السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي انزل القرآن في رمضان وجعله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الاحسان واشهد ان محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للانس والجان صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ما حان حين وانا آن اما بعد فهذا المجلس الخامس في شرح تفسير السعدي واسمه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة والف استكمالا للقسم الاول المشتمل على مقدمة المصنف وتفسير فاتحة الكتاب. وقد انتهى بنا البيان الى قوله رحمه الله واخبر انه مصدق ومهيمن نعم بسم الله والحمد لله صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. سبحانك اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا الله اللهم وزدنا علما اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى وغفر له في كتابه التفسير قال واخبر انه مصدق ومهيمن على الكتب السابقة فما شهد له فهو الحق وما رده فهو المردود لانه تضمنها وزاد عليها. وقال تعالى فيه يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. فهو وهاد لدار السلام مبين لطريق الوصول اليها وحاث عليها وكاشف عن الطريق الموصل الى دار الالام ومحذر عنها ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة صفتين من الصفات الاحدى عشرة. التي وصف بها القرآن الكريم فالصفة السادسة انه مصدق لما بين يديه من الكتاب والصفة السابعة انه مهيمن على ما تقدمه من الكتاب تأمل الصفة السادسة وهو كونه مصدقا لما بين يديه من الكتاب فان المصدق اسم فاعل من صدق وهو المخبر بصدق غيره فكان القرآن مصدقا لما بين يديه لانه مخبر عما تقدمه من الكتب بالتصديق وقد جاء هذا في آيات كثيرات فمنها قوله تعالى وهذا كتاب مبارك انزلناه مصدق الذي بين يديه ومنها قوله تعالى نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وقوله تعالى يا ايها الذين اوتوا الكتاب امنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم وقوله تعالى وامنوا بما انزلتم مصدقا لما معكم وهؤلاء الايات وغيرهن مما ورد في هذا المعنى تجيء تارة خبرا وتجيء تارة انشاء فهي نوعان احدهما خبر عن كون القرآن مصدقا لما بين يديه وهذا الخبر يتناول الاعلام به المؤمنين واهل الكتاب والاخر انشاء بالامر بالايمان بالتصديق بهذا الكتاب. وهو امر لاهل الكتاب ان يؤمنوا به لانه جاء مصدقا لما معهم فلا تخرج الايات عن كونها تارة خبرا نخبر به نحن اهل الايمان. ويخبر به غيرنا من اهل الكتاب تارة تختص باهل الكتاب لالزامهم بالايمان بالقرآن لانه جاء مصدقا لما معهم اي لما تقدمه من الكتب التي انزلها الله سبحانه وتعالى على انبيائه وكل الايات اللاتي وردن في هذا الباب مما ذكرنا ومما لم نذكر تشتمل على امرين احدهما اقتران ذكر تصديق القرآن بلام التقوية اقتران ذكر تصديق القرآن بلام التقوية في قوله مصدقا لما بين يديه وقوله مصدقا لما معكم للاعلام بتحقق ذلك وثبوته وانه تصديق حاصل لا محالة والاخر الاشارة الى ما تقدمه بما يدل على وضوحه وظهوره الاشارة الى ما تقدمه بما يدل على ظهوره ووضوحه كقوله سبحانه وتعالى لما بين يديه اي مما هو ظاهر بين غير مجهول وقوله لما معكم وهذا اجلى في اظهار الوضوح والبيان بانه كائن معكم يا اهل الكتاب فانتم تعرفونه حق معرفة وصفة تصديق القرآن ما قبله نوعان وصفة تصديق القرآن ما قبله نوعان احدهما مجيئه بما اخبرت به تلك الكتب عنه مجيئه بما اخبرت تلك الكتب عنه فان الخبر عن القرآن واقع فيها قال تعالى وانه لفي زبر الاولين اولم يكن لهم اية ان يعلمه علماء بني اسرائيل فالقرآن الكريم مذكور في الكتب الاولى. فالزبر جمع زبور. والزبور يراد به معنى عام وهو الكتاب وتارة يراد به معنى خاص وهو ما نزل على نبي من انبياء الله وهو داود عليه الصلاة والسلام والمراد بالزبر في هذه الاية الكتب السابقة بان القرآن جاء مذكورا فيها. فكان بعدها تصديقا لها بما ذكرت عنه والاخر اخبار القرآن عما فيها مما يدل على صدقها اخبار القرآن عما فيها مما يدل على صدقها. قال تعالى بل تؤثرون الحياة الدنيا والاخرة خير ابقى ان هذا لفي الصحف الاولى صحف ابراهيم وموسى فاخبر الله عز وجل بان المذكور فيه هو مذكور ايضا فيما تقدمه من الكتب فيكون ذكر القرآن له تصديقا لتلك الكتب المتقدمة ومنشأ تصديق القرآن لما بين يديه خمسة امور احدها انه من الله وقد قال الله عز وجل عن نفسه ومن اصدق من الله قيلا وقال ومن اصدق من الله حديثا وثانيها انه جاء بالصدق قال تعالى والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون فجاء القرآن بالصدق ومن صدقه تصديقه لما تقدمه وثالثها انه صدق المرسلين. قال الله تعالى بل جاء بالحق وصدق المرسلين اي شهد بصدق اولئك المرسلين فهو مصدق لهم بتصديق ما جاءوا به وذلك شهادة بصدقه ايضا. لخبرهم الصادق عن ورابعها ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلو قبله كتابا ولا يخطه ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلو قبله كتابا ولا يخطه. قال الله تعالى ما كنت تتلو قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك. اذا لارتاب المبطلون وخامسها ان مؤمن اهل الكتاب يعلمون انه من الله. قال تعالى الذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون فاهل الكتاب من امن منهم بذلك الكتاب على الحق امن بما جاء منزلا عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحق فكان ذلك شاهدا على وقوع هذا الكتاب مصدقا لما بين يديه فباجتماع هذه الموارد الخمسة صار القرآن تصديقا لما تقدمه من الكتب السابقة ووجوب تصديق القرآن ما قبله من الكتب السابقة تسعة اولها انه وحي كما هي وحي فالقرآن وحي نازل من الله سبحانه وتعالى. وتلك الكتب كانت وحيا نازلا من الله سبحانه وتعالى. قال تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده وثانيها انه نازل من الله كما كانت تلك الكتب نازلة من الله سبحانه وتعالى قال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب وثالثها ان نزول القرآن كان على رسول هو نبينا صلى الله عليه وسلم كما كانت تلك الكتب نازلة على رسل قال تعالى ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ورابعها انه حق وكانت تلك الكتب حقا قال الله تعالى كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين معهم الكتاب بالحق وخامسها ان القرآن هدى كما كانت تلك الكتب هدى قال الله سبحانه وتعالى انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور وقال واتيناه الانجيل فيه هدى ونور وقال في القرآن شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وقال في اخر السورة وجعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وسادسها موافقة القرآن صفته الواردة في كتب الاولين موافقة القرآن صفته الواردة في كتب الاولين قال تعالى وانه لفي زبر الاولين. اي ان القرآن بحليته ونزوله على نبي يبعثه الله سبحانه وتعالى مذكور بكتب السابقين من الانبياء وسابعها موافقته تلك الكتب في مقاصد ما تدعو اليه موافقته تلك الكتب في مقاصد ما تدعو اليه. قال تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا ايش به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تفرقوا فيه وثامنها بيانه لما اختلف فيه اهل الكتاب بيانه لما اختلف فيه اهل الكتاب اذ ذلك البيان يدل على كونه متصلا تلك الكتب اذ ذلك البيان يدل على كونه متصلا بتلك الكتب. قال تعالى وما انزلنا اعليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه. وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وتاسعها كون القرآن مشتمل على ما في تلك الكتب وزيادة كون القرآن مشتملا على ما في تلك الكتب وزيادة. وهو الذي ذكره المصنف رحمه الله قال الله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ووصفه بكونه تبيانا لكل شيء اي موضحا لكل شيء فكل ما احتاجه الناس في معاشهم ومعادهم ولا غنى لهم عنه مما جاء في كتب الاولين فهو في القرآن الكريم وزاد عليه القرآن ما زاد لان الله سبحانه وتعالى اكمل به الدين واتم النعمة وصار القرآن اخر الكتب كما سيأتي بيانه واما الصفة السابعة وهي كون القرآن مهيمنا على ما قبله فمعنى كونه مهيمن اي قائم على تلك الكتب راعيا لها حافظا ما فيها فان اصل معنى الهيمنة يدور على هذه المعاني واخبر جماعة من السلف بما اخبروا به عن معنى كون القرآن مهيمنا بما يقتضي ضم بعضه الى بعض حتى يكون واقعا بمعنى اتم من جامع لما ذكروا اشار الى هذا ابن عطية في المحرر الوجيز وابو الفداء ابن كثير في تفسير القرآن العظيم وقد دل القرآن على هذه الصفة في قوله تعالى وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاخبر الله عز وجل ان القرآن بالنسبة لما تقدمه من الكتب انه مهيمن عليها بما يرجع الى المعنى المتقدم من كونه قائما على تلك الكتب راعيا لها حافظا لما فيها وجعل القرآن مهيمنا على تلك الكتب لامرين احدهما سلامته من التحريف والتبديل فلا يمكن ان يقع تحريف او تبديل في القرآن لماذا لا يمكن ان يقع لان الله تكفل بحفظه فقال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون فوكل حفظ القرآن الى نفسه المقدسة واما الكتب التي تقدمت القرآن فلم يتكفل الله بحفظها وانما وكل حفظها للعالمين بها من الانبياء والربانيين والاحبار فقال تعالى انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فقوله بما استحفظوا من كتاب الله اعلام بان التوراة وغيرها من الكتب التي تقدمت القرآن وكل حفظها الى القائمين عليها من النبيين ثم من يتلوهم بعدهم من الربانيين والاحبار. وثانيها كون القرآن اخر الكتب فلاجل ذلك فهو مهيمن عليها ما الدليل على ان القرآن اخر الكتب من القرآن نعم هذا منه القرآن ام الرسول صلى الله عليه وسلم اي احسنت. طيب وما الدليل على ان الوحي لا ينزل على النبي والايات في سورة النحل والقصص ذكر الوحي على غير النبي لابد ترتب اجابتك انت تحوم حول الحمى نعم ايش اليوم اكملت لكم ايش دينكم اتممت عليكم نعمتي نعم وانزل التوراة والانجيل اخد من قبل وانزل القرآن هذا دليل بالاشارة ما يجي هكذا الدليل قوله تعالى انت واكتب دليل الاخ بس هو اللي جاب الاية. الدليل قوله تعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين واذا كان هو خاتم النبيين فما انزل عليه من كتاب هو اخر الكتب لان وحيا البعث المنزل على نبي كتابا لا بد فيه من وجود النبوة. فلا يوجد كتاب الا بنبي وقد يوجد نبي بلا كتاب واضح قال تعالى كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق فلا يوجد كتاب نازل من الله الا ونزوله على نبي او رسول لكن قد يوجد رسول ونبي بلا ايش بلا كتاب. فهذه الاية تدل على ان القرآن هو اخر الكتب. فالاجتماع هذين الامرين من القرآن من التحريف والتبديل وكونه اخر الكتب صار القرآن مهيمنا على ما تقدمه من الكتب وصفة هيمنة القرآن ست وصفة هيمنة القرآن على ما قبله من الكتاب ست اولها كونه شاهدا على تلك الكتب وثانيها كونه امينا عليها اي مؤتمن على ما فيها كونه امين عليها اي مؤتمن على ما فيها وثالثها كونه حفيظا لما جاء في تلك الكتب ورابعها كونه قاضيا على تلك الكتب فهو الذي يفصل بينها وخامسها كونه ناسخا لتلك الكتب وسادسها كونه سيدا لتلك الكتب والسيد من الشيء هو اعظمه وافضله. هو اعظمه وافضله فالقرآن سيد تلك الكتب وهذه الصفات الست مأخوذة من كلام الصحابة والتابعين في تفسير قوله تعالى ومهيمنا عليه وتلك الافراد هي كما تقدم ترجع الى المعنى العام الذي ذكرناه لهيمنة القرآن ومنشأ هيمنة القرآن على تلك الكتب انه كلام المهيمن ومنشأ هيمنة القرآن على تلك الكتب انه كلام المهيمن فان من اسماء الله المهيمن. قال الله تعالى هو الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن ايش المهيمن العزيز الجبار الى اخر الاية من سورة الحشر فلما كان القرآن كلام المهيمن صار مهيمنا على ما تقدمه من الكتب والقرآن كلام الله كما قال تعالى وان احد من المشركين استجارك ايش؟ فاجره حتى يسمع كلام الله واضح واضح؟ طيب لو قال قائل القرآن كلام المهيمن فصار مهيمنا على تلك الكتب. والتوراة والانجيل كلام من يا من كلام الله فهي ايضا كلام المهيمن فكيف يصير القرآن بهذا الاعتبار نشأت منه هيمنته مم. الجواب ان القرآن هو كلام المهيمن الذي ثبت كونه كلامه فهو لم يحرف ولم يبدل. اما تلك الكتب وهي التوراة والانجيل فقد دخلها التحريف والتبديل والتغيير المهيمن الذي بايدي الناس على الحقيقة هو القرآن فقط ووجوه هيمنة القرآن على ما تقدمه من الكتب سبعة اولها قمره عن صدق ما صدق من تلك الكتب خبره عن صدق ما صدق من تلك الكتب قال تعالى ثم اتينا موسى الكتاب تماما على الذي احسن. ثم اتينا ثم اتينا موسى الكتاب تماما على الذي احسن فتمام ذلك الكتاب والصدقه مرجعه الى خبر القرآن عن ذلك والثاني خبره عن نسخها وابطال العمل بها خبره عن نسخها وابطال العمل بها قال تعالى قل يا اهل الكتاب لستم على شيء قل يا اهل الكتاب لستم على شيء حتى ايش حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل اليكم من ربكم فقوله لستم على شيء ابطال لما كانوا عليه وقوله تعالى وما انزل اليكم من ربكم المراد به القرآن فالباقي من تلك الكتب معتمدا في العمل هو ما جاء ايش؟ هو ما جاء في القرآن لذلك امروا ان يؤمنوا بالقرآن فمن امن بالتوراة والانجيل ثم امن بالقرآن فان الله يؤتيه اجره مرتين والثالث خبره عن اختلاف اهل الكتاب فيه قدره عن اختلاف اهل الكتاب فيه. قال تعالى وان الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد والرابع قمره عن تركهم ما في تلك الكتب قبره عن تركهم لما في تلك الكتب. قال تعالى ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون والمراد بهذا النبذ هو الطرح والالقاء والترك فهم تركوا ما تركوا من الكتب التي انزلها الله سبحانه وتعالى عليهم وخامسها قبره عن اخفائهم وكتمهم الحق لما اخفوا منها. خبره عن اخفائهم وكتمهم الحق لما اخفوا منها. قال تعالى وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون وقال تعالى يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب وسادسها قبره عن تحريفهم تلك الكتب قال تعالى افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وسابعها قمره عن كذبهم فيها قبره عن كذبهم فيها. قال الله تعالى وان فريقا منهم لا يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون فهذه الامور السبعة التي ذكرناها مما جاء في القرآن خبرا عما تقدمه من الكتب سيرت القرآن مهيمنا عليها. فلاجل ما اعتراها من الاعتلال والخلل الناشئ من تصرف من تصرف فيها من الاحبال والرهبان وقعت هذه المساوئ المذكورة وصار القرآن مهيمنا عليها وهاتان الصفتان اللتان ذكرهما المصنف في كون القرآن مصدقا لما بين يديه ومهيمنا عليه تورثنا الاستغناء بالقرآن فان العبد اذا علم ان القرآن بالنسبة لما تقدمه من الكتب الالهية هو مصدق عليها ومهيمن عليها لم يحتج الى تلك الكتب واذا كان العبد لا يحتاج الى الكتب الالهية المنزلة على الانبياء قبل نزول القرآن لما نزل فانه غير محتاج الى كلام غير الله سبحانه وتعالى من كلام الناس بس فلو قدر ان احدا اراد ان يقدم برنامجا اصلاحيا في المسلمين يستمده من ايات التوراة والانجيل كان فعله ايش كان فعله مسخوطا عليه عند الله والمؤمنين ولو قصد اخر ان يطلب ما في تشريعات حمورابي وغيره للنظر في تقديمها برنامجا اصلاحيا لهم كان فعله ايضا مذموما لان الله سبحانه وتعالى اغنانا بالقرآن عما سواه فان القرآن مصدق لما تقدمه من تلك الكتب وهو مهيمن عليها فاذا كان القرآن كذلك لم يحتج العبد الى ان يطلب كتابا الهيا سواه ولا ان يطلب كلام غير الله سبحانه وتعالى. فمن موارد زيادة الايمان وترسيخ الايقان الاستغناء بالقرآن فيستغني به العبد في كل مطلب من المطالب فالاستغناء به له موردان احدهما الاستغناء به في الخبر الاستغناء به في الخبر والاخر الاستغناء به في الطلب يعني ان ما جاء من امر خبري اردت الوقوف على جليته فتجد في القرآن ما يغنيك وكذلك اذا تعلق بامر طلبي مما يرجع الى الامر والنهي ففي القرآن الاستغناء به. فمثلا لو قدر ان احدا اراد ان يعلم متى تقوم الساعة فان الذي يغنيه ما جاء في القرآن ايش في الساعة ها علمها عند ربي قال تعالى وما يدريك لعل الساعة تكون قريبة الى غير ذلك من الايات. فهو يستغني بالخبر الوارد في القرآن عن طلب تعيين قيام الساعة من اشياء خارجة عنه فان الناس مولعون بطلب ما اخفي عنهم ومن جملته علم الساعة وقد اعطاني مهندس توفي الى رحمة الله كتابة له في معادلات حسابية هندسية استنبط منها تعيين وقت قيام الساعة في هذه الامة. وقدره بالتاريخ وهذه الورقات لا نحتاج اليها لان القرآن اغنانا ومثله كذلك في الطلب فالناس مختلفون في صلاة الجمعة والعيد اذا اجتمعا فصلى احد العيد واخذ بقول من يسقط عنه الجمعة. فهل يصلي الظهر ام لا يصلي والجواب انه يصلي لان الله قال في القرآن اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا. فاخبر الله عز وجل عن الصلوات الخمس في هذه الآية فدلوك الشمس الظهر والعصر. وغسق الليل المغرب والعشاء. وقرآن الفجر هو صلاة الفجر فاستغنى العبد بالقرآن عن قول من يقول تحقيقا انه لا ظهر يومئذ لان الامر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين خمس صلوات في اليوم والليلة فالاستغناء بالقرآن من منشأه في نفوس المؤمنين ان القرآن جاء مصدقا لما بين يديه من كتابي ومهيمنا عليه وهذا اخر البيان والحمد لله رب العالمين