ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون تسائلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويا غافر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوز عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله واحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم والامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. ايها المؤمنون ان لله في خلقه ايام يكررها عليهم تذكرة عاما وعاما. الا وان من ايام الله يوم عاشوراء وهو يوم عظيم نجى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام وبني اسرائيل من فرعون وملائكه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن فقالوا هذا يوم صالح. هذا يوم نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل موسى شكرا. وقال صلى الله عليه وسلم فانا احق بموسى منكم. فصامه صلى الله الله عليه وسلم وامر بصيامه. فكان مبتدأ الامر بصيام يوم عاشوراء ما علم من خبره في الاول انه يوم صالح يوم نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل من فرعون وملئه واليوم الصالح هو اليوم الذي يقع موافقا لمراد العبد فيه. فاليوم الصالح الذي تتجدد فيه نعمة ظاهرة عليك لم تكن لك قبل من حدوث ولد او ذبح تجارة او نيل شهادة او ترقية هو يوم صالح فارقوا سائر الايام بما وقع لك فيه من ملائمة الحال وحدوث نعمة على العبد يوجب في ادب العبودية ان يحدث لها العبد شكرا فاذا احدث الله عز وجل لك نعمة فان من ادب عبوديتك لله ان تحدث له شكرا واقل ذلك ان تحمد الله سبحانه وتعالى عليك. وكان من صلاح ذلك اليوم ان الله عز وجل نجى فيه موسى وبني اسرائيل من فرعون وملائكه. فان موسى عليه الصلاة والسلام لما دعا بني اسرائيل تأمنوا به واتبعوه غضب فرعون وملأه وجمعوا له وحشدوا وكان فرعون حينئذ القوة العظمى في مصر والشام فلم تكن تنافسها قوة اخرى. وكان موسى حينئذ هو من معه من بني اسرائيل قلة لا يعدون شيئا فاظهر الله سبحانه وتعالى فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون وملائكته وانجى الله عز وجل الذين امنوا وكانوا يتقون. فكان من خبرهم لما خرج موسى ببني اسرائيل من تبعه فرعون وملأه فلما رأى بنو اسرائيل فرعون مع جيشه احاط بهم الخوف وكان من خبرهم مما قص الله فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون اي لمحاط بنا مأخوذون وقال النبي المؤمن بربه العالم بقدر الله عز وجل كلا ان معي ربي سيهدين فاوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك الحجر فانفلق فكان كل فرق كالطوز العظيم. فاظهر الله عز موسى باية عظيمة اذ امره بان يضرب البحر بعصاه فانشق البحر وامتاز الماء بعضه عن بعض حتى صار بينه طريق يابس فمشى فيه فرعون ومن معه من بني اسرائيل فانجاهم الله عز وجل الى الشاطئ الاخر فلما توسطه فرعون وجيشه اخذهم الله عز وجل اخذ عزيز مقتدر ليظهر الله عز وجل للخلق ان القوة قوته وان الملك ملكه وان الامر امره فاي قوة عظمى هي عند الله عز وجل ضعيفا واي قوة كبرى هي عند الله سبحانه وتعالى صغيرا. يوم يخلد فيه نصر المظلومين وغصب الظالمين ليزداد المؤمنون ايمانا. فيعبر تعلقهم بالله عز وجل. قال الله تعالى وذلك ننجي المؤمنين. وقال تعالى وانت الى الذين امنوا وكانوا يتقون. وقال تعالى كذلك حق علينا نوجي المؤمنين وقال تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا. فاذا امتلأت الخلق بالايمان واتقوا ربهم فان الله عز وجل يظهرهم على عدوهم وامام قوة الله عز وجل فان لا حسبان للقوى الظاهرة ومهما بلغت الاعداد وقوي الاعداد وخسرت العدة فانه لا غالب لله سبحانه وتعالى فخلد الله عز وجل في يوم عاشوراء نصر المظلومين وقسم الظالمين اذا تعلق اولئك المظلومون بالله عز وجل وامنوا به فعند اذ يظهر الله عز وجل الحق ويدمغ الباطل اية باقية الى يوم الدين وسنة الهية لا تتزعزع في العالمين. اقول ما تسمعون واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له هو القوي المتين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الحجة البالغة على العالمين. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى على ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون لما كان يوم عاشوراء يوما صالحا لموسى والمؤمنين من بني اسرائيل شكروا الله عز وجل على النعمة التي اسداها باظهارهم على فرعون وملائكه فصامه موسى شكرا لله عز وجل وبقي هذا من الشرائع في بني اسرائيل حتى اظهر الله عز وجل علم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بما بلغ من خبر فاذا قالوا له هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله فيه موسى وبني اسرائيل من فرعون فصامه موسى شكرا. وقال صلى الله عليه وسلم فانا احق بموسى منكم فصامه صلى الله عليه وسلم وامر بصيامه وكانت احقيته صلى الله عليه وسلم بموسى لما بينه وبينه من اصرة الايمان فانهما مفترقين في نسبهما لا يجمعهما الا ابوهما ابراهيم عليه الصلاة والسلام فان موسى كان من ذرية يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم واما محمد صلى الله عليه وسلم فمن ذرية اسماعيل ابن ابراهيم عليهما وعلى رسولنا صلى الله عليه وسلم افضل الصلاة والتسليم فهما لا يجتمعان الا في عاصرة بعيدة من النسب وكان بينهما ما هو اقوى من ذلك وهي اصرة الايمان. قال الله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض فحينئذ قال النبي صلى الله عليه وسلم فانا احق بموسى منكم اي بما انا واياه عليه من الايمان والنبوة فصامه صلى الله عليه وسلم وامر بصيامه وكان اول صيام عاشوراء فرضا على فكان واجبا عليهم ان يصوموه. ثم لما فرض الله عز وجل عليهم صيام شهر رمضان صار صيام يوم عاشوراء صيام مستحبة ونسخ الله سبحانه وتعالى وجوبه عنا. وكان من فضله ما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله صيام صيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله. فمن فضل صيام يوم عاشوراء ان من صامه ايمانا واحتسابا يرجى له الفضل المذكور الذي اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بان يكفر الله عنه ما سلف من ذنوبه في السنة فصام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يصومه. ولما اخبر صلى الله عليه وسلم لانه من شعائر اليهود والنصارى على ارادة طلب مفارقتهم والتميز عنهم. قال صلى الله عليه وسلم لان عشت الى لاصومن التاسع فصار صيام عاشوراء على ثلاثة انحاء اولها ان يصام يوم عاشوراء وهو عاشر وثانيها ان يصام يوم عاشوراء مع يوم تاسوعاء وهذا افضلها للخبر المتقدم عنه صلى الله عليه وسلم ان يصام يوم عاشوراء واليوم الذي يليه لانه يقع بدلا عن صيام تاسوعاء وعاشوراء فاحتملوا رحمكم الله نصحة اعماركم وصحة ابدانكم في التقرب الى ربكم سبحانه وتعالى بصيام يوم عاشوراء. وهو في هذه السنة يوم السبت غدا وكان يوم الجمعة اليوم هو اليوم التاسع طبقا لما اعلن عنه من المحكمة العليا ان غرة شهر المحرم في هذه السنة كانت في يوم الخميس المنصرم فتكون هذه الجمعة هي يوم تاسوعاء ويكون غدا باذن الله هو يوم عاشوراء رحمكم الله على صيام هذا اليوم العظيم شكرا لله عز وجل ورجاء ان يكون لنا حظ مما اخبر عنه صلى الله عليه وسلم من فضله اللهم وفقنا لفعل الطاعات فبارك لنا في اتيان الحسنات وباعد بيننا وبين المعاصي والسيئات. اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم اتي نفوسنا تقواها يا انت خير زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نعوذ بك من شر الاشرار. اللهم انا نعوذ بك من شر الاشرار وبين الفجار اللهم انا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم. اللهم انصر المظلومين واصف الظالمين. اللهم اللهم انصر المظلومين واصف الظالمين. اللهم انصر المظلومين واخسف الظالمين. اللهم احينا حياة سعيدة وتوفنا وفاة حميدة اللهم احينا على خير حال وامتنا على خير حال وقلوبنا جميعا الى خير مآل. اللهم فرج كرب المكروبين ونفس والمهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضانا ومرضى المسلمين واقم الصلاة فان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر