ان الحمد لله احمده سبحانه جل في علاه. واتولى من تولاه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغنا رضاه. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه ومن والاه. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا ربكم اتقوا ربكم وكونوا مع الصادقين. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. ان الله خبير بما تعملون ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. واعلموا رحمكم الله ان الناس بهم فاقة شديدة وحاجة عظيمة ذكرها الله سبحانه وتعالى الا في قوله يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. والله هو الغني الحميد. فوصف بالغناء ووصف خلقه بالافتقار اليه. وفي الجمع بينهما بيان امرين احدهما كمال بغناه ونقص المخلوق بفقره. والاخر ان حصول غنى العبد الفقير لا يكون الا مناحه العطاء من الله سبحانه وتعالى. فسدوا حاجة الخلق واغناؤهم يكون بعبادتهم ان ربهم سبحانه وتعالى وتتجلى تلك العبادة في مقام طلب القرب منه عز وجل. فان العابد الله يبتغون القرب منه. وقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي ما تقرب الي عبدي شيء احب الي مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاخبر سبحانه ان من التقرب الذي يحصل به الغنى التقرب اليه سبحانه وتعالى بالفرائض تارة وبالنوافل تارة واكمل تلك القرب هي القرب التي تجمع في احوالها بين الفريضة والنفل. فان اوامر الى الله سبحانه وتعالى تكون تارة فرضا وتكون تارة اخرى نفلا. ويكون من تلك القرب ما جنسه فرض تارة وما جنسه النفل تارة ومن تلك القرب السجود لله سبحانه وتعالى. فانه يكون فرضا في ويكون نفلا في احوال اخرى. ولجلالة هذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بان يكون من تقرب لربه السجود له سبحانه. فقال تعالى في خاتمة سورة العلق كلا لا تطعه واسجد واقترب فمما يحصل به القرب من الله عز وجل باجتهاد العبد فيه السجود له سبحانه. ولهذا امر الله عز وجل به في مواضع عدة افرادا وعموما. فقال سبحانه وتعالى فاسجد واقترب. وقال سبحانه وتعالى ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا. وقال تعالى واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير انكم تفلحون. فذكر الله سبحانه وتعالى الامر بالسجود في مواضع عدة لجلالة ما فيه من طلب القرب الى الله عز وجل المأمور به في اخر اية من سورة العلم في قوله تعالى كلا لا تطعه واسجد واقترب السجود لله عز وجل من اجل الاحوال التي يحصل بها القرب له عز وجل. وفي هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فاذا سجد العبد كان مقتربا الى الله قريبا من ربه عز وجل وانما خص السجود بهذا لجمعه بين امرين احدهما في الفعل والاخر في القول فاما الفعل فذاك ان العبد يجمع نفسه منطرحا بين يدي الله عز وجل ملصقا جبهته وانفه على الارض تاويا باركانه واعضائه عليها. وذلك غاية الخضوع. فانه لا توجد صورة في الخضوع اعظم من كون العبد منطرحا بين يدي الله سبحانه وتعالى. ملصقا نفسه للارظ فصار هذا الفعل مقربا لله عز وجل جاعلا العبد قريبا من الله. واما القول فذاك ان العبد في سجوده يقول سبحان ربي الاعلى فهو اذا طأطأ رأسه وخفض بدنه اعلن ان العلو كله لله سبحانه وتعالى فيقول سبحان ربي الاعلى وبجريان هذه الكلمات على لسانه يستحضر ان كل عالم فالله اعلى منه وان كل عظيم فالله اعظم منه. فلما اجتمع هذان المعنيان في الفعل والقول صار العبد في وجوده اقرب ما يكون الى ربه سبحانه وتعالى. واذا هيأ للعبد ان يكون قريبا من الله انه ينبغي ان يغتنم قربه في اعظم شيء فيه. وهو دعاؤه سبحانه وتعالى. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فاكثروا من الدعاء قال النبي صلى الله عليه وسلم واما السجود فاجتهدوا في الدعاء فانه قمن ان يستجاب لكم اي جديد ان يستجاب لكم فاذا حظي العبد من قربه من الله سبحانه وتعالى في سجوده خاضعا لله فانه ينبغي ان سلم سجوده بدعاء الله سبحانه وتعالى. لان الدعاء بعد السجود خضوع بعد خضوع. فهو خاضع في فعله بسجوده وخاضع في قوله سبحان ربي الاعلى ثم يزداد هذا الخضوع خضوعا بسؤال الله سبحانه وتعالى ودعائه وقد قال الله عز وجل والا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. اقول ما واستغفروا الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروا انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات رب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له هو الحي الذي لا يموت. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعهم محسنا الى يوم الدين. اما بعد ايها المؤمنون ان التقرب الى الله عز وجل فاقتنا وسداد حاجتنا. ومن اعظم التقرب له سبحانه وتعالى. السجود له كما قال الله تعالى كلا لا تطعه واسجد واقترب وفيه امرنا بالدعاء اوعدنا بالاجابة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. فاكثروا من الدعاء. وقال صلى الله عليه وسلم السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فانه قمن ان يستجاب لكم. وهذا السجود المأمور به له مقامات المقام الاول سجود الصلاة والمقام الثاني سجود التلاوة والمقام الثالث سدود الشكر فهذه المقامات الثلاثة يتحقق بها السجود لله سبحانه وتعالى. فاما السجود في الصلاة فهو اعظمها ويكون تارة فرضا في الصلوات الخمس المكتوبة ويكون تارة نفلا في سائر الصلوات النوافل فيتقرب العبد لربه سبحانه وتعالى ساجدا له في صلاته. واما سجود التلاوة فهو السجود في المواضع التي جعلت ذلك في القرآن الكريم فان في القرآن مواضع يسجد فيها العبد استحبابا ويكون هذا تارة في الصلاة وتارة خارج الصلاة فاذا قرأ اية وافق فيها سجودا استحب له ان يسجد ان كان في صلاة سجد في صلاته وان كان خارج الصلاة سجد خارج صلاته. واما سجود الشكر فهو ان يسجد العبد اذا حصلت له نعمة غير متوقعة لم تجري بها العادة فيسجد العبد شكرا لله سبحانه وتعالى. فاطلبوا ايها المؤمنون قربكم من الله سبحانه وتعالى بالسجود له في هذه المقامات الثلاثة. واعلموا ان اولاها بالاعتناء هو السجود في الصلاة لانها فرض علينا وقد تقدم قوله سبحانه وتعالى وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي اما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فتقربوا لربكم سبحانه الا بالسجود له في المقامات الثلاث المذكورة انفا واحرصوا على السجود في صلاتكم فتعاهدوها واعلموا ان تفويت احدنا الصلاة تفويت للقرب من الله سبحانه وتعالى. اللهم ات نفوسنا تقواها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم اجعلنا من عبادك الساجدين. اللهم اجعلنا من عبادك الساجدين. اللهم اجعلنا من عبادك الساجدين. اللهم احينا على لا اله الا الله وامتنا على لا اله الا الله واحشرنا جميعا في حزب لا اله الا الله. اللهم احفظنا الاسلام قائمين واحفظنا بالاسلام قاعدين واحفظنا بالاسلام نائمين. اللهم احينا على خير حال وتوفنا على خير وقلوبنا جميعا الى خير المآل. اللهم وفق ولي امرنا بتوفيقك وايده بتأييدك. وارزقه البطانة الصالحة ناصحة وجنبه بطانة السوء. اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين. واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا مرضانا ومرضى المسلمين والحمدلله رب العالمين