السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي انزل القرآن في رمضان. وجعله بينات اتم من الهدى والفرقان. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الاحسان واشهد ان محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للانس والجان. صلى الله عليه وسلم على اله وصحبه ما حان حين وان. اما بعد فهذا هو المجلس الثاني في شرح تفسير ابن سعدي واسمه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المتوفى سنة ست وتوفى سنة ست وسبعين وثلاثمائة والف. استكمالا للقسم الاول المشتمل على مقدمة للمصنف وتفسير سورة الفاتحة. وقد انتهى بنا البيان الى قوله رحمه الله فله شفاء للصدور. نعم. بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. سبحانك اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا اللهم علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين واجعلنا من المقبولين. قال العلامة عبدالرحمن بن رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا قال رحمه الله وانزله شفاء علمتنا وزدنا اللهم علما اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين واجعلنا من المقبولين. قال العلامة عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا قال رحمه الله وانزله شفاء للصدور من امراض الشبهات والشهوات وانزله شفاء للصدور من امراض الشبهات والشهوات. ويحصل به اليقين والعلم في المطالب بالعاليات وشفاء للابدان من امراضها وعللها والامها واسقامها تقدم ان المصنف رحمه الله حمد الله عز وجل على انزال القرآن على عبده محمد صلى الله عليه وسلم ثم شرع يذكر صفات وانزله شفاء للصدور من امراض الشبهات والشهوات ويحصل به اليقين والعلم في المطالب العاليات وشفاء للابدان من امراضها وعللها والامها واسقامها وهذه الجملة مشتملة على اثبات ان القرآن شفاء ومعنى كونه شفاء انه يحصل به اقتلاع الداء اذ ليس كل دواء شفاء فان من الادوية ما يعالج به المرض ثم لا يندفع ومنها ما يعالج به المرض فيندفع فاذا حصلت العافية من الداء صار شفاء. هو الذي وصف وصف به القرآن الكريم. فكل شفاء هو دواء وليس كل دواء هو شفاء وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ان القرآن شفاء في ثلاث ايات. فقال تعالى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. ولا يزيد الظالمين الا خسارا. وقال على يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. وقال تعالى قل هو للذين امنوا هدى وشفاء الذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى فهؤلاء الايات شاهدات بان القرآن شفاء. فقد اخبر الله سبحانه وتعالى في كلهن بذلك. فقال في الاية الاولى وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة. وقال في الاية الثانية يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهذه الموعظة هي القرآن الكريم. وقال في الاية الثالثة قل هو للذين امنوا هدى وشفاء. فالقرآن الذي انزله الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم شفاء وشفاء القرآن نوعان احدهما شفاء القلوب والارواح والاخر والاخر شفاء الابدان والاشباح فاما الاول فهو المذكور في قول المصنف رحمه الله وانزله شفاء للصدور من امراض الشبهات واما الثاني فهو المذكور في قول المصنف وشفاء للابدان من امراضها وعللها الامها واسقامها فالقرآن تشفى به ادواء القلوب والارواح وتشفى به ادواء الابدان والاشباح والايات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى قد دلت على ان القرآن شفاء للقلوب والارواح فان الله سبحانه وتعالى قيد العموم المذكور في الايتين الاخريين بالاية الثالثة. اذ قال سبحانه وتعالى قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور. فالعموم المستكن في الايتين الاخريين من مجيء النكرة شفاء في سياق اثبات للامتنان مقيد مخصص بقوله تعالى لما في الصدور فالقرآن يشفي امراض القلوب والارواح. واذا وردت النكرة توفي سياق الاثبات امتنانا وذكرا للانعام فهي تفيد العموم في اصح قولي اهل علمي خلافا للجمهور. وهو اختيار جماعة من المحققين منهم ابو عبد الله ابن القيم. والامير محمد ابن اسماعيل الصنعاني ومحمد الامين ابن محمد المختار الشنقيطي صاحب اضواء البيان فالشفاء المذكور في الاية الاولى والثالثة عام ثم جاء في الاية الاخرى تخصيصه بكونه شفاء لما في الصدور. وهذا التخصيص قامت عليه شواهد من السنة وقول الصحابة والاجماع والنظر فان هؤلاء تدل على ان القرآن مما يشفى به المرض الذي يصيب القلب والروح. فاما السنة فما رواه احمد وصححه ابن حبان من حديث ابن مسعود الله عنه ان النبي صلى الله عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد اصابه هم ولا حزن فقال اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ماض في حكمك. عدل في قضاؤك. اسألك بكل اسم سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب غمي الحديث فهؤلاء الجمل الاربع فيهن خبر عن انتفاع القلوب والارواح بالقرآن فاذا صار القرآن ربيع قلب العبد ونور صدره وجلاء همه وذهاب حزنه انتفع بذلك. واما اقوال الصحابة فروى ابن ابي شيبة في المصنف باسناد صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال العسل شفاء من كل داء. والقرآن شفاء لما في الصدور فقوله والقرآن شفاء لما في الصدور اعلام بان القرآن يشفي امراض قلوب والارواح. واما الاجماع فاهل العلم مجمعون على ان الامراض التي تعتور القلب تداوى بالقرآن. لا يختلفون في هذا. ولم اقف على احد ذكر الاجماع لان باب الحقائق القلبية الايمانية يجري فيه كلام اهل العلم متتابعا مستفيضا موافقا للشرائع لا يختلفون فيه ولا يحتاجون الى ذكر اجماع لان من عرف ما جاء في القرآن والسنة من هداية القلوب واصلاح النفوس والارواح علم ان هذه الحقائق الايمانية القلبية مما ينبغي ان يتفق عليه ولا يختلفا فيه واما النظر فهو ان اصل انتفاع العبد من القرآن محله القلب. قال الله تعالى بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم ومحله من الصدر هو القلب. لقوله تعالى نزل به الروح الامين على قلبك لتكون آآ من المنذرين فاذا كان اصل انتفاع العبد من القرآن هو القلب تحلية فان تخلية القلب كذلك من الامراض التي تعتليه تكون بالقرآن فظهر من السنة واقوال الصحابة والاجماع والنظر ما يوافق ما ذكر في الايات الثلاث من ان القرآن شفاء لما في الصدور. واما النوع الثاني وهو شفاء الابدان والاشباح فليس في ايات القرآن ما يدل على ذلك. فالايات المتقدمات كما اسلفنا هي في شفاء امراض القلوب والارواح من عللها وامراضها ويدل على ذلك امران احدهما التخصيص الذي سبق ذكره في قوله تعالى وشفاء لما في الصدور والاخر ان سياق الايات يتعلق بالقلب والروح فقط لان الله ذكر فيهن ما يتعلق بالمؤمنين والكافرين فانه لما قال وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة قال ولا يزيد الظالمين الا خسارا ولما ذكر في الاية الثالثة حال المؤمنين مع القرآن قال والذين لا يؤمنون دون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى واما في الاية الثالثة فجاءت خاصة بالمؤمنين اذ قال يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين اي اعلموا ايها الناس ان هذا القرآن الذي انزلناه ينتفع به المؤمنون فيكون لهم موعظة وشفاء لما في صدورهم وهدى ورحمة وهذا الذي ذكرناه من كون الايات مختص بشفاء القلوب والارواح دون الابدان والاشباح يصدقه الاثر المتقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه لما قال العسل شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور. رواه ابن ابي شيبة واسناده صحيح فانه لو كان القرآن بالايات المذكورات شفاء للارواح والابدان لما قال ابن مسعود ما قال فانه قابل العسل الذي قال الله عز وجل فيه فيه شفاء للناس بالقرآن انا الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه وشفاء لما في الصدور. الا ان السنة النبوية والنظر يدلان على ان القرآن شفاء داني والاشباح. فبدال فبدلالة الاثر والنظر يكون القرآن كذلك شفاء لها فاما السنة فمنها ما رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اشتكى احد من اهله نفث عليه بالمعوذات. اي اذا مرض احد من اهله مرضا في بدنه وشبحه فزع النبي صلى الله عليه وسلم الى مداواته بقراءة المعوذات عليه مع النفث فيها. والنفث هو نفخ مصحوب بضيق لطيفة. وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث قوما من المسلمين في سرية فمروا على حي من احياء العرب لن يضيفوهم ومنعوهم القرى. ثم شكوا اليهم حال سيد القوم وقالوا انه سليم. اي مريض لما لدغته عقرب فهل فيكم من راق؟ فرقاه ابو سعيد رظي الله عنه بالفاتحة فشفي كأنما نشط من عقال. وفي اخر الحديث لما قصوا خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وما يدريك انها رقية ثم امرهم ان يضربوا له بالسهم في الجعل الذي اعطاه اولئك الحي لابي سعيد ومن معه صارت عليه حال سيدهم من الشفاء ففي الحديث ان القرآن لما قرأت منه سورة الفاتحة اندفع عن ذلك العليل مرضه وهو والسم الذي سرى فيه من لدغة العقرب. واما الحديث المشهور عليكم كفائين القرآن والعسل فهذا حديث اختلف في رفعه ووقفه والصواب انه من كلام ابن مسعود اختاره الدارقطني في علله والبيهقي في شعب الايمان واذا كان موقوفا عليه من كلامه فانه مبين بما تقدم من كلامه في قوله العسل من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور. فهذا القول يفسره ذلك القول واما النظر فقد ثبت في احاديث كثيرة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان العلل والامراض البدنية تتداوى بانواع من الرقية من الادعية والاذكار. هذا ثابت في الصحيحين وغيره ما فاذا كان غير كلام الله سبحانه وتعالى ينتفع به البدن مما جاء في هذه الاحاديث ذكرا ودعاء يكون رقية فان انتفاعه بالقرآن الكريم اعظم واكبر. اشار الى هذا ابو عبد الله ابن قيم في زاد المعاد. فالاثر والنظر يدلان على ان القرآن شفاء للابدان داني والاشباح كما هو شفاء للقلوب والارواح واما ايات القرآن نفسها التي ذكرناها فانها تدل على كونه شفاء للقلوب والارواح فاثبات كون القرآن شفاء للابدان والاشباح جاء في غير القرآن مما ذكرناه في السنن والاثار. والذي يشفيه قرآن من ادواء القلوب والارواح هي امراض القلب وهي نوعان احدهما مرض شبهة ومنه قوله تعالى في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. والمرض الذي في قلوبهم هو شبهة الكفر والنفاق والاخر مرظ شهوة ومنه قوله تعالى فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. والمرض هنا هو شهوة الزنا. فهذان النوعان من الامراض يندفعان بالقرآن الكريم. فيكون القرآن شفاء للقلب من الشبهات والشهوات اذا اورد عليها واعتبر هذا في مرض الشبهة الذي يعرض للعبد من كون جالا يتساوون مع النساء زوجات فان هذه الشبهة التي تسري للقلوب يبطلها قوله تعالى وللرجال عليهن درجة وهذه الدرجة التي جعلها الله للرجال من الازواج على النساء من الزوجات هي المذكورة في قوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما ما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فاذا اورد على القلب هؤلاء الايات وعلم موضعهن وان الاية تتعلق بصلة الرجل زوجا بالمرأة زوجة وان بينهما وان هذا التفاضل في صلتهما غير مطلق بل هو مقيد بقوله تعالى بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم لم تبقى تلك الشبهة في القلب واعتبر في مرض الشهوة كمرض شهوة الزنا شفاءه بقوله تعالى ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا. فان العبد اذا طمعت نفسه في هذه الشهوة وتعلقت بطلبها فاورد عليها هذه الاية اقتلعت ما يجده في قلبه من محبة تلك المعصية. لان الله سبحانه وتعالى لما نهانا بنا اخبر عن مذمته بامرين احدهما انه فاحشة اي امر عظيم القبح تنفر ومنه النفوس السوية والاخر انه سبيل سيء فاذا تتايع العبد في مواقعة الزنا وتتابع فيه نال سوء مآله. فالاية المذكورة توقظ العبد تنبيها الى مذمة الزنا في الحال والمآل. فالزنى حالا غائلته عظيمة. فاعتبار المعاني التي ذكرناها في شفاء القرآن قلوب والارواح من امراضها شبهة وشهوة قياس يطرد في القرآن فيما يتعلق بالشبهات والشهوات فمن عظم اقباله على القرآن وادمن النظر فيه ووقف على مقاصده ومعانيه لم يجد احد من جند جيش الشهوة او الشبهة طريقا للاقامة فيه فان ايات القرآن بالنسبة لدفع الشهوات والشبهات كالشمس اذا طلعت على ارض فيها من صغائر الحشرات التي ما ان تجد التي ما ان تجد شعاع الشمس وقوة حرارتها حتى اهلك فكذلك تلك الشهوات والشبهات التي توجد في القلب اذا عليها القرآن كان شفاء ماحيا لها. واما الذي يشفيه القرآن من امراض الابدان والاشباح فهو نوعان ايضا احدهما الامراض الظاهرة اي التي يشاهدها الناس ومنها ذهاب نور العينين ببيضاضهما. قال الله تعالى وابيضت عيناه من الحزن والاخر الامراض الباطنة التي تكون في الجوف فلا يشاهدها الناس. ومنه قوله تعالى ويجعل من يشاء عقيما. فان العقم مرض باطن على ما يدركه اهل المعرفة له مما بحال الرجل تارة او بحال المرأة تارة او بحالهما عند اجتماعهما زوجين تارة اخرى. فالقرآن ان يشفي امراض الابدان والاشباح الظاهرة والباطنة. واعتبري هذا في في حديث ابي سعيد المتقدم فان الذي وقع فيه هو دواء لمرض ظاهر وباطن فان لدغة العقرب باعتبار خروج الدم والم اللدغ مرض طاهر وهي باعتبار سريان السم في الجسد مرض باطن. فاتفق من قراءة ابي سعيد الخدري رضي الله عنه سورة الفاتحة على ذلك اللديغ ان برئ من دائه. وقام معافا. فكان القرآن الكريم شفاء للابدان والاشباح كما انه شفاء للقلوب والارواح. ومن عقل هذا المعنى فانه ينبغي ان يكون فزعه عند ورود الامراض عليه. مما يتعلق بقلبه وروحه. او ببدنه وشبحه هو والى القرآن لان القرآن شفاء قطعا. وهذا من صدق اليقين وحق التوكل والتفويض الى الله سبحانه وتعالى فهو يتيقن ان القرآن شفاء. ويتوكل على الله سبحانه وتعالى. ويفوض اليه ويتداوى من علله التي اصابته في قلبه وروحه او في بدنه وشبحه بايات القرآن الكريم والتداوي بها في طلب الشفاء لا يمنع ان يلتمس العبد غيرها فان ما تدفع به الامراض نوعان. احدهما اسباب شرعية القرآن والاخر اسباب قدرية كانواع الادوية ولا يتنافى استعمال سبب الشرعي مع السبب القدري. فالعبد اذا تعاطى سببا شرعيا كالقرآن يطلب دفع علته في قلبه وروحه او في بدنه وشبحه لم يمنعه ذلك من ان يتعاطى سببا قدريا يطلب به الشفاء في مرض قلبه وروحه او مرض بدنه وشبحه. فالعبد اذا اصيب بمرض يتعلق بالقلب والروح كانواع القلق والوسواس والفزع فانه اذا تعاطى السبب الشرعي كالقرآن يطلب التداوي به. لم يكن ممنوعا من ان يتعاطى شيئا من الادوية القدرية من شراب او حبوب او ابر للمساعدة على دفع ما يجده من علة قلبه وروحه والادوية المأخوذة بطريق الكون والقدر منها مايلل التي تنتاب القلب والروح فان هذا تارة يعرض للعبد لاختلال افرازات بعض خلاياه العصبية مما يوقعه في شيء من تلك الامراض التي ذكرنا كالقلق او الوسواس او الفزع. وكذلك اذا استعمل العبد القرآن او غيره من الاسباب الشرعية في طلب شفاء مرض بدني باطن او ظاهر لم يمتنع ان يستعمل سببا كونيا قدريا من الادوية المجربة المعروفة في دفع ذلك الداء فلو قدر ان احدا اصابه وجع في رأسه فوضع يده على رأسه وقرأ سبعا ثم عمد الى دواء مجرب معروف في تخفيف الصداع كحبوب فاكله. فلا يمنع هذا من ذاك. فهو يجمع بين السبب الشرعي اي والسبب القدر. لكن مما ينبه اليه انه ينبغي ان يكون اقبال قلبي الاعظم هو على الاسباب الشرعية. فانها وان كانت تشارك الاسباب القدرية في كونهما اسباب ابا خاضعة لحكم الله الا ان الاسباب الشرعية ثابتة بطريق الوحي والاسباب القدرية بطريق التجربة البشرية. وما ثبت بطريق الوحي اعظم مما يستفيده اسوء من تم واحوالهم التي توقفهم على دواء داء من الادواء يحصل به الشفاء. وهذا اخر هذا المجلس ونستكمل تتمة الكلام على كون القرآن شفاء في المجلس القادم باذن الله تعالى. اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب غمومنا. اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما نسينا واجعله امامنا وقائدنا الى جناتك جنات النعيم. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعلنا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا صلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين. اله وصحبه اجمعين