الحمد لله الذي انزل القرآن في رمضان. وجعله بينات من الهدى والفرقان. واشهد ان ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الاحسان. واشهد ان محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للانس والجان. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ما حان حين انا ان اما بعد فهذا المجلس الثالث في شرح تفسير السعدي واسمه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. للعلامة عبدالرحمن عن ابن ناصر السعدي رحمه الله. المتوفى سنة ست وسبعين اثنين وسبعين وثلاثمائة والف. استكمالا لقسم الاول المشتمل على المصنف وتفسير الفاتحة فقد انتهى بنا البيان الى قوله رحمه الله وانزله شفاء. نعم بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. سبحانك اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا اللهم بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى وغفر له اعلى درجته. واخبر وانزله شفاء للصدور من امراض الشبهات والشهوات. ويحصل به اليقين والعلم في والعلم في المطالب العاليات. وشفاء للابدان من امراضها وعدلها والامها واسقامها. تقدم ان المصنف رحمه الله حمد الله عز وجل على انزاله الفرقان الذي هو القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم شرع يذكر احدى عشرة صفة للقرآن تقدم منها في سالف الكلام بيان صفتين ثم تحدثنا في الليلة الماضية عن الصفة الثالثة المذكورة في كلامه هنا. وبينا ان القرآن شفاء لاقتلاعه الادواء. فهو اذا ورد على داء وعلة لم لها اثرا فاختص اثرا. فاختص باسم الشفاء. اذ ليس كل دواء شفاء انما الشفاء هو الذي اذا ورد على المرظ اقتلعه ولم يبقى منه شيء ثم ذكرنا ان الادواء التي يشفيها القرآن نوعان احدهما انه شفاء لامراض القلوب والارواح. والاخر انه شفاء لامراض والاشباح ثم ذكرنا ان امراض القلوب والارواح نوعان احدهما مرض شبهة والاخر مرض شهوة ثم ذكرنا ان امراض الابدان نوعان ايضا احدهما امراض ظاهرة والاخر امراض باطنة وبينا ان القرآن الكريم دل على انه شفاء لما في الصدور وصدق ما فيه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث واقوال الصحابة والاجماع اي والنظر اما كونه شفاء لامراض الابدان والاشباح فلم يثبت من طريق القرآن. وانما ثبت من طريق الاثر والنظر. فالسنة النبوية تدل عليه في احاديث والنظر يقتضيه اذا علم هذا فان من تتمة البيان ذكر صفة الاستشفاء بالقرآن في امراض القلوب والارواح وفي امراض الابدان والاشباح فاما صفة الاستشفاء بالقرآن في امراض القلوب والارواح فترجع الى امرين احدهما تقوية اليقين والاخر تقوية الصبر لان اليقين اذا ورد اذا ورد على مرض الشبهة شفى منه واذا ورد الصبر على مرض الشهوة شفى منه فجاء القرآن ببيان صفة الاستشفاء من ادواء القلب وامراضه شبهة وشهوة فهو في تحصيل الشفاء به في امراض الشبهة يقوي اليقين وفي طلب الاستشفاء به في مرض الشهوة يقوي الصبر فمن الاول قوله تعالى هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون اي ان القرآن يكون بصيرة وهدى ورحمة لمن يطلب زيادة اليقين به. لانه اذا زاد يقين العبد ان دفع عنه مرض الشبهة ومن الثاني قوله تعالى انا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم اثما او او كفورا فالعبد اذا صبر اندفعت عنه امراض الشهوة فجاء القرآن الكريم ببيان ان الاستشفاء به في مرض الشبهة يكون بتقوية اليقين وان الاستشفاء به في مرض الشهوة يكون بتقوية الصبر. لان اليقين لا تبقى معه والصبر لا تبقى معه شهوة. واذا حصل العبد اليقين والصبر حصن مرتبة امامة قال الله سبحانه وتعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا باياتنا يوقنون. قال سفيان ابن عيينة اخذوا برأس الامر فكانوا رؤوسا. اي انهم اخذوا برأس ما يؤمر به. في مداواة الشبهة والشهوة وجمعوا بين الصبر واليقين فجعلهم الله رؤوسا بكونهم ائمة. وقال ابن تيمية الحفيد رحمه الله بالصبر واليقين تنال الامامة في الدين فلعلو مقام هذين الامرين اليقين والصبر كانت طريقة القرآن في حصول الاستشفاء من امراض الشبهة والشهوة هي تقوية اليقين والصبر ومسالك القرآن في تقوية اليقين ثلاثة. احدها تقوية علم اليقين وثانيها تقوية عين اليقين وثانيها تقوية حق اليقين لان اليقين له مراتب ثلاث فالمرتبة الاولى علم اليقين وهو الادراك الجازم في القلب والمرتبة الثانية عين اليقين وهو الادراك الجازم في القلب الثابت كأنه رأي العين والمرتبة الثالثة حق اليقين وهو الادراك الجازم الثابت وهو الادراك الجازم في القلب الثابت كأنه رأي العين يخالطه العبد ويلابسه. فان اي القرآن دلت على هذه المراتب الثلاث ان اليقون يكون ان اليقين يكون علما ويكون عينا ويكون حقا القرآن في تقوية اليقين تكون تارة بتقوية علم اليقين وتكون تارة بتقوية عين اليقين. وتكون تارة بتقوية حق اليقين فمن الاول وهو تقوية علم اليقين قوله تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله فالمصائب التي تصيب احدنا يقوى يقين العبد فيها علما بانه لا تصيبه مصيبة الا باذن الله سبحانه وتعالى. ومن الثاني وهو هو تقوية عين اليقين قوله تعالى وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. فان في نفوسنا اليقين بحال هذه الدنيا كالذي نراه باعيننا امن كون هذه الدنيا متاعا زائلا يغتر به من يغتر تحذيرا من غائلتها وتخويفا من سلطان زخرفها ومن الثالث وهو تقوية حق اليقين قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تلهكم ولا اولادكم عن ذكر الله. فان هذا الامر بالنسبة لنا تلقى علم اليقين وحقه اذ هو شيء يدرك جزما في القلب ويرى رأي العين ونخالطه ونلابسه مع اولادها واهلينا وانه يقع للعبد ويعرض له في احواله واختلاف اوقاته الهاؤهم له عن ذكر الله فجاء هذا الاصل وهو تقوية اليقين في القرآن وفق هذه المسالك الثلاثة فتارة يقوى فينا علم اليقين وتارة ثانية يقوى فينا عين اليقين وتارة ثالثة يقوى فينا حق اليقين ويحصل الشفاء من مرض الشبهة على قدر ما يدركه المرء من اليقين فمن استقر في قلبه علم اليقين فقد حصل قدرا عظيما ومن ارتفع الى عين اليقين فقد حصل امرا اعظم. ومن تربع في في حق اليقين فقد كمل يقينه وصار له حصن منيع من ورود الشبهات عليه. ولو قدر ان شبهة افلتت وتسللت الى قلبه فانه سرعان ما يقبعها لما يجده في قلبه من اليقين واما مسالك القرآن في تقوية الصبر فانها ترجع الى امرين ايضا احدهما تقوية الاقناع في ترك الشهوة تقوية الاقناع في ترك الشهوة. والاخر تقوية الامتناع عن فعل الشهوة الفرق بينهما ان متعلق الاول هو الفكر. ومتعلق الثاني هو الارادة وكل حركة في هذا الوجود مردها الى الفكر والارادة. ذكره ابن تيمية الحفيد وصاحبه ابو عبد الله ابن القيم. فالعبد يفكر ويريد ويحصل بعد ذلك ما يحصل منه من اعتقاد او قول او فعل فجاء في القرآن تقوية الصبر على هذا النحو فتارة يقوى اقناع العبد في ترك الشهوة وتارة يقوى امتناعه عن فعل الشهوة. فمن الاول قوله تعالى لما ذكر فرض الصيام قال يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم كنت تتقون فان الله قوى صبرنا اقناعا في ترك شهواتنا من مطعم ومشرب واتيان نساء بخمسة امور. ذكرها في الاية بعدها. فقال اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. وعلى الذين يطيقونه فدية طعام كاين فمن تطوع خيرا فهو خير له. وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون فالاول في قوله تعالى اياما معدودات فان ذكرى الايام يهون اقناع العبد بالصيام لامرين احدهما ان ذكر الايام المعدودة يشعر بالقلة فهي ايام يسيرة والاخر ان العرب قبل الاسلام تعرف صوم اليوم ولا تعرف صوم الشهر فانهم كانوا يصومون ايش؟ يوم عاشوراء فانهم كانوا يصومون يوم عاشوراء. فخوطبوا اعتادوه لينقادوا له والثاني في قوله فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر ليهون على العبد ثقل الصيام في نفسه اذا قدر انه يعرض له سفر او مرض فاخبر عن رخصة الله له انه يفطر ثم يقضي من ايام اخرى والثالث في قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين وهذا كان في اول فرض الصيام ان العبد مخير بين الصوم او ان يطعم عن اليوم الذي لا يصومه مسكينا يقوي العبد على الاقتناع بما خوطب به من الصبر على ترك الشهوة وثالثها ورابعها في قوله تعالى وان تصوموا خير لكم اعلاما بان الصيام المخير فيه بين فعله وبين الاطعام فان الصيام خير للعبد وافضل وخامسها في قوله تعالى وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون. الرابع اللي اختكرناه فمن تطوع خيرا ها ولا وان تصوموا الرابع فمن تطوع خيرا فهو خير له. اعلاما بان الصيام افضل والخامس في قوله وان خير لكم ان كنتم تعلمون بالاعلام بان اصل الصيام اعظم للعباد منفعة في العاجل والاجل. فهذه الاية فيها خمسة انواع من وجوه الخطاب خطب بها العبد ليحمله ذلك على الاقتناع في ترك الشهوة واما تقوية الامتناع عن فعل الشهوة فمنه قوله تعالى فاما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى. واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى. فان الله سبحانه وتعالى قوى امتناع احدنا عن فعل الشهوة بالتذكير بمآل الجنة والنار فاخبر عن مآل النار في قوله فاما من طغى واثر الحياة الدنيا واخبر عن مآل بقوله واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فاذا جعل العبد بين ناظريه طريق الجنة وطريق النار. وان طناري بوابته الطغيان واتباع الهوى. وان طريق الجنة ان يخاف العبد مقام ربه سبحانه وتعالى وينهى نفسه عن الهوى فان الصبر فيه يقوى على تلك على ترك تلك الشهوة المرادة. فهذه المسالك المذكورة في تقوية اليقين وتقوية الصبر اذا اخذ بها العبد حصل له الشفاء من مرض قلبه وروحه ومن مرض من مرض قلبه وروحه اذا كان شبهة او شهوة فاورثته تلك المداواة قوة يقينه وصبره واما صفة الاستشفاء بالقرآن في امراض الابدان والاشباح فانها ترجع الى ستة امور اولها الرقية به بان يقرأه المريض او يقرأ عليه وثانيها الرقية به قراءة مع النفس فتقرن القراءة بريق لطيفة فيقرأ الراقي لنفسه او على غيره من قرآن ما يقرأ ثم ينفث بعد القراءة في اصح القولين وثالثها اقتران الرقية بمسح الجسد باليد او وضعه او وضعها الالم فيقرأ الراقي من القرآن ما شاء ثم يكون واضعا يده على موضع المرض في نفسه او في غيره او يمسح بيده بعد الفراغ من القراءة بان ينفث في يديه بريق لطيفة ثم يمسح بها على المريض. فالوضع مقارن القراءة والمسح يكون بعد القراءة والنفي بريق لطيفة في اليدين ثم يمسح بها جسده او جسد غيره والرابع ان يرقي الراقي مع وظع الريق على التراب والزاقه على فيقرأ ما شاء من القرآن ثم ينفث بما يكون ريقا ثم يضعه على التراب ثم يمسح به الجرح والخامس ان يقرأ الراقي في ماء ثم يشربه المريض او يغتسل به. والسادس ان يقرأ الراقي في شيء يكتب به ثم يكتب بذلك الماء ايات ثم يمحوها ويحلها بالماء فتشرب او يغتسل بها. كأن يقصد ما زعفران وهو الماء المخلوط لزعفران يقرأ فيهما شاء ان شاء اتى ثم يكتب شيئا من القرآن كالفاتحة او المعوذتين في قرطاس ثم يحل ذلك القرطاس بمحو الكتابة فيه بماء موضوع في اناء فيشربه المريض او يغتسل به. وهذا السادس يفعل عادة لمن كان بعيدا. فيأتي من يلتمس له الرقية فيقصد الراقي الى هذا بان يكتب شيئا من القرآن على قرطاس طيب ثم يحل ذلك المكتوب في اناء ذي ماء ويشربه المريض. وطريق معرفة هذه الصفات الست للاستشفاء بالقرآن في امراض والاشباح شيئا احدهما السنة النبوية. قال الله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا والاخر الاثار السلفية عن النبي صلى الله عليه وسلم او الصحابة او التابعين. قال الله تعالى اولئك الذين هدى الله والاية وان كانت متعلقة في سياق الخطاب بالانبياء الا ان العبرة اللفظ فكل من كان مهديا فهو قدوة للمؤمنين. فالصفات الست عامة مذكورة في احاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم او في اثار عن الصحابة وجرى بها عمل جمهور المسلمين الى يومنا هذا. ولم هذه الصفات الست في القرآن الكريم فان ما سبق ذكره من شفاء القرآن لامراض القلوب والارواح مذكور فيه غير مرة واما ما تعلق بشفائه امراض الابدان والاشباح فغير مذكور فيه لماذا يعني انت الان تبحث عن اية في صفة الرقية بالمسح بالوضع بالنفس لا تجد لماذا خلا القرآن من هذا ها باب الاجتهاد فحديث النبي صلى الله عليه وسلم بما فيه اجتهاد. ليس هو الاصل اي بس في اشياء وقعت في القرآن في السنة. فيكون فيه ساعة وذلك لامرين احدهما ان الذي دلت عليه ايات القرآن انه شفاء للقلوب والارواح لا الابدان والاشباح كما تقدم. فالمناسب لهذا الا تذكر ترى صفة الاستشفاء به في امراض الابدان والاشباح. والا كان مخالفا لما قرر فيه من كونه شفاء لامراض القلوب والارواح. والاخر وهو اعظم لتبرئة النبي صلى الله عليه وسلم من كونه ساحرا وتبرئة القرآن من سحرا. لان السحر عند العرب كان من الطب وفي صحيح البخاري من حديث قتادة عن سعيد بن المسيب انه قال له رجل به طب او يؤخذ عن اهل الحديث فان مراده بقوله رجل به طب اي سحر فان العرب كانت تفزع الى السحرة في طلب دفع العلل والامراض التي تنتابها فلتخليص القرآن من هذا وتبرئة النبوة منه لم يأتي شيء من ذلك في القرآن. ليعلم ان القرآن ليس كتاب طب للابدان والاشباح وانما هو كتاب طب للقلوب والارواح لان طب القلوب والامراض التي تنتابها فلتخليص القرآن من هذا وتبرئة النبوة منه لم يأتي شيء من ذلك في القرآن. ليعلم ان القرآن ليس كتاب طب للابدان والاشباح وانما هو كتاب طب للقلوب والارواح لان طب القلوب والارواح يختص بالمؤمنين وهم المنتفعون بالقرآن. واما طب الابدان والاشباح فانه ينتفع به المؤمنون والكافرون كما سيأتي وانما اشتمل القرآن على اصول الطب لا على مفرداته. فان ذكر المفردات هي يصيره وهؤلاء الاصول الثلاثة مبينة في القرآن ذكره عبداللطيف البغدادي في شرح الاربعين الطبية وابو عبدالله ابن القيم في زاد المعاد تأمل الاصل الاول وهو ايش؟ الحمية. ففي قوله تعالى وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا فابيح للعبد عند كونه مريضا ان يتيمم وحمي عن المال اي منع منه لاجل تطليب بدنه بما يحصل به مداوة علته ومن الثاني ايش حفظ الصحة. قوله تعالى في الصيام فمن كان منكم مريضا او على سفره فعدة من ايام اخرى فأبيح للصائم لئلا تقوى علته وتحفظ صحته بان يفطر ويقضي من ايام اخر. واما الثالث وهو استفراغ المادة الفاسدة ففي قوله تعالى فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك في حق من كان ناسكا معتمرا او حاجا ثم لحقته علة في رأسه فاحتاج الى حلق شعر رأسه فانه يحلقه ليستفرغ المادة الفاسدة فهؤلاء الاصول الثلاثة للطب مذكورات في القرآن اجمالا على ما بيناه واما تفصيل المفرد فلم يقع ذلك في القرآن لما ذكرنا. وبه تعلم الغلط الواقع فيما تم بالطب النبوي فان محمدا صلى الله عليه وسلم لم يبعث طبيبا للابدان والاشباع وانما بعث رسولا صادقا تشفى بدعوته القلوب والارواح ووجود احاديث عنه صلى الله عليه وسلم في الطب لا تجعله صلى الله عليه وسلم طبيبا. ولا تجعل ما جاء به من ذلك علما مفردا يسمى بالطب النبوي ونظيره ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من احاديث تتعلق بالمناخ او حديث تتعلق بجغرافية الارض او احاديث تتعلق بالهندسة. فما من باب من هذه الابواب التي ذكرنا الا وفيه احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. لكنها لا تكون اصلا مستقلا. تكون الهندسة النبوية او الجغرافيا النبوية او علم البيئة والمناخ النبوي كما انه صلى الله عليه وسلم لا ينسب اليها ولم يكن هذا موجودا في كلام الصحابة والتابعين واتباع التابعين ائمة المتبوعين وتصفح دواوين المحدثين التي ذكروا فيها كتاب فيها كتاب الطب فانك لا تجد احدا منهم كالبخاري وغيره قال كتاب الطب النبوي. وانما يقولون كتاب ايش؟ الطب ويسكتون ويذكرون فيه الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطب وهذا المقام غلط فيه طائفتان. احداهما طائفة انكرت ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الاحاديث. وهذا من تكذيبه صلى الله عليه وسلم فما اخبر به حق على الحق كامره صلى الله عليه وسلم بصب الماء على الحمى فان هذا حق ثابت في الصحيحين. لكن على الحق وهو ان انه ينتفع به في البلدان الحارة لا الباردة ذكر هذا المعنى ابن تيمية وابن القيم. والاخرى طائفة عظمت الامر وحملت الاحاديث النبوية توقى ما تحتمي واثبتوا من المعاني ما ليس مرادا فيها فهما طائفتان متقابلتان فاولئك ينكرون انتفاع المحموم بالماء وهؤلاء يثبتون انتفاع المحموم بالماء مطلقا. واهل المعرفة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يثبتون انتفاع المحموم بالماء اذا كان في بلد حار ويمنعون الانتفاع به اذا كان في بلد بارد واعتبر هذا في سائر ما يذكر في هذا الباب من الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. واما المنتفعون بالاستشفاء بالقرآن في القلوب والارواح والابدان والاشباح فهما طائفتان. الطائفة الاولى المؤمنون وهؤلاء منتفعون بالقرآن في شفاء امراض قلوبهم وارواحهم وامراض ابدانهم واشباههم. كما تقدم من الادلة المبينة ذلك في القرآن والسنة النبوية والاجماع واقوال الصحابة والنظر على ما هو مبين في محله السابق واما الطائفة الثانية فهم الكافرون وماذا تقولون فيهم؟ ينتفعون ام لا ينتفعون نعم ينتفعون ما الدليل حديث ابي سعيد الغدري انه انتفع سيد القوم في قصة اللذيذ نعم بقصة اللذيذ توافقون ولا تخالفون؟ يقول حديث ابي سعيد الذي تقدم انه انتفع رقية الفاتحة هذي انتفاع في البدن ولا في الروح؟ الاثنان يعني انت تثبت لهما الاثنان بهذا الدليل طيب في قلبه هل اسلم؟ طيب في بدنه من يوافق الاخ على الاستدلال بالدليل في بدنه؟ طيب من يخالف الاخ اي لكن ينتفع الكهف ولا ما ينتبه بالقرآن. ينتفع في قلبه ولا في بدنه؟ اثنين ها ها طيب الجواب ان هذا الحديث لا دلالة فيه لانه لم يثبت من طريق صحيح انه كان كافرا بل الامر كما ذكر ابن القيم في مدارج السالكين ان هؤلاء القوم اما قوم كافرون واما مسلمون اهل بخل ولؤم اليس في هذا الحديث دلالة؟ ها يقول الاخ هذا في يعني في القلوب والابدان وفي طيب الاية قوله تعالى يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور. كمل هدى ورحمة للمؤمن والجار والمجرور متعلق بالافراد المذكورة اي اعلموا ايها الناس انه قد جاءتكم موعظة وشفاء لما في صدور المؤمنين وهدى ورحمة لله والجواب ان الكافر ينتفع بالقرآن في شفاء مرض شبح بدنه وشبحه ولا ينتفع به في مرض قلبه وروحه والدليل على ان الكافر ينتفع بالقرآن في بدنه وشبحه ما رواه ابو داوود والنسائي عن خديجة بن الصوت التميمي عن عمه علاقة بن الصحارن التميمي رضي الله عنه انه اتى النبي صلى الله عليه سلم فاسلم ثم اقبل راجعا فمرا على قوم عندهم رجل موثق عندهم رجل مجنون موثق بالحديث فقال له اهله حدثنا ان صاحبكم هذا قد جاء بخير. فهل عندك ما تداويه به فقرأ عليه علاقة الفاتحة فبرأ فاعطوه مئة شاة فرجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فاخبره فقال هل شيء غير هذا وفي رواية هل قلت الا هذا؟ فقال نعم يا رسول الله. فقال خذها فلا عمري من اكل برقية باطل فقد أكلت برقية حق وصححه ابن حبان والحاكم والنووي وحسنه ابن حجر وهو الى الحسن اقرب. فهذا حجة في ان الكافر ينتفع في مرض بدنه وشبحه بالقرآن. واضح وهل للمسلم ان يقرأه عليه ان يرقيه به والجواب انه للمسلم ان يقرأه على الكافر لي دليلين احدهما دليل عام وهو ان هذا من الاحسان المأذون به لمن لم يكن كافرا حربيا. اي مقاتل للمسلمين. قال الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم بالدين ولم يخرجوكم من ديارهم ان تبروهم وتقسطوا اليهم. والاخر دليل خاص وهو حديث علاقة ابن سحار رضي الله عنه ففيه انه قرأ على كافر وان النبي صلى الله عليه وسلم اقره على قراءته واما مرض قلبي والروح فان الكافر لا ينتفع بالقرآن فيه لان الله سبحانه وتعالى لما ذكر ايات الشفاء الثلاث جعلها مخصوصة بالمؤمنين بل لما ذكر الكافرين اخبر عن سوء حالهم فقال في الاية الاولى ولا يزيد الظالمين الا قصارى وقال في الاية الثالثة التي ذكرناها والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عمى. وفي الاية الثالثة جاء النص فيها بتخصيصه بشفاء الصدور للمؤمنين فالقرآن دل على ان الكافرين لا ينتفعون به في دفع امراض شهواتهم وشبوهاتهم واضح ايش ايه طيب هذا اشكال تكتبه في ورقة بس نجيب عنه يقول ان احد الكفار لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة قال كاد قلبي ان يطير يطير طربا وفرحا واذعانا ام خوفا ورهبا خوفا ورهبة ولذلك لم يسلم في تلك الحال وانما اسلم واسلم لاحقا وانما اسلم لاحقا والله سبحانه وتعالى قال لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. فقوله لينذر من كان حيا يعني مؤمن من الحي القلب فهو محل الاستفادة بالقرآن واما الكافر فتقوم عليه الحجة. ووقع هذا في كون القرآن تشفى به ابدان الكفار دون قلوبهم لان الكافر ميت القلب حي البدن قال الله سبحانه وتعالى في بيان موت قلوبهم اموات غير احياء وما يشعرون ايانا يبعثون. وقال اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها اه واما حياة بدنه فذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم. وقال تعالى هو الذي احياكم ثم يميتكم ثم يحييكم. فالكافر حي البدن ميت القلب والميت لا ينتفع بشيء واما الحي فانه ينتفع بشيء. فلما كان قلبه ما كان قلبه ميتا لم ينتفع بالقرآن شفاء لشبهته وشهوته ولما كان بدنه حيا فانه ينتفع بالقرآن في بدنه فقط. واما فانه حي البدن وحي القلب. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم. فقوله يا ايها الذين امنوا خطاب لاحياء لاحياء في ابدانهم. وقوله لما يحييكم اي ما تكون به حياة بكم التي انتم فيها ويشهد لهذا ما جاء في الصحيحين من حديث بريد ابن عبد الله عن ابي بردة عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واللفظ للبخاري مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت. فالمؤمن كروا قلبه فهو حي القلب. والكافر لا يذكر قلبه فهو ميت البدن. وهذا اخر وهذا المجلس اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء احزاننا وذهاب غمومنا اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما نسينا واجعله امامنا وقائدنا الى جناتك جنات النعيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين