ان الحمد لله احمده سبحانه هو ولي المؤمنين. ملاذ خائفين مستعيذين وغوث المستغيثين. احمده سبحانه على كمال نعمة الدنيا والدين ان واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة باقية الى يوم الدين واشهد ان محمدا عبده ورسوله امام الانبياء وسيد المرسلين. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله فان تقوى الله عز وجل عروة نجاتكم في الدنيا والاخرة. وتمسكوا بدينكم واتبعوا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم واعلموا رحمكم الله ان الله سبحانه وتعالى امرنا بالتقوى خصوصا وعموما فقال يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. فامر بها المؤمنين وقال يا ايها الناس اتقوا ربكم فامر بها الناس اجمعين. واعلموا رحمكم الله ان تقوى الله سبحانه وتعالى باللجوء اليه والتوكل عليه ينجي العبد في الدنيا والاخرة وتؤمنه من حوادث الدنيا. فان الله لما اودعنا هذه الدار جعل فيها حوادث وقلاقل موجعة من اعظمها الفتن. اذ هي دارها فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لم يبق من الدنيا الا بلاء وفتنة. فهذه الدنيا بكلكلها وشدة زخرفها ليس فيها الا البلاء والفتنة. وفيها فتن متكاثرات بانواع متغايرات. من اعظمها فتنة حذر منها كل نبي. فما من نبي الا انذر منها قومه. وهي فتنة لم يأت منذ خلق الله الدنيا الى يوم القيامة فتنة اعظم منها. ولا تخرج تلك الفتنة حتى يذهل الناس عنها وهي فتنة المسيح الدجال. فانها فتنة عظيمة انذر كل نبي قومه منها ولا تكون فتنة في الدنيا اشد من تلك الفتنة. ولا يخرج المسيح الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره حتى يترك الائمة ذكره على المنابر. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان ذلك المسيح الدجال رجل اجلى الجبهة عريض الصدر عينه اليمنى عنبة طافية فهو اعور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الا ان ربكم ليس باعور. وان المسيح الدجال اعور. كأن عينه عنبة طافية. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان فتنته تكون اربعين يوما. فيوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وبقية ايامه كسائر ايامكم. فتكون له مدة مديدة يثقل اليوم الاول منها على الناس بشدة فظاعته وبشاعته وشناعته. فيكون يوم واحد بمنزلة سنة كاملة ثم يكون اليوم الثاني بمنزلة شهر كامل. ثم يكون اليوم الثالث بمنزلة اي اسبوع كامل ثم يستتم بقية مدته في ايام كايامنا هذه. واخبر النبي صلى الله عليه عليه وسلم عن شدة فتنته وانه يأتي ومعه نهران احدهما يرى رأي العين كأنه ماء ابيض والاخر يرائي رأي العين كانه نار. فاما ذاك الذي يرى رأي العين ماء ابيض فهو نار على الحقيقة. واما ذاك الذي يرى رأي العين نارا فانه ماء على الحقيقة. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه يأتي على القوم فيدعوهم فاذا استجابوا له حسنت احوالهم وكثرت اموالهم وان لم يستجيبوا له ام اموالهم وافتقروا واخبر صلى الله عليه وسلم انه يشق رجلا نصفين ثم يأمره ان يقوم ترجع حيا كما كان فتعظم الفتنة به ويكثر اتباعه ويعظم شره في الارض. وان النبي صلى الله عليه وسلم لما اخبر عن فتنته وحذرنا منها ارشدنا صلى الله عليه وسلم الى حصون واقية دروع مانعة هي التي ينبغي ان يعتلي المسلم بمعرفتها فان معرفتها هي مراد الشرع الاعظم من ذكر هذه الفتنة اذ تظهر فيها عبوديات عظيمة من اللجوء الى الله والتوكل عليه وتفويض الامر اليه فمن جملة تلك الحصون الحصينة التي ارشد اليها النبي صلى الله عليه وسلم تثبيت الاسلام وتقوية الايمان فان الذي ينجي من هذه الفتنة هو قوة اسلام العبد. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر وصف وصفه وهو انه مكتوب بين عينيه كافر. وهي كتابة حقيقية. قال صلى الله عليه وسلم يقرأها كل مسلم فاخبر صلى الله عليه وسلم ان المكنة في معرفة هذه العلامة على كون الانسان مسلما وادراكه لها على قدر قوة اسلامه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ان يخرج وانا فيكم فانا حجيجه دونكم وان يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم وتقوى تلك الخلافة والعناية من الله باحدنا على قدر اسلامه. فينبغي ان يجتهد العبد في تقوية اسلامه وتثبيت ايمانه حتى يتقي بها فتنة المسيح الدجال. ومن جملة تلك الحصون الحصينة البعد عن في بلاده وعدم الاقبال عليه. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا سمع احدكم بالدجال انأى عنه اي فليبعد عنه. ثم قال صلى الله عليه وسلم فان الرجل ليأتيه وهو يحسب ان انه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات. فاذا عرض المرء نفسه على فتنة المسيح الدجال ما اتبعه لشدة الشبهات التي يظهرها ويبديها للخلق. ومن جملة تلك الحصون الحصينة التي يمتنع بها الانسان من فتنة المسيح الدجال. حفظ عشر ايات من اول سورة الكهف. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حفظ عشر ايات من اول سورة الكهف عصم من الدجال وتقع هذه العصمة بان يحفظ العبد ليقرأها اذا خرج عليه المسيح الدجال فان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ادركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف يعني العشر الايات المذكورة في الحديث الالف. ومن جملة تلك الحصون الحصينة الاستعاذة من شر فتنته في التشهد الاخير خاصة. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا فرغ احدكم من التشهد فليستعذ من اربع ثم ذكر منها صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من فتنة المسيح الدجال فهؤلاء الاربع هي اعظم الحصون المنيعة التي يحفظ بها الانسان من فتنة المسيح الدجال. اقول ما تسمعون واستغفروا الله العلي العظيم لي ولكم. فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الحمد لله رب رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى على ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون ان الله سبحانه وتعالى امتن عليكم بدين كامل كما قال الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اسلام دينا ومن كمال هذا الدين ان الله سبحانه وتعالى بين لنا ما يعرض من الفتن ومن جملة ذلك فتنة المسيح الدجال التي اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ارشد صلى الله عليه وسلم الى حصون حصينة منيعة من تعلق بها وتستر وراءها كانت واقية له باذن الله من فتنة المسيح الدجال. ومن كمال ان تلك الحصون ايضا تقي من الفتن الاخرى. فان النبي صلى الله عليه وسلم لما ارشدنا الى الفرار من فتنة المسيح الدجال فالمراد بذلك ايضا الفرار من كل فتنة. ولا سيما تلك الفتن التي تلبس بالشبهات قال صلى الله عليه وسلم اذا سمع احدكم بالدجال فلينأى عنه فان الرجل ليأتيه وهو يحسب انه مؤمن ثم يتبعه مما يبعث به من الشبهات. وكما يكون هذا في الفتنة الكبرى بالمسيح الدجال. فان سائر الفتن ينبغي ان يتعامل معها العبد كذلك. فينبغي للعبد ان يحرص في حفظ دينه. وحراسة اسلامه بالتوقي من وعدم اقبال نفسه عليها فان الشبهات التي تبث للخلق في حقيقة دينهم واتباعهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وتسليمهم لامره. وما اكثرها اليوم جديرة بان يعتني فيها العبد ببعد نفسه عنها وعدم تعريضها للفتن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فوالله ان الرجل يأتيه وهو يحسب انه مؤمن ثم مما يبعث به من الشبهات فالقلوب ضعيفة والشبهات خطافة. واذا اورد احدنا قلبه على الشبهات فربما علق بقلبه شيء منها فاورده موارد الهلاك. فان او بانفسكم عن الشبهات والفتن. ومن جملة لذلك ايضا مما يتبدى به كمال الشريعة ان النبي صلى الله عليه وسلم ارشدنا الى الاستعاذة من شر فتنة المسيح الدجال وها هي قرون متطاولة ولم تخرج تلك الفتنة في الامة. والمراد ان يكون الانسان باستعاذته من المسيح الدجال مستعيذا من شر كل دجال دونه فان احدنا اذا قال اللهم اني اعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال فانه يستعيذ بالله من الدجال الاكبر وممن دونه من الدجاجلة. فتكون استعاذة احدنا بالله عز وجل من شر فتنة المسيح الدجال واقية له من الدجاجلة الصغار. وما من زمان الا وفيه دجاجلة. ولا طرب الزمان الا ويكثر الدجاجلة بالكذب والتزوير والتخريف. الذي يعتري دين الناس في ربهم سبحانه او في رسولهم صلى الله عليه وسلم او في كتاب الله عز وجل او في صحابة رسول الله عز وجل. فينبغي ان اي المرء ان استعاذته من المسيح الدجال هي ايضا استعاذة من الدجاجلة الصغار وتنبيه الى خطر اولئك وانهم مقدمة للمسيح الدجال فانه ما من فتنة عظيمة واية كبيرة الا جعل الله عز وجل بين يديها تعرف بها وتحذر الناس من شرها ومن جملة ذلك ان الله يبتلي اديان الخلق بظهور الدجاجلة صغار ليكون في ذلك احتياطا لهم من اتباع المسيح الدجال الاكبر اذا خرج. فاعقلوا رحمكم الله حكمة شريعة واتبعوا دين نبيكم صلى الله عليه وسلم وخذوا بالحظ الاوفر من تلك الحصون المنيعة التي تقيكم فتنة المسيح الدجال فانها باذن الله تقي من الدجال الاكبر ومن كل دجال يكون دونه. اللهم احينا على الاسلام والسنة وامتنا على الاسلام والسنة. اللهم احيينا على لا اله الا الله وامتنا على لا اله الا الله. اللهم احفظنا بالاسلام قائمين واحفظنا بالاسلام قاعدين واحفظنا بالاسلام نائمين. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم فرج كرب المكروبين نفسي هموم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين. اللهم وفق ولي امرنا بتوفيقك وايده بتأييدك وخذ بناصيته للبر والتقوى. اللهم ارزقه البطالة الناصحة الصالحة وجنبه بطانة السوء