناه من الكتاب والسنة وبكل حال فالحكمة كلمة عظيمة معناها الدعوة الى الله طالب العلم والبصيرة والادلة الواضحة المقنعة الكاشفة والمبينة له وهي كلمة مشتركة تطلق على معان كثيرة والله على النبوة وعلى العلم وعلى العقل وعلى الورع وعلى اشياء اخرى. وهي بسط وجه الاصل كما قال الشوكاني الامر الذي يمنع عن السماء هذه هي الحكمة والمعنى ان كل كلمة وكل مقالة تردعك عن السفه وتجدر تعني حكمة وهكذا كل مقال واضح. وهكذا كل مقال واضح صريح صحيح في نفسه فهو حكمة. فالآية القرآنية اولى بانفسنا حكمة السنة الصحيحة واولى بها حكمة بعد كتاب الله. وقد سماها الله حكمة في كتابه العظيم كما في قوله جل وعلا ويعلمه الكتاب والحكمة يعني السنة. وكما بقوله سبحانه يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا. الاية فالاكدة الواضحة تسمى حكمة والكلام الواقع المصيب للحق يسمى حكمة. والكلام واقف مصيب للحق يسمى حكمة كما تقدم. ومن ذلك الحكمة التي تكون في سميت بذلك لانها تمنع الفرس من المضي في السير. اذا جذبها صاحبها بهذه كما الحكمة كلمة تمنع من سمعها من المضي في الباطل وتدعوه الى وتدعوه الى الاخذ بالحق والتأثر به عند الحد الذي حده الله عز وجل فعلى الداعية الى الله عز وجل ان يدعو بالحكمة ويبدأ بها ويعنى بها فاذا الم ندعوا عنده بعض الجفاء والاعتراض دعوته من موعظة حسنة. للايات والاحاديث التي فيها الوعد والترغيب. فاذا كانت عنده كاملته بالتي هي احسن ولا تغلق عليه بل تصبر عليه ولا تعدل ولا تعنه بل تجتهد في كشف الشبهة وايقاح الادلة من اسلوب حسن وهكذا ينبغي لك ايها الداعية ان تتحمل وتصبر ولا تشك. وهكذا ينبغي لك ايها الداعية ان وتصبر ولا تشدد لان هذا اقرب الى الانتفاع بالحبل وقبوله وتأثر المجعول وصبره عن المجادلة والمناقشة. وقد امر الله الله جل وعلا موسى وارود لما بعثهما الى فرعون ليقولا له قولا لينا وهو اقربه الله قال الله جل وعلا في امره المساواة فقلنا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى. وقال الله سبحانه في نبيه محمد عليه الصلاة والسلام الاية فعدت بذلك ان الاسلوب الحكيم والطريق المستقيم بالدعوة ان يكون الداعي حكيما بالدعوة بصيرا باسلوبها لا يعجل ولا يعنف بل يدعو بالحكمة وهي المقال الواضح المصير للحق من الايات والاحاديث وبالموعظة الحسنة والامتداد بالتي هي احسن هذا هو الاسلوب الذي ينبغي لك في الدعوة الى الله عز وجل. اما الدعوة بالجهل فهذا يضر ولا ينفع كما يأتي بيان ذلك ان شاء الله عند ذكر اخلاق الدعاء. لان الدعوة مع الجهل بالادلة قول على الله بغير علم. وهكذا الدعوة وتوجه التي مرضها اكثر مرضها اكثر وانما الواجب والمشروع هو الاخذ بما بينه الله عز وجل في سورة النحل وقوله سبحانه ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة الاية الا اذا ظهر من المدعو العناد والظلم فلا مانع عليه كما قال الله سبحانه يا ايها الذين جاهدوا الكفار والمنافقين واغلق عليهم الاية وقال تعالى ولا تجاملوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم عقد المصنف رحمه الله ترجمة ثانية بين فيها امرا اخر من الامور الاربعة التي وعد بها من متعلقات الدعوة. فقال الامر الثاني كيفية واساليبها. ثم قال في سبيله الضمير قال اما كيفية الدعوة واسلوبها وقوله كيفية ادائها اي كيفية ادائها. وذكر في الترجمة الاساليب جمعا وفي بيانه الاسلوب افرادا. والاسلوب في كلام العرب الطريق الذي يأخذ فيه المرء والطريق في كلام العرب الطريق الذي يأخذ فيه المرء واصله عنده فنون الكلام وانواعه. واصله عندهم فنون الكلام وانواعه. يقال لوحدها اسلوب ثم قال رحمه الله لقد بينها الله في كتابه الكريم بما جاء في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ومن اوضح ذلك قوله جل وعلا ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن. فالاية المذكورة اصل في بيان كيفية الدعوة وما ينبغي سلوكه فيها. والمذكور في الاية ثلاثة امور اكتفى المصنف رحمه الله تعالى ببيان اولها وهي وهو الحكمة فذكر ان الحكمة هي الادلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق اعظمها القرآن الكريم. وقال بعضهم معناه بالادلة من الكتاب والسنة. وهذا يرجع الى وهو الادلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق. لان اعظم ما ينكشف به الحق هو دلائل الكتاب والسنة ثم قال بعد وبكل حال فالحكمة كلمة عظيمة معناها الدعوة الى الله العلم والبصيرة والادلة الواضحة ثم قال وهي كلمة مشتركة تطلق على معاني كثيرة تطلق على النبوة وعلى العلم والفقه في الدين وعلى العقل وعلى الورع وعلى اشياء اخرى ثم قال وهي في العصر كما قال الشوكاني الامر الذي يمنع عن هذه هي الحكمة والمعنى ان كل كلمة وكل مقالة تدعك عن السما وتنزلك عن الباطل فهي حكمة ومن ذلك القرآن الكريم فهو حكمة وهكذا السنة الصحيحة فهي اولى ان تسمى حكمة بعد كتاب الله كما قال تعالى ويعلمهم الكتاب والحكمة. وقال يؤتي الحكمة من يشاء. ثم قال فالادلة واضحة تسمى حكمة. والكلام الواضح المصيب يسمى حكمة ثم قال فالحكمة تمنع من سمعها من المضي في الباطل وتدعوه الى الاخذ بالحق والوقوف عند الحد الذي حده الله عز وجل. وغاية ما ذكره اهل العلم في الحكمة ان الحكمة احدهما الحكمة العلمية الحكمة العلمية وهي العلم الذي ينفع ويمنع. وهي العلم الذي ينفع ويمنع فينفع العبد فيما يصلح به هيمنع فينفع العبد فيما يصلح به. ويمنعه مما يفسد ويمنعه مما يفسده. والاخر الحكمة العملية. وهي فعل ما ينبغي كما ينبغي الحكمة العملية وهي فعل ما ينبغي كما ينبغي. اي فعل الابي الذي يضرب فعله وفق ما يحصل فعله واكمل الحسن للفعل ان يفعله العبد وفق الشرع والعقد. ثم قال رحمه الله فعلى الداعية الى الله عز وجل ان يدعو بالحكمة ويبدأ بها ويعنى بها. فاذا كان المدعو عنده بعض الجفاء والاعتراض دعوته بالموعظة الحسنة الاحاديث التي فيها الوعظ والترغيب. فان كانت عنده شبهة جادلته بالتي هي احسن. ولا تغلظ عليه بل تصبر عليه ولا تعجل ولا تعجل ثم قال هكذا ينبغي لك ايها الداعية ان تتحمل وتصبر ولا تشدد لان هذا اقرب الى الابتداع بالحق وقبوله وتأثر مدعوه وصبره على المجازاة والمناقشة. ثم ذكر ما امر به موسى وهارون عليهم الصلاة لما بعث الى فرعون وهو اطهى الطغاة انهما امرا ان يكونا له قولا لينا. ومدح النبي صلى الله عليه وسلم لينه الذي جعل القلوب تقبل عليه. قال تعالى فبما رحمة من الله ليرت لهم ولو كنت فظا غليظا للقلب لانفضوا من حولك. قال فعلم بذلك ان الاسلوب الحكيم والطريق المستقيم في الدعوة ان يكون الداعي حكيما في الدعوة بصيرا باسلوبها لا يعجل ولا يعلم من يدعو بالحكمة ثم قال هذا هو الذي ينبغي لك بالدعوة الى الله اما الدعوة بالجهل فهذا لا يضر ولا ينفع كما يأتي ذلك عند اخلاق الدعاء ثم قال انما الواجب والمشروع هو الاخذ بما بينه الله في سورة النحل وهو قوله تعالى ادعوا الى سبيل ربك بحكمة الاية الا اذا ظهر للمدعو وظلم فلا مانع من الاغلاظ عليه كما قال تعالى يا ايها النبي جاهدوا الكفار والمنافقين واغضوا عليهم الاية وقال ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن. وغاية الامن الذي ينبغي بيانه فيما يتعلق بهذا الامر ان قوله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن اصل في بيان الدعوة وانتظم فيها ثلاث مراتب للدعوة اولها الدعوة بالحكمة الدعوة بالموعظة الحسنة وثالثها الدعوة بالمجادلة بالتي هي احسن فالمرتبة الاولى لمن كان عنده قبول لمن كان عنده قبول لكن يمنعه من التزام ما يدعى اليه ما يمنعه فيدعى بالحكمة. والمرتبة الثانية من كان عنده اعراض لمن كان عنده اعراض فيعالج اعراضه الموعظة الحسنة والموعظة الحسنة الامر والنهي فقولان بالتغييب والترهيب. الامر والنهي المقرونان بالترغيب والترهيب والمرتبة الثالثة لمن كان عنده اعتراض لمن كان عنده اعتراض فلديه من الشبه ما لديه فهذا يجادل بالتي هي احسن. اي يراجع في القول بيانا وارشادا بالطريق التي هي احسن. ذكر هذا المعنى جماعة من منهم ابن تيمية الحفيد صاحبه ابو عبدالله ابن القيم وحفيده في العلم ابن ابي العز لشرح العقيدة الطحاوية. فبينوا رحمهم الله ان الاية جامعة مراتب الدعوة الثلاث الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن وان كل مرتبة لها اهلها. فيدعى اهل كل مرتبة بما يصوحون به. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى. الامر الثالث بيان الامر الذي اما الشيء الذي يدعى اليه ويجب على الدعاة ان يصلحوا للناس كما وضحه الرسل عليهم الصلاة والسلام. فهو الدعوة الى صراط المستقيم وهو الاسلام وهو دين الله الحق هذا هو محل الدعوة كما قال سبحانه ادع بنا سبيل ربك فسبيل الله جل وعلى الاسلام وهو الصراط المستقيم. وهو دين الله الذي بعث به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام. هذا هو الذي يجب الدعوة اليه لذلك مذهب فلان ولا الى رأي فلان ولكن الى دين الله الى صراط الله المستقيم. الذي بعث الله به نبيه وخليله محمدا عليه السلام الصلاة والسلام وهو ما دل عليه القرآن العظيم والسنة المطهرة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. وعلى رأس ذلك الدعوة في الصحيح الى العقيدة الصحيحة الى الاخلاص لله وتوحيده بالعبادة والايمان به والايمان باليوم الاخر وبكل ما اخبر الله ورسوله هذا هو اساس هذا هو اساس الطريق المستقيم. وهو الدعوة الى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ومعنى ذلك الدعوة الى توحيد الله والاخلاص له والايمان به وبرسله عليهم الصلاة والسلام. ويدخل في ذلك الدعوة الى الايمان الله به ورسله مما كان وما يكون من امر الاخرة وامر اخر الزمان وغير ذلك. ويذكر في ذلك ايضا الدعوة الى انجب الله من اقامة من اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وصوم رمضان وحج البيت الى غير ذلك. ويدخل ايضا في ذلك الدعوة الى الجهاد في سبيل الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاخذ بما شرع الله في الطهارة والصلاة والمعاملات والنكاح والطلاق والجنايات النفقات والحرب والسلم وفي كل شيء لانك من الله عز وجل فيه مشابه يشمل مصالح العباد في المعاش والمعاد كل ما يحتاج اليه الناس من اجل دينهم والدنيا ويدعو الى مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال وينهى عن سداس الاخلاق وعزي الاعمال فهو عبادة وقيادة يكون عابدا ويكون قائدا للجيش عبادة وحب. يكون عابدا مصليا صائما ويكون حاكما لشرع الله منفذا لاحكامه عز وجل. عبادة وجهاد يدعو الى الله ويجاهد في سبيل الله من خرج عن دين الله مصحف يتأمل القرآن ويتدبره احكامه بالقوة ولو بالسيف اذا دعت الحاجة اليه. سياسة واجتماع فهو يدعو من الاخلاق الفاضلة والاخوة الايمانية والجمع بين المسلمين والتأديب بينهم كما قال جل وعلا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فدين الله يدعو الى الاجتماع والى السياسة الصالحة الحكيمة التي تجمع ولا تفرق. تؤلف ولا تباعد صفاء القلوب واحترام الاخوة الاسلامية والتعاون على البر والتقوى والنصر لله ولعباده. وهو ايضا يدعو الى اداء الامانة والحكم وترك الحكم بغير ما انزل الله عز وجل. كما قال سبحانه ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات اذا اكلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بدعة. وهو ايضا سياسة واقتصاد. كما انه سياسة وعبادة ورمال فهو يدعو الى الاقتصاد الشرعي المتوسط ليس رأس ماليا غاشما ليس رأسماليا غاشما ظالما لا يبالي بالمحرمات ويجمع بكل وسيلة وبكل طريق وليس اقتصادا شيوعي حاليا لا يحترم اموال الناس ولا يبالي بالضغط عليهم وظلمهم والعدوان عليهم اليس هذا ولا هذا بل هو وسط بين الاقتصادين ووسط بين الطريقين وحق بين الباطلين. فالغرب عرضهم مالوا في حبه وفي جمعه حتى جمعوه بكل وسيلة. وسلكوا فيه ما حرم الله عز وجل. والشر من الملحدين بالسخرية ومن سلك سبيله لم يحترموا اموال العباد بل اخذوها واستحلوها ولم يبالوا بما فعلوا في ذلك. بل استعبدوا العباد واضطهدوا الشعوب وكفروا بالله وقالوا لا اله والحياة مادة فلم يبالوا بهذا المال ولم يمتلكوا باخذه بغير حله ولم يكترثوا بوسائل للعبادة والاستيلاء على الاموال والحيلولة بين الناس وبينما فخرهم الله عليه من الكسب والانتفاع. والاستفادة من قدراتهم ومن عقولهم ومن اعطاهم الله من الادوات فلا هذا ولا هذا فالاسلام جاء بحفظ المال واكتسابه من الطرق الشرعية البعيدة عن الظلم الغش والربا وظلم الناس والتعدي عليهم. كما جاء باحترام الملك الفردي والجماعي فهو وسط بين النظامين وبين الاقتصادين وغيرهم الغاشمين فابى حنان ودعا اليه ودعا الى انتسابه بالطرق الحكيمة من غير ان يشغل كاسبه عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعن نزائم ما اوجب الله عليه. ولهذا قال عز وجل يا ايها الذين امنوا لا تأخذوا قال لكم بينكم بالباطل. وقال النبي عليه الصلاة والسلام كل المسلم على المسلم حرام ذنبه وماله وعرضه قال صلى الله عليه وسلم ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا فقال عليه الصلاة والسلام لان يأخذ احدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكون بها فهي كف بها وجهه خير له من سؤال الناس اعطوا او منعوا. وسأل صلى الله عليه وسلم اي الكسب اطيب؟ فقال هذا عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور وقال عليه الصلاة والسلام مات احد طعاما افضل من ان يأكل من عمل يده كان نبي الله داود يأخذ من عمل يده فهذا يبين لنا ان نظاما فهذا يبين لنا ان نظام الاسلام نظام متوسط لا معرض لا مع رأس المال الغاشم من الغرب واتباعه ولم نع الشيوعيين الملحدين الذين استباحوا المال ابدأوا حرمات اهلها لم يبالوا بها واستعادة الشيوعيين. ولا مع الشيوعيين الملحدين الذين الاموال واهدأوا حرمات اهلها لم يبالوا لم يبالوا بهم واستعبدوا الشعوب وقضوا عليها وقضوا عليها واستهلوا ما حرم الله منها سألتها ان تكسب المال وتطلبه بالطرق الشرعية وانت اولى بمالك وباسمك بالطريقة التي شرعها الله جل وعلا والاسلام ايضا يريد الاخوة الايمانية والنصح لله ولعباده ولنا احترام المسلم لاخيه لا غل ولا ولا غش ولا خيانة ولا غير ذلك من الاخلاق الذميمة. كما قال جل وعلا والمؤمنون والمؤمنات ضعفهم اولياء وقال جل وعلا انما المؤمنون اخوة. وقال النبي عليه الصلاة والسلام المسلم اخو المسلم لا يظلم ولا يحقره ولا يدخله. الحديث فالمسلم اخو المسلم يجب عليه احترامه وعدم احتقاره. ويجب عليه انصافه واعطائه حقه من كل الوجوه التي شرعها الله عز وجل. وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة اخيه المؤمن فانت يا اخي مرآة اخي وانت لبنة من البناء الذي قال عليه بنيان الاخوة الايمانية فاتق الله في حقها في حق اخيك واعرف وعليك ان تأخذ الاسلام كله ولا تأخذ جانبا دون جانب لا تأخذ العقيدة وتدع والاعمال ولا تأخذ الاعمال والاحكام وتدع وتدع العقيدة بل خذ الاسلام كله خذه عقيدة وعملا وعبادة وجهادا واتباعا دينك. واجتماعا وسياسة واقتصادا وغير ذلك. خذه من كل الوجوه كما سبحانه يا ايها الذين امنوا خذوا في السن كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه قال جماعة من السلف معنى ذلك ادخلوا في السن جميعه يعني في الاسلام يقال للاسلام سلم لانه طريق السلام وطريق النجاة في الدنيا والاخرة فهو سلم واسلام. الاسلام يدعو الى السلم يدعو الى حقن الدماء بما شرع من الحدود والقصاص الشرعي الصادق فهو سلم واسلام وامن وايمان. ولهذا قال جل وعلا ادخلوا في السلم كافة. اي في جميع شعب الايمان لا تأخذوا بعضا وتدعوا بعضا عليكم ان تأخذوا بالاسلام كله ولا تتبعوا خطوات الشيطان يعني المعاصي التي حرمها الله عز وجل فان الشيطان يدعو الى المعاصي والى تركه لله كله فهو اعدى عدو ولهذا يجب ان يتمسك بالاسلام كله وان يدين بالاسلام كله وان يعتصم بحبل الله عز وجل. وان يغفر اسباب الفرقة والاختلاف في جميع فعليك ان تحكم شرع الله في العبادات وفي المعاملات وفي النكاح والطلاق وفي النفقات وفي الاوضاع وفي الرضاع وفي السلم والحرب والصديق وفي الجنايات وفي كل شيء. دين الله يجب ان يحكم في كل شيء. واياك ان توالي اخاك لان موافقك في وتعدل الاخر لانه خالفك في رأي او مسألة فليس هذا من الانصاف؟ فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم. لم يؤثر ذلك في الصفاء في نوم والموالاة والمحبة رضي الله عنهم وارضاهم يعمل بشرع الله ويدين بالحق ويقدمه على كل احد بالدليل. ولكن لا يحمله ذلك على ام اخيه وعدم انصافه اذا خلقه في الرأي في مسائل الاجتهاد في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها. وهكذا بالمسائل التي قد يختلف في تأويل النص فانه قد يعذر فعليك ان تنصح له وان تحب له الخير ولا يحملك ذلك على العناء والانشقاق وتمكين العدو ولا حول ولا قوة الا بالله. الاسلام دين العدالة ودين الحكم بالحق والاحسان. دين المساواة الله عز عز وجل فهذه الدعوة الى كل خير وفيه الدعوة الى مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال والانصات والعدالة والبعد عن كل خلق جميل. قال تعالى ان الله يقول ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وانهاء الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون. وقال تعالى يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اشقاكم ان الله عليم قدير والخلاصة وبالواجب على الداعية الاسلامي ان يدعو للاسلام كله ولا يفرق بين الناس والا يكون متعصبا لمذهب دون مذهب او دون قبيلة او لشيخه او رئيسه او غير ذلك. بل الواجب ان يكون هدفه اثبات الحق وايضاحه واستقامة الناس عليه. وان خالف لو رأي فلان او فلان او فلان ولما نشأ في الناس من يتعصب للمذاهب ويقول ان مذهب فلان او لا من مذهب فلان جاءت الفرقة والاختلاف وحتى الامر الا يصلي مع من هو على غير مذهبه فلا يصلي الشافعي وهكذا وهكذا وقع من بعض المتطرفين المتعصبين وهذا من والاتباع خطوات الشيطان فالائمة ائمة هدى. الشافعي ومالك واحمد وابو حنيفة والاوزاعي واسحاق مراد وما واشبابهم كلهم ائمة هدى ودعاة حق. جعلوا الناس الى دين الله وارشدوهم الى الحق. ووقع هناك مسائل بينهم فيها بخطاء الدليل على بعضهم فهم بين مجتهد مصيب له اجران وبين مجتهد افضل فله اجر واحد عليك ان تعرف لهم قدرهم وفضلهم وان تترحم عليهم وان تعرف انهم ائمة الاسلام ودعاة الهدى. ولكن لا يحملك ذلك على والتقديم الاعمى فتقول مذهب فلان اولى بالحق بكل حال او مذهب فلان اولى بالحق لكل حال لا يبطل لا هذا غلط عليك ان تأخذ بالحق وان تتبع الحق اذا ظهر دليله ولو قال بفلان او فلانة. وعليك ان لا تتعصب بل تعلم للائمة فضلهم وقدرهم. ولكن مع ذلك تهترض لنفسك ودينك فتأخذ بالحق وترضى به وترشد اليه اذا وتخافوا الله وتراقبه جل وعلا وتنصت من نفسك مع ايمانك بان الحق واحد وان المجتهدين ان صابوا فلا اجران وان اخطأوا فلهم اجر واحد اعني مجتهدي اهل السنة اهل العلم والايمان والهدى. كما صح بذلك الخبر عن الله صلى الله عليه وسلم اما المقصود من الدعوة والهدف منها فالمقصود هو الهدف اخراج الناس من النور وارشاده من الحق حتى يأخذوا به وينجوا من النار وينجوا من غضب الله واخراج الكافر من ظلمة الكفر الى النور والهدى للجاهل من امة الجاهلين الى نور العلم والعاصي من ظلمة المعصية لا نريد طاعة. هذا هو المقصود من الدعوة كما قال جل وعلا الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. والرسل بعث الرسل بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور دعاة الحق كذلك يقومون بالدعوة وينسبون لها الناس من الظلمات الى النور. ولانقاذهم من النار من طاعة الشيطان ولانقاذه من طاعة الهوى الى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. عقد المصنف رحمه الله ترجمة ثالثة ذكر فيها امرا اخر من الامور الاربعة من متعلقات الدعوة التي وعد لها مقال الامر الثالث بيان الامر الذي يدعى اليه. وابتدأ بيانه اقول ايه؟ اما الشيء الذي يدعى اليه ويجب على الدعاة ان يوضحوه للناس كما اوضحه الرسل عليهم الصلاة والسلام فهو الدعوة الى صراط الله المستقيم وهو الاسلام. فالامر الجامع لما يدعى اليه انه يدعى الى الاسلام وهو دين الله عز وجل. وانتظر في الدعوة الى الاسلام الدعوة الى توحيد الله عز وجل وهي مقدمة. كما قال رحمه الله وعلى رأس ذلك الدعوة الى العقيدة الصحيحة الى الاخلاص لله وتوحيد العبادة. والايمان به وبرسله والايمان باليوم اخي وبكل ما اخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. هذا هو اساس الصراط المستقيم وهو والدعوة الى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ويدخل في ذلك الدعوة الى الايمان بكل ما اخبر الله به ورسله مما كان وما يكون من امر الاخرة وامر اخر الزمان. ويدخل في ذلك ايضا دعوة الى شرائع الاسلام كافة من اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت. ويدخل ايضا في الدعوة الى الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاخذ بما شرع الله في الطهارة والصلاة والمعاملات والنجاح والطلاق والجنايات والحرب والسلم وفي كل شيء. قال رحمه الله معللا لان دين الله دين شامل يشمل مصالح عباده المعاش والمعاد ويشمل كل ما يحتاج اليه الناس في امر دينهم ودنياهم. فكل شيء يفتقر اليه الناس في الدلالة الى الاسلام فانهم يدعون اليه. ومن جملة ذلك ما ذكره لقوله ويدعو الى الاخلاق ومحاسن الاعمال وينهى عن سغاسل الاخلاق اي ردئها. فاستفساه من كل شيء رديء وزفزاف الاخلاق رضيئها وجمعه سفاسف. قال وعن سيء الاعمال فهو عبادة وقيادة يكون عابدا ويكون قائدا للجيش وهذا شروع منه في تفصيل مجمل ما تقدم من الجمع بين مراتب الشرع وشرائعه كلها. في حق كل احد فيه في جمع بين العبادة والحكم والعبادة الجهاد والسياسة والاجتماع والسياسة والاقتصاد فان الاسلام جاء ببيان كل ما به صلاح الناس في جميع شؤونهم. واستطرد المصنف رحمه الله تعالى في بيان نظام الاسلام في المال لان خللا كثيرا تولد في الناس عند بزوغ دعوة الشيوعية. فعلى بها من علق وعلق مقابل ذلك وعلق بطريقة الغرب في الاقتصاد وهي الرأسمالية قضى الشيخ رحمه الله تعالى في بيان الاقتصاد الاسلامي المأمور بدعوة الناس اليه. ثم مما يدعى اليه ايضا في الصفحة التاسعة بين ثلاث مئة ان الاسلام ايضا يدعو الى الاخوة الايمانية والى النصح لله ولعباده والاحترام المسلم لاخيه لا غل ولا حسد ولا غش ولا خيانة ولا غير ذلك من الاخلاق الذميمة كما قال وتعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض. وقال جل وعلا انما المؤمنون اخوة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم المسلم اخو المسلم. وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة اخيه المؤمن. فمن جملة ما يدعى اليه الدعوة الى الاخوة الايمانية. ثم قال رحمه الله تعالى وعليك ان تأخذ الاسلام كله. لا تأخذ دون جانب لا تأخذ العقيدة وتدعي الاحكام والاعمال ولا تأخذ الاعمال والاحكام وتدعي العقيدة بل خذ الاسلام خذوا عقيدة وعملا وعبادة وجهادا واجتماعا وسياسة واقتصادا وغير ذلك خذه من كل الوجوه كما قال سبحانه يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة اي ادخلوا في الاسلام كله والاسلام يسمى سلما لما فيه من السلام. وسلامة الاسلام نوعان. وسلامة الاسلام نوعان احدهما سلامة في الدنيا. بالحياة الطيبة. سلامة في الدنيا بالحياة الطيبة والاخر سلامة في الاخرة نجاة من عذاب الله والفوز لرضوانه. في النجاة من عذاب الله والفوز برظوانه ثم رجع الى القول في بيان وجوب الاخذ بالاسلام كله فقال فعليك ان تحكم شرع الله في العبادات وفي المعاملات وفي النكاح والطلاق حتى قال وفي كل شيء. ثم قال دين الله يجب ان يحكم في كل شيء واياك ان توالي اخاك لانه وافقك في كذا وتعادي الاخر لانه خالفك في رأي او في مسألة فليس هذا من الانصاف. ومقصوده ان الناس لم يزالوا مختلفين والمحتمل من اختلافه ما كان في امور الاجتهاد. فما كان في المسائل الاجتهادية التي قد يخفى فان الواجب على العبد الا يعادي فيها. والا يتعصب لقوله بل يبين ما انتهى اليه اجتهاده اجتهاده ويعبر غيره في اجتهاده. المسائل الاجتهادية تختلف انظار الناس فيها والمجتهدون هنا من بين اجر واجرين. ثم ذكر ان الاسلام دين العدالة ودين الحكم بالحق والاحسان المساواة الا في مسجدنا الله عز وجل اي فيما فرق فيه الله عز وجل بين المتشابهات. فان الله عز وجل سوى بين اشياء وفرق بين اشياء فلا يطرد التسوية في كل شيء من كل وجه. فسوى بين الذكر والانثى مثلا في ابواب من الدين وفرق بينهم في ابواب من الدين ولهذا فالاولى الخبر الاول عن الاسلام بانه دين العدل. اما اطلاق القول بان الاسلام دين المساواة ففيه ما فيه. للمساواة توهم الاستواء في كل شيء. واما العدل فحقيقته اعطاء كل احد حقه. والحق قد يكون تارة بان يكون له اكثر من غيره. وقد يكون تارة ان يكون له اقل من غيره. ثم قال ففيه عيد الاسلام. الدعوة الى كل خير. وفيه الدعوة الى مكارم الاخلاق ومحاسن اعمال الانصاب والعدالة والبعد عن كل خلق دميم. ثم ذكر الاية في ذلك ثم قال والخلاصة ان الواجب على الداعية الاسلامي ان يدعو الى الاسلام كله. ولا يفرق بين الناس ففيما يدعو اليه هو يدعو الى الاسلام وفي من يدعو هو يدعو الناس كافة الى لله عز وجل على بصيرة مع البراءة من الليل الى بعضهم دون بعض كما قال والا يكون متعصبا دون مذهب او لقبيلة دون قبيلة او لشيخه او رئيسه او غير ذلك بل الواجب ان يكون هدفه اثبات الحق واستقامة الناس عليه وان خالف رأي فلان او فلان او فلان. ثم ذكر مذمة التعصب لما الت الى التفريق بين المسلمين. فان المذاهب تحمد وتطلب في الدلالة على الاحكام الشرعية فهي سلم للوصول الى مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في والواجب على العبد هو اتباع كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم اذا تبين له الحكم في لا التعصب لمذهب البلاد المذاهب المتبوعة وتقديمه على الحق اذا تبين في ثم ذكر بعد ذلك ما يجب على الناس من توقيع ائمة الهدى ودعاة الحق من الائمة المتبوعين كمالك والشافعي واحمد واسحاق وغيرهم من توقيرهم واجدادهم ومعرفة قدرهم لكن لا يحكم كذلك عن التعصب والتقليد الاعمى. فتقول مذهب فلان اولى بالحق بكل حال او مذهب فلان او هنا بالحق لكل حال لا يخطئ. قال هذا غلط عليك ان تأخذ بالحق وان تتبع الحق اذا ظهر دليله ولو خالف فلان او علانا وعليك ان لا تتعصب او تقلد تقليد الاعمى بل تعرف للائمة فضلهم وقدرهم ولكن مع ذلك تحتاط لنفسك ودينك وتأخذ بالحق وترضى به وترشد اليه اذا طلب منك وتخاف الله وتراقبه لنفسك مع ايمانك بان الحق واحد وان المجتهدين ان اصابوا فلهم اجران وان اخطأوا فلهم اجر واحد. ثم بين الله تعالى المقصود من الدعوة الى الله والهدف منها يعني الغاية المرجوة منها. فقال فالمقصود والهدف اخراج الناس من الظلمات الى النور وانشادهم الى الحق حتى يأخذوا به وينجو من النار. كما قال تعالى الله الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. والظلمات التي تختلف الخلق ثلاثة انواع اولها ظلمة الكفر يخرجون منها الى نور الاسلام. وثانيها ظلمة البدعة فيخرجون منها الى نور السنة وثالثها ظلمة المعصية. فيخرجون منها الى نور الطاعة فهذه الظلمات الثلاث هي التي تجتال الخلق وتفسد اديانهم ونجاتهم منها في هذه الانوار. انوار التوحيد والسنة والطاعة هي التي يهدى بها الخلق فتغيب حياتهم الدنيا ويغوزون في الاخرة بالجنة. هذا هو مقصود الدعوة كما قال رحمه الله فالرسل بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور ودعاة الحق ذلك يقومون بالدعوة وينشطون لها لاخراج الناس من الظلمات من النور ولانقاذهم من النار ومن طاعة الشيطان ولانقاذهم من طاعة الهوى والى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ما المقصود من دعوة الخلق الى الله سبحانه وتعالى هو هدايته وارشادهم وامدادهم بانوار الاسلام والسنة والطاعة لا الدعوة الى النفس. فان كثيرا من الناس صار يدعو الى نفسه. وان ازية بزي الدعوة الى الله. قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في مسائل الباب الرابع او الخامس من كتابه التوحيد وفيه التنبيه على الاخلاص في الدعوة الى الله فان كثيرا من الناس اذا دعا الى الله فانما يدعو الى نفسه. انتهى كلامه فان الشيطان قد يلبس على الانسان فيجعل مقصوده من الدعوة الى الله سبحانه وتعالى ان يظهر حظ نفسه فيكون له عند الناس واجتهدوا في جمع الناس عليه ليشكروه ويذكروه ومثل هذا لا يرى بركة لدعوته بل يعجل بحرمانه من اقبال الناس عليه. فان من طمع في قلوب الناس اليه عاقبه الله بصرف قلوب الناس عنه. ولا يبقى محمودا ممدوحا مشكورا في الدنيا والاخرة يا من اجتهد في دعوة الناس الى الله عز وجل. فهو لا يريد منهم ولا بهم. وانما يريد له فهو يريد له هم ان يخرجوا من هذه الظلمات الثلاث الى انوار الاسلام والسنة والطاعة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الامر الرابع بينات الاخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة ان يتخلقوا بها وان يسيروا الا اخلاق الدعاة وصفاتهم التي ينبغي ان يكونوا عليها فقد وضحها الله جل وعلا في ايات كثيرة في اماكن متعددة من كتابه منها اولا الاخلاص فيجب على ذلك ان يكون مخلصا لله عز وجل لا يريد رياء ولا سمعة ولا ثناء الناس ولا حمدان انما يدعو الى الله يريد وجهه عز وجل كما قال سبحانه قل هذه سبيلي ادعو الى الله وقال عز وجل ومن احسن قولا ممن دعا الى الله فعليك ان تخلص لله عز وجل. هذا هم الاخلاق هذا اعظم الصفات ان تكون في دعوتك تريد وجه الله والدار الآخرة. ثانيا ان تكون على بينة في دعوة اي على علم. لا تكن جاهلا لما تدعو اليه. قل في سبيلي ادعو الى الله قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة. فلابد من العلم. العلم فريضة ان تدعو على جهالة واياك ان تتكلم فيما لا تعلم. فالجاهل يهدم ولا يبني ويفسد ولا يصلح. فاتق الله يا عبد الله اياك ان تكون على الله بغير علم لا تدعو الى شيء الا بعد العزم به والبصيرة بما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا بصيرة وهي العلم لعلى طالب العلم وعن الداعية ان يتبصر فيما يدعو اليه وان ينظر فيما يدعو اليه ودليله فان ظهر له الحق وعرفة ودعا الى ذلك سواء كان ذلك فعلا او تركا فيدعو الى الفعل اذا كان طاعة لله ورسوله ويدعو الى ترك ايمانه الله وعده ورسوله على دينه وبصيره. ذلك من الاخلاق التي ينبغي لك ان تكون عليها ايها الداعية ان تكون حجما في دعوتك. رفيقا وفيها متحملا صبورا كما فعل الرسول عليهم الصلاة والسلام اياك والعجلة اياك والعنف والشدة عليك بالصبر عليك في دعوتك وقد سبق لك بعض الدليل على ذلك كقوله جل وعلا ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة بحسنة وجدلهم بالتي هي احسن. وقوله سبحانه فبما رحمة من الظالمين ات لهم. وقوله جل وعلا في قصة موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى. وفي الحديث الصحيح النبي صلى الله عليه وسلم اللهم من ولي من امر امتي شيئا فرضق به فارطق به ومن ولي من امر امتي شيئا فشق عليه تشفق عليه اخرجه مسلم في الصحيح. فعليك يا عبد الله ان ترفق في دعوتك ولا تشق على الناس ولا تنفرهم من الدين ولا ولا تنذرهم من الدين ولا تنذرهم بغلظتك ولا بجهلك ولا باسلوبك العنيف المؤتمر عليك ان تكون حليما صبورا سلس القيام بين الكلام طيب الكلام حتى تؤثر في قلب اخيك وحتى تؤثر في قلب المدعو وحتى لدعوتك ويمين لها ويتأثر بها ويثني عليك بها ويشكرك عليها. اما العنف اما العنف فهو منفر لا تقرب ومفرق لا جامع ومن الاخلاق والاوصاف التي ينبغي الذي يجب ان يكون عليها الداعية ان يكون عليها الداعية بدعوته وان يكون قدوة صالحة فيما يدعو اليه. ليس ممن يدعو الى شيء ثم يتركه او ينهى عنه ثم يرتكبه. هذا حال الخاسرين نعوذ بالله هذه هذه حالة الخاسرين نعوذ بالله من ذلك اما المؤمنون دعاة الحق يعملون به وينشرون فيه ويسارعون اليه. ويبتعدون عما ينهون عنه. قال الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا بما تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مرة عباد الله لا تقولوا ما لا تفعلون. وقال سبحانه اليهود على امرهم الناس بالبر ونسيان انفسهم. اتأمرون الناس بالذكر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الا تعقلون. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اكتاف بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار بالراحة فيجتمع عليه اهل النار فيقولون له يا فلان تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى كنت امركم بالمعروف ولا آتيه وانهاكم عن المنكر هذه حال من دعا الى الله وامر بالمعروف ونهى عن المنكر ثم قال فقوله فعله وفعله قولا نعوذ بالله من ذلك فمن اهم الاخلاق ومن اعظمها في حق الداعية ان يعمل بما يدعو اليه وان ينتهي عما ينهى عنه وان يكون ذا خلق فاضل وسيرة حميم وصبر ومثابرة وانقاص في دعوته. واجتهادا فيما يوصل الخير الى الناس. وفيما يبعدهم من الباطل. ومع ذلك يدعون لهم بالهداية هذا من الاخلاق الفاضلة ليدعوا لهم بالهداية ويقول للمدعو هداك الله وفقك الله لقبول الحق اعانك الله على قبول الحق تدعوه وترشده وتصبر على الاذى ومع ذلك تدعو لهم بالهداية. قال النبي عليه الصلاة والسلام لما قيل لما قيل عن دوس انهم عصوا قال اللهم اهد دغسا واتي بهم تدعو له بالهداية والتوفيق لقبول الحق وتصبر وتصادر في ذلك ولا تقنط ولا تيأس ولا تقل الا خيرا لا تعذب ولا تقل كلاما سيئا ينفر من الحق ولكن وجعلنا له شأن اخر كما قال الله جل وعلا ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا من والظالم الذي يقابل الدعوة بالشر والعناد والاذى له حكم اخر في الامكان ترتيبه على ذلك في السجن او غيره على ذلك على حسب مراتب لكن ما دام كافا عن الاذى فعليك ان تصبر عليه وتحتسب وتجادله بالتي هي احسن وتصفح عما يتعلق بشخصك من بعض الاذى كما صبر الرسل واتباع الحق. كما صبر الرسل واتباعهم باحسان اسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا لمثل الدعوة اليه وان يصلح قلوبنا واعمالنا وان يمنحنا جميعا من فطرة الدين وان يمنحنا جميعا للفقرة في دينه والثبات عليه ويجعلنا من الهداة المهتدين والصالحين المصلحين انه جل وعلا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان عقد المصنف رحمه الله تعالى ترجمة اخرى ذكر فيها والاخر من الامور الاربعة التي وعد بها من متعلقات الدعوة وهو اخرها. وقال الامر الرابع بيان الاخلاق والصفات التي ينبغي للدعاة ان يتخلقوا بها ويسيروا عليها. ثم بين رحمه الله الا ان الله اوضح ذلك في ايات كثيرة وذكر جملة من اخلاق الداعي الى الله وصفاته قال اولا الاخلاص. وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله القلب من ارادة غير الله. والى ذلك اشرت بقولي اخلاصنا لله صفي القلب منه ارادة سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا لله صفي القلب من ارادة سواه فاحذر يا فضيل. قال فيجب على الداعية ان يكون مخلصا لله. لا يريد رياء ولا لا سمعة ولا ثناء الناس ولا حمدا. والرياء والسمعة يشتركان في شيئين ويفترقان في شيء فيشتركان في اظهار العمل وطلب حمد الناس يشتركان في اظهار العمل وطلب حمد الناس. ويفترقان في الة الاظهار ويفترقان في الة الاظهار. فيكون الاظهار في الرياح دائما ايا وفي السمعة مسموعة. فيكون الاظهار في الرياء ملهيا وفي بالسمعة مسموعا. فالة اطلاع الناس عليه في الرياء ابصارهم فالة اطلاع الناس عليهم يا ابصارهم والة اطلاع الناس عليه بالسمعة اسماع والة اطلاع الناس عليه بالسمعة اسماعهم ثم قال انما يدعو الى الله يريد وجهه كما قال سبحانه قل هذه سبيلي ادعو الى الله. اي لا الى غيره ومراده الدعوة الى الله وحده لا حظ لنفسه ولا لغيره منها. وقال ومن احسن قولا ممن دعا الى الله ثم ذكر الخلق الثاني فقال ان تكون على بينة في دعوتك اي على علم لا تكن جاهلا بما تدعو اليه. قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة. قال فلابد من العلم فالعلم فريضة فاياك ان تدعو على جهالة واياك ان تتكلم فيما لا تعلم. حتى قال فعلى طالب العلم على الداعية ان يتبصر بما يدعو اليه. والعلم الركيزة الكبرى في البصيرة. ولا تنحصر فيها فانها تحتاج الى ادوات اخرى تضم الى العلم. من جملتها معرفة ما ينبغي عمله بما يتجدد من الحوادث. فالبصيرة في الدعوة ان يكون عند لك علم لما تريد الدعوة اليه وعقل في كيفية الدعوة اليه فانه ربما يكون عند الداعي الى الله علم. لكن لا يكون له عقل. فيكون ما يفسده اكثر مما يصلحه ثم ذكر الخلق الثالث وقال من الاخلاق التي ينبغي لك ان تكون عليها ايها الداعية ان تكون حليما في دعوتك رفيقا فيها متحملا صبورا. وذكر في هذا الخلق جملة من اخلاق الداعي هي الحلم والرفق والصبر. فيكون اي ساكنا رفيقا اي معاملا بلطف. صبورا اي حابسا نفسه على امر الله عز وجل متأسيا رسل الله عز وجل حذرا مما يخالف ذلك كما قال اياك والعجلة اياك والعنف والشدة عليك بالصبر عليك بالحلم عليك بالرفق في دعوتك ثم ذكر ادلة على ذلك ثم قال بعد فعليك يا عبد الله ان تربط بدعوتك ولا تشق على الناس ولا تنفر من الدين ولا تنفرهم بغلظتك ولا بجهلك ولا باسلوبك العنيف المؤذي الضار عليك ان تكون حليما صبورا سلس القياد بين الكلام بين بين الكلام حتى تؤثر في قلب اخيك وحتى تؤثر في قلب مدعو. وحتى يأنس بدعوتك ويلين لها ويتأثر بها ثم ذكر ادبا رابعا لم يترجم له بقوله رابعا كما سبق في نظيره فقالوا ومن الاخلاق والاوصاب التي ينبغي بل يجب ان يكون عليها الداعية العمل بدعوته وان يكون قدوة صالحة فيما يدعو اليه ليس ممن يدعو الى شيء ثم يتركه. فيكون الداعي الى الحق عاملا بالحق. لان العمل بالحق هو الذي يحصل به المدح للعالم به. واما العلم بلا عمل فانه مذموم لا يمدح اهله قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الفوائد لو نفع علم بلا عمل لما ذم الله احبار اهل الكتاب في قوله ما تقولون ما لا تفعلون. ثم ذكر من الاية في قوله اتأمرون الناس من بر وانتم تتلون الكتابة افلا تعقلون. ثم ذكر اية في الحظ على العلم على العمل في علم ثم قال بعد ذكرها فمن اهم الاخلاق ومن اعظمها في حق الداعية ان يعمل بما يدعو اليه وان ينتهي عما ينهى وان يكون ذا خلق فاضل وسيرة حميدة وصبر ومصابرة واخلاص في دعوته واجتهاد فيما يوصل الخير الى الناس وفيما يبعدهم من الباطل. ومع ذلك يدعو لهم بالهداية. هذا من الاخلاق الفاضلة ان يدعو لهم بالهداية ويقول للمدعو هداك الله وفقك الله لقبول الحق. متأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما قال اللهم اهد دوسا واجبهم ودروس قبيلة من قبائل العرب من ثم قال بعد ذلك تدعو له بالهداية والتوفيق لقبول الحق وتصبر وتصبر وتصابر في ذلك ولا تقنط ولا تيأس ولا تقل الا خيرا لا تعنف ولا تقل كلاما سيئا ينفر من الحق ثم ذكر ما ينبغي مع من تعدى وظلم فقال ولكن من ظلم وتعدى له شأن كما قال جل وعلا ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم. فالظالم الذي يقابل الدعوة بالشر والعناد له حكم اخر بالامكان تأديبه على ذلك في السجن او غيره اي بالرفع الى ولي الامر ليعزره بالسجن قال ويكون تأديبه على ذلك على حسب مراتب الظلم. اي لا يجاوز الحد في تأديبه بل يشرك به ما يردعه عن شره. ثم قال لكن ما دام كافا عن الاذى وعليك ان تصبر عليه. اي اذا كان المدعو لا يبادر بالظلم وتعدي وجب عليك ان تصبر عليه وان تحتسب اي تبتغي الاجر من الله عز وجل فان الحسبة ابتغاء الاجر الله سبحانه وتعالى وتجادله بالتي هي احسن وتصفح عما يتعلق بشخصك وتصفح عما يتعلق بشخصك من الاذى كما صبر الرسل واتباعهم باحسان. ثم ختم رحمه الله تعالى بالدعاء وبه نختم فنسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا لحسن الدعوة اليه وان يصلح قلوبنا واعمالنا وان يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه ويجعلنا من الهداة المهتدين والصالحين المصلحين انه جل وعلا جواد كريم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين. وبهذا نكون قد فرغنا من الكتاب السابع بيانا وفق ما يناسب المقام اكتبوا درجة السماع. سمع علي جميعا لمن سمع الجميع. وكثيرا لمن سمع ترى وبعظا لمن سمع منه قليلا سمع علي جميع الدعوة الى الله واخلاق الدعاة لقراءة صاحبنا فلان ابن فلان ويكتب اسمه تاما. فتم له ذلك في مجلس واحد بالميعاد المثبت في محله من نسخته. واجزت له روايته عن الاجازة معين لمعين في معين بما يصح لي من اسناد فيه ومنه ما اخبرنا به بكر ابن عبد الله ابو زيد اجازة عن المصنف والحمد لله رب العالمين. صحيح ذلك وكتبه صالح بن عبدالله بن حمد يوم الاحد السادس من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين واربع مئة والف في مسجد العلامة ابن باز رحمه الله تعالى بمدينة مكة المكرمة لقاؤنا بعد العصر باذن الله عز وجل في الكتاب الثامن وهو كتاب العقيدة الصحيحة له الله والله اعلم والحمد لله اولا واخرا