الحمد لله الذي شرع الشرائع ونوع احكامها. واكمل الديانة واظهر احكامها اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له هو الحق المبين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله طوله ورحمته المهداة الى العالمين. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا رضاه واطيعوا امره واجيبوا نداء يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. واعلموا رحمكم الله ان مما تهذب به النفوس وتصلح احوالها فطمها عن مألوفاتها. فان فطم النفس عن مألوفاتها قطعها عن عاداتها يهذب سلوكها ويقوم اخلاقها وينمي خيرها شرها فان النفس اذا اعتادت مألوفا لم تقطع عنه. ولازمت عادة لم تمنع منها. صار ذلك ثابتا لها حتى يغدو موافقا لهواها. فهي تجري معه في الظاهر والباطن. موافقة وقد عنيت الشريعة بفطم النفس عن مألوفاتها واخراجها عن عاداتها في احكام كثيرة تارة من جهة المأمورات وتارة من جهة المنهيات. ومن اجل الشرائع التي يبدو فيها فطم النفس عن مألوف وقطعها عن عاداتها شريعة الصيام. فان العبد ينقطع عما الفه ولزمه من طعام وشراب وشهوة تقربا الى الله سبحانه وتعالى. ولجلالة هذه الشريعة وعظم اثر قطع نفسي عن مألوفاتها في الصيام جعلها الله سبحانه وتعالى شريعة في الامم كلها. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ولم تجعل هذه الشريعة بهذه المرتبة الجليلة شريعة في كل امة الا لجميل اثرها وجليل عاقبتها ويدور ذلك على اصلين عظيمين. احدهما ما في ذلك من اخراج النفس من طاعة والى اتباع الهدى بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. فان النفس تترك ما الفته من طعام وشراب وشهوة طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وبذلك تدرك خير وسعادتها في العاجل والاجل. قال الله تعالى واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون قال تعالى ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. وقال تعالى ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. فالعبد الذي يفطم نفسه عما الفته وفي يومها تقربا الى الله سبحانه وتعالى يكون قاهرا لهواه متخليا عن شهوته مذعنا لله عز وجل متبعا لرسوله صلى الله عليه وسلم. والاخر ما في الصيام من عظيم الصبر الذي هو من اعظم المراتب والمنازل وبه امر الله سبحانه وتعالى خواص عباده. فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون. ولا يخفى عظيم اجر الصبر. فقد قال الله عز وجل انما والصابرون اجرهم بغير حساب. ولا يخفى على احد ما في الصيام من الصبر. حتى سمي شهر الصيام بشهر الصبر فان العبد يصبر عن مألوفاته وعاداته. ويحبس نفسه عنها تقربا الى الله سبحانه وتعالى فلاشتمال الصبر على هذين الامرين العظيمين طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والصبر على قطع النفس عن مألوفاتها صار الصبر بهذه المنزلة العظيمة شريعة جليلة في كل امة جليلة عظيمة الفائدة محمودة العاقبة في العاجلة والاجلة. فهذه رتبة الصيام الذي يتجلى فيه فطم النفس عن مألوفاتها وقطعها عن عاداتها. اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا حقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون ان الله سبحانه وتعالى لما كتب الصيام على الامم كلها لعظيم فائدته وجميل عاقبته وجليل اثره في الاجل والاجل اختار لهذه الامة موسما كريما وشهرا عظيما جعله محل فرض الصيام فيهم وهو شهر رمضان فان الله سبحانه وتعالى امرنا بصيامه وبين رتبته فقال تعالى شهر الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وخص الله عز وجل هذه الامة انه جعل ميقات فرض الصيام فيها في شهر رمضان لما له من منزلة عظيمة ورتبة كريمة بانه الميقات الذي انزل الله عز وجل فيه القرآن وجعل الله سبحانه وتعالى لنا فيه فضائل عظيمة تدرك بها مغفرة الله سبحانه وتعالى فقال النبي صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم قدم من ذنبه وقال صلى الله عليه وسلم من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وقال صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر وهي ليلة من رمضان قال من قام ليلة القدر غفر له ما ما تقدم من ذنبه فاعرفوا رحمكم الله قدر ما تستقبلون من الزمان وان الله سبحانه وتعالى انعم عليكم به وخصكم بهذه الخصيصة التي لم يجعلها لاحد من الامم قبلكم. فجعل فرضكم في الصيام شهرا وجعل هذا شهره وشهر رمضان وفتح الله عز وجل فيه مشاريع التوبة وابواب المغفرة فاهتبلوا ما تستقبلون من بالتوبة الى الله سبحانه وتعالى وتهيئة انفسكم للاعمال الصالحة بنيتها واعداد العدة لها اعلموا ان احدنا اذا بلغ شهر رمضان هذه السنة فهي منة الهية جليلة ونعمة ربانية جزيلة ينبغي ان يغتنمها العبد في عبارة ليله ونهاره بما يقربه الى الله عز وجل. فاذا كان الناس يركضون الى منح اهل الدنيا فان منح الله عز وجل اولى بالمسارعة اليها. قال الله تعالى ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات. فاستبقوا ايها المؤمنون الى الخيرات الربانية والعطايا الرحمانية التي جعلها الله سبحانه وتعالى في رمضان. اللهم بلغنا رمضان اللهم بلغنا رمضان. اللهم اغنى رمضان اللهم وفقنا فيه لما تحب من الاعمال. اللهم اعنا فيه على الصيام والقيام. وسائر البر والاحسان. اللهم اجعلنا ممن يصوم رمضان ايمانا واحتسابا. واجعلنا ممن يقومه ايمانا واحتسابا ابى واجعلنا ممن يقوم ليلة القدر ايمانا واحتسابا. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين